الاتحاد الأوروبي European Union (EU مجموعة من الدول الأوروبية الملتزمة بالسعي إلى تحقيق وحدة اقتصادية وتكامل سياسي وثيق. كانت تعرف سابقًا باسم المجموعة الأوروبية. أنشئ الاتحاد الأوروبي في 1 يناير 1993م.
تطور الاتحاد الأوروبي من التعاون الاقتصادي الذي بدأ بين الدول الأوروبية الغربية في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين. وقد تعاونت هذه الدول في نهاية الأمر في الشؤون الاقتصادية بوصفها أعضاء في المجموعة الأوروبية. وفي عام 1993م، سعت دول المجموعة الأوروبية الاثنتا عشرة ـ التي أصبحت الآن أعضاء في الاتحاد الأوروبي ـ إلى توسيع مجالات التعاون لتشمل تطبيق العدالة والشؤون الداخلية، بالإضافة إلى تبني سياسة خارجية وأمنية موحدة. تُعنى العدالة والشؤون الداخلية بالتعاون في مجالات مثل تطبيق القانون وسياسات الهجرة؛ بينما تُعنى السياسة الخارجية والأمنية الموحدة بالمسائل العسكرية ومسائل السياسة الخارجية الأخرى. تسمى مجالات التعاون الثلاثة في بعض الأحيان، أعمدة الاتحاد الثلاثة.
تكونت المجموعة الأوروبية من ستة أعضاء أساسيين: بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبرج وهولندا وألمانيا الغربية. وقد انضمت كل من الدنمارك وأيرلندا والمملكة المتحدة إلى المجموعة عام 1973م. وانضمت اليونان بدورها عام 1981م، أما أسبانيا والبرتغال فقد انضمتا عام 1986م. وانضمت كل من النمسا وفنلندا والسويد إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1995م. وأسفر الاستفتاء الذي أجري في النرويج عام 1994م، عن رفض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
في بداية عام 2004م. كان أعضاء الاتحاد قد وافقوا على انضمام عشر دول إلى الاتحاد الأوروبي بحلول شهر مايو 2004م وذلك بموجب اتفاقية كوبنهاجن التي وقعت في ديسمبر 2002م، و الدول هي: لاتفيا، إستونيا، لتوانيا، بولندا، المجر، تشيكيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، قبرص، مالطة.ووافق الأعضاء على انضمام بلغاريا و رومانيا في عام 2007م، وظلت تركيا تفاوض من أجل الانضمام إلى الاتحاد.
الدول الأعضاء* تاريخ الإنضمام الدول الأعضاء* تاريخ الإنضمام الدول الأعضاء* تاريخ الإنضمام
أسبانيا 1986 السويد 1995 اليونان 1981
ألمانيا 1957 فرنسا 1957
أيرلندا 1973 فنلندا 1995
إيطاليا 1957 لوكسمبرج 1957
البرتغال 1987 المملكة المتحدة 1973
بلجيكا 1957 النمسا 1995
الدنمارك 1973 هولندا 1957
معاهدة الاتحاد الأوروبي
حدثت أهم مرحلة في تطور المجموعة الأوروبية في ماستريخت بهولندا في 11 ديسمبر 1991م، عندما اتفق قادة الدول الأعضاء في المجموعة الأوروبية على نصوص وبروتوكولات معاهدة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الاقتصادي والنقدي. صادقت البرلمانات الوطنية في الدول الأعضاء على نصوص المعاهدة، وأصبحت نافذة المفعول في يناير 1993م. وفي عام 1995م، وقَّعت كل من السويد وفنلندا والنمسا أيضًا على المعاهدة.
الشؤون الداخلية. يسعى الاتحاد الأوروبي إلى زيادة النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء عن طريق تشجيع التجارة والاستثمار والمنافسة الاقتصادية فيما بينها.
ويشجع الاتحاد أيضًا التنمية الاقتصادية عن طريق تبني سياسات ونظم في مجالات مثل الزراعة والنقل والصحة والأمن والمقاييس الصناعية ومقاومة الاحتكار. فالسياسة الزراعية الموحدة، على سبيل المثال، تنظم أسعار السلع الزراعية، وتحدد الكمية المنتجة، وتمنح إعانات مالية للمزارعين.
تنص معاهدة الاتحاد الأوروبي على تبني سياسة خارجية وأمنية موحدة. كما تمكَّن المعاهدة الدول الأعضاء من اتخاذ قرارات موحدة في مجالات مثل تطبيق العدالة والهجرة. وتضع الضوابط للتعامل فيما يتعلق بالسياسات التي تقع خارج نطاق سلطتها. وتتطرق المعاهدة أيضًا لتنظيم المسائل الاجتماعية.
وتُعطي المعاهدة مواطني الدول الأعضاء الذين يعيشون في غير دولهم، الحق في الاقتراع والترشيح في الانتخابات البلدية والأوروبية. طلبت الدنمارك استثناءها من البند المتعلق بالمواطنة في الاتحاد.
الاتحاد الاقتصادي والنقدي. إن أهم تطور بعيد الأثر نصت عليه المعاهدة، هو ذلك المتعلق بالسعي إلى تحقيق اتحاد اقتصادي ونقدي يعتمد على عملة واحدة ترتكز على وحدة العملة الأوروبية (اليورو) التي بدأ العمل بها في 1 يناير 1999م. تعد وحدة العملة الأوروبية بمثابة سلة عملات تتكون من مقادير محددة من عملات الدول الأعضاء التي تعكس الأهمية الاقتصادية لهذه الدول. حُدد عدد العملات المشتركة بـ 12 عملة، واستُبعدت عملات كل من السويد وفنلندا والنمسا. تطلب مثل هذا التطور تبني سياسة نقدية موحدة يديرها بنك مركزي مستقل. وقد نص أحد البروتوكولات المهمة الملحقة بالمعاهدة على أن المملكة المتحدة غير ملزمة بالانتقال إلى المرحلة النهائية للاتحاد الاقتصادي والنقدي إلا بعد الحصول على موافقة منفصلة من حكومتها وبرلمانها. ونجحت الحكومة الدنماركية أيضًا في الحصول على وضع مماثل. وضعت المعاهدة بعض المعايير الاقتصادية المحددة التي ينبغي الوفاء بها. كما نصت على تحقيق الاتحاد الاقتصادي والنقدي على ثلاث مراحل. وفي 1999م، جمدت إحدى عشرة دولة من دول الاتحاد أسعار صرف عملاتها مقابل اليورو حسب أسعار السوق بصفة مؤقتة، والدول هي: ألمانيا، أيرلندا، إيطاليا، أسبانيا، البرتغال، بلجيكا، لوكسمبرج، النمسا، فنلندا، فرنسا، هولندا. ويمكن تبادل عملات دول الاتحاد الأوروبي الأربع المتبقية وهي: الدنمارك والسويد والمملكة المتحدة واليونان حسب أسعار صرف اليورو الجارية. وقد وافقت الدنمارك واليونان على الاشتراك في آلية سعر الصرف التي تمنع عملتيهما من الارتفاع أو الانخفاض بنسبة 15% من الأسعار الرسمية المعلنة. واتفقت الدول الإحدى عشرة التي وافقت على تجميد سعر عملاتها على إحلال اليورو مكان عملاتها بحلول الأول من يوليو عام 2002م.
الفصل الاجتماعي. أحد البروتوكولات المهمة في معاهدة الاتحاد الأوروبي. يُضفي الفصل الاجتماعي الصفة القانونية على الميثاق الاجتماعي الذي صادق عليه 11 رئيسًا من رؤساء دول المجموعة الأوروبية البالغ عددهم 12 رئيسًا في عام 1989م. كان الميثاق بمثابة إعلان نوايا لإعطاء مزيد من الاهتمام لمسائل العمل والعلاقات الصناعية. عارضت المملكة المتحدة الفصل الاجتماعي بدعوى أنه يؤدي إلى مزيد من البطالة في أوروبا ويجعل القوى العاملة أقل ميلاً إلى التنافس. أدى موقف المملكة المتحدة إلى تضمين الفصل الاجتماعي في اتفاقية منفصلة عن معاهدة الاتحاد عوضًا عن أن تكون جزءًا منها.
ووفقًا للبروتوكول، يمكن للدول الأعضاء في الاتحاد المصادقة على القوانين الجديدة وإقرارها. فهناك مسائل يمكن الاقتراع عليها وإجازتها بالأغلبية المشروطة مثل الصحة والسلامة، وظروف العمل، والمعلومات والاستشارات المتعلقة بالعمال، والمساواة في العمل، ودمج الأفراد المبعدين من سوق العمل. بينما تحتاج بعض المسائل الأخرى إلى المصادقة عليها بالإجماع مثل الضمان الاجتماعي، وظروف العمل لمواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد، وبعض أشكال حماية العمال، والمساهمات المالية الرامية إلى إيجاد فرص للعمل.
العلاقات مع الدول الأخرى. الاتحاد الأوروبي هو الشريك الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في الجهود المبذولة للتفاوض حول قوانين التجارة الدولية وإدارتها. يتعاون الاتحاد أيضًا مع الأمم المتحدة وبعض الوكالات الأخرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. والاتحاد الأوروبي عضو في منظمة الأغذية والزراعة العالمية، إحدى وكالات الأمم المتحدة. ويقدم الاتحاد أيضًا مساعدات اقتصادية لبعض الدول الفقيرة.
يساعد الاتحاد الأوروبي أحيانًا في التفاوض من أجل الوصول إلى تسويات سلمية بين بعض الدول المتحاربة من غير الأعضاء. وقد كونت عدة دول من أعضاء الاتحاد الأوروبي حلفًا دفاعيًا سمي اتحاد غرب أوروبا. يعمل هذا الحلف في تعاون وثيق مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي يضم في عضويته الولايات المتحدة وكندا بالإضافة إلى الكثير من الدول الأوروبية التي تشمل كل أعضاء الاتحاد الأوروبي تقريبًا.
قانون المجموعة / الاتحاد
وافق أعضاء الاتحاد الأوروبي على إسناد بعض سلطاتهم السيادية للاتحاد بغرض تحقيق حرية الحركة للناس والسلع والخدمات وإنشاء سوق موحدة. هناك مصدران للتشريع: أولي وثانوي، وكلاهما له الأسبقية على التشريعات القومية.
في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، أصبحت كل من جماعة الفحم الحجري والصلب الأوروبية والمجموعة الأوروبية للطاقة الذرية والمجموعة الاقتصادية الأوروبية، تعرف باسم المجموعة الأوروبية. جرى توسيع هذه المجموعات تدريجيًا وربطها تنظيميًا. وضُمنت التشريعات القانونية التي عدلت أو أكملت هذه المعاهدات، في القانون الأوروبي الموحد ومعاهدة الاتحاد الأوروبي. نصت هاتان المعاهدتان وتعديلاتهما على الالتزامات الأساسية للدول الأعضاء في تطوير الاتحاد. تصدر التشريعات الثانوية من مؤسسات الاتحاد، وتتخذ التشريعات القانونية أشكالاً عديدة:
اللوائح. ينبغي تطبيقها بشكل كامل وفوري في كل دول الاتحاد بصرف النظر عن موافقة أو عدم موافقة الحكومات القومية أو المجموعات التمثيلية الأخرى عليها.
التوجيهات. يجب تبنيها من قبل الحكومات القومية، التي ينبغي عليها إما أن تكيف القوانين الموجودة أو تستحدث قوانين جديدة. والتوجيهات ملزمة لحكومات الدول الأعضاء ولكنها تتميز بشيء من المرونة فيما يتعلق بكيفية تحقيق أهدافها. بمجرد إقرار التوجيه من قبل الاتحاد الأوروبي، تُعطى حكومات الدول الأعضاء مهلة زمنية محددة، ـ عادة سنتين ـ لإجراء التعديلات اللازمة في تشريعاتها.
القرارات. تستمد القرارات من تشريعات الاتحاد وتكون ملزمة فقط للدولة أو الفرد أو المؤسسة التي تُطبق عليها.
التوصيات والآراء. وهي غير ملزمة، ولكنها توفر توصية بانتهاج نمط سلوكي معين أو تعطي رأيًا عامًا حول أمر محدد.
اتفاقيات الاتحاد. وهي اتفاقيات دولية وتنقسم إلى قسمين. يحافظ بعض هذه الاتفاقيات على روابط خاصة بين بعض الدول الأعضاء وغير الأعضاء. ويمثل بعضها الآخر مرحلة أولية تسبق الانضمام لعضوية الاتحاد. فاتفاقيات التعاون المبرمة مع عدد من دول شمال إفريقيا لاهدف لها سوى التعاون الاقتصادي.
أسست اتفاقية ثالثة، المنطقة الاقتصادية الأوروبية. وتضمن ذلك قبول أغلب أعضاء اتحاد التجارة الحرة الأوروبي، لثلثي تشريعات الاتحاد. وكانت تلك مرحلة أولية تسبق الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد.
المؤسسات الحاكمة
كانت المؤسسات الرئيسية الخمس للاتحاد الأوروبي في عام 1995م، هي: مجلس الوزراء والمجلس الأوروبي والهيئة التنفيذية والبرلمان الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية.
مجلس الوزراء. يعد مجلس الوزراء الكيان المسؤول عن صنع سياسات الاتحاد. ولا يمكن للمجلس طرح مشاريع للقوانين بنفسه؛ ولكن يمكنه أن يقبل أو يرفض مقترحات الهيئة التنفيذية. قد تتطلب إجازة التشريعات، موافقة الوزراء عليها بالإجماع أو بالأغلبية المشروطة (62 صوتًا من أصل 87). وتتطلب الأغلبية البسيطة 44 صوتًا فقط ولكنها نادرًا ما تُستخدم.
يتكون المجلس من ممثل واحد لحكومة كل بلد عضو، وفي العادة يكون هذا الممثل هو وزير الخارجية. وتتعاقب الدول الأعضاء على رئاسة هذا المجلس لمدة ستة أشهر. ويعقد المجلس اجتماعاته عادة في بروكسل.
المجلس الأوروبي. المجلس الأوروبي أو "القمة"، مصطلح يستخدم لوصف اجتماعات رؤساء الدول الأعضاء التي يشارك فيها رئيس الهيئة التنفيذية. أعطي هذا المجلس رسميًا صيغة قانونية في قانون أوروبا الموحدة لعام 1986م. تعطي معاهدة الاتحاد الاقتصادي هذا المجلس، بعض المسؤوليات فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية والاتحاد الاقتصادي والنقدي.
الهيئة التنفيذية. الهيئة التنفيذية تُعد بمثابة الكيان التنفيذي والخدمة المدنية للاتحاد. والدور الرئيسي الذي تؤديه الهيئة هو التأكد من الالتزام بشروط وأحكام المعاهدات واتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المخالفين. كما أنها مسؤولة أيضًا عن طرح وصياغة مشاريع القوانين، وتنفيذ القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء، وإدارة صناديق الاتحاد الأوروبي المختلفة.
يُعد رئيس الهيئة التنفيذية الشخصية الرئيسية في الاتحاد الأوروبي. يعين أعضاء الهيئة التنفيذية بوساطة حكومات الدول الأعضاء، ولكن ينبغي عليهم العمل لتحقيق المصلحة العامة للاتحاد بأكمله دون أن يدينوا بالمسؤولية لحكوماتهم الوطنية. كما ينبغي عليهم العمل بصورة مستقلة عن المجلس الأوروبي. ويتم تعيينهم لمدة أربعة أعوام، ويرأس كل واحد منهم إدارة عامة تُعنى بمجال معين. كان عدد الأعضاء في عام 1995م، 20 عضوًا بمعدل عضوين من كل دولة من الدول الخمس الكبرى (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والمملكة المتحدة)، وعضو واحد من كل دولة من الدول الصغيرة. يقع المقر الرئيسي للهيئة التنفيذية في بروكسل وتوجد الإدارات الأخرى في لوكسمبرج.
البرلمان الأوروبي. يعمل البرلمان الأوروبي بوصفه هيئة استشارية في المقام الأول. ويناقش البرلمان مقترحات الهيئة التنفيذية ويسدي النصح لكل من الهيئة ومجلس الوزراء. أسس البرلمان الأوروبي في عام 1957 م وأسندت له صلاحيات استشارية؛ غير أن التعديلات التي أدخلت على معاهدة روما والتشريعات الأخرى، أعطته صلاحيات تشريعية ومالية محدودة. يتمثل دور البرلمان في إجازة ميزانية الاتحاد، والتعليق على مشاريع القوانين، واقتراح أي تعديلات يراها ضرورية. كما يحقق البرلمان أيضًا في الشكاوى المتعلقة بسوء الإدارة في مؤسسات الاتحاد الأخرى. أعطت معاهدة الاتحاد الأوروبي البرلمان الحق في رفض التشريعات في 14 مجالاً محددًا، تشمل التعليم والثقافة. تقوم 19 لجنة برلمانية متخصصة بإدارة أعمال البرلمان.
يضم البرلمان الأوروبي 625 مقعدًا، وتجرى الانتخابات كل خمس سنوات. يختار الناخبون في كل دولة، نسبة مئوية محددة من أعضاء البرلمان. وتتمتع الدول الصغيرة بنسبة تمثيل أكبر لكل فرد مما تتمتع به الدول الكبيرة. وهناك رئيس للاتحاد يدير جلساته. يعقد البرلمان الأوروبي 12 جلسة بكامل أعضائه كل سنة في ستراسبورج، بينما تعقد الجلسات الإضافية الأخرى في بروكسل.
محكمة العدل الأوروبية. محكمة العدل الأوروبية هي المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي. وهي مخولة بالنظر في القضايا ذات العلاقة بالقوانين التي يجيزها الاتحاد الأوروبي. كما أنها تنظر في القرارات المتخذة من قبل الهيئة التنفيذية ومجلس الوزراء وحكومات الدول الأعضاء والمنظمات الخاصة، وتقرر مدى خضوعها لأنظمة الاتحاد وقوانينه. ويمكن للمحكمة أيضًا النظر في الاستئنافات المرفوعة من الدول الأعضاء، أو من الهيئة التنفيذية، أو مجلس الوزراء، أوالمؤسسات أو المواطنين. كما تقوم المحكمة بتفسير قوانين ولوائح الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالقضايا المحالة عليها من المحاكم الوطنية. ويمكن للمحكمة أيضًا إلغاء الأحكام الصادرة عن المحاكم الوطنية. وتعد قرارات المحكمة ملزمة لكل الأطراف بما في ذلك الدول الأعضاء. وتتكون المحكمة من 13 قاضيًا يُعينون بالاتفاق بين حكومات الدول الأعضاء لمدة ستة أعوام. ويوجد مقر المحكمة في لوكسمبرج.
تشمل المؤسسات الأخرى التي كانت موجودة أصلاً قبل توقيع معاهدة الاتحاد، التالي:
محكمة مراجعي الحسابات. يوجد مقر المحكمة في لوكسمبرج، وتقوم بتدقيق حسابات مؤسسات الاتحاد للتأكد من أن معاملاتهم المالية سليمة ومنضبطة. ولها سلطة التحقيق في أي قرار تتخذه دولة عضو نيابة عن الاتحاد. ويعين أعضاء المحكمة الاثنا عشر من قبل مجلس الوزراء بعد التشاور مع البرلمان.
اللجنة الاقتصادية والاجتماعية. اللجنة الاقتصادية والاجتماعية هيئة استشارية تمثل المخدمين والمستخدمين وبعض المجموعات الأخرى ذات المصلحة المشتركة مثل اتحاد المستهلكين والمزارعين في الدول الأعضاء. تستشار هذه اللجنة في المسائل الأساسية التي تؤثر على الاقتصاد والحياة الاجتماعية.
لجنة المندوبين الدائمين للدول الأعضاء. لجنة المندوبين الدائمين للدول الأعضاء تتكون من كبار رجال الخدمة المدنية في الدول الأعضاء، الذين يقومون بمعظم العمل التحضيري لوزرائهم الذين يحضرون اجتماعات مجلس الوزراء في بروكسل.
لجنة المناطق. لجنة المناطق أسست بمقتضى معاهدة الاتحاد الأوروبي ومقرها في بروكسل. وهي تتكون من 222 عضوًا يمثلون السلطات المحلية والإقليمية، وتُستشار في شأن القرارات التي تؤثر في المصالح الإقليمية.
بنك الاستثمار الأوروبي. بنك الاستثمار الأوروبي يوفر القروض على أسس غير ربحية لتمويل المشاريع الاستثمارية، خاصة في المناطق النامية، مما يساعد على تطوير السوق المشتركة على نحو متوازن.
الميزانية
تفوق قيمة واردات وصادرات الاتحاد الأوروبي مجتمعة، واردات وصادارات أي بلد آخر في العالم. وتقوم الهيئة التنفيذية بإعداد مسودة الميزانية العامة، التي يتم إقرارها في نهاية الأمر بعد نقاش مستفيض في البرلمان الأوروبي ومجلس الوزراء. وقد أقرت مسودة الميزانية لعام 1996م، في يوليو 1995م بمبلغ 85,9 بليون وحدة أوروبية. وظلت تكلفة تمويل الاتحاد ترتفع على نحو ثابت سنة بعد أخرى. فبلغ حجم إجمالي الإنفاق في عام 1970م، مبلغ 3,6 بليون وحدة أوروبية. وارتفع إلى 72,4 وحدة أوروبية بحلول عام 1994م.
تمويل الميزانية. وضعت الدول الأعضاء حدًا أعلى للمبلغ الذي يمكن تخصيصه لأغراض تمويل الميزانية. وقد حُدد هذا السقف التمويلي في عام 1994م، بـ 1,2 % من الناتج الوطني الإجمالي للاتحاد بعد أن كان 0,74 % في عام 1970م. وارتفع إلى 1,27 % في عام 1999م.
الدخل. يتكون من الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على المنتجات الزراعية المستوردة من خارج الاتحاد الأوروبي. وقد شكل هذان المصدران نحو 21 % من الدخل في عام 1994م. وجاء باقي الدخل من إيرادات الضرائب في الدول الأعضاء، حيث زادت مساهمة ضريبة القيمة المضافة عن نصف الميزانية في عام 1994م. وجاءت بقية إيرادات الضرائب من مساهمات الدول الأعضاء كل حسب إمكاناتها.
الإنفاق. أُنفقت أكبر حصة من الميزانية في عام 1995م على القطاع الزراعي، حيث بلغت 49,3 %. بينما استخدمت ثاني أكبر حصة من الإنفاق لتحديث الهياكل الاقتصادية، وتحسين الظروف الاجتماعية في المناطق الأكثر فقرًا داخل الاتحاد.
ومن المؤمل أن تؤدي زيادة الموارد إلى خفض نسبة البطالة حسب الخطط الموضوعة.
خصص الاتحاد الأوروبي في عام 1994م، مبلغ 4,8 بليون وحدة أوروبية من الميزانية العامة، لأغراض الإنفاق على الشؤون الخارجية. استخدم هذا المبلغ بشكل رئيسي للمساعدة في تنمية دول العالم الثالث والدول الديمقراطية الجديدة في وسط وشرق أوروبا. كما وفر صندوق التنمية الأوروبي مبلغًا إضافيًا قدره 10,9 بليون وحدة أوروبية للفترة من عام 1990م إلى عام 1995م، لمساعدة 70 دولة في إفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
التعليم والتدريب
يواجه الاتحاد الأوروبي مشاكل عويصة فيما يتعلق بتمويل العناية الصحية لكبار السن، بسبب شبه الركود في الزيادة الكلية لعدد سكان الاتحاد، مقارنة بالزيادات الكبيرة في أعداد السكان في دول العالم الأخرى. فالاتحاد الأوروبي يحتاج إلى قوة عاملة على درجة عالية من المهارة والتعليم حتى يتمكن من النجاح في عالم يسوده التنافس الشديد. وبالتالي ركز الاتحاد الأوروبي اهتمامه على توفير التعليم والتدريب لمواطنيه. يشكل الشباب تحت سن 25 سنة نحو ثلث سكان الاتحاد. ويتولى الصندوق الاجتماعي الأوروبي الإنفاق على التدريب المهني، وتقديم إعانات الاستخدام الخاصة بهذا القطاع.
تهدف برامج التعليم والتدريب الخاصة بالاتحاد، إلى كسر الحواجز الثقافية واللغوية، بحيث يتسنى للناس الاستفادة من حرية التنقل، والاعتراف بالمؤهلات المهنية وغيرها، داخل دول الاتحاد الأوروبي. وقد تعاونت الدول الأعضاء لتوفير عدد كبير من البرامج التي تخدم هذا الغرض.
نبذة تاريخية
البدايات. هناك سوابق تاريخية كثيرة للتعاون الاقتصادي والاتحاد السياسي بين الدول الأوروبية. ففي عام 1921م، على سبيل المثال، قام اتحاد اقتصادي بين لوكسمبرج وبلجيكا، أدى إلى توحيد الرسوم الجمركية في البلدين.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945م، بَشَّر رجل الدولة الفرنسي جان مونيه بفكرة الوحدة الاقتصادية والسياسية المتدرجة بين الدول الأوروبية الديمقراطية، وفي عام 1951م، وقَّعت كل من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبرج وهولندا وألمانيا الغربية اتفاقية باريس، التي أنشئت بموجبها جماعة الفحم الحجري والصلب الأوروبية. وحدت جماعة الفحم الحجري والصلب الدول الأوروبية الست في سوق اقتصادية واحدة، من أجل إنتاج وتجارة الفحم الحجري والصلب وخام الحديد والحديد الخردة. وألغت جميع العوائق التي تحد من تجارة هذه السلع بين الدول الأعضاء. كما سمحت لعمال الصلب والفحم الحجري بالتنقل بحرية والعمل في أي مكان من دول المجموعة. بدأت جماعة الفحم الحجري والصلب العمل في عام 1952م.
نجحت جماعة الفحم الحجري والصلب في إنشاء أول مؤسسات حاكمة دولية في أوروبا، وسمحت حكومات الدول الأعضاء بإعطاء سلطات محدودة ولكنها مهمة لهذه المؤسسات. كما أصبح لزامًا على الدول الأعضاء الانصياع لقوانين المجموعة.
تكوين المجموعة الأوروبية. أدى نجاح جماعة الفحم الحجري والصلب إلى توقيع الدول الست الأعضاء على معاهدات روما لعام 1957م. وبموجب هذه المعاهدات أنشئت المجموعة الأوروبية للطاقة الذرية والمجموعة الاقتصادية الأوروبية. استخدمت الدول الأعضاء، المجموعة الأوروبية للطاقة الذرية لتجميع مواردها بغرض تطوير الطاقة النووية وتوظيفها في إنتاج الطاقة الكهربائية وفي الأغراض السلمية الأخرى. بينما عملت المجموعة الاقتصادية الأوروبية على توحيد الموارد الاقتصادية للدول الأعضاء. بدأت المنظمتان العمل في عام 1958م، واستخدمتا نفس الهيئات القضائية والتشريعية التي كانت قائمة بموجب اتفاقية الفحم الحجري والصلب، إلا أنه كانت لهما هيئات تنفيذية مستقلة. وفي عام 1967م، ضمت المنظمات الثلاث هيئاتها التنفيذية في هيئة واحدة. وأصبحت جماعة الفحم الحجري والصلب، والمجموعة الأوروبية للطاقة الذرية، والمجموعة الاقتصادية الأوروبية، تعرف باسم المجموعة الأوروبية.
زيادة التعاون. بحلول منتصف عام 1968م، نجح أعضاء المجموعة الأوروبية في إلغاء كافة التعرفات الجمركية التي تؤثر في التجارة فيما بينها، وفي فرض تعرفة جمركية على السلع المستوردة من بلدان أخرى. ونتيجة لذلك ارتفع حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بسرعة. وسمح إلغاء التعرفات الجمركية على التجارة داخل المجموعة الأوروبية، للدول الأعضاء بزيادة كفاءتها الاقتصادية، مما أدى إلى رفع مستوى المعيشة لدى مواطنيها بصورة ملحوظة.
وفي أوائل سبعينيات القرن العشرين، بدأت المجموعة الأوروبية في إدارة سعر الصرف لعملات بعض الدول الأعضاء مثل ألمانيا الغربية وفرنسا. وساعد إنشاء النظام النقدي الأوروبي في عام 1979م، في تعزيز جهود المجموعة الأوروبية الرامية إلى تثبيت أسعار صرف العملات.
ومع مرور الوقت انضمت ست دول أخرى للمجموعة الأوروبية. ففي عام 1973م، انضمت كل من الدنمارك وأيرلندا والمملكة المتحدة. وانضمت اليونان في عام 1981م. أما البرتغال وأسبانيا فقد انضمتا عام 1986م.
وبدءًا من عام 1989م، تخلت كثير من الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية عن الحكم الشيوعي، وأجرت انتخابات ديمقراطية وحدت من سيطرة الحكومة على نظمها الاقتصادية. ونتيجة لذلك وقَّعت المجموعة الأوروبية اتفاقيات خاصة مع هذه البلدان تتعلق بالتجارة والعون الاقتصادي والعلاقات السياسية. وفي عام 1990م، توحدت ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية، وحلت ألمانيا الموحدة محل ألمانيا الغربية في عضوية المجموعة الأوروبية.
كان التقدم نحو إنشاء السوق المشتركة محدودًا خلال الثلاثين سنة الأولى من عمر المجموعة الأوروبية. ولكن المجموعة أقرت في عام 1987م، قانون أوروبا الموحدة الذي يتطلب إنهاء كافة الضوابط الجمركية ومعظم العوائق الأخرى التي تحد من حرية حركة السلع والخدمات والعمال ورأس المال بين الدول الأعضاء. أدخل هذا القانون تعديلات بعيدة الأثر على معاهدات التأسيس. وشملت هذه التعديلات تقليص عدد المسائل التي تتطلب إجازتها إجماع الأصوات. ويعني هذا التعديل أنه لايمكن تأجيل إجازة الاقتراحات لسنوات عديدة نتيجة لاعتراض دولة أو دولتين عليها. بدأ العمل بهذا القانون اعتبارًا من 1 يناير 1993م، ولكن حتى حلول منتصف تسعينيات القرن العشرين، كانت هناك بعض الأجزاء من القانون لم يتم تنفيذها.
تكوين الاتحاد الأوروبي. في أعقاب المناقشات التي دارت في ماستريخت بهولندا في ديسمبر 1991م، اجتمع مندوبو دول المجموعة الأوروبية البالغ عددها 12 دولة، في فبراير 1992م، لتوقيع معاهدة الاتحاد الأوروبي. تنص هذه الاتفاقية التي تعرف أيضًا باسم معاهدة ماستريخت على تأسيس الاتحاد الأوروبي. كما تنص أيضًا على إنشاء الاتحاد الاقتصادي والنقدي بنهاية تسعينيات القرن العشرين.
سعت المعاهدة إلى تبني سياسة خارجية وأمنية موحدة، وإلى زيادة سلطات الاتحاد في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء. لم تكن حكومة المملكة المتحدة راغبة في الموافقة على كافة المقترحات التي تبنتها الدول الأخرى. وبالتالي فقد وصل الأعضاء إلى حل وسط، بإضافة بنود للاتفاقية توفر مخرجًا للمملكة المتحدة. وبنهاية عام 1993م، كانت كل دول المجموعة الأوروبية البالغ عددها 12 دولة، قد صادقت على معاهدة ماستريخت.
وفي عام 1994م، أصبحت المعاهدة التي تنص على إنشاء المنطقة الاقتصادية الأوروبية، نافذة المفعول.
خطط التوسع. انضمت كل من النمسا وفنلندا والسويد إلى الاتحاد في عام 1995م. ودخلت النرويج في مفاوضات من أجل الانضمام إلى الاتحاد، إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى اتفاق كامل حول بعض التفاصيل المتعلقة بحقوق صيد الأسماك والزراعة. وفي نوفمبر 1994م رفض الشعب النرويجي في استفتاء عام، عضوية الاتحاد. وفي عام 1995م، قدمت كل من قبرص ومالطا وتركيا طلبات للانضمام إلى الاتحاد. وفي عام 1998م، رفض الاتحاد قبول تركيا في عضويته. وبمقتضي اتفاقية كوبنهاجن التي وقعت في ديسمبر 2002م، وافق الأعضاء على انضمام عشر دول أخرى بحلول مايو2004، ووافقوا على انضمام بلغاريا و رمانيا في عام 2007م. وظلت تركيا تفاوق من أجل الانضمام إلى الاتحاد.