منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحليم بيقع
عضو فعال
عضو فعال



عدد المساهمات : 102
نقاط : 300
تاريخ التسجيل : 11/11/2012

الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Empty
مُساهمةموضوع: الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية   الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية Emptyالخميس نوفمبر 29, 2012 6:34 pm

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة باتنة
كلية الحقوق والعلوم
السياسية
قســم : العلوم السياسية
تخصص : العلاقات الدولية
فــرع : الماجيستر
مقـياس : تحليل السياسة الخارجية


عنوان البحث :

الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية






إعداد الطالب :
العطري الميلود إشـراف الأستاذ:
د/جندلي عبد الناصر

الموسم الجامعي:2006/2007
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية
خطة البحث
مقدمة
الفصل الأول : الإطار المفهوماتي لتحليل السياسة الخارجية
المبحث الأول : تعريف السياسة الخارجية وعلاقتها بالمفاهيم الأخرى
المطلب الأول : تعريف السياسة الخارجية
المطلب الثاني : علاقتها بالمصطلحات الأخرى
المبحث الثاني : مخرجات السياسة الخارجية
المطلب الأول : الأهــــداف
المطلب الثاني : الوســــائل
المبحث الثالث : مصادر السياسة الخارجية
المطلب الأول : الأدوار
المطلب الثاني : التوجـــهات
الفصل الثاني : صنـع السياسة الخـارجية
المبحث الأول : محددات السياسة الخارجية
المبحث الثاني : مؤسسات صنع وتنفيذ السياسة الخارجية
المبحث الثالث : فعالية السياسة الخارجية مرتبطة بنوع النظام
الفصل الثالث : مدخل نظـري لتفسير السـياسة الخارجية
المبحث الأول : نظـــرية اتخاذ القرار
المبحث الثاني : نظــرية المبــاريات
المبحث الثالث : تقــييم النــظريتين
خاتمة


مقـدمة
لقد عرف الفكر الغربي في السياسة الخارجية منذ الثورة الفرنسية النهج الإيديولوجي الذي يفترض أن السياسات التي تصنعها الدول تجاه العـالم الخارجي هي تعبيرات عـن المعتقدات السياسية والاجتماعية والدينية، فتصنف السياسات الخارجيـة على أنها عدوانية واستبدادية أو ديمقراطية ومحبة للسلام،وهكذا ظلت تهتم بقضايا الأمـن العسكري،وكانت تستخدم المنهج التقليـدي القائم على أساس رصـد التطورات التاريخيـة لسياسات الدول ومحاولة فهمها،كما وظفت منهج دراسة الحالة ، أي دراسة السياسة الخارجية لدولة واحدة مع التعمق، وهذا الخيار يقدم لنا مجموعة كبيرة من المعلومات الوصفية .
وتحليل السياسة الخارجية يتطلب الإلمام بزوايا عديدة لهذا الموضوع كالتوجهات والعوامل المؤثرة في صياغة أهداف السياسة الخارجية،بالإضافة إلى الوسائل ومختلف الأدوار التي تلعبها الدولة في سلوكها الخارجي.
وقد عرفت السياسة الخارجية تطورات وتحولات كبيرة على مختلف المستويات شانها شان بقية فروع العلوم الاجتماعية ، فقد شملت هذه التغيرات المستوى التنظيري للسياسـة الخارجية ومستوى الموضوعات والأجندات التي أصبحت تطرح على السياسة الخارجية.
وكإشكالية للموضوع : ما مفهوم السياسة الخارجية ؟ وما هي عناصر صنعها وتنفيذها؟ ثم ما هي أهم النظريات المفسرة للسلوك الخارجي؟
وللإجابة على هذه الإشكالية اقترح الفرضيات التالية :
-تعرف السياسة الخارجية بمجموعة عوامل وعناصر ومكونات تدخل في تحليلها.
-يعتبر موضوع السياسة الخارجية شائك ومعقد نظرا لتداخـله مع مجموعة موضوعات وعلوم أخرى.
-تتضمن عملية صناعة السياسة الخارجية عدة عوامل تتراوح بين التحديد الدقيق للأهداف والوسائل بما يخدم المصالح القومية ، ودور الفواعـل في هذا المسـار.
-لقد عرفت دراسة هذا العـلم حركية كبيرة خاصة في الجـانب التنظيري وذلك لمواكبة التحديات الجديدة .
























الفصل الأول
الإطار المفهوماتي لتحليل السياسة الخارجية



















المبحث الأول : تعريف السياسة الخارجية وعلاقتها بالمفاهيم الأخرى
المطلب الأول : تعريف السياسة الخارجية
إن الدارس لموضوع السياسة الخارجية تواجهه بعض الصعوبات خاصة تلك المتعلقة بوضع تعريف دقيق وشامل للسياسة الخارجية ويمكن ذكر مشكلتين رئيستين:
-أن السياسة الخارجية لا تعرف كموضوع مجرد بل تعرف من خلال مجموعة مكونات وعناصر تدخل كلها في تركيبها،وتؤثر بشكل مباشر عليها وبالتالي فإعطاء تعريف لمفكر يذكر الأهداف ويهمل الوسائل يجعله محل نقد ،وهكذا... .
-اختلاف المدارس والمفكـرين المنتمين لهاته المـدارس وهذا بحسب رؤية كل اتجـاه
لموضوع السياسة الخارجية ، كما أن مكانة الدولة على المستـوى الدولي وقوة تأثيـرها ينعكسان بصفة مباشرة على أجندة مصالحها وبالتالي على تعريفها لسلوكها الخارجي،ومع ذلك يمكن إعطاء التعاريف التالية :
يعرفها روزنو على أنها مجموعة التصرفات السلطوية التي تتخذها أو تلتزم باتخـاذها الحكومات إما للمحافظة على الجوانب المرغوب فيها في البيئة الدولية، أو لتغيير الجوانب غير المرغوبة (1).
وتعرفها مجلة السياسة الخارجية الأمريكية على أنها مجموعة الأهداف السياسيـة التي توضح كيف أن هذا البلد سوف يتفاعل مع سائر بلدان العالم وهي تصمم لمسـاعدة الدول على حمـاية مصالحها الوطنـية و أمنها القومي وخدمة الأهداف الإيديولوجية والازدهار الاقتصادي ، وتحدث نتيجة التعاون السلمـي مع الدول الأخرى أو مـن خلال العنــف والحروب الاستغلال(2) .
وهي أيضا مجموعة من التوجهـات تتألف من مواقف و ادراكات وقيم تمليـها الخبـرة التاريخية و الظروف الإستراتيجية والتي تميز الدولة في السياسة الدولية و المتأصـلة في التقاليد و الطموحات الكبرى للمجتمعات .
و كتعريف أكثر شمـولا يمكن القول أن السياسة الخارجية هي عمـلية صياغة وصناعة مجموعة سلوكيات للدولة تجاه عالمها الخارجي بناءا على تحديد ووصـف مسبق ودقيق لمجموعة الأهداف و الأولويات و الإجـراءات والتي تؤثر بشكـل مباشر على فاعليـة السياسة الخارجية وتعمل على توجيهها.
المطلب الثاني :علاقتها بالمصطلحات الأخرى
*السياسة الدولية : تستعمل لتحديد تلك التفاعلات بين الأطراف الفاعلة من الدول عبـر حدود الدول التي لها محتوى وطابع سياسي محدد هذه التفاعلات تتولى معالجتها الحكومة أو ممثلوها وتستخدم دولي بدلا من ما بيـن الدول لان هذه الأخيرة لـها معاني مشـوشة تختلط بالفدرالية والاتحادات الفدرالية وبالتالي فالسيـاسة الدولية معنية بالتفاعـلات التي تحدث بين مختلف وحدات ومكونات المجتمع الدولي بينما السياسة الخارجية تعنى بالأفعال وردود الأفعال الناتجة عنها.
*الإستراتيجية والدبلوماسية: قام الباحث الفرنسي ريمون ارون بإرساء بناء فكري ناقش من خلاله كلا من متغيري الإستراتيجية والدبلوماسية باعتبارهمـا دالة لوحـدة السـياسة الخارجية وأنهما وجهان متكاملان لفن السياسة وفن السياسة هو إدارة التعامـل مع الدول الأخرى على مقتضى المصالح القومية ومن الثابت أن الدبلوماسيـة هي الأداة الأولى في السياسـة الخارجية للدول لاسيمـا في وقت السلم أما الإستـراتيجية فهي تعني فن إدارة العمليات العسكرية أثنـاء الحرب وهذا يعنـي أن كلا من الإستراتيجية والدبلوماسيـة يخضعان للسياسة الخارجية والقادة الدبلوماسيون والعسـكريون ليسـو إلا عمـالا لقادة السياسة الخارجية لحساب تحقيق المصلحة القومية .إن الإستراتيجية تعني فن الإكراه أما الدبلوماسية فتعني عن الإقناع وهما وسيلتان لهدف واحد هو إخضاع الآخرين لإرادتنا(1). وبالتالي فنجاعتهما تنعكس بشكل ايجابي على السياسة الخارجية وقصـورهما يؤدي إلى ضعف السياسة الخارجية وتبعيتها.
*علم العلاقات الدولية:إن التمييز بين دراسة السياسة الخارجية ودراسة العلاقات الدولية أمر يمليه الاختـلاف في الطبيعة ذلك أن علم العـلاقات الدولية يعنى بتفسـير الظواهر الدولية ومن ثم الكشف عن الحقيقة الكامنة فيها بينما تقع السياسـات الخارجية باعتبارها برامج عمل لا يغير في طبيعتها أن يفيد واضعوها من عملهم بحقيقة الواقع الذي تعمل فيه هذه البرامج وكذلك الحال بكل ما يتصل بوسائل تحقيق الأهداف المثالية في الحياة الدولية كوسائل تحقيق الأمن الدولي بنزع التسلح أو بفكرة الأمن الجماعـي وهذه كلها من عمل الفن والتقنية وهذا من اختصاص السياسة الخارجية وليس من شان علم العلاقات الدولية. ومع ذلك فالمدرسة الأمريكية المعاصرة لا ترى حرجا في تمييع الفاصل بين العلم بحقائقه العلمية وبين العمل بفاعلية قواعده وهذا الربط سببه أنهم يعتقدون أن علم العلاقات الدولية علما نفعيا يستهدف الكشف عن حقيقة الظواهر الدولية بهدف وضعـها في خدمة السياسة الخارجية الأمريكية وذلك كان فهم المفكر الأمـريكي مورغانتو لموضوع علـم العلاقات الدولية وأبعاده فلقد رأينا انه بدا من مفهوم القـوة وانتهى بالقول إن العلاقات الدولية هي علاقات قوة تخضع لقانون واحد هو قانـون المصالح القومـية مستهـدفا بذلك أن تعدل الولايات المتحدة الأمريكية عن مثلها القديمة في مجال السياسة الخارجية إلى سياسة أكثر واقعية وفعالية (1)، أي أن تسعى إلى التوسع وإظهار قوتها بدلا من الحياد .
إن العلاقات الدولية هي مجموع السياسات الخارجية للدول وبالتالي فهي أوسع واشمل والسياسة الخارجية تحضر داخل إقليم الدولة لتحقيق أهداف خارجية محددة أما العلاقات الدولية فهي تقع خارج إقليم الدولة ولتحقيق أهداف عامة وشاملة كما أن العلاقات الدولية مجالها أوسع لوجود عوامل وقوى مؤثرة اخرى ، وهكذا يمكن القول أن علم العلاقـات الدولية يعنى بما هو كائن أما السياسة الخـارجية فتعنى بما يجب أن يكون(2) ،أي أنـها تسعى إلى اكبر قدر من الفاعلية وذلك بتوفير كل العوامل المساعدة.
*السيادة : إن السيادة هي المساواة بين الدول أمام القانون الدولي العام بغض النظر عـن الاختلافات السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وهناك علاقة كبيرة بين السياسة الخارجية والسيادة فالدولة التي لا تملك سيادة تامة لا تمارس سياسة خارجية محبذة ومعينة وعمـليا كلما زادت التبعية يتقلص مجال السياسة الخارجية كنتيجة آلية لتقلص مجال السيادة كمـا أن الدول القوية تسيطر على السياسة الخارجية للدول التابعة لها .
إن هناك مجموعة عوامل أثرت بشكل مباشر على استقلالية السياسة الخارجية أهمها:
*الاعتماد المتبادل وارتباط الدول في إطار تحالفات وتكتلات والالتزام ببنود التحالف يقيد مجال السياسة الخارجية .
*الضغوط التي أصبحت تمارسها المنظمات غير الحكومية والتي تعنى بنشر الديمقراطية وحماية حرية التعبير وحقوق الإنسان خاصة على دول العالم الثالث،بالإضافة إلى الخوف من الإجراءات الردعية (تراجع تركيا عن حكم الإعدام الصادر بحق أوجلان بضغط من أوربا).
*السياسة الداخلية : إن السياسة الخارجية هي انعكاس للسياسة الداخلية وبالتـالي فعندما تكون السياسة الداخلية مستقرة ومنسجمة فان ذلك ينعكس مباشرة على استقرار وانسجام السياسة الخارجية كما أن التأثير متبادل بين السياستين فالسياسة الداخلية لها قابلية الانتشار والتوسع حتى خارج إقليم الدولة كظاهرة الإرهاب كما أن وضع النظام الدولي يؤثر بشكل مباشر على الوضع الداخلي إما سلبا أو إيجابا ، كامتداد الأزمـات الاقتصادية الدولية إلى المجتمع الداخلي وذلك بفعل عولمة الاقتصاديات والثورة الهائلة للمعلومات والاتصالات .
كما يظهر التداخل في أن وضع أهداف ومعالم السياسة الخارجية لا يخرج عن دراسة فاحصة ومعمقة للإمكانات والأوضاع الداخلية أي تكييف الأهداف مع الوسائل المتوفرة . ويفترض محللو السياسة الخارجية أن الدولة كمؤسسة اجتمـاعية تتواجد ضمن بيئتيـن الأولى داخلية تتكون من الهيئات المتواجدة داخل الإقـليم المسيطر عليه والثانية خارجية مكونة من بقية الدول وتفاعـلاتها معا والدولة تسـعى للتأثير في كـلا البيئتين بسياستين مختلفتين ففي الحالة الأولى الدولة لها القدرة على التحكم في مجرى الإحداث لأنها تمتلك السلطة والوسائل لكن دوليا لا توجد أي دولة بهذه الوضعية(1).
ويمكن إعطاء بعض الأمثلة التي تظهر مدى الترابط بين السياستين:
إن الظروف والاحتياجـات الوطنية من امـن وحماية للوحدة الترابيـة وتحقيـق الرفاه الاقتصادي قد تكون كلها أسباب تدعو إلى توجه معين في السياسة الخارجية وهو التحالف مع دول خارجيـة اخرى (دول أوربا الشرقية بالنسبة للاتحاد الأوربي) ، وهكـذا تصبح تصورات النخب السياسية الحاكمة مرتبطة بمثيـلاتها في التحالف ويصبـح الرأي العام الداخلي مرتبط بالرأي العام لدول التحالف كما أن الظروف الدولية والإقليميـة وما تفرزه من انعكاسات تصبح أمرا مشتـركا وهناك الكثير من الوحـدات الداخلية يمتد تأثيـرها ونشاطها إلى البيئة الدولية كشركات التصدير الكبرى.
المبحث الثاني: مخرجات السياسة الخارجية
المطلب الأول: الأهداف
إن هناك ثلاث معاير لتصنيف الأهداف في السياسة الخارجية:
-القيمة المتعلقة بالهدف وبالتالي درجة الالتزام بتحقيقه
-عامل الوقت المخصص لخدمة الهدف
-نوع المطالب التي يتوجب تحقيقها في النظام الدولي أو الإقليمـي للـدولة لخدمة الهدف ومن ثم يمكن تصنيف الأهداف إلى :
*فئة الأهداف المحورية:والتي يساوي تحقيقها وحمايتها وجود الدولة أو النظام ذاته بحيث قد تكون علة وجود الدولة أحيانا كالسيادة الوطنية وحماية الحدود والأمن القومي للدولة ، ولهذه الأهداف أهمـية قصوى وبالتالي توظف لها كافة الإمكانات والوسائل للحفاظ عليها
*فئة الأهداف المتوسطة: وهي التي تفرض إحـداث تغيير في المحيـط الخارجي للدولة والالتزام بهذه الأهداف جدي وطبيعي من قـبل الدولة بالرغم من أنـها لا تـوازي فئة الأهداف المحورية ومن بينها بناء النفوذ السياسي في العلاقات الخارجية ولعب دور كبير في المحيط الخارجي وخدمة المصـالح العامة للدولة (1) ،وهي أهداف متغيـرة وترتبط بقضايا معينة وينتهي دورها بانتهاء موضوعها والمثال دول الخليج كانت مساندة للعراق وغير معادية لإيران في الحرب بينهما ولكن بحل النزاع عادت العلاقات إلى طبيعتها.
*فئة الأهداف بعيدة المدى:وهي الأهداف التي توضـع نتيجة خطط مدروسـة لتحسيـن الأهداف الكبرى لدولة ما والتي تعكس تصورا فلسفيا أو عاما عند دولـة معينة لمحيطها، ولا تقوم الدولة عادة بشحن كامل طاقتها وإمكـاناتها لخدمة هذه الأهـداف وتمـثل هذه الأهـداف تصورا معينا لبنية النظام الدولي أو لنظام الإقليمي المبـاشر (أوربا موحدة)،
ويمكن إضـافة أهداف اخرى كزيادة مستوى الثـراء الاقتصـادي للدولة والدفاع عـن الإيديولوجية والعمل على نشرها في الخارج، وأهداف ثقافية كالدفـاع عن التراث الثقافي والمحافظة عليه (2)، وهذا نظرا للدور الكبير الذي أضحت تلعبه العوامل والأبعاد الثقافية والحضارية في التأثير على سلوكيات وتوجهات الدول.
المطلب الثاني: الوسائـل
عند تنفيذ السياسة الخارجية تبرز عدة مشاكل من بينها مدى التطابق بين المستـويين النظري والعملي وعند اختيار الوسائل هل نلجأ إلى الوسائل السلمية أو العنفية أو نستعمل الاثنين معا كما أن حـجم الهدف يحدد حجم الوسيلـة وكذلك طبيعة الظـروف الدولـية والداخلية ويمكن اختصارها فيما يلي:
-الدبلوماسية: تعتبر من أقدم الوسائل في ممارسة وتنفيذ السياسة الخارجية سلميا وهـي وظيفة تقوم بها السلطة التنفيـذية ممثلة في وزارة الخـارجية ويمارسها الموفـدون إلى الدول ، وهي الطريقة المفضلة والمثلى للتعامل في الظروف العادية وتساعـد على إدارة المفاوضات .وتاريخيا قبل الحرب العالمية وما بين الحربين كانت الدبلوماسية السرية هي السائدة وهي القائمة على الاتصالات غير العلنية ولا يسمح للطبقات الصغرى بالاطـلاع عليها لكن بعد الحرب العالمية الثانـية تطورت الدبلـوماسية بشكل كبير وأصبحنا أمام الدبلوماسية المفتوحة أو العلنية فأضحت بذلك الولايات المتحدة الأمريكية مثلا لا تعترف بالاتفاقيات السرية وغير المدونة لديها وأثناء الحرب البـاردة عملت على منع الحـروب
والصدام خاصة بين القوى النووية الكبرى وساعدت على تسيير المفاوضات المتعلقة بنزع ومراقبة والحد من انتشار الأسلحة النـووية وهكذا تعتبر الدبلومـاسية من أهم الوسـائل المطبقة في مجال السياسة الخارجية،خاصة بعد ظهور ما يعرف الدبلوماسية الوقائية .
-القوة العسكرية:وتستعمل عادة في حالات خطرة تتعلق بتهديد الأمن القومي للدولة وذلك بعد فشل كل المساعي الدبلوماسية والسلمية وقد أصبحت تستعمل على نطاق واسع خاصة من الدول الكبرى كالـولايات المتحدة الأمريكية وتدخلاتها الأخيرة في كل من أفغانستان والعراق بحجة حمـاية أمنها القومي وردع الجماعات التي تهددها وأصبحت تستعمـل ما عرف بالحرب الوقائية ،وقد تستعمل القوة العسكرية في حدود ضيقة لان تجاوز الحدود قد تنجر عنه نتائج سلبية خاصة في العصر النووي،وهناك اتفاقيات تبين حدود التدخل ومثال ذلك في إطار المادة 51من ميثاق الأمم المتحدة والمتعلقة بحق الدفاع الشرعي عن النفس وماعدا ذلك في الحقيقة هو استعمال غير قانوني للقوة.
-الوسائل الاقتصادية:إن العامل الاقتصادي أصبح من أهم ميادين المنافسة بين السلوكيات الخارجية للدول وازدادت أهميته بفعل الاعتماد المتبادل ،وهكذا فبعد نهاية الحرب الباردة تراجع العاملين الإيديولوجي والعسكري في مقابل تعاظم دور العامل الاقتصادي كما دعم هذا التوجه الدور الكبير للشركات متعددة الجنسيات وتعتبر الوسائل الاقتصادية من أنجع وسائل تنفيذ السياسة الخارجية حيث الملاحظ أن معظم النظم الدولية والتكتلات المتعـددة الأقطاب ذات طابع اقتصادي ومن جهة اخرى فان الدول تستعمل المساعدات والمعونات الاقتصادية للتأثير مباشرة على سلوكيات الدول الأخرى.
-التجسس وأعمال التخريب: بالموازاة مع الدبلومـاسية العلنية هناك بعـض النشاطـات الأخرى تقوم بها الدول سرا كأعمال التجسس التي تقوم بها السفارات والتي كان ينظـر إليها أنها تشوه الوظيفة الدبلوماسية لكنها اليوم أصبحت عادية ولا تنكرها السفارات فكثير من السفارات لها ملحق عسكري ، وقد تخرج عن إطارها العادي إذا استعملت لتحضـير بعض أشكال التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما أما أعمال التخريب فهي كل النشاطات التي تقوم بها دولة أجنبية لأجل تنظيم الجماعات المعادية للنظام وقد تصل إلى مساعدة هذه التنظيمات على القيام بالانقلابات ،وقد أصبحت وسيلة مفضلة للدول الكبرى للتغيير السياسي والتعديل الاقتصادي في الدول النامية.
-الدعـاية : تعتبر وسيلة مكملة أو تحضيرية لاستعمال وسـائل اخرى فيما بعد كالدعاية لتدخل عسكري ما،تحاول الدولة من خلالها تشويه صورة العدو وجعله في صورة الخارج عن القانون والشرعية الدولية ،وهي من أهم وسائل تحقيق أهداف السياسة الخارجية ودعم النشـاط الحكومي ذلك أن الحرب الحالية هي حرب عقول وأفكـار وبالتالي من يستطيع التحكـم في الدعاية يستطيع السيطـرة على تصرفات الآخرين ، والدعاية تحضر لتوجيه الرأي العام حول سياسـات خارجية معينة ولتحقـيق ذلك تستعمل ترسانة إعلامية كبرى ومثال ذلك الدعاية الاعلامية الأمريكية الكبرى للحـرب على العراق من خلال تشـويه صورة الرئيس العـراقي السابق والتي استطاعت أن تحشـد جانـبا من الدعم الداخـلي والخارجي للحرب .
المبحث الثالث : مصادر السياسة الخارجية
المطلب الأول : الأدوار
إن نشاط أي دولة في العلاقات الدولية يحدد إدراكها وتصورها للدور المفترض أن تقوم به وقد يكون للدولة أكثر من تصور لدور معين حسب العلاقات التي تقيمـها في النظـام الدولي كما أن الدور قد يتغير مع مرور الوقت ومع حدوث تحول في القيـادة السياسية سواءا على مستوى الأشخاص أو الاتجاهات، وتعتبر الدول النامية أكثر تحولا،وهي :
*حامي المنطقة:هذا الدور تقوم به عادة القوى الكبرى في إطار استراتيجياتها الكونية في مناطق نفـوذ مباشر لها فالولايات المتـحدة الأمريكية تعتبر منذ القرن التاسـع عشر أن أمريكا الجنوبية هي منطقـة نفوذ لها وهذا ما دل عليه مبدأ مونرو لحماية المنطقـة من القوى الأوربية ، وبعد الحرب العالمية الثانية اعتبر الاتحاد السوفييتي أن أوربا الشرقيـة منطقة نفوذه المطلق وأعطى شرعية لتدخله ضد أي محاولات لتغيير الأنظمـة السياسية فيها ، ويمكن لقوى إقليمية أن تقوم بهذا الدور في مجال إقليمها المباشر كاستراليا(1).
*المحب للسلام:يعمل على إبراز مطابقة سياسته الخارجية مع القوانين والأعراف الدولية ومبادئ الأمم المتحدة،وتعمل بموجبه هذه الدول على تقوية أجهزة الأمم المتحدةوالمشاركة شبه الدائمة في الدبلوماسية الوقائـية وتدخل في قوات حفظ السـلام والمراقبة كما تقـوم بعمليات التوسط في النزاعات في إطار الأمم المتحدة ومثال ذلك السويد والنرويج وكندا .
*المتميز عن حلفائه :هو دور تقوم به دول أعضاء في أحلاف ولكن نتيجة لخصوصيات ذاتية تعتبر أن لها دورا مميزا عن بقية حلفائها ولكن لا يصل إلى مستوى التناقض، وهذا ما يكسبها مرونة اكبر في التحرك وكثيرا ما تغضب هذه السياسة القطب الرئيسي في التحالف ومثال هذا الدور فرنسا في الحلف الأطلسي ورومانيا في حلف وارسو.
*الحليف الموثوق:ويعبر هذا الدور مناقض للسابق حيث يخول لصاحبه التقرب أكثر من القطب الرئيسي في التحالف من حيث انه يرتبط معه بعلاقات مميزة ويعمل هذا الطرف دائما على دعم التحالف والدفاع عنه ويظـهر هذا خاصة في دور بريطانيـا في الحلف الأطلسي وألمانيا الديمقراطية في حلف وارسو.
*زعيم تيار أو اتجاه دولي عام: تعتبر بعض الدول إلى جانب قيامـها بدور رئيسي على الصعيد الإقليمي إن لها دورا قياديا على الصعيد الدولي ويعكس ذلك وجود عقيـدة معينة لدى الدولة لهذا الدور بالإضـافة إلى إمكانات كبيرة والمثال الهند ويوغسلافيا في حركة عدم الانحياز والمكسيك وفنزويلا في مجموعة الجنوب(2) .
*النموذج أو قلعة الثورة: دور تقوم به الدول بتقديمها كافة أنواع الدعم والتأييد لحركات التحرر الوطني وللمعارضة في دول اخرى وتعتبر حالها نموذجا يقتـدى به إن كان في الوصول إلى الحـكم أو في شكل الحكم لاحقا ، وفي فلسفته وسلوكه السيـاسي الداخلي والخارجي ،وظهر خاصة في الخمسينات والستينات وقامت به الصين الشعبية وكوبا.
*الدولة المنبوذة في محيطها:هو وضع تتميز به دول مرفوضة في محيطها المباشر وهذا لوجودها غير الطبيعي في المنطقة أو اعتناقـها لتوجه عام مناقـض تماما لقيم واتجاهات محيطها وهكذا تصبح في عزلة إقليمية وقد تلجا إلى أعمـال عدوانية والى بناء قدرتـها العسكرية وتعتبر إسرائيل المثال الأوضح على ذلك بالإضافة إلى جنوب إفريقيا سابقا(1).
المطلب الثاني: التوجهات
إن دراسة السياسة الخارجية يتطلب فهم التوجهات الرئيسية لتلك السياسة أو كما يسميها البعض بالأنماط ويقصد بها تلك الوقائع التكرارية المتماثلة نسبيا والتي تحدث عبـر فترة طويلة من الزمن ويمكن إيجازها فيما يلي:
1-الانعزال أو الانكفاء : يقوم على أن حماية الدولة وحفظ أمنها يكون بالحـد من تفاعلها الخارجي إن كان على المستوى الثنائي أو في إطار المنظمـات الدولية وقد يبقى على حد ادنى من التفاعلات الاقتصادية إن كانت بنية الدولة الاقتصادية تسمـح بذلك ،وتكون هذه السياسة عند غياب خطر مباشر على القيم الأساسية للدولة وهناك تأييد داخلي لهذا التوجه
التوجه.وبالتالي يتميز هذا النمط بمحدودية المشاركة الخارجية ومن ثم تقل أهمية معيـار التنويع ورفض التغلغل الخارجي (2).
2-الحياد: نشا هذا المفهوم في اتفاقيات لاهـاي(1899-1908) وهو قرار تتـخذه الدولة بإرادتها ولها نظامها القانوني الذي يشمل حقوق وواجبات من بينها واجب الامتنـاع الذي يفترض عدم تقديـم أي نوع من المساعـدة إلى أطراف نـزاع معين من طـرف الدولة المحايدة وعدم قبول استعمـال أراضيها ، وواجب التجرد بان تتعامـل الدولة بالتسـاوي مع المتنازعين ،ومن حقوقها أن تحترم وحدتها الترابية وحريتها في إقامة علاقات تجارية
ومرور بضائعها غير العسكـرية في البحار في زمـن الحرب ، وعلى كل الدول احترام وضعها القانوني.
3-عدم الانحياز : شكل مؤتمر باندونغ المحطة الرئيسية له سنة1955،يدعو إلى محاربة الاستعمـار والامتنـاع عن التدخل في الأحلاف المشكلة فيما عرف بالتـجاذب الدولي ويختلف عن الحياد كون هذا الأخير ناتج عن وضع قانوني من جهة وقبول دول اخرى به ذات تأثير حيث تعطيها ضمانات الحماية أما الدول غير المنحازة فهي التي اختارته دون أي نظام قانوني وبالتالي لا توجد لها أي ضمانات .
4-الأحلاف :يعود تاريخها إلى نشوء العلاقات الدولية ،وقد يكون لأعضاء الحلف مصالح مختلفة أو موحدة لكنها غير متناقضة ، وقد يكون موجه ضد وحدة معينة أو حلـف آخر،
وتحدد طبيعة المصلـحة وبقاؤها استمرارية التحـالف وقوته وتهدف سياسة التحالف إلى خدمة تصور استراتيجي معين عند قوى كبرى، أو دفاعي لحماية منطقـة معينة أو حماية نظام ضعيف داخليا عبر الحصول على شرعية التدخل في حالة تعرضه للخطر(1).
ويقدم هولستي أربع أنماط أو توجـهات للسياسة الخارجية وهي العزلة ونمط الاعتماد على الذات ونمط الاعتماد ونمط عدم الانحياز.
إن تحليل السياسة الخارجية الأمريكية منذ نشأتها يوضح أن تلك السياسة تتغير دوريا من توجه انعزالي إلى آخر تدخلي فقد تميزت خلال الفترة (1776-1798)بالتوجه الانعزالي ولكنها ابتداءا من سنة 1798 حتى سنة 1824 تحولت إلى توجه تدخـلي ثم عادت إلى التوجه الانعزالي حتى1844. وفي السنوات الأخيرة أصبحت السياسة الأكثر تدخلا(2).
























الفصل الثاني
صنـع السياسة الخـارجية

























تبدأ عملية صنع السياسة الخارجية عندما يواجه المسؤولون بهذا الصدد موقفا يدخل في نطاق السياسة الخارجية كأزمة دولية مفاجئة تتطلب موقفا إزائها أو سلوك لخصم يتطلب رد فعل تجاهها أو تنبؤ بحدث دولي هام ينبغي الاستعـداد له (1)،وبالتالي يكون القرار هنا اختيار لبديل من البدائل بناءا على توافر معلومات معينة تتعلق بالبديل وتحديد ما له ومـا عليه ثم يتخذ القرار الذي يحقق اكبر قدر من المزايا واقل قدر ممـكن من الخسائر وهكذا فالقرار بحد ذاته يعتبر مغامرة وتبعا لكون مصلحة الدولة آنية أو مستقبلية قد يكون صنع القرار تكتيكيا أو استراتيجيا ولان السياسة غير ثابتة ومتقلبـة تبعا للظروف والأوضـاع المحلية والدولية يجد صـانعو القرار صعوبة في صياغة سياسـة خارجية تؤتي ثمارها المرجوة منها خصوصا إذا عمدت الدولة إلى توسيع دائرة علاقاتها الدولية مما يستدعي بالتالي توسيع دائـرة هذه الصياغة ،وتجـدر الإشارة إلى أن وسائل الإعـلام المتطورة أصبحت اليوم مصدرا مهما للمعلومات وتساهم إلى حد كبير في تقديـر البدائل المتـعلقة بالقرارات كما أنها تساعد على إقـناع الجماهير بقـرارات السياسة الخارجية والارتفاع بثقافتهم السياسية أي تفاعلهم مع النظام القائم وتأثيرهم فيه كما أنها تنقل مواقف الجماهير الى صانعي القرارات(2) . ولمناقشة هذا الفصل نحاول الإجابة على التساؤلات التالية:
ما هي المحددات المؤثرة على صياغة القرار؟ ومن هم صانعو القرار أي الفاعلون؟
ثم نحاول مناقشة فعالية القرارات بين الأنظمة المفتوحة والأنظمة المغلقة.
المبحث الأول : محددات السياسة الخارجية
إن المحـددات هي مجموعة العوامل المؤثرة والموجهة للسياسة الخارجية التي يرتبـط بها صانع القرار وتمنحه حرية واسعة لاختيار البـدائل ونقصها يقيد من حريتـه وبالتالي يؤثر مباشرة على فـعالية القرارات المتخذة وهذه العوامل والمحددات مرتبطـة بالبيئتين الداخلية والخارجية .
إن محددات السياسة الخارجية تقبع في خلفية عملية صنع هذه السياسة مؤثرة على معظم خيارات صانعي القرار (3)، وهي كالأتي:
-جغرافية : قديما لعبت دورا كبيرا ومازالت كذلك ويدخل في إطار هذا العامل الجغرافية السياسية والتي تعني توظيف الأرض لخدمة السياسة ،فموقع الدولة الطبيعي مهم من حيث انه يحدد إستراتيجية الدولة الخارجية فالدولة المطلة على البحر تختلف عن الدولة التي لا تمتلك سواحـل بحرية كما أن دول المضـايق والمسيطـرة على المداخل البحـرية لها استراتيجيات معينة وهكذا فلكل موقـع خصوصيته وهذه الخصـوصية هي التي تفرض خيارات معينة دون غيرها.
-بشرية: قد يكون المحدد البشري عامل قوة أو عامل ضعف ، فكثرة السـكان قد يعطي نشاط اكبر للسياسة الخارجية فعندما تكون الإمكانـات الداخلية لا تكفـي لسد الحاجـيات وبالتالي تلجا الدولة إلى بناء علاقـات سلمية في إطار تكتلات اقتصادية ، وقد يكون هذا سبب لقيام صراعات خارجية إذا تعـذر ذلك بالطرق السلميـة وذلك بحثا على المجـال الحيوي ،وهناك من يرى أن عامل كثرة السكان لا يمثل عامل قوة في السياسة الخارجية فالصين والهند إلى عهد قريب لم يؤثرا كثيرا على المستوى الدولي من خلال سياستـهما الخارجية. بالإضافة إلى أن التنوع العرقي داخل الدولة له اثر كبير فهذا التنوع قد يلعب دورا سلبيا وذلك بتشكيل جماعات ضغط ولوبيات تدافع عن مصالح الهويات التي ينتمون إليها كما أن التركيبة العرقيـة المنسجمة تنعكس إيجابا على السياسـة الخارجية وتسـاهم في انسجامها .
-الموارد الاقتصادية: عامل مهم جدا وقد اتخـذ هذه الأهمية خاصة بعـد نهـاية الحرب الباردة وتراجع العاملين الإيديـولوجي والعسكري فعـوامل الثروات الطبيعية من بترول وغاز وغيرها تجعل الدولة محل أطماع ، ثم الإنتاج الصناعي والزراعي وقوة المـيزان التجاري وحجم المبادلات ومدى تبعية الدولة وقوة استقرار العملة وحجم المديـونية كلها عوامل ذات أهمية كبرى في تحديد طبيعة السياسة الخارجية ومدى فعاليتها .
-إيديولوجية : وهي مجموعة الأنساق الفكرية والعقـائدية المؤثرة في السياسة الخارجية وفي هذا الإطار هناك ثلاث آراء:
*إن النسق المركزي يؤثر في السياسة الخارجية لان الدولة تنطلق من القيم والمبادئ التي تحكمها وسلوكها الخارجي يتأثر مباشرة بعوامل إيديولوجية معينة فخلال الحـرب الباردة كان للمتغير الإيديولوجي تأثير كبير في تحديد معالم السياسة الخارجية للقوتين العظمتين.
*الإيديولوجية مهمة لكنها لا تحدد أهداف الدولة فهي فقط وسيلة لتبرير السياسة الخارجية
*يجب النظر لكل حالة على حدا ، إذا كان هناك انطبـاق وانسجام بين المبـادئ والقيـم
والسلوكات الخارجية نقول إن السياسة الخارجيـة متأثرة بالإيديولوجية وإذا كان هنـاك تناقض بين النظرية والواقع العملي نقول إنها سياسة براغماتية .
-شخصية: الدولة شخص معنوي عام وكيان قانوني يتصرف وفقا لعوامل البيئـة الداخلية والخارجية وقد تؤثر العوامل الشخصية وارتباطاتها وذلك من خلال:
-طبيعة ميول صانع القرار لأي من السياستـين الداخلية أو الخـارجية ثم درجة القـوة التي يتمتع بها في مراكز صنع القرار كما أن طبيعة المواقف الخارجية تحدد نسبة تأثير العوامل الشخصية فالمؤثـرات الروتينية العادية وغير المستعجـلة لا تظهر فيها تأثير العوامل الشخصية مثل المؤثرات المفاجئة والمستعجلة والتي تلعب فيها توفر المعلومات دورا مهما ويحدد دافيد ماكيلان نوعان من الميولات الشخصية :
*هناك أشخاص يميلون إلى سلوكات القـوة والمخاطرة كونهم حرموا منها في الطفـولة "هتلر"
*هناك من يميلون إلى الانجـازات لكسب شخصية كارزمـاتية وهذا لتقوية مواقفهم في النظام وزيادة شعبيتهم.
-مجتمعية: تعتبر الشخصية الوطنية احد المـحددات المجتمعية الأكثر تأثيرا في السياسة الخارجية وهي مجمـوعة سمات وصفات عامة والتي يشترك فيها جميع مواطنوا الدولة وتكون دينية ومذهبية ولغوية وتتكون الشخصية الوطنية من عدة مصادر كالتنشئة الاجتماعية والسياسيـة والأحزاب وجماعات المصالح والرأي العـام وهذا الأخير يختلف تأثيره بين الدول المغلقة والمفتوحة من حيث نظامها السياسي.
-العامل الخارجي: يتأثر السلوك الخارجي للدولة في لحظة معينة بسلوك الوحدات الدولية الاخرى تجاهها فالدولة تستقبل حوافز وسلوكيات عديدة من الوحدات الفاعلة في النسـق الدولي وتكـون هذه الحوافز ذات طابع صـراعي أو تعاونـي ومن ثم يصبح السلـوك الخارجي للدولة "س" تجاه الدولة "ص" نتيجة للسلوك الذي استقبلته الدولة "س" من الدولة "ص" في المرحلة السابقة(1).
ويحدد تشارلز هيرمان أربعة أشكال من التغير في السياسـة الخارجية عند استجابتـها للمؤثرات الخارجية :
*تغير تكيفي مع بقاء أهداف وأدوات السياسة الخارجية كما هي .
*تغير برنامجي وينصرف إلى تغير في أدوات السياسة الخارجية ومن ثم تحقيق الأهداف عن طريق التفاوض مثلا وليس عن طريق القوة العسكرية.
*تغير كلي للأهداف دون الأدوات.
*تغير في توجهات السياسة الخارجية بالكامل أي يشمل تغير الأهداف والأدوات (1).
إن المحددات السابقة تؤثر بصفة مباشرة على قـوة الدولة وبالتالي على مستوى تأثير سياستها الخارجية على الصعيد الدولي ، إن القدرات عامل أساسي في بسط التأثير والنفوذ لكنها ليست المحدد الوحيد فطبيعة الدولة واحتياجاتها واستجاباتها والتزامـاتها هامة بنفس القدر ويتخذ التأثير أو بسط النفوذ صورا منها المعونات والمنح (2). من ناحية أخرى يعتمد تأثير المحدد على السياسة الخارجية على عنصر الإدراك ، فإذا تجاهل صانع القرار هذا العنصر بسبب ضعف ادراكه أو وجود مشكلات اتصالية فان هذا المحدد لن يـؤثر على السياسة الخارجية ،ومن جهة أخرى فان تأثير المحدد يختلف باختلاف الفاعلين فمثلا نجد الدول الصغرى أكثر تأثرا من الدول الكبـرى بالمتغيرات النسقية الدولـية كما أن الدول الديمقراطية تتأثر بمجموعة من المحددات تختلف عن تلك التي تتأثر بها الدول المتسلطة والأمر نفسه ينطبق على الدول المتطورة اقتصاديا والدول النامية (3) .







المبحث الثاني : مؤسسات صنع وتنفيذ السياسة الخارجية:
في ظل النظام الدولي الجديد المليء بالتفاعلات من النادر أن نجد دولا تأخذ توجه العزلة أو تقيم علاقات إقليمية ضيقة بل إن كل دولة تسعى إلى توسيع دائرة علاقاتـها الخارجية وبالتالي يكثر فيها صانعو القرار بحيث يتوجب التنسـيق بين مختلف الأجـهزة في الدول ذلك انه يتعذر على أن أي مسؤول أن يدرك بمفرده أبعاد كل القرارات المراد اتخـاذها، وبالتالي عليه الاستعانة بمؤسسات فرعية أو لجان استشارية أو مؤسسات غير رسمية كما انه ثمة جهات تؤثر بطريقة غير مباشرة على صناعة القرار كجماعات الضغط.وعادة ما تتركز صـناعة القرارات في يد السلطة التنفـيذية ووزير خارجيتها ،إلا انه ثمة عناصر اخرى ينبغي تخذها بعين الاعتبار كالسلطـة التشريعية والموظفون الإداريون في وزارة الخارجية والوزارات الأخرى التي لها علاقة بالشؤون الخارجية إضافة إلى المؤسسـات غير الرسمية كالأحزاب السياسية وجماعات المصالح الأخرى.
1-المؤسسات الرسمية :
* السلطة التنفيذية:تلعب دورا بارزا في رسم وتنفيذ السياسة الخارجية لما يتوافر لها من قنوات اتصال ممتازة ، ثم إن طبيعة السياسة الخارجية المتسمة بحالة عدم الثبات وسرعة التغير تنحو بالنظم السياسية إلى إعطاء السلـطة التنفـيذية دورا مركزيا في صنـع تلك السياسة لمواجهة الأزمات الدولية وتتركز السلطة التنفيذية في بعض الدول في يـد رئيس الدولة وفي بعضها الآخر تناط برئيس الحكومة أما في الدول الاتحاديـة فيكـون المجلس الأعلى للاتحاد هو صاحـب القرار ويندرج تحت السلطة التنفـيذية في مختلف النظـم السياسية مجموعة من المؤسسات وفي مقدمتها الأجهزة الرئيسـية في وزارة الخارجـية ووزارة الدفاع(1) .
*وزارة الخارجية: تقوم بالمشاركة في رسم السياسة الخارجية وتنفيذها والإشراف علـى العلاقات الدولية بما في ذلك التمثيل الدبلوماسي والقنصلي مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية حيث تقوم السفارات بإرسال تقارير مفصلة عن أوضاع الدول المختلفة التي توجد بها لتحلل هذه التقـارير بواسطة خبراء مختصـين وموزعين على أقسام رئيسيـة في الوزارة وتقوم السفارات برعاية مصالح الدولة ومواطنيها في الخارج وتمثيل الحكومـة والتفاوض باسمـها وتتغير مسؤوليـة وزارة الخارجية من بلد لأخر، ففي النظم الرئاسية يعتبر وزير الخارجية المعاون الأول لرئيس الدولة في مجال العلاقات الخارجية أما في النظم البرلمانية فهو مسؤول أمام رئيس مجلس الوزراء عن هذه السياسة .
*الجهاز البيروقراطي: هم الموظفون المعينون بصفة رسمية ودائمة للقيام بالمهام الرسمية في مجال السياسة الخارجـية حيث يعتمد عليهم في التزود بالنصائح لتطوير هذه السياسة وتنفيذها كما يقومون بجـمع المعلومات وتحديدها لترفـع إلى المستـويات العليا ولخص كيجلي وويتكون أهمية البيروقراطية في صنع السياسة الخارجية في ما يلي:
-فعالية البيروقراطيات تعود لهياكلها الهرمية وتعمل على اتساق وانسجام السياسة الخارجية
-توفر البيروقراطيات سجلات عن الأحداث السابقة ليسهل التعامل مع المشكلات الراهنة
-تؤكد على معيار الكفاءة، والترقية على أساس الاستحقاق والانجاز.
-يشجع عدد الأجهزة في الهيكل البيروقراطي على النظر في بدائل مختلفة(1).
*السلطة التشريعية : تلعب الهيئة التشريعية دورا محددا في صنع السياسة الخارجية ففي المجتمعات الديمقراطية تشترك على الأقل في إقرار المعاهدات وتعيين المسـؤولين عن السياسة الخارجية ورسم الميزانية العامة وإعلان الحرب،والمتعارف عليه أن مشـاركة السلطة التشريعية فتي الشؤون الخارجية اقل من مشاركتها في الشـؤون الداخلية وذلك للسرية التي يتسم بها السلوك الخارجي، كما أنها لا تأخذ المبادرة في قرارات السياسـة الخارجية وإنما يقتصر دورها على الموافقة أو الاعتـراض على السياسة التي تقترحها الحكومة.
*المؤسسة العسكرية:تلعب دوراهاما في عملية صنع السياسة الخارجية وذلك عندما تحتل قضايا الأمن مركز الصدارة ويتوقف دورها على نوعيـة الحكم حيث تخضـع في النظم الديمقراطية للسلطة المدنية حـيث يكون وزير الدفاع مدنيا والتحـرك العسكري يخضع لقرار سياسي ، أما في النظم العسكرية فتكون القيادة العسكرية هي صاحبة القرار ويمكنها الاستعانة بخبراء مدنييـن وفي كل سفارة توجد ملحقيه عسكرية تقوم بتقديـم المعلومات المتعلقة بالشـؤون العسكرية إلى وزارة الدفاع(2) ، وقد اصحب رأي العسكـريين محل اهتمام وهو المرجـح في المباحثات ذات الصلة بالدفاع الخـارجي ،فالعسكريـون أدرى بمتطلبات الوضع العسكري أثناء الحروب وبالتالي يكون تسخير مجمل السياسة الخارجية في خدمة القضايا العسكرية.
*المؤسسة الاقتصادية : من الأدوات المهمة في تنفيذ السياسـة الخارجية فهي وسيلة أو مكافئة أو معاقبة الدول الأخرى كما أن القوة الاقتصادية سند للقوة العسكرية،ولان الأعباء الداخلية ازدادت لتحقيق العدالة والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية فقد أصبحت الضرورة ملحة لإقامة علاقات تفاعل مع بقية المجتمع الدولي خاصـة في المجال التجاري وبالتالي أضحى دور كل من وزارتي الاقتصاد والتجـارة لا يقل أهمية عن وزارة الخارجيـة في صـنع السياسة الخارجية ، حيث تقوم الوزارتان المـذكورتان بمتابعة أي اتفاق تجاري خارجي وتنفيذه ،وفي بعض الدول ثمة مؤسسات حكومية اخرى تسهم في صناعة السياسة الخارجية كمجلس الأمن القومي وجهاز الاستخبارات .
2-المؤسسات غير الرسمية : إن التطورات المعاصرة أعطت الجماعات غير الرسـمية دورا مؤثرا في صنع السياسة الخارجية ويختلف هذا الدور بحسب نوع الأنظمة وأهمـها الأحزاب السياسية وجماعات المصالح .
*الأحزاب السياسية : وهي مؤسسات يتفاوت تأثيرها في السياسة الخارجية وفـق تعددها ودرجة انضباطها وتبعا لهيكلها ووظائفها وكلمـا ازدادت الأغلبيـة البرلمانيـة للحزب السياسي ازداد تأثيره على السياسة الخارجية ، وعادة في النظـام متعدد الأحزاب يكـون تأثيرها محدود بسبب سرعة تغير الائتلافات التي تواجهها الحكومات والأحزاب ومـن ثم يزداد نفوذ البيروقراطيات في الأجهزة الحكومية .
*جماعات المصالح : وتسمى بالجمـاعات الضاغطة أو اللوبيـات لان تمارس الضغوط كوسيلة لحمل المسـؤولين على اتخاذ قرارات تخدم مصلحـتها وهي على أنواع فهنـاك جماعات الضغوط الاقتصادية كاتحادات العمال ورجال الأعمال والمزارعين وهي تهتم بقضايا التجارة والتعريفات الجمركية كما تعمـل بعض الجماعات الاقتصـادية والماليـة الأخرى على إيجاد فروع وأسواق لها بالخارج وذلك من خلال الضـغط على القرارات الحكومية لتعمل في الاتجاه الذي يسهل عليها ذلك(1).
والمثال في الشـركات الأمريكـية الكبرى العامـلة في مجالات البترول والمصـارف والخدمات... ،وهناك جماعات أخرى تساهم بطريقة غير مـباشرة في صناعة السياسـة الخارجية كجمعيات المثقفين والعلماء والتنظيمات الثقافية والعلمية والمهنية دون إغفـال الدور المهم للرأي العام في تبني وقبول أو رفض قرارات السياسة الخارجية ولو أن هذا الدور يتفاوت بين الفعاليـة والمشاركة من جهة والعقم والتغييب من جهة أخرى بحسب نوعية الأنظمة.
المبحث الثالث : فعالية السياسة الخارجية مرتبطة بنوع النظام
1-الأنظمة المغلقة : يشير العديد من الكتـاب إلى أن الأنظمة المغلقة أو التسلـطية أكثر فاعلية من الأنظمة الديمقراطية فقد أوضح دي توكفيل أن الإدارة الفعالة للشؤون الخارجية تتطلب السرية والتخطيط والمثـابرة وهذه القـيم لا تتوافر إلا في النظم التسلطية وانتقـد ريمون ارون الديمقراطية في عملية صنع القرار لأنها تؤدي إلى الشلل وما يصاحبـه من عدم القدرة على التصدي للمشكلات الملحة ، والهياكل التسلطية أكثر فعالية كونـها تنتج قرارات سريعة لأنها لا تستجيب للضغوط العامة وتضم عددا محدودا من الأفراد وبالتالي تقل عملية المساومة داخل هذا الهيكل لان بإمكانه تخطي المعارضة أو قمعها ، من ناحية أخرى تضمن هذه الهياكل الإذعان لقراراتها حيث تقوم على مبدأ التسلسـل الواضـح في القيادة كما تمكن مركزية صنع قرارات السياسة الخارجية من تشكيل جبهة مـوحدة والتي يصعب تحقيقها في الناظمة الديمقراطية ، وفي الوقت نفسه تضمن الانظمة المغلقة تمثـل خارجي قوي لسياستها فتعزز الثقة في الرسالة الموجهة للآخرين (1).
وتتميز عادة الانظمة المذكـورة بسـياسة خارجية أكثر قابلية للتكيف بحيث تستـجيب للأوضاع المتغيرة لأنها اقل تقيدا بآراء الجماهير وبجماعات المصـالح كما أن لها القدرة على إتباع سياسات متناقضة في وقت واحـد فقد اشتكى وزير الدفاع الأمـريكي الأسبق جيمس شليسنجر في أن الاتحاد السوفييتي يساعده انغلاقه في انه لا يجد صعوبة في إتباع سياسة الانفراج وتقوية قدراته الدفاعية في الوقت نفسه لكن في النظم الديمقراطية الدعاية للانفراج من جهة وإقناع الشعب بضرورة الإنفاق العسكري من جهة أخرى(2).
ويمكن القول أن هذه الانظمة تستمد هذه المميزات من حرية التصرف نظرا إلى حاجتها المحدودة إلى الاستجابة لمطالب الشعب والرأي العام.
لكن الفعالية المذكورة لها بعض الملاحظات فالنظام التسلطي يعجز عن تطوير سياسات ابتكاريه بسبب المركزية الشديدة والنزعة نحو اضطهاد أصحاب الآراء المخالفة وهكـذا تصنع هذه الانظمة رجالا مطيعين يقبلون كل ما يرضي الحـاكم وبالتالي تنـعدم روح المبادرة وتقل فرص اكتشاف بدائل متعددة ويقول والتز إن هذه النظم لا توفر آلية للخلافة السياسية وتتميز بقلقها الدائم على مصيرها السياسي من عواقب السياسة المتبعة(1) .
الانظمة المفتوحة: إن فعالية هذه الانظمة تنبع من ميلها إلى انتخاب قيادات تتمتع بالمهارة والخبرة كبناء علاقات شخصية والتحالفات الحزبية وفن التوصل إلى حلول وسط وكـلها مهارات لازمة لإدارة فـعالة للسياسة الخارجية فالنظم التسلطية تنفذ من خلال الأوامـر وليس من خلال الـنقاش والتفاوض وهذا يناقض جـوهر الدبـلوماسية الناجحة حيث أن الانفتاح يوفر حوار حقيقي يشرك جميع الأطراف الفاعلة في قضايا السياسة الخارجية مما يؤدي غالى توفير المعلومات اللازمة ودراسة البدائل المختلفة ووضوح النوايا ، ومن جهة أخرى فان الضوابط الداخـلية على حرية القـائد السياسي تعطي له المبررات المقنعة في إدارة المفاوضات مع الأطراف الخارجية عندما يتعلق الأمر بتقديم تنازلات معينة .
وتشير بعض الدراسات أن الانظمة المفتوحة أكثر ترددا في دخـول الحروب من الانظمة التسلطية كونها تخشى أن تهدد تلك الحروب التوازن الداخلي وتنشا جبهة معارضة تعمل على تأليب الرأي العام ضد صانعي القرار ومن جـهة أخرى فان ميل النظم الديمقراطية إلى الاتجاهات السلمية مـرده أن قيمـها الديمقراطية تنمي الاعتقاد بأهمية الحلول الوسط وتفضيل الالتجاء إلى المحاكم والمنظمات الدولية بالإضافة إلى بعدها عن التصرفات غير الإنسانية وغير الأخلاقية(2) ، كما أن توتر العلاقات بـين سياستين خارجـيتين لنظامين ديمقرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإطار المفهوماتي والنظري للسياسة الخارجية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول
» الإطار التفاوضي في العلاقات الدبلوماسية
» التحديات الأمنية للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب الباردة
» الاطار المفاهيمي والنظري لعملية صنع القرار
» الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1