المـحــور الـنـظــري
الإتحاد الأوروبي
أولاً: نشأة الجماعة الإقتصادية الأوروبية
في سنة 1944 تكون اتحاد جمركي بين بلجيكا, هولندا, و لكسمبورغ و التي تسمى بدول البينيلوكس و كانت تهدف هذه الدول إلى اتحاد اقتصادي كامل, و في 18-04-1951 تكونت المجموعة الأوروبية للفحم و الصلب مع فرنسا, ألمانيا الغربية و إيطاليا هدفها هو تنمية إنتاج الفحم و الحديد و صناعات الصلب, و يعتبر نجاحا حافزا لإبرام معاهدة روما في 25-03-1957 التي أصبحت سارية المفعول منذ 01-01-1958. لقد انتقلت الجماعة الأوروبية من 6 دول إلى 9دول ثم إلى 12دولة, و في 01-01-1995 أنظمت كل من النمسا, فيلندا و السويد و بالتالي أصبح الإتحاد يضم 15 دولة و هي: بلجيكا, النمسا, لكسمبورغ, فرنسا, ألمانيا, إيطاليا, بريطانيا, الدنيمارك, ايرلندا, النمسا, فلندا, النمسا, السويد, اسبانيا, البرتغال, و اليونان, يسهر على تنظيم و تسيير عمل الإتحاد الأوروبي خمس هيئات و هي كالتالي:
1- اللجنة الأوروبية: تهتم بالشؤون الإجتماعية و الزراعية و الصناعية و لتعليم, و هي مسئولة على عملها أمام البرلمان الأوروبي.
2- المجلس الأعلى: يهتم بجميع المشاكل الطارئة التي تحدث لدول المجموعة.
3- محكمة العدل الأوروبية: تهتم بدراسة المشاكل القانونية و الشكاوي المتعلقة بدول المجموعة.
4- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: تهتم بالدفاع عن المواطنين داخل المجموعة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان و الحريات الفردية.
5- البرلمان الأوروبي: يعتبر هذا البرلمان أكبر هيئة في المجموعة و أهمها, و يعمل على معالجة الشؤون الأوروبية التي تطرح عليه و له صلاحيات اتخاذ القرار.
ثانيا: النظام النقدي الأوروبي:
يعد الإتحاد النقدي اللاتيني الذي أنشأ سنة 1865 أول محاولة لدعم التعاون النقدي الأوروبي, و لقد كان الهدف من إنشائه هو إصلاح النظام المعدني, أما التعاون النقدي الأوروبي بشكله الحالي فقد ظهر بعد الحرب العالمية الثانية, حيث ظهر الإتحاد الأوروبي للمدفوعات سنة 1950 الذي أنهيت مهامه سنة 1958 ليحل محل الإتفاق النقدي الأوروبي.
إن حاجة الإتحاد إلى وجود وحدة تقييم بين الدول الأعضاء قام بإنشاء وحدة الحسابات الأوروبية سنة 1957 و عند إنشاء النظام النقدي الأوروبي تم تسميتها وحدة النقد الأوروبية, و هي عبارة عن متوسط مرجح لعملات الدول الأعضاء في النظام حيث حدد لكل عملة وزن نسبي, و لقد حددت معاهدة ماستريخت 1991 بعض المعايير الإقتصادية التي تمثل شروط الانضمام للعملة الأوروبية الموحدة و هي:
1- ألا يزيد معدل التضخم المحلي عن 1.5% فوق متوسط معدلات التضخم في أقل من ثلاث دول انخفاضا في معدل التضخم.
2- ألا يزيد العجز في الميزانية العامة من إجمالي الناتج المحلي عن 3% بحيث لا يزيد الدين الحكومي الكلي عن 60% من إجمالي الناتج المحلي.
3- لا يزيد سعر الفائدة الطويلة الأجل عن نقطتين فوق المتوسط أسعار الفائدة في البلدان التي تحقق أدنى معدل تضخم.
4- ألا يزيد معدل الإنخفاض في القيمة الخارجية للعملة الوطنية عن 2.25% فوق متوسط النظام النقدي الأوروبي خلال السنتين السابقتين على الانضمام للعملة الموحدة, لكن الملاحظة أنه في سنة 1991 لم تتوفر هذه الشروط سوى في دولتين هما فرنسا و لكسمبورغ, بينما وصل العجز في الميزانية في ألمانيا إلى 5% من الناتج المحلي و 10% في إيطاليا.
و في ماي 1995 قام الإتحاد الأوروبي بوضع ترتيبان عملية تساعد على تنفيذ بنود اتفاقية ماستريخت تمهيدا لإصدار الوحدة النقدية الأوروبية و هذه الترتيبات وضعت خطة من ثلاث مراحل من أجل الوصول إلى الهدف المرجو:
أ- المرحلة الأولى تبدأ هذه المرحلة من سنة 1998 و هي تقوم على إنشاء لائحة للبلدان المؤهلة للدخول في المرحلة الثالثة وفقاً لمراحل اتفاقية ماستريخت.
ب- المرحلة الثانية تبدأ من 01-01-1999 و تنتهي بإنشاء اليورو في عملة ورقية و معدنية, و ذلك في جانفي 2002 و بالتالي الاختفاء التدريجي ل ECU .
ج- المرحلة الثالثة: و يبدأ مع بداية عام 2002 و ذلك بتعميم استخدام الأوراق حيث يتم خلال ستة أشهر سحب جميع العملات الورقية و المعدنية الوطنية.
ثالثا: المشروع الأورو متوسطي
إن التعاون بين الإتحاد الأوروبي و الدول المتوسطية بدأ منذ بداية السبعينات, و لقد أعيد صياغة السياسة المتوسطية للإتحاد الأوروبي في سنة 1990, و في سنة 1995 قرر الإتحاد الأوروبي عقد مؤتمر للتعاون بين الدول المتوسطية و يأمل من هذا المؤتمر قيام شراكة فيما بين الكتلتين, عقد هذ1ا المؤتمر في 27و28-11-1995 ببرشلونة, و خلال سنة 1996 شهدت مالطا مؤتمرين متوسطين رسميين لمتابعة تنفيذ قرارات مؤتمر برشلونة و كانت المياه محور أساسيا في المؤتمرين, و تهدف الشراكة الأورو متوسطية إلى إنشاء فضاء شراكة أورو متوسطي يقوم على آليات أربع هي:
- إنشاء منطقة تبادل حرة نهاية سنة 2010.
- دعم التعاون المالي.
- تعميق التعاون الإجتماعي و الإقتصادي و العلمي.
- إجراء حوار سياسي بين الأطراف المعنية.
رابعاً: الهيكل التنظيمي للأورو
تم إنشاء البنك المركزي الأوروبي في شهر جويلية من العام 1998 ليحل محل مؤسسة النقد الأوروبية, التي قامت بالعمل التحضيري جنبا إلى جنب مع النظام الأوروبي للبنوك المركزية الذي يشمل على البنك المركزي الأوروبي و البنوك المركزية الوطنية الخمسة عشر للبلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي, و نظام الأورو توجهه اثنان من هيئات اتخاذ القرار في البنك المركزي الأوروبي هما: المجلس التنفيذي و مجلس المحافظين.
و تتمثل المهمة الرئيسية للمجلس التنفيذي الذي يتكون من رئيس و نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي, و أربعة أعضاء آخرين في تنفيذ السياسة النقدية وفقا للتوجيهات و القرارات التي ينفذها مجلس المحافظين, عن طريق إعطاء التعليمات للبنوك المركزية الوطنية, و بالإضافة إلى ذلك فهو المسؤول عن إعداد السياسة النقدية الموحدة و تحديد التوجيهات الخاصة بتنفيذها, المجلس التنفيذي و محافظي البنوك المركزية الوطنية للبلدان الإحدى عشر بمنطقة الأورو, و لكل عضو صوت واحد.
و يمكن أن يشترك رئيس مجلس الإتحاد الأوروبي و عضو من اللجنة الأوروبية في الإجتماعات, غير أنهما لا يملكان الحق في التصويت. إن التصويت على القرارات التي تؤثر على مراكز البنوك المركزية الوطنية باعتبارها حاملة لأسهم النظام الأوروبي للبنوك المركزية, يتم ترجيحها بنصيب كل بنك مركزي وطني في رأس مال البنك المركزي الأوروبي.
و طالما لا تشترك كل الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي في منطقة الأورو فإن المجلس العام (الهيئة الثالثة لإتخاذ القرارات في البنك المركزي الأوروبي) سوف يوجه النظام الأوروبي للبنوك المركزية .[1] و يتكون هذا المجلس من رئيس و نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي و محافظي البنوك المركزية الوطنية لكل البلدان الخمسة عشر الأعضاء
خامسا: أهداف و مهام من نشأة الأورو
تمثل لائحة النظام الأوروبي للبنوك المركزية جزءاً لا يتجزأ من معاهدة ماستريخت (الموقعة في شهر فيفري من العام 1996), و تنص المادة الثانية من هذه اللائحة على أن الهدف الرئيسي للنظام الأوروبي للبنوك المركزية يتمثل في المحافظة على استقرار الأسعار, و دون الإخلال لهذا الهدف, فإنه يدعم السياسات الإقتصاديةالعامة للجماعة بهدف الإسهام في تحقيق هدف المجموعة ... و يعمل النظام الأوروبي للبنوك المركزية وفقا لمبدأ اقتصاد مفتوح يتميز بالمنافسة الحرة, و يدعم التخصيص الفعال للموارد..."[2]
ترتبط الأهداف الأساسية لنظام الأورو ارتباطا مباشرا بتحقيق الإستقرار الإقتصادي و هي تتألف من تحديد و تنفيذ السياسات النقدية لمنطقة الأورو و حيازة و إدارة احتياطات أجنبية رسمية لبلدان الإتحاد الأوروبي المشتركة, و تعزيز العمل السلس لنظم الدفع, و الإسهام في الإدارة السلسة لسياسات السلطات المسؤولة عن رقابة الحيطة المالية للمؤسسات الائتمانية و استقرار النظام المالي. بالإضافة لهذا فإن لنظام الأورو وظائف استشارية مهمة فيما يتعلق بالتشريع الجديد على مستوى الإتحاد الأوروبي و على مستوى الوطن ضمن نطاق صلاحياته.
و تضمن المادة 07 من معاهدة ماستريخت و المادة 7 من لائحة النظام الأوروبي للبنوك المركزية, استقلال البنك المركزي الأوروبي و البنوك المركزية الأوروبية, و أعضاء هيئات اتخاذ القرار فيها في ممارسة سلطاتها و تنفيذ واجباتها, و ذلك حتى تضمن الهيئات اتخاذ القرار استقلالية و مصداقية بالنسبة لمؤسستهم.
و البنك مرتبط بالتزامات عديدة بإبلاغ البيانات, فأولاً: يجب أن ننشر كل أسبوع بيانا ماليا موحداً لنظام الأورو, و ثانياً, يجب أن يصدر و ننشر تقارير فصلية حول أنشطة نظام الأورو, و ثالثاً, يجب أن يعد تقريراً سنويا عن السياسة النقدية و الأنشطة الأخرى لنظام الأورو ليعرضه رئيس البنك المركزي الأوروبي على البرلمان الأوروبي.
كما يصدر رئيسه بصورة منظمة بيانات عامة يعرض فيها قرارات مجلس محافظي البنك, كما ينشر البنك المركزي الأوروبي أيضاً تقييماً تفصيلياً للتطورات الإقتصادية في منطقة الأورو, و أخيراً, يدعى رئيس البنك المركزي الأوروبي إلى اجتماعات مجلس وزراء الشؤون الإقتصادية و المالية و التابع للإتحاد الأوروبي, كما جرت مناقشة الأمور المتعلقة بأهداف و مهام النظام الأوروبي للبنوك المركزية و نظلم الأورو.
سادساً: أدوات السياسة المالية في إطار الأورو:
تحت تصرف نظام الأورو مجموعة متنوعة من الأدوات لتنفيذ السياسة المالية, و لتوجيه السيولة في سوق المال و إدارة معدلات الفائدة قصيرة الأجل, فإنه سوف يستخدم عمليات للسوق المفتوحة يتم من خلالها توفير السيولة للنظام المصرفي مقابل ضمانات ملائمة, و بالإضافة إلى هذا, سوف يسمح تسهيلان دائمان للأطراف المقابلة المؤهلة بأن تستثمر فوائض سيولتها اليومية, أو بأن نغطي احتياجاتها السريعة من السيولة.
و يمكن إجراء عمليات السوق المفتوحة في شكل معاملات عكسية, و معاملات خالصة, و إصدار شهادات ديون و مبادلات صرف أجنبي, و جمع ودائع الأجل الثابت, و يستهلها البنك المركزي الأوروبي, غير أنه يتم تنفيذها عادة من خلال البنوك المركزية الوطنية, و توجد أربعة أنواع من عمليات السوق المفتوحة:
- أولاً: يتم تنفيذ العمليات الرئيسية لإعادة التمويل كعروض أسبوعية موحدة للمعاملات العكسية الموفرة للسيولة و المستحقة كل أسبوعين, و بالتالي فإن المعدل الأسبوعي لطلب العروض متغير رئيسي يومي نظام الأورو للجمهور من خلال إشاراته إلى سياسة نقدية .
- ثانياً: يتمثل هدف عمليات إعادة التمويل الأطول أجلاً و التي يتم تنفيذها لعروض شهرية موحدة للمعاملات العكسية الموفرة للسيولة و المستحقة كل ثلاثة أشهر في تحقيق احتياجات إعادة التمويل الإضافية الأطول أجلاً للنظام المالي.
- ثالثاً: سوف يتم تنفيذ عمليات الضبط الدقيق باعتبارها تحتاج إلى تحقيق تأثير الصدمات غير المتوقعة في سيولة سوق المال على أسعار الفائدة .
- رابعاً: يمكن أن يصدر نظام الأورو شهادات دين و ينفذ معاملات عكسية أو خالصة كلما رغب في تصحيح الوضع الهيكلي لنظام الأورو إزاء القطاع المالي.
و التسهيلان الدائمان هما تسهيل الإقراض الحدي و تسهيل الودائع, و بمبادرة منهما يمكن أن تستخدم الأطراف المقابلة التسهيل الأول للحصول على قروض من البنوك المركزية الوطنية مقابل أصول مقبولة.
و يحدد نظام الحد الأدنى من الإحتياطي غرضين أساسيين:
* الإسهام في استقرار أسعار الفائدة في سوق المال.
* خلق طلب هيكلي كاف على أموال البنك المركزي.و تستقر أسعار الفائدة عن طريق السماح للمؤسسات الإئتمانية باستخدام إجراءات السعر المتوسط, و يتم تأمين طلب هيكلي ملائم على أموال البنك المركزي عن طريق تطبيق نسبة احتياطي قدرها 2% على إلتزامات محددة للمؤسسات الإئتمانية.[3]
الجزء التطبيقي: تأثير الأورو على الجزائر
لقد أدخل الإتحاد الأوروبي مفهوم الشراكة في تعامله مع الدول المتوسطية بدل مفهوم التعاون الذي كان سائداً في سنوات السبعينات, هذه الشراكة بلورها مؤتمر برشلونة الذي أنعقد سنة 1995, و الذي يهدف إلى إنشاء منطقة تبادل حر, العمل على تنمية اقتصاديات الدول المتوسطية...إلخ.
و بما أن الجزائر تعتبر أحد الدول المتوسطية فقد شاركت في مؤتمر برشلونة كملاحظ لكن بدخول الألفية الثالثة وقعت على إتفاق الشراكة بالأحرف الأولى بعد أن أنظمت إليها تونس و المغرب و العديد من الدول العربية المتوسطة.
أولاً: اتفاق التعاون بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي(26-04-1976)
تحتل الجزائر مركزا خصوصيا إزاء المجموعة الأوروبية منذ بداية التسعينات حيث أنه في بداية ظهور الجماعة الأوروبية كانت الجزائر تستفيد من كل التفضيلات الجمركية, لكن بعد هذه الفترة قررت بعض الدول الأوروبية العظوة و خاصة إيطاليا بشكل فردي رفض متابعة منح أفضليات المجموعة للمواد الجزائرية الزراعية, و هذا ما جعل الجزائر تقرر انطلاقا من سنة 1972 فتح مفاوضات مع المجموعة الأوروبية قصد الوصول إلى إتفاق الطرفين في إطار السياسة المتوسطية للمجموعة و تجسدت المفاوضات في الوصول إلى إتفاق نهائي في 26-04-1976.
ثانياً: مفاوضات الشراكة بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي
لقد عبرت الجزائر عن نيتها في التوقيع على اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي حيث حظيت بكرسي الملاحظ تجسيداً لنيتها في التوقيع على الإتفاق, حيث مرت المفاوضات مع الإتحاد بمراحل صعبة تميزت بالفتور أحياناً و بالإنقطاع أحياناً أخرى, و يعود ذلك إلى أن الجزائر تحاول كل مرة أن يتفهم الإتحاد خصوصيات اقتصادها على عكس جيرانها مثل المغرب, تونس, اللتان توصلتا إلى إتفاق معه.
ففي الجولات السابقة ركزت الجزائر على ضرورة أخذ الطرف الأوروبي بعين الإعتبار خصوصيات الإقتصاد الجزائري و بنية تجارتها الخارجية المعتمدة على المحروقات بأكثر من 90%, إلى جانب تحرير المبالغ المخصصة للجزائر في إطار برنامج ميداني الذي تم إقراره خلال لقاء برشلونة سنة 1995 و المقدر ب 250مليون وحدة أوروبية, و بعد عدة جولات و بالضبط في الجولة الثامنة تخطى المفاوضون عدداً من القضايا, حيث تم التنازل عن مبدأ أو شرط خصوصية الإقتصاد الجزائري, فيما قبل الطرف الأوروبي إدراج مسألتي حرية تنقل الأشخاص و مكافحة الإرهاب ضمن إطار المفاوضات, و بعد استكمال جولات المفاوضات تم التوقيع بالأحرف الأولى على إتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي يوم 19-12-2001, بمقر اللجنة الأوروبية ببروكسل بعد مرور 4سنوات على بدء المفاوضات.
ثالثاً: آثار إتفاق الشراكة على الإقتصاد الجزائري
إن للشراكة الأورو-جزائرية آثار على المدى البعيد و المتوسط و يتمثل فيما يلي:
1- إن نزع الحواجز الجمركية يترتب عنها خسائر مالية تقدر ما بين 4.1 إلـى 7.1مليار دولار, مما يؤدي إلى تدني إيرادات الموازنة العامة للجزائر و بالتالي زيادة المديونية الخارجية.
2- إن المؤسسات الأوروبية تتميز بجودة منتوجاتها و تطبق المعايير الدولية, بينما المنتوج الجزائري لا يزال في بداية تطوره, كما أن الكثير من المؤسسات لم تحصل على شهادة مطابقة المواصفات مما سيؤدي إلى اختفاء بعض المؤسسات لعدم قدرتها على المنافسة, سوءا أن تكاليف الإنتاج كبيرة جداً مقارنة بتكاليف الإنتاج للمؤسسات الأوروبية أو من ناحية الجودة.
3- إن الإتحاد قوة موحدة عملاقة على مختلف الأصعدة, بينما الجزائر لا تتمتع بهذه القوة, إذن فالعلاقة هنا غير متكافئة لأنها تجمع العمالقة و الضعفاء.
4- إن الإتحاد الأوروبي مُصر على منطقة تبادل حرفي السلع المصنعة بحلول سنة 2010 و أن هذا الإصرار يلبي حاجاته و مصالحه في حين يتحفظ على إقامة منطقة تبادل حر تشمل منتوجات الصناعات الإستراتجية و هي منطقة تحقق مصالح للجزائر و ليس لها فقط و إنما للدول العربية المتوسطة.
5- سيتحول الإستثمار الأوروبي المباشر لشرق أوروبا المباشر بدلاً من الجزائر لأن قيام الإتحاد الأوروبي سنة 1992, كان في حد ذاته جاذبا للإستثمارات من الدول الصناعية المتقدمة و حتى الآن أخفقت الجزائر في جذب الإستثمار الخاص من الإتحاد الأوروبي.
6- تطوير وسائل الاتصال و النقل.
7- إن دخول الجزائر في الشراكة مع الإتحاد الأوروبي الذي قام بإصدار عملته الأورو و سيكون لهذا الأخير تأثيراً على الجزائر يتمثل في زيادة قدرة الصادرات الجزائرية إلى دول الإتحاد و نفاذها إلى أسواقه.
8- سيؤدي التعامل بالأورو إلى إستقرار أسعار الواردات الجزائرية من الأسواق الأجنبية و الأوروبية خصوصا.
رابعاً: ماذا يجب على الجزائر أن تعمل للتخفيف من هذه السلبيات
1- على الجزائر أن تنتهج انضباطا أكثر في سياسة الإقتصاد الكلي و ذلك من أجل جني منافع اتفاقية الشراكة.
2- يجب أن توجه اهتماماً لمسألة المياه و العمل على تحسين أجهزة تدفق المياه من السدود من أجل إيجاد توازن بين المياه اللازمة للري و تلك المتدفقة لتوليد الكهرباء.
3- على الجزائر أن تحسن النظام المالي و المصرفي و جعله أكثر مرونة و أكثر فعالية في الظروف الراهنة.
4- على الجزائر أن تطور السوق المالية و ذلك من أجل جلب الإدخار الداخلي إلى الأسواق الخارجية.
5- على الجزائر أن تحقق الإستقرار السياسي.
آثار اتفاقية الشراكة على الإقتصاد الجزائري:
هناك آثار سلبية على المدى المتوسط و حتى على المدى الطويل خاصة و أن الإقتصاد الجزائري في بداية تحرره و لا يزال يعاني من مشاكل عديدة أهمها المديونية, عدم تأهيل المؤسسات الجزائرية, عدم مرونة النظام البنكي... كل هذا يجعل من الإتفاق الموقع مع الإتحاد في غير صالح الجزائر, و يبقى الحل هو بناء إتحاد المغرب العربي.
خامساً: أثر الأورو على الإقتصاد الجزائري
تعتبر الجزائر آخر البلدان غير الأوروبية التي يرجح أن يكزن لها تعاملات كبيرة مع الأورو مستقبلاً, و يرى الإقتصاديون أن رهانات كبيرة تترصد الجزائر بتكريس السوق الإستهلاكية, بالإضافة إلى سوق العمل و الإنتاج الوطني, خاصة في ظل عدم الإنسجام بين التدفق النقدي و التجاري بين دول الأورو, و بين الدول السائرة في طريق النمو يعززه عدم توازن نقدي فرضه هيمنة الدولار الذي لا يزال يلعب دور "العملة النافذة" في الإقتصاد العالمي بوجوده في جزء كبير من الصادرات المواد الأولية و هو وضع الجزائر التي تشكل المحروقات نسبة كبيرة من صادراتها.
الرهان الأول: [4]
فيما يخص المستثمرين الجزائريين سيكسبون أشياء كثيرة بالنظر إلى التسهيلات المصرفية التي ستأتي بها هذه العملة, تعويض 12 عملة بواحدة يستغنى البنك عن العديد من التعقيدات التي يفرضها النظام القديم, و سينعكس ذلك على نوعية الخدمات المقدمة أيضا من طرف البنوك, كما أنه بدل أن يستبدل المتعامل العديد من العملات ستكون عملة واحدة, كما أن المنافسة ستكون أكثر شفافية مما كانت عليه سابقا و المحيط الإقتصادي بعد وحدة العملة يكون أنسب للجزائر للتحضير خاصة لاتفاقات الشراكة مع منظمة التجارة العالمية.
الرهان الثاني:
تأتي أكبر الرهانات بالنسبة للإقتصاد الجزائري يتمثل في حضور الدولار الأمريكي بقوة في العلاقات التجارية "التصدير خاصة" حيث تتم كلها بهذه العملة في وقت لا يتجاوزه نصيب الأورو في عمليات الإستيراد 50%, و يرى السيد "مقيدش" (عضو بالمجلس الإقتصادي و الإجتماعي) أنه بعد توجه الدول الأورو نحو مقاربة الرقم إلى الأعلى لتسهيل العمليات الحسابية قد يكون له أثر سلبي على الإقتصاد الجزائري و ذلك بتأثيره مباشرة على أسعار الإستيراد, مما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق الوطنية.
كما يعتبر في نفس الوقت أن الأورو وسيلة جدّ قوية, قد تسمح للمتعاملين الإقتصاديين من الشراء أحسن, أما فيما يخص صادرات الجزائر من الطاقة إلى أوروبا فمع توحيد العملة, ستظطر للبيع بنفس السعر لمسافات متباعدة مع تحملها الفارق.
الرهان الثالث:
و هو صراع الأورو و الدولار على الأسواق, حيث أن التحدي بالنسبة للأوروبيين على المدى الطويل هو جعل الدولار عملة نافذة كما هو الحال بالنسبة للدولار الأمريكي, لكي تصبح عملة دفع و وسيلة احتياط و لكي تصبح كذلك عملة يبرم بها الصفقات, ومن ثم تصبح الأورو عملة دولية موازية للدولار و يكون ارتباط العملات الأجنبية للدول النامية بهذه العملة, كما يكون أثره في الاندماج التجاري و المالي لهذه الدول, و في مقدمتها الجزائر, بالمقابل يزول الخطر عن هذه الدول السائرة في طريق النمو, و كحال العديد من الدول ستكون الجزائر تابعة و خاضعة للسياسة النقدية لهذه الدول, كما لا يمكن حصر هذه التبعية في النتائج الوخيمة على الإقتصاد الجزائري.