منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
محددات الشخصية السياسية Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
محددات الشخصية السياسية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 محددات الشخصية السياسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

محددات الشخصية السياسية Empty
مُساهمةموضوع: محددات الشخصية السياسية   محددات الشخصية السياسية Emptyالأربعاء نوفمبر 07, 2012 7:36 am

محددات الشخصية

من الجدير بالذكر إن الفرد لا يولد في فراغ إنما في مجتمع ، ومنذ اللحظة الأولى لولادته تتعهده مؤسسات المجتمع بعملية التنشئة والتثقيف. وخلال هذه العملية تؤثر فيه مجموعة قوى تُعدَّ بمثابة المحددات الأساسية التي تحيل الشخصية إلى تجريد Abstraction يستند إلى تركيب شكلي ، وبواسطة هذا التركيب يمكن دراسة هذه القوى بشكل منفصل ومستقل، لكنها في الواقع تكون متداخلة ومتفاعلة فيما بينها، والتمييز يكون لأجل التوضيح والتحليل ولا يقوم على أساس الواقع الفعلي. وفي هذا الجانب يوضح الانثروبولوجست كليد كلاكهون C.Klachohn بان عادات الشخص واتجاهاته وسماته ما هي إلا نتاج لعملية التفاعل بين مجموعة القوى الطبيعية والاجتماعية والثقافية، التي في ضوئها يحدث التكامل الوظيفي لأي سلوك اجتماعي يتعلمه الشخص ،في أثناء قيامه بمختلف الأدوار المتمايزه مما يكوَّن شخصيته الاجتماعية ويشكَّلها.( )
بناءً على ما تقدم نجد أن محددات الشخصية تتمثل بالمحددات التكوينية التي ترتكز على دراسة الخصائص الجسمية والبايولوجية للفرد .والمحددات الاجتماعية والثقافية التي ترتكزان على دراسة الخصائص السلوكية والقيمية التي تسهم في تشكيل شخصية الفرد واكتسابه للنمط الاجتماعي والثقافي للمجتمع. وسوف نتناول في هذا الفصل المحددات الاجتماعية والثقافية فقط، لأنهما يقعان ضمن نطاق اختصاصنا واهتمامنا على الرغم من أن المحددات التكوينية تبقى مهمة إذا نظرنا إليها يوصفها قاعدة أو ركيزة أساسية تنمو من خلالها المحددات الاجتماعية والثقافية.

أولاً – المحددات الاجتماعية Social Determinants
يقصد بها مجموع الخصائص والعوامل المكتسبة التي تسهم في تشكيل شخصية الفرد واكتسابه للنمط الاجتماعي للمجتمع ، وهذه القوى تكون من نتاج التفاعل بين محددات مرحلة الطفولة ، ومحددات عضوية الفرد للجماعات المتعددة، والمحددات الموقفية.( )
وفيما يخص محددات مرحلة الطفولة يمكن القول أنها ترتبط بالخبرات والوقائع التي مر بها الفرد خلال سنوات حياته المبكرة ، فهو يوصفه مخلوقاً مرناً يمتاز منذ تولده بقابليته على النمو والتطور ، لكن ليس لديه القدرة الفطرية على التوافق مع البيئة الاجتماعية لإشباع حاجاته ، كما لا يستطيع تحقيق عمليات التفاعل الأساسية لتشكيل شخصيته تلقائياً ، لان الشخصية الاجتماعية كما معروف لدينا لا تورث ولا تصنع بالميلاد ، لكن تتشكل منذ البدء بفعل المؤثرات النفسية والاجتماعية التي يفرضها الوالدان على الطفل، لتكون منه إنساناً اجتماعياً يكيف نفسه مع الآخرين ويسيطر على دوافعه وانفعالاته الفطرية وذلك بواسطة عملية التنشئة الاجتماعية.( )
وفي هذا الجانب يرى كلاكهون أن بناء الشخصية أساسه بايولوجي، لكن تشكله وتحدد معالمه وأطوار نموه النفسي والاجتماعي عملية التنشئة والتثقيف( ),وتُعدَّ الام المؤثر الأساسي فيها، لكونها أول الأشخاص الذين يتعهدون بتنشئة الفرد ورعايته جسمياً ونفسياً واجتماعياً. فدورها لا ينحصر في إشباع الحاجات الفسيولوجية فحسب، إنما تمنحه شيئاً أهم ألا وهو الحب والطاقة النفسية اللازمين للتكيف.( ) ومن ثمة يؤثر أشخاصاً آخرون في تنشئة هذا الفرد مثل الأب والاخوة والأقارب . وبذلك نلاحظ أن التفاعلات المبكرة والمتداخلة سواء أكانت إيجابية أم سلبية تؤثر في البناء الأساسي للشخصية، وكلما كانت التفاعلات أكثر عمقاً أصبحت أكثر تأثيراً في سمات شخصيته وتنظيم دوافعه وحاجاته.( )
وفي ضمن هذا السياق نجد أن عالم النفس فرويد S. Freud وعدداً كبيراً من أنصاره يعطون أهمية كبيرة لمرحلة الطفولة، ويُعدوَّنها المحدد الحاسم والنهائي في تكوين الشخصية . وتبعاً لوجهة النظر هذه، فالشخصية تحدد وتثبت عند سن الخامسة أو السادسة لان الخبرات السارة والمؤلمة التي مر بها الفرد في تلك السنوات تسهم بشكل نهائي في تكوين شخصيته كانسان بالغ فيما بعد. ( ) بينما نجد أن العديد من علماء الاجتماع والنفس المعاصرين يؤكدون بان الشخصية ليست مجرد محصلة لتجارب الطفولة فحسب، بل ما يتراكم عليها من خبرات وضغوط اجتماعية في المواقف المتتالية لحياة الفرد.لان المجتمع بقواه وعوامله المتعددة والمتباينة يستمر يؤدي دوره الفاعل في هذا الجانب ، كما إن عمليات التنشئة تستمر مدى الحياة وعلى مستويات اجتماعية اكثر اتساعاً. ( ) حتى أن بارسونز ضمن هذا المجال أشار إلى أهمية التنشئة لكونها عملية دينامية تبدأ منذ الميلاد وتستمر طوال حياة الفرد ، ولا يقتصر تأثيرها في مراحل العمر المبكرة بل تمتد إلى شخصية الراشد لتهّدف إلى إعادة تنظيم شخصيته مما يساعد في تحقيق التوازن النفسي-الاجتماعي له.( )
نستخلص مما تقدم أن فرويد وانصاره يفسرون تشكيل سمات الشخصية بإرجاعها للخبرات والوقائع الطفولية فقط ، ويغفلون أهمية المحطات العمرية والتجارب اللاحقة في إعادة تنظيم الشخصية. وعلى الرغم من أهمية سنوات الطفولة الأولى إلا إن وجهة النظر هذه قاصرة لان شخصية الفرد تنمو وتشكل خلال مراحل العمر المتعددة ، فضلاً عن تأثير الظروف المجتمعية وطبيعة البناء الاجتماعي بمؤسساته المختلفة . لذلك ينبغي أن نعي تأثير خبرات مرحلة الطفولة مع خبرات الشخص الناضج هي التي تشكل توجهاته وأنماط سلوكه المستقبلي.
إذن لا يمكن عّد خبرات مرحلة الطفولة المحدد النهائي على الرغم من أهميته ، بل إن عضوية الفرد في الجماعات المتعددة تُعّد من المحددات الاجتماعية المهمة في هذا الجانب أيضاً . وتبدو أهمية هذا المحدد إذا عرفنا أن الفرد خلال حياته يمر بالعديد من الجماعات الأولية والثانوية التي توجه نموه وجهة اجتماعية وتجعل منه كائناً اجتماعياً يحمل صفات مجتمعه، كما يحمل صفات الجماعات التي ينتمي إليها.( ) فالفرد عندما يكبر وينضج تمتد علاقاته بالتعاقب مع العديد من الجماعات لأنه يشعر بالرغبة في القبول والتقدير والاحترام والصداقة، ولأجل ذلك تؤثر فيه استجابات الأشخاص المحيطين به مما يعمل على نمو شخصيته بالاتجاه الذي تقبله تلك الجماعات ، لان قبول الجماعة للفرد يُعّد قوة منظمة لشخصيته، بينما يُعد رفضها له ولتصرفاته قوة مزعزعة لشخصيته . إذن بعض الجوانب من الشخصية تتشكل خلال التفاعلات التي تحدث بين الفرد والآخرين ضمن نطاق هذه الجماعات،إذ يرى الفرد ذاته منعكسة في تصرفات الآخرين نحوه الأمر الذي يحدد تصرفاته واتجاهاته ومن ثم سماته، فضلاً عما يكتسبه من مهارات ومؤهلات ومعارف داخل نطاق هذه الجماعات.( )
ويلاحظ أن أهم الجماعات التي ينتمي إليها الفرد من حيث درجة تأثيرها في شخصيته هي الجماعات الصغيرة التي أطلق عليها جارلس كولي Ch.Cooly اصطلاح الجماعات الأولية مثل الأسرة وجماعة الأصدقاء والمجتمع المحلي ، فضلاً عن تأثير الجماعات الثانوية الكبيرة كالأندية والنقابات والجمعيات والتنظيمات الكبرى.( )
ويوضح دوركايم في هذا الجانب بأنه على الرغم من أن الجماعات الأولية والثانوية لا يمكن أن يفصل بينهما بشكل دقيق عند دراسة القضايا المتعلقة بتصرفات الأفراد وأنشطتهم ، إلا أن كلاً منهما يمثل محدداً مستقلاً عن الأخر. ويؤكد تأثير الجماعات الأولية يكون اكبر واكثر وضوحاً من تأثير الجماعات الثانوية ، لان الفرد في مراحل عمره المبكرة لا تكون لديه القدرة الكافية على استيعاب الموجهات الثقافية إلا بعد تكرار واستمرار عمليات التفاعل مع الآخرين ، بمعنى إن اكتسابه للقيم والمعايير وأنماط السلوك لا تتم إلا بعد مروره بخبرات متعددة داخل نطاق الجماعات الأولية ، إذ يقوم أعضاؤها بأنماط سلوك متماثلة، وينجزون الأدوار المتشابه نفسها، ولهم التصور نفسه عن الوسط الاجتماعي، واستيعاباتهم تكون متماثلة قدر الإمكان عن الخطأ والصواب . ومن ثم يأتي دور الجماعات الثانوية التي تتسم بكبر الحجم ورسمية العلاقات في تحديد ملامح شخصية الفرد. ( )
نستدل مما تقدم أن عضوية الفرد في عدة جماعات اجتماعية تفسح أمامه المجال للتفاعل المستمر مع الآخرين، وتحدد بدرجة كبيرة ما سوف تكون عليه سمات شخصيته مستقبلاً . وعلى ذلك فان التفاعلات التي

تحدث داخل هذه الجماعات تطبع شخصيات أعضائها بسمات مشتركة نوعاً ما، إلى جانب سماتهم الفردية المستقلة عن الآخرين. إذن سمات الأشخاص واتجاهاتهم تشكلها هذه الجماعات كما تعكس هذه الجماعات بدورها قيم واتجاهات ومعايير أعضائها.
أخيراً تُعدَّ المواقف التي يمر بها الفرد خلال حياته من المحددات الاجتماعية التي قد تحدث لمرات عديدة وأحياناً لمرة واحدة ، لكنها تظل مؤثرة في شخصيته . ولا يكون هذا التأثير بصورة مباشرة وفورية وإنما بصورة متدرجة وعلى مراحل. فعلى سبيل المثال إذا تعرض الفرد إلى موقف ما فإن ذلك الموقف قد يحرك سلسلة من الأحداث التي قد تضعه في مواقف عدة يكون لها التأثير القوي في شخصيته.( ) فالمواقف ليس لها من دلالة إلا فيما يخص الشخصية، ففي الموقف الواحد أو المواقف المتعددة لا يستجيب الأفراد الطريقة نفسها ، لان طبيعة المواقف تتباين من حيث نوعها ودرجة تأثيرها. لذا يمكن القول بان بعض سمات الشخصية تتغير في المواقف الحاسمة لا سيما عند التعرض لضغوط أو لظروف ليس بمقدور الفرد مواجهتها، مما تضطره للتخلي عن بعض قيمه واتجاهاته وتصرفاته، والتخلي هنا لا يحمل معنى التفكك وإنما يشير إلى المرونة التي تتميز بها الشخصية في مواجهة المواقف المتعددة والمتباينة ، وهناك من غير شك تمايزات فردية في هذا النطاق ، أي انه لا يلزم أن تتغير السمات كقاعدة عند الكل عندما يتعرضون لمواقف حاسمة.( ) وفي هذا الصدد يوضح علماء النفس بان بعض الأفراد يظهرون مقاومة شديدة قد تصل إلى حد العناد والإصرار فلا يغيرون سماتهم إلا إذا تعرضوا للموقف الحاسم نفسه مرات عدة ، في حين يغير أفراد آخرون سماتهم عند التعرض لموقف حاسم واحد.( )
في ضوء ما سبق يمكن القول أن المواقف الاجتماعية تعمل على تبدل وتحول بعض سمات شخصية الفرد من حيث ما تنتهي به تلك المواقف إلى اكتساب عادات وقيم ومعايير اجتماعية أو من حيث ما تناله من صدمات وإحداث. وبذلك تُعّد المواقف من المحددات الاجتماعية ذات التأثير المهم في تكوين الشخصية وبلورتها. إذن لا بد من إعطاء مكانة متميزة للمحددات الاجتماعية كافة ضمن القوى المؤثرة في الشخصية، لأنها تطبع شخصيات أعضاء المجتمع ببصمات أساسية على صفحات سلوكياتهم الاجتماعية .

ثانياً : المحددات الثقافية Cultural Determinants

يمكن فهم الثقافة على أنها مركب الأنظمة الرمزية التي عن طريقها يتكيف الناس في المجتمع مع

بيئاتهم، ويحددون علاقاتهم مع الآخرين في حدود الوضع الإنساني.( )
فالثقافة تشتمل على جميع أنماط السلوك المكتسبة سواءُ أكانت تمثل علاقة الإنسان بالمادة أو علاقته بغيره من البشر أو علاقته بالأفكار والمعاني والرموز، المتفق عليها من قبل اغلب أعضاء المجتمع والتي جرى تبلورها من خلال ممارستهم أنشطتهم اليومية. فالإنسان لا يتدخل بذاته وبتعمد ليؤسس رموزاً خاصة به، ومعاني معينة يقوم بصياغتها، بل أن معظم هذه الرموز والمعاني تكون موجودة قبل ميلاده.( )وتتمثل بالقيم والمعايير والمعتقدات والأنماط السلوكية التي تأخذ طابعاً إلزامياً. إذن المحددات الثقافية تكون نتاج العناصر اللامادية (الرمزية) لحياة الناس في المجتمع إلى جانب العناصر المادية (التقنية)، فضلاً عن العلاقات بين الناس والعناصر المكونة للثقافة.( )
وتبرز أهمية المحددات الثقافية من حيث كونها تُعدَّ المسؤولة عن صياغة الشكل الرئيس للشخصية* في أي مجتمع ، فالكثير من الباحثين يشيرون إلى أن اكثر العوامل فاعلية في تشابه شخصيات أعضاء المجتمع هو انتمائهم لثقافة معينة. فالأفراد الذي يتنمطون بثقافة معينة يميلون إلى التصرف في أشكال محددة يمكن التنبؤ بها في مواقف كثيرة ، ويرجع ذلك إلى الميل نحو استدماج القيم والمعايير المجتمعية . لذلك عندما نقول بان الثقافة تحدد بعض سمات شخصيات أعضائها نكون قد قطعنا شوطاً من التجريد ، لأننا لا نرى الثقافة وإنما نلاحظ تفاعل الناس، وما ينتج من ذلك التفاعل من تكرارات منظمة في الأفعال. ولا يقتصر تأثيرها في تعلم أنماط الفعل فحسب وإنما تحدد المهارات التي تكتسب، والمعارف التي تحصل، والقيم والأخلاق والمعايير التي تتوحد معها الشخصية. ( )
ومن الجدير بالذكر أن تأثير المحددات الثقافية في سمات شخصيات أعضائها لا يتصف بالجمود والتطابق، وإنما يتصف بالتنوع والاختلاف. فالثقافة لا تفرض عليهم فرضاً آلياً كاملاً ، وإلا أصبحوا نسخة واحدة في تصرفاتهم في المواقف المتعددة ، إنما تتيح لهم فرص الاختيار الكثيرة والبدائل المتعددة حتى يتصرفوا بشكل يتلاءم مع إشباع حاجاتهم. وإذا تأملنا هذه العملية نجد أن الثقافة تحدد ما يتعلمه الشخص كونه عضواً في مجتمع وليس ما يتعلمه كونه فرداً خاصاً له سمات بايولوجية ونفسية معينة، أو عضواً في جماعة اجتماعية معينة ، وفي هذا الجانب يجب القول أن تأثر الشخص بثقافته لا يعني إلغاؤه بوصفه وحدة اجتماعية، لأنه كائن اجتماعي له خصائصه العضوية والنفسية التي تميزه عن الآخرين، ومن ثم يمنح درجة معينة من الاستقلال في تفكيره وسلوكه في ضمن إطار العلاقات الاجتماعية.( )
ومن المحددات الثقافية المهمة التي تسهم في تحديد الشكل الرئيس للشخصية ( الموجهات الثقافية) المتمثلة بالقيم والمعايير والاتجاهات والتصورات الخاصة بالعالم ، فمن خلال عملية الأعداد الاجتماعي يكتسب الشخص تدريجيا ثقافة مجتمعه، وما تحتويه من مفاهيم أخلاقية ومبادئ دينية وتصورات ميتافيزيقية، تنتقل من جيل لآخر خلال التفاعل بين الجماعات الإنسانية ، وقد استخدم بعض الباحثين اصطلاح (اسلوب النظر إلى الحياة) للتعبير عن هذه الموجهات الثقافية. ( )
فالشخص في المجتمع لا يشاهد العالم الذي من حوله بعينه فقط، لأنه بذلك يمكن رؤية الأشياء نفسها ، بل يرى العالم من خلال تجاربه مع الآخرين وتجارب الجماعات التي يعيش ضمنها ، وحتى أن أحكامه القيمية ومبادئه الأخلاقية وأنماطه السلوكية ليست له وحده، بل للجماعة التي ينتمي إليها . وبذلك نجد بأن العديد من الباحثين يؤكدون أهمية رؤية العالم من خلال الموجهات الثقافية لأننا نعيش عالماً من الواقع الثقافي وليس عالماً منعزلا عن الآخرين.( )
ومن الملاحظ أن القيم والمعايير تُعدَّ من أهم الموجهات الثقافية دلالة على هذا الموضوع، والمقصود بالقيمة Value تصور يعبر عن توجيه اختياري نحو الموقف ، يتضمن أداء فعل أو نبذه ، وقبول سلوك أو استهجانه ، وتحدد تفضيلات الأشخاص بين المتقابلات الممكنة للفعل التي يتعلمها الشخص من بيئته الاجتماعية التي تحيط به . فالقيمة هي المسؤولة عن الأحكام التي نصدرها في أي موضوع أو موقف . ويرى بارسونز أن توجيهات القيم تحدد الأدوار في النسق الوظيفي، وتنظم العلاقات في البناء الاجتماعي، وتسهم في تشكيل البناء الأساسي للشخصية. ( )
أما المعيار Norm فهو أي قاعدة قياسية تحدد ما يجب أو لا يجب أن يفكر فيه أو يقوله الشخص تحت ظروف معينة. علماً أن المعيار يتضمن فقرتين مهمتين، أولهما أن السلوك الفعلي قد يختلف عن السلوك المعياري ، وثانيهما أن المعيار يتضمن فرض قوة كالعقوبة لإبقاء التناسق في السلوك الاجتماعي ، لذلك تُعدَّ الضوابط والإجراءات الرسمية والقوانين المستخدمة في مختلف المؤسسات لا سيما الرسمية مجرد معايير شرعية لتنظم الأنماط المختلفة من السلوك ، فتمثل آليات حاسمة للمحافظة على النظام وتتعزز بسلطة الدولة. ( )
في ضوء ما تقدم يتضح لنا أن القيم تعبر عن مستويات التفضيل والأولويات أو نماذج الأفعال المرغوبة، ولكنها لا تحدد صورة نوعية للاستجابة ، أما المعايير فهي المقاييس أو الموازين التي يستخدمها أعضاء المجتمع لقياس أعمالهم ويزنون بها تصرفاتهم ويحكمون على كون فعلاً ما صحيحاً أو خاطئاً . ولا بد من القول إن الشخص يكتسب مجموعة القيم والمعايير ونسق الجزاءات من خلال تفاعله مع الآخرين في بيئته الاجتماعية ، أما إذا تساءلنا عن سبب وجود هذه الموجهات الثقافية ومدى علاقتها بسمات الشخصية ؟ فيمكن الإشارة إلى أن الحياة الاجتماعية ستصبح مستحيلة من دونها، فبدون القيم لا يستطيع البناء الاجتماعي عامة والبناء البيروقراطي خاصة من تأدية وظائفه في تحقيق الأهداف كما لا يمكن أن تستمر الحياة من دون معايير في داخل الشخص نفسه ، ومعايير يوافق عليها بصورة ما مع الأشخاص الآخرين الذين يعيش ويعمل معهم . إذن من دون القيم والمعايير لا يكون هناك تنظيم وإنما ستعم الفوضى وعدم تقدير للمسؤولية ويشيع السلوك الفطري مما يؤدي إلى عدم استقرار الشخصية واضطرابها، في حين وجود مثل هذه الموجهات يساعد في التنبؤ بالسلوك الاجتماعي عن طريق استجابات الأشخاص في المواقف المتعددة . وقد لا نبالغ إذا قلنا انه من دون هذه الموجهات لا يمكن أن تتكامل الشخصية. ( )
نستدل مما تقدم أن القيم والمعايير كونها إحدى المحددات الثقافية تسهم في تركيب سمات الشخصية الاجتماعية ، حيث تضفي هذه الموجهات على تصرفات الشخص وأفعاله الصفة المعيارية ، وتحدد له السلوك المناسب والمقبول شرعاً والمتفق مع النمط الثقافي السائد في المجتمع.
وتتفرع من المحددات الثقافية مجموعة من أنماط السلوك المحددة ثقافياً تسمى الدور . وهو لا ينظر إليه بوصفه فعلاً نفسياً بحتاً أو ظاهرة اجتماعية ، وإنما ينظر إليه بوصفه انعكاساً لتلك الجوانب من الشخصية الفردية التي تتفاعل وتتوافق مع ظروف بنائية-ثقافية معينة. إذن الدور يرتبط بالبناء الاجتماعي ، ويتكامل مع الموجهات الثقافية ، ويتوحد مع شخصية الفرد مما يسهم في تحديد سماته الرئيسة.( )
ومن الملاحظ إن الشخص خلال حياته يشغل مراكز اجتماعية عدة ويقوم بأداء أدوار عدة مصاحبة لتلك المراكز على التوالي ، وكلما نجح في أداء تلك الأدوار وفقاً للأنماط الثقافية كلما تكيف في حياته ، لاسيما إذا قل التعارض بين متطلبات دوره ورغباته الشخصية . ويتضح بأن استمرار الشخص في ممارسة دور معين أو أدوار محددة بصفة مستمرة نسبياً ولمدد طويلة يمثل مظهراً من المظاهر الدالة على شخصيته كما يجعلها تتميز بسمات معينة.( ) فالشخص يتعلم من خلال دوره أن يفهم المواقف التي تمر به، وان يمارس دوره المتوقع منه حسب المركز الذي يشغله ، فهو لا يستطيع أن يمارس دوره من دون أن يأخذ بالحسبان ردود أفعال الآخرين نحوه ، كما إن توقعاته لأفعال الآخرين لا تكون عشوائية، وإنما تنبثق من مصادر بنائية-ثقافية متعددة مثل الايديولوجية والقيم والمعايير، فضلاً عن عملية الفهم المشترك بينه وبين الأشخاص المتفاعلين معه بخصوص الأدوار المرتبطة بمركزه الاجتماعي ، التي تساعد في التنبؤ بتصرفاته وتصرفات الآخرين في بعض المواقف المعينة. ( )

نستدل مما تقدم أن ممارسة الأدوار المحددة ثقافياً تُعدَّ إحدى المحددات الأساسية المؤثرة في الشخصية ، فهذه الأدوار تزج بالشخص وتلزمه بسلسلة من المواقف الاجتماعية التي تؤدي إلى اكتسابه لأنماط سلوك الجماعات والتوحد والانسجام مع قيمها ومعاييرها لأداء الأدوار المطلوبة منه، وتوقع أدوار الآخرين الذين يتبادلون معه أداء تلك الأدوار لاسيما إذا مارسها بصفة مستمرة نسبياً، مما يسهم بصورة أو بأخرى في تحديد بعض سماته النفسية والاجتماعية.
وعموماً يمكن القول أننا استخلصنا من هذا المبحث أن مجموعة المحددات الاجتماعية والثقافية تسهم جميعاً في تشكيل شخصية الفرد واكتسابها للطابع الاجتماعي . وهذا التشكيل لا يكون بصيغة واحدة عند جميع الأشخاص بل يأخذ أشكالاً متعددة، لأنهم لا يرثونها من أباهم فقط بل تكونَّها الوضعيات الاجتماعية التي يتفاعلون معها.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محددات الشخصية السياسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محددات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربي بعد 2003
» سمات الشخصية
»  الشخصية الأمريكية
»  الشخصية المعنوية
» الشخصية والسلوك العدواني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثانية علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1