منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد امين بويوسف
عضو فعال
عضو فعال
محمد امين بويوسف


تاريخ الميلاد : 05/09/1991
العمر : 33
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 153
نقاط : 469
تاريخ التسجيل : 15/11/2012
الموقع : mamino.1991@hotmail.fr
العمل/الترفيه : طالب + لاعب كرة قدم + عاشق للفيس بوك

التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Empty
مُساهمةموضوع: التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات   التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات Emptyالسبت ديسمبر 22, 2012 6:10 pm

مقدمــة
يعد المجتمع المدني من المصطلحات التي شهدت انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة على المستوى الأكاديمي و السياسي دولياً أو محلياً، و برغم انتشار هذا المصطلح، إلا أن هناك صعوبة في تعريفه بشكل جامع مانع و ذلك نتيجة لعدة عوامل من بينها أن المجتمع المدني من المصطلحات التاريخية التي تعرضت إلى تغيرات كثيرة على مر العصور، كما أن المهتمين بمفهوم المجتمع المدني و المتحدثين عنه لديهم خلفيات و تجارب سياسية و اقتصادية و اجتماعية مختلفة مما أدى إلى فهمه و التعبير عنه بطرق متباينة.
وقد استفاد مفهوم المجتمع المدني في تطوره وانتشاره من التغيرات التي حصلت على الساحة الدولية، كان أهمها اعتناق الكثير من دول العالم للديمقراطية، واهتمام الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بدعم منظمات المجتمع المدني كأحد الوسائل الرئيسية في نشر الديمقراطية عبر العالم، كما سعت الدول غير الديمقراطية لتوظيف هذه المنظمات غير الحكومية كوسيلة للسيطرة على مختلف شرائح المجتمع ودعما لشرعية سلطتها.
وعلى الرغم من الأهمية التي اكتسبها هذا المفهوم، إلا أن الاختلافات مازالت قائمة حول تحديد المنظمات التي تنضوي تحت لواءه، وكذلك لا يزال اللبس يشوب دوره بحكم انه يحتل مكانة وسطية بين الدولة والمجتمع، حيث تجاذب مفهوم المجتمع المدني اتجاهان متناقضان: اتجاه ينظر إليه على انه وسيلة تنظيمية في يد الدولة تستخدمها في تأطير المجتمع وتوجيهه وفقا لمصالح السلطة الحاكمة، في حين نجد رأيا متطرفا آخر ينظر إلى مؤسسات المجتمع المدني وعلاقتها بالدولة نظرة تنافسية تسعى من خلالها هذه المنظمات غير الحكومية إلى اقتطاع اكبر قدر ممكن من المصالح والتنازلات لصالح أفرادها على حساب الدولة.
وموازاة مع مفهوم المجتمع المدني يعد مفهوم التنمية البشرية من المفاهيم التي رافقت تطور مفهوم المجتمع المدني حيث أصبح هذا المصطلح متداولا على جميع المتسويات سواء الخطابات الرسمية أو الأكاديمية وفي مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد حاول بعض علماء الاجتماع ربط علاقة بين مفهوم التنمية البشرية ومنظمات المجتمع المدني خاصة في ظل تراجع دور الدولة في تنظيم حياة المجتمع بفعل تنامي النزعة التحررية للفرد ومطالبته بمزيد من الحرية وعدم تدخل الدولة، وفي هذا الإطار تصب مداخلتي التي تهدف إلى تحليل علاقة المجتمع المدني بالتنمية الإنسانية ودوره في تطويرها، من خلال التركيز على الجزائر، فما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه منظمات المجتمع المدني في التنمية الإنسانية ؟ وهل ساهمت مثل هذه المنظمات في دفع عجلة التنمية في الجزائر ؟

- 1تعريف المجتمع المدني
رغم ما بات يتمتع به مفهوم "المجتمع المدني" من رواج في الخطاب الفكري والسياسي العربي، إلا انه لا يزال يمتلك معاني ودلالات مختلفة من قبل مستخدميه، فالبعض يحدده بالمنظمات والمؤسسات والهيئات التي تقام على أساس طوعي بين المواطنين خارج أطر الدولة والعائلة وعلاقات القرابة وما خارج علاقات السوق الرأسمالي، لكن هناك من يصر على وضع تشكيلات القرابة (العشيرة والقبيلة) ضمن منظمات المجتمع المدني، لأنها توفر بعض أشكال الحماية للفرد من بطش السلطة ومن تقلبات وقسوة السوق الرأسمالي، كما تستثني معظم تعاريف " المجتمع المدني" المؤسسات الاقتصادية القائمة على الربح والمتعلقة مباشرة بعمل وآليات السوق (المؤسسات الاقتصادية والمالية) من إطار المجتمع المدني، خلافا للمفهوم الكلاسيكي الذي شمل العلاقات الاقتصادية ضمن المفهوم.
كما يستثني البعض الأحزاب السياسية من تشكيل المجتمع المدني، لافتراض أنها تسعى للوصول إلى السلطة (الحكومة)، في حين يصر البعض الآخر على مركزية دورها في المجتمع المدني كونها لا تسعى إلى استلام السلطة فقط، بل لأنها تطرح برامج اجتماعية واقتصادية وتعليمية وغيرها، وبعضها أصغر من أن يأمل للوصول إلى السلطة، بل يسعى إلى التأثير على سياسة الحكومة أو الدفاع عن مصالح وتطلعات أقليات قومية أو أثنية أو دينية أو فئات اجتماعية معينة، ولهذا يستثني البعض الأحزاب الحاكمة من المجتمع المدني، ويعتبر أحزاب المعارضة من ضمنه.
كما لا يزال الجدل يدور حول ما إذا كانت التشكيلات القائمة على أساس الدين أو الطائفة أو الانتماء الأثني تشكل جزءا من المجتمع المدني أم ينبغي استثناؤها منه، فالبعض يرى أنها من صلب المجتمع المدني، باعتبارها في أحيان كثيرة، تسعى إلى التغيير والدفاع عن حقوق وتطلعات فئات واسعة في المجتمع، وتضغط على مراكز القرار، وأحيانا توجه سهامها نحو لا إنسانية السوق الرأسمالي وعجزه عن التنمية الفعلية والعادلة والمتوازنة. في حين يرفض البعض عضويتها في المجتمع المدني بحكم القيود التي تضعها على الانتماء إليها، واقترابها في هذا المجال من المنظمات الإرثية، ولكونها تتناقض مع مبدأ المواطنة الذي لا يقوم على الدين أو الجنس أو العرق أو الانتماء الجهوي أو الأثني.
لقد نتج عن هذه الاختلافات في تحديد مفهوم المجتمع المدني والمؤسسات التي تندرج في إطاره عدة تعاريف، اعتمدت على معايير مختلفة في تحديد مفهوم المجتمع المدني، مثل طبيعة العضوية، مدى استقلاليتها عن الدولة، مجال عملها واهتمامها.
فالبعض يرى أن المجتمع المدني هو ذلك المجتمع الذي يتلاشى فيه دور السلطة إلى المستوى الذي يتقدم فيه دور المجتمع على دور الدولة، بل ويذهب فريق آخر إلى حد معارضة وجود السلطة والدولة، لذا يجب تقليص دورها ليسود دور المجتمع.
وجاء تعريف للمجتمع المدني، في ندوة المجتمع المدني التي نظمها مركز دراسات الوحدة
العربية عام 1992، على انه "يقصد به المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة، في استقلال عن سلطة الدولة لتحقيق أغراض متعددة، منها أغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني والقومي، ومثال ذلك الأحزاب السياسية، ومنها أغراض نقابية كالدفاع عن مصالح أعضائها، ومنها أغراض ثقافية كما في اتحادات الكتاب والمثقفين والجمعيات الثقافية التي تهدف إلى نشر الوعي الثقافي وفقا لاتجاهات أعضاء كل جماعة، ومنها أغراض للإسهام في العمل الاجتماعي لتحقيق التنمية1".
ويعرف ستيفن فيش (Steven Fish) المجتمع المدني في دراسة "عن التحول الرابع في روسيا" بقوله: "إن مفهومي للمجتمع المدني هو مقيد على نحو معقول، انه يستبعد الجماعات والاتحادات المتعصبة والتي تسعى إلى السيطرة على الدولة وحكمها حصرا، انه يركز على الاستقلالية، وعن طريقها مستبعدا تلك المجموعات التي تتداخل والدولة، وبما يشتمل على الاتحادات الطوعية التي تعمل في إطار النطاق العام، فانه يستبعد كل المجموعات التي إما أن تكون ضيقة أو محدودة الأفق أو تقوم على معايير انتسابية أساسية، انه يشمل الأحزاب السياسية (في أنظمة حزبية تنافسية) واتحادات العمال ومجوعات المصالح وكثيرا من أنواع أخرى من المنظمات الطوعية، بما في ذلك تلك التي لا تتضمن بالضرورة أهدافا لبرالية أو لا تتمتع بحكم داخلي ديمقراطي2".
ويرى ريمون هينيبوش (Raymand A.Hinnebush) المجتمع المدني بأنه :"في إطار كونه تعبيرا أساسيا في الانتقال التعددي المستقر فإن المجتمع المدني الحيوي يتمثل في "شبكة الاتحادات الطوعية التكوين والتي تبدو مستقلة عن الدولة والجماعات الأولية ولكنها في الوقت الذي تعمل فيه على احتواء الانقسامات الاجتماعية وتشكيل منطقة عازلة بين الدولة والمجتمع فإنها تعمل على ربطها بالدولة وسلطتها3".
كما يتحدّث جون لوك عن المجتمع المدني فيقول:"وهكذا فحيث يؤلف عدد من الناس جماعة
واحدة، ويتخلى كل منهم عن سلطة تنفيذ السنة الطبيعية التي تخصه، ويتنازل عنها للمجتمع، ينشأ عندنا حينذاك فقط مجتمع سياسي أو مدني".
ويُركز الذين كتبوا عن المجتمع المدني أن هذا المجتمع هو الوجود الثالث بين الفرد والدّولة، بين الفلسفة الفردية التي تعطي مجالاً غير محدود للفرد، وبين نظريّة سيطرة الدولة، واتِّساع سلطتها ونشاطها.
وفي هذا الإطار جاء تعريف للمجتمع المدني على أنه: "مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة والتي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها، وبالتالي تحقيق مصالح المجتمع ملتزمة بقيم ومعايير الاحترام والتآخي والتسامح والتعاون والتنافس الصراع السلمي، مع توفر قيم ومبادئ العمل الإنساني والإدارة السلمية في التنوع والاختلاف، وهي لا تهدف إلى الربح ولا ترتبط بالحكومة وتتلاقى طوعيا حول مجموعة قيم ومصالح مشتركة، وتقع في موقع ما بين السلطة ومؤسساتها من جهة والقطاعات الأخرى من جهة أخرى4".
كما يعرف سعد الدين إبراهيم المجتمع المدني بأنه:"مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة، التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والخلاف5".
وتضم تنظيمات المجتمع المدني كلا من الجمعيات والروابط والنقابات والأحزاب والأندية والتعاونيات، أي كل ما هو غير حكومي وكل ما هو غير عائلي أو إرثي (من الوراثة)، وينطوي مفهوم المجتمع المدني على ثلاثة أركان أساسية:
• الركن الأول: هو الفعل الإرادي الحر، فالمجتمع المدني يتكون بالإرادة الحرة لأفراده، ولذلك فهو يختلف عن "التنظيمات العائلية" كالأسرة والعشيرة والقبيلة، ففي التنظيمات العائلية لا يملك الفرد حرية اختيار عضويته، فهي مفروضة عليه بحكم المولد أو الإرث، والمجتمع المدني يختلف عن الدولة، التي تفرض جنسيتها أو سيادتها وقوانينها على من يولدون أو يعيشون على إقليمها الجغرافي، دون
دون قبول مسبق منهم، وينضم الناس إلى تنظيمات المجتمع المدني من اجل تحقيق مصلحة أو الدفاع عن مصلحة مادية أو معنوية.
• الركن الثاني: هو التنظيم الجماعي فالمجتمع المدني هو مجموعة من التنظيمات، كل تنظيم فيها يضم أعضاء اختاروا عضويته بمحض إرادتهم، ولكن بشروط يتم التراضي بشأنها، وهذا التنظيم سواء كان رسميا أو غير رسمي هو الذي يميز المجتمع المدني عن المجتمع عموما، فالمجتمع المدني هو الأجزاء المنظمة من المجتمع العام.
• الركن الثالث: هو ركن أخلاقي سلوكي وينطوي على قبول الاختلاف والتنوع بين الذات والآخرين، وعلى حق الآخرين في أن يكونوا منظمات مجتمع مدني تحقق وتحمي وتدافع عن مصالحهم المادية والمعنوية، والالتزام في إدارة الخلاف داخل وبين منظمات المجتمع المدني بعضها البعض، وبينها وبين الدولة بالوسائل السلمية المتحضرة المستندة إلى قيم الاحترام والتسامح والتعاون والتنافس السلمي.

من خلال التعاريف السابقة نستنتج أن المجتمع المدني هو عبارة عن تنظيم طوعي مستقل عن السلطة والمجتمع، يسعى إلى تحقيق مصالح أفراده. وعليه يمكن للمجتمع المدني أن يلعب احد الأدوار التالية:
- دور منافس للسلطة أو معارض لها يسعى إلى تحقيق مصالح فئة معينة من المجتمع مثل النقابات، وهنا يصبح مفهوم المجتمع المدني مرادفا لجماعات المصالح.
- دور وسيط يحاول تقريب وجهات النظر بين الدولة والمجتمع، ويسعى إلى تهذيب علاقة المجتمع بالدولة والحيلولة دون تدهورها وتحولها إلى عنف يمارسه احد الطرفين ضد الآخر.
- أو يكون وسيلة توظفها الدولة من أجل التدخل وإدارة بعض مجالات الحياة التي تعجز الدولة التدخل فيها بصفة مباشرة، إما لكثرة انشغالات الحكومة واعتماد نظام اللامركزية في تسيير شؤون المجتمع، أو لان ميكانزمات اقتصاد السوق تمنع ذلك.
- 2نشأة وتطور مفهوم المجتمع المدني.
ظهر مفهوم "المجتمع المدني" مع نشوء الدولة القومية ونمو الرأسمالية الحديثة، وتمحور آنذاك، حول مفهوم "المجتمع البرجوازي" (كما عند هيجل وماركس)، لكنه اكتسب مدلولات جديدة مع تطور الدولة الحديثة، والتحولات في النظام الدولي، وتأثيرات العولمة الاقتصادية (الرأسمالية) والثورة في الاتصالات ونظم المعلومات. واكتسب المفهوم بعدا أيديولوجيا لربطه بالحركات التي شهدتها بلدان أوروبا الشرقية، في عقد الثمانينات، والتي توجهت نحو تقليص سيطرة الدولة على الاقتصاد والتشكيلات السياسية والحركات الاجتماعية والنقابات والاتحادات النقابية والمهنية.
وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفيتي منح المفهوم بعدا "تنمويا" من خلال منظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. فقد أصبحت تنظر إلى "المجتمع المدني" باعتباره المجال الذي يتيح إشراك المواطنين في "التنمية البشرية المستدامة" بعد أن فشلت معظم دول العالم الثالث في تحقيقها. وكان الدافع وراء إعطاء موقع خاص للمجتمع المدني في عملية "التنمية البشرية" تبني سياسة الخوصصة و"التكييف الهيكلي" – في إطار سيادة اقتصاد السوق – باعتبارها الأنجع للتنمية الاقتصادية. ومنح هذا بعدا جديدا لمفهوم "المجتمع المدني". فهذه السياسية التي روجت لها المؤسسات المالية الدولية، وخطاب "اللبرالية الجديدة" ركزت على حصر دور الدولة في تهيئة بيئة قانونية وبنية تحتية ملائمة لنمو القطاع الخاص باعتباره أداة التنمية الأساسية، مع توفير حد أدنى، بالمشاركة والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني، من الرعاية الاجتماعية للفقراء (ما يعرف بشبكات الحماية الاجتماعية)، ودخلت لاحقا مفردات جديدة على خطاب التنمية خصت بالأساس منظمات المجتمع المدني كالمشاركة والتمكين. لقد ُمنح المجتمع المدني وظيفة حماية الفرد من تعسف الدولة وسطوتها. أي منح بعدا واقيا وحاميا للفرد من تدخلات الدولة وتجاوزاتها.
يهتم المجتمع المدني في أدبيات مؤسسات التنمية بتولي وظيفة باتت شاغرة بعد انسحاب الدولة عن مهمة تقديم خدمات أساسية للمواطنين، بحكم عمليات الخوصصة وسياسة "التكييف الهيكلي" وأيديولوجية الليبرالية الجديدة. من هنا جاء مصدر الحرص على استقلالية "منظمات المجتمع المدني" عن الدولة وعن القطاع الخاص، باعتبارها تشكيلات لا تقوم على مبدأ الربح. وهذا هو أساس التعاطي معها كآليات لتوزيع وتخصيص موارد في المجتمع مختلفة ومستقلة عن كل من الدولة ومؤسسات اقتصاد السوق. وهو سر التركيز على دعم المنظمات غير الحكومية التي تقدم خدمات (صحية، وزراعية، وتدريبية وما شابهها)، والاهتمام بالمنظمات الدعوية المتوجهة إلى التثقيف بالديمقراطية وحقوق الإنسان, وهو سبب إغفال منظمات المجتمع المدني المهتمة بتنظيم الناس وتأطيرهم كالأحزاب السياسية، والنقابات والحركات الاجتماعية ذات الجذور. وهو وراء اختزال المجتمع المدني إلى منظمات غير حكومية.
دخل المجتمع المدني إلى الخطاب السياسي والفكري العربي من باب الحاجة للديمقراطية وحقوق الإنسان، أي من مدخل وضع المجتمع المدني في مواجهة الدولة (وخلق ثنائية المجتمع والدولة وعلاقة تنافر واستبعاد بينها)، وليس من مدخل إعادة تنظيم الدولة والمجتمع المدني باعتبارهما ركيزتين أساسيتين للمواطنة، ولإرساء أسس الديمقراطية السياسية والاجتماعية. فإعادة تنظيم الدولة على أساس فصل السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وتشريع حرية الرأي والتنظيم والتظاهر على أساس دستور يضمن الحريات المدنية أمور ضرورية لترسيخ المواطنة بما فيها من حقوق وواجبات. كما أن توسيع دور المجتمع المدني بما يحتويه من أحزاب ونقابات وحركات اجتماعية تستند لحرية المواطن في التنظيم والدفاع عن مصالح ورؤى وانتماءات، هو المدخل لتكريس الديمقراطية كتجسيد لتعددية المصالح والرؤى في المجتمع وحق الأحزاب والقوى المختلفة في التنافس السلمي على السلطة ومن أجل التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
وعلى الرغم من الطبيعة التسلطية التي ميزت الحكم في العديد من الدول العربية طوال تاريخها منذ الاستقلال، إلا أن الجذور التاريخية للمجتمع المدني قد ظهرت في تلك الفترة، فبعض المؤسسات المدنية وخاصة في الجزء الشمالي من الوطن العربي تعود في تاريخها إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لكنها ازدادت عددا وازدهرت في فترة ما بين الحربين العالميتين (1918-1939)، وكانت الطبقة المتوسطة الوليدة بمثابة العمود الفقري لهذه التنظيمات المدنية، وفي ظل الحكم الاستعمارين لعب عدد من هذه التنظيمات دورا سياسيا هاما من اجل تحرير بلادها.
وبعد سنوات قليلة من الاستقلال، شهدت عدة دول عربية موجة من السياسات الراديكالية، انتهت بإنهاء التجارب اللبرالية القصيرة التي مرت بها مجتمعاتهم، وصار حكم الحزب الواحد هو النمط السائد، وأضفت هذه الأحزاب على نفسها صفة الشعبوية بتبني شعارات وسياسات تخدم الطبقات الدنيا، ومنحت الدولة دورا اجتماعيا واقتصاديا توسعيا، وتمت صياغة "عقد اجتماعي" صريح أو ضمني تتعهد الدولة بمقتضاه أن تقوم بالتنمية وضمان العدالة الاجتماعية وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وترسيخ دعائم الاستقلال السياسي، وتحقيق طموحات قومية أخرى كالوحدة العربية وتحرير فلسطين، وفي المقابل تمتنع الشعوب عن المطالبة بالمشاركة السياسية اللبرالية.
وفي فترة السبعينات عرف الدور التوسعي للدولة تراجعا كبيرا، بفعل الأحداث الاجتماعية والسياسية التي حصلت على جميع المستويات داخليا وإقليميا ودوليا، مما اجبر الدولة على التراجع عن العديد من وظائفها الاجتماعية والاقتصادية، وقد أدى انسحاب الدولة من بعض المجالات إلى بروز تنظيمات متطرفة حلت محلها، مثل الحركات الإسلامية في مصر والجزائر أو الحركات الانفصالية في السودان والصومال والعراق، إلا أن ذلك لم يمنع بروز منظمات اجتماعية أخرى مثل منظمات حقوق الإنسان، فقد تطورت عدد المنظمات التطوعية خلال السبعينات والثمانينات بشكل هائل حيث كانت تقارب 20 ألف منظمة في كل أقطار العالم العربي في فترة الستينات، ليصل عددها إلى 70 ألف في أواخر الثمانينات6، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل دعمت هذا النمو الكمي والنوعي لتنظيمات المجتمع المدني العربية أهمها:
- 1تزايد احتياجات الأفراد والجماعات المحلية التي لم تعد تلبيها الدولة العربية: خاصة تلك المتعلقة بالطبقتين الفقيرة والمتوسطة، والتي تمثلت أساسا في خدمات اجتماعية واقتصادية لم تعد الدولة قادرة على الوفاء بها، كالإسكان والرعاية الصحية، وزيادة الدخل، وتحسين نوعية التعليم، وتوفير المواد الاستهلاكية، أما فيما يتعلق بالطبقتين المتوسطة والغنية، فتمثلت احتياجاتها في المطالبة بالتعددية السياسية والثقافية وحرية الرأي والتعبير.
- 2اتساع نطاق التعليم بين السكان العرب: يعتبر نشر التعليم المجاني من أهم الإنجازات التي حققتها الأنظمة العربية، وهذا ما أدى إلى رفع مستويات الوعي والتوقعات والمهارات التنظيمية لدى الفرد
العربي، مما كان له أهمية كبرى في تزايد انخراط هذه الطبقة المتعلمة في النشاطات التطوعية والخيرية وإنشاء المنظمات اللازمة لذلك.
- 3زيادة الموارد المالية الفردية: عرفت فترة السبعينات والثمانينات طفرة مالية لدى كثير من أفراد الدول العربية بسبب ارتفاع عوائد النفط، وما صاحب ذلك من تحرك القوى البشرية بين الدول العربية، وظهور بوادر سياسات التحول اللبرالي في الهياكل الاقتصادية، وقد وجه المواطن العربي جزءا من ثرواته الخاصة إلى تنظيمات خاصة والمعروفة بـ"Les Fondations" على غرار مثيلاتها الأمريكية (من قبيل مؤسسات فورد وروكفلر وكارنيجي) ومنها مؤسسات صباغ، الحريري، شومان، بل وصل مؤسس أحدها (رفيق الحريري) إلى رئاسة وزراء لبنان.
- 4نمو هامش الحرية: حيث اتسعت هوامش الحرية تدريجيا في العديد من الأقطار العربية بفعل إنهاك الدولة وعجزها عن السيطرة على المجتمع، بالإضافة إلى الضغوط الغربية الممارسة على الدول العربية من أجل اعتناق وتطبيق القيم اللبرالية الديمقراطية، وتعميم المشاركة السياسية، وفتح التعددية الحزبية.



- 3دور المجتمع المدني في دفع عجلة التنمية.
خلال العقدين الماضيين، أصبح للمجتمع المدني دورا هاما في التنمية، و يرجع ازدياد قوة المجتمع المدني إلى انتشار النظام الديمقراطي و العولمة، ذلك إلى جانب عدم قدرة الدولة وحدها على سد احتياجات المجتمع مما أسفر عن ظهور أهمية المجتمع المدني أو القطاع الثالث في المشاركة الفعلية في العملية التنموية، و قد أوضحت الإحصاءات زيادة عدد منظمات المجتمع المدني الدولية من 6000 منظمة في عام 1990 إلي 26000 منظمة في عام 1999. و قد أصبح دور منظمات المجتمع المدني بارزاً في مساندتها للتنمية علي مستوي العالم. وأتضح ذلك من خلال إحصائية صدرت عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) موضحة أن مساهمات منظمات المجتمع المدني تتراوح ما بين 6-7 ملايير دولار سنوياً في أواخر القرن العشرين، كما أن تأثير المجتمع المدني في تشكيل السياسات العامة العالمية ظهر واضحا في الآونة الأخيرة من خلال حملات الدعوة الناجحة و التي تخص موضوعات متعددة منها حظر زرع الألغام الأرضية، و إلغاء الديون، و حماية البيئة. وقد استطاعت هذه الحملات أن تنمي الوعي عند الملايين في العالم و تستقطب تأييدهم ومساعداتهم العملية.
و من الملاحظ أن هناك اختلاف أو لبس في فهم دور المنظمات غير الحكومية في التنمية و مصدر هذا اللبس هو تأييدها من تيارات فكرية وأيديولوجيا مختلفة، فالهيئات الدولية المؤيدة للخوصصة تنظر إليها كجزء من إستراتيجية تقليص البيروقراطيات الحكومية والارتقاء بدور القطاع الخاص، بينما يعتبرها آخرون و خاصة الحكومات وسيلة لزيادة طابع المشاركة والشفافية في عملية التنمية.
في كتاب صدر للعالم الأمريكي "روبرت بوتنام" (Robert.D.Putnam) بعنوان "جعل الديمقراطية تعمل: التقاليد المدنية في إيطاليا الحديثة7" يعتبر فيه المجتمع المدني بمثابة "رأس المال الاجتماعي8"
وقد وجد الأستاذ روبرت بوتنام من دراساته الميدانية، التي استمرت حوالي عشرين عاما أن معدلات التنمية الاقتصادية قد ارتبطت ارتباطا وثيقا "برأس المال الاجتماعي" أي بقوة المجتمع المدني، فمنظمات المجتمع المدني تمنح أعضائها مجموعة كبيرة من المهارات، وشبكة واسعة من الاتصالات، تتيح لهم فرصا عديدة لبدء المشروعات الاقتصادية، من مختلف الأحجام، والنجاح في إدارتها، والتغلب على المشكلات التي تواجهها، بل يذهب الباحث إلى أن ما هو شائع في القرى والأحياء الشعبية
المصرية من ممارسات "جمعيات الادخار9" هي نموذج لأصغر تكوينات المجتمع المدني.
وقد وجد "بوتنام" أن هذه الطريقة هي التي بدأت بها معظم المشروعات الصغيرة في شمال ايطاليا، منذ نهاية القرن الماضي، والتي تطور بعضها ليصبح عملاقا مع نهاية هذا القرن، وتقوم "جمعيات الادخار الدوارة" على نفس المبدأ العام الذي يحكم المجتمع المدني عموما كالإرادة الحرة في المشاركة، والإقرار بحق الآخر في أن يرعى مصالحه، والثقاة المتبادلة بين الأعضاء حتى وإن لم تجمعهم علاقة قرابة10.
لقد أصبحت منظمات المجتمع المدني شريكا اقتصاديا واجتماعيا هاما للدول على اختلاف أنظمتها، فالانفتاح الديمقراطي فرض على الدولة استشارة مؤسسات المجتمع المدني وطلب مساعدتها في بعث التنمية خاصة على المستوى الاجتماعي الإنساني، ويبرز ذلك جليا في فترة الأزمات واشتداد المشاكل.
إن الطابع التطوعي غير الرسمي لمنظمات المجتمع المدني سهل عليها عملية تأطير النشاط الاجتماعي لأفراد المجتمع، فنجدها تنظم حملات تحسيس وتوعية ضد أخطار حوادث المرور وأخطار المخدرات إلى غير ذلك من المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين الدولة والمجتمع، سواء في المناسبات كالاحتفال باليوم العالمي للمخدرات أو في غيرها من الأيام، إذ يكلف محاربة تلك المخاطر أموال طائلة من ميزانية الدولة، وبالتالي فمن خلال مساهمتها في تربية المواطن وتوجيهه في حياته اليومية العادية أو المهنية فإن جمعيات المجتمع المدني تساهم في الحفاظ على الثروة البشرية التي تعد من اهم دعائم التنمية بشتى أنواعها، خاصة ونحن نشهد في السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام الدولي بالتنمية البشرية.
- 4تطور مؤسسات المجتمع المدني في الجزائر.
ظهرت منظمات المجتمع المدني في الجزائر بشكل واضح وجلي خلال الفترة الممتدة ما بين أحداث أكتوبر 1988 و 1995، حيث لم يعرف مفهوم المجتمع المدني هذا الشيوع إلا خلال هذه الفترة11، ويأتي ذلك بسبب التحول الديمقراطي الذي عرفته الجزائر على غرار العديد من أنظمة العالم، وما تتطلبه الديمقراطية من تحرير حريات الأفراد في التعبير والتنظيم، فظهرت الأحزاب السياسية وفقا لدستور فبراير 1989 وما تضمنه من الاعتراف بالتعددية الحزبية، وتشجيع المشاركة السياسية،كما كان للأزمة الاقتصادية التي عرفتها الجزائر بداية من 1986 دور في نشأة المجتمع المدني الجزائري.
ترجع الانطلاقة الحقيقية للمجتمع المدني في الجزائر مع تأسيس اللجان والجمعيات لحماية
ضحايا القمع على اثر حوادث أكتوبر 1988، لتأتي بعدها جمعيات مختلفة، كجمعيات حماية البيئة، الجمعيات الخيرية، المهنية...الخ، وبمجرد الإعلان عن قانون الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي كإطار قانوني وشرعي لممارسة حق تكوين الجمعيات، كحق إنساني تؤكد عليه كل مواثيق حقوق الإنسان، عرفت الحركة الجمعوية نفسا جديدا، جسده ذلك الكم الهائل من الجمعيات على المستوى الوطني والمحلي، فعلى المستوى الوطني فقط، تم تأسيس حوالي 434 جمعية في غضون أربعة سنوات فقط، أي في الفترة الممتدة بين سنتي 1991-1995، وهذا ما يبينه الجدول الموالي12.
السنة عدد الجمعيات الوطنية كل سنة
1987 86 جمعية
1988 12 جمعية
1989 81 جمعية
1990 151 جمعية
1991 135 جمعية
1992 92 جمعية
1993 63 جمعية
1994 70 جمعية
1995 74 جمعية
1996 12 جمعية
في كتابه "الجزائر بين الأزمة الاقتصادية والأزمة السياسية" يفسر الباحث عبد القادر بهلول هذه الطفرة الكمية في عدد الجمعيات بقوله:"في تقديرنا إن ضياع الثقة بين الأفراد في المجتمع، والصراع السياسي بين الأشخاص الذين مارسوا العمل السياسي قبل الثورة التحريرية وأثناءها في نظام الحزب الواحد، هما سببان في تشكيل الأحزاب، أما الجانب الشكلي فهو عامل التسهيلات المفرطة التي يقدمها نص قانون الجمعيات، حيث يكفي أن يجتمع على الأقل خمسة عشر شخصا ليؤسسوا جمعية"13.
وفي نفس الإطار تؤكد المادة 6 من قانون الجمعيات على ما يلي:"تتكون الجمعية بحرية وإرادة أعضائها المؤسسين اثر جمعية عامة تأسيسية، تجمع خمسة عشر عضوا مؤسسا لها على الأقل، وتصادق على القانون الأساسي وتعين مسئولي هيئاتها القيادية".
إن مضمون هذه المادة يعد عاملا هاما في تسهيل عملية تأسيس الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي، وهذا ما أدى إلى تغيير في مفهوم المشاركة السياسية لدى هيئات المجتمع المدني الجزائري14. فبعد أن كانت المشاركة في أدبيات نظام ما قبل أكتوبر 1988 جد محدود وأحيانا منعدمة، نظرا لانسداد قنوات الاتصال بين المجتمع المدني والسياسي، وحتى وإن وجدت فهي فارغة من محتواها الحقيقي، حيث كانت مشروطة وخاضعة للنمطية القائمة على أساس (انضمام-مشاركة). فلكي يشارك الفرد ويساهم في الحياة العامة، لا بد له أن ينظم لخيارات سياسية مفروضة. ولهذا فبمجرد فتح المجال للمفهوم الجديد للمشاركة، الذي يستوجب من جهته إقامة تنظيمات مؤسساتية تضمن حرية التعبير والتجمع ورفع الوصاية عن مختلف التنظيمات الاجتماعية والسياسية والثقافية، تفجرت الحركة الجمعوية في الجزائر بصورة مذهلة، وهو ما يعكس في نفس الوقت تعطش المجتمع بكل فئاته للمشاركة الفعلية في الحياة العامة، وطرح مطالبه في إطار مدني.
وعلى الرغم من التطور الملحوظ في مجال تأسيس الجمعيات، والسرعة التي عرفتها الحركة الجمعوية في بدايتها، إلا أنها عرفت تراجعا في السنوات الأخيرة مقارنة بالسنوات الأولى 1990-1992. ويمكن إرجاع هذا التراجع إلى الوضعية السياسية والاجتماعية التي عرفتها البلاد، والتي تميزت بتفاقم الأزمة بعد توقيف المسار الانتخابي، وحل حزب جبهة الإنقاذ كقوة سياسية تجمع تحت لوائها قوى اجتماعية كبيرة، وعدد كبير من الجمعيات المختلفة حزبية، إنسانية، اجتماعية، دينية وحتى نقابية، التي كانت تنشط بقوة في الفترة ما بين 1990- 1992، والتي لعبت دورا كبيرا في نجاح الحزب في الانتخابات البلدية والولائية سنة 1990، وكذا فوزه في الدور الأول من الانتخابات التشريعية، كما أن حالة اللاستقرار السياسي والأمني التي عرفتها البلاد منذ 1992، تعد عاملا مهما في تراجع الحركة الجمعوية، وتخوف الأفراد من المشاركة أو المبادرة لتأسيس الجمعيات، إضافة إلى العوامل البيروقراطية التي من شأنها أن تضعف روح المبادرة نحو تأسيس الجمعيات.
إلا أن استقرار الوضع الأمني وانتهاج الجزائر لسياسة المصالحة الوطنية، وميثاق الوئام المدني أعطى دفعة قوية نحو انبعاث الحركة الجمعوية في الجزائر فظهرت منظمات ضحايا الإرهاب كتوجه جديد ومجال عمل مستحدث لنشاط منظمات المجتمع المدني في الجزائر.

- 5مدى فاعلية المجتمع المدني في الجزائر:
إن الدراسة الكمية للحركة الجمعوية وتصنيفاتها المختلفة، بإمكانها تقديم مؤشرات هامة عن تطورها منذ بداية التحول الديمقراطي في الجزائر، إلا أن هذه الدراسة تبقى ناقصة إذا لم ترافقها دراسة تهتم بالتطور الكيفي والمؤسسي الذي وصلت إليه مؤسسات المجتمع المدني، وهو الذي يسمح لها بالنشاط والفاعلية، وفي هذا الإطار قدم صامويل هنتغتون بعض المؤشرات الموضوعية التي من خلالها يمكن تقييم فاعلية منظمات المجتمع المدني وهي:
أ- القدرة على التكيف: يقصد بها قدرة المؤسسة على التكيف مع تطورات البيئة المتواجدة بها، لأن الجمود يؤدي إلى تضاؤل أهميتها وربما القضاء عليها، كما أن هذا التكيف يجب أن يتم على ثلاث مستويات هي:
- التكيف الوظيفي: وهو قدرة المؤسسة أو الجمعية على إجراء تعديلات على أنشطتها ووظائفها.
- التكيف الزمني: أي استمرار الجمعية لفترة طويلة من الزمن، فالديمومة عنصر مهم لفاعليتها، ومؤشر لصمودها أمام الظروف وقدرتها التنظيمية.
- التكيف الجيلي: فالاستمرارية تسمح بتعاقب أجيال من الزعماء على قيادتها، وهذا يتطلب مدة زمنية طويلة لقياس مثل هذا المعيار.
ب- الاستقلالــية: وهو أن لا تخضع المؤسسة لغيرها من المؤسسات أو الجهات أو الأفراد، بحيث يسهل السيطرة عليها وتوجيه نشاطها، ويعد الاستقلال المالي ضرورة لا بد منها لاستقلال القرارات والأهداف.
ج- التعقــد: بمعنى تعدد هيئات التنظيم، ووجود تنظيم سلمي داخلها من ناحية، وانتشارها الجغرافي على أوسع نطاق ممكن داخل المجتمع من ناحية أخرى.
د- التجانــس: ويعني عدم وجود صراعات داخل التنظيم بإمكانها أن تؤثر على نشاطه، فكلما كان سبب الانقسامات بين الأجنحة والقيادات راجع إلى أسباب فكرية، وكان الحل سلميا بعد الحوار والنقاش، كان ذلك دليلا على تطور التنظيم، والعكس صحيح، أي كلما كانت الانقسامات لأسباب شخصية وكان الحل عنيفا فذلك دليل على تخلف المؤسسة أو التنظيم15.
من خلال إسقاط هذه المعايير على مؤسسات المجتمع المدني في الجزائر نحصل على المؤشرات التالية:
- معيار التكيف: على الرغم من حالة الجمود والتردد التي عرفتها الحركة الجمعوية منذ بدايتها، إلا أنها ظهرت بقوة خلال السنوات الأخيرة، وهذا من اجل طرح قضاياها والمساهمة بمواقفها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، من خلال الندوات الوطنية التي عرفتها الجزائر منذ سبتمبر 1996، وسلسلة الحوارات الخاصة بالحياة السياسية والاقتصادية مع الدولة، لتنتهي بعقد ملتقى الجمعيات أو الحركة الجمعوية على مستوى العاصمة في شهر أفريل 1997، ثم عقد أول منتدى وطني للحركة الجمعوية الوطنية المنعقد ما بين 11 و 12 أفريل 1997، وهذا يجسد خطوة أولى نحو تكريس الديمقراطية من خلال إشراك المجتمع المدني في تصور الحلول الممكنة للأزمة التي مرت بها البلاد، لهذا عملت الجمعيات والمنظمات الوطنية على تكييف نشاطها ووظائفها وفق الظروف والمشاكل المتواجدة في الحياة العامة.
فمن خلال المعاينة الميدانية وتجربة السنوات السابقة، نجد أن بعض الجمعيات عملت على إدخال تعديلات على وظائفها تكيفا مع مستجدات ومتطلبات البيئة16، في حين نجد جمعيات أخرى محتفظة بأهداف معينة لا تتغير، وأحيانا تنحصر هذه الأهداف في اسم الجمعية فقط، وعلى خلاف جمعيات أخرى نجدها لا تسعى إلى توسيع نشاطها، بل تحصره في ملتقيات أو ندوات أدبية الأمر الذي لا يسهل لها عملية التقرب من الواقع الشعبي.
إن التكيف الوظيفي للجمعيات، يطرح إلى جانب آخر التكيف الزمني لها، أي استمرارية الجمعية، حيث يمكن اعتباره مؤشرا هاما على تطور الجمعية ومصداقيتها، وفي الجزائر نجد الكثير من الجمعيات لا تستمر، إذ تتسم بطابع المرحلية، وذلك للأسباب التالية:
- العراقيل البيروقراطية: هذه العراقيل تمت ملاحظتها على مستوى الجهات الرسمية المعنية بالتسجيل والاعتماد، حيث علق رئيس جمعية المكفوفين على ذلك بقوله:"العراقيل البيروقراطية والإدارة تقتل الجمعية في مرحلتها الجنينية، أحيانا يقطع الواحد منا آلاف الكيلومترات إلى الجهة المعنية بالأمر دون أن يستقبل، وأحيانا ينتظر لساعات طويلة دون الحصول على الموعد"17.
- الإمكانيات المادية والمالية: نجد العديد من الجمعيات قد توقف نشاطها نظرا للصعوبات المالية التي تعاني منها، ففي حين توجد جمعيات تملك مقرات وأجهزة عمل، هناك جمعيات أخرى لا تملك إلا الاسم.
- غياب الوعي بحقيقة العمل الجمعوي وانتهازية بعض الأشخاص: إن سهولة الشروط القانونية لتأسيس الجمعيات فسح المجال لبعض التجاوزات ممن لا يملكون صلة بالعمل الجمعوي، ولا الوعي بالمشاركة الاجتماعية، وذلك بهدف الاستفادة من هذه الشروط للحصول على مقرات وأموال بطرق مختلفة، وبمجرد نفاذ هذه الإمكانيات يشل عمل هذه الجمعيات وتحل، وهذا ما يطرح إشكالية ارتباط الجمعية بمؤسسات حيث تذهب بذهاب الشخص، مما يؤكد هشاشة قاعدتها الاجتماعية، هذا على عكس
الجمعيات الطلابية التي نجدها مستمرة في العمل رغم تعاقب الدفعات الطلابية.
- الظروف السياسية الصعبة: التي مرت بها البلاد، حيث أدى عدم الاستقرار الأمني إلى تهديد العمل الجمعوي، وحال دون مواصلة نشاط الجمعيات في مختلف مناطق الوطن.
- معيار الاستقلالية: إن تمويل الجمعية هو أحد عناصر فاعلية الجمعية وأساس استقلالية قراراتها، فإذا كان مشكل التمويل غير مطروح لدى بعض الجمعيات، كالجمعيات المهنية خاصة الاقتصادية منها، والجمعيات المدعمة من طرف بعض الأحزاب وحتى المدعمة من طرف الدولة، فانه يشكل عائقا بالنسبة للبعض الآخر من الجمعيات بشكل يجعلها وسيلة تستغل في المناسبات ويفقدها استقلاليتها.
كما أن تبعية الجمعيات للجهة الممولة لها، يفقدها استقلالية قراراتها18، ويجعل خطابها منبثقا من خطاب الجهة التابعة لها، وابرز دليل على ذلك الاتحادات الطلابية التابعة لبعض الأحزاب السياسية.
وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى نوع من الجمعيات التي تنشط بكثرة أثناء فترة الحملات الانتخابية وبصورة فعالة، كما تعمل على البحث في حل مشاكل مختلفة، وتحقيق بعض الأهداف التي أنشئت من اجلها، ولكن بمجرد انتهاء الفترة الانتخابية يقل نشاطها إن لم ينعدم، وهذا ما يفسر بتبعية هذه الجمعيات للجهات المعنية بفترة الانتخابات كالأحزاب السياسية، ويمثل دليلا على عدم استقلاليتها.
- معيار التعقــد: بالنظر إلى الحركة الجمعوية من الناحية التنظيمية في الجزائر، فان حداثة التجربة لدى بعض من هذه الجمعيات لم يسمح لها ببنية تنظيمية متعددة المستويات، لكنها تحتوي على بنية متوسطية، أي أنها لم تصل بعد إلى إدخال التخصص الكبير في وظائفها، وهذا بسبب نقص الخبرة والإمكانيات، ومع هذا كانت هناك جمعيات حاولت العمل على توسيع وظائفها، وتحسين عملها خاصة الجمعيات الاجتماعية والإنسانية من خلال إدماج مختصين كأطباء ونفسانيين، وباحثين في علم الاجتماع، وإعلاميين.
كما أن التعقد التنظيمي للجمعيات يظهر في توزيعها الجغرافي، ومدى وصولها لأغلب المناطق في الوطن، وفي هذا الشأن يلاحظ تمركز قسم كبير من الجمعيات الوطنية في القسم الشمالي من الجزائر، وبالأخص المدن الكبرى وتلك القريبة من العاصمة، ويرجع ذلك إلى الظروف الأمنية الصعبة، وقلة الوسائل المادية (باعتبار المدن الريفية مهمشة نوعا ما من الدعم الذي تمنحه الدولة للمجتمع المدني) ، كما أن ضعف نسبة التعليم، وسيطرة التنظيمات غير الرسمية القائمة على الروابط التقليدية والعشائرية، تشكل في مجملها عوامل تحول دون وجود تنظيم مدني حديث19.حيث لا يعقل في المنطق العشائري أن يجتمع أفراد من عشائر مختلفة حول أهداف واحدة.
- معيار التجانــس: على غرار الصراعات التي عرفتها الجمعيات ذات الطابع السياسي، والتي كان اغلبها لأسباب شخصية، والتي أدت إلى حلها وانقسامها إلى أجنحة مختلفة، تعرف الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي نفس الظاهرة، من جانب غياب التنسيق والتجانس بين القيادة ورؤساء الجمعيات، نظرا لاختلافات بين الأشخاص حول التوجهات أو طرق تسيير الجمعية، والمنافسة الشديدة التي تنتهي في كثير من الأحيان بأعمال عنف أو انسحاب بعض الأطراف، كما أن الصراعات داخل الجمعيات تكرس غياب النقاش الديمقراطي خاصة في الجمعيات العامة لها، أو عند انتخاب المجالس التنفيذية، حيث يبرز الصراع واضحا، فكثيرا ما ينتهي عملها في الأخير بالفشل.
فكيف للحركة الجمعوية الجزائرية، كلبنة أساسية في بناء المجتمع المدني الجزائري، أن تحقق الديمقراطية والمشاركة الواسعة وهي غير قادرة على احترام هذه القواعد داخلها، ولا احترام وتطبيق ابسط مبادئها.
- 6آليات تفعيل دور المجتمع المدني في الجزائر.
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها مؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي عامة وفي الجزائر على وجه الخصوص، يمكن تفعيل دور هذه المنظمات من اجل القيام بالدور المنتظر منها ألا وهو تحقيق التنمية البشرية، وذلك من خلال الخطوات التالية:
- 1ضرورة تنظيم العلاقة بين المجتمع المدني والدولة بما يضمن على الأقل استقلالية نسبية، هذا على الرغم من الافتراض الذي يرى أن المجتمع المدني العربي سيظل خاضعا لتوجيهات الدولة العربية لمدة عقدين قادمين، وعليه فإن الحد والتخفيف من سيطرة الدولة وتغلغلها داخل كيانات المجتمع المدني، ومحاولة احتوائها لمجاله، يعد من مستلزمات التعامل مع الحقبة القادمة التي ستشهد لا محالة تنامي قوى وفاعلين اجتماعيين جدد. لهذا على الدولة التزام الحياد النسبي إزاء قوى المجتمع المدني وتنظيماته المختلفة، والعمل على إشراكها في اتخاذ القرارات بدل العمل الاستشاري الشكلي، والتخفيف من الإجراءات البيروقراطية في التعامل معها، وتركيز مراقبتها عليها في حدود ما يسمح به القانون، ويضمن السير الحسن للنظام العام.
- 2ضرورة تدعيم المسار الديمقراطي وتأكيده، فالديمقراطية هي الأساس الصحيح لبناء المجتمع المدني، حيث تمثل الإطار المناسب لحقوق الأفراد والمواطنين، كحق اختيار الحكام، حرية التعبير وحق الاجتماع.
- 3التأكيد على تربية وتنشئة الفرد على السلوك الديمقراطي والعمل الجمعوي، وهذا قد يتوقف على دور الأسرة والمدرسة في تنمية قيم الاحترام والنقد والحوار السلمي بدل العنف، ومنح الطفل فرصة المشاركة برأيه واقتراحاته حتى في ابسط الأمور.
- 4زيادة فاعلية المجتمع المدني من خلال تدعيم مؤسساته بقوى اجتماعية وفاعلين اجتماعيين نشيطين، يكون للمثقف بينهم دور كبير في تنشيط العمل الجمعوي، والتوعية بأهمية القيم الديمقراطية بالنسبة للأفراد والجماعات.
- 5تكثيف عمل الجمعيات والتنظيمات من أجل تحقيق استقلاليتها، هذا من خلال تشجيع هذه التنظيمات على إتباع أسلوب التمويل الذاتي بواسطة مشاريع إنتاجية دائمة تؤمن لها دخلا ثابتا.
- 6تدعيم وجود قطاع خاص قادر على خلق ديناميكية اقتصادية واجتماعية تعمل على تنمية وبلورة قوى اجتماعية لتشكيل عناصر المجتمع المدني من جهة، والعمل على تحقيق الدعم المالي للتنظيمات والجمعيات المدنية من خلال التبرعات والإعانات المادية التي يقدمها لها من جهة ثانية.
- 7إن التخفيف من المشاكل الاجتماعية اليومية كمشكلة البطالة والسكن (لأن هذه المشاكل تأتي في مقدمة اهتمام الفرد بدل الانخراط في الجمعيات)، يسهم بشكل كبير في رفع درجة مشاركة الفرد والانخراط في التنظيمات الاجتماعية، وهذا الدور لا يمكن أن تضطلع به الدولة فقط بل مؤسسات المجتمع المدني كذلك.
- 8تحسيس الفرد بأهمية العمل الجمعوي والاندماج فيه لتحقيق الحاجيات التي تعجز الدولة عن تلبيتها له، وهذا الدور تجند له وسائل الإعلام والاتصال، من خلال اختيار البرامج التي تثير الاهتمام بالمشاركة الاجتماعية الواسعة، كما يأتي التعريف بأهمية العمل الجمعوي ونشاط الجمعيات ونشاط الجمعيات، من خلال البرامج التي تقدمها هذه الجمعيات وأهدافها وعملها بجدية، بعيدا عن المساومات السياسية والشخصية20.



خاتمــة
من خلال عرضنا لتطور المجتمع المدني كمفهوم بصفة عامة وكممارسة في الجزائر، نخلص إلى أن المجتمع المدني هو احد الركائز الأساسية لتحقيق الديمقراطية، التي تعتبر مشاركة الفرد فيها دليل على وعيه بالتحديات والرهانات التي تواجهه سواء كونه فردا أو في إطار الجماعة، خاصة والعالم يشهد موجة ديمقراطية ثالثة (حسب تعبير ألفن توفلر).
ويشترط لقيام المجتمع المدني عدة صفات: منها التطوعية والاختيارية وهو يعتبر إحدى قنوات الحوار والتواصل (إن لم نقل أهمها) التي تربط السلطة السياسية بعامة الشعب، وتسعى إلى تقريب وجهات النظر والحيلولة دون طغيان احد الطرفين على الآخر.
وبالرجوع إلى تحليل وضعية المجتمع المدني في الجزائر، نجد أن الجزائر حققت قفزة نوعية وكمية في منظمات المجتمع المدني، سواء من حيث المدى الجغرافي أو من حيث الاستمرارية أو من حيث ميدان نشاطها.
- فمن حيث المدى الجغرافي انتقلت عدوى إنشاء الجمعيات من المدن الكبرى لتشمل اغلب مناطق الوطن حتى الصحراوية، وذلك في إطار سياسة انفتاح النظام السياسي الجزائري على جميع شرائحه، وتشجيعه للعمل الجمعوي (سواء من حيث تقديم الإعانات المادية أو من حيث تقليص الرقابة وتحرير النشاط الجمعوي).
- أما من ناحية الاستمرارية، فنجد أن بعض منظمات المجتمع المدني يعود تاريخها إلى الحقبة الاستعمارية، مثل جمعية العلماء المسلمين التي لا تزال تنشط في إطار تربية المجتمع الجزائري وتوعيته، والدفاع عن قيمه ومبادئه.
- وبالنظر إلى مجال عمل هيئات المجتمع المدني، نلاحظ أنها شملت كل ميادين الحياة الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، كما أنها واكبت التطورات الحاصلة في الحياة العامة للبلاد من خلال إنشاء جمعيات ضحايا المأساة الوطنية.
وعلى الرغم من المؤشرات الايجابية المسجلة في تطور نشاط المجتمع المدني في الجزائر، والتي يمكن أن تجعله في المرتبة الأولى عربيا من حيث النشاط والاستقلالية والنمو، فإن منظمات المجتمع المدني مازالت تعاني من عراقيل تحول دون قيامها بالدور المنوط بها، وهو تحقيق التنمية الإنسانية، ومن بين هذه العراقيل، البيروقراطية الإدارية، ومشكلة التمويل، ونقص عدد أفرادها نتيجة عزوف أفراد المجتمع علن الانخراط في النشاط الجمعوي، بسبب انشغالهم بمشاكل الحياة اليومية كمشكلة البطالة والسكن، وهذا ما جعلها عرضة لهيمنة وتبعية بعض الأحزاب السياسية والسلطة السياسية التي تستخدمها في سبيل تحقيق أهدافها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات.
» التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات"
» ملتقى وطني حول التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات
» التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر واقع وتحديات (المجتمع المدني في الجزائر: دراسة في آلية تفعليه)
» التحولات السياسية إشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــــــــام-
انتقل الى:  
1