منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Empty
مُساهمةموضوع: جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية   جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyالسبت يناير 04, 2014 11:40 pm

جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية
المصدر : (رضا محمد هلال)

تصاعدت منذ أوائل القرن الواحد والعشرين مطالب العديد من الجماعات والحركات الإثنية للمطالبة بالحفاظ على هويتها المستقلة واعتراف الدول القابعة فيها بهذه الهوية المستقلة، وإعادة دمج واستيعاب هذه الجماعات في السياسات الخاصة بالتنمية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتعد منطقة جنوب آسيا من أبرز مناطق العالم التي شهدت تنامياً ظاهراً في هذا الشأن، وهي المنطقة محل المعالجة والتحليل والتفسير .

1- مفهوم الجماعة الإثنية وتمييزه عن المفاهيم المختلطة به: ظهر مفهوم الجماعات الإثنية لأول مرة في عام ،1909 وصار أحد أكثر المفاهيم الخلافية حيث تردد مضمونه بين التعبير عن جماعة فرعية أو أقلية، والتعبير عن جماعة أساسية أو أمة أو الجمع بين المعنيين باعتبار أن من الشعوب من يملك كل خصائص الأمة ومقوماتها، وإن لم تكن له دولته المستقلة . فالجماعات الفرعية الأيرلندية واليونانية والإيطالية في المجتمع الأمريكي على سبيل المثال ليست في حقيقتها إلا أمماً بذاتها وإن لم يعترف المجتمع لها بحقها في التمايز عنه من منطلق استيعابه لمختلف الأقليات وصهرهم في بوتقته .

وقد دفع سوء استخدام مصطلح العرق الأنثربولوجي آشلي مونتاجيو إلى التوصية باستبدال مفهوم العرق (race) بمفهوم الجماعة الإثنية (Ethnic group) واستجاب لهذا المقترح مجموعة من علماء الاجتماع أصدرت في عام 1952 كتاباً عن منظمة اليونسكو بعنوان The Statement on Race .

2- مطالب الجماعات الإثنية في جنوب آسيا ومبرراتها: يمكن تصنيف مطالب الجماعات الإثنية عامة وفي جنوب آسيا خصوصاً على النحو التالي:

أ) المطالب ذات الطبيعة الثقافية والاجتماعية: تنادي أكثرية الجماعات الإثنية بالحفاظ على هويتها الثقافية والاجتماعية في مواجهة محاولات الدول الخاضعة لها هذه الجماعات في طمس هويتها المستقلة، حيث تعتبر مكانة اللغة في النظام السياسي إحدى أدوات الهيمنة والسيادة، والمطالبة بوضع رسمي للغة ما في البلاد تعد مطالبة باعتراف رسمي بأن الجماعة المتحدثة بتلك اللغة ذات شرعية أكبر، وقد تكون المطالب بأولوية لغة أو بالتعددية اللغوية إذا كانت الجماعة الإثنية أقلية . وللغة دور في الحراك الاجتماعي الطبقي والكفاءة الإدارية وشغل المناصب وعلاقات الدولة الخارجية . ومن أمثلة المطالب اللغوية مطالب الجماعات الإثنية الهندية والصينية والمالاوية وغيرها في إندونيسيا وماليزيا والهند بتدريس لغتهم في المدارس والجامعات واعتبارها لغة رسمية ثانية . كما يستخدم الدين للتعبئة والحشد لصالح أو ضد النظام السياسي، وتنادي الجماعات ذات الأغلبية باعتبار دينها هو الدين الرسمي، وعادة ما تطالب الجماعات الإثنية الأقل بالاعتراف بدينها وضمان حريتها في ممارسة شعائرها وطقوسها الدينية، كما يتضح جليا في مطالب المسلمين في الفلبين والهند والصين وميانمار .

ب) المطالب ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية، وتضم قائمة هذه المطالب ما يلي:

- الانفصال: تبرز مطالب الجماعات الإثنية المتعلقة بالنظام السياسي بالانفصال لإقامة كيان سياسي جديد مستقل مثل تيمور الشرقية التي انفصلت عن إندونيسيا، وكذلك مطالب إقليمي أتشيه وأميان في ذات الدولة بالانفصال، وجبهة مورو التي تطالب باستقلال إقليم جنوب الفلبين، وحركة نمور تاميل في سريلانكا، وإقليمي الصين الغربية سنكيانغ والتبت في الصين، أو الانفصال للانضمام إلى كيان سياسي آخر مثل إقليم كشمير في الهند الذي يطالب بالانفصال عن الهند والانضمام إلى باكستان .

- الاستقلال المالي والإداري: في بعض الحالات لا تطالب الجماعات والحركات الإثنية بالانفصال، ولكن بالاعتراف بخصوصية هذه الجماعة كأن تحصل على استقلال إداري أو حكم ذاتي ضمن لا مركزي وفيدرالي أو لأجل الحصول على مخصصات مالية أو الاعتراف بقيمة الجماعة وتميزها في المجتمع . ومن أبرز الأمثلة في هذا المجال المسلمون بإقليم أوترابارتش في الهند وبعض أقاليم إندونيسيا التي لا تطالب بالانفصال عن إندونيسيا وإنما باستقلال مالي وإداري ضمن الدولة الإندونيسية .

- المناصب العامة: تتنافس الجماعات الإثنية عادة من أجل السيطرة على جهاز الخدمة المدنية والوظائف الرئيسية في أجهزة الدولة، ومن أمثلة ذلك مطالبة جماعة الملاي في ماليزيا والمسلمين في الهند . وتقدم الجماعات الإثنية عادة مبررات تاريخية تستند إلى حيازة الأرض أو الإقليم قبل التحولات السياسية التي خلقت الواقع الجديد كالاستعمار الذي غيّر كثيراً من أوضاع الجماعات الإثنية، وفي مرحلة ما بعد الاستعمار أيضاً تعقدت المطالب الإثنية مثل المجموعات التي كان لها دور نضالي في التحرر والاستقلال . وهناك مبررات متعلقة بالجدارة والكفاءة، فثمة مجموعات تطالب بإتاحة الفرصة لتتمكن من تحقيق توازن في الفرص والموارد مع جماعات أخرى مثل الملاي مقارنة بالهنود والصينيين في ماليزيا .

3- أنماط إدارة الصراع بين الجماعات والحركات الإثنية والدول الخاضعة لها:

يقصد بأنماط إدارة الصراع الفلسفات العامة الظاهرة والمستترة التي تتبعها النظم في التعامل مع الجماعات الإثنية ومطالبها . وأهم هذه الاستراتيجيات: الاستيعاب والدمج، واقتسام السلطة، والاستئصال والترحيل، وفيما يلي توضيح لكل منها:

- عمليات الاستيعاب والدمج: تستند هذه العمليات على أسس ثقافية خاصة بتكوين ثقافة موحدة وأنظمة تعليم ومناهج وأساليب تربوية موحدة، وعمليات استيعاب مادية بصهر الجماعات ببعضها، إما بإلحاقها بهوية الجماعة الرئيسية أو بتكوين هوية جديدة . كما تقوم على عمليات استيعاب مؤسسي بإنشاء مؤسسات يشارك فيها جميع الأفراد من مختلف الجماعات على أسس غير إثنية، وتعد تجربة دمج الملاي مع الهنود والصينيين في ماليزيا من أبرز التجارب الناجحة في هذا الشأن .

- استراتيجية اقتسام السلطة: تقوم هذه الاستراتيجية على تشكيل ائتلاف حاكم ذي قاعدة عريضة تحتوي داخلها الجماعات الإثنية في المجتمع، وقد تم تطوير هذا النظام بين الكاثوليك والبروتستانت في هولندا، وكذلك الأمر في سويسرا، والملاي والهنود والصينيين في ماليزيا .

- استراتيجية القسر: ترتكز هذه الاستراتيجية على الهيمنة وهي الأكثر شيوعاً، وتمارسها الإثنيات الكبرى والأقليات الحاكمة . وقد تقوم الأنظمة السياسية بعمليات تطهير عرقي واستئصال وترحيل جبري، كما جرى بين اليونان وتركيا وبين موريتانيا والسنغال، وترحيل جماعات التوتسي في رواندا إلى الدول المجاورة، ثم حدث العكس عندما سيطر الهوتو، وكذلك ما تقوم به الهند في مواجهة مطالب شعب كشمير، والفلبين في مواجهة مطالب الأهالي المسلمين(جبهة مورو) في إقليم جنوب الفلبين، وسريلانكا في مواجهة جماعة وحركة نمور التاميل، والصين في مواجهة مطالب مواطني التبت وإقليم سنكيانج في غرب الصين .

4- تغير استجابة المجتمع الدولي للصراعات الإثنية:

افترض جيري موللر Jerry Mueller، أستاذ التاريخ بالجامعة الكاثوليكية الأمريكية، في دراسته المنشورة في مجلة الشؤون الخارجية (Foreign Affairs)، عدد مارس/آذار - إبريل/نيسان ،2008 تحت عنوان الولايات المتحدة وهم: القوة الباقية للقومية الإثنية أن القومية الإثنية هي المؤهلة لقيادة السياسة العالمية عبر الأجيال القادمة .

غير أنه باستقراء التاريخ الحديث والمعاصر، يتضح أن المد القومي على امتداد التاريخ الأوروبي، كان شاهداً على تسبب الأيديولوجية القومية في اندلاع الحربين العالميتين في عامي 1914 و،1939 حيث تسببت الأيديولوجيات النازية والفاشية وما أكدت عليه من استعلاء فئة أو جماعة إثنية على ما عداها من جماعات إثنية أخرى في حدوث استقطاب طائفي حاد، الأمر الذي أسفر عن قيام الدول الأوروبية بنبذ القومية على أثر ذلك، وتوجهها نحو عصر ما بعد القومية .

وعقب انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق، وانفراد الولايات المتحدة بالهيمنة على قضايا النظام العالمي الجديد، وتزايد مد الأحزاب اليمينية المتطرفة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا، والمطالبة بعمليات تطهير عرقي وديني للأجانب المقيمين فيها، اتجهت العديد من الشعوب والجماعات الإثنية للمطالبة بهوية مستقلة عن الدول الخاضعين لها . وقد دعم من هذه المطالب: تزايد اهتمام منظمات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية والمحلية بهذه الجماعات ورغبتها في الحفاظ على هويتها المستقلة، ومن أبرز هذه المنظمات: منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، وتكثيف الترويج لهذه الجماعات ومطالبها في وسائل الإعلام الجديدة مثل: الإنترنت والقنوات الفضائية العابرة للحدود، وتحول المنظمات الدولية والإقليمية للاهتمام بالصراعات الدولية ذات الأصل الاثني انطلاقاً من مبدأ التدخل الدولي في الشؤون الإنسانية وإرسال الأمم المتحدة ومنظمات: الاتحاد الإفريقي وحلف شمال الأطلنطي لقوات حفظ السلام لمناطق الصراعات الإثنية في آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية بهدف وقف سياسات القمع والتدمير والتهجير الجماعي التي كانت بعض الدول تقوم بها في مواجهة الجماعات الإثنية الخاضعة لها، واعتبار هذه السياسات تشكل تهديدا للأمن والاستقرار العالمي .

* باحث وأكاديمي مصري
- See more at: http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/8adbce9d-6414-4f69-b0b8-b328fa924549#sthash.n1UL4IZQ.dpuf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Empty
مُساهمةموضوع: رد: جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية   جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية Emptyالسبت يناير 04, 2014 11:42 pm

يوليو 2009
1
الجماعات الإثنية فى جنوب آسيا. ديناميات الاندماج والانفصال
المصدر: السياسة الدولية

بقلم:   رضا محمد هلال



تصاعدت، منذ أوائل عقد التسعينيات من القرن العشرين، أصوات العديد من الجماعات والحركات الإثنية المطالبة بالحفاظ على هويتها المستقلة، واعتراف الدول القابعة فيها بهذه الهوية المستقلة التى تتضمن إعادة دمج واستيعاب هذه الجماعات فى السياسات الخاصة بالتنمية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وقد ساعد فى تصاعد هذا المد عدة اعتبارات، يتعلق بعضها بزيادة قوة هذه الجماعات والحركات مقابل تراجع قدرات الدولة فى مجال قمع هذه الجماعات والحركات من جانب آخر، وتغير استجابة المجتمع الدولى فى التعامل مع الصراعات والحروب الإثنية فى الدول النامية. وتعد منطقة جنوب آسيا من أبرز مناطق العالم التى شهدت تناميا ظاهرا فى هذا الشأن، وهى المنطقة محل المعالجة والتحليل والتفسير فى هذا التقرير.
أولا - مفهوم الجماعة الإثنية وتغير استجابة المجتمع الدولى:
ظهر مفهوم الجماعات الإثنية فى الأساس للتحايل على الدلالات اللغوية المباشرة لمفهوم الأقلية التى تشير إلى القلة العددية، وكذلك على ميراثه التاريخى الذى يشير - ولو بطريقة لا شعورية فى التراث الغربى - إلى مفهوم التعصب العنصرى، بمعنى إعلاء شأن من يمثل الأصل القومى والتمييز ضد من لا يمثله، والتشكيك من ثم فى صدق انتمائه.
ومنذ استخدام مفهوم الجماعة الإثنية لأول مرة فى عام 1909، فإنه صار أحد أكثر المفاهيم خلافية، حيث تردد مضمونه بين التعبير عن جماعة فرعية أو أقلية، والتعبير عن جماعة أساسية أو أمة، أو الجمع بين المعنيين، باعتبار أن من الشعوب من يملك كل خصائص الأمة ومقوماتها، وإن لم تكن له دولته المستقلة.
وقد عبأ سوء استخدام مصطلح العرق لتبرير سياسات تحسين النسل، وذبح ملايين البشر، العلماء للهجوم على مفهوم مصطلح العرق فى حد ذاته. وكان فى طليعة هؤلاء الأنثروبولوجى، آشلى مونتاجيو، الذى أوصى بأن يستبدل بمفهوم العرق race مفهوم "الجماعة الإثنية"Ethnic group. ونصح بأن هذا المفهوم الجديد سيفتح المجال لإعادة التثقيف فيما يتعلق بالفروق الجماعية مع إعادة تصحيح المواقف العرقية.
ويمكننا تعريف الجماعة الإثنية بأنها ظاهرة تاريخية تعبر عن هوية اجتماعية تستند إلى ممارسات ثقافية معينة ومعتقدات متفردة، والاعتقاد بأصل وتاريخ مشترك، وشعور بالانتماء إلى جماعة تؤكد هوية أفرادها فى تفاعلهم مع بعضهم ومع الآخرين. وتصنف الجماعات الإثنية من عدة زوايا كالسلالة، أو العنصر، أو اللغة والثقافة، أو الدين والطائفة، وتصنف أيضا وفقا لغاياتها: الاندماجية، والانفصالية، والاستعلائية كالصهيونية والنازية، مما يتطلب فى تحليلها وفهمها ضرورة الإحاطة بالأبعاد المادية والنفسية والاجتماعية التى تمثل البيئة الخاصة بالظاهرة، والتى تمنح كل جماعة طابعها المميز، ودوافع قيام الجماعة الإثنية وتبلورها.
تغير استجابة المجتمع الدولى:
افترض "جيرى موللر Jerry Mueller"، أستاذ التاريخ بالجامعة الكاثوليكية الأمريكية - فى دراسته المنشورة فى مجلة "الشئون الخارجية" Foreign Affairs، عدد مارس/ أبريل 2008، تحت عنوان "نحن وهم. القوة الباقية للقومية الإثنية" - أن "القومية الإثنية هى المؤهلة لقيادة السياسة العالمية عبر الأجيال القادمة".
غير أنه باستقراء التاريخ الحديث والمعاصر ، يتضح أن المد القومى، على امتداد التاريخ الأوروبى، كان شاهدا على تسبب الأيديولوجية القومية فى اندلاع الحربين العالميتين فى عامى 1914 و1939، حيث تسببت الأيديولوجيات النازية والفاشية، وما أكدته من استعلاء فئة أو جماعة إثنية على ما عداها من جماعات إثنية أخرى، فى حدوث استقطاب طائفى حاد، الأمر الذى أسفر عن قيام الدول الأوروبية بنبذ القومية على أثر ذلك، وتوجهها نحو عصر ما بعد القومية. وتواكب مع ذلك ذيوع وانتشار الأيديولوجية الشيوعية فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التى شددت على ما يسمى "بسيادة المصالح المشتركة" لكافة الشعوب، وكونت ما يقلل من الانتماءات الأولية للشعوب السوفيتية. ولا شك فى أن وجود قطب دولى كبير مثل الاتحاد السوفيتى قد ساهم فى التقليل من حدة الصراعات الإثنية ومنع انتشارها فى جسد النظام الدولى. وعقب انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتى السابق، وانفراد الولايات المتحدة بالهيمنة على قضايا النظام العالمى الجديد، وتزايد مد الأحزاب اليمينية المتطرفة فى فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا، والمطالبة بعمليات تطهير عرقى ودينى للأجانب المقيمين فيها - اتجهت العديد من الشعوب والجماعات الإثنية للمطالبة بهوية مستقلة عن الدول الخاضعة لها. وقد دعم من هذه المطالب: تزايد اهتمام منظمات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية والمحلية بهذه الجماعات ورغبتها فى الحفاظ على هويتها المستقلة.
ومن أبرز هذه المنظمات: منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، وتكثيف الترويج لهذه الجماعات ومطالبها فى وسائل الإعلام الجديدة مثل: الإنترنت، والقنوات الفضائية العابرة للحدود، وتحول المنظمات الدولية والإقليمية للاهتمام بالصراعات الدولية ذات الأصل الإثنى، انطلاقا من مبدأ التدخل الدولى فى الشئون الإنسانية، وإرسال الأمم المتحدة ومنظمات الاتحاد الإفريقى وحلف شمال الأطلنطى لقوات حفظ السلام لمناطق الصراعات الإثنية فى آسيا وإفريقيا وأوربا وأمريكا اللاتينية، بهدف وقف سياسات القمع والتدمير والتهجير الجماعى التى كانت بعض الدول تقوم بها فى مواجهة الجماعات الإثنية الخاضعة لها، واعتبار هذه السياسات تهديدا للأمن والاستقرار العالمى.
ثانيا - نماذج من صراعات الحركات والجماعات الإثنية فى جنوب آسيا:
شهدت منطقة جنوب آسيا منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضى تناميا واضحا فى عدد الحركات والجماعات الإثنية التى دخلت فى حروب ونزاعات مع الدول الخاضعة لها للمطالبة بالحفاظ على هويتها المستقلة والخاصة بالمساواة مع الجماعة الإثنية المسيطرة على مقاليد الحكم والثروة، وذلك إما داخل الدولة القائمة، مع الاعتراف بدرجة من الاستقلال والحكم الذاتى لها فى تسيير أمورها وشئونها الخاصة بها، أو المطالبة بالانسلاخ والانفصال عن جسد الدولة لإقامة كيان سياسى جديد خاص بها. وفيما يلى بعض النماذج لهذه الجماعات والحركات التى دخلت فى صراع مع الدول الخاضعة لها، وتمتعت بنوع من الدعم الدولى لمطالبها. وفى بعض الحالات، نجحت بعض دول المنطقة فى تقويض الدعم الدولى لهذه الحركات والجماعات، مما مكنها من تضييق الخناق عليها، وفى بعض الحالات الإجهاز عليها تماما من خلال الضربات والحروب العسكرية الشاملة.
1- صراعات ونزاعات الجماعات والحركات الإثنية مع الدولة فى إندونيسيا:
تتسم إندونيسيا جغرافيا بالتعدد والتنوع، فهى تتكون من أرخبيل جزر يمتد فى المحيطين الهندى والهادى لمسافة خمسة آلاف كيلو متر من الشرق إلى الغرب، وألفى كيلو متر من الشمال إلى الجنوب. ويتكون من ثلاثة عشر ألف جزيرة، والتركيبة السكانية على درجة من التباين والتشتت لا تقل عن التباعد والتباين الجغرافى. ويبلغ عدد سكانها مائتين وخمسين مليون نسمة، 90% منهم مسلمون، و7% مسيحيون يتركز معظمهم فى تيمور الشرقية، و2% هندوس، و1% بوذيون، و1% ديانات أخرى. ويشكل الجاويون 45% من السكان، والسندان: 14%، والمادور: 7.5%، والملايو: 7.5%. وتشكل الجماعات العرقية الأخرى التى تعد بالمئات 26% من السكان، ومن أهمها الصينيون (4%) الذين يسيطرون على التجارة، والباتنج، والميننجاب، والآتشيون، واللامبنج، والمنهال، والتورج، والدايك، والميلانس، والهنود، والعرب. وتعتبر لغة الباسا الإندونيسية هى اللغة الرسمية والأكثر انتشارا، ويوجد إلى جانبها أكثر من ثلاثمائة لغة ولهجة، من أهمها الجاوية التى يتحدث بها أكثر من 80 مليونا، والساندانيسية والآتشية والباتاقية والملاوية. ويعيش نصف السكان تقريبا فى جزيرة جاوا التى تزيد مساحتها قليلا على 134 ألف كيلو متر مربع (5% من مساحة إندونيسيا) بكثافة سكانية تقترب من الألف نسمة للكيلو متر المربع. وفى الوقت نفسه، فإن الكثافة السكانية فى أقاليم وجزر أخرى، مثل أريان جاوا وكلمنتان ومالوكو، تتراوح بين 5 و28 نسمة للكيلو متر المربع الواحد. وموارد الدولة من النفط والغاز والمعادن والأخشاب موزعة على الجزر والأقاليم والسكان على نحو متفاوت. فالجزر الغنية بمواردها الطبيعية يعانى سكانها من الحرمان والفقر. ويسيطر الصينيون الذين لا تتجاوز نسبتهم 4% من السكان على أكثر من 25% من الدخل الإجمالى، وتسيطر النخب السياسية والعسكرية على معظم الموارد.
لذا، عرفت إندونيسيا عبر تاريخها المعاصر العديد من الحركات الانفصالية والنزاعات العرقية والدينية التى شملت مناطق تمتد من أقصى شرقى البلاد، حيث أرخبيل جزر البهار، إلى منطقة آتشيه فى أقصى غربها. لم يقف الأمر عند حد سقوط الآلاف من القتلى والجرحى، بل بلغ الأمر حد نجاح إحدى هذه الحركات فى تحقيق الاستقلال، كما هو الحال بالنسبة لإقليم تيمور الشرقية الذى استقل عن إندونيسيا عام 1999، رغم أن تعداد سكانه لا يصل إلى المليون نسمة، وبما قد ينظر إليه من قبل بعض الحركات الانفصالية باعتباره سابقة قابلة للتكرار، وبما قد يخشى معه من انفراط عقد البلاد. وإذا كان من الممكن، فى نظر البعض، إيجاد تفسير للحركة الانفصالية فى جزر البهار - على سبيل المثال - باعتبار أن المسيحيين فيها يشكلون 44% من إجمالى سكانها، بخلاف سائر أنحاء البلاد، فكيف يمكن تفسير الحركة الانفصالية فى إقليم مثل آتشيه ذى الأغلبية المسلمة، والذى يقع تحت سيادة أكبر دولة إسلامية فى العالم، ومع ذلك لا ترضى عن الانفصال بديلا؟ الأخطر من ذلك أن هذا الإقليم شهد أواخر عام 1999، وعقب استقلال تيمور الشرقية مباشرة، أضخم مسيرة تطالب بالاستقلال فى تاريخ البلاد، ضمت نحو مليون شخص طافت مدينة باندا، عاصمة الإقليم، مطالبة بإجراء استفتاء حول تقرير مصير الإقليم، على غرار ذلك الذى حصل بموجبه إقليم تيمور الشرقية على الاستقلال.
ولم يتوقف الأمر عند حد سقوط نحو أربعة آلاف قتيل، نتيجة للتوترات بين المسلمين والمسيحيين فى الجزر فى عامى 1999 و2000، بل بلغ الأمر - كما تشير بعض التقارير - إلى درجة انحياز بعض أفراد من قوى الأمن الإندونيسى الوطنية إلى هذا الفريق أو ذاك، مستخدمة فى ذلك أسلحتها فى المواجهات. ولا يقتصر الأمر على إقليم آتشيه أو جزر البهار، بل تتعدد الحركات الانفصالية والنزاعات العرقية والدينية لتشمل مناطق أخرى كثيرة فى إريان جايا، ورياو، ومادورا، وبورنيو، وغيرها.
وهناك أسباب عدة وراء مثل هذه الحركات الانفصالية والنزاعات العرقية والدينية فى إندونيسيا، يمكن تلخيصها فيما يلى:
أ- سياسات التهجير والتعديل السكانى: بسبب ازدياد كثافة السكان فى مناطق معينة دون غيرها بحكم الطبيعة الجغرافية للبلاد، خاصة فى جزيرة جاوا، فقد بدأ المستعمرون الهولنديون منذ مطلع القرن العشرين فى تطبيق برنامج يهدف إلى نقل السكان من المناطق الأكثر كثافة إلى المناطق الأقل كثافة. وفى سعيها لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق قدر من التوازن فى انتشار السكان، نهجت الحكومات الإندونيسية المتعاقبة، بدءا من عام 1969 النهج نفسه، فقامت بتهجير عشرات الآلاف من الأسر من جزيرة جاوا إلى كل من جزيرة سومطرة، وكالمنتان، وسالويسى، ومالوكو، وإيريان جايا. أدت هذه السياسة الحكومية القائمة على التهجير الجبرى للسكان إلى اندلاع العديد من المواجهات وأعمال العنف بين السكان الأصليين والمستوطنين الجدد، بلغت حد الحرب الأهلية فى بعض المناطق، كما هو الحال فى مدينة أمبون بجزر الملوك. فلم ير سكان هذه الجزر - نحو 44% منهم من المسيحيين - فى سياسة التهجير الحكومية سوى محاولة تحقيق التفوق العددى للمسلمين فى مولوكو، وتشديد قبضة الحكومة المركزية فى جاوة على هذه المناطق البعيدة. ونتيجة لذلك، قاموا فى عام 1999 باغتيال نحو 500 من القرويين المسلمين المهجرين. وأدت أعمال العنف الطائفى بين المسلمين والمسيحيين فى جزر المولوكو إلى سقوط ما بين أربعة وخمسة آلاف قتيل خلال عامى 1999 - 2000، وحدثت توترات مماثلة بين المسلمين والمسيحيين أيضا بسبب سياسات التهجير فى جزيرة سالويسى. علاوة على هذا العنف الطائفى، ترتب على سياسة التوطين لتخفيف الكثافة السكانية أعمال عنف عرقية فى مناطق عدة، منها مدينة سامبيت بجزيرة بورينو، حيث مارس مسلحون من قبائل الداياك عمليات تطهير عرقى ضد المستوطنين القادمين من جزيرة مادورا. كذلك، شهدت منطقة إقليم آتشيه عمليات مماثلة ضد المستوطنين القادمين من جزيرة جاوا.
ب- الحرمان النسبى والإحساس بالإهمال من جانب السلطة المركزية: شهد المجتمع الإندونيسى تحولا عميقا فى تركز الثروة. فخلال العقود الأولى للاستقلال، كانت الثروة تتركز فى المناطق الريفية، خاصة فى الجزر المحيطة بجاوا. فمن خلال الاستحواذ على الأرض الزراعية، والنجاح فى تصدير المحاصيل، ازداد ثراء النخبة الريفية فى هذه المناطق. ومع تنامى عملية التصنيع فى المدن، انتقل تركز الثروة إلى المناطق الحضرية، خاصة فى كل من جزيرتى جاوا وبالى. هذا الانتقال للثروة زاد من الإحساس بالحرمان النسبى لدى سكان المناطق المختلفة مقارنة بسكان جاوا. فعلى الرغم من أن المناطق الأخرى تسهم بالنصيب الأوفر من إجمالى الدخل القومى للبلاد، فإن سكانها يشعرون بأنهم لا يحصلون إلا على القليل، بينما تستأثر جاوا بالنصيب الأكبر منه. فعلى سبيل المثال، يتركز إنتاج البترول الخام والغاز الطبيعى - الذى تعتبر إندونيسيا من الدول الرئيسية المنتجة لهما - فى منطقة آرون شمالى جزيرة سومطرة، ومنطقة باداق شرقى جزيرة كالمنتان، ويتركز النيكل فى جزيرة سالويسى، والنحاس فى جزيرة إيريان جايا. أما الذهب، الذى تزايد إنتاج إندونيسيا منه مؤخرا، فيأتى من منجم واحد بجزيرة إيريان جايا.
وعلى الرغم من ذلك، فإن نمط توزيع العوائد والثروة فى البلاد يعكس خللا واضحا ومتناميا، ولم يكن غريبا - والحال هكذا - أن تكون الأقلية الصينية هدفا لهجمات كثيرة بسبب ما تتمتع به من ثراء. أضف إلى ذلك أن معظم الصناعات الجديدة تتركز فى جزيرة جاوا، خاصة فى مقاطعة جاكرتا الكبرى. وبسبب ازدياد استياء السكان المحليين فى المناطق المختلفة من قلة التمويل الذى تتلقاه من الحكومة المركزية لأغراض التنمية الاقتصادية، على الرغم مما تسهم به مناطقهم فى دخل البلاد من الصادرات، تنامت الحركات الانفصالية أو الهادفة إلى تحقيق قدر من الحكم الذاتى واستقلال المناطق، والمزيد من العدالة الاجتماعية، والسيطرة على الموارد المحلية. فعلى سبيل المثال، برزت حركات انفصالية بسيطة فى جزر رياو وكالمنتان الشرقية، وسالويسى الجنوبية والملوك، وحركات انفصالية أكثر حدة، مثل جبهة التحرير الوطنية فى آتشيه بجزيرة سومطرة، وحركة بابوا الحرة فى جزيرة بابوا.
ويعود سبب الصراع إلى فشل برنامج الهجرة الذى اتبعته الحكومة، عندما نقلت أكثر من 100 ألف من المستوطنين المادوريين من جزيرة جاوا إلى جزيرة بورنيو. وقد أثار الأسلوب الاستفزازى للمستوطنين الجدد، بعاداتهم الغريبة وسيطرتهم على بعض القطاعات الاقتصادية، حنق السكان الأصليين، بالإضافة إلى عدم جدية الحكومة فى اهتمامها بحل الأزمة. وحدث رعب وفوضى جعلا عشرات الآلاف من اللاجئين يفرون من المذابح المروعة، وكانت ردة فعل الحكومة المركزية لوقف العنف فاترة وباعتراف الجيش نفسه الذى توقف عن محاولة السيطرة على العنف، ليركز بدلا من ذلك على مساعدة اللاجئين لمغادرة المنطقة. كذلك، كانت الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد أحد الأسباب لتفجر موجة العنف، فرغم الثروة النفطية الكبيرة فى المنطقة، يشعر السكان الأصليون بالتهميش، ويعانى الكثير منهم من الفقر والظلم فى توزيع الثروة.
ويمكن القول إن دور القوى الغربية فى إندونيسيا سيعمل باتجاه بقاء إندونيسيا دولة موحدة، ما لم تتمرد على صندوق النقد الدولى. فليس من مصلحة الغرب تفكك إندونيسيا سياسيا، إذ إن ذلك سيفتح الباب أمام وجود عشرات الدول المتصارعة فى المنطقة الاستراتيجية المهمة التى تحتلها إندونيسيا. وتمثل الأخيرة قوة استراتيجية مهمة للغرب واليابان لحماية مضيق ملقا وطريق العبور بين المحيطين الهادى والهندى. كذلك، فإن العلاقات الإسلامية - المسيحية فى إندونيسيا ستحدد مدى التدخل الغربى فى إندونيسيا. فإذا تدهورت تلك العلاقات، فإنه من المؤكد أن الغرب سيتدخل فى الشأن الإندونيسى.
2- الصراعات والنزاعات الإثنية فى الهند:
ينتمى سكان الهند إلى عدد من المجموعات العرقية، وأكبر مجموعتين عرقيتين هما:
أ) الدرافيديون: Dravidian وهم أقدم الشعوب التى سكنت شبه القارة الهندية، والذين من المحتمل أن يكونوا من شعوب البحر المتوسط من ذوى البشرة السمراء، وجاءوا إلى الهند من شمالها الغربى، وأسسوا حضارة مدنية فى وادى نهر السند، ازدهرت حوالى عام 2500 قبل الميلاد. ويعتبر الدرافيديون ثانى أكبر عرقيات الهند من حيث العدد، حيث يصل عددهم إلى 257.5 مليون، بما يمثل 25% من سكان الهند، ويسكن معظمهم فى جنوبى الهند.
ب) الهنود الآريون: Indo-Aryan توجد ثغرة واسعة بين عصر الدرافيديين، والعصر الذى وصلت فيه القبائل الهندية - الآرية إلى الهند عن طريق البنجاب عام 1500 ق. م. وجاءت هذه القبائل على الأرجح من المناطق الجنوبية من روسيا الحالية، وسكنت الهند، وكانت مميزة عن الشعوب التى كانت تسكن الهند أصلا بلون بشرتها الفاتح، وتنظيمها الاجتماعى وتقدمها من حيث استعمالها الأدوات الصناعية والزراعية. ويسكن معظمهم حاليا فى شمال الهند، ويشكلون أكبر عرقيات الهند، حيث يبلغ عددهم 741.6 مليون نسمة بما يمثل 72% من مجموع الشعب الهندى. هذا بالإضافة إلى بعض العرقيات الأخرى صغيرة الحجم، والتى لا تمثل مجتمعة أكثر من 3% من سكان الهند، وأهمها هم المنغوليون (Mongoloid).
ومن حيث التقسيم الطائفى الدينى، فتضم الهند العديد من الطوائف الدينية أهمها:
أ) الهندوس: Hindus الهندوسية هى أقدم ديانات الهند وأكبرها من حيث عدد معتنقيها. ويمكن تقسيم الهندوس إلى ثلاث جماعات: من يعبدون الإلهة شيفا Shiva، ومن يعبدون الإله فيشنا Vishnu وأولئك الذين يعبدون الإله شاكتى. وللهندوسية عدة فرق أو جماعات لكل منها شكل عبادة خاص.
ب) البوذيون: Buddhist البوذية هى ثانى أقدم ديانات الهند بعد الهندوسية، وهى حركة دينية هندية إصلاحية ظهرت فى القرن السادس قبل الميلاد. ومع ظهور أول إمبراطورية هندية خالصة "موريا" فى عام 324 ق. م، أصبحت البوذية هى ديانة الهند الأساسية، تختلط فى مظاهرها بالهندوسية. ويصل عدد معتنقى المذهب البوذى فى الهند حاليا إلى نحو 10.3 مليون شخص بما يمثل 1% من مجموع الشعب الهندى، ويعيش معظمهم فى أعداد صغيرة بجبال الهمالايا.
ج) المسلمون: Muslim ظل المسلمون يطرقون أبواب الهند إلى القرن الحادى عشر الميلادى، حيث استقر بعض مسلمى أفغانستان وإيران وآسيا الوسطى فى الهند، إلى أن جاء عصر الحجاج بن يوسف الثقفى، وبدأت حملة قوية منظمة تتجه إلى الهند لفتحها جعل على رأسها ابن أخيه الشاب محمد بن القاسم الثقفى، وذلك سنة 711 م، واستطاع ضم معظم أجزاء الهند. وتوالت بعد ذلك العديد من الممالك الإسلامية على حكم الهند لمدة ثمانية قرون ونصف قرن، كانت الشريعة الإسلامية هى الأساس العام لحكم البلاد. وبعد ذلك، ضعف حكم المسلمين للهند إلى أن انتهى تماما على أيدى الإنجليز فى عام 1857. ويبلغ عدد المسلمين فى الهند حاليا نحو 123.5 مليون نسمة، يمثلون 12% من سكان الهند، وينقسمون ما بين شيعة وسنة. وينتشر المسلمون فى جميع أنحاء الهند، لاسيما فى مدن الشمال التى يمثل المسلمون ما يقرب من ثلثى سكانها، بالإضافة إلى جامو وكشمير وجزيرة لاكشاد دويب التى يمثل المسلمون نحو ثلثى سكانها، فى حين يعيش ما يقرب من ربع مسلمى الهند فى ولاية "أوتار براديش".
لكن مسلمى الهند على الرغم من عددهم الكبير، لا يعيشون فى أوضاع مريحة. فقد أظهرت دراسة جديدة مقلقة أن المستوى التعليمى للمسلمين الهنود يكشف عن فجوة كبيرة بين المسلمين وغير المسلمين، ويتطلب تدخلا طارئا. وبغض النظر عن الأسباب، فإنه لا يوجد هناك خلاف حول حقيقة كون المسلمين الهنود اليوم هم أقل تعليما وأفقر وأقصر عمرا وأقل تمتعا بالضمانات، وأقل صحة من نظرائهم غير المسلمين (هندوسا وبوذيين ومسيحيين).
ومما يزيد من معاناة الجالية المسلمة فى الهند إصرار الجماعات الهندوسية المتطرفة على انتهاز كل فرصة ممكنة من أجل استفزاز المسلمين الهنود وممارسة العنف ضدهم. وتؤكد قيادات الجالية المسلمة أن هذه الاستفزازات وإن أسفرت فى بعض الأحيان عن ردود فعل انتقامية، مثلما حدث بعد مذابح جوجارات الهنودسية ضد المسلمين المقيمين فيها، فلابد من الحرص على عدم التعامل مع مثل هذه الأحداث من منطلق المنظور الأمنى فحسب، وإنما لابد من تلمس أسباب أزمة الجالية وشعورها بالتهميش فى المجتمع الهندى.
د) السيخ: Sikn إحدى الديانات الهندية، يطلق معتنقوها على أنفسهم اسم السيخ، وتعنى كلمة السيخ التابع، فهم يتبعون تعاليم 10 معلمين روحيين. ويحتوى كتاب السيخ المقدس المعروف باسم "جودو حرانت حاهب" على تعاليم هؤلاء العشرة، وبدأ أول معلم سيخى ويدعى "ناناك" بوعظ نحو 500 فرد، وقد عارض كلا من الهندوسية والإسلام. وبعد استقلال الهند عام 1946، طالب السيخ بولاية خاصة بهم فى الهند. وفى عام 1966، أقامت الحكومة الهندية ولاية البنجاب التى يحكمها السيخ جزئيا، حيث تقع المدينة المقدسة للسيخ "أمرتسار" فى هذه الولاية. وفى عام 1980، اتجهت بعض جماعات السيخ إلى القيام بأعمال عنف، وتصاعدت حوادث الاقتتال الطائفى بين الهندوس والسيخ فى مقاطعة البنجاب. ومع ارتفاع أصوات السيخ فى الإصرار على مواصلة النضال المسلح من أجل تحقيق حلمهم الكبير فى تأسيس دولة السيخ المستقلة "خالستان"، أرسلت الحكومة الهندية قواتها إلى البنجاب فى عام 1984، وتبلغ نسبة السيخ 1.9% يعيشون فى المناطق الريفية فى إقليم البنجاب.
مشكلة كشمير كأبرز قضايا الصراع الإثنى فى الهند:
على مدى أكثر من نصف قرن، كانت، ولا تزال، القضية الكشميرية بؤرة للتوتر الإقليمى فى جنوبى آسيا، وقد ازدادت أهمية هذه القضية فى السنوات الأخيرة بعد امتلاك باكستان للسلاح النووى، فى منطقة تضم تكتلا بشريا تجاوز تعداده خمس سكان العالم. تحتل كشمير موقعا جغرافيا استراتيجيا بين وسط وجنوب آسيا، حيث تشترك فى الحدود مع أربع دول: هى الهند، وباكستان، وأفغانستان، والصين. وتبلغ مساحتها الكلية 86023 ميلا مربعا، يقسمها خط وقف إطلاق النار منذ عام 1949، ويعرف منذ اتفاقية شملا الموقع عليها عام 1972 بخط الهدنة. وتبلغ مساحة الجزء الهندى 53665 ميلا مربعا، ويسمى جامو وكشمير، فى حين تسيطر باكستان بطريقة غير مباشرة على 32358 ميلا مربعا، يعرف باسم ولاية كشمير الحرة (آزاد كشمير)، وهناك مساحة صغيرة خاضعة للصين منذ عام 1962 تسمى أكساى تشين.
ويتكون الشعب الكشميرى من أجناس مختلفة، أهمها الآريون، والمغول، والأتراك، والأفغان، وينقسمون إلى أعراق متعددة، أهمها كوشر، ودوجرى، وباهارى، ويتحدثون عدة لغات، أهمها الكشميرية، والهندية، والأوردو، ويستخدمون الحروف العربية فى كتابتهم. ويعتبر إقليم جامو وكشمير من الناحية السياسية منطقة متنازعا عليها بتعريف القانون الدولى. وقد قامت الهند بضم الإقليم لها فى 27 أكتوبر 1947، وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميرى وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير. وقد تضمن قرار مجلس الأمن الدولى رقم 47 الصادر فى عام 1948 النص على إعطاء الشعب الكشميرى الحق فى تقرير المصير عبر استفتاء عام حر ونزيه يتم إجراؤه تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتم حتى الآن. ويوجد على الساحة الكشميرية العديد من حركات المقاومة التى يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين: مقاومة من داخل الأراضى الكشميرية، ويغلب عليها الطابع السياسى، ويمثلها مؤتمر عموم الأحزاب الكشميرية، ويضم أكثر من 13 فصيلا كشميريا يمثلون كافة الاتجاهات السياسية ويطالبون بالاستقلال. أما القسم الثانى، فهو المقاومة التى تنطلق من خارج الحدود الكشميرية، خاصة من باكستان، وهى موزعة بين عسكرية وسياسية ودينية وعلمانية، وتتوزعها خريطة حزبية معقدة ومتشابكة كتشابك الأعراق والقوميات والمذاهب الفكرية فى باكستان. وبصفة عامة، يمكن القول إن معظم الجماعات والمدارس الدينية الباكستانية لها امتداد بشكل أو بآخر داخل كشمير. فالجماعة الإسلامية الباكستانية لها حزب المجاهدين، الذى انشق عنه البدر، والسلفيون لهم جماعتا لشكر طيبة وتحريك المجاهدين، والمدارس الدينية التقليدية لها حركة المجاهدين بزعامة فاروق كشميرى التى انشق عنها جيش محمد مؤخرا، والتى أعلنت مسئوليتها عن التفجيرات الإرهابية التى شهدتها مومباى فى الربع الأول من عام 2009.
وقد تسببت هذه التفجيرات فى عودة التوتر بين الهند وباكستان، حيث اتهمت الهند بعض الجماعات الكشميرية التى تتخذ من باكستان مقرا لها بالضلوع فى الهجوم الإرهابى، الذى أدى إلى مقتل ما يزيد على 120 شخصا، منهم المهاجمون الستة، وطالبت بتفكيك بعض جماعات المقاومة الكشميرية التى تعتبرها الهند إرهابية، خاصة جماعتى لشكر طيبة وجيش محمد. ثم تطورت الأحداث وحشدت الدولتان بعض وحداتهما العسكرية على الحدود، الأمر الذى خشيت الولايات المتحدة من أن يؤدى إلى انشغال الجيش الباكستانى بتلك الأزمة عن الدور الذى يقوم به ضمن المخطط الأمريكى للقضاء على تنظيم القاعدة والقبض على أسامة بن لادن ومراقبته للحدود الأفغانية الباكستانية الطويلة، وهو ما جعل بعض المراقبين يتوقعون - على الأقل فى الوقت الراهن - ألا تنزلق الأحداث بين الجارتين إلى حرب شاملة.
غير أن هذه التفجيرات كانت لها بعض الآثار السلبية على الشباب المسلم فى الهند وكشمير، حيث تقوم أجهزة الأمن الهندية بتوقيف مئات الشباب المسلمين بصورة عشوائية يوميا مع تعرضهم لأبشع ألوان التعذيب والانتهاكات والوضع رهن الاعتقال بدون ثبوت أية اتهامات تتعلق بممارسة أنشطة "إرهابية" عليهم.
3- الصراع الدينى الإثنى فى الفليبين وطموح الأقلية المسلمة للحكم الذاتى:
تنقسم الفليبين إلى اثنتى عشرة منطقة وثلاثة وسبعين إقليما، هذا بخلاف التقسيمات الفرعية إلى مدن ومراكز وأحياء. وفى حين يقوم المحافظون بحكم الأقاليم، فإن العمد والرؤساء يحكمون المدن والمراكز والأحياء ويعين كافتهم بالانتخابات، وتقع كل هذه الوحدات تحت سيطرة وزارة الحكم المحلى وتطوير المجتمع. ويتركز المسلمون فى الفليبين فى جزيرة مينداناو فى القسم الجنوبى من البلاد، الذى يضم مجموعة أخرى من الجزر يطلق عليها أرخبيل سولو. وجزيرة مينداناو هى ثانى أكبر الجزر فى الفليبين بعد جزيرة لوزون ضمن مجموعة جزر تزيد على السبعمائة جزيرة. وتبلغ مساحة جزيرة مينداناو ألف كيلو متر مربع من إجمالى مساحة البلاد وهى ثلاثمائة ألف كيلو متر مربع. ويختلف عدد المسلمين فى الفليبين، حسب التقديرات الحكومية التى تقدرهم بخمسة ملايين، أى نحو عشر عدد السكان، فى حين يقول المسلمون إن تعدادهم يصل إلى عشرة ملايين، أى خمس عدد السكان.
وقد أطلق الأسبان والبرتغاليون اسم المورو على المسلمين فى الأماكن التى صادفوها فى المغرب ومدغشقر وسيلان وجنوب شرقى آسيا، وهى كلمة تعنى "السمر"، ويقصد بها عندهم المسلمون. ومن هنا، صار المسلمون فى الفليبين يعرفون بالمورو، وصارت حركتهم السياسية تسمى بجبهة تحرير مورو. وقد تعاون مسلمو الفليبين مع القوات الأمريكية فى طرد الغزاة الأسبان. وكذلك، اشترك المسلمون فى مقاومة الغزو اليابانى وتحرير بلادهم والحصول على الاستقلال فى عام 1946. وقد تمتع المسلمون بعد الاستقلال بحرية العمل تحت قيادة اتحاد مسلمى الفليبين المعترف به رسميا، والذى نظم مؤتمرات دولية للبحث فى شؤون المسلمين، باعتبارهم أكبر أقلية دينية فى البلاد.
بيد أن الرئيس الفليبينى الأسبق ماركوس عمل على محاربة المسلمين وتمزيق صفوفهم، والدس بين زعمائهم، والاستيلاء على أراضيهم فى الجنوب، وشجع عصابة الفئران لشن الهجمات الإرهابية على مناطقهم تساندها عصابة الأخطبوط، وحارب الهوية الإسلامية فى التعليم، والمعاملات الاجتماعية والقانونية. وإزاء هذا القهر، نشأت جبهة تحرير مورو منذ أوائل الستينيات للدفاع عن المناطق الإسلامية. وقد اهتمت الدول الإسلامية بمحنة المسلمين فى الفليبين، وتدخلت منظمة المؤتمر الإسلامى منذ نشأتها لحماية المسلمين فى الفليبين وتحقيق تسوية سلمية بين حكومة مانيلا وبينهم. وقد أدان المؤتمر الإسلامى الرابع المنعقد فى مارس من عام 1973 عمليات القمع ضد مسلمى الفليبين، وقرر إرسال عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء للتباحث مع حكومة مانيلا. كما طلب المؤتمر من إندونيسيا وماليزيا بحكم صلتهما بالفليبين فى رابطة جنوب شرق آسيا بذل مساعيهما لدى مانيلا، كما حث على إنشاء صندوق تموله الحكومات الإسلامية والتبرعات الشعبية لصالح هذه الأقلية.
وقد استمرت المساعى الإسلامية لمساندة المسلمين فى الفليبين، فتشكلت لجنة وزارية رباعية، إضافة إلى الأمين العام للمؤتمر الإسلامى، لمتابعة قضيتهم. ومنحت منظمة المؤتمر الإسلامى جبهة تحرير مورو وضع المراقب فى كل اجتماعاتها، لكنها شددت على أنها تسعى لتسوية المشكلة على أساس منح الحكم الذاتى للأقلية المسلمة فى إطار السيادة الوطنية للفليبين ووحدة أراضيها دون تدخل فى شؤونها الداخلية. وقد تم توقيع اتفاق عام 1976 بين ممثلى جبهة تحرير مورو وممثلى حكومة مانيلا بحضور أعضاء اللجنة الرباعية الوزارية والأمين العام للمؤتمر الإسلامى. ونص ذلك الاتفاق على التزام حكومة مانيلا بمنح الحكم الذاتى لأربع عشرة منطقة من مناطق المسلمين، وتقرر توزيع الاختصاص بين سلطات مانيلا وسلطات الحكم الذاتى.كما نص الاتفاق على تشكيل لجنة مختلطة من ممثلى الجانبين لمناقشة تفاصيل برنامج إقامة الحكم الذاتى.
بيد أن حكومة ماركوس راوغت فى تطبيق هذا الاتفاق واستمرت فى سياسة القهر ضد المسلمين، مما دعا المؤتمر الإسلامى إلى مناشدة أعضائه الضغط عليها لاحترام اتفاق 1976، ولما حلت أكينو فى عام 1986 عقب سقوط الديكتاتور ماركوس، انتعشت الآمال فى حل المشكلة، خصوصا بعد إعلانها تطبيق الديمقراطية فى البلاد. وتم توقيع اتفاق تفاهم بين ممثلى جبهة مورو وحكومة مانيلا الجديدة فى جدة فى أول يناير من عام 1987 لتأكيد عزم الحكومة تنفيذ ترتيبات الحكم الذاتى. وتعهد ممثلو الحكومة بأن يتم تعديل الدستور بحيث يتضمن مباشرة نظام الحكم الذاتى للمسلمين. غير أن الدستور قد عدل دون الإشارة إلى هذا الالتزام، بل اقتصر على إنشاء مجلس استشارى لتقديم الرأى فى مسائل الأقليات. ومن أكينو إلى الرئيسة الحالية، جلوريا أرويو، تبدو الصورة واحدة مع اختلاف التفاصيل، حيث صنفت الولايات المتحدة - تحت ضغط وبطلب من الحكومة الفليبينية - جبهة مورو وجماعة "أبو سياف" كمنظمات إرهابية، مما أدى إلى قيام الدول العربية والإسلامية بقطع معوناتها المالية عن الجبهة بسبب الخشية من اتهام هذه الدول بدعم الإرهاب. وتسعى الحركة إلى إقناع العالمين العربى والإسلامى بضرورة دعمها ماديا، على الأقل، من أجل تنمية مناطقها الشديدة التخلف. كما هددت الحكومة الفليبينية بتسليح غير المسلمين فى جنوب الفليبين، مما يمكن أن يقود لحرب أهلية، خاصة أن لدى مورو أكثر من مائة ألف مقاتل متدرب، جميعهم من مندناو، وللحركة مئات المعسكرات فى كل أنحاء مندناو. كما أن الحركة مسلحة بشكل جيد، وهى تشترى السلاح من السوق السوداء ومن جنود الحكومة خلال المعارك، ولها مصانع تقليدية محلية للأسلحة والذخيرة.
ومما يزيد من تعقد المشكلة تدخل المحكمة العليا فى الفليبين فى هذا النزاع، حيث رفضت فى سبتمبر 2008 اتفاق سلام جرى التفاوض بشأنه على مدى 11 عاما بين الحكومة والجبهة، رغم توقيع الحكومة عليه بالأحرف الأولى فى ماليزيا فى منتصف عام 2008، ومطالبة الحكومة بإعادة التفاوض مرة أخرى على هذا الاتفاق بما ينزع منه التنازلات التى قدمتها الحكومة لشعب الإقليم فى مجال ممارسة الحريات والحقوق العامة المنصوص عليها فى الدستور والتمتع بالحكم الذاتى، بعيدا عن تدخل الحكومة المركزية فى مانيلا.
4- حركة نمور التاميل والكفاح من أجل الاستقلال فى سيريلانكا:
تعد نمور التاميل حركة سيريلانكية انفصالية، كانت تدعى فى السابق نمور تحرير التاميل إيلام. وتقاتل الحركة منذ عام 1983 ضد حكومة العاصمة كولومبو بهدف الاستقلال الذاتى فى إيلام التاميلية، وهى المناطق التى تقطنها عرقية التاميل شمالى وشرقى الجزيرة التى تحكمها غالبية من عرقية السنهاليين. وقد قتل فى هذا الصراع حتى الآن ما لا يقل عن 95 ألف شخص. وقد شهد عام 2002 إعلان وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة فى تايلاند برعاية نرويجية. وتصنف الولايات المتحدة حركة نمور التاميل على أنها (منظمة إرهابية أجنبية) منذ عام 1997. وتدخلت الهند فى الحرب، وأرسلت قوات إلى الجزيرة من أجل القضاء على التمرد، وذلك فى عهد رئيس الوزراء الهندى، راجيف غاندى، مما تسبب فى اغتياله لاحقا على يد الجماعة فى 21 مايو 1991 بمدينة سريبرومبودا بالقرب من مدينة مدراس فى الهند، وذلك أثناء تجمع انتخابى، باستخدام حزام ناسف ارتدته إحدى منتسبات الحركة، مما أدى إلى وفاة راجيف و16 آخرين كانوا على مقربة منه.
وتعمد الحركة إلى منح تعليمات إلى منتسبيها بخصوص التضحية بالنفس والموت من أجل الحركة، كما تمنحهم كبسولات من سم السيانيد، يتم تناولها عند القبض على أعضاء الحركة. كما أن لدى الحركة مجموعة من المفجرين الانتحاريين من أجل المهام الصعبة، وتدعى هذه المجموعة بالنمور السود. ويخضع الجناح العسكرى للإشراف المباشر من هيئة الإدارة المركزية للحركة. وينقسم الجناح العسكرى للحركة إلى عدة أقسام، هى:
- نمور البحر: هى قوة حربية برمائية تقوم باستخدام القوة البحرية وعمليات الدعم اللوجيستى وخدمات النقل البحرى، وتعتمد فى الأساس على عدد من الزوارق الخفيفة. و يقود هذه المجموعة العقيد سوسى. ينتسب إلى هذه القوة نحو 2000 جندى، وكانت تشكل خطرا كامنا على القوات البحرية السيريلانكية. ووفقا للدراسات التى نشرتها عام 2006 كلية وودرو ويلسون للدراسات الدولية والسياسية، فإن قوة نمور البحر دمرت من 35% إلى 50% من القوات البحرية السيريلانكية الساحلية. قامت القوات الحكومية أثناء هجومها على معاقل الحركة بالاستيلاء على القاعدة الرئيسية لنمور البحر فى مولايتيفو وعدد من القطع البحرية فى القاعدة. فى مطلع فبراير 2009، أعلنت القوات الحكومية عن استيلائها على آخر قواعد نمور البحر، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من كبار القادة. بعد ذلك بعدة أيام، أعلن عن مقتل قائد نمور البحر العقيد سوسى وعدد من كبار مساعديه فى غارة للقوات الجوية الحكومية.
- نمور الجو: تعتبر الحركة هى المنظمة الوحيدة فى قائمة المنظمات الإرهابية والجهة غير الحكومية الوحيدة على مستوى العالم التى تمتلك قوة جوية، وتتكون القوة الجوية للحركة من خمس طائرات خفيفة. ظهرت تلك القوة لأول مرة فى عام 2007، عندما قام نمور الجو بشن هجوم على قاعدة جوية للجيش السيريلانكى. وقام نمور الجو لاحقا بأربع غارات جوية. وفى 2009، قام الجيش السريلانيكى بإسقاط طائرتين لنمور الجو فى هجوم انتحارى على كولومبو.
- النمور السود وهى المجموعة الخاصة بالعمليات الانتحارية.
وحمت "الجغرافيا الطبيعية" لسيريلانكا التجربة الانفصالية للنمور بعض الوقت، ولكنها لم تستطع حمايتها طوال الوقت، وذلك لأن الغابات الكثيفة أعانتهم إلى مدى معين على اتباع أسلوب الكر والفر فى مواجهة الدولة واصطياد جنودها ورموزها الكبيرة، والتى لم يستثن منها حتى رئيس الدولة وكبار وزرائه ومسئوليه. ففى عام 1993، اغتال نمور التاميل الرئيس السيريلانكى بريماداسا. وفى عام 2005، جاء اغتيالهم المدوى لوزير الخارجية التاميلى المسيحى لاكشمان كاديرجامار.
هذا عن الجغرافيا الطبيعية لسيريلانكا ووقوفها فى صفوف التاميل إلى حين، إلا أن "الطبيعة الجغرافية" للدولة، التى لا تعدو أن تكون جزيرة صغيرة ألقتها الأقدار فى هذا الموضع النائى من العالم، يسرت أمام الدولة وسائل المواجهة معهم، وحصرتهم فى رقعة محدودة شمال الجزيرة وشرقها. وإن احتاج الأمر من الحكومة إلى جهد استخباراتى مكثف وطويل - خاصة الاستعانة بأنصار الحكومة من التاميليين - لفهم جغرافية التنقل والتحرك التى كان يتبعها المتمردون فى هجومهم ورجوعهم، مما حد من عمل الجغرافية الطبيعية فى صفوف الأقلية الساعية إلى الانفصال.
لكن ثمة عاملا آخر ذاتيا كان له تأثيره الحاسم فى فقدان تجربة النمور القدرة على الاستمرار فى مشروعهم الانفصالى عن كولومبو إلى نهايته "السعيدة". ويتمثل هذا العامل فى المهارة العالية والقدرة الفائقة لزعيم التاميل "فيلوبيلاى برابهاكاران" على التخلص من أصدقائه الفعليين والمحتملين على السواء من التاميليين بالاغتيال والتصفية الجسدية، خاصة زعماءهم الذين قبلوا الجلوس مع حكومة كولومبو للبحث فى إجراء مصالحات تحت إشراف الهند فى عهد راجيف غاندى. وبالمثل، قام بتصفية حلفائه من المسلمين، وطرد أكثر من مليون مسلم من ديارهم فى الشمال فى عملية تصفية عرقية مؤلمة أوائل التسعينيات من القرن الماضى. ومثل هذه الشخصية يصدق عليها وصف أنه "عدو نفسه". فهو بتصرفاته غير المحسوبة، يجرد نفسه من مكامن القوة، ويكثر من أعدائه، ويزرع الأرض تحت قدميه بالألغام، ويجعل القوة - لا الفكرة الوطنية ولا المحبة الإنسانية - أساس الربط بين أفراد جماعته، مما حوله من قيادة وطنية إلى رئيس عصابة، وحولهم من جماعة ثورية إلى جمعية اغتيالات لا حق لها فى الدفاع عن حقوق وطنية مستباحة.
لذا، لم يكن من المستغرب نجاح الحملة العسكرية الكبرى للجيش السيريلانكى فى الهجوم على معاقل نمور التاميل خلال الفترة الممتدة من منتصف إلى نهاية مايو 2009، وإعلان ماهيندا راجاباكسى، الرئيس السيريلانكى، تحرير البلاد تماما من إرهاب نمور التاميل وترسيخ حكمه فى البلاد بأكملها، ونجاح قوات الجيش فى إحكام سيطرتها على كل شبر بالجزيرة ، وأن سحق متمردى التاميل يعد نصرا للشعب كله، ويجب ألا ينظر إليه على أنه هزيمة لأقلية التاميل.
وقد شاركت عدة دول فى تخطيط وتمويل وتنفيذ الحملة العسكرية للجيش السيريلانكى على نمور تاميل، من أبرزها: الولايات المتحدة وبريطانيا (دعم لوجيستى وتعاون مخابراتى)، والهند وإسرائيل (التدريب العسكرى والتخطيط لمحاور الحملة العسكرية).
وعقب انتهاء العمليات العسكرية وهزيمة قوات نمور التاميل، تزايدت الضغوط الدولية على الحكومة السيريلانكية لإعادة تنمية وتعمير المنطقة. حيث دعت الولايات المتحدة سيريلانكا إلى تعزيز بيئة سياسية من شأنها أن توفر الحماية لحقوق كافة مواطنى البلاد، بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها. وقال القائم بأعمال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه يتعين على المجتمع الدولى التركيز الآن على الوضع الإنسانى، ومطالبة الحكومة بتوفير المساعدات لنحو 280 ألف شخص نزحوا عن ديارهم بسبب القتال ويقيمون فى مخيمات. وبدورها، دعت المفوضية الأوروبية إلى تمكين الأمم المتحدة من الدخول إلى منطقة النزاع. وقالت مفوضة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبى "بنيتا فيريرو فالدنر" - بعد وصولها للقاء وزراء الخارجية الأوروبيين فى بروكسل - إن أوضاع المدنيين لا تزال صعبة للغاية رغم انتهاء المعارك. ونوه الصليب الأحمر الدولى إلى أن كارثة جسيمة بصدد الحدوث، لأن عشرات الآلاف من المدنيين الفارين من المواجهات هناك لا يجدون غذاء ولا دواء.
الهوامش والمصادر:
1- Ethnic groupsin Encyclope dia Britannica. Retrieved June 12, 2009, from Encyclope dia Britannica Online: http://www.britannica.com/EBchecked/topic/194248/ethnic-group.
2- Ethnic group, From Wikipedia, the free encyclopedia: http://en.wikipedia.org/wiki/Ethnic_group.
3- Office for National Statistics, The Classification of Ethnic Groups: http://www.ons.gov.uk/about-statistics/classifications/ archived/ethnic-interim/index. html.
4- Brown, Peggy, Ed.; And Others, The Study of Ethnic Groups, Association of American Colleges, 1818 R Street, N.W., Washington, DC. 20009, 1981.
5- Paul Smith (Editor), Ethnic Groups in International Relations (Comparative studies on governments & non-dominant ethnic groups in Europe (1850-1940), Dartmouth Publishing Co Ltd (24 Jul 1991).
6- Sabine Putzgruber, Ethnic groups in Thailand-A study of minority groups within the Thai nation state involving ethnic Chinese. Muslims and Highland Peoples University of Vienna (Calpoly Thai Study Program 2004).
7- Paul R. Brass(ed.), Ethnic Groups and the State, London: Croom Helm 1985. Pp. 341.
8-________,:Ethnicity and Nationalism: Theory and Comparison. New Delhi and Newbury Park, CA: Sage. 1991 pp. 358.
9- _______, 2000: The Strong State and the Fear of Disorder', in Francine R. Frankel, et al. (eds.), Transforming India: Social and Political Dynamics of Democracy (New Delhi: Oxford University Press). pp. 60-88.
10- _______, 2004: "Elite interests, popular passions, and social power in the language politics of India," Ethnic and Racial Studies, Vol. 27 (No. 3) May 2004, pp. 353-375.
11- _______, 2004: "Muslims in Hindu Nationalist India," Center Conversations (April 2004).
12- 2006: Forms of Collective Violence: Riots, Pogroms, and Genocide in Modern India. Gurgaon: Three Essays Collective. pp. 184.
13- _______, 2003: The Production of Hindu-Muslim Violence in Contemporary India. Seattle: University of Washington Press. Pp. 476.
14- Richard F. Lowy, Introduction to Ethnic Studies, Ethnic Studies at the University of California, 2005.
http://www.ethnicstudies.ucr.edu/about/index.html
تابع الهوامش:
15- Oztalas, Filiz. "Does Modernization Integrate Ethnic Groups or Intensify Conflict? A Study of Turkish Case" Paper presented at the annual meeting of The Midwest Political Science Association, Palmer House Hilton, Chicago, Illinois, Apr 15, 2004 http://www.allacademic.com/meta/p82799_index.html.
16- James D. Fearon, Ethnic Structure and Cultural Diversity around the World: A Cross-National Data Set on Ethnic Groups, Presented at the 2002 Annual Meeting of the American Political Science Association, August 29-Sept. 1, Boston. January 3, 2003، http://www.stanford.edu/group/ethnic/workingpapers/egroups.pdf.
17- Donald L. Horowitz, Structure and Strategy in Ethnic Conflict, Paper prepared for the Annual World Bank Conference on Development Economics, Washington, D.C., April 2120,.1998. http://www.worldbank.org/html/rad/abcde/horowitz.pdf.
18- James D. Fearon, Ethnic Mobilization and Ethnic Violence, Department of Political Science, Stanford University, August 11, 2004, http://www.stanford.edu/~jfearon/papers/ethreview.pdf
19- رضا محمد هلال، دور الدولة فى التنمية فى إندونيسيا، فى: د. جابر سعيد عوض (محرر)، دور الدولة فى التنمية فى آسيا ، الناشر: مركز الدراسات الآسيوية، جامعة القاهرة، 2009، (تحت الطبع).
20- عاطف سعداوى قاسم، إندونيسيا.. عنف الشعب وعنف الدولة، ود. جابر سعيد عوض، العنف العرقى والدينى فى إندونيسيا، ود. محمد السيد سليم، التدخلات الأجنبية فى إندونيسيا، فى: المعرفة: ملفات خاصة، 2001، إندونيسيا.. صراع التاريخ والجغرافيا، وذلك على موقع الجزيرة نت:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1F0C308E-2A6F-4C48-A531-62A681C4A.702htm.
21- المعرفة: تغطيات 2002.. أزمة كشمير، وذلك على موقع الجزيرة نت:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/BC826627-C1FF-4C26-B310-343F590DFD4E.htm.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الصراعات الإثنية -المفهوم والأسباب ومقاربات الحل-
»  المعضلة الأمنية في جنوب آسيا
» مقالات متخصصة
» الصراعات الإثنية في نيجيريا -الخلفيات وآفاق الحل
» الصراعات الإثنية -المفهوم والأسباب ومقاربات الحل-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1