المعضلة الأمنية أو المأزق الأمني
كتبهااكرام بركان ،
مفهوم المعضلة الأمنية :
الشائع هو مصطلح المأزق الأمني الذي كثيرا ما برز في الاتجاه الواقعي سواء التقليدي أو الجديد حيث ترجع مكوناته إلى هوبز و ظهرت كمفهوم في العلاقات الدولية على يد John Herz كتابه Idialist International And Security Delimma في 1950مما أدى إلى تطور هذا المفهوم و تناوله في أدبيات الدراسات الأمنية لمختلف منظورات العلاقات الدولية و أصبح بعد ذلك يتعدى الطرح الواقــعي لمختلف توجهاته .
إن الحالة التي فسرتها المعضلة الأمنية معترف بها منذ زمن طويل Thucydides كتب في ذلك الوقت عن الحروب البلوبونوزية peloponnesian wars انه النمو القوي للقوة الاثينية أثار الرعب لدى lacedaemonians ووضعها في إطار ضرورة محاربة لذلك اعتبر إن المعضلة الأمنية كانت وراء كل الصراعات بين الدول وادعى Alan Collins إن معضلة الأمن كانت في القرن التاسع عشر في شكل المنافسة الاستعمارية بين الدول الأوروبية التي تتنافس على السلطة والنفوذ. ظهرت معضلة الأمن في القرن العشرين كحلقة كانت أكثر تطورا حيث وضعت إطارا لفهم ديناميات العمل في الحرب الباردة بين المعسكرين. (1)
1- تعريف المعضلة الأمنية:
لفهم و تحديد معمق لمفهوم المعضلة الأمنية يجب التطرق إلى المفهوم المعاكس و هو مفهوم الأمن حيث اعتبره Arlond Wolferمن جانبه الموضوعي هو غياب تهديد اتجاه قيم مكتسبة أما الذاتي فهو غياب الخوف .
و عليه فان المعضلة الأمنية تعني عموما وجود تهديد اتجاه قيم مكتسبة و اقترانه بالمخاوف و مشاعر الريبة و الشك ضد الآخر ، و الشعور باللأمن يولد مزيدا من الشعور باللأمن حتى و إن كانت نوايا الطرف حسنة فانه سيبقى هناك للآخر تخوف دائم يؤدي إلى المأساة و هو ما يعتبره Butterfield أيضا كمأساة من الصعب التغلب و التخلص منها. (2)
بعبارات بسيطة توجد المعضلة الأمنية من الإجراءات التي تتخذها دولة ما ، في محاولة لزيادة أمنها يسبب رد فعل في دولة ثانية في النهاية ، يخفض (الدولة الأولى) الأمن الخاص بها (Herz : 1951 ؛ Jervis : 1976 ؛ Posen ، 1993)
**Security Dilemma is when the action of one state , in trying to increase its own security causes a reaction in the second state ,which in the end decreases its ( the first state’s) own
Security* ( 3)
وبالرغم من أن الإجراءات التي تتخذها الدولة الأولى يحتمل ان يكون قد تمت لأغراض دفاعية فقط (نوايا حميدة) ، إلا انه يجوز للدولة الثانية تفسرها على أنها هجوميه (النوايا الخبيثة). على هذا النحو ، قد تكون الدولة الأولى عن قصد ‘أو’ عن غير قصد خفضت الأمن الخاص للدولة الثانية. وبهذه الطريقة ، Herz John يعتبرها واحد من الآثار المأساوية للمعضلة الأمنية أين الخوف المتبادل (4) و قد استخدم عبارة الخوف الهوبزي لشرح قضية ما اسماه بـ حالة مطلقة المعضلة الأمنية غير القابلة للاختزال في حالة عدم وجود قوى ذات سيادة ، أو تنين فإن السلام والأمن لا يمكن أن تتحقق. Herz يرى ان المعضلة الأمنية التي يغذيها المساعدة الذاتية نظرا لكونها نتاج عن المصلحة الذاتية وعيوب الطبيعة البشرية ـــ أهم مسلمات الواقعية الكلاسيكية ــــ أما Jervis و حول هذا الرأي قال إن الأسباب تجد جذورها في وضع الفوضى في العلاقات الدولية لا في سيكولوجية الإنسان ولا في عيوب الطبيعة البشرية ويوضح إن الموضوع الرئيسي للعلاقات الدولية هو كون معضلة الأمن ليست الشرا ولكن الماساه(5)
عرض Wheeler & Booth تعاريف كل من ‘الأمن’ و ‘المأزق’على حدى ، وبعد ذلك جمعا بين الاثنين اين تشكلت المعضلة الأمنية و تعريفها الحالات التي تظهر الحكومات الحالية اهتماما بشأن المسائل التي تؤثر على أمنهم ، مع خيار بين اثنين من البدائل على قدم المساواة غير مرغوب فيهما
**situation which present governments on matters affecting their security with a choise between two equal and undesirable alternatives** ( 6)
2- مراحل المعضلة الأمنية
حسب (Wheeler & Booth) مفهوم المعضلة الأمنية يمكن إن تقسم أساسا إلى مرحلتين :
أولا : التفسير في سياق المرحلة الأولى
يقولان أن معضلة الأمن تحدث عندما تخلق الاستعدادات العسكرية للدولة ما حالة شك في عقل الدولة الآخرى بشأن ما إذا كانت هذه الإعمال هي لأغراض دفاعية فقط( لتعزيز أمنها) ، أو ما إذا كانت لأغراض هجوميه (لتهديد أمن آخر) .
يجوز للدول في كثير من الأحيان محاولة لزيادة الامنها عن طريق بناء - أسلحتها. غير إن بعض الأسلحة يمكن إن يكون استخدامها غامضا فبعض الأسلحة التي يمكن استخدامها لأغراض دفاعية يمكن أن تستخدم أيضا لأغراض هجوميه لذلك في بعض الحالات قد تجد الدول صعوبة في تحديد ما إذا كانت الاستعدادات العسكرية للآخر الهجومية أو الدفاعية (Jervis )
وثانيا ، استجابة فان المرحلة الثانية من معضلة الأمن يأتي دور استجابة وببساطة نظرا لحقيقة كوني غير متأكد من الاستعدادات العسكرية الخاصة بك ،كيف ينبغي لي أن أستجيب أو كيف يتم الرد؟ 7) )
3- أسباب المعضلة الأمنية :
إن ما يعمله احد لتعزيز أمن الخاص يسبب رد الفعل ، الذي في نهاية المطاف ، يمكن أن يجعل الآخر اقل أمنا.
تكون معضلة أمنية- سواء بين الدول أو داخل الدولة - بصفة خاصة في الحالات التالية :
1) القوات الدفاعية لا يمكن تمييزها من القوات الهجومية .
2) القوات الهجومية تعلو على القوات الدفاعية ؛ وسوف تختار الدول الهجوم إذا كانت ترغب في البقاء وهذا يؤدي إلى احتمال أكبر للحرب وقائية أو العدوان.
وهذان الشرطان وغالبا ما يتوفران في الدول الناشئة أين تجمعات الطوائف العرقية يخلق حماس في صفوف الجنود أو المشاة مما جعل هجوم جيدا ، على عكس ما درجت العادة على اعتبار الدفاع أفضل وهكذا فإنها الآلية الرئيسية التي يقوم كل جانب بتقييم النوايا الهجومية للطرف الآخر من حيث آثاره وسجل ماضيها العسكري. (
وستكون النتيجة أن كل جانب يفترض أن مجموعة أخرى يشكل تهديدا للهويته.
اثنين من العوامل تؤثر في تفوق القدرات الهجومية على الدفاعية :
التكنولوجيا خاصة في حالة المسائل المهمة كالأسلحة النووية ( إذا كان كل من المجموعتين العرقية والقومية نفس القدر من الأسلحة النووية فإن الطرف القومي سيلعب دورا اقل في معضلة الأمن). ( 9)
الجغرافيا السياسية هو ما يهم أكثر ولا سيما سكان الجزر من مجموعة اثنيه واحدة شن حرب وقائية لحماية سكانها من مجموعة اثنيه أخرى في الإقليم
إضافة إلى
- غياب الثقة المتبادلة بين الأطراف و طغيان الشك و سوء النية
- كل طرف يسعى إلى تحقيق مصالحه رغم تعارضها مما يخلق منافسة قد تحول إلى صراع .
- الفوضى المميزة للنظام الدولي .
- التصعيد في عمليات التسلح و زيادة القدرات العسكرية
- الطبيعة الشريرة التي تنزع إلى العنف باعتباره حالة فطرية ( هوبز )
و انطلاقا من هذه الأسباب يميز المنظرين في حقل العلاقات الدولية بين نوعين من المعضلة الأمنية : الدولية و الداخلية و هو ما سيظهر في الفصلين الثاني و الثالث
الهوامش :
1 James Gilgrist : The Security Dilemma and South Asian nuclear relation India-Pakista
www.e-ir.info/?p=27
2ـ عند النور بن عنتر : المعهد المتوسطي للامن الجزائري الجزائر اوروبا والحلف الاطلسي، المكتبة العصرية للطباعة و النشر و التوزيع 2005.ص 13
* انظر الى عادل زقاغ :تدخل الطرف الثالث في النزاعات الإثنية
www.geocities.com/adelzeggagh/IRapproches-Intevention
3 Paul Roe :The Societal Security Dilemma
www.ciaonet.org/wps/rop0
4 Idem
5 James Gilgrist Op ; Cit
6Idem
7 Idem
Barry R Posen : The Securitu Dilemma and Ethnic Conflict pdf 8
survival 35 pp 27-47 spring 1993 p 28-29
Hamilton shamilt : Posen ,Barry R ,1993 - The Securitu Dilemma and Ethnic Conflict 9
survival 35 (1) : 27-47 .harvard pdf