2 - العناصر الأساسية للتنمية المستدامة:
تقوم التنمية المستدامة على ثلاثة عناصر أساسية، هي: الاقتصاد والمجتمع والبيئة.
ومن الملاحظ أن هذه العناصر يرتبط بعضها ببعض، وتتداخل فيما بينها تداخلا كبيرا. فالاقتصاد أحد المحركات الرئيسية للمجتمع، وأحد العوامل الرئيسية المحددة لماهيته (مجتمع صناعي أو زراعي أو رعوي، إلخ). والمجتمع هو صانع الاقتصاد، والمُشكِّل الأساسي للأنماط الاقتصادية التي تسود فيه، اعتمادا على نوع الفكر الاقتصادي الذي يتبناه المجتمع (الرأسمالي، الاشتراكي، الإسلامي).
والبيئة هي الإطار العام الذي يتأثر بالأنشطة الاقتصادية ويؤثر فيها، كما تتأثر البيئة بسلوكيات أفراد المجتمع وتؤثر في أحوالهم الصحية وأنشطتهم المختلفة. ولذلك فإن أي برنامج ناجح للتنمية المستدامة لا بد له أن يحقق التوافق والانسجام بين هذه العناصر الثلاثة، وأن يصهرها كلها في بوتقة واحدة تستهدف الارتقاء بمستويات الجودة لتلك العناصر معا: أي تحقيق النمو الاقتصادي، وتلبية متطلبات أفراد المجتمع، وضمان السلامة البيئية، مع المحافظة في الوقت نفسه على حقوق الأجيال القادمة من الموارد الطبيعية وعلى التمتع ببيئة نظيفة. والعلاقة بين التنمية المستدامة وحماية البيئة علاقة وثيقة. وفي هذا الصدد تمثل حماية البيئة الهدف الأول في برامج التنمية المستدامة، ويرجع ذلك إلى أن البيئة هي المصدر الأساسي لجميع الموارد التي تتطلبها برامج التنمية المستدامة ومشروعاتها. والإخلال بالتوازن البيئي يؤدي إلى تدمير النظم البيئية وتدهور حالة الموارد الطبيعية (الحية وغير الحية) والتعجيل بنفاد بعضها أو إفسادها بحيث يتعذر استخدامها بشكل مناسب اقتصاديا10.
3_ التنمية المستدامة من منظور الإقتصاد الإسلامي
ورد مضمون التنمية تحت مصطلح العمارة والتعمير، يقول الله سبحانه وتعالى: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } (سورة هود، الآية: 61).
ويقول علماء التفسير إن الآية الكريمة تحث على طلب العمارة، والطلب المطلق من الله يكون على سبيل الوجوب، وفي هذه الآية دلالة على وجوب عمارة الأرض، قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لنائبه على مصر "ليكن نظرك في عمارة الأرض، أبلغ من نظرك في استخراج الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد".
وهناك مصطلح آخر هو التمكين : قال الله تعالى : {ولَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ في الأرض وجَعَلْنَا لكم فيها مَعَايِشَ } (سورة الأعراف، الآية: 10).
يرى علماء الفقه أن للتمكين معنيين:
الأول: اتخاذ قرار ومكان وموطن، الثاني : السيطرة والقدرة على التحكم، وهو يعني أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ للإنسان وضع السيطرة على الطبيعة، وطلب منا تحقيق تلك السيطرة، أو بتعبير آخر طلب منا تحقيق التكنولوجيا على اعتبار أن التكنولوجيا هي أداة تسخير الوسائل العلمية للسيطرة على الظروف الطبيعية وتوجيهها لصالح الإنسان .
وبهذا يمكن تعريف التنمية المستدامة من وجهة نظر إسلامية في التعريف التالي :
التنمية المستدامة من وجهة نظر إسلامية عملية متعددة الأبعاد، تعمل على التوازن بين أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، والبعد البيئي من جهة أخرى، وتهدف إلى الاستغلال الأمثل للموارد والأنشطة البشرية القائمة عليها من منظور إسلامي يؤكد أن الإنسان مستخلف في الأرض له حق الانتفاع بمواردها دون حق ملكيتها، ويلتزم في تنميتها بأحكام القرآن والسنة النبوية الشريفة، على أن يراعي في عملية التنمية الاستجابة لحاجات الحاضر، دون إهدار حق الأجيال اللاحقة، ووصولاً إلى الارتفاع بالجوانب الكمية والنوعية للمادة البشر11.
4 - المبادئ الإرشادية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة
يحتاج تحقيق أهداف التنمية المستدامة إلى نظام متسق يضم السياسات الاقتصادية والاجتماعية في خطة شاملة للتنمية. تضمن هذه الخطة توظيف الموارد الطبيعية ورأس المال البشري بطريقة اقتصادية لتحقيق نمو إقتصادى يهدف إلى الإرتفاع بنوعية الحياة للمواطن مع الحفاظ على نوعية البيئة ومصادرها الطبيعية للأجيال الحالية والقادمة.
فيما يلي مجموعة من المبادئ الإرشادية التى يمكن للوزارات والهيئات الإفادة منها فى تطوير سياسات فعالة لتحقيق التنمية المستدامة:12
4-1 - مبدأ التخطيط الاستراتيجي
يتطلب تحقيق التنمية المستدامة إيجاد تغييرات سياسية ومؤسسية تصمم بعناية لتلبي الاحتياجات التي تم تحديدها. ويتحقق ذلك من خلال تطبيق مبدأ "التخطيط الاستراتيجي". ويستلزم ذلك تطبيق نظم التقييم البيئي الإستراتيجي ثم التقييم البيئي التراكمى عند تحديد الأهداف، ثم تقييم الأثر البيئي لكل مشروع يقر. كما أن تطبيق التخطيط الاستراتيجي يجب أن يعتمد على المشاركة الواسعة لجميع المنتفعين ذوي الصلة لتحقيق أفضل نتائج يستفيد منها الجميع.
4-2- مبدأ بناء عملية إعداد الإستراتيجية على التحليل الفني الجيد
تعتمد الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة على التحليل الدقيق للوضع الراهن والاتجاهات المستقبلية والمخاطر المتوقعة، مع تحديد الروابط بين التحديات المحلية والوطنية والعالمية. على سبيل المثال ستدرج الضغوط الخارجية المفروضة على الدولة، الناتجة عن العولمة أو تأثيرات تغير المناخ، في هذا التحليل والذى سوف يعتمد على المعلومات الموثقة حول تغير الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية والضغوط المفروضة وكيفية الاستجابة إليها ومدى ارتباطها بأهداف ومؤشرات الإستراتيجية وسوف تستخدم القدرات المحلية والمعلومات المتاحة بشكل كامل لإجراء التحليل كما سيعكس التحليل أيضا وجهة نظر كافة الشركاء.
4-3- مبدأ وضع أهداف واقعية ومرنة للسياسة
توضع الأهداف للمساعدة في تحديد كمية وجودة المخرجات المتوقعة أو الأوضاع المرغوب فيها. تعتبر الأهداف التي يصاحبها الحوافز من أدوات تنفيذ السياسة الأكثر فاعلية وستستخدم عندما تتاح القدرة على ذلك، ستمثل الأهداف تحديا ومع ذلك فإنها واقعية ويمكن تحقيقها.
4-4 - مبدأ الترابط بين الميزانية وأولويات الإستراتيجية
لابد من إدراج الإستراتيجية في عملية تخطيط الميزانية لضمان توفير الموارد المالية لمكونات الإستراتيجية حتى تحقق أهدافها.
4-5- مبدأ السياسة المتكاملة بين القطاعات المختلفة
ستعمل اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة على دعم سياسات التنمية المستدامة وسيتم تشكيل لجان مشتركة بين الوزارات المعنية حسبما تقتضيى الحاجة لذلك وبالإضافة إلى ذلك يلزم أن تعمل السلطات المركزية والمحافظات ووحدات الإدارة المحلية على إدراج حماية البيئة والترابط الاجتماعي في جميع السياسات القطاعية. أما على المستوى المحلي فيلزم القيام بالتعديلات المؤسسية المطلوبة لتعكس احتياجات القطاعات المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة.
سيكون من مهام لجنة التنمية المستدامة التنسيق بين الإستراتيجيات والخطط والبرامج القطاعية مع أخذ البيئة والتأثيرات الاجتماعية في الاعتبار والعمل على دمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية في السياسات القطاعية مثل السياسة الزراعية والصناعية والاجتماعية وسياسة الطاقة والنقل...الخ. سوف يتم ذلك عن طريق تحليل الإطار الكلي لسياسة الدولة حتى يمكن تحديد السياسات والخطط والبرامج المختلفة ومن أمثلة ذلك:
- خطط العمل والإستراتيجيات الوطنية البيئية؛
- خطط عمل الإستراتيجية الوطنية للتنوع البيئي؛
- الإستراتيجيات الوطنية للحفاظ على البيئة؛
- الخطط الوطنية لمكافحة التصحر؛
- إستراتيجيات الحد من الفقر؛
- برامج الإصلاح الهيكلي؛
- خطط استراتيجيات التنمية العمرانية.
4-6 - مبدأ الحكم الراشد
لتحقيق التنمية المستدامة يجب أن يقوم الحكم في المستويات الوطنية والمحلية والمحافظات على الشفافية في صنع القرار ومشاركة المواطنين والمجتمع المدني في صنع القرار والمسؤولية والمساءلة والمحاسبة في التنفيذ، كما يجب أن تكون هناك أسس واضحة فيما يتعلق بتخصيص الموارد واستخدام الأموال العامة وخفض التكلفة وترشيد الإنفاق والإنتباه إلى القضايا الاجتماعية.
4-7- مبدأ رفع الوعي
يؤكد هذا المبدأ على أهمية التعليم وبناء القدرات في رفع الوعي واستيعاب كل فئات الشعب لقضايا التنمية المستدامة وزيادة الاهتمام العام بهذه القضايا ولن تتحقق التنمية المستدامة دون التعاون الفعال بين كافة فئات المجتمع.
4-8- مبدأ العدالة بين الأجيال
يجب أن تترك الثروات الطبيعية للأجيال القادمة بنفس القدر الذي تسلمت به الأجيال الحالية تلك الثروات، حتى يتوفر للأجيال القادمة نفس الفرص أو فرص أفضل لتلبية احتياجاتها مثل الجيل الحالي.
4-9 - مبدأ الحفاظ على الموارد الطبيعية
يدعو هذا المبدأ إلى ترشيد استخدام الموارد الطبيعية لضمان إستدامة التنمية بحيث تستخدم الموارد الطبيعية بطريقة تضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية القيم والمناظر الطبيعية بحيث تستخدم الموارد المتجددة بما لا يتجاوز قدرتها على التجدد، وتستخدم الموارد غير المتجددة بطريقة تضمن استمرار استخدامها على المدى الطويل بفاعلية وذلك عن طريق الاستعاضة عنها بالموارد الأخرى المتاحة أو المواد المصنعة مثل إستبدال الوقود الحجري ومصادر الطاقة غير المتجددة بمصادر الطاقة المتجددة وإستعادة الطاقة الناتجة من المخلفات.
4-10 - تغريم الجهة المتسببة في التلوث
يدعو هذا المبدأ إلى أن تقوم الجهة التي يتسبب نشاطها في إحداث ضغوط على البيئة، أو إذا أنتجت أو استخدمت أو تاجرت في المواد الخام أو المنتجات شبه النهائية أو المنتجات التي تحتوي على المواد المضرة بالبيئة، تقوم هذه الجهات بدفع رسوم مقابل تسببها في هذا التدهور. كما تتحمل التكلفة بالكامل لدرء المخاطر البيئية وعلاج الأضرار التي وقعت. هذا ويساعد فرض تكاليف التلوث على توفير حافز قوي للصناعة للإقلال أو الحد من التلوث حيث سيتضح أن تكلفة الحد من التلوث استثمار له عائد مجزى.
4-11 - مبدأ قيام المستخدم بالدفع
ينص هذا المبدأ على أن أى فرد يستخدم الموارد الطبيعية يجب أن يدفع سعر واقعي في مقابل هذا الاستخدام على أن تغطي هذه القيمة تكاليف معالجة مخلفات الاستخدام يطبق هذا المبدأ على الخدمات مثل الإمداد بمياه الشرب، وجمع مياه الصرف الصحي ومعالجتها، وجمع المخلفات البلدية والتخلص منها...الخ.
4-12- مبدأ الوقائية
تعتبر الوقاية من التلوث أكثر فاعلية من معالجة التلوث بعد حدوثه، وعلى هذا الأساس يجب تجنب الأنشطة التي تمثل تهديد للبيئة وصحة الإنسان على أن يتم تنفيذ وتخطيط كل منها بصورة تؤدي إلى:
- إحداث أقل تغيير ممكن للبيئة؛
- أقل خطورة للبيئة وصحة الإنسان؛
- الحد من الضغوط على البيئة والاستخدام الرشيد للمواد الخام والطاقة في البناء والإنتاج والتوزيع والاستخدام.
يطبق هذا المبدأ من خلال تنفيذ تقييم الأثر البيئي واستخدام أفضل الوسائل التكنولوجية المتاحة.
4-13 - مبدأ العناية بالعنصر البشري
إذا كان الإنسان المسَتخلف في الأرض أهم الموارد الطبيعية المتجددة، وهو سبب التنمية وغايتها، فإن من الطبيعي إيلاء الاستثمار في الإنسان الاهتمام الذي يستحق، وبخاصة في التعليم والتأهيل والصحة وتنظيم الأسرة ورفع مستوى الحياة، وذلك عبر ربط المسألة السكانية بعملية التنمية، وهذا يقتضي بالضرورة السعي نحو تحقيق مجتمع الكفاية والعدل والتضامن الاجتماعي، وخلق البيئة المتوازنة التي تؤمّن عدم اتساع الهوة بين مستويات دخل الشرائح الاجتماعية المختلفة. كل ذلك في إطار من القيم الأخلاقية والروحية الراقية التي تعكس روح التضامن والتكافل والتسامح واحترام حقوق الإنسان على المستويات القطرية والإقليمية والدولية على حد سواء13.
المحور الثالث: دور صناديق الاستثمار الإسلامية في تحقيق البعد الإقتصادي والإجتماعي للتنمية المستدامة
1- البعد الاقتصادي لصناديق الاستثمار الاسلامية
يتمتع الاستثمار في صناديق الاستثمار بالعديد من المزايا التي يستفيد منها المستثمر والجهاز المصرفي وكذا الاقتصاد والوطني، وهي بذلك تساهم في تحقيق البعد الاقتصادي للتنمية المستدامة في الدول التي تقوم بالاستثمار فيها، والتي تتمثل في ما يلي.
1-1- المزايا بالنسبة للمستثمرين
- الإدارة المتخصصة: تتمثل في استفادة المستثمرين من خبرات ومهارات الإدارة المحترفة التي تدير الصندوق، فصناديق الاستثمار يتولى إدارتها خبراء يتمتعون بكفاءة عالية ولديهم معرفة كافية بأحوال السوق وبالتالي يمكنهم انتقاء الأوراق المالية الجيدة التي يحقق التعامل فيها ربحا بجانب الربح الرأسمالي وهذا ما لا يتوافر للمستثمر الفرد الذي يدير أمواله بنفسه، إذ يقع على عاتقه اتخاذ قرار الاستثمار وما يتضمنه ذلك من بناء التشكيلة الملائمة، ويحتفظ بسجلات كافة المعاملات للأغراض الضريبية كما عليه أن يراقب حركة الأسعار في السوق، إضافة إلى ذلك المتابعة المستمرة من جانب المستثمر للمحفظة لتحديد درجة مخاطرها للتأكد من أنها في حدود المستوى المقبول من وجهة نظره، كل هذه المهام يلقي المستثمر بمسؤوليتها على الإدارة المحترفة التي تقوم بإدارة صناديق الاستثمار14.
- التنظيم والرقابة: تعتبر صناديق الاستثمار من أكثر الخدمات الاستثمارية تنظيمًا وخضوعًا للرقابة المركزية من قبل الدولة وهي إما المصارف المركزية وإما هيئات الرقابة على سوق المال من خلال مراقبتها للمصارف وشركات الاستثمار؛
- تنويع الأهداف: يوجد العديد من صناديق الاستثمار تختلف في أهدافها، وبذلك تلبي هدفا أو أكثر من أهداف المستثمرين، فهناك صناديق تهدف إلى المحافظة على رأس مال المستثمر، وأخرى تهدف إلى تحقيق أرباح رأسمالية، أو إلى تحقيق الدخل، وبذلك فصناديق الاستثمار تلبي رغبات مختلفة للمستثمرين؛ كما يشمل التنويع تقليل المخاطر من خلال تنويع رأس المال المستثمر على عدد كبير من الأصول التي تختلف معدلات العائد عليها كالأسهم والصكوك أو أي أصول أخرى والغرض من ذلك هو تجنب تركيز الاستثمار في ورقة مالية واحدة أو قطاع واحد مما قد يعرض المستثمر إلى خسائر كبيرة في حالة هبوط سعر هذه الورقة أو هذا القطاع.
- اقتصاديات الحجم: يمكن للمستثمرين في صناديق الاستثمار الاستفادة من الوفرة في عمولات السماسرة أو الوكالات عند شراء الصندوق للحصص الممكنة لهم، ذلك أن صناديق الاستثمار التي تتميز بكبر حجمها، عادة ما تقوم بشراء أو بيع عدد كبير من الأوراق المالية، وبالتالي فإن نسبة العمولة المدفوعة لوسطاء التداول تكون أقل من تلك التي يدفعها المستثمر الفرد15؛
- تقديم الخدمات للمستثمر: تقدم صناديق الاستثمار العديد من الخدمات للمستثمر ومنها مثلا:16
الاحتفاظ بسجلات لكافة المعاملات التي يقوم بها المستثمر خلال العام، مثل سجلات توزيعات الأرباح، والفوائد والأرباح الرأسمالية، وهي خدمة مهمة جدا للمستثمر.
ü نقل ملكية الأوراق المالية في المحفظة الاستثمارية، وتحصيل التوزيعات والفوائد المستحقة.
ü تحويل المستثمر من صندوق إلى آخر في الشركات التي تدير صناديق متعددة، وذلك حسب رغبة المستثمر.
ü إعادة استثمار التوزيعات المستحقة للمستثمر على شكل حصص إضافية في الصندوق.
ü إبداء النصح والمشورة للمستثمر خاصة فيما يتعلق بالضرائب.
1-2- المزايا بالنسبة للجهاز المصرفي
تقدم صناديق الاستثمار العديد من المزايا للجهاز المصرفي يذكر منها:17
- إنشاء أوعية استثمارية بديلة لأذون الخزينة العامة لتوظيف فائض السيولة النقدية المتواجدة لدى المصارف والناتجة عن الارتفاع الكبير في حجم الودائع المصرفية وتحويلات المغتربين الموجودين في الخارج وتوجيهها نحو الاستثمار المباشر.
- تدوير محافظ الأوراق المالية داخل المصرف بيعا وشراء بدلا من الاحتفاظ بها دون حراك، وذلك عن طريق بيع جزء منها لصناديق الاستثمار مما يوفر فرصة كبيرة لتحقيق الأرباح تنشأ من فروق تقييم الأوراق المالية التي يتم بيعها لصناديق الاستثمار.
1-3- المزايا بالنسبة للاقتصاد الوطني
تحقق صناديق الاستثمار العديد من المزايا على مستوى الاقتصاد الوطني، وتتمثل هذه المزايا في ما يلي:18
- تمثل صناديق الاستثمار إحدى القنوات لتحويل مدخرات الأفراد من أموال معطلة في الاقتصاد إلى أموال نشطة، تساهم في رفع مستوى الاستثمارات المتاحة في الاقتصاد.
- نظرا لتمتع مديري المحافظ الاستثمارية بخبرات مالية واقتصادية تدعمها الممارسات العملية والدراية الواسعة بمتغيرات السوق فإن إحدى أهم المزايا تكمن في مساعدة المستثمرين على ترشيد قراراتهم الاستثمارية مما سيرفع كفاءة الاستثمارات الوطنية.
- تساهم صناديق الاستثمار في تنشيط حركة أسواق رأس المال والمساهمة في المحافظة على توازن السوق وزيادة كفاءته من خلال التصرف الرشيد لإدارة الصندوق في دراسة وتحليل المعلومات المجمعة عن حركة السوق، وكذلك جذب صغار المستثمرين إليها كما أنها توفر الحماية لكل من الأسواق وصغار المستثمرين.
- تلعب صناديق الاستثمار دورا مهما في دعم برامج التخصيص في الدول النامية، وذلك عن طريق مساهمتها في الترويج لأسهم الشركات المتخصصة وفي المساعدة على امتصاص فائض السيولة لدى الأفراد.
- الحث على إنشاء شركات جديدة سواء شركات تقوم بإدارة هذه الصناديق أم شركات تحصل على التمويل اللازم لعملها من العمليات النهائية لهذه الصناديق وهذا يساعد على اتساع قاعدة السوق المالية بشكل عام.
2- البعد الاجتماعي لصناديق الاستثمار الاسلامية
يتمثل البعد الاجتماعي لصناديق الاستثمار الاسلامية في المساهمة في توفير الاحتياجات الأساسية للمجتمع، ومحاربة الفقر والبطالة من خلال تمويل المشروعات الحقيقية الإنتاجية التي تخلق فرص العمل وتحقق قيمة مضافة، سواء كانت هذه المشروعات كبيرة أم صغيرة أم متوسطة. والمساهمة في تمويل مشروعات الرعاية الصحية والاجتماعية، والمساهمة في التأهيل العلمي والقضاء على الأمية، وزيادة الوعي الاستثماري لأبناء المجتمع.
كما يرتبط البعد الاجتماعي لصناديق الاستثمار بالأخلاق لهذا من أهم البواعث على ظهور الصناديق الاستثمارية ذات المسؤولية الاجتماعية من جهة، هو تحقيق رغبات وتفضيلات المستثمرين التي لا تتحقق بصفة مباشرة في الأسواق، ومن أهم تلك التفضيلات ما يسمى بالأولويات الاجتماعية، إذ أن كثيرًا من المستثمرين يطمح لتحقيق أرباح، إلا أنه يرغب أن يكون ذلك مقيدًا بتحقيق أغراض دينية أو اجتماعية أو سياسية. ومن جهة أخرى هو بلوغ نتيجة أكثر قبولا من الناحية الاجتماعية، بدون إحداث اختلالات اقتصادية كلية وبيئية طويلة الأجل، أو تحطيم الانسجام العائلي والاجتماعي أو النسيج الأخلاقي للمجتمع.
ويعد الاستثمار الأخلاقي أو الاستثمارات المسؤولة اجتماعيا "مصطلح عام للاستثمارات واستراتيجيات الاستثمارات التي تأخذ بعين الاعتبار المحاولة لخلق التغيير الاجتماعي الايجابي، وتقليل الضرر البيئي ودمج الاعتقادات الدينية أو الأخلاقية، وبسبب العولمة يدرك المشاركون في سوق الأوراق المالية بأن قرارات استثماراتهم لها نتائج حول العالم، ومن الصعب اتخاذ قرار استثماري بدون امتلاك بعض التأثير على البيئة والتنمية الاجتماعية، مما يدعو إلى الموازنة بين تحقيق عائدات مالية ايجابية ومستويات منخفضة من الأضرار البيئية والاجتماعية"19.
كما أن صناديق الاستثمار الاسلامية تلتزم بأداء حق الله في المال من الزكاة، ودور الزكاة في التنمية الاجتماعية غني عن البيان، وأبسط ما يقال عنه أن الزكاة هي النتيجة الحتمية للموقف الإيجابي الذي يتخذه المسلم حيال قضية الإنتاج أو النشاط الاقتصادي النافع، فكأن إيمان المسلم لا يكتمل إلا اذا حقق انتاجاً اقتصادياً يسد حاجاته أولا ثم يزيد عن ذلك، ويتوافر فيه النصاب، ثم يزيد عن النصاب، أو يتحقق فائض من الانتاج أو الدخل. هذا الفائض هو "مطرح الزكاة". ويزيد من وضوح دور الزكاة في التنمية الاجتماعية أن "الفهم الصحيح للزكاة ليس هو مجرد سد جوع الفقير أو اقالة عثرته، وإنما وظيفتها الصحيحة تمكين الفقير من إغناء نفسه بنفسه بحيث يكون له مصدر دخل ثابت يغنيه عن طلب المساعدة من غيره، ولو كان هذا الغير هو الدولة فمن كان من أهل الاحتراف أو الاتجار أعطى من صندوق الزكاة ما يمكنه من مزاولة مهنته أو تجارته، بحيث يعود عليه من وراء ذلك دخل يكفيه بل يتم كفايته وكفاية أسرته بانتظام"20.
الخاتمة
بناء على المرجعية الإسلامية التي قامت عليها صناديق الاستثمار الإسلامية، وتصورها لدور المال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فإن دورها لا يقتصر على تحقيق مصالح مالكي الأموال، أو الالتزام بقواعد الحلال والحرام فقط، ولكن يضاف إلى ذلك ركيزة هامة، وهي مراعاة حق المجتمع في هذه الأموال. وبهذا تكون مبنية على القيم والأخلاق واحترام العاملين والبيئة وأفراد المجتمع، وتهدف إلى تقديم القيمة المستدامة للمجتمع ككل. كما أن من أهم مزايا صناديق الاستثمار الإسلامية أنها يمكن أن تكون أداة ووسيلة لتحقيق التكافل الاقتصادي بين المسلمين، وذلك بتسهيل نقل المدخرات من دول الفائض إلى دول العجز.
المراجع
1 عبد الغفار حنفي، إستراتيجية الاستثمار في بورصة الأوراق المالية، الدار الجامعية الإبراهيمية، الإسكندرية، مصر، 2007، ص45.
2 عصام أحمد البهجي، الموسوعة القانونية لبورصة الأوراق المالية في التشريعات العربية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، مصر، 2009، ص 858.[ltr]3 Taqi Usmani, Principle Of Shari'ah Governing Islamic Investment Fund, :journal Of Islamic Economics., Vol. 21 No:2. 2009 , p1[/ltr]
4 حسين حسين شحاته، منهج مقترح لتفعيل الرقابة الشرعية والمالية على صناديق الاستثمار الإسلامية، ورقة بحثية مقدمة للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي، جامعة أم القرى، المملكة العربية السعودية، 2005، ص 09.
5 عبد المجيد الصلاحين، صناديق الاستثمار الإسلامية، مفهومها، خصائصها وأحكامها، ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر أسواق الأوراق المالية والبورصات آفاق وتحديات، المؤتمر العلمي السنوي الخامس عشر، كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، دبي، الإمارات، 2007، ص4.
6صفوت عبد السلام عوض الله، صناديق الاستثمار دراسة وتحليل من منظور الاقتصاد الإسلامي، ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر الأسواق المالية الإسلامية معالم الواقع وآفاق المستقبل، كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، الإمارات، 2005، ص ص814-815.
[ltr]7 Tracey Strange and Anne Bayley, SUSTAINABLE DEVELOPMENT, Linking economy, society, environment, OECD Publishing, France, 2008, p24[/ltr]
8 منظمة الإيسيسكو، العالم الإسلامي وتحديات التنمية المستدامة، على الموقع http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Tanmoust/P5.htm ص ص 27-289 المعهد الدولي للتنمية المستدامة على الموقع http://www.iisd.org 10 محمد عبد القادر الفقي، ركائز التنمية المستدامة وحماية البيئة في السنة النبوية، الندوة العلمية الدولية الثالثة للحديث الشريف حول: القيم الحضارية في السنة النبوية الأمانة العامة لندوة الحديث، على الموقع www.nabialrahma.com ، ص 6
11منظمة الإيسيسكو، العالم الإسلامي وتحديات التنمية المستدامة، مرجع سبق ذكره، ص ص 37 -4712 أحمد السيد كردي، المبادئ الإرشادية لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة ، على الموقع http://kenanaonline.com/users/ahmedkordy/posts/12652713 فاروق فارس، الشروط الخمسة الأساسية التالية الممهدة لمفهوم التنمية المستدامة والتواصل، مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية، المجلد الخامس عشر، 1999 ، ص 15.
14 نزيه عبد المقصود مبروك، صناديق الاستثمار بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، 2006، ص ص 114-115.
15 هشام جبر، صناديق الاستثمار الإسلامية، بحث مقدم ضمن ندوة التطبيقات الإسلامية المعاصرة، الدار البيضاء، المغرب، 1998، ص6.
16 أحمد العلي، إدارة الاستثمارات والمحافظ الاستثمارية، منشورات جامعة دمشق، سوريا، 2007-2008، ص ص 142 -143 .
17غانم إياس، صناديق الاستثمار التقليدية والإسلامية ودورها في التنمية، مذكرة ماجستير في الاقتصاد المالي والنقدي، جامعة دمشق، سوريا 2009، ص30.
18 قاسم نايف علوان، إدارة الاستثمار بين النظرية والتطبيق، دار الثقافة، عمان، الأردن، 2009، ص ص 223- 224
19 محمد براق، مصطفى قمان وفتيحة نشنش، أداء صناديق الاستثمار المسِؤولة اجتماعيا وصناديق الاستثمار الإسلامية، ورقة بحثية مقدمة لمؤتمر الاقتصاد الإسلامي، الواقع ورهانات المستقبل، الملتقى الدولي الأول لمعهد العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، المركز الجامعي بغرداية، الجزائر 11-13 فيفري2011، ص ص6-7.
20 محمود الأنصاري، دور البنوك الإسلامية في التنمية الاجتماعية، على موقع الموسوعة الإسلامية www.balagh.com