منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Empty
مُساهمةموضوع: المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي   المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي Emptyالأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

مادة تاريخ الفكر السياسي
السداسي الأول
المحاضرة: 03
الأربعاء: 09/10/2022م
الفكر السياسي في العصر الإغريقي
يسمي اليونانيون للآن بلادهم باسم الجمهورية الهيلينية، ويطلقون على أنفسهم اسم "هيلينيس" أو الهيلينيين، ويستعمل في الحياة اليومية لفظ "إلادا" Hellade  باعتباره الاسم القديم لهذه البلاد، حيث كانت تضم ممالك ودولاً متعددة، مستقلة عن بعضها البعض( )، كانت اليونان القديمة تضم ممالك ودولاً متعددة، مستقلة عن بعضها البعض، ولعل طبيعتها الجغرافية المشتملة على مجموعة كبيرة من الجزر المنتشرة في البحر المتوسط، فرضت عليها هذا الواقع الاجتماعي والسياسي المبني على استقلالية، ناتجة عن الاكتفاء الذاتي لعدد من تلك المجموعات التي شكّلت كل منها مدينة-دولة City-State، وقد انصرف لفظ المدينة Polis عند الاغريق إلى معنيين:
- الأول يتجه إلى المدينة المادية، أي مجموعة المساكن الخاصة والمباني العامة، تتركز في مساحة محدودة؛
- الثاني ينصرف إلى فكرة سياسية مقترنة بممارسة الحكم، والاستقلال عن التدخل الخارجي. ( )
في سنة 621 ق.م وضع سياسي يسمى "دراكو" Draco (وفي تسميات أخرى دراكون Dracon) أول مجموعة قوانين مكتوبة في أثينا، كان الهدف منها التقليل من الاستياء الذي سببه النظام القضائي في أثينا آنذاك، الذي كان يستند على قوانين غير مكتوبة لا يعرفها سوى قلة من القضاة الأرستقراطيين الذين عرفوا بمحاباتهم للنبلاء، وبذلك استبدل نظام القانون العرفي والخصومات الدموية التي كانت سائدة آنذاك بـ تشريع مكتوب، يتولى القضاء مهمة تنفيذه، بتدوينه للقوانين أتاح "دراكو" لكل الناس إمكانية التعرف على هذه القوانين. ( )
وضع قانون دراكو مسؤولية توقيع العقوبة على المجرم في يد الحكومة، خلافا لما جرت عليه العادة في السابق، حيث كان الكل يأخذ ثأره بنفسه، لقد أدى وضع مسؤولية تنفيذ القانون في يد الحكومة الأثينية، إلى أن أصبحت أثينا إحدى أوائل الدول المدن، ورغم الجوانب الإيجابية لما قام به دراكو، إلا أنّ الانتقاد طال قوانينه، بسبب القسوة المرتبطة بها، لدرجة أنه كان يقال عن تلك القوانين أنّها كتبت بالدم، كونها نصت على عقوبة معظم الجرائم بالإعدام. ( )
لقد كانت قوانين دراكو بمثابة أوّل تشريع دستوري لدى الاغريق، مكّن للطبقات المحكومة أن تجد طريقها نحو المشاركة في السلطة، وتنظيم علاقة الحاكم مع المحكومين بقوانين تحدد الحقوق، وتحذّر من التجاوزات والجرائم.
أولا-الفكر السياسي عند سولون:
يعدّ سولون أو صولون Solon (639 ق.م- 559ق.م) أحد أبرز مفكري الاغريق في المرحلة السابقة لسقراط، وعرف بأنه أحد من وصفوا بالرجال السبعة الحكماء في اليونان القديمة، واستفاد  خلال زيارته لمصر سنة 559 ق.م من قوانين "بوكخوريس( )" وحاكاها في شرائعه( )، وحين عُيّن أرخونا Archon -أي حاكما أولا،- أوكلت إليه سلطة تغيير قوانين دراكو، وذلك في وقت كانت فيه أثينا بحاجة إلى تغيير سياسي واقتصادي، ولقد كان القدر الأكبر من الثروة متمركزا في يد قلة من المواطنين ذوي النفوذ، وكان المزارعون قد أجبروا على رهن أراضيهم مقابل استدانة المال، مقدمين أنفسهم وأسرهم ضمانات للدين، فأصدر سولون قانونا يلغي كل تلك الديون والرهونات، ويحرّر من صاروا أرقاء، كما قام بتعديل النظم المالية لتسهيل التجارة الخارجية، غير أنه أصدر قانونا يمنع تصدير الحبوب، وفي جانب آخر عدّل سولون قوانين الميراث؛ من خلال منح حق الإرث وتوزيع ملكية الأرض لكل الأبناء بدل الابن الأكبر فقط( )، وفي جانب آخر؛ وضع سولون خطة لتوزيع الأراضي، على النحو الذي يشبه ما يعرف بالإصلاح الزراعي في العصر الحديث، وكان إيمان سولون بسيادة القانون وضرورة تكريس ذلك، هي ما جعله يصوغ مبدأ حق الجماعة-والتي لها مبادئ مشتركة-في أن تضع لنفسها قوانين، تعترف الدولة بصلاحيتها، وشرعيتها بالنسبة لأعضاء الجماعة، مادامت لا تتعارض مع قوانينها ( )، وهو ما يأخذ صور الأحزاب أو النقابات، أو الجمعيات في العصر الحالي.
أعادت إصلاحات سولون الدستورية تقسيم المواطنين إلى أربع طبقات وفقا للدخل، وسمح للمواطنين من كل الطبقات بأن يصبحوا أعضاء في الجمعية التشريعية، وفي المحاكم المدنية، وقد أسّس مجلسا من 400 شخص للاضطلاع بالسلطات السياسية في المجلس القضائي "الأريوباغوس" Areopagus، وأقام المحاكم الشعبية التي يستطيع المواطنون أن يحتكموا إليها، ويستأنفوا ضد قرارات موظف في الدولة( )، وبالرغم من أن إصلاحات سولون أبقت على حكم الأقلية، إلا أنها كانت خطوة مؤكدة في مسار الديمقراطية الأثينية.
لقد سعى سولون إلى إدخال المثل الأعلى للمساواة الاجتماعية في دولة أثرت عليها الأوضاع الاقتصادية، وعارض بشدة نصائح من طلبوا منه أن يصير طاغية، قائلا: السلطة المطلقة مقام جميل حقاً، ولكنها كمقام فوق جبل، له طريق للصعود إليه، وليس ثمّة طريق للنزول منه؛
وعند خروجه –بإرادته-من الحكم بعد قضائه خمسة وعشرين(25) سنة، باعتباره الحاكم التنفيذي في أثينا، نصح الأثينيين بقوله: إنّ خير نظام مستقر للحكم، أن يطيع المحكومون الحكّام، ويطيع الحكّام القوانين.( )
ثانيا-أثر الساسة الإغريق قبل أفلاطون في إرساء الفكر السياسي:
وضعت إصلاحات سولون الأساس للديمقراطية اليونانية القديمة، بما أدخلته من إصلاحات اجتماعية وسياسية، وبحالة التمكين للشعب، وفرض ذلك على الساسة من بعده أن يأخذوا بالاعتبار هذا التغير في طبيعة المشاركة السياسية، وحجم الحريات الممنوحة والصلاحيات المستعملة في الحكم، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى شخصيتين مهمتين، اتضحا بأعمالهما العصر الذهبي للديمقراطية الأثينية، وذلك قبل بروز رواد الفكر السياسي الاغريق، بدء من أفلاطون.
1- كليسثينيس Cleisthenes(570ق.م-508 ق.م):
حققت إصلاحات سولون قدرا من الاستقرار في المجتمع الاثيني، إلا أنّ ذلك لم يمنع من نشوب صراع بين الطبقات الثلاث في ذلك المجتمع، وهي: الأرستقراطيون والتجّار والعامة، وانتهى ذلك الصراع بانتصار العامة بقادة جندي شاب عرف باسم بيزستراتوس، الذي نصّب نفسه حاكما على أثينا حوالي عام 545ق.م، ومارس حكما فردا مستبدا، وخلفه ابنه هبياس الذي ثار عليه الأثينيون وطردوه من الحكم، ليتولى كلسثنيس الحكم، حيث وضع دستورا مكملا لدستور سولون ومعدلا له، يتصدى للحكم الفردي ويعزز أسس النظام الديمقراطي، وكان ذلك بدء من 503 ق.م ( )
أرسى كليسثينيس عبر هذا الإجراء نظاما ديمقراطيا في أثينا، وحصل من خلال ذلك على مساندة الشعب الأثيني، ليقوم حينئذ بإصلاح التنظيمات القبلية في أثينا القديمة، ووضع نهاية للتحكم السياسي لقبائل النبلاء، بإعادة تقسيم المجتمع الأثيني إلى قبائل على أساس مكاني، لتصبح قاعدة للتنظيم الإداري وللحقوق السياسية، بدلا من التقسيم القديم الذى كان يقوم على رابطة القرابة أو الدم، وبذلك أعاد تقسيم أثينا إلى عشر قبائل، أساس كل منها هو المكان، وبناء على الرابطة المكانية الجديدة التي حلت محل رابطة الدم القديمة، أعيد تنظيم مجلس الأريوباغوس الذى ظهر في تشريعات سولون، ليصبح بذلك ممثلا للمجتمع الأثيني ككل؛ وليس ممثلا للروابط الأسرية القديمة، وبعد ان كان هذا المجلس مكونا من أربعمائة عضو؛ مائة من كل من القبائل الأُثينية الأربعة على أساس رابطة الدم، أعيد تنظيمه ليصبح مكونا من خمسمائة عضو؛ خمسين من كل قبيلة مكانية جديدة، يتم اختيارهم كل عام بالانتخابات، وكانت العضوية مفتوحة أمام أي مواطن( )، وفي سبيل حماية الديمقراطية الناشئة، سنّ كليسثينيس قانون النفي والإقصاء للسياسيين الذين كان يعتقد أنهم خطيرون .( )
2- بركليس Pericles (490ق.م-429 ق.م):
يعتبر بركليس رجل دولة يوناني، أطلق اسمه على أكثر عهود أثينا قوة، فاصطلح على تسميته بعصر بيركليس، وقد ترأّس الحكومة الأثينية لفترة تجاوزت الثلاثين عاما، عمل على مواصلة إصلاحات خاله كليسثينيس، وكان مركزه في نظام الحكم الأثيني كمركز رئيس الوزراء في حكومة حديثة، أكثر منه قائدا للكتائب العسكرية، ومناط قوته تمثّل في قدرته على استمالة الجمعية العامة إلى صفه. ( )
فقد أدخل نظام الرواتب التي صارت تمنح لموظفي الخدمة العامة في الدولة، ولم يكونوا حتى ذلك الوقت يتقاضون أجورا على أعمالهم، ولتنفيذ ذلك بدأ بتطبيق هذا القانون على الموظفين المنتخبين الذين يسمون الأرخون، ثم عمّم الإجراء على بقية الموظفين، الذين دونت أسماؤهم في السجلات الخاصة برواتب الخدمات العامة، ولقد سمح بيركليس في إصلاحاته لعامة الشعب بتقلد أي عمل من أعمال الدولة. ( )
عبر بريكليس عن الفهم الأثيني للديمقراطية؛ حينما قال في خطبة له:
إن نظام الحكم عندنا لا يتعارض ولا يتنافس مع أنظمة الحكم عند الآخرين، نحن لا نقلد جيراننا، بل نحن مثال يحتذى، نحن نسمي نظام الحكم عندنا الديمقراطية، لأنّ الإدارة هي في أيدي جماعة من الناس لا في أيدي قلة منهم. ( )
أراد بركليس تعزيز قوة دولته، وأن يجعل من أثينا أقوى دولة في بلاد اليونان، وعمل على بسط سلطة أثينا عن طريق الفتوحات الخارجية، لذا فقد خاضت قوات أثينا حروبًا طويلة، خاصة مع إسبرطة.
ثاثا- الفكر السياسي في عصر المدارس الفلسفية
ظهرت في بلاد الإغريق عدد من المدارس الفلسفية، التي بحثت في الشأن السياسي، سواء قبل أمفكري الاغريق: سقراط وأفلاطون وأرسطو، أو في الفترة الانتقالية بين العصرين الإغريقي والروماني، وترتب هذه المدارس وفق ظهورها الزمني وإسهاماتها، على النحو التالي:
01-السفسطائيون Sophists:
تشير السوفسطائية sophism  إلى كلمة يونانية مشتقة من اللفظة: سفسطة المشتقة أيضا من لفظ سوفيسما sophisma ، التي تعني الحكمة والحذق، وقد جرى إطلاقها على الحكمة المموهة والحذاقة في الخطابة أو الفلسفة، ثم اعتبرت فلسفة عملية تقوم على الإقناع لا على البرهان العلمي أو المنطقي، وعلى الإدراك الحسي والظن، وعلى استعمال قوة الخطابة والبيان والبلاغة والحوار الخطابي، والقوانين الجدلية الكلامية بهدف الوصول إلى الإقناع بما يعتقد أنه الحقيقة، وبهذا المعنى أصبحت السوفسطائية عنواناً على المغالطة والجدل العقيم واللعب بالألفاظ وإخفاء الحقيقة. ( )
ظهرت "السوفسطائية" في بلاد اليونان القديمة كنزعة فكرية في القرن الخامس قبل الميلاد، بكلمة سوفيسطوسSophistos التي تعني المعلم في أي فرع من المعرفة، ثم لحق بهم هذا اللفظ على يد سقراط وأفلاطون بصيغة التحقير، كونهم اتجهوا إلى الجدل والانتصار للرأي بالحق أو الباطل، لدرجة أنهم كانوا يفتخرون بقدرتهم على تأييد الرأي ونقيضه في الآن ذاته( )، ولقد عرف السفسطائيون بفن الخطابة -الذي كان مهما في ظل الأنظمة الديمقراطية القديمة التي كانت سائدة في أثينا- منتقدين بشدة المبادئ الأخلاقية المتوارثة والأديان، واعتقدوا أن الفضيلة تكمن في تحقيق النجاح في هذا العالم. ( )
من أشهر رواد السوفسطائية بروتاغوراس Protagoras وغورغياس Gorgias وهيبياس Hippias وبروديكوس Prodicus وبولوس Polos وأنتيفون Antiphon، الذي ركّز على الفرق بين القانون المدني، والسعي الفطري لدى الإنسان للحصول على ملذات الحياة، وكان يعتقد أنّ الناس غالبا ما يستطيعون تحقيق منافع شخصية، عن طريق التلاعب بالقانون، والعمل وفقا لثرواتهم، إذا ما استطاعوا الإفلات من العقاب.
أن القانون ليس من طبيعة الأشياء بل هو عرف محض، لهذا قالوا إن الأفراد الأذكياء -لدرجة تكفي للتملص من القوانين-ليس لديهم أي التزام أخلاقي للتقيد به، لقد وصفت أفكار السفسطائيين بالمتناقضة والغامضة، وأكّد سقراط أن تعاليمهم بإمكانها تدمير النظام الاجتماعي. ( )
بانتشار المذهب السوفسطائي في بلاد اليونان القديمة، تأثرت الحياة الاجتماعية في اتجاه السلب، وساد مناخ التشكيك والجدل بشأن القيم والمعتقدات والأفكار، وعلى هذا النحو بدأت تبرز أفكار غير مسبوقة في تعظيم الشهوات والمنافع الشخصية، دون اكتراث للقيم الأخلاقية، وهو أحد المحفزات التي انتجت فيما بعد المدرسة الأبيقورية.
02-المدرسة الأبيقورية:
يعتبر أبيقور Epicurus 270-342 ق.م رائد مذهب اللذة، وهو فيلسوف ملحد تعلم في مدرسة أفلاطون وأرسطو، ثمّ أسس مدرسة في أثينا سنة 306 ق.م، وقد استهدف الاتجاه الفكري الأبيقوري تحقيق مبدأ الاكتفاء الذاتي الفردي، على أساس أنّ الحياة الطيبة تقوم على التمتع باللذة واجتناب المشاكل( )، ويمكن التطرق إلى أفكار هذه المدرسة انطلاقا من ظروف نشأتها، حيث أنها نشأت في عهد دولة المدينة؛ وهو النموذج السائد في بلاد الإغريق، الذي كرّس المعاني الأولى للديمقراطية والعلاقة الواضحة بين المؤسسات السياسية، غير أنّ هذه الدول كانت ضعيفة مقارنة بجوارها الجغرافي، وكانت تعرف حالة شديدة من ضعف الولاء والاستقرار جراء الحروب فيما بينها، وهو ما يبرر حالة الضعف التي عاشتها، لدرجة إخضاعها بسهولة في حملة الإسكندر الأكبر.
إنّ هذه الظروف جعلت ظهور بعض الأفكار الجديدة كبديل للفكر المتمثل في فلسفة سقراط، ومثالية أفلاطون، وحتى لمنطق وعملية أفكار أرسطو، والتي عجزت عن حماية الدول الاغريقية، وزيادة على ذلك فقد تضاربت الأفكار حول ضرورة وجود الدولة لإيجاد حياة فاضلة، لأنّ الواقع أثبت العكس، فقد عجزت هذه الدول عن تحقيق العدالة الاجتماعية التي نادت بها، فالفرد مهما كان خيّرا فهو يظل مهتما بمصالحه وشؤونه الخاصة، وهكذا فقدت الدولة المثالية قيمتها، ودفع ذلك نحو بروز فكر مغاير جسدته المدرسة الأبيقورية.
برزت الفلسفة الأبيقورية كاستجابة لهذا الوضع، محاولة الابتعاد بالتفكير الاغريقي عن خوض المسائل الجدالية المعروفة، لتفتح النقاش بشأن الاستقرار والسعادة البشرية على النحو الذي تعتقده، والذي يقوم في الأساس على البحث فيما يشغل الانسان، وفي هذا الاطار؛ رأى أبيقور أنّ هناك مصدرين يسببان القلق للعقل البشري، هما الخوف من الآلهة والخوف مما سيلي الموت، وقد اعتقد أن هذه المخاوف مبنية على معتقدات خاطئة بالإمكان التغلب عليها، من خلال الاهتمام بتحصيل اللذات( ) ، وقد عُرف عن أبيقور اعتقاده أنّ البطن هو بيت الرغبات، والرغبات أصناف ثلاثة: طبيعية وضرورية حينما تكون مشتركة بين الحيوانات والإنسان، ثم إنّ عدم إشباعها يفضي إلى الموت، من قبيل الشراب والأكل؛ طبيعية وغير ضرورية لمّا تكون مشتركة بين الإنسان والحيوان، وعدم إشباعها لايؤدي إلى الموت، على سبيل المثال الجنس؛ ورغبات غير طبيعية وغير ضرورية، وهي امتياز إنساني مثل الرغبة في التملك، الرغبة في المقام الرفيع، الرغبة في الثروة، الشهرة، إلخ. ( )
ترى الأبيقورية أن المهمة الأساسية لأي حكومة هي توفير الأمن، وإقامة نظام قوي لمجابهة الفوضى وقوى الشر، ومن ثم لا مانع من قيام حكومة فردية استبدادية إذا كانت قادرة على تحقيق الأمن وحماية مصالح الأفراد. ( )
تؤكّد الأبيقورية أنّ الاتفاقات الاجتماعية والحكومة ما هي إلا وسائل لحماية الأفراد من شر بعضهم البعض، وأنّ لمفهوم العدالة في المجتمع الإنساني قيمة نسبية ناتجة عن التعاقد الاختياري بين الأفراد، فقد تقتضي مصالح الأفراد وظروفهم الاتفاق على إرساء قوانين معينة تحقق مآربهم ومصالحهم، وتحميهم من الضرر والألم الذي قد ينتج عن التعامل بين الأفراد، وهذه القوانين والتشريعات المتعاقد عليها تجسّد مفهوم العدالة في المجتمع، وتوضّح لكل فرد حقوقه وواجباته، وفي حالة غياب هذا التعاقد أو الاتفاق، فإنه لا يوجد أي معنى للعدالة أو للقيم الأخلاقية التي تقيد الأفراد في معاملاتهم، وبالتالي فالعدالة في ذاتها مفهوم غير ذي قيمة في نظر الأبيقوريين. ( )
تدعو الأبيقورية الرجل العاقل إلى الابتعاد عن السياسة، وعدم إقحام نفسه فيها، لأنها تؤثر عليه وتتعبه، وقد رأت هذه المدرسة؛ أنّ الحكم على القوانين والنظم السياسية، إنّما يكون بمقدار ما تقدمه من مصلحة للفرد، وتسيير التعامل المتبادل بين الناس، ولذلك فضل الأبيقوريون أنواع الحكومات التي تحقق الأمن؛ حيث لا بأس من خضوع الأفراد خضوعا تاما لأية حكومة؛ تعمل على تحقيق السلام والنظام، بصرف النظر عن كونها استبدادية أو ديمقراطية. ( )
يقيم أبيقور تفرقة بين الأفراد، بين من يعتبرهم الحكماء، ومن يضعهم في سياق العامة، ويرى أنّ القوانين شُرّعت لحماية المجتمع من خرق الحمقى وظلمهم، إذ لا يستطيع أن يسلك في حياته طريقا قويمة عادلة غير الحكماء، أما عامة الناس فلا مناص من ردعهم بقوة القانون، لعجز نفوسهم تقويم نفسها بنفسها، ويعتقد بنشوء القوانين على أساس التعاقد بين أفراد المجتمع، ولذا وجب احترام تلك القوانين وطاعتها، ما وسع الأفراد ذلك. ( )
عبّر أبيقور عن رفضه للواقع الاغريقي الذي عاش فيه، والذي كان يخلو من الشعور بالأمن والعدالة، وأكّد على أنّ المعيار الذي يقيس به صلاحية مفهوم العدالة التي تقوم عليه الدولة، هو النفع والفائدة المتبادلة التي تقود الأفراد في ذلك المجتمع الذي يشكلونه، ولهذا لا ينبغ أن يكون هناك غلبة لمصالح فرد على آخر، أو لمصالح فئة على أخرى، وقد قال أبيقور في ذلك:
إذا ما وضع بعضهم قانونا لا يخدم مصالح الجميع، فإنّ هذا القانون لا يملك قط صفة العدل. ( )
لقد تحدّد الاتجاه الفكري للمدرسة الأبيقورية بالهروب والأنانية، ومهاجمة الدين والعادات، ونبذ ما يتعارض مع سعادة الفرد الشخصية.
03- المدرسة الكلبية Cynicism:
تعتبر الفلسفة الكلبية مذهبا فلسفيا أسس في القرن الرابع ق.م على يد أنتيسثينيسAntisthenes  (445ق.م-365ق.م)أحد أتباع سقراط، وكان أنتيسثينيس يرى أن الشخص الحكيم هو الذي ينظر باحتقار لكل الرغبات المألوفة في الحياة، ويعيش غير مهتم بالثروة، وأكد أن السعادة الدائمة أمر غير ممكن، مادامت للشخص حاجات ورغبات لا يستطيع إشباعها، وهو غير مقيد بأي التزامات نحو المجتمع أو الدولة أو الأسرة( )، وكلمة كلبي كوصف لهذا المذهب تعود إلى لفظ "سينوسارغس" Cynosarges وهو مكان في أثينا، التقى به الكلبيون لأول مرة، ويذكر أيضا أن الاسم مستمد من الكلمة اليونانية التي تعني كلب، وذلك للتعبير عن كثرة انتقادهم وإهمالهم، وسعيهم للتصرف وفق الطبيعة البشرية، كما تتجلى الكلبية في الإحباط وغياب الثقة تجاه المنظمات والسلطات، وباقي نواحي المجتمع. ( )
رفض الكلبيون كافة التقاليد سواء كانت باسم الدين، أو الأخلاق أو غيرها من القيود الاجتماعية، وبذلك فإنها عبرت عن مجاراة الطبيعة وعدم المبالاة بالعرف، ولقد تميز الكلبيون بنزعة تشاؤمية، مردها عدم الثقة في وجود الخير في الطبيعة البشرية، وتمثّل الاتجاه الفكري للمدرسة الكلبية في تبنيها لفلسفة الهروب بصورة حادة في التطرف، بحيث نبذ أنصارها كل ما كان سائدا في المجتمع، وكل متع الحياة، وخرجوا على نظم الدولة المدنية الاجتماعية والسياسية، ونادوا بإزالة ما يوجد من فوارق بين الناس، وفي سبيل ذلك نادوا بعدم الاكتراث بالمبادئ الأخلاقية والسمعة الطيبة، وبإنكار الأوضاع الاجتماعية، والخروج على نظم الملكية والزواج والأسرة، وكل الروابط الاجتماعية والمواطنة، كما نادوا بالمساواة بين كل أفراد المجتمع، حيث لا فرق بين الغني والفقير والإغريقي وغير الإغريقي، والمواطن والأجنبي والحر والعبد.( )
لقد كان هدف الكلبيين إيجاد نوع من الفوضوية أو الشيوعية، بحيث تختفي الحكومة ونظامي الأسرة والملكية، ويتم الرجوع إلى مجتمع الطبيعة وفق مفهومهم، وفي نظرهم أن هذه هي الحياة الطيبة، ولا يعتنقها إلا الحكماء ومن يخرج عنها فهم الأغبياء، وبما أن الحكماء موجودون في كل مكان، فإنهم يكونون جماعة عالمية وتكون لهم مدينتهم أو دولتهم العالمية، التي يحيا فيها كل حكيم على أساس مبدأ الاكتفاء الذاتي ( )، ومن فكرة الدولة العالمية بمعناها السلبي الذي قدمته المدرسة، تلقفته منها المدرسة الرواقية وأعطته معنا إيجابي، وكان هذا هو الأثر السياسي الذي قدمته المدرسة الكلبية باعتبار انه المنطلق للفكر الرواقي.
04- المدرسة الرواقية Stoic :
تعبّر الرواقية عن مذهب فلسفي ازدهر حوالي القرن الرابع قبل الميلاد، واستمر حتى القرن الرابع ميلادي، تنسب الرواقية إلى "زينون الرواقي" Zenon of Citium (335 ق.م-265 ق.م) الذي كان يلتقي بتلاميذه في رواق، يحثهم على الفضيلة والحكمة، وقد غطى الاهتمام الفلسفي الرواقي ثلاثة مجالات؛ هي الطبيعة والأخلاق والمنطق، وبرزت ضمن هذا الاطار؛ الفكرة الرواقية القائلة بأن "المصيبة تنتج عندما تحطم العاطفة العقل".( )
اعتقد الرواقيون أن لكل الناس إدراكا داخل أنفسهم، يربط كل واحد بكل الناس الآخرين، وبالحق والإله الذي يتحكم في العالم، وأدى هذا الاعتقاد إلى قاعدة نظرية للكون، وهي فكرة أن الأفراد هم مواطنو العالم وليسوا مواطني بلد واحد، أو منطقة معينة، وقادت هذه الرؤية إلى الإيمان بقانون طبيعي، يعلو على القانون المدني، ويعطي معيارا تقوم به قوانين الإنسان، وفي هذا الإطار يضع الرواقيون الأخلاق في المكانة المحورية، ويجعلون الدولة في إطار هامشي. ( )
لقد كان للظروف الخارجية التي أوجدها الإسكندر، وانتصاراته العسكرية وإخضاعه معظم المدن الإغريقية، آثار على الفكر السياسي تمثلت في تحطيم الولاء لدولة المدينة، فكانت جاذبية الفكرة العالمية والدولة العالمية والقانون العالمي.
يتمثل جوهر فلسفة المدرسة الرواقية في نظرية الدولة العالمية، وما تضمنته من أفكار سياسية وأهداف أخلاقية، وتطوير لمبدأ الاكتفاء الذاتي لتحقيق السعادة للفرد، وتقوم فكرة الدولة العالمية -كمثل أعلى-لدى الرواقيين على أساس فلسفتهم الخاصة بفكرة القانون الطبيعي.
لقد ظهرت فكرتان سياسيتان لدى الرواقية، متعارضتان بشأن الفرد:
- الأولى: فكرة شخصية الفرد على اعتبار أنه كائن حي، وعلى أساس أنه إنسان متميز في نطاق حياته الفردية.
- الثانية: أن هذا الإنسان ما هو إلا عضو في الجماعة، على أساس أنها تكون مجتمعا إنسانيا شاملا، يرتبط فيه الأفراد جميعا بطبيعة مشتركة.
ومن هذا التصور للفرد نشأ تصور مجتمعين:
- مجتمع ضيق،
- مجتمع واسع عالمي. ( )
من خلال فكرة العالمية نشأت فكرة المساواة العالمية لجميع الأفراد دون أي تمييز، وترتب على ذلك نتيجة هامة، هي أنه لابد من تواجد قاعدة عامة تحكم هذه المساواة العالمية، فكان ميلاد فكرة القانون الطبيعي كمبدأ عالمي ملزم في تحقيق هذه المساواة، وكقانون ثابت وأبدي يصدر من طبيعة الأشياء.
إن الفروق- حسب الرواقيين- لا تكمن في الأصل إنما في القدرات، ولهذا نادوا بالمساواة بين الأفراد، فلا فرق بين الحاكم والمحكوم، وكون الجميع متساوين، فلا مكان للرق في هذا المجتمع ولا تفرقة إلا بين العاقل والأحمق، وتميز الإنسان عن باقي الكائنات، إنما هو بما وهب للإنسان من عقل، وقدرة التمييز بين الخير والشر، والانتماء إلى عضوية الدولة العالمية يقوم على أساس قيمة الإنسان، والتي تحدد بعقله ومزاياه الذاتية لا بمظاهره الشخصية( )، وإذا كان أرسطو قد اعتبر العبد آلة حية في يد سيده،  فإن الرواقيين أصرّوا على أنه لا يوجد عبد بالطبيعة، وأنّ العبد يجب أن يعامل بوصفه عاملا مستأجرا مدى الحياة. ( )
بلورت الرواقية فكرة القانون الطبيعي في إطارها الفلسفي، حيث رأت أن المثل الأعلى هو الخضوع للقانون الطبيعي الذي يحكم العالم، ويلتزم به الجميع، لأن سلطاته تعلو سلطات القانون الوضعي، وقد استهدفت الدولة العالمية( ) عند الرواقيين تحقيق السعادة للفرد على أساس الاكتفاء الذاتي، عن طريق تطويع الإرادة والصبر والإخلاص، ونبذ الملذات وضرورة الإيمان بقدرة مدبر الكون، والذي يحكم الدولة العالمية هو القانون الطبيعي المنزه عن الخطأ، الذي يلتزم به الجميع حكاما ومحكومين، كما يتضمن في جوهره الثبات والدوام لأنه قانون الله، ومن ثم آمن الرواقيون بوحدة الطبيعة وكمالها، وبنظام أخلاقي متكامل، حيث سكان العالم في ظل هذه الوحدة العالمية أعضاء أسرة واحدة. ( )
ذهبت الرواقية إلى أنه يوجد قانونان للإنسان، قانون العادات والقانون الطبيعي، بيد أنها أوجبت السيادة للقانون الطبيعي، وانبثاقا مما تقدم، ذهب الرواقيون إلى ازدواج النظام القانوني للدولة العالمية وذلك لتعدد أماكن هذه الدولة، وتبعا لذلك تنوع وتعدد العادات فيها، ومن ثم فلابد من تواجد قانون للمدينة بحكم العادات إلى جانب القانون الطبيعي. ( )
ابتكر الرواقيون فكرة العصر الذهبي، والتي تعني أنّ الأفراد قبل اندماجهم في مجتمع الدولة، كانوا يعيشون في مجتمع مثالي، لا فوارق فيه، ومعيشة الأفراد في الدولة هي التي أوجدت هذه الفوارق، والعصر الذهبي هو ذلك الزمن الذي وجد فيه المجتمع الخالي من الفوارق (الأصل في الأفراد هو التشابه). ( )
في جانب آخر؛ وتأكيدا على محورية الأخلاق في السلوك الاجتماعي والفعل السياسي، اعتقد الرواقيون أنّ المجتمع الإنساني يقوم على نظرية القيام بالواجبات ( )، إذ أن قيام الأفراد بواجباتهم وإنجاز المهام الملقاة على عاتقهم، وضبط أنفسهم، تعد عواملا أساسية لقيام مجتمع يسوده الانسجام والتكامل والاحترام.
ثالثا- الفكر السياسي عند أفلاطون:
يعدّ أفلاطون (427 ق.م- 347ق.م) واحدا من أهم المفكرين في تاريخ الحضارة الغربية، وهو يتصل بقرابة للمشرع سولون من ناحية أمه، وكلمة أفلاطون تعني "ذا الكتفين العريضين"، أما اسمه الحقيقي فهو "أرستوكليس" Aristocles، تأثر كثيرا بأستاذه سقراط Socrates الذي جعله فيما بعد أساس محاوراته الفلسفية.( )
عاصر أفلاطون الصراعات والثورات الداخلية والخارجية التي كانت بلاد اليونان مسرحا لها، كما عاصر أيضا أنظمة حكم عدد من المستبدين، وعلى هذا الأساس سعى أفلاطون نحو البحث عن بيئة يجسد فيها أفكاره، ولقد اقتنع بأنّ العلم والمعرفة لا يمكن فصلهما عن أي نظام سياسي عادل، وكان معروفا عن أفلاطون أنّه لم يكن معجبا بالديمقراطية التي قامت في أثينا، وكان لا يثق بها.
يمكن التطرق إلى أفكار أفلاطون السياسية من خلال ثلاث كتب رئيسية:
- الجمهورية Republic (الجمهورية الفاضلة Moralist Republic)؛
- رجل الدولة؛
- القوانين. ( )
ألّف أفلاطون كتاب الجمهورية في شبابه، وتناول فيه دراسة الفرد الصالح والحياة الصالحة التي يجب أن تكون في دولة صالحة، ودرس ماهية الخير وسبيل الحصول عليه، كما تناول النشاط الفردي والجماعي، وعلم الأخلاق والاقتصاد والفلسفة، وتتجسد الفكرة الأساسية في الجمهورية في أن الفضيلة هي المعرفة، والمعرفة الحقة هي المثل، وهو ما جعل هذه الآراء تندرج تحت نظرية المثل، ووفق هذه الرؤية تصير السياسة عند أفلاطون هي العدالة في المدينة، كما أنّ الفضيلة هي العدالة في الفرد. ( )
أسّس أفلاطون نظريته الأخلاقية على الطرح القائل بأنّ كل البشر يرغبون في السعادة، وقد رأى أنّ السعادة هي النتيجة الطبيعية لحالة الروح المتمتعة بالصحة، وبما أنّ اكتساب الفضائل الأخلاقية ينتج عنها صحة الروح، فإن على الناس أن يكونوا فاضلين، ولقد أكد أفلاطون أن النفس تنقسم إلى ثلاث أجزاء: - الذهن Mind- الإرادة will- الشهوة Desire؛ وقد شبّه المجتمع المثالي بالنفس، الذي ينقسم أيضا-حسب رأيه- إلى ثلاث طبقات:- الملوك الفلاسفة- الحراس أو الجنود- المواطنون العاديون (مزارعون، حرفيون) ( )؛ وبذلك أوجد أفلاطون العلاقة المتعدية في هذه الدولة الفاضلة، من خلال سيطرة الملوك الفلاسفة على المواطنين العاديين بواسطة الجنود.
يرى أفلاطون أن الحكومة المثالية الفاضلة لابد من أن تقوم على أساس من الامتياز الفكري، وليس على أساس من الثروة والجاه، وفي ظل هذه الحكومة لا يطبق مبدأ المساواة المطلقة بين الأفراد، بل يفضل بينهم بحسب قدراتهم ويتم توزيع الحقوق على المواطنين على أساس هذا المبدأ دون غيره ( )، وقد نهض مفهوم الجمهورية الفاضلة على مبدأ صارم في تقسيم العمل، سواء على صعيد المقدرات الخاصة بكل فرد، أم ضمن نشاط الطبقات الثلاث الكبرى، وهناك تراتب ثلاثي متشابك في نظرية أفلاطون:
- معرفي بين مقدرات فكرية مندرجة في الطبيعة (التفاوت في مستويات التفكير)؛
- اجتماعي بشأن تموضع الطبقات الثلاث في المجتمع؛
- سياسي بشأن ممارسة السلطة، أين يوكل الحكم للفلاسفة. ( )
تراجع أفلاطون عن بعض أفكاره في كتابه رجل الدولة (السياسي)، لتناقض هذه الأفكار مع الشعور السائد لدى الأثينيين بخصوص الديمقراطية، كما أنّه لم يركز كثيرا على فكرة الحاكم الفيلسوف، خاصة مع معايشته لواقع مختلف تماما عما أراده، حيث عاش الاستبداد والجهل لدى الحكام، وأعطى مثالا لذلك بدولة إسبرطة Sparte، وتمثل محاورة رجل الدولة لأنها تمثل مرحلة وسطى بين الخيال الذي غمر الجمهورية والواقع الذي قيّد القوانين، فهي محاورة حاول فيها أفلاطون أن يجمع بين الأثينيين، وعكست رؤية أفلاطون السياسية بصورة أنضج وأعمق.( )
يمثل كتاب القوانين ثالث كتب أفلاطون السياسية، وقد جاء بعد كتاب الجمهورية بحوالي 30 سنة، ويعبر عن أفكار أكثر واقعية، وقد اعترف أفلاطون عبره بوجوب سيادة القانون، أي أنه أعاد الاعتبار للقوانين الدستورية، التي هي جزأ لا يتجزأ من الثقافة الأثينية، ونقطة التحول في فكر أفلاطون السياسي، هي قناعته الجديدة بخضوع الحاكم الفيلسوف والمحكومين على حد سواء للقانون والدستور، ولقد أقرّ أفلاطون أن ما طالب به سابقا، هو على درجة كبيرة من المثالية، وأن الواقع يفرض ضرورة المشاركة في الحكم من باقي المواطنين. ( )
تناول أفلاطون في كتابه القوانين عدة مفاهيم أهمها الدساتير والتشريعات، كما اقترح تنظيم المجتمع على أساس الملكية، وتراجع عن فكرة عدم تكوين الأسرة، وفضل من أنظمة الحكم: النظام المختلط الذي يشمل الأرستقراطية والديمقراطية.
رتّب أفلاطون أنظمة الحكم حسب الأفضلية على النحو التالي:
- الحكومة الأرستقراطية: وهي حكومة الفرد الفاضل، حيث لا يكون بحاجة إلى قوانين تقيده، ففضيلته وحكمته تجعلانه يتخذ القرار الصائب ويقمع دوما الفساد؛
-الحكومة التيموقراطية: هي حكومة الأقلية العسكرية، التي تصل إلى الحكم بواسطة قوتها، ونتيجة فساد الحكومة الأرستقراطية، وهي مظهر لانحلال الدولة المثالية؛
- الحكومة الأوليغارشية: وهي حكومة الأقلية الغنية مقابل الأغلبية الفقيرة، وتنشأ في ظل اتساع الهوة بين الطرفين، وكنتيجة لفساد الأقلية العسكرية؛
- الحكومة الديمقراطية: وهي حكومة الشعب التي تتحقق بانتشار الحرية والمساواة في المجتمع، وتحقيقا لرغبة الأغلبية الفقيرة المتضررة من فساد حكومة الأقلية الغنية؛
- حكومة الاستبداد (الطغيان) Dictatorial  أو Absolutism: تنشأ هذه الحكومة عند فساد الديمقراطية وانتشار الفوضى في المجتمع، الشيء الذي يدفع بفرد ما إلى الاستيلاء على الحكم، والانفراد به، وإنشاء حكومة الفرد الطاغية، حيث اللاأمن واللااستقرار.( )
إن هذه الأشكال من الأنظمة تمثل دائرة متعاقبة، في ظل توفر ظروف وأسباب معينة.
04-الفكر السياسي عند أرسطو:
يمثّل أرسطو Aristot (384 ق.م – 322 ق.م) ويسمى أيضا أرسطو طاليس بمعنى محب الحكمة أو تام الفضيلة( )، الشخصية الفلسفية الأكثر حضورا في تاريخ الفكر السياسي القديم، خاصة في عصر الإغريق، فهو بالإضافة إلى كونه معلم الإسكندر الأكبر( )، فقد ابتكر منطقا وتفكيرا فلسفيا استمر لقرون بعده هو المنطق الأرسطي، كما كان مفكرا موسوعيا، لدرجة وصفه بالمعلم الأول، ولقد استقطب في حياته وبعد مماته كثيرا من الأتباع والمؤيدين، وظلت أفكاره محل تأييد أو تعقيب أو اعتراض من فلاسفة العصر الوسيط من المسلمين والمسيحيين، وكانت منطلقا لإثارة الأفكار العقلانية في عصر النهضة والعصر الحديث، وحين كان يدّرس في زمنه كان يلقي دروسه أثناء المشي والتجوال مع تلاميذه، لذا أطلق عليه وعلى تلاميذه  مصطلح "المشّائين"، وعرفت فلسفته بـ " المشّائية" Peripatetism. ( )
يعرّف أرسطو دولة المدينة باعتبارها الرابطة السياسية بأنها أكثر الروابط تسيدا واحتوائية، ويعرّف الدستور بأنّه تنظيم لدولة المدينة بشأن المناصب الموجودة بها بصفة عامة، ولكن بالنظر بصفة خاصة إلى ذلك المنصب الذي يتمتع بالسيادة في كافة القضايا. ( )
يعدّ أرسطو أول من أدخل المنهجية في علم السياسة، وقد قام بتحليل الدساتير اليونانية، والتعرف على أنظمة الحكم قبل أن يبدي رأيه في المسائل السياسية، معتمدا على المنطق، وساعد اعتماده على المنطق واختلاطه بمثالية أستاذه أفلاطون على دراسة واقع الدويلات الإغريقية بشكل أكثر تعمقا، درس أرسطو في أكاديمية أفلاطون وكان يقول: أحب الحق وأحب أفلاطون، وأوثر الحق على أفلاطون.( )
قام أرسطو بتعليم الإسكندر لمدة ست (06) سنوات، ثم قام بافتتاح مدرسة خاصة به، وبنى أفكاره ونظرياته من خلال التجارب السابقة للدويلات اليونانية، ولقد حدث تحول في منهج التفكير السياسي، فبعد أن كان قياسيا عند أفلاطون، أصبح استقرائيا لدى أرسطو (من تجريدي إلى حسي).
أكّد أرسطو في كتابه "الأخلاق النيقوماخية"؛ أنّ السياسة الحقّة هي المبنية على الأخلاق وإرادة الخير، وإنه على السياسة والأخلاق أن تتخذ من اللذات والآلام موضوعاً لها، ونتيجة لهذا التلازم الوثيق بين الأخلاقي والسياسي، وانطلاقاً من أن الفضيلة هي وسط بين طرفين، كلاهما رذيلة، يرى أرسطو أن الدولة الفاضلة هي التي تشكل وسطاً بين ارستقراطية المال وديمقراطية الشعب، ولم يرَ في الديمقراطية الخير دائماً. ( )
قام أرسطو بالتفسير والتعليق والمقارنة بين دساتير 158 مدينة من المدن الاغريقية؛ وتوصل إلى أن الدولة تمثل نتاجا لتطور تاريخي، فهي مرت بمراحل اجتماعية قبل أن تصل إلى مرحلة الدولة، والضمان الوحيد للحكم الصالح في الدولة هو القانون، ولقد كان لأرسطو مفهوم للدولة المثالية، يرى فيه أن الدولة الأكثر فعالية والمثل الأعلى؛ هي الدولة التي تمكّن الدستور من انتاج أثره( )، ووفق هذا المنطلق؛ لا يؤمن أرسطو ولا يثق بالحكم المطلق، مهما كانت صفات الحاكم، ولو كان فيلسوفا.
إن الحكومة الدستورية في نظر أرسطو هي أفضل شكل عملي للحكومة، وذلك لأنها الشكل الذي يجمع بين العناصر الصالحة في كل من الديمقراطية والأوليغارشية، ولكن دون تطرف في كل منهما، وهي تتجسد عند أرسطو في دولة المدينة، ذات المساحة والتعداد السكاني المحدودين، على غرار ما عرفته في حينه بلاد الإغريق. ( )
يعتبر أرسطو العلاقة في الدولة الدستورية، علاقة بين أحرار وليست علاقة طبقية ولا عائلية، وبالتالي فإن سلطة الحاكم ليست سلطة السيد على عبيده، ولا هي سلطة رب العائلة تجاه أفراد عائلته. ( )
يبرز فضل أرسطو على التفكير السياسي من خلال تصنيفه السياسة ضمن العلوم، إلا أنّه أحيانا دمج علم الاقتصاد بعلم السياسة، وربط السياسة بالأخلاق( )، وقال بأنّ الإنسان حيوان سياسي، وظيفته تحكيم العقل من أجل تحقق السعادة، سواء في أسرته أو في المجتمع، ويتحدث أرسطو عن الانتقال من العلاقات الأسرية إلى إطار أشمل هو العلاقات المجتمعية، حيث تكون الدولة أسمى من الفرد والعائلة والقربى، وفي جانب أخر يرى أرسطو أن الحرب والغزو والاحتلال والتوسع، هي وسائل مشروعة للتملك، وهي مباحة فقط للإغريق، فالبشر في نظر أرسطو قسمان: السادة هم الإغريق، والباقي هم العبيد، وبالنسبة للمرأة؛ فقد نظر أرسطو إليها بنظرة احتقار، واعتبرها تابعة للرجل ( )
صنّف أرسطو الحكومات إلى ثلاث أنواع: -حكومة الفرد – حكومة الأقلية – حكومة الأكثرية، كما ركّز على مسألة الفصل بين السلطات في مجمل أبحاثه، ومن خلال هذا الفصل تمكن من التمييز بين الحكومات الصالحة والفاسدة، والحكومات الصالحة في نظر أرسطو:
1-حكومة الفرد؛
2-الحكومة الأرستقراطية؛
3-الحكومة الديمقراطية؛
أما الحكومات الفاسدة فهي انحراف للحكومات الثلاث السابقة:
1-الحكومة الاستبدادية؛
2-الحكومة الأوليغارشية؛
3-الحكومة الديماغوجية (حكومة الغوغاء). ( )
يفضل أرسطو الحكومة الديمقراطية القائمة على دستور، تحدد فيه الصلاحيات، وذلك لما يلي:
- القوانين في خدمة العامة والدستور يحمي المصالح العامة.
- الدستور هو منهج للعمل بالنسبة لكل الحكومة.
-حكم القانون يشعر الأفراد بالارتياح النفسي والشعور الوطني، وبقدرتهم على الاختيار، وقد يبيّن أرسطو ذلك في كتابه: "في السياسة"؛ أنّ القانون هو السيد في الدولة، وأنّ الحكومات خادمة له، وتسفر عنه.( )
يشير أرسطو إلى ضرورة استجابة الحكومة لمصالح المجتمع بأسره، بدلا من مصلحتها الذاتية الضيقة ، وهو ما أطلق عليه  الخير العام -
لم يعتبر أرسطو الديمقراطية في حد ذاتها أحد أشكال الحكم الصالح، لكنه اعتبر أنها تكون فقط شكلا صالحا من الحكم، إن كان عمل الحكومة موجها لخدمة الخير العام، وهو لا يسمي ذلك ديمقراطية، بل أطلق عليها بوليتيا Politeia أو بما معناه الحكم الدستوري، وكانت بوليتيا لا تتميز عن الديمقراطية باختلاف الغرض والنزعة عبر التزام بالصالح العام بدلا من نفع فئة فحسب، وإنما كذلك ببنية مؤسساتية مختلفة وأكثر تعقيدا، وليس الغرض من هذه البنية تقوية إرادة فئة على أخرى وعلى حسابها مثل الحكم الأوليغارشي أو حكم الطغيان، وإنما هدفها توزيع السلطات والمسؤوليات وفق القدرات المكنة، وهكذا تفيد من أوسع مدى من الطاقات والمهارات، وتستدعي أيضا مدى واسعا من التأييد  والولاء. ( )
يمنح أرسطو ثلاث شروط للمدينة الصالحة:
- أن تكون المدينة محدودة السكان، بحيث لا يتعدى هؤلاء 100 ألف نسمة، وللتحكم في هذا العدد يجب تحديد النسل عن طريق الإجهاض وإعدام المشوهين، وإخضاع الزواج للمراقبة (عدم الزواج في سن مبكر، منع زواج المختلين عقليا، عدم الإنجاب في سن الشيخوخة) ؛
- أن تكون المدينة محصّنة من الأعداء، وبجيش قوي، وأن يكون موقعها على البحر من أجل تموينها في حالة الحصار؛
- أن تتألّف المدينة من عدة طوائف (الحكام، العمال، الفلاحين)، وألا تحل طائفة محل أخرى. ( )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
»  المحاضرة الثالثة:تداخل الفكر السياسي بالفكر الاقتصادي
» مدخل عام لمادة تاريخ الفكر السياسي
» المحاضرة السادسة: الفكر السياسي لـ ماكس فيبر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1