عبدو مخلوف عضو فعال
تاريخ الميلاد : 28/06/1991 العمر : 33 الدولة : الجزائر عدد المساهمات : 153 نقاط : 447 تاريخ التسجيل : 08/11/2012 الموقع : abdouoppj@yahoo.fr العمل/الترفيه : طالب + ممارسة الفنون القتالية
| موضوع: عنوان المداخلة: الإصلاح الإداري و أهميته في القضاء على التسيب والفساد الإداري و تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة الخميس ديسمبر 13, 2012 8:53 pm | |
| عنوان المداخلة: الإصلاح الإداري و أهميته في القضاء على التسيب والفساد الإداري و تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة
من إعداد: د/ نوري منير: أستاذ محاضر ،نائب العميد المكلف بالدراسات وشؤون الطلبة لكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير جامعة حسيبة بن بوعلي بالشلف-الجزائر أ/بارك نعيمة : أ/ بن داودية وهيبة أستاذ مساعد مكلف بالدروس، بكلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير ،جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف-الجزائر- :naimauniver8@yahoo.fr / naimabarek@yahoo.com البريد الالكتروني الفاكس: 0021327721977 عنوان العمل:جامعة حسيبة بن بوعلي حي السلام ص,ب151 الشلف –الجزائر
مقدمة: في ظل المتغيرات الهائلة التي شهدتها دول العالم في القرن العشرين والتي استمرت أكثر حدة وزخما في القرن الحالي, فان الإصلاح الإداري أصبح متطلبا ملحا من اجل القضاء لعلى الفساد والتسيب الإداري وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للدولة, وخاصة لبلدان العالم الثالث التي تعاني من الكثير من المشاكل التي يمكن أن تعزى في نهاية المطاف إلى قصور الإدارة. إن قراءة متأنية وموضوعية للواقع الإداري في العالم على المستويات كافة تدل بوضوح لا لبس فيه على صحة هذا التحليل . أولا/ مفهوم الفساد والتسيب الإداري: يعرف البنك الدولي الوجه الخاص بالفساد على انه إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص ،فالفساد يحدث عندما يقوم الموظف بقبول أو طلب أو وكلاء أو وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشاوي الاستفادة من سياسات أو إجراءات للتغلب على منافسين وتحقيق إرباح خارج إطار القوانين كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استعمال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة . ويرمي التعريف إلى نقطتين أساسيتين هما: - دفع الرشوة والعمولة إلى موظفين والمسئولين في القطاع العام والخاص لتسهيل عقد الصفقات وتسهيل الأمور لرجال الأعمال والشركات الأجنبية . - وضع اليد على المال العام والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأقارب في الجهاز الوظيفي وفي قطاع الأعمال العام والخاص أما حسب البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة فان الفساد هو إساءة استعمال القوة العمومية أو المنصب أو السلطة للمنفعة الخاصة ،سواء عن طريق الرشوة أو الابتزاز أو استغلال النفوذ أو المحسوبية أو الغش أو تقديم إكراميات للتعجيل بالخدمات أو عن طريق الاختلاس. ويرى صندوق النقد الدولي مفهوما أخر للفساد حيث يرى انه علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استنتاج الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو لمجموعة ذات العلاقة بالآخرين. وحسب دانيال برتواز من الناحية التقنية الفساد هو الفعل القائم على تقديم الوعد أو على إعطاء منحة ما لموظف ما أو مدير مؤسسة عامة بحيث يقوم هذا الأخير بالإخلال بواجباته حيال المجتمع الذي يمثله أما المفسد فهو ذلك الذي يعد المنحة أو يقدمها بينما الفاسد هو الذي يخول واجباته وعليه تظهر الصلة بين الوعد بالمنحة والإخلال بالواجبات. يعرف الفساد الإداري بأنه سلوك بيروقراطي منحرف يستهدف تحقيق منافع ذاتية بطريقة غير شرعية وبدون وجه حق. واحد تعريفات الفساد الأكثر تفصيلا هو استخدام المنصب العمومي لتقنين مكاسب خاصة ويشمل ذلك الرشوة و الابتزاز وهما ينطويان بالضرورة على مشاركة طرفين على الأقل ويشمل أيضا أنواعا أخرى من ارتكاب الأعمال المحظورة التي يستطيع المسئول العمومي القيام بها بمفرده ومن بينها الاحتيال والاختلاس. أما التسيب الإداري فهو إن التخلف في كثير من دول العالم هو تخلف أداري قبل كل شيء سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.فالإدارة الجديدة تترك أن طباعات قوية في أعمال الدولة ومدى نجاحها والتقدم الذي تحرزه في مختلف الأنشطة التي تمارسها ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلي الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا فالتطور الحاصل فيها يرجع إلي التقدم الإداري .فالإدارة في هذه الدول تتميز بالدقة والمرونة التي تصاحب مختلف الأعمال والمعاملات التي تقدم إلى الموظفين فيها ، وبالتالي فمن الضروري التركيز على هذه الناحية ألا وهى الناحية الإدارية في الدول من أجل الوصول ألي المستوى المطلوب الذي يؤوله كل مواطن فأي إهمال في الإدارة يؤدى ألي التسيب الإداري . التسيب الإداري أرتبط في الإدارة بمسألة الغياب و التأخير عن العمل ويشمل التسيب الإداري العديد من الممارسات السلبية للموظف أثناء تأدية مهامه الرسمية مثل الهروب من أداء الأعمال والمعاملات المختلفة وكذلك عدم المسؤولية والوساطة في إنجاز الأعمال واستغلال المركز الوظيفي والإهمال الواضح في العلاقات العامة بالإضافة ألي انعدام الحوافز المادية والمعنوية التي تجعل الموظفين يقبلون على أعمالهم بجدية .ويمكن تعريف التسيب الإداري بأنه ( إهمال الموظف للواجبات المنوطة به والمنصوص عليها في القوانين واللوائح والقرارات التي تنظم الوظيفة العامة بشكل يؤدى إلى مردود سلبي على الإنتاجية وسير العمل ) .وقد ساهم في ظاهرة التسيب الإداري وارتفاع معدلاتها ترك الأفراد لأماكن العمل أثناء ساعات الدوام الرسمي بسبب اضطرارهم للخروج ألي الأسواق ومراكز التوزيع لتلبية حاجاتهم الضرورية التي تلزم المواطن بالحصول عليها.وكذلك عدم بقاء الأفراد ذوى المراكز في مناصبهم لفترة تمكنهم من إثبات جد وتهم وخبراتهم بحيث تسمح لهم بإنجاز الأعمال المناط بها إليهم وكذلك عدم وضع الفرد المناسب في المكان المناسب .مظـاهـر التسيب الإداري :من أهم مظاهر التسيب الإداري هي: أولاً/ الغياب : يمثل الغياب أهم مظهر من مظاهر التسيب وقد يتخذ أكثر من صورة ويتم لأكثر من سبب وما أكثر الأسباب التي تؤدى ألي غياب الموظف ومن صورة مثلاً : عدم حضور الموظف أصلاً لمقر عمله أو حضوره لغرض التوقيع في سجل الحضور والانصراف ثم الخروج وعدم العودة إلا في اليوم الموالي ، وقد يخرج من مكتبه إلى مكتب آخر في نفس المصلحة ، وهناك العديد من الوظائف التي تتطلب وفق طبيعتها مغادرة المكتب ألي مكتب آخر وإلى مصلحة أخرى ذات علاقة بإنجاز العمل .وفى جميع المواقف التي سبق الإشارة إليها نجد أن العمل المطلوب لا ينجز ويؤدى الغياب ألي تراكم الأعمال شيئاً فشيئاً ويترتب على ذلك العلاقة السيئة بين المواطن والمصلحة حيث يشعر المواطن بأن أحداً لا يهتم بتقديم الخدمة المناسبة له وتدب الكراهية بينه وبين الموظف ويبحث بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة على الطريقة التي تؤدى ألي حصوله على الخدمة المطلوبة حتى ولو أدى إلى دفع الرشوة أو اللجوء ألي المعارف والأصدقاء وأخيراً الأجهزة المسئولة ذات العلاقة .ومن جهة أخرى يؤدى الغياب ألي مزيد من الغياب في حلقة مفرغة دائرية لانهاية لها ذلك أن المواطن الذي يتردد على مكتب ولا يجد الموظف المختص به قد يكون هو الآخر موظف هناك من يتردد على مكتبه في غيابه ، وهكذا فإن كل موظف غائب يكون سبب في غياب موظف آخر في حلقة لانهاية لها . أما أسباب الغياب فهي عديدة متنوعة لعل أهمها عدم توفر وسائل المواصلات في الزمان والمكان المحددين أو حدوث توعك صحي للموظف أو أحد أفراد أسرته أو الغياب المفاجئ لأسباب تتعلق بحالات وفاة أحد الأصدقاء أو الأقارب ،أو الحاجة للتردد على المؤسسات الرسمية كالمصالح الشعبية الرسمية والأسواق وفروع المنشآت الإنتاجية والمستشفيات والمدارس .. وغيرها من المؤسسات التي يرتبط دوامها بالدوام الرسمي للدولة ويضطر الموظف ألي مغادرة مكتبه إذا كانت له حاجة للتردد عليها .كان الغياب بأوجهه المتعددة موضع اهتمام مستمر من قبل الجهات المسئولة بالجماهيرية " حيث صدرت العديد من المناشير عن اللجنة الشعبية العامة للرقابة الإدارية تجتهد في التقليل من هذه المشكلة ،كذلك عن طريق حملات الرقابة التي يقوم بها أعضاء الرقابة باستمرار على المصالح الإدارية المختلفة وتسجيل أسماء الموظفين المتغيبين واتخاذ إجراءات جزائية بشأنهم مثل الإنذار والخصم . ورغم كل المحاولات التي بذلت لعلاجه إلا أنها لم تأتى بنتيجة ، فالظاهرة مازالت متشعبة في هذا المجتمع. ثانيا/ ماهية الإصلاح الإداري 1- مفهوم الإصلاح الإداري: نتيجة تضاعف المؤسسات العامة وعدد الوظائف والموظفين أصبح جهاز الإداري لبعض الدول يواجه الكثير من المشكلات التخطيطية والتنظيمية والتنفيذية مما جعله غير قادر على تلبية مستلزمات التطور الجديد ومتطلبات التنمية الاقتصادية وتبرز عوامل الإصلاح الإداري فيما يلي: - تدني كفاءة الاقتصاد عن المنافسة خارجيا - قصور الأداء الحكومي في تحديث الإدارة - انتشار الفساد والفوضى - تراجع المستوى المعيشي للمواطنين والإصلاح الإداري والإصلاح الاقتصادي عملية متواصلة ومستمرة تمليها متغيرات الحياة لذا يجب مكافحة الفساد الإداري من خلال مايلي: - الشفافية والعلانية في عمل مؤسسات الدولة - المساءلة القانونية الصارمة للقائمين على إدارة شؤون الدولة.
2- معوقات الإصلاح الإداري: تقف أمام عجلة الإصلاح الإداري عدة معوقات وخاصة في الدول النامية وهي تأخذ عدة ارتباطات منها: - معوقات إداري ( القيادات الإدارية المؤهلة،فقدان الابتكار،عدم وجود خطط شمولية،تفشي البيروقراطية......) - معوقات اجتماعية ضعف وعي لمواطن،عدم احتضان العقول والخبرات وتراكمها..........) - معوقات مرتبطة بالموارد البشرية عدم ربط الأجور بالإنتاج والمجهود والمجهود،انتشار الفساد الأخلاقي والإداري....) - معوقات مرتبطة بالموارد المادية عدم توفر الموارد المالية الضرورية ،عدم تشخيص أولويات العمل التنموية بدقة.............) - معوقات مرتبطة بالتشريعات تشريعات قديمة،ضرورة إصدار قوانين جديدة تنسجم مع التطورات العالمية وتسايرها) - معوقات متعلقة بالأسلوب العلمي المتبع في الإدارة وضعف الرقابة وعدم فعاليتها،ضعف أنظمة الحوافز ،ضعف العلاقات العامة والاتصال.......) المعايير الإستراتيجية العامة للأداء الإصلاحي العام لا يمكن إنجاز عملية الاصلاخ المنشودة بنجاح دون أن تكون الجهود الإصلاحية محصورة ضمن إطار معين له سماته ومعاييره الخاصة المقيمة للأداء الإصلاحي العام. وأبرز هذه المعايير هي: 1- دوره في بناء البنية التحتية الأساسية واللازمة لتنشيط الاستثمار وتفعيل معدلات النمو. وهذا هو المعيار الأهم والمحرك الأفضل لعملية البناء والتطوير. فقد تكون المشاريع خاسرة (مشاريع النقل الداخلي) أو قد لا توفر الكثير من فرص العمل (مراكز الأبحاث المختصة) لكنها جميعا ضرورية لا غنى عنها لتنشيط معدلات التنمية الاقتصادية. 2- دوره في إرساء قواعد الاقتصاد المعرفي عبر نقل وتوطين المعرفة والاستثمار المركز في أحدث التقنيات الصناعية بهدف الاستفادة منها من قبل الجميع. يجب على الدولة أن تتحدى قطاعها الخاص وتدفعه إلى الأمام وتكون السباقة في اقتناء التقنيات العصرية ومواكبة الحداثة. 3- دوره في وضع أحدث المعايير القياسية للإدارة والأداء والجودة وتطويرها باستمرار وفرضها على القطاع الخاص عبر المنافسة. يجب على المؤسسات الحكومية الخدمية والإنتاجية أن تشكل أمثلة حية ناجحة يحتذي بها للإدارة الفعالة للموارد وأساليب الإنتاج وأن تعمل جاهدة على تطويرها المستمر ليستفيد منها القطاع الخاص في تطوير أدائه التنافسي. 4- الابتعاد التام عن المشاريع الاقتصادية العادية (اللاستراتيجية أو غير الحيوية) حتى عندما تكون تلك المشاريع رابحة (صناعات الكترونية-غذائية) والتركيز على المشاريع الإستراتيجية الضخمة الحيوية والتي قد لا ت غري القطاع الخاص كثيرا لكلفها العالية وضعف جدواها الاقتصادية (مرافق عامة, مستشفيات, صناعات بترو كيماوية, نقل داخلي ... الخ) لكنها تصب في خانة تطوير البنية التحتية الاستثمارية. إن ذلك يزيح الكثير من الأعباء الإدارية والمالية عن كاهل الدولة ويجعلها مهتمة أكثر بالقضايا الاجتماعية الملحة وبالتحديث. فالدولة يجب ألا تكون غارقة في النشاط التجاري والصناعي فذلك ي نشط الفساد الاداري ويحو ل موظفيها إلى تجار متضاربي المصالح مما ي عوق الاستثمار الخاص ويحرف الدولة عن أولوياتها في خدمة المصلحة العامة بأحدث الوسائل. 5- نبذ الاحتكار وتشجيع المنافسة فانعدامها داخل السوق المحلية يشكل أحد أهم معوقات تطور الأداء الإنتاجي والإداري والتسويقي مسببا بذلك الخسائر لدى العديد من الشركات الحكومية المحتكرة. ويعد الاحتكار من أخطر الجرائم الاقتصادية التي يعاقب عليها القانون في الدول المتقدمة. ولا يوجد ما يفسر التمسك بالاحتكار سوى الخوف من التطور والمنافسة. 6- ضمان حد أدنى مقبول من الملكية العامة. ويمكن بسهولة تحقيق ذلك حتى مع إتباع خطوات إصلاحية جذرية تطول الشكل القانوني والعقائدي للقطاع العام. فيمكن للدولة أن تحتفظ مثلا بنسبة لا تزيد عن 60% ولا تقل عن 25% من ملكية أسهم الشركات الواجب تخصيصها. كما يمكن لها أن تحتفظ بكامل الملكية مع حصة من الإرباح ضمن عقود تأجيرية محددة الأمد. ولا يمكن للشركات الحكومية أن تستمر وفق الهيكليات القانونية والإدارية الحالية ولا بد من إعادة النظر في أنظمتها القانونية وعلاقاتها الحكومية لضمان استقلالية إدارية مرنة غير مقيدة وذات صلاحيات واسعة. 7- دوره في رفع المستوى المعيشي لعامليه وتحديث موجوداته (التحديث الداخلي الشامل). حيث تقع على كاهل القطاع العام مسؤوليات مضاعفة لكونه يمثل الدولة ومصداقيتها الاجتماعية. لذا فعليه الاهتمام بالنوعية بدلا من الكم ية حين يتعلق الأمر يشوون الأفراد وفرص العمل والمحافظة على موجوداته وأصوله وطرق تطويرها. فعوضا عن ضخ الأموال في مشاريع جديدة تزيد من الأعباء المالية والإدارية وتضاعف من حجم المشكلات الموجودة, ت ضخ هذه الأموال في المشاريع الموجودة أصلا لتضاعف الرواتب وت زيد الحوافز وتمول أنشطة التدريب المهني والتأهيل وتقل ص من حجم البطالة المقنعة وتعيد الحياة إلى الصيانة الدورية وتدعم عمليات التحديث الداخلي كافة. وبالاعتماد على هذه المعايير الحديثة نرى بسهولة أنه عندما يكون القطاع العام أيديولوجيا مركزيا , يفقد مصداقيته ويعجز عن خدمة أهدافه (كالتركيز على المركزية الإدارية والاستثمار المباشر بهدف خلق فرص العمل). وعندما يكون غارقا في النشاط التجاري يحيد عن أولوياته وينفي أسباب وجوده (كالتركيز على الأداء المالي واستعمال الاحتكار التجاري لتحقيق الربح). بل يجب على القطاع العام أن يهتم أولا وأخرا ببناء البنية التحتية القوية التي تستقطب الاستثمارات وتدفع النمو عبر التخلي عن التخطيط المركزي ونبذ الاحتكارية والتوقف عن التوسع الفوضوي والاهتمام بالنوعية لا الكمية. ثالثا/ مفهوم التنمية الاقتصادية: 1- مفهوم التنمية الاقتصادية: يعد مفهوم التنمية من أهم المفاهيم العالمية في القرن العشرين، حيث أُطلق على عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة فيما يُسمى بـ "عملية التنمية"، ويشير المفهوم لهذا التحول بعد الاستقلال -في الستينيات من هذا القرن- في آسيا وإفريقيا بصورة جلية. وتبرز أهمية مفهوم التنمية في تعدد أبعاده ومستوياته، وتشابكه مع العديد من المفاهيم الأخرى مثل التخطيط والإنتاج والتقدم.وقد برز مفهوم التنمية Development بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يُستعمل هذا المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان استُخدما للدلالة على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي Material Progress، أو التقدم الاقتصادي Economic Progress.وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث Modernization، أو التصنيع Industrialization.وقد برز مفهوم التنمية Development بداية في علم الاقتصاد حيث استُخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنمية السياسية: "بأنها عملية تغيير اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية"، ويقصد بمستوى الدولة الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية. إن دراسة التنمية الاقتصادية هي من الدراسات الحديثة نسبياً التي اهتم بها علم الاقتصاد بعد بدأية القرن العشرين خاصة في الدول النامية، ووجدت من المفيد أولاً أن نعرض أهم تعريف للتنمية وأشملها، لما تضمنه من عناصر مهمة في التنمية وشروط العمل والاستمرار بها وهو: (عملية يتم فيها زيادة الدخل الحقيقي زيادة تراكمية وسريعة ومستمرة عبر فترة من الزمن بحيث تكون هذه الزيادة أكبر من معدل نمو السكان مع توفير الخدمات الإنتاجية والاجتماعية وحماية الموارد المتجددة من التلوث والحفاظ على الموارد الغير متجددة من النضوب). هناك تفسيرات أخرى لمسيرة التنمية الاقتصادية فهناك من يقول إنها معنية ومهتمة بالتخصص الكفء للموارد الإنتاجية الموجودة النادرة أو المعطلة، كما إنها تهتم أيضاً بتحقيق النمو المتواصل والتنمية المستدامة عبر الزمن فضلاً عن أنها يجب أن تتعامل مع الآليات والأدوات المؤسسية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في ظل وجود كل من القطاع العام والخاص، لأن هذا ضروري لأدراك وتحقيق التحسن في مستويات المعيشة وبطريقة سريعة ومستمرة ومن ثم فإن اقتصاديات التنمية هي أعم وأشمل بكثير من اقتصاديات النيوكلاسيكية التقليدية أو حتى من الاقتصاد السياسي لأنها يجب أن تركز وتغطي كل المتطلبات الاقتصادية والسياسية والثقافية اللازمة لتحقيق التحولات المؤسسية والهيكلية السريعة للمجتمعات التي تعاني من المشاكل التنموية، وهذا يتطلب دوراً حكومياً كبيراً مع توافر درجة عالية من التنسيق في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية.
2- أهمية التنمية الاقتصادية 1. زيادة الدخل الحقيقي و بالتالي تحسين معيشة المواطنين 2. توفير فرص عمل للمواطنين 3. توفير السلع و الخدمات المطلوبة لاشباع حاجات المواطنين و تحسين المستوي الصحي و التعليمي و الثقافي 4. تقليل الفوارق الأجتماعية و الاقتصادية بين طبقات المجتمع 5. تحسين وضع ميزان المدفوعات 6. تسديد الديون أولا بأول 7. تحقيق الأمن القومي للدولة . رابعا/ الإصلاح الإداري للقطاع العام وأهميته في تحقيق التنمية الاقتصادية: بناء على ما تقدم يمكننا أن نحدد الخطوات الأساسية العامة لعملية الإصلاح الجذرية بما يلي: 1- الموضوعية في الفكر والتطبيق (التطوير الفكري): تعني ضرورة الابتعاد عن القيود الحزبية ونبذ المغالطات الفكرية والادعاءات الكاذبة وعدم التمسك بالنظريات المعلبة الجاهزة والأفكار المستوردة الغريبة عن ثقافتنا وحضارتنا. فالتخصيص لا يعني بالضرورة البيع بأبخس الأسعار ورمي الآلاف في الشارع بل يمكن أن يكون وسيلة فع الة لتحقيق الاستقلالية الإدارية الضرورية والتي تضمن القضاء على الكسل والفساد وت حفز على العمل والنشاط. والقطاع الخاص ليس قطاعا برجوازيا رجعيا ثانويا بل هو وطني تقدمي وأساسي في عملية النهضة. 2- الحكومة ليست فقط للقطاع العام بل هي حكومة وطنية معنية بالجميع. 3- الرأسمالية لا تعني بالضرورة الأمركة أو الخضوع لرغبات وأطماع الغرب العدواني بل هي أقدم فكر اقتصادي طورته البشرية عبر عصورها واعتمدت عليه معظم حضارات العالم ومنها حضاراتنا السامية والعربية والإسلامية. يجب علينا أن نتمسك بالمنطق ونستجيب بشفافية وذهن منفتح مستفيدين من التجارب الناجحة ومعتمدين بقوة على حرية المبادرة والعمل وتكافؤ الفرص وشمولية القانون وشفافيته. 4- تغيير الشكل القانوني القديم تغييرا جوهريا لفصل الإدارة عن الملكية وتحقيق حد مقبول من الاستقلالية الإدارية المرنة. فمبدأ الشركات المساهمة مثلا يسمح للعديد من الشركات الحكومية الصناعية أو الخدمية بأن تتحول إلى شركات تديرها مجالس إدارة منتخبة داخليا تتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية عن الحكومة التي ت عي ن عضوا منتدبا واحدا في مجلس الإدارة دون أن يكون لها الحق في فرض رئيس المجلس أو المديرين الآخرين. وينتخب مالكو الأسهم الأعضاء الآخرين في مجلس الإدارة. فمثلا توزع أسهم الشركة المخصصة على النحو التالي: 25% للدولة, 40% للاكتتاب العام, 20% للعاملين بأسعار تشجيعية تحسم من الراتب, 15% لشركة خاصة مختصة. ويتم العمل الإنتاجي والتسويقي بالتعاقد مع الوزارة المختصة والتي يمكن أن يكون لها في بعض الحالات حق حل المجلس عندما يخفق في الالتزام بالعقود والاتفاقيات الموقعة. إن ذلك الشكل القانوني حافظ على حق الدولة وفعل الملكية الجماعية وأصبح العمال من خلاله مالكين فأعطاهم أفضل الحوافز وأدخل الإدارة التنافسية الحديثة عبر الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص. وهذا التخصيص لا يعني مطلقا بيع الشركة بأبخس الأسعار كما يدعي البعض. 5- إنشاء حزمة متكاملة من القوانين التجارية الشفافة وإخضاعه التام لها, ومنها جملة القوانين التي تمنع الاحتكار التجاري وتحرم تثبيت الأسعار وعمليات الإغراق التسويقية والمتاجرة بالمعلومات الحساسة والسرية وكل ما من شأنه إلحاق الضرر بالمنافسة العادلة وبالمستهلك. إن خضوع القطاع العام للشفافية القانونية والتزامه الكلي بها يدعم بقوة المصداقية الحكومية في بناء المناخ الاستثماري المستقر. كما أصبح من الضروري الإسراع في تشريع البنية القانونية الناظمة لتداول الأسهم المالية كشرط أساسي لنجاح عمليات التخصيص وفصل الإدارة. وهناك أيضا جملة القوانين المتعلقة بالإفلاس والتحكيم التجاري والرقابة المالية والضريبية وقوانين المصارف والشركات المساهمة. 6- التوقف عن التوسع العشوائي الفوضوي للأنشطة التجارية والصناعية الحكومية, والتأني في تمويل المشاريع الجديدة قبل إصلاح ما هو موجود أولا (النوعية قبل الكمية). حيث تعطى الأولوية في المشاريع التوسعية الجديدة إلى الاستثمارات والمبادرات الخاصة, وذلك لتوفير الموارد والطاقات الحكومية وحشدها نحو التحديث الداخلي الإداري والإنتاجي, كتطوير الآلات والتقنيات والاهتمام بالصيانة ورفع أجور العمال وتنمية طاقاتهم ومداركهم وإعطائهم أفضل الحوافز. ولا يوجد أبدا ما يبرر تورط العديد من المؤسسات الحكومية في أنشطة تجارية لا علاقة لها بعملها وأهدافها, كتملك الأراضي والعقارات للاستثمارات السياحية مثلا . كما أن التوسع الاستثماري الحكومي المباشر في مشاريع جديدة غير حيوية فيه تبديد للثروات وهدر للموارد دون الحصول على نتائج إيجابية تخدم المصلحة العامة, حيث إن العمالة فقيرة والبطالة متفاقمة والكلف عالية والاستنزاف المالي لا يتوقف. ولم يعد يخفى على أحد أن توسعة القطاع العام لا تخدم في الواقع إلا المصالح الشخصية الضيقة لقلة من المنتفعين عبر المناقصات والعمولات التي لا تنتهي لتخلق بذلك اقتصادا رأسماليا أسود يعيش في الظل على الفساد وغسيل الأموال. لذا فمن الواجب العمل على إقفال أبواب الفساد كافة وتوفير الموارد والثروات وتوجيهها نحو التحديث الداخلي الشامل.
التوصيات: وقصد جعل الإصلاح الإداري أنجع وسيلة للقضاء على الفساد والتسيب الإداري ارتأينا تقديم الاقتراحات والتوصيات التالية:
لابد من صياغة خطة إستراتيجية للإصلاح الإداري على مستوى المؤسسات للقضاء على الفساد. لعمل على تفعيل العلاقة بين استراتيجيات الإصلاح الإداري وتخطيط وتطوير الأداء المؤسسي . محاولة الوصول إلى آلية متناسقة لتحقيق الفهم المتناغم بين المفردات ضمن المحاور الثلاثة بما يدعم عمل كل محور وبيئته. دراسة إمكانية تكييف تجارب الدول الأخرى المتقدمة وتطويعها لخدمة أغراض الإصلاح الإداري. العمل على خلق الانسجام والتوافق بين القوانين والأنظمة المستحدثة والتي صدرت لمعالجة متطلبات التطورات الاقتصادية الحالية.
المراجع والهوامش: 1- محمد عبد الفضيل،مفهوم الفساد ومعاييره ،مجلة المستقبل العربي ،مركز دراسات الوحدة العربية العدد 309 ،نوفمبر 2004 2- وصاف سعيدي، الفساد الاقتصادي في البلدان النامية، المؤتمر لدولي حول الأداء المتميز للمنظمات 3- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،مكافحة الفساد لتحسين إدارة الحكم،شعبة التطوير الإداري وإدارة الحكم-مكتب السياسات الإنمائية ،1998 4- مازن مسلول محمد،قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة،النبا العدد 80 كانون الثاني 2006 Abramorici les jeux dipen dieu de la corruption ,le monde diplomatique n560 ;novembre 2000 .P22 5- احمد رشيد,الوجه القبيح للبيروقراطية المصرية،القاهرة مطبوعات الشعب ,ط1 ،فيفري 1976 6- Cheryl w-grayand Daniel Kaufmann corruption & development ,finance & development,march 1998,p3 7- http://www.ta9weer.com/vb/archive/index.php/t-2642.html http://www.ta9weer.com/vb/archive/index.php/t-2642.html-8 9- شارف عبد القادر –علي صادقي ,التنمية الإدارية والإصلاح الإداري مع الإشارة إلى ضرورة الإصلاح الإداري في الزائر،ورقة ضمن الملتقى الوطني الإصلاح الإداري والتنمية الاقتصادية ،المركز الجامعي خميس مليانة يومي 3 و4 ديسمبر 2006 ,فارس الشهابي، الإصلاح الإداري لا يتم إلا بالتغيير الجذري للفكر والأهداف والقوانين- 10 http://66.102.9.132/search?q cache:Y05D8k-= EuJYJ:www.mafhoum.com/press6/169E17.htm+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A&hl=fr&ct=clnk&cd=2&gl=dz كلية العلوم السياسية-جامعة القاهرة ، 11- نصر عارف ، مفهوم التنمية ، http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/mafaheem-2.asp 12- فارس رشيد البياتي، التنمية الاقتصادية سياسياً في الوطن العربي،اطروحة دكتوراه، مجلس كلية الإدارة والاقتصاد/الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك،2008،ص63-64 فارس الشهابي،مرجع سابق
| |
|