الفصل الخامـس :
التدخـل الدولـي و تسويـة النـزاع القبرصـي
يرى أنصار التحليل النسقـي للنزاعات، بأن النظام الدولي يهيكل ويحدد سلوكيات الوحدات السياسية، وأن أي تحول في توزيع القوى داخل النظام الدولي سيترتب عليه تحولات في النزاعات سـواء الداخليـة منـها أو مـا بيـن الــدول(*).
غير أن تأثير النظام الدولي على النزاعات الداخلية يتعلق أساسا بمدى ارتباط النزاع بالأطراف الدولية، فمثلا النزاع الألماني انتهى بمجرد سقوط الاتحاد السوفيتي باعتباره إحدى أطرافه الأساسية، عكس النزاع القبرصي الذي كان الاتحاد السوفيتي طرفا ثانويا فيه، لذلك لا يمكن للمتغيرات النسقيـة تفسير كل النزاعات داخل النظام الدولـي.
في حالة دراستنا تعتبر الفواعل الدولية فواعل ثانوية، قد تساعد في زيادة التوتر أو التصعيد كروسـيا أو في زيادة فرص التسوية على غرار الـو.م.أ، بالإضافة إلى المنظمات الدولية على غرار الاتحاد الأوروبـي الذي برز بقوة كفاعل جديد في النزاع القبرصي لما بعد الحرب الباردة، وهيئة الأمـم المتحـدة التي لازالت تشكل الإطار المؤسساتي للمفاوضات الطائفيـة.
ولو استعملنا لغة صاموئيل هانتغتون لقلنا أن القبارصة اليونان استطاعوا كسب دعم فواعل القربى من المستوى الثاني ( أي روسيا والاتحـاد الأوروبـي) في حين عجز القبارصة الأتراك على تحريك الدول الإسلامية إلى صفهم.
سنتطرق لدور كل هذه الفواعل الدولية في النزاع القبرصي مند مرحلة التدخل العسكري التركي والتقسيم الفعلي للجزيرة سنة 1974 م إلى دخول الجزء الجنوبي منها إلى الاتحاد الأوروبـي سنة 2004م محاولين إبراز تأثير تركيا واليونان على نشاط هذه الفواعل في النزاع القبرصي، متجاوزين بذلك عامل القرابة العرقية ومحاولين إعطاء تحليل عقلاني لمواقفها.
المبحث الأول:
تدخل الدول الكبرى في النزاع القبرصي
1.التـدخــل الروســـي
ترجع جذور التدخل الروسي في القضية القبرصية إلى عهد الاتحاد السوفيتي الذي تميز بمواقفه المؤيدة للقبارصة اليونان، حيث أكد على فكرة استقلال قبرص عن القوى الإقليمية، وندد بالانقلاب العسكري اليوناني في الجزيرة سنة 1974، والتدخل العسكري التركي الذي أعقبه، كما حمل الدول الغربية ما آلت إليه قبرص حيث صرح خرتشوف " إن الدول الغربية هي التي أوصلت قبرص إلى حالتها الراهنة لأنه من مصلحة هذه الدول تحويل الجزيرة إلى قاعدة ذريــة "(1).
ويظهر موقف الاتحاد السوفيتي اتجاه القضية جليا من خلال المذكرات والخطابات التي أرسلها إلى كل من تركيا واليونان وبريطانيا والو.م.أ، مطالبا إياهم وقف التدخل في الشؤون الداخلية لقبرص، على غرار البيان الذي أصدره كرد على التدخل العسكري التركي، موضحا من خلاله موقفه الرسمي من القضية حيث جاء فيــه:
* وفقا لقرار مجلس الأمن رقـم 353 فإنه يجب على القوات العسكرية الأجنبية الانسحاب فورا من دولة قبرص؛
* إن ما يعرف بمعاهدات الضمان فرضت على قبرص وهي معاهدات عاجزة تماما عن أداء مهمتها، وبتعبير آخر لا تعتبر هذه المعاهدات قائمة و بالتالي لا يحق لتركيا، اليونان أو بريطانيا التدخل في الجزيرة؛
* إن عدم انسحاب القوات الغازية من قبرص لا بد و أن يؤدي في المستقبل إلى التوتر في العلاقات بين الدول الكـبرى (2).
وكرد على ذلك أصدرت تركيا مذكرة رسمية جاء فيها " إن احترام سيادة قبرص واستقلالها التام يكون عن طريق الدول الضامنة للمعاهدة، وبمعنى آخر فإنه لا يحق لغير هذه الدول التدخل في الشؤون الداخلية لقبرص " مشيرة بذلك إلـى الاتحاد السوفيتـي(3).
وأثناء أزمة العلاقات التركية الأمريكية (1974-1980)* التي تلت حظر الكونغرس بيع المعدات العسكرية لتركيا كعقوبة على تدخلها العسكري في قبرص، عرفت العلاقات التركية السوفيتية تحسنا ملحوظا حيث خفف الاتحاد السوفيتي من انتقاداته لسياسة أنقرة بهدف تعميق الخلاف داخل حلف الناطو، فعند زيارته لتركيا أصدر وزير الخارجية الروسي "كـوسجين" مع نظيره التركي بيانا مشتركا– لم يشر فيه على غير عادته-إلى سحب القوات التركية من الجزيرة واكتفى بالتأكيد على "ضرورة إجراء المزيد من المفاوضات لحل مشكلة قبرص واحترام استقلال الجزيرة "، كما تم عقد العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية(4).
غير أن ذلك لم يغير موقف السوفيت من النزاع القبرصي والوجود العسكري التركي في شمال الجزيرة، وتركيا كانت تدرك أنه مجرد تقارب ظرفي، فما أن رفع الكونغرس الأمريكي قرار حظر تسليحها في أواخر السبعينات حتى تراجعت علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي، لتعود إلى حليفتها التقليدية(5).
وبقي موقف الاتحاد السوفيـتي ثابتا اتجاه القضية القبرصية – أثناء مرحلة الثمانينات – حيث ندد بإعلان القبارصة الأتراك عن قيام دولة " قبرص الشمالية التركية " في 15 فيفـري 1983 م مؤكدا على الوحدة الترابية لدولة قبرص، واستقلالـها، كما شجب السياسة الاستيطانية التركية في المنطقة واستمر فـي دعمه العسكري والدبلوماسي للقبارصة اليونان ولحكم حزب Akel الشيوعي في قبرص الجنوبيـة(6).
وبعد الحرب الباردة استمرت روسيا على نهج الاتحاد السوفيتي اتجاه القضية ، معتبرة قبرص إحدى الأسس المهمة لسياستها في البحر الأبيض المتوسط وفي علاقاتها مع تركيا وحلف الناطو، حيث بدأت في تعزيز نفوذها في المنطقة عن طريق عقد معاهدات في مختلف المجالات (عسكرية اقتصادية…الخ ) بل وكانت المتسبب الأول في أزمة الصواريـخ القبرصية عـام ( 1997- 1998 ) التي حركت النزاع العرقي وتوترات بين دولتي القربى كادت أن تثير حربا لولا التدخـل الأمريكي .
يعتبر هدف تجاوز المضايق التركية والنفوذ إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط، إحدى ثوابت السياسة الخارجية الروسية اتجاه قبرص، فالمضايق التركية لا زالت تمثل حاجزا منيعا أمام النفوذ العسكري والاقتصادي الروسي، وتكوين مركز نفوذ روسي في قبرص يعتبر مكسبا إستراتيجيا هاما يمكنها من زيادة مشاركتها في السياسة الدولية لا سيما في الشرق الأوسط.
وهذا ما حاولت روسيا تحقيقه من خلال أزمة الصواريخ القبرصية عام 1997-1998 عندما زودت قبرص الجنوبية بنظام صاروخيS-300 المضاد للطيران و الذي يعتبر آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحربية الروسية في التسعينات، فـهو نظام:
- يمكن استعماله لأغراض هجومية أو دفاعية؛
- يمكنه تغطية وحماية الجيش والمدنيين أثناء الحرب حيث يبلغ مدى صواريخه 150 كلم؛
- يمكنه إسقاط الطائرات و صواريخ كروز و تتبع 12 صاروخ جو- بر وله قدرة الهجـوم على 6 أهـداف فـي نفس الـوقـت(7).
والنقطة الحساسة في الصفقة الروسية القبرصية هي إقامة مجموعة من التقنيين الروس وبعض أفراد الجيش الروسي للتكفل بتثبيت وصيانة النظام لمدة غير محددة، الأمر الذي دفع الو.م.أ و بريطانيا لإدانة المشروع، فهذا النظام يحتوي على رادارات حساسة وأجهزة مراقبة من السهل أن تستعمل كأدوات تجسس على العمليات الأنجلـو- أمـريكيـة في الشـرق الأوسـط وعلى منطقة البحر الأبيض المتوسط عموما، لاسيما أن قبرص بحكم موقعها الجغرافي احسن منطقة دولية للتجسس وهذا ما يفسر أيضا إصرار الرئيس الروسـي "يالتـسن" على هذا البند من الصفقـة (
.
استطاعت روسيا من خلال هذه الأزمة أن تشعر دول حلف الناطو بأنها قادرة على التغلغل في مجال نفـوذه بنفـس قدرتـه علـى اختـراق مجـال نفوذهـا من خلال توسيـعه العضويـة في الحلف إلى دول شرق أوروبـا(9).
من جهة أخرى أرادت روسيا بهذه الصفقة تحويل قبرص واليونان إلى أسواق للمنتجات العسكرية الروسية مستغلة بذلك "حالة الـلأمن" في المنطقة، فقد حققت من وراء المشروع 600 مليون $ بالإضافة إلى إشهار هذه الصواريخ على المستوى الدولي لتصبح منافسا قويا للصواريخ الأمريكية MIM-104 وحري بالذكر أن بنية الصادرات الروسية، تقوم أساسا على الأسلحة والمواد الأولية و الطاقوية فعام 1998م مر الاقتصاد الروسي بأزمة حادة بسبب تراجع الطلب على الأسلحة الروسية من طرف الـدول الآسيويـة، مما أدى إلى سقـوط الصادرات الروسية من 5.1 بليـون دولار إلى 1.4 بليون دولار أمريكـي (10) .
من جهتها نددت تركيا بالصفقة، واعتبرتها تهديدا مباشرا لأمنها وأمن جيشها في قبرص فنظريا يملك هذا النظام قدرة كبيرة على تصفية المجال الجوى القبرصي من الطائرات التركية التي تخترقه من حين لآخر، بل ويمكنه استهداف الطائرات التركية قبل أن تقلع من الإقليـم التركـي، ناهيك عن قدرته على حماية القواعد العسكرية اليونانية في كل من Larnaca و Paphosكما يمكنه نظريا حماية الـرواق الجـوي الممتد من اليـونان إلى قبـرص (11) من جهة أخرى وجود مثل هذا النظام المتطور في قبرص يضع مشروع أنبوب نقل البترول القوقازيBaku-Ceyhan إلى أوروبا للخطر12 .
لذلك هددت تركيا بضرب الصواريخ قبل وصولها إلى قبرص، وكرد على ذلك أعلنت روسيا "بان ضرب السفن الروسية يعني إعلانا صريحا للحرب "(13).
وعلى مستوى القبارصة تحرك العداء بين الطائفتين، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى بين الطرفين بعد محاولة بعض القبارصة تجاوز الخط الأممي(14) .
أثارت قضية الصواريخ القبرصية أزمة حادة في العلاقات التركية - اليونانية الأمر الذي دفع الو.م.أ إلى الضغط على الطرف القبرصي واليوناني لعدم نشر الصواريخ واستبدالها بأخرى قصيرة المدى استمرت الأزمة تحت التصلب التركي وتأهب الجيوش في المنطقة إلى أن أصدر الرئيس القبرصي كليريدس قرارا بإلغاء العملية بعد أن أدرك كلفة الموقف أمام الإصرار التركي وضغط المجتمع الدولي والمجتمع المدني القبرصي، وكرد على ذلك استقال وزير الدفاع القبرصيIoannis Omirou و وزير التربية في جانفـي 1999م، في حين صرح زعيم الحزب الديمقراطي الجديد "بأن حكومة كليريدس هي المسؤولية عن هذا الانكسار الدبلوماسي القبرصي" (15).
من جهة أخرى تستعمل روسيا القضية القبرصية كورقة ضغط على النفوذ التركي في منطقة القوقـاز التي تعتبرها امتدادا لنفوذها، وكذا لردع الدعم التركي للحركة الانفصالية الشيشانية وللنزاع في جورجيا وناكارنو-كارباخ، بالإضافة إلى محاولتها كسب دعم باقي الجمهوريات الإسلامية الجديدة لنقل البترول و الغاز القوقازي بواسطة أنابيب تركية إلى الاتحاد الأوروبي ( و هذا ما ساندته الوم.أ بقوة في ظل مشروع Baku-Ceyhan الموجه أساسا ضد الأنبوب الروسي Novorossisk )، وقد نوهت الدبلوماسية الروسية – في الكثير من المناسبات - بان استمرار التدخل التركي في قضايا روسيا الحساسة سيترتب عنه تدخل روسيا في القضايا التي تمس الأمن التركي على رأسها قبرص والأكـراد(16).
كما يعتبر التدخل الروسي في قبرص جزء من السياسة التي نادى بها وزير الخارجية الروسي السابق Primakov ، والتي تدعو إلى مجابهة المحور الأمريكي والذي يضم كل من تركيا و قبرص الشمالية أذربيجان، جورجيا وإسرائيل، بمحور روسي يشمل : اليونان، أرمينيا، سوريا، إيران، قبرص الجنوبيـة والتي تعتبر منطقة حساسة في المحور الروسي، لكونها تقـع فـي قلـب الحلف الغربي (17).
غير أن العلاقات التركية الروسية عرفت انفراجا بعد اقتراح مشروع الغاز الأزرق Blue Gaz الذي تتزود من خلاله تركيا بالغاز الروسي، وبعد زيارة رئيس الوزراء التركي بولند إيجفيت موسكو عام 1999 ناقش العديد من القضايا الأمنية مع نظيره الروسي كالدعم الروسي للأكـراد PKK، وكذا تسليح قبرص من دون أن تسفر الزيارة عن إمضاء اتفاقيات تعـاون(18).
من جهتهما حاولت قبرص الجنوبية واليونان الاستفادة من هذا الدعم الروسي للتأثير على توازن القوى مع تركـيا، بل واعتمدوا بصفة أساسية على الأسلحة الروسية لتلبية متطلبات عقيدة الدفاع المتلاحـم(19).
لذلك عرفت العلاقات القبرصية الروسية تطورا ملحوظا في مختلف المجالات ويظهر ذلك في كثافة الزيارات التي قام بها الرؤساء والوزراء القبارصة إلى موسكو، حيث قام كليريدس عام 1992 -1995-1998 –1999 على التوالي بزيارات ناقش فيها مع نظيره الروسي "بوليس يالتسن" القضية القبرصية كما زار وزير دفاع قبرص الجنوبية موسكو في مارس 1996 و جوان 1998، وفي 3 ديسمبر 1999 وقع بروتوكول واتفاقية عسكرية مع روسيا، كما تبادل – في نفس الفترة – نواب البرلمان الروسي والقبرصي العديد من الزيارات، وعقد وزيرا الخارجية القبرصي والروسي العديد من اللقاءات بين 1997-1999، وفي 25 سبتمبر 1999 قام وزير الخارجية الروسي Ivanov بزيارة إلى قبرص ناقش فيها مع الرئيس القبرصي "كليريدس" مستجدات القضية القبرصية (20).
وفي المجال الاقتصادي أعلنت الدولتان عن تأسيس المجلس القبرصي الروسي للتعاون التجاري والاقتصادي عام 1998، كنتيجة لذلك بلغ حجم المبادلات بين الدولتين عام 1999 حوالي 500 مليون$ أي 4.5% من الحجم الإجمالي للتجارة الخارجية القبرصية ، كما وصلت نسبة السياح الروس في قبرص إلى 160 ألف سائح عام 1999 أي بنسبة 6.3 % من العدد الإجمالي للأجانب ،لتتبوأ بذلك روسيا المكان الرابع بعد كل من بريطانيا، اليونان ،و إسرائيل ، كما يملك المستثمـرون الـروس 3000 وحـدة اقتصادية في قبرص (21)
في المجال العسكري تعتبر روسيا الشريك القبرصي الأول، فعام 1997 سلمت روسيا قبرص مدرعات حاملات الأشخاص Bmp-3 و مدرعات من نوع T8 و في 4 جانفي زودتها بنظام صاروخي جـد متطـور S-300 . (22)
فبالإضافة إلى البعد الإستراتيجي في التقارب الروسي– القبرصي، كان لعامل القرابة الثقافية والدينية بين الدولتين دورا أساسيا في وضع الأرضية النفسية الملائمة لتقوية هذه العلاقات، وفي هذا الإطار هناك تنسيق قوي بين الكنيسة الروسية والقبرصية ليتم الاتفاق عام 1997 م على إنشاء كنيسـة أرثوذكسية روسية في ليماسـول(23).
كما استفاد القبارصة اليونان كثيرا من الدعم الروسي لاسيما في مجلس الأمن، حيث استعملت روسيا حق الفيتو ضد كل القرارات الغير مرغوب فيها من طرف اليونان و قبارصتها على غرار قرار عام 2004 القاضي بنزع السلاح من قبرص قبل الاستفتاء الشعبي حول "مشروع الفدرالية"، أكدت روسيا بأن
هذا المشروع الذي تقدمت به كل من الو.م.أ و بريطانيا يؤثر على مسار الاستفتاء حيث صرح الممثل الروسي في المجلس " يجب أن يتم الاستفتاء بطريقة حرة من أي تدخل خارجـي"(24).
وبذلك استطاع القبارصة اليونان كسب دعم دولة قربى من المستوى الثالث في الوقت الذي عجز فيه القبارصة الأتراك على تحريك الدول الإسلامية لمساندة قضيتهم، رغم كونهم عضوا دائما في المؤتمر الإسلامي مند 22 سنة، حيث رفض أعضاء المنظمة الاعتراف بدولة قبرص الشمالية التركية واكتفوا بإصدار القرار التالي " يساند المؤتمر الإسلامي حقوق الطائفة التركية المسلمة في قبرص في المساواة كشريك للطائفة القبرصية اليونانية في إطار استقلال و سلامة أراضي جمهورية قبرص وعدم انحيازها و خلوها من القواعد العسكرية "، و يرجع ذلك أساسا للضغط الأمريكي الذي أحبط العديد من محاولات الاعتراف بقبرص الشمالية لاسيما من طرف الأردن ، باكستان والبنغلاديش (25).
فإذا كان استمرار النزاع في قبرص يتماشى و المصلحة الروسية ، فإن الو.م.ا تعتبر القضية إحدى المعضلات التي تهدد المصالح الأمريكية وعلاقاتها مع حليفتيها تركيا و اليونان، هذا ما سنحاول توضيحه في المطلب الموالـي.
2.التدخــل الأمريكـــي
سعت الو.م.أ لتسوية النزاع القبرصي لتجنيب المنطقة حربا بين عضوين في حلف الناطو، الأمر الذي يضر بمصالحها في البحر المتوسط، القوقاز، البلقان وكذا في الشرق الأوسط، حيث ترتكز السياسة الأمريكية في هذه المناطق على تركيا و اليونان باعتبارهما دولتان محوريتان P ivot States تتوسطان القارات الثلاث ( أوروبا، آسيا و إفريقيا ) وتتصدران قلب المناطق الساخنة في النظام الدولـي المعاصـر.
وهذا ما يفسر الحذر الذي تتسم به الوساطة الأمريكية في النزاع القبرصي ، فهي لا تريد إشعار طرفي النزاع بأنها متحيزة لصالح أحدهما، كما ترفض استغلال علاقاتها الخاصة بأطراف النزاع لممارسة ضغوطات وفرض تسوية معينة للقضية.
لذلك اكتفت الـو.م.أ لفترة ما بعد 1974م بدفع المفاوضات من الكواليس و دعم جهود الأمم المتحدة لتسوية القضية، لينحصر دورها في إدارة الأزمات الحادة التي تتخلل النزاع على غرار أزمة الصواريخ الروسية عام 1997-1998، ليشهد تدخلها في قبرص تراجعا ملموسا إذا ما قورن بمرحلة ما قبل التدخل العسكري التركي.
ويرجع هذا التحول في السياسة الأمريكية اتجاه النزاع القبرصي إلى تجربتها المكلفة مع القضية، فعندما أنفجر النزاع العرقي بعد تعديل الدستور القبرصي (1963-1964) أحبطت الو.م.أ محاولة تركيا التدخل العسكري في قبرص، من خلال رسالة بعثها جونسون إلى "عصمت أينونو" يحذره من عواقب التدخل حيث جاء فيها : " من جهة أخرى أيها الرئيس …إن تدخلكم في قبرص بدون موافقة الدول الأعضاء في حلف الناطو قد ينتج عنه تدخلا سوفيتي في المشكلة و عندها لن تدافع الدول الأعضاء في الحلف عن تركيا… " وكبديل اقترحت إدارة جونسون ترحيل القبارصة الأتراك من الجزيرة، بغية الحفاظ على السلم و الأمن في حوض البحر الأبيض المتوسط(26).
أجاب الرئيس أينونو قائلا " جاء في رسالتكم بان تدخل السوفيت في قبرص لن يجر دول الناطو للدفاع عن تركيا …و لكن المبادئ الأساسية للحلف تخالف ما ذهبتم إليه لأنه في حالة وقوع عدوان على أي دولة من الدول الأعضاء في الحلف فإن الحلف سيكون مسؤولا عن رد هذا العدوان .."(27).
هزت هذه التصريحات العلاقات التركية الأمريكية بقوة ، حيث شجب المجتمع المدني التركي الموقف الأمريكي و ثارت مظاهرات استهدفت فيها القنصلية الأمريكية ومكتب الاستعلامات، كما أعادت تركيا النظر في اتفاقياتها الأمنية والعسكرية مع الـو.م.أ، لتحرمها من القيام بأي نشاط على أراضيها من دون استشارة الحكومة، كما أجبرتها على تخفيض عدد رعاياها من 27.000 إلى 7000 وأحالت كل المطارات العسكرية و أجهزة الرادار الأمريكية إلى القوات العسكرية التركية، حتى قاذفات الصواريخ النووية أصبحت تحت تصرف القوات التركية باستثناء قاعدة أنجرلك الجوية في إدانة (28).
والنموذج الثاني عن تأثير الأزمة القبرصية على المصالح الأمريكية هي مرحلة ما بعد عام 1974 عندما قام النظام اليوناني بتنظيم انقلاب عسكري في قبرص، وما تلاه من تدخل عسكري تركي حيث اتهمت تركيا و قبارصتها الو.م.أ بالتحيز لصالح اليونان بل و اتهمتها بعض الأوساط بالضلوع في الانقلاب على ماكاريوس، حتى أن تقارير تسربت من وزارة الدفاع و نشرت فيNEW-YORK TIMES أكدت على مشاركة الو.م.أ في التخطيط لهذا الانقلاب العسكري، ويظهر ذلك أيضا من خلال الانتقادات التي تعرض إليها كسنجر لاتصالاته بماكاريوس الذي كان يعتبره الكونغرس كاسترو البحر المتوسط، كما أعلنت الصحف الأمريكية صراحة عن تورط الو.م.أ في الانقلاب حيث كتب جيمس ريستون وهو أحد المختصين في القضية " يمكن أن تتسامح الو.م.أ و موسكو في حياد الجزيرة ولكن ليس في ميلها إلى معسكر معين وهذا ما دفع الو.م.ا إلى تحريض النظام العسكري في أثينا ضد قبرص"(29).
في ظل هذا الجو المشحون حظر الكونغرس تسليح تركيا، وكرد على ذلك أعلنت تركيا انتهاج سياسة جديدة على لسان رئيس الوزراء سليمان ديميريل الذي صرح " إن بلادي تفضل إتباع سياسة متعددة الاتجاهات بدلا من أن تكون معتمدة على دولة واحدة، إننا نتبع سياسة تقوم على تحقيق مصالح تركيا أينما وجدت "، كما أغلقت العديد من القواعد الأمريكية وضيقت على حركة قواتها في تركيا(30).
وردا على ذلك صرح كسنجر قائـلا " إن حلفاء أمريكا لا يصنعون لها جميلا ببقائهم معها وأن أي حليف يتغير إدراكه لمصلحته القومية سوف يجدنا على استعداد لإنهاء علاقاتنا معه أو تعديلها بالقدر الذي يتواءم مع مصالحه، إن أي حليف لا يمكنه الضغط علينا من خلال التهديد بقطع علاقاته معنا …" (31).
من جهة أخرى كان كسنجر و فورد يدركان خطر ابتعاد تركيا عن الحلف الغربي، لذلك سعا جاهدان لإلغاء العقوبات المفروضة عليها، غير أن الكونغـرس رفض ذلك.
استمر التصلب التركي اتجاه الو.م.أ والتقرب من الاتحاد السوفيتي، حيث سمحت البحرية التركية بمرور حاملة الطائرات السوفيتية Kiev من مضايقها عام 1976، هذا ما أثار احتجاجات عنيفة من طرف أعضاء الناطـو(32) .
وتعليقا على هذا التقارب التركي-السوفيتي جاء في تقرير أحد النواب أمام الكونجرس "إن تركيا دولة حاجزة بين الاتحاد السوفيتي ومناطق إستراتيجية في الشرق الأوسط …أما اليونان فهي الأخرى هامة لأمن ومصالح الو.م.أ في المنطقة …فإن التأثير في الشرق الأوسط يمكنه قلب الموازين فيما إذا أرادت تركيا التقرب من الاتحاد السوفيتي … في وقت الذي نرى فيه الكريملين يصمم على زيادة قوته البحرية و تأثيره السياسي في منطقة الشرق المتوسط …"(33).
وكاستجابة من الكونغرس لهذه التهديدات تم رفع العقوبات لتبدأ العلاقات التركية الأمريكية في التحسن مع مطلع الثمانينات، حيث أعادت تركيا بعض الامتيازات للقوات الأمريكية على أراضيها(34).
في حين كان للنزاع القبرصي وقعا أكـبر على العلاقات الأمريكية-اليونانية فبعد التدخل العسكري التركي عـام 1974 ، أعلنت اليونان انسحابها من حلف الناطو كرد على الموقف السلبي الأمريكي اتجاه "الغزو التركي"(35)، كما ألغت العديد من الاتفاقيات مع الو.م.أ ، وضيقت على الوجود العسكري الأمريكي على أراضيها لاسيما حركة الأسطول السادس(36)، و قد أيد الرأي العام اليوناني موقف حكومته فخرجت مظاهرات عارمة في شوارع نيقوسيا و أثينـا تندد بالسياسة الأمريكية كما تم اغتيال السفير الأمريكـي في قبرص(37).
واستمر تصلب الموقف اليوناني اتجاه الو.م.أ و حلف الناطو حتى بداية الثمانينات ، حيث قبلت اليونان العودة للحلف بشروط وفقا لمشروع "روجرز" عام 1980 م ، كما أعادت بعض الامتيازات للقوات الأمريكية على أراضيها، بعد أن أدركت أن مكانتها في حلف الناطو ضعيفة ولا يمكن مقارنتها بموقع تركيا التي يحتل جيشها المكانة الثانية في الحلف (ب 700 ألف جندي)(38) بعد الجيش الأمريكي، وأن انسحابها من الحلف لن يؤثر كثيرا على بنيته ونشاطه، بل وسيزيد من اعتماده على تركيا في منطقة المتوسط، كما لم ترد اليونان تفويت المساعدات المالية و العسكرية الأمريكية(39).
من جهتها وحرصا منها على إثبات حيادها اتجاه النزاع منعت الو.م.أ العديد من الدول الإسلامية على رأسها باكستان، البنغلاديش، الأردن والسعودية من الاعتراف بدولة قبرص الشمالية التركيـة، وقد لاقت هذه المبادرة استحسانا من طرف صناع القرار اليونان (40).
إلا أن وصول "أندرياس باباندريو" (الجناح الوطني المتشدد وزعيم الحزب الاشتراكي اليوناني البلـوك) للحكـم (1982-1996) أعاد قلب الأوضاع من جديد بانتهاجه سياسة استقلالية عن الناطو بنزع العديد من الصلاحيات التي كان يحظى بها الحلف قبل التدخل التركي ، حيث صرح " نحن لا ننظر إلى الناطو من نفس المنظور الذي تنظر به الدول الأوروبية، إن أمر هذا الحلف غريب إزاءنا فهو يرفض أن يضمن لنا حدودنا مع تركيا وفي ذات الوقت يطالبنا بالمساعدة على احتواء أي تهديد يفترض صدوره من حلف وارسو،إن حلف الناطو تقاعس في الدفاع عن قبرص، ولم يستطع رد الغزو عنها اتفاق "روجرز" الذي يقضي بعودة اليونان إلى صفوف الحلف يتضمن تقديم تنازلات يونانية تمس سيادتنا على بلادنا، ويفرض علينا إشراف الحلف على مجالنا الجوي! … " (41).
أكـد باباندريو بأن العدو الحقيقي لليونان ليس الشيوعية ولكن تركيا، لذلك طور علاقات اليونان مع الدول الشيوعية كألمانيا الشرقية تشيكوسلوفاكيا، كما منع نشر الصواريخ النوويةPershing II على الأراضي اليونانية، وألغى العديد من الاتفاقيات مع الو.م.أ وأدان السياسة الأمريكية في نيكاراغوا و السلفادور في حين تغاضى عن التدخل السوفيتي في أفغانستان، كما سمح بدخول العديد من قطع الأسطول السوفيتي إلى ميناء Pirarus اليوناني الذي كان حكرا على الأسطول الأمريكي وطور علاقات اليونان مع الدول العربية المعادية للغرب على غرار سوريا وليبيا، كما قام بالإفراج على بعض العناصر الذين يعتبرهم الغرب إرهابيين، وطرد المخابرات الأمريكية من اليونان بتهمة مس السيادة كما أدان بقوة الهجوم الذي شنته الو.م.أ على ليبيا عام 1986 م(42).
واستمرت أزمة العلاقات الأمريكية اليونانية إلى أن استقال باباندريـو لمرض أصابه عام 1996 م ليخلفه على رأس الحكومة "كوستا سيميتس"،الذي وصف سياسة باباندريـو بأنها غير سوية وهمجية فأعاد التقارب مع الاتحاد الأوروبي، كما عرفت العلاقات اليونانية الأمريكية أثناء فترة حكمه تحسنا ملحـوظـا(43).
رغم ذلك استمرت القضية القبرصية تخلق أزمة وشكوك في العلاقات اليونانية-الأمريكية-التركية، لتثير شرخا في حلف الناطو، حيث لازالت اليونان تمتنع عن القيام بمناورات تشترك فيها تركيا، لاسيما بعد انفجار النزاع في بحر إيجا، وقد زاد من تأزم الوضع تعدد قضايا النزاع التركـي اليونانـي وترابطها بالشكل الذي جعل تحرك قضية يثير باقي القضايا(44).
رغم ذلك تعتبر الو.م.أ بأن تسويـة القضيـة القبرصيـة سيكون له تأثير إيجابي على تسويـة باقي القضايا العالقة بين الدولتيـن (45).
كان لتحولات ما بعد الحرب الباردة تأثيرا ملحوظا على الدور الأمريكي في القضية القبرصية لتصبح أكثر حذرا من إثارة حليفتيها، لاسيما بعد تراجع العامل الأمني المتمثل في التهديد الشيوعي الأمر الذي أعطى للدولتين مجـالا أوسعا للتحـرك.
فتركيا أدركت قيمة موقعها الإستراتيجي، ليتراجع اعتمادها الأمني على الو.م.أ، حيث طورت علاقات إستراتيجية مع العديد من دول الجوار من بينها إسرائيـل، مستفيدة بذلك من اللوبي الصهيوني في الو.م.أ لمواجهة اللوبي اليوناني الذي لا زال يمثل عائقا قويا أمـام الحصول على المعدات الحربية الأمريكية من خلال ضغطه على قرارات "الكونغـرس"(46)، ففـي نوفمبر 2000 على سبيل المثال قام الكونجرس بحظر بيع 8 طائرات عمودية من نوع Ch-53E بضغط من اللوبي اليونانـي(47).
أما اليونان فانتهجت سياسة جديدة بعد أن تأكدت من أن العضوية في حلف الناطو و تقاربها من الو.م.أ لـن يضمنا أمنها اتجاه تركيا، فقامت هي الأخرى بتنويع علاقاتها حيث أصبحت تعتمد بصفة معتبرة على المعدات الحربية الروسية، لتتجنب ضغط أمريكي في حالة دخولها في نزاع مع تركـيا، كما وسعت نفوذها في البلقـان والقوقـاز، سعيا لاستزادة من رصيدها الإستراتيجي وتعزيز موقعها في الحلف الغربـي(48).
كما اقتنعت اليونان بأن القيمة الإستراتيجية لتركيا تمنع الو.م.أ من القيام بدور جدي في القضية القبرصية، فتركيا مهمة للتدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط وفي احتواء إيـران، سوريا والعراق كذلك في تحقيق مشاريع الدفاع الصاروخي الأمريكية لكونها دولة عبور بين ثلاث قارات، وهـي مهمة كذلك لضمان الاستقـرار في البلقان، ولنقـل النفوذ الأمريكي إلى القـوقاز والاستفادة من ثروات المنطقة كما أن قوة الجيش التركـي تزيد من فعالية التدخلات الأمريكية في هذه المناطـق (49).
وهـذا ما يفسـر الحرص الأمريكي على العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي، بالضغط على دوائر صناعة القرار الغربية ودعم الاقتصاد التركي والإصلاحات الداخلية، وكل ذلك بهدف تقوية الجناح الغربي في السياسة التركية لضمان مساندتها للسياسة الأمريكية لاسيما في الشـرق الأوسـط (50).
لذلك تفضل اليونان وساطة هيئة الأمم المتحدة حيث صرح أحد صناع القرار اليونان "لا زالت اليونان تشك في وساطة الو.م.أ في قضية قبرص"، فعام 1991 فشلت إدارة بوش الأب في دفع المفاوضات بين الطرف التركي واليوناني حول قبرص، كما فشلت مساعي كلنتـون 1997 ، ولم تكن إدارة بوش الابن أكثر حضا من سابقيها في دفع الطرفين إلى تسوية القضية عام 2004(51) والسبب حسب اليونان يرجع إلى عدم جدية المساعي الأمريكية، فبدلا من ضغطها على تركيا لتسوية القضيـة تقوم بدعمها اقتصـاديا و عسكـريا(52)، حيث قدرت المساعدات الأمريكية المخصصة لتركيا عام 2002 بـ 36 مليار $ أمريكي، فضلا عن إسقاط ديون عسكرية على حساب واشنطن تقدر ب11مليار $ (53).
إذ لـم يكن للو.م.أ تأثيرا ملموسا على تسوية النزاع القبرصي، إلا أنها لا زالت تلعب دورا مهما في إدارة الأزمات التي تتخلل النزاع على غرار أزمـة الصـواريخ القبرصية عام 1997-1998، حيث ضغطت على الطرف اليوناني لمنع نشرها تجنبا لقيام حرب مع تركيا، ونجحت في إقناعها بنشرها في جزيرة كريت بدلا من قبرص، كما أقنعت وزير الخارجية التركي واليوناني فـي قمة الناطـو على توقيـع
اتفاقية عدم الاعتداء عام 1997م في مـدريد، ودفعت الدولتين إلى قبول إجراءات بناء الثقة المقترحة من طرف هيئة الأمم المتحدة كأسـاس لبدايـة المفاوضات حول القضية (54).
نستنتج مما سبق أن مصلحة الو.م.أ تكمن في التسوية السريعة للنزاع القبرصي، لكونه يهدد علاقاتها مع كل من تركيا واليونان، وبالتالي سياستها الجديدة في المثلث الإستراتيجي الدولي ( الشرق الأوسط البلقان، والقوقاز)، لاسيما في ظل التطورات الحالية التي يعرفها النزاع القبرصي من زيادة تسليح الجزيرة وإعادة تنظيم أطراف الجماعات العرقية في شكل دولتين يملكان قوات نظامية وأسلحة ذات قدرة تدميرية عالية ،فإذا حدثت حرب سيكون انتشارها أكيد إلى كل من تركيا و اليونان، الأمر الذي قد يلهب البلقان والقوقاز من جديد في ظل سلسلة الأحلاف التي تربط المنطقة وهذا ما لا تريده الـو.م.أ لذلك رفضت من جهة التدخل المباشر في القضية، وفرض تسوية خوفا من إثارة الحساسيات في علاقاتها مع تركيا واليونان ومن جهة أخرى ساهمت في دعم المفاوضات سواء على المستوى العرقي أو على مستوى دول القربى في إطار هيئـة الأمـم المتحـدة، ذلك أنها غير مستعدة للتضحية بحليفتها تركيا من أجل تسوية النزاع القبرصي و بالتالي تكرار سيناريو عام 1974-1996م.
كخلاصة لهذا المبحث نستنتج أن استمرار النزاع القبرصي يتماشى مع المصالح الروسية في النفوذ إلى منطقة البحر الأبيض التوسط، وكذلك لردع التدخل التركي في القوقاز، وإضعاف تماسك حلف الناطـو بإثارة النزاع بين أعضائه، وكـذا إقناعه بقدرتها على الامتداد إلى مجال نفوذه، بنفس فعالية امتداده إلى مجال نفوذها، وقد ساعد عامل القرابة الدينية الذي يجمع روسيا بالقبارصة اليونان في وضع الأرضية النفسية لتطوير هذه العلاقات.
أما الو.م.ا فتعتبر النزاع القبرصي إحدى مصادر تهديد علاقاتها الإستراتيجية بين تركيا واليونان وكذا تماسك حلف الناطـو، فكان من مصلحتها تسوية النزاع، و لكنها رفضت التورط المباشر في القضية حفاظا على مصالحها لاسيما مع الطرف التركي, لذلك اكتفت بدعم و تحفيز دور الاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة في النزاع، فكيف تعاملت هاتان المنظمتان مع القضية ؟
هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المبحث الموالي.
المبحث الثاني:
دور المنظمات الدولية في النزاع القبرصـي
تجدر الإشارة هنا إلى أن دراستنا ستقتصر على المنظمات الفاعلة والأكثر تأثيرا على النزاع القبرصي أي هيئة الأمم المتحدة و الاتحاد الأوروبـي.
1.دور الاتحــاد الأوروبــي
مند بروزه كفاعل جديد في النزاع القبرصي بعد الحرب الباردة ، لازال الاتحاد الأوروبي يثير جدلا حول طبيعة دوره في هذا النزاع لاسيما بعد اقتصار العضوية فيه على الجزء الجنوبي من قـبرص: فهل هو منظمة محايدة تهدف إلى احتواء نزاع أصبح يـهدد الجبهـة الجنوبيـة الشرقية للأمن الأوروبـي؟ أم أنه لا يعدوا أن يكون أداة في يد اليونان لتعديل موازين القوى مع تركيا اتجاه القضية ؟ و كيف يمكن تفسير عضوية قبرص الجنوبيـة دون الشماليـة ؟ أليـس ذلك محفزا للنزاع وعاملا مساعدا على تكـريس تقسيـم الجزيـرة بـدلا من توحيدهـا ؟
يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال تحليل طبيعة العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وقبرص من جهة وعلاقاته بكل من اليونان و تركـيا من جهـة أخرى.
ترجع جذور العلاقات القبرصية – الأوروبية إلى عـام 1962، عندما تقدمت الحكومة القبرصية بطلب العضوية للسوق الأوروبية بدافع الحفاظ على العلاقات التجارية مع شريكها الاقتصادي الأول بريطانيا التي تقدمت بطلبها عـام 1961 م وبعد أن رفضت العضوية البريطانية تراجع الحماس القبرصي للانضمام، حتى عام 1973م عندما أصبحت بريطانيا عضوا دائما في السوق الأوروبية، عندها أبرمت الحكومة القبرصية اتفاقية شـراكة دخلت حيز التطبيـق في جـوان 1973، تم بموجبها الاتفاق على رفع الحواجز الجمركية على المعاملات التجارية مع السوق الأوروبية على مرحلتين، غير أن انفجار أعمال لعنف وإعلان القبارصة الأتراك عن قيام دولتهم أذى إلى تأخير تطبيق هذه الإجـراءات (1).
فـي البداية كان الدافع الأساسي لدخول قبرص إلى السوق الأوروبية اقتصادي محض إذ حاولت الحفاظ على معاملاتها الاقتصادية مع بريطانيا التي كانت تمثل الوجهة الرئيسية للصادرات القبرصية ومع تطور الأحداث على الجزيرة بعد التدخل العسكري التركـي ، أصبح الاتحاد الأوروبي ضرورة أمنيـة بالنسبـة لقبرص .
بعد التدخل العسكري التركي في الجزيرة ، شجعت اليونان العضوية القبرصية بقوة ، كما تقدمت بدورها سنـة 1975 م بطلب العضوية الكاملة في السوق كجزء من التحول في سياساتها الخارجية من حلف الناطو إلى الكتلة الأوروبية كرد على الموقف الأمريكي من القضية القبرصية ، غير أنها تلقت بادئ الأمر ردا سلبيا نظرا لتدهور أوضاعها الاقتصادية و عدم استقرار مؤسساتها السياسية إلا أن الموقف الفرنسـي (المعـادي للنفـوذ الأمريكـي) دفع المجلس إلى إعادة دراسة الطلب اليوناني في إطار إستراتيجية احتواء المناطق الحساسة في الأمن الأوروبي و غلق المجال أمام الأنظمة الدكتاتورية و بعد إعادة النظر في الملف ، قبل المجلس الطلب اليوناني و انتهت مفاوضات الانضمام بقبول اليونان كعضو دائم في السوق الأوروبية عـام 1981 م (2).
و مند ذلك الحين أصبحت اليونان تستغل نفوذها في الاتحاد الأوروبي للضغط على الطرف التركي في القضايا المتنازع عليها، فعندما تقدمت تركيا بطلب العضوية للسوق الأوروبية في 14 أفريل 1987م تلقت عام 1989 ردا بالرفض بسبب الفيتو اليوناني حيث صرح رئيس الوزراء اليونانـي Constantine Mitsotakis عام 1988م " يجب أن يعلم الأتراك أنه من المستحيل تطوير العلاقات مع اليونان والسوق الأوروبية، حتى تتطور المحادثات في قضية قبرص لتليها باقي القضايـا"(3)، لذلك جاء في تقرير المجلس الأوروبي عام 1989 "إن الشروط السياسية للانضمام تركيا تبقى ناقصة إذ لم تأخذ بعين الاعتبار الآثار السلبية في علاقاتها مع إحدى أعضاء السوق، لاسيما الوضع في قبرص التي يعبر المجلس – مرة أخرى – عن قلقه حول وحدتها ، سيادتها و استقلال أراضيها …" (4).
هـذا ما دفع الـو.م.أ إلى الاحتجاج بقوة ضد هذا السلوك اليوناني و الأوروبي الذي يهدد التوجه الغربي في السياسـة التركيـة، و يزيد من ضعف الجبهة الجنوبية لحلف الناطـو(5).
من جهة أخرى استغلت اليونان نفوذها في الاتحاد الأوروبي لدعم عضوية قبرص، فعندما تقدمت قبرص الجنوبية بطلب العضوية إلى السوق الأوروبية عـام 1990 م، تلقت هـي الأخرى ردا سلبيا - في 33 جوان 1993 - جاء فيه " إن الحريات الأساسية التي نصت عليها السوق الأوروبي المشتركة أي : حرية حركة الأشخاص السلع ورؤوس الأموال، وكذا إرساء الحقوق السياسية، الاقتصادية الاجتماعية، الثقافية المعترف بها دوليا، لا يمكن تطبيقها على كل الإقليم القبرصي" مشيرا بذلك إلى التقسيم الذي تعرفه الجزيرة مند التدخـل العسكـري التركـي (6).
إلا أن اليونان استطاعت المساومة بالعضوية التركية – و التي تلح الو.م.أ عليها بقوة – على عضوية قبرص، حيث نجحت في 6 مـارس 1995 في إقناع الاتحاد الأوروبي بفتح مفاوضات الانضمام مع الطرف القبرصي مقابل رفعها الفيتو أمام دخول تركيا الاتحاد الجمركي وعلى المساعدات المالية الموجهة للاقتصاد التركي، وكنتيجة لذلك تم قبول تركيا كعضو دائم في الاتحاد الجمركي الأوروبي كما تم في 12 جـوان 1995 تحديـد موعد بدايـة مفاوضات الانضمام مع الطرف القبرصـي(7) .
بدأت مفاوضات انضمام قبرص عام 1998م أكد خلالها المجلس الأوروبي أن تسوية النزاع القبرصي وتوحيد الجزيرة يعتبر شرطا أساسيا لعضوية قبرص، ففي زيارة وزير الخارجية القبرصي اليوناني إلى ألمانيا عام 1998 أكـد له نظيره الألماني " أنه من المستحيل دخول قبرص إلى الاتحـاد الأوروبـي من دون تسويـة النـزاع و توحيـدها "(
، واستمر هذا الرأي محل إجماع معظم أعضاء الاتحـاد الذين أرادوا اغتنـام الفرصة لتسويـة نزاع لازال يهدد الجبهة الشرقية من الأمن الأوروبي كما يدرك أعضاء الاتحاد أنه لا يمكن لقبرص تطبيـق الالتزامـات الأوروبيـة في ظل الحالة الراهنـة التي توجد عليـها (9).
غير أن اليونان استطاعت مرة أخرى إقناع أعضاء المنظمة بالتراجع عن هذا الشرط، مهددة بأن عدم انضمام قبرص سيترتب عليه اعتراضها على عملية توسيـع الاتحاد الأوروبي، وكبديل اقترحت رفعها الفيتوعلى العضويـة التركيـة مقابل قبول دخول قبرص إلى الاتحـاد الأوروبي ولو من دون تسـويـة(10) .
ساندت الو.م.أ الاقتراح اليوناني معتبرة إياه فرصة مناسبة لضمان العضوية التركية وبالتالي التوجه الغربي لتركيا وإعادة تماسك حلف الناطو، لذلك ضغطت بقوة على حلفائها لقبول هذا البديـل (11) .
وكنتيجة لذلك استجاب الاتحاد الأوروبي في قمة هلسنكي عام 1999 م للمطالب اليونانية ليرفع شرط تسوية النزاع بين القبارصة للانضمام قبرص(12) ، حيث صرح الوزير المكلف بالشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبـي Van Den Broek " لن يكون تقسيم قبرص حاجزا أمام عضويتها في الاتحاد الأوروبـي" ، كما أدلـى في تصريح آخر " لا يمكن أن نرفض رغبة أغلبية الشعب القبرصي في أن تصبح قبرص عضوا في الاتحاد الأوروبـي (13)، من جهـة أخرى تم قبول طلب ترشح تركـيا للاتحاد.
رغم ذلك لا يمكن اعتبار قرار اليونان "برفع الفيتو" نقلة نوعية في العلاقات التركية –اليونانية - الأوروبية، ذلك أن أثينا تدرك جيدا أن اعتراضها ما هو إلا سببا من بين العديد من أسباب التي تجعل من العضوية التركية شبه مستحيلة، أهمها :
- عدم استيفاءها معايير "كوبنهاغـن" للعضوية ( أي فعاليـة الاقتصاد و قدرته على المنافسة استقرار المؤسسات السياسية ، بناء دولة القانون ، حقوق الإنسان و الأقليات) :
- فعلى المستوى الاقتصادي : لازال الاقتصاد التركي عاجزا عن المنافسة ، حيث وصلت نسبة التضخم عام 2003 إلـى 80% ، كما يعتمد أساسا على قطاع الزراعة الذي يشغل 40% من اليد العاملة ( بالمقارنة ب 2% في بريطانيا مثلا)، هذا و لم تتعدى نسبة الاستثمار الأجنبي 0.5 % من الناتج الوطني التركي ، كما يعاني الاقتصاد التركي عجزا فادحا في القطاع العام يساهم بـ35-45% من عجـز الميزانيـة (14).
-على المستوى السياسـي : تتمحور أساسا حول انتهاكات حقوق الإنسان و الأقليات ، حيث وجه الاتحاد الأوروبي انتقاداته للمادة 159-312 من قانون العقوبات التركي ، والفقرة 7-8 من قانون مكافحة الإرهاب ، كما وجه إنذارا على معاملـة الأكـراد (15).
-على المستوى الثقافـي: رغم أن الاتحاد الأوروبي لم يشير صراحة إلى هذا العامل، إلا أن بعض الأعضاء لمحوا إليه في العديد من المناسبات حيث صرح وزير الخارجية الألماني V. Mierlo"هناك مشكلة بخصوص دولة إسلامية كبرى، هل نقبلها في أوروبا ؟ هو سؤال غير قابل حتى للطـرح”، لاسيما أن تركيا الدولة الأكبر سكانا في أوروبا الغربية بعد ألمانيا وحسب التوقعات الإحصائية ستصبح الدولة الأكبر سكانا على المستوى الأوروبي في منتصـف القـرن 21(16).
- كما أن العضوية التركية غير مرغوب فيها من طرف العديد من أعضاء الاتحاد على رأسهم ألمانيا والسويـد، و فرنسا (نتيجة لتدفق المهاجرين الأتراك القوي على هذه الدول ) (17).
لذلك فلا ضير– بالنسبة لليونان – من رفع الفيتو مقابل عضوية قبرص وإقناع تركيا بتغيير سلوكها اتجاه القضايا المتنازع عليها وهذا ما برز جليا في اشتراط الاتحاد الأوروبي تحسين تركيا لعلاقاتها مع اليونان لقبول ترشحها للعضوية.
كان رد تركيا إيجابيا، حيث عرفت علاقاتها مع أثينـا تحسنا ملحوظا مند 1999 م، توج بعقد العديد من الاتفاقيات في مجال السياحة، البيئة والتجارة ( رغم أنه لم يطل القضايا المتنازع عليها) كما بدأت في إصلاحات داخلية ملموسة(18).
والملاحظ أن قبرص كذلك لم تستوفي كل معايير العضوية، حيث لازالت الأوضاع السياسية والأمنية على الجزيرة غير مستقرة، هذا ما يعطل تطبيق إجراءات حرية تنقل الأشخاص، الأموال والبضائع على كل الأراضي القبرصية، كما أن سياسة قبرص الخارجية لا تشمل كل الجزيرة فسيادتها ناقصة ما دام القبارصة الأتراك يقيمون دولتهم في الشمال، وهذا ما أشار إليه بوضوح قرار الاتحـاد الأوروبـي عام 1993 عندما رفض عضويـتها.
إلا أنه بفضل جهود الدبلوماسية اليونانية استطاعت قبرص تجاوز كل هذه الحواجز، كما ساعد الوضع الاقتصادي والمالي للجزيرة كثيرا في ذلك، فقد استوفت قبرص تقريبا كل الشروط الاقتصادية للانضمام، فاقتصادها ينمو بشكل طبيعي كما أن نسبة البطالة جد منخفضة لدرجة الاستعانة بالعمالة الأجنبية ولا يقدر عجز الميزانية إلا بحوالي 3 %، أما نسبة التضخم فلم تتعدى 4.1 % بالإضافة إلى أن 50 % من تجارتها تتم أساسا مع الاتحاد الأوروبـي(19):
الجدول رقم 1: نسبة وردات و صادرات قبرص الجنوبية اتجاه الاتحاد الأوروبي بين (1993-1997)
Ilhan OZTURK ، Kamil SERTOGLU ، Cyprus-Eu relations :.Possible scenarios for the future
Pakistan Journal of Applied Sciences، Vol:2، No:2، pp 11
كما كان للعامل الثقافي دورا هاما في قبول العضوية القبرصية، وقد أشار تقرير الاتحاد الأوروبي إلى ذلك صراحة حيث جاء فيه " إن موقع قبرص الجغرافي والروابط القوية التي تجمعها بالثقافة والحضارة الغربية مند ألفين سنة والتي تظهر جلية في الحياة الثقافية، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها، كل ذلك يعطى قبرص من دون شك خاصيتها الأوروبية ويؤكد جدارتها للانضمام إلى الاتحاد …"(20) .
في أكتوبـر 2002 انتهت مفاوضات الانضمام ، ليعلن بعدها المجلس أن عملية التوسيع التي ستتم في 1 ماي 2004 ستشمل جمهوريـة قبرص.
و الجدير بالذكر أنه لم يكن هدف قبرص من دخول الاتحاد الأوروبي اقتصادي أو تجاري (على غرار السوق الأوروبية عام 1962) حتى أن هناك عجزا واضحا في تجارتها مع أوروبا ، و هذا ما يوضحه الجدول الموالـي:
1972 1987 1993
- نسبة العجز في الميزان التجاري لقبرص الجنوبية اتجاه الاتحـاد الأوروبــي CY£ 47 m.
CY£ 283 m.
CY£ 522 m.
الجدول رقم2:نسبة العجز التجاري في المعاملات التجارية بين قبرص الجنوبية و الاتحاد الأوروبي
Ilhan OZTURK ، Kamil SERTOGLU، Cyprus-Eu relations :. Possible scenarios for the future
Pakistan Journal of Applied Sciences، Vol.: 2، No:2، pp. 10
بل كان الهدف الأساسي من انضمامها هو الزيادة من فاعلية نظامها الأمني اتجاه تركيا لاسيما في ظل مشروع السياسة الخارجية و الدفاعية الأوروبية المشتركة التي يسعى الاتحاد إلى تطويره في ، هذا الإطار صرح وزير دفاع قبرص الجنوبية Mr. Arsenis " إن أمن قبرص و دفاعها أصبحا جزء من الأمن و الدفاع الأوروبي، و ستحض قبرص بحماية أوروبية و يونانية خاصـة "(21).
وبذلك يكون الاتحاد الأوروبي قد ورث المشكلة القبرصية ، ليصبح الوجود العسكري التركي في الجزيرة محل نزاع بينه و بين تركيا ، لأن الاعتداء على قبرص هو اعتداء على كل أعضاء المنظمة - وفقا لمواثيق الاتحاد – و بالتالي تكون اليونان و قبرص الجنوبية قد نجحتا في كسب حليف جديد في نزاعاهما المستمر ضد تركـيا.
رفضت تركيا قرار انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي قبل تسوية النزاع القائم ( رغم إعطائها ضمانات بعدم استعمال قبرص الجنوبية للفيتو ضد عضويتها) و يرجع ذلك أساسا إلى أن انضمام قبرص الجنوبية إلى الاتحاد الأوروبي سيزيد من اندماجها الأمني مع اليونان، كما يكسبها دعما أوروبيا كفيلا بتهديـد وجودها العسكري في الشمـال.
لذلك أكدت أن عضوية قبرص تتعارض مع المـادة 185 من الدستور القبرصـي المعتمد سنـة 1960 م والتي جاء فيها " تمتنع قبرص عن الانضمام سواء كليا أو جزئيا إلى أية دولة أخرى باستثناء
المنظمات التي تعتبر تركيا و اليونان عضوين فيها "(22) ، كما هددت بان انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي قبل تسوية النزاع سيترتب عنه إعلانها عن ضم "قبرص الشماليـة ".
وكرد على قبول طلب الترشح القبرصي وقعت تركيا مع قبرص الشماليـة عام 1997 اتفاقيـة تنص على الاندماج الاقتصـادي، المالـي والأم