المعضلة الأمنية في جنوب آسيا

المعضلة الأمنية في جنوب آسيا

كتبهااكرام بركان ،

IV- المعضلة الأمنية في جنوب آسيا :

دراسة حالة العلاقات النووية بين الهند وباكستان



الصراع الهندي الباكستاني ناتج باعتبار أن كل من الهند و باكستان قاعدتين نوويتين ( امتلاكهما السلاح النووي ) و ما ينجر عنه من سباق التسلح ، فكل زيادة في القدرات النووية للهند تعتبر تهديدا لباكستان التي يمكن أن ترد بالزيادة هي الأخرى في السلاح النووي و هنا تظهر فعالية حلقة الفعل و رد الفعل في هذا الصراع في ظل غياب امكانية التمييز بين الأسلحة الدفاعية و الهجومية و غموض النوايا لكلا الطرفين (34)

إن الهند منذ حصولها على الاستقلال فى عام 1949 ، و إنفصال الهند وباكستان في وقت لاحق الى اجزاء ذهبت البلدين الى الحرب ثلاث مرات و أدت ثانية الى استقلال بنغلاديش.

كما ان تزعزع الاستقرار من أثر الصراع الجاري في المنطقة الاكثر كثافه سكانيه من العالم اصبح يشكل مصدر قلق كبير. وعلاوة على شدة القلق الذي تفاقم نتيجة أن كل من الطرفين أصبحا من الدول النووية المحتمل سقوطها في صراع واسع النطاق.

و نتيجة لذلك فإن صور و إدراكات هذه العلاقات بين البلدين لا يمكن إلا أن تؤدي إلى زيادة عدم الثقة والشك في النوايا. في ماي 1998 تلقى البلدين ادانة الدولية للعودتهم الى التجارب النووية ، تخوفا من سباق التسلح النووي رغم أن القوات المسلحه التقليديه لباكستان هي أقل كثيرا من تلك الموجودة في الهند كما وانها اضعفت القاعده الاقتصادية والصناعية القادرة على دعم الحملة التقليدية الا أن هذا يمكن ان يعطي دفعة لقرارهم في ان تصبح الطاقة النووية بشكل علني

و بالتالي هناك اعتقاد في غير محله حول قيمة هذا الردع لانها في الواقع هناك آثار سلبيه لإنخفاض الأمن الباكستاني. وعلاوة على ذلك ، غياب التفاهم المتبادل بينهما كما وجدت ابان الحرب الباردة بين القوى العظمى يقلل من صحه هذا الردع.
كما يرجع انشاء البرنامج النووى الباكستاني الى الستينات عندما بدات الهند إجراء توسيع للبنية التحتية النووية و القرار الفعلي على اختيار الاسلحة النووية جاء بعد هزيمة باكستان في الحرب مع الهند عام 1971
هنا تظهر معضله الامن كعملية حيث ترى باكستان ان بناء قدرتها النووية يمكنها من زيادة امنها فالتجارب النووية التي اجرتها الهند في عام 1974 كان معلما حاسما أين ردت باكستان بعد ذلك من خلال اعتماد سياسة الغموض النووي وبررت لهم ذلك على أساس التهديد الهندي و نفس الشىء ينطبق على الرد الانتقامي بعد اجراء تجارب نوويه فى عام 1998 حيث تقول الحكومة باكستانية على ان عدم الرد بالمثل من شأنه ان يجعلها عرضه لأعمال عدوانية ، و هيمنة هندية و قرار باكستان لاختبار قدراتها النووية في اعقاب التجارب الهندية ربما كان ذلك جزئيا نتيجة فشل اوساط المجتمع الدولي لمعاقبة الهند. يؤكد ان استجابة الباكستانيه كثفت من تلك الاراء في الهند التي ينادي بالتسلح علنا واذا كانت الهند في وقت لاحق إختارت نشر انظمة اسلحتها وستكون باكستان مجبرة على ان تحذو حذوها( مرحلة الإستجابة). وهنا نرى ميزه معضله الامن لكل من Wheeler Booth فيما يتعلق بالاختيار الدولتين بين بديلين متساويتين غير المرغوب فيهما. ويمكننا ان نرى هذا التبادل في دينامكية معضلة الأمن حيث كل من الدولتين تسعى الى تعزيز الامنها و هو ما يخلق حلقة الفعل ورد الفعل انعدام الأمن يولد انعدام الأمن الكامل. (35)
و يمكن أن نلمس المعضلة الأمنية في أزمة 13 ديسمبر 2002 حين هاجم المتشددون الإسلاميون البرلمان الهندي اتهمت الهند مجموعة عسكر طيبة الإسلامية المتشددة الباكستانية وأصدروا إنذار يحذر من العواقب الوخيمة إذا لم تغلق باكستان مكاتب عسكر طيبة ومجموعة جيش محمد.

وفي ذروة الأزمة نقل نصف مليون هندي إلى الحدود كما حذر وزير الدفاع الهندي باكستان من مغبة التفكير في استخدام الأسلحة النووية قائلا يمكننا أن نتحمل ضربه ونبقى على قيد الحياة ثم نرد….وسوف تنتهي باكستان ونقل عن وزير الخارجية الباكستانية بان مخاوف الهند من توجيهها لضربة إلى القواعد الباكستانية دفع سلاح الجو الباكستاني إلى إجراء تدريبات على الهبوط على طريق إسلام آباد –لاهور السريع والإقلاع منه مما جعل الحكومة الهندية لم تشن أي هجوم ويرجع ذلك جزئيا إلى إعلان باكستان بتحضير نشاط عسكر طيبة وجيش محمد.

ويرى الزعماء في الهند وباكستان على حد سواء أن حل الأزمة سنة 2002 جاء لمصلحتهم بشكل جزئي على الأقل . فنظرا لان الهند كانت تهدد بالهجوم وان يكن بطرقة محدودة فليس من المفاجئ أن يرجع الباكستانيون الفضل إلى الأسلحة النووية في ردع الهند. (36)