الصراعات الإثنية في نيجيريا -الخلفيات وآفاق الحل
الكاتب الباحث:بشير شايب
السبت, 18 أغسطس 2012 01:00
ظل العامل الإثنى يمارس تأثيرا ضارا على كافة مخططات الاستقرار والتنمية فى نيجيريا منذ الاستقلال، إلا أن تأثير التعددية الاثنية لم ينبع من التعدد فى altحد ذاته ولكن فى ربط هذا العامل بمحددات سياسية واقتصادية عملت على تجذر الانقسامات الاثنية بل وتطابقها مع انقسامات أخرى سياسية واقتصادية وإقليمية ودينية، مما زاد من تعقيد المشهد النيجيرى فى ظل وجود أكثر من 250 جماعة اثنية متعددة الديانات واللغات. لقد عانت نيجيريا منذ الاستقلال من مشكلة الاندماج الوطني حيث تعلو الولاءات مادون الوطنية (الاثنية والدينية والإقليمية) على الولاء الوطنى، كما ارتبطت هذه المشكلة خلال السنوات الأخيرة بظاهرة الإحياء والصحوة الدينية التى تشهدها مناطق مختلفة فى العالم والتي جعلت اللجوء إلى "الدين" يمثل ملجأ أساسيا للكثيرين لمواجهة العديد من التحديات على المستويات الفردية والجماعية.
Résumé :
Le facteur ethnique exerce un effet néfaste sur tous les régimes, la stabilité et le développement au Nigeria depuis l'indépendance, mais que l'impact de la multi-ethnicité ne découlent pas de la diversité en soi, mais en reliant cette déterminants des facteurs de politique économique et a travaillé à la racine des divisions ethniques et même la compatibilité avec les divisions de l'autre politique, économique, régionale et religieuse , ce qui augmente la complexité de la scène nigériane, en présence de plus de 250 multi-ethnique groupe, religions et langues. J'ai souffert au Nigeria depuis l'indépendance du problème de l'intégration nationale que la loyauté au-dessus-dessous de la nationale (ethnique, religieuse et régionale) sur la loyauté nationale, comme associé à ce problème ces dernières années le phénomène de la renaissance et l'éveil religieux se déroule dans les différentes régions dans le monde et qui a fait l'utilisation de la «religion» un refuge essentiel pour un grand nombre pour faire face à de nombreux défis à l'échelle individuelle et collective....
مقدمة
تعد الصراعات الإثنية من أهم العوامل التي تهدد الأمن والإستقرار في نيجيريا ،وذلك منذ الإستقلال عن بريطانيا في أكتوبر 1960 إلى يومنا هذا ،ولم يفلح النظام الفدرالي الموروث عن الإستعمار في التقليل من تلك الصراعات والحد منها ،بقدر ما فاقم الخلافات بين مختلف الإثنيات النيجيرية التي يفوق عددها 250 جماعة ،ويتطرق هذا المقال إلى خلفية الصراعات في نيجيريا وطبيعتها وأسبابها وبعض المقاربات المعتمدة من قبل الحكومات الفدرالية المتعاقبة لإحتواء العنف.
توزيع الجماعات الإثنية في نيجيريا:
تمثل الإحصائيات المقدمة من مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية وجها آخر من أوجه الصراع ،وذلك لتضاربها وإختلاف أرقامها بنسب معتبرة من مرجع لكنها تتقاطع كلها في نسب متقاربة نوعاما لعدد الجماعات الإثنية وتوزيعها.
1-حسب القبائل:
أ- الهوسا-فولاني (30% من السكان)،واليوروبا(20 %)،والإيبو (17 %)،في حين تمثل الجماعات الأخرى ما نسبته )33 % )
.بينما تذهب مصادر أخرى إلى القول أن عدد الهوسا-فولاني واليوروبا والإيبو وهي الجماعات الرئيسية في نيجيريا يبلغ 57.8%
من السكان بينما تتوزع باقي الجماعات على 42.2 %من مجموع السكان ([1]).
ب-الهوسا-الفولاني(29%) ،اليوربا(21%) ،الايجبو(18%) ،الايجاو(10%) ،الكانــدرى(4%) ،الايبيو(3.5%) ،التيف(2.5%) ([2]).
2-حسب الديانات:
أ- يشكل المسلمون 47 %،والمسيحيون 34 %،في حين يشكل الوثنيون أو ما يسمون أيضا بأتباع الديانات الأفريقية التقليدية 12.3 %([3])،فيما تذهب مصادر أخرى إلى تقديرالأقليات الوثنية في نيجيريا بحوالي 5.6% ([4]).
ب-المسلمون 50%،والمسيحيون 40%،والوثنيون 10% ([5]).
ج-المسلمون 40%،والمسيحيون 30%،والوثنيون 30 %([6](.
د-المسلمون 48 %،المسيحيون 34%،الوثنيون 18 % ([7]).
خلفية الصراعات في نيجيريا:
بتعداد سكاني يقارب المائة والستون مليون نسمة موزعين على مايزيد عن ثلاث مائة قبيلة ،تجد نيجيريا نفسها أما أزمة حقيقية تتمثل في الكيفية التي تتعامل فيها مع هذا التنوع المركب لسكانها ،والتباين الجغرافي الواضح بين شمال فقير وجنوب غني ،حيث أن 65%من الميزانية يأتي من مداخيل البترول الموجود في حقول الجنوب،وعليه فالباحث يجد نفسه أمام شمال فقير الموارد يهيمن على مفاصل السياسة والجيش ،وبين جنوب غني بالنفط يشكو سيطرة الشماليين على مقدراته ،وفي المقابل عاشت نيجيريا طيلة الأربعين سنة الماضية من إستقلالها ما يقارب الثلاثين سنة تحت حكم العسكر ،الذين إعتمدوا القوة وسيلة وحيدة لحكم الشعب ،وهو ما نتج عنه فساد المؤسسات السياسية والإقتصادية ،ولم تعرف نيجيريا فترة حكم أقرب إلى الحكم المدني حتى سنة 1999 م ،حيث إعتمد دستور ديموقراطي أسس لفترة حكم تتفاعل فيها مختلف مؤسسات الدولة والولايات بشكل إيجابي ،بغية ترقية الديمقراطية وتكريس الفدرالية ومبدأ التداول السلمي على السلطة.إلا أن الوصول إلى الإستقرار السياسي الهش قد كلف حوالي 10.000 قتيل منذ سنة 1999م.فهناك الكثير من الصراعات في نيجيريا ،إذ لا يخلو مكان من صراع ما بين جماعات متناحرة ،أو بين الجماعات والدولة،وإذا إعتمدنا العامل الجغرافي لتحديد الصراعات في نيجيريا ،فهذا يجرنا إلى تحديد موارد الإقليم الجغرافي مسرح الصراعات ،وحتى تلك الأقاليم التي لا تطفو إلى السطح فيها صراعات معلنة فإنها كامنة وقد تتفجر في أي لحظة لأن المؤسسات الفدرالية أو تلك التي تتبع الولايات أو مجالس الحكم المحلي هي جزء من المشكلة المؤدية إلى الصراع وهي نفس المؤسسات التي تتولى البحث عن حلول.وعليه فإن الكل في نيجيريا سواء على المستوى المركزي أو المستوى المحلي من المسؤولين السياسيين أو الإقتصاديين ساهم في تأزيم الخلافات وبالتالي تفجر الصراعات ،بل تصل أحيانا إلى درجة الدعوة إلى العنف والتحريض عليه خاصة أثناء المواعيد الإنتخابية ([8]).
طبيعة الصراعات في نيجيريا
تذهب الكثير من التقارير الصحفية إلى تصوير الصراع الإثني في نيجيريا على أنه صراع بين المسلمين والمسيحيين ،وأن هاتين الجماعتين الرئيسيتين تتقاسمان المشهذ السياسي النيجيري منذ عقود ،وتتنافسان على السلطة والثروة والسيطرة ،
وأنهما يمسكان بكثير من خيوط لعبة التوازنات الإثنية ،لكن المسالة من منظور الكثير من الدارسين أعقد وابعد من ذلك بكثير ،فالعنف والصراعات في نيجيريا تحكمها عدة عوامل تتداخل وتتشابك وتتقاطع لتنتج عنفا له أكثر من محرك،وهذه العوامل هي :
1-العامل الإقليمي القبلي :على الرغم من مبالغة الحكومة المركزية في تقسيم البلاد إلى 36 ولاية و774 مجلس حكم محلي،إلا أن الخريطة الإثنية لم تتغير،وبقيت البلاد مقسمة على أساسها ،وهي قبائل الهوسا –فولاني في أغلب ولايات الشمال بنسبة 29 %من عدد السكان ،وقبائل اليوروبا في الإقليم الجنوبي الغربي بنسبة 21 %من عدد سكان نيجيريا ،وقبائل الإيبو في الجنوب الشرقي بنسبة 18%من تعداد السكان الذي يقارب المائة والستون مليون نسمة (160 مليون)،ولهذه القبائل تاريخ طويل في حكم نفسها،منذ ما قبل مجيء الإستعمار ،وبالتالي فهي ترى في الفدرالية إطارا للتعايش وليس إطار للذوبان والإنذثار،كما أن تميز كل قبيلة بلغة ودين وإقليم،جعل المسألة الإثنية في نيجيريا أكثر تعقيدا ([9]).
2–العامل الطائفي الديني:على الرغم من أن الدستور النيجيري هو دستور علماني ،لا يعتمد أي دين للدولة ،إلا أن حضور العامل الديني والطائفي في المشهد النيجيري لا يحتاج إلى توضيح ، وتشير إحصائيات أتباع الديانات حسب أهم القبائل إلى ([10]):
أ-الهوسا-فولاني:95% مسلمون و05 % مسيحيون ووثنيون.
ب-اليوروبـــا:50 % مسلمون و45% مسيحيون و05 % وثنيون.
ج-الإيبـــو :02 % مسلمون و65 % مسيحيون و43 % وثنيون.
وتعيش هاته القبائل في جو من التحامل ،وتبادل التهم بالإستحواد على مقدرات البلاد والسيطرة على السلطة السياسية ،بل وصلت الأمور إلى حد إعلان الجنرال والزعيم السياسي المسيحي "أنبروس علي" الذي ينتمي إلى إقليم الشمال الواقع تحت سيطرة قبيلة الهوسا –فولاني المسلمة أن الخلاص الوحيد للمسيحين في الشمال هو الإستقلال وتأسيس دولتهم الوطنية،والتحرر من إضطهاد المسلمين لهم ،وطالب صراحة بالتحرك السريع لتحقيق ذلك ([11]). فيما تعتبر معظم القيادات الإسلامية في نيجيريا الصراع سياسيا وليس دينيا ،وفي هذا الصدد يرى" محمد سعد أبوبكر" سلطان (سوكوتو) وهو رجل دين وعسكري سابق في الجيش النيجيري قبل أن يصبح سلطانا لإمارة سوكوتو(منصب تقليدي قبلي)، في حوار أجرته معه قنـاة ســي أن أن CNNالأمريكيةأن كثيرا من السياسيين يلجؤون إلى تسليح الجماعات المتطرفة ،وتزويدها بالمال من أجل أهداف سياسية لا علاقة لها بالدين ([12]). فيما يرى رئيس أساقفة جوس Archbishop of Josالقس "إجناتوس كايجاما" Ignatius Kaigamaأن أعمال العنف التي تعيشها نيجيريا هي أقرب إلى أعمال شغب منها إلى صراع ديني مسيحي إسلامي،وكثيرا ما تأخذ شكل مطالب إقتصادية وسياسية وإجتماعية ،ويرى فيمن يعتبرون الصراع دينيا أنهم يتسترون عن حالة الفقر وسوء المعيشة وتفشي الفساد ،ويرى أيضا أن الزعماء المسيحيين والمسلمين يعملون معا على محاربة التطرف من الجانبين ،والعمل على نشر مبادئ العيش المشترك والتسامح )[13](.وصرح الناطق بإسم الفاتيكان "الأب فيديريكو لومباردي"عقب أحذاث العنف في ولاية جوس مطلع مارس 2010 م ،أن الصراع ليس دينيا البتة ،لأن من يقومون به ،هم مجموعة من الرعاة المنتمين في أغلبيتهم إلى قبيلة البيروم المسيحية ضد المزارعين من قبيلة الفولاني المسلمة ،وأضاف أن الصراع لا يعدو كونه صراع على الكلأ والمراعي والأراضي الفلاحية ومصادر المياه ليس إلا ،وهو نفس الرأي الذي ذهب إليه رئيس أساقفة أبوجا "المونسينيور جون أوناييكان"([14]) . فيما قال الشيخ "إبراهيم الزكزكي" قائد إحدى الفصائل المسلحة الشيعة القريبة من إيران في تصريح لقناة العالم في طهران ،أن الصراع في منطقة جوس هو صراع سياسي تقف وراءه مجموعة من السياسيين الفاسدين في المنطقة من أجل مصالحهم ([15]).
العوامل البنيوية المسببة للصراع في نيجيريا The Structural Causes of Conflict
عند مراجعة تاريخ العلاقات بين الجماعات الإثنية الرئيسية الفاعلة في نيجيريا ،نقف على حقيقة مؤكدة على أن الصراع بينها متجدر وقديم جدا ،وقد لا يكاد يمسك الدارسون بالخيوط الأساسية للأسباب والظروف التي تؤجج الصراع الذي يصل في كثير من الأحيان إلى الحرب والتقاتل والإنفصال كأقصى حد،وإذ تشكل عملية تحديد المسببات مهمة صعبة نظرا لتشابك البنية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والقبلية للفاعلين الأساسيين في الساحة النيجرية ،فإن تحديد العوامل التي تحكم الصراع وتوجهه يسهل عملية فهم ديناميكية هذه الصراعات.
أولا:العوامل الأمنية
تتجلى مظاهر اللاأمن في نيجيريا في الإغتيالات السياسية ،والنزاعات المحلية والإثنية ،واللاتسامح الديني ،والقرصنة البحرية ،وتهريب النفط ،وتزوير العملة والتهريب،وإنتشار العصابات([16])،و الأسلحة ،والمليشيات القبلية في مختلف أرجاء البلاد ،ويرجع السبب في ذلك إلى وجود نزاعات مسلحة في الدول المجاورة مثل تشاد والنيجر ،وتشابك العلاقات القبلية مع سكان تلك الدول([17]) .
1-إنتشار السلاح الخفيف:لقد أدى تدخل الجيش النيجيري وإنتشاره في مناطق غرب افريقيا ،لمساعدة تلك الدول على ضبط الأمن إلى إنتشار الأسلحة الخفيفة ووقوعها بين أيدي الجماعات المتمردة ،خاصة تلك المتمركزة في منطقة دلتا النيجر،مما يؤدي إلى إنتشار ظاهرة تجارة السلاح وجلب المرتزقة وأمراء الحروب ،وخاصة من تشاد ودارفور بالسودان والنيجر،وذلك بالتواطؤ مع زعماء محليين داخل البلاد ،كما أدى خفض تعداد القوات المسلحة النيجيرية إلى (85000 جندي)([18]) إلى عدم قدرتها على السيطرة على كل أرجاء البلاد ([19]).
2-فساد قوات الأمن:وتعد مسألة فساد قوات الأمن الساهرة على تطبيق القوانين والسهر على حفظ الأمن والنظام ،من الأسباب الرئيسية المسببة للعنف ،والمساهمة في تفاقمه وتفجر الصراعات هنا وهناك بين مختلف الجماعات المتصارعة،وهذا يعود إلى تدني المستوى المعيشي لأفراد تلك القوات،وتأثير الفساد السياسي على قادتها ([20]).
3-إنتشار الجماعات الإنتقامية:وهي أحد تجليات عجز قوات الأمن على حفظ النظام وتطبيق القانون ،وهو ما دفع ببعض الجماعات إلى القيام بتطبيق القانون وفق ما تراه مناسبا لحقوقها المهضومة أو المعتدى عليها،كما تسعى بعض الجماعات السياسية والزعماء السياسيين إلى تسهيل عمل هذه الجماعات الثأرية بهدف الإبتزاز والضغط على الحكومة المركزية أو حكومة الولايات ([21])،كما ظهرت في الأقاليم التي تطبق الشريعة الإسلامية ميليشيات تعرف بالشرطة الإسلامية(Hisba)([22]) منذ سنة 2000 م،كما توجد جماعات الباكاسي بوي (Bakassi Boys)([23])في ولايات أبا وأونيتشا Aba, Onitsha،ويأتي ظهور هذه الجماعات المسلحة كرد فعل أيضا على إنتشار الجريمة حسب بعض الدارسين ،بينما يذهب آخرون إلى إعتبارها سببا لإنتشار الجريمة ([24]) .
4-وجود المرتزقة الأجانب:ويشكل الكاميرونيون والتشاديون العدد الأكبر من بين المرتزقة الأجانب المتواجدين في ولاية طارابة Tarabaلدعم ميليشيات ممبيلا Mambilla،وهو ما أدى إلى حالة من عدم الإستقرار في ولايات بلاتو، وناصاراوا، و بوشي، وكادونا Plateau, Nasarawa, Bauchi and Kaduna
وخلق جوامن اللاأمن أدى إلى تسلح مجموعات إثنية محلية كرد فعل على تواجد المرتزقة ([25]).
5-عدم جدوى الإجراءات العسكرية وسوئها:لقد أدت الإجراءات العسكرية غير المدروسة إلى زعزعة الأمن وزيادة حدة التوترات ،ويرجع ذلك إلى أن كل تدخلات الجيش في إخماد التوترات ومظاهر العنف وبؤر الصراعات ،تتم من دون آفاق حل سياسي أو إقتصادي ([26]).
ثانيا :العوامل السياسية
وتلعب العوامل السياسية دورا هاما في تصاعد العنف وتجدده بين مختلف الجماعات الإثنية ،وتتجلى تلك العوامل في :
1-الصراعات السياسية:وتنعكس الصراعات السياسية الناتجة من التنافس بين القوى السياسية المختلفة سلبا على القواعد الشعبية لتلك القوى،لعدم معرفتها بأبجديات الثقافة السياسية والعمل النضالي السياسي السلمي،وتعمد تجييش تلك الجماهير لصالح النخب السياسية ورجال السياسة الفاسدين ،الذين يجتهدون في الزج بكل مكونات الهوية الإثنية في الصراعات، من أجل تحقيق غاياتهم ،متجاهلين نتائج الصراعات التي يغدونها ويساهمون في تفاقمها على المستقبل السياسي للبلاد ،وإنعكاساتها على الإقتصاد والأمن،فمثلا لايتم إستشارة أعضاء مجالس الحكم المحلي أثناء تنصيبهم ،وإسناد المهام لهم ،وإنما يكلفون بمهامهم على أسس قبلية وإثنية بما يتوافق مع رئيس المجلس المحلي الساعي إلى نفوذ ما ،أو مع حاكم الولاية الساعي إلى الضغط على مجالس الحكم المحلي ،وقد ينشأ صراع سياسي بين ([27]):
أ-بين حاكم ولاية ونائب في أحد المجلسين الفدراليين.
ب-بين حاكم الولاية ومجلسها النيابي.
ج-بين حاكم الولاية وبعض الطوائف الدينية
د-بين الأحزاب السياسية والسلطة ،أو بين بعضها البعض.
2-تزايد الصراعات الشخصية على النفوذ والسلطة: خلال العشرين سنة الماضية،وخاصة أثناء الحكم العسكري،تم تهميش المؤسسات الدستورية للبلاد،لصالح المؤسسات التقليدية ،وهو ماجعل كل عملية تعاقب على الحكم محطة لصراع جديد بين مختلف النخب السياسية والزعامات التقليدية، وأصبحت المواعيد الإنتخابية مواعيد للعنف والقتل ،وتفجر الصراعات بين المترشحين للمناصب السياسية ،لما لتلك المناصب من إمتيازات إقتصادية ،وهو مايدفع السياسيين إلى تجنيد أتباعهم وشحنهم لتحقيق الفوز أو الإعتراض على النتائج التي تفرز فوز خصومهم السياسيين([28]).
3-الصراع حول الحدود الإقليمية للولايات
عملية تغيير حدود الولايات أو أقاليم مجالس الحكم المحلي ،تتم في الغالب دون مبرر منطقي ومن دون الرجوع إلى الهيئات الرسمية ،وهو ما يتسبب في توتير العلاقة بين الولايات المعنية ،أو بينها وبين أقاليم مجالس الحكم المحلي لعدة سنوات ،فمثلا وجد الآلاف من أفراد إثنية ما التابعين لولاية كروس ريفرCross Riverأنفسهم فجأة يتبعون ولاية أكاوا إيبوم Akwa Ibom،مما دفع بهم إلى العودة إلى ولايتهم الأصلية والعيش كلاجئين ([29]).
ثالثا :العوامل الإقتصادية:
لم تفلح الحكومة من خلال سياساتها الإقتصادية في معاجة مشكلة الفقر والبطالة وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وهو ما أدى إلى:
1-إنتشار الفقر والتفاوت الطبقي:تحتل نيجيريا المرتبة 151 من بين 174 دولة في مؤشر التنمية البشرية،والمرتبة 22 من بين 45 دولة أفريقية ،فإرتفاع نسبة الفقراء الذين يعيشون على أقل من دولار في اليوم ،والتي تقدر بأكثر من 50 % وقد تصل إلى 70 من السكان %منهم 35%يعيشون تحت خط الفقر([30]) ،ومن أسباب إنتشار الفقر في نيجيريا ،تأتي السياسات الزراعية التي أدت إلى تقليص عدد الفلاحين ،من خلال توزيع الأراضي على غير مستحقيها،كما عرف القطاع الصناعي ركودا مما أدى إلى تسريح العمال وتضخيم معدل البطالة ([31](.
2-الصراع على الموارد:يشكل البترول في نيجيريا عصب الحياة الإقتصادية إلى جانب الزراعة ،وقد شكل هذان الموردان محور صراع حولهما ،وتسبب في كثير من العنف .
أ-تقاسم عائدات النفط: تحتل نيجيريا المرتبة السادسة من بين مصدري البترول على المستوى العالمي والعاشرة من حيث الإحتياطي المؤكد من البترول والسابعة من حيث الغاز(تقديرات 2007) ([32])،وعليه فإن معظم النيجريين يرون في التنافس السياسي على أنه تنافس من أجل الإستفادة من ريع البترول،وتقاسم عائداته،إلا أن المشكلة تكمن في كون البترول يستخرج من ولايات محددة ،لم تسكت عن المطالبة بحقها من إيراداته ،بل وصل بها الأمر أحيانا إلى إستعمال العنف والتهديد بالإنفصال ،فيما ذهبت ولايات أخرى مثل ولاية غيمو وأنمبرا Imo and Anambraإلى خفض إستفادة الحكومة الفدرالية من عائدات النفط المستخرج من أراضيها من 13%إلى03 %،بحجة عجزها على دفع رواتب موظفيهما ([33]).
ب-تقاسم الأراضي الزراعية والرعوية:أصبح الصراع بين الفلاحين والرعاة مشكلة تؤرق المسؤولين سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الفدرالي،حول تقاسم المساحات الرعوية والزراعية ،خاصة أن الكثير من الرعاة من الدول المجاورة (تشاد والنيجر والكاميرون ) يستغلون المناطق الحدودية ويتوغلون داخل الحدود النيجيرية لرعي مواشيهم ،أحيانا تحت تهديد السلاح ،نظرا لإنتشار الجماعات المسلحة والمرتزقة ،وهناك من ينظر إلى هذه المشكلة على أنها إنعكاس طبيعي لنمط العيش المتبع لدى بعض القبائل التي تعيش على الرعي، وهم من البدو الرحل المتنقلون عبرالحدود ،وبين الفلاحين المستقرين في قراهم وأراضيهم ([34]).
3-التنمية غير المتوازنة:توجد الكثير من الولايات في نيجيريا تعاني وضعا تنمويا كارثيا ،نتيجة تواجد جماعات إثنية تعاني التهميش وسوء المعاملة ،نظرا لمشاكستها للنظام العسكري السائد سابقا أو لعدائها المستمر وصراعها مع صناع القرار في الولايات أو في السلطة الفدرالية،وهو ما نتج عنه تباين في مستويات التنمية بين مختلف مناطق البلادفمثلا يرى الكثير من أبناء المناطق الجنوبية الغنية بالنفط أن الجنرال ساني أباشا Sani Abachaقام بتعبيد الطرق وإنشاء الجسور وكثيرا من البنى التحتية في مناطق الشمال أكثر مما فعل في مناطق الجنوب التي تتأتى منها تلك الإعتمادات ([35]).
4-التنافس الإقتصادي:في غياب إطار قانوني منظم للسوق والنشاطات التجارية ،يتحول التنافس بين المنتجين والتجار وكبار رجال الأعمال إلى مظهرمن مظاهر العنف الإثني،ومثال ذلك ما حصل بين إمرأة من قبيلة الهوسا وأخرى من قبيلة الإيجبو في السوق ،حول سعر البصل والقماش والذي أدى إلى شجار عنيف أقحم فيه الكثير من الهوسا ومن الإيجبو ،لكن العامل الخفي الذي أجج الخلاف هو كون المرأة من قبائل الهوسا ترى نفسها بنت الوطن وترى في الأخرى بدوية من الرعاة الرحل([36]).
رابعا:العوامل الإجتماعية:وهي العوامل المرتبطة بالحياة اليومية للمجتمع ،والتي تمثل البيئة الطبيعية للصراعات الإثنية ،وأهمها:
1-الصراعات القبلية المحلية:وترتبط بالتنافس على الموارد والسلطة السياسية ،حيث تستعمل الخلافات والنزاعات الإثنية لأغراض شخصية من قبل المتنافسين على المواقع السياسية،حيث يجني رجال السياسة نتائجها فيما تعود على المواطنين بالوبال ،وتنشأ كثيرا من الصراعات القبلية نتيجة للسياسات الحكومية الغير مقنعة للجماهير ،وكمثال على ذلك ماحصل بين قبائل الهوسا واليوروبا في ولاية أوجون Ogun،والتي عرفت بأزمة شاجامو Shagamu،وكذلك ما وقع بين الإيبو والهوسا في ولاية كانو Kano ([37]).
2-الصراعات الدينية:كثير من الصراعات التي صنفت من قبل وسائل الإعلام على أنها دينية ،هي في الحقيقة غير ذلك تماما ،فوجود أتباع ديانة معينة ضمن أطراف الصراع لا يعني بالضرورة أن الصراع ديني،وإنما يقحم الدين في هاته الحالات لإحياء خلافات قديمة ،ثم أن الصراع لا يقتصر على إتباع الأديان المختلفة فحسب ،وإنما يتواجد أيضا بين أتباع الملة الواحدة والدين الواحد ،ففي مناطق الشمال الغربي يوجد صراع بين كل ما هو تقليدي وما هو حذاثي ، بين قيم التخلف وقيم التقدم ،وهذا ما يؤدى في غالب الأحيان إلى ظهور كتل إثنية تقحم السياسة في الدين ،أو الدين في السياسة ،مما ينتج عنه إنتشار اللاتسامح الديني بين أفراد القبيلة الواحدة ([38]).
3-البطالة في وسط الفئات الشابة:يسود التشاؤم أوساط الفئات الشابة في نيجيريا ،نتيجة لظروفهم الإقتصادية السيئة وإنتشار البطالة في أوساطهم ،وصعوبة الحصول على مناصب شغل نتيجة لتفشي الفساد والمحسوبية على نطاق واسع،وهذا الوضع المشين يجعل منهم فريسة للإستعمال في أغراض سيئة ،كأن يجندهم زعيم قبلي ،أو ديني ،أو رجل سياسة من أجل الضغط على منافسيه،مقابل بعض الأموال ،أو الوعود التي غالبا مالا تتحقق([39]).
4-وضعية المرأة:يبلغ معدل الخصوبة لدى النساء في نيجيريا 2.38 %،أي أنهن يضفن إلى سكان نيجيريا سنويا قرابة 3.7 مليون مولود جديد يموت منهم 10 %نتيجة الظروف الصحية للأم ،أو الظروف المعيشية للعائلة ،ويعاني 39 %من الأطفال حديثي الولادة من سوء التغدية وإنخغاض الوزن ،ويبلغ متوسط عمر المرأة في نيجيريا 47 سنة([40])،تعاني المرأة في نيجيريا وضعا مأساويا ،إنعكس في شكل حالة من القلق الدائم داخل الأسرة،أمام صعوبات تعليم الأطفال وتربيتهم ،وهو ما يجعلهم أكثر ميلا إلى العنف في المستقبل، نتيجة القهر الذي عاشوه في طفولتهم،فكثير من النساء يتزوجن قبل البلوغ ،ويحرمن من التعليم نتيجة للعادات والتقاليد المنتشرة في أغلب مناطق نيجيريا ،وتضطر أخريات إلى إمتهان البغاء بغية إعالة أولادهن ،بعد وفاة الأزواج في الحروب والصراعات الإثنية ([41]).
5-إنهيار القيم الإجتماعية:لقد أدى إنتشار العنف في المجتمع النيجيري ،وتفشي الفساد والشحن الطائفي ،إلى إنهيار الكثير من القيم الإجتماعية التي شكلت إلى وقت قريب ضمانة أخلاقية للسلوك القويم ،وساهمت في خلق جو من التعايش في فترات معينة من التاريخ النيجيري،لكن الاحدات التي عاشتها وتعيشها نيجيريا منذ الإستقلال إلى يومنا هذا ،أدت إلى تراجع دور القيم ،من جيل إلى جيل ،وأنتهت إلى حالة من الفوضى الأخلاقية ،إنعكست سلبا على الوطن والمواطن،فالسرقة مثلا كانت فعلا مذموما مقززا فيما مضى ،لكنها تحولت على شكل من أشكال البطولة والنجاح حين يتعلق الأمر بالمال العام ([42]).
6-الأحقاد والظغائن:في مراحل الصراعات الإثنية المبكرة وقبل تصاعد الصراع وتفجره تلعب العوامل الشخصية مثل الأحقاد والضغائن عاملا حاسما ،مرتكزة على تاريخ الصراع بين مختلف الأطراف ،وهنا تلعب الذاكرة دورا مهما في الصراعات ،فكل موقف صراعي يستدعي موقفا مشابها بأسبابه ونتائجه،مما حول النزاعات في نيجيريا إلى مايشبه التنافس في مرحلة ذهاب ومرحلة عودة ،وهكذا دواليك ([43]).
خامسا:طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في نيجيريا
لا يختلف إثنان في أن القبائل المسلمة ؛والقبائل المسيحية في نيجيريا هي قبائل أصيلة ،إستوطنت تلك الديار منذ مئات السنين،ولها تاريخ طويل من العلاقات الإجتماعية والسياسية ،والتي تميزت بالتوتر تارة وبالسلام تارة أخرى ،لكن الحديث عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في نيجيريا ،يحيلنا إلى منطقة جوس حيث البؤرة الرئيسبة للعنف بين الإثنيتين ،وحيث تبرز طبيعة العلاقة بينهما جلية للعيان، فلقد تميزت العلاقات بين المسلمين والمسيحيين خلال فترة الإستعمار وبعدها بكثير من الشكوك والريبة المتبادلة بينهم،فبينما ينظر المسلمون إلى المسيحيين على أنهم تعاونوا مع الإستعمار البريطاني ضدهم خلال الحكم الإستعماري ،وإستفادوا من مزايا كثيرة ،تتمثل في التعليم والصحة ،وحصولهم على وظائف أهلتهم للسيطرة على دواليب الدولة بعد الإستقلال ،يتهم المسيحيون المسلمين بالسيطرة على الجيش والحكم عن طريق الإنقلابات العسكرية ،مما سهل عليهم التحكم في السلطة والإقتصاد من خلال السيطرة على موارد البترول المتواجدة في مناطق مسيحية،بالإضافة إلى أن كلا المجموعتين تدعيان أن دينهما هو دين السلام ،ولكن الحقيقة أن السلام لم يتحقق بينهما يوما ،إذ وخلال الأربعون سنة الماضية ،لا تكاد تمر سنة من دون تسجيل ضحايا من الطرفين ،ينتمون في الغالب إلى الطبقات المسحوقة التي لا تعي في أبجديات الخلاف بينهما شيئا.ولم تسجل خلال فترة الإستقلال أي محاولات جادة للتقريب بين المجموعتين ،رغم تنصيب العديد من اللجان المشتركة ،وتنظيم الكثير من اللقاءات بين الزعماء الدينيين ،إلا أن نتائج الحوار لم تتجسد أبدا ،وذلك يعود إلى فساد الطبقة السياسية ،وأجهزة الدولة ،وغياب الشفافية ،وتفشي ظاهرة تسييس الدين ،وتفشي الأمية بين أفراد غالبية الشعب النيجيري([44]) .
إستراتيجية الدولة النيجيرية لإحتواء الصراعات
لقد إتسمت ردة فعل الدولة النيجيرية تجاه حالة الصراعات الإثنية التي تهدد إستقرارها ،بتفاوت واضح بين إستعمال سياسة الإخضاع بالقوة إلى سياسة الإضعاف عبر تشتيت الأقاليم ،ويتجلى ذلك مند حرب بيافرا ،حيث تصرفت الدولة بصفتها تمثل الأغلبية مع الإنفصاليين بإعتبارهم أقلية وفق نمودج الإخضاع ثم التشتيت والإضعاف فيما بعد،فزيادة عدد الولايات ومجالس الحكم المحلي لم تات في سياق تطور طبيعي لحجم المهام الملقاة على عاتق تلك الولايات ،بقدر ما هي جزء من إستيراتيجية شاملة لإحتواء العنف الإثني ،والمحافظة على وحدة الدولة النيجيرية،بالإضافة إلى كل ذلك حاولت الدولة النيجيرية القضاء على مسببات العنف ،بالإستجابة المتعددة الجوانب وفي جميع المجالات وتتلخص تلك الإستجابة في :
أولا-الحل الأمني Security solutions:غالبا ماكانت ردة فعل الحكومة النيجيرية ،إزاء مشكلة العنف والصراعات الإثنية،هي ردة فعل عنيفة قوامها القوة الأمنية دون سواها،مثل هذا السلوك لم يفلح في القضاء على الصراعات ومحاصرتها،ولا في معالجة أسبابها ،ولم تسع الحكومة إلى محاولة التقريب بين الأطراف المتصارعة ،والمساعدة في خلق جو من التوافق والتسامح والصلح بينها،فلقد حاولت الشرطة النيجيرية الإستجابة الجدية لظاهرة العنف وحالات اللاأمن ،إلا أن محدودية تدخلاتها وفشلها في تحقيق الأمن شجع ظاهرة إنتشار الأسلحة بين تلك الجماعات،فالأولوية هنا قبل التحدث عن أي دور لقوات الشرطة،هي التحكم في إنتشار السلاح ([45]).
ثانيا-تقديم المعونات Relief solutions:تقوم الحكومة الفدرالية وحكومة الولايات بتقديم الإسعافات للمتضريين من أعمال العنف التي تتفجر بين الحين والآخر ،وهو ما خلق أزمة نزوح داخلي من مناطق النزاعات ،وفاقم الضغوط على كثير من الولايات ،وخلق أجواء من الفوضى الناجمة عن سوء توزيع تلك المؤونات على الضحايا ،ووقوعها بين أيدي الجماعات المسلحة ،ومن جانب آخر عمدت الحكومة الفدرالية إلى تهيئة الظروف السياسية والمالية لعودة النازحين من قبيلة الباسا Bassa إلى بيوتهم في ولاية نازاراوة Nasarawa،إلا أنهم عادوا إلى النزوح مرة أخرى نظرا لتجدد أعمال العنف وما يصاحبها من قتل ونهب وإغتصاب([46]).
ثالثا-الحل السياسيPolitical Responses:لقد كان تنصيب لجان تحقيق فدرالية وولائية لدراسة التجاوزات الحاصلة وتحديد أسبابها والمتسببين فيها ،مثالا على العمل المشترك والمنسق بين مستويي الحكم في نيجيريا،وكثيرا ماكانت تلك اللجان تصدر توصيات هامة ،إلا أنها لا تجد طريقها إلى التطبيق والتجسيد ،نظرا لتواطؤ الكثير من الجهات الأمنية والقضائية ،وخضوعها لسلطة الزعامات القبلية والدينية،وعدم موضوعية النتائج المتوصل إليها وإنحيازها ،مما يؤدي إلى تجريم الضحايا وتبرئة الجناة،وما إنشاء ولايات جديدة ومجالس حكم محلي، وقرى جديدة إلا خطوة في إتجاه البحث عن تمثيل أكثر واقعية لكل الجماعات الإثنية،كما لجأت الحكومة الفدرالية إلى توظيف الكثير من أفراد الجماعات القليلة العدد ،والمضطهدة في الولايات ومناطق الحكم المحلي في مختلف المؤسسات العمومية سواء على مستوى الولايات، أو على المستوى الفدرالي ،وكل ذلك بحثا عن توازن ما بين تلك الجماعات ([47]).
رابعا-الحل الإقتصاديEconomic solutions:إن إمكانية التخفيف من مظاهر العنف ومحاصرتها، وبالتالي التحكم في الصراعات الإثنية عن طريق إنتهاج حلول إقتصادية تبقى بعيدة عن تحقيق الأهداف المرجوة نظرا لتعاظم المطالب الإقتصادية للسكان وتزايد حاجياتهم الأساسية ،بالنظر إلى كثرة عدد السكان وإنتشار الفقر والبطالة ،وهي المشاكل التي تتطلب وقتا طويلا لحلها ،وفي هذا الصدد لجأت الحكومة بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية ،لتطويرالقطاع الزراعي ،وتحسين أحوال سكان الريف،وكذلك وضع إستيراتيجية وطنية للتمكين الإقتصادي والتنمية ،أما على مستوى الولايات فقامت بوضع إستراتيجية للحد من الفقر الريفي وهذا ضمن رؤيا شاملة للوصول باقتصاد نيجيريا في آفاق 2020 م إلى المراتب العشرين الأولى على المستوى العالمي،ولتحقيق هذا الهدف تطمح الحكومة النيجيرية إلى تحقيق نمو إقتصادي سنوي يتراوح بين10-13%،وذلك من خلال زيادة الإنتاج الزراعي ،وتطوير البنى التحتية وراس المال البشري ،وإصلاح نظام ملكية الأراضي وتحقيق الأمن الغذائي،والأمن البشري ،وتكريس حكم القانون،وتسوية الأزمات الداخلية ومنها أزمة دلتا النيجر ([48]).
خامسا-الحل الإجتماعيSocial Responses:لقد عملت الحكومة الفدرالية على تحسيس المؤسسات والشركات الإقتصادية ،خاصة تلك الوطنية منها بضرورة المساهمة في المساعدة في إيجاد حلول إجتماعية تساعد الطبقات الأكثر تهميشا على تحسين ظروف معيشتهم،غير أن هذه المحاولات لم تقنع مدراء تلك الشركات بالمساهمة في أي إستيراتيجية حل خوفا من عواقب ذلك على مستقبل شركاتهم التي قد تجد نفسها متورطة بشكل أو بآخر في تلك الصراعات ([49]).
سادسا: دورالمنظمات غير الحكومية في حل الصراعات في نيجيريا
بالإضافة إلى جهود الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات الرامية إلى القضاء على أسباب العنف الإثني ،من خلال المعالجة المتعددة الجوانب ،تقوم المنظمات غير الحكومية النيجيرية(فعاليات المجتمع المدني) بجهود جبارة من أجل نشر التسامح وإشاعة ثقافة الحوار والعيش المشترك.
1-دور الزعماء التقليديين والوساطة
Role of Traditional Rulers and Mediation
توجد في نيجيريا الكثير من الزعامات الدينية والثقافية والقبلية التي تتمتع بالتقدير والإحترام لدى عامة الشعب، وهي قادرة على لعب دور بارز في حل الكثير من النزاعات ،والتوسط لتحكيم الخلافات التي تنشأ بين مختلف الجماعات الإثنية ،وكثيرا ما نجحت في نزع فتيل الكثير من الصراعات التي كانت على وشك الإنفجار ([50]).
2-دور المنظمات الطلابية والشبابية
لقد لعبت المنظمات الطلابية والشبابية دورا فاعلا في تأجيج العنف، من خلال الإنحياز إلى أحد أطرافه ،تحت العناوين الدينية والإثنية والقبلية ،وهي قادرة اليوم على لعب دور فعال في الحد من العنف والتحريض عليه ،والإنخراط في مسار التحكم فيه ،وتدليل الصعوبات التي تقف حائلا أمام الوصول إلى حلول دائمة، وذلك من خلال النشاطات الثقافية، والرياضية والجلسات الحوارية بين مختلف الشباب المنتمي للجماعات الإثنية المختلفة ([51]).
خاتمة
تعتبر الهوية الإثنية في نيجيريا من أكثر الهويات تركيزا لمقومات الإثنية ، فغاليا ما نجد للقبيلة لغة ودين وتاريخ وثقافة وإقليم جغرافي ،ولهذا فكل التطورات التاريخية للجماعات الإثنية ساهمت في بروزها أكثر ،ولم تشفع قرون من التعايش المشترك في الوصول إلى إنتاج قيمة مشتركة تجمع مختلف الجماعات الإثنية في نيجيريا ،وإن كان لا بد من ترتيب العناصر الفاعلة في تحديد الذات الإثنية لكل مجموعة فإن القبيلة تأتي في المقام الأول لتليها بقية العناصر كاللغة والدين،ومنه تأتي طبيعة الصراعات التي تنشأ بينها وتتغذى على الإختلافات الموجودة بينهم ، ومن دراستنا للصراعات الإثنية في نيجيريا يمكن إستنتاج ما يلي:
-تلعب القبيلة دورا بارزا في جل الصراعات في نيجيريا والتي تنشأ بسبب التنافس السياسي والإقتصادي والإجتماعي ،وعليه فالقول بأنها صراعات دينية هو رأي فيه كثير من التجني على الدين الذي أقحم كغطاء لصراعات قبلية بإمتياز .
-مازالت الإجراءات المعتمدة من قبل الحكومات الفدرالية بعيدة عن تحقيق السلم والتعايش بين الجماعات الإثنية وبخاصة بين الجماعات الشمالية المسلمة والجماعات الجنوبية المسيحية والوثنية.
[1]-Abdul Raufu Mustapha,Ethnic Structure, Inequality and Governance of the Public sector in Nigeria,op cit.p5
[2]- دراسة عن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين جمهورية مصر العربية و دولـة نيجيريا خلال الفترة من1999 إلى الستة أشهر الأولى2004 ،متوفرعلى الرابط: www.tas.gov.eg/NR/rdonlyres/.../nigeria.dochttp://،تاريخالزيارة13/04/2011،الساعة:16:25.
[3]-Guy Nicolas, Géopolitique et religions au Nigeria,op cit ,p92
[4]-Ann. Géo.,vol 105, no 588, 1996, p205.
[5]-Alexandra Geiser, Nigéria Mise à jour, mars 2010, Organisation suisse d’aide aux réfugiés OSAR, Berne,2010,p2
[6]-F.G. Dreyfus , Religion et Politique en Afrique subsaharienne, Géostratégiques n° 25, oct 2009,p59
[7]-Ignatius Akaayar Ayua et autre ,op cit.
[8]-Federal Government of Nigeria,Strategic Conflict Assessment, Nigeria Consolidated Report ,Institute for Peace and Conflict Resolution, October 2002.
[9]-الخضر عبد الباقي محمد،"المواجهات في نيجيريا، الأسباب والحلول المقترحة"،مركز الجزيرة للدراسات،متوفر على الرابط:http://aljazeera.net،تاريخ الزيارة21/3/2010م،الساعة9:37
[10]-نفس المرجع
[11]-نفس المرجع.
[12]-سي أن أن العربية،"سلطان سوكوتو: العنف في نيجيريا تحركه دواع سياسية"،متوفر على الرابط:
http://www.CNNArabic.com تاريخ الزيارة 14/07 2011/، الساعة 22:01
[13]-Ignatius Kaigama,Religious conflict in Nigeria, CAFOD (the official Catholic aid agency for England and Wales),available at :http://www.cafod.org.uk/Religious conflict in Nigeria - CAFOD.htm,visited sep15/2011.at 23:56.
[14]-المتحدث باسم الفاتيكان،" العنف ضد المسيحية ليس لأسباب دينية"،المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير،متوفر على الرابط:http://www.tanseerel.com،10مارس 2010،الساعة:14:35
[15]-إبراهيم زكزكي،"الصراعات في نيجيريا صراعات سياسية وليست دينية"،متوفر على الرابط:http://www.alalam.ir/detail.aspx?id=94855،تاريخ الزيارة:19/08/2011،الساعة:01.23
[16]-EFEURHOBO DAVIS AND MGBONYEBIVOKE CHARLES, THE CONCEPT OF SECURITY OPERATIONS IN NIGERIA, NIGERIA DEFENCE ACADEMY ANNUAL CONFERENCE, DELTA STATE,Nigeria,pp1-13.
[17]- ibid.
[18]-Cia,The online Factbook,op cit.
[19]- Federal Government of Nigeria,Strategic Conflict Assessment,op cit.
[20] -ibid.
[21] -ibid.
[22]-الحسبة: هي جماعات إسلامية تنشط في ولايات الشمال التي تطبق الشريعة الإسلامية،يقودهم رجال دين مسلمين ،للمزيد حول الموضوع ،أنظر:
Alexandra Geiser, Nigéria Mise à jour, mars 2010, Organisation suisse d’aide aux réfugiés OSAR , Berne, le 12 avril 2010,pp13-14.
[23]-الباكاسي بوي:هم مجموعة من حوالي 500 شخص مسلح ،تشكلت سنة 1999 م،لضمان الأمن في كثير منمدن ولاية أبيا abia،للمزيد أنظر :المرجع السابق.
[24] -Laurent Fourchard et autres, Le Nigeria sous Obasanjo. Violences et démocratie,op cit,p14-15
[25] -ibid
[26] -ibid
[27] -ibid
[28]-ibid
[29] -ibid
[30]-الصندوقالدوليللتنميةالزراعية(IFAD)،"تمكين فقراء الريف في نيجيريا من التغلب على الفقر" ،ايطاليا ،ماي 2006.
[31] -ibid
[32]-Philippe Sébille-Lopez , HYDROCARBURES ET GEOPOLITIQUE AU NIGERIA, Géopolia, Sao Paulo, 9 septembre 2009,p3
[33]-ibid
[34]-ibid
[35]-ibid.
[36]-ibid
[37]-ibid
[38]-ibid
[39]- ibid
[40]-OGUNLEYE-ADETONA,HUMAN RESOURCES AND ECONOMIC DEVELOPMENT IN NIGERIA, Clarion University of Pennsylvania, Clarion, Pennsylvania, Journal of Sustainable Development in Africa,Volume 12, No.3, 2010,p206
[41]-ibid
[42]-ibid
[43]-ibid
[44]-Babatomiwa Moses Owojaiye, Factors Responsible for Muslim-Christian Unrest in Nigeria, Christianity In Africa,available at : http://pentecostalmovement.wordpress.com,visited14/sep/2011 at 20:45
[45]-Federal Government of Nigeria,op.cit
[46] -ibid
[47] -ibid
[48]-الصندوقالدوليللتنميةالزراعية(IFAD)،"تمكين فقراء الريف في نيجيريا من التغلب على الفقر" ،مرجع سابق.
[49]-Federal Government of Nigeria,op.cit
[50]-Roger Blench,Selbut Longtau ,Umar Hassan and Martin Walsh,The Role of Traditional Rulers in Conflict Prevention and Mediation in Nigeria ,DFID, Nigeria, 09 November 2006.15-25
[51]-Federal Government of Nigeria,op.cit