منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Empty
مُساهمةموضوع: الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية    الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyالأربعاء نوفمبر 07, 2012 6:54 am


الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية
تعتمد النظرية العسكرية الغربية كثيرًا على ما أنتجه العسكري الألماني كارل فيليب غوتليب فون كلاوزوفيتش الذي ولد سنة 1780.

نستعرض بعض أفكاره وأفكار السير بازل هنري ليدل هارت لهدف إستخدامها في محاسبة أنفسنا نحن الفلسطينيين لنعرف أين نحن من إدارة الصراع مع الإسرائيليين. هي محاولة لا بد منها.

صنف كلاوزوفيتش علم الحرب في إطار "الفنون الجميلة" كالرياضة والرسم والغناء والإبداع الفني، ورأى في أن تصنيف "علوم الحرب" في إطار "العلوم الطبيعية"، كالرياضيات والفيزياء، هو أمر غير حقيقي ولا يخدم الهدف منه. لذلك إعتمد كلاوزوفيتش مفهوم ومصطلح "شظايا الروح" لوصفه القوى الإنسانية المطلوبة للإبداع في المقاتلة والكفاح والمقاومة والحرب. شظايا الروح هي الحدس السادس، وهو المصطلح الذي اعتمده عمنوئيل كانط في كتابته حول "الفنون الجميلة".

وعليه فإن الفلسطيني، في نضاله، إن هو لم يعتمد مخيلته المبدعة وتقوقع في ما يسمى "ثوابت نضالية"، فإنه يضر في ما تستطيع "شظايا روحه" أن تبدعه من الوصول إلى إختراع أساليب نضالية متجددة متلائمة مع ما يمليه عليه خصمه ومحيطه، وأن لا يتقوقع في نظريات وأساليب قتالية انتهت منذ 300 سنة.

كتب السير بازل هنري ليدل هارت (1/10/1895) أن "كثيرين من الناس يفهمون بأن الصراع هو جزء من الحياة وأساس ضروري لتقدم الإنسانية، دون أن يفهموا بأن العنف الذي يرافق الصراع إنما هو مرحلة واحدة من مراحل الصراع" (3). ولذلك رأى كلاوزوفيتش أن "حجم وشكل ومضمون العمليات العسكرية مترابطة بشكل وثيق مع حجم وشكل ومضمون الأهداف السياسية..."(4)، وأن أهداف العمليات العسكرية تنبع بشكل كبير من تفاعلها مع الأهداف السياسية" (5). ورآى هارت بأن "المصالح الذاتية (الإقتصادية) لطرف ما في الحرب واعتبارات إنسانية تُلزم الأمم المشاركة في الحرب أن تحقق أهدافها – إخناع العدو أخلاقيًا –

دون التسبب في ضرر دائم للحياة والصناعة.... فلذلك كان المبدأ الذي اعتمده بيسمارك، وساسة الإمبراطورية البريطانية، هو شن وإدارة الحرب إلى الحد الذي استخلصوا منها فائدة، ولعقد السلام عندما لا تخدم الحرب المصالح... لذلك نرى بأن ألمانيا في الحرب العالمة الأولى وصلت إلى إنهاك قواها بعد أن اعتمدت استراتيجية "القوة الضاربة الساحقة"... لأنهم لم يعرفوا متى يتوقفون. استمروا في استعمال القوة، تدحرجوا إلى أن وقعوا في الهاوية" (6).

إن انتهاء الحرب لا يكوِّن حدود مجال البحث عن أهداف الحروب. حيث يتوجب على المشاركين فيها أن يأخذوا في حساباتهم السلام الذي بعد الحرب. عندما يدخل السياسي في حساباته "الفوائد" من الإنتصار يتوجب عليه أن يأخذ بعين الإعتبار تأثير الثمن الأخلاقي والإقتصادي الذي من المفروض دفعه لتحقيق هذا النصر، وكذلك أن يحسب حساب الطرق التي من خلالها يزرع هذا النصر بذور حرب قادمة إضافية" (6).

القصد واضح بأن فرنسا وبريطانيا بعد أن انتصرتا في الحرب العالمية الأولى فرضتا العقوبات على ألمانيا وبذلك تمّ زرع البذور لوصول هتلر إلى الحكم، ما يعني أن البريطانيين والفرنسيين قد عبدوا الطريق لمذبحة اليهود.

وكأن السير هارت يريد أن يردد شعر الشاعر الفلسطيني صلاح محاميد في ملحمته "شظايا الروح":

"بحرٌ من الدخان السخيف

كأن شظايا القرن

لم تلجم بقايا جنونها" (7)

يلخص كلاوزوفيتش "أهداف إدارة الحرب العسكرية في حصول الخصم على:

1- هزيمة وأبادة قوات العدو.

2- السيطرة على موارد عدوه.

3- السيطرة على الرأي العام.

وهذه الأهداف تكون مكملة واحدة للأخرى وليست بديلة للأخرى، وتستخدم لكي تضمن سقوط العدو الأبدي" (Cool. أما هارت فيضيف بأن "هدف الأمة في الحرب هو كسر قوة المقاومة لدى العدو، بثمن أقل ما يكون من الأرواح والعتاد" (9).

نرى بأن هدف إدارة الحرب هو إبادة القوات والسيطرة على الرأي العام للشعب الذي أبيدت قواته، فهو يضمن هنا عنصرًا مهمًا في الصراع: السيطرة على رأي شعب العدو. فاذن يتوجب على الخصم أن يعرف كيف يسيطر على رأي العدو، ولذلك عليه أن يدرس هذا الرأي. الأمر الذي يشير إلينا بمقولة النبي محمد حول أفضل الجهاد الذي هو: "قول كلمة عدل عند سلطان جائر".

"المبدأ الأول في فن الحرب هو تجميع القوة... للمعركة الفاصلة التي هي نقطة التركيز في الحرب" (Cool، "التي تُشَن لتحقيق أهداف سياسية: "هدف الحرب"... التي هي إبادة قوات العدو أو إملاء شروط السلام... الذي يعني خنوع العدو... والتسبب في هزيمة كاملة له... والذي بالتالي يعني (شل قوات العدو) و(تحطيم قدرته على المقاومة)" (10)... "والطريق المباشرة لتحقيق ذلك كانت دائما علم الفنون (فنون الحرب)" (11)، "التركيز المطلق للقوة الضاربة، الحماس الحربي لحسم المعركة – كانا أسس نظرية كلاوزوفيتش في أمر جوهر إدارة الحرب، على خلفية وجهة نظره السياسية العامة التي آمنت بعمليات يقينية ولأهداف بعيدة المدى" (11)، مما يوصله إلى الإستنتاج بأن "الحرب هي استمرار السياسة بطرق أخرى – عنيفة" (12).

"الأجزاء المهمة من حنكته العسكرية ونظريته (كلاوزوفيتس) إستمدها من حكمة نابوليون" (Cool...، لكن أحد مفسري فن الحروب النابوليوني، كامون، إدعى بأن كلاوزوفيتش لم يفهم جيدًا مفهوم الحرب النابوليوني وعلى الأخص المراوغة ضد عمق العدو، الشديد الأهمية (13).

عن الصمود

مرة أخرى نعود إلى "وعي الخصم" الذي يكون دائمًا هدف الصراع.

"إدعى كلاوزوفيتش بأن هدف الإستراتيجية هو الحصول على أنسب الظروف الملائمة – من ناحية المكان والزمان – لإدارة المعركة الفاصلة. كما أضاف انه بالإمكان الإدعاء أن قمة الإستراتيجية هي الحصول على مثل هذه الظروف المريحة، لدرجة لا تكون فيها المعركة الفاصلة ضرورية... وأن كمالية الإستراتيجية تتحقّق فيما إذا تحقق حسم المعركة دون قتال فعليّ" (14).

الأمر الذي من الممكن أن يؤدي إلى "حرب ترقب": أي صراع متواصل دون حسم دون بذل طاقة وتقريباً بدون قتال".

إذن القتال الفعلي غير مقدّس. فنحن نستطيع أن نحقق الأهداف حتى الحربية منها دون قتال فكم بالحري الأهداف غير العسكرية (15).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية    الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية  Emptyالخميس نوفمبر 08, 2012 12:26 pm

التطورات الاستراتيجية فى النظام الدولى( 2004 - 2005)
________________________________________
الموضـــــــــــوع :L' état des Relations Internationales en l'an 2004-2005
المؤلـــــــــــــف :Groupe d'Experts Français
المصـــــــــــــدر :L'état du Monde 2005( Annuaire Géopolitique mondial)
تاريخ النشـــر Very Happyébut 2005
إعداد : د. خالد عبد العظيم

يمثل الإصدار السنوى الرابع والعشرون للتقرير الفرنسى عن حالة العالم (كان أول إصدار فى عام 1980) تأكيدا لاستمرار مصداقية هذا التقرير الذى يرصد أبرز التطورات على مستوى الحياة السياسية الدولية ككل, مع أبرز التطورات على مستوى 226 دولة موزعة على خمس قارات.
وبذلك انبنى التقرير على مستويين للتحليل: تحليل لأبرز التطورات الاستراتيجية التى اتسم بها النظام الدولى فى مجمله فى العام محل الرصد ( الآماد الزمنية المتداخلة لعام 2004 - 2005 ) و تحليلات لما طرأ على سياسات الدول فـُرادى من تطورات فى ذات العام والتقرير بذلك يضم ما يزيد عن 270 ورقه بحثية 150 صفحة جداول إحصائيه , 60 صفحة خرائط تشهد بتقنية عالية . لذا كان لزاماْ أن يكون هذا التقرير هو نتاج التنسيق بين فريق عمل كبير يجمع نخبة من مائة متخصص فرنسى من الأكاديميين والميدانيين من المحللين السياسين والمراسلين الصحفيين. والتقرير يوزع على مستوى أوروبا الفرانكفونيه ودول المغرب العربى باعتباره مرجعاْ لكل من دوائر البحث السياسى وصناعة القرار والرأى العام. وإذا كان من المستحيل عرض هذا العمل المجمعى الضخم فإنه من الممكن تناول ما ورد به من تحليلات لأبرز التطورات الإستراتيجية التى اتسم بها الأداء الدولى لخمس قوى مؤثرة وفاعله فى بنية النظام الدولى. وهذه القوى الدولية هى: الولايات المتحدة, الاتحاد الأوروبى, روسيا, الصين، والهند.
إن ما يلى من تناولات هى فى حقيقة الأمر تحليل متكامل لموازين القوى التى غدت تحكم فعليا النظام الدولى الراهن، وهو تحليل مؤداه أن النظام الدولى قد بدأ بالفعل يتحول - وفق قوانين التطور للتاريخ السياسى والاقتصادى للنظم والمجتمعات - نحو عصر تتعدد فيه الأقطاب وربما تتنافس بشكل حاد.
فالعلاقات الدولية لا يمكن بأى حال من الأحوال إختزالها فى لحظة معينة يتم الإدعاء فيها بشكل غير منهجى بأنها نهاية التاريخ.
فحركة التاريخ بطبيعتها جدلية وتولد الصيرورة التى تدفع بزخم من التطورات التى تتشكل وتتداخل عبر سياق الزمن لتحدث تحولات نوعية فى بنية النظام الدولى. وهى تحولات بنيوية لا يمكن أن يخطؤها المراقبون للشأن الدولى.
مأزق الولايات المتحدة فى عصر القطبية الأحادية
فى عام 2004 - 2005 ارتفع عدد الضحايا فى صفوف العسكريين الأمريكيين المتواجدين فى العراق إلى ضعف عدد الضحايا فى عام 2003 وهو العام الذى شهد الحرب الأنجلو - أمريكية ضد العراق.
من جانب آخر شهد العام 2004 حوادث عنف متفرقه على نطاق إقليمى ممتد شمل كلا من المملكة العربية السعودية والبحرين والأردن وتركيا وصولاْ إلى تفجيرات مدريد فى 11 مارس 2004 والتى ادت إلى مائتى قتيل وسقوط حكومة رئيس الوزراء الأسبانى السابق جوزيه إزنار . إضافة إلى الهجوم الذى تعرض له مقر الأمم المتحدة فى بغداد فى 19 أغسطس 2003 والذى أودى بحياة المندوب الموفد من الأمم المتحدة سيرجيو فييرا . وهى فى الحقيقه تطورات تعنى وبوضوح سافر إن الحرب ضد العراق أدت إلى اتساع خريطة العنف على مستوى الشرق الأوسط وصولاْ إلى عمق أوروبا الغربية وهو ما يعنى أن الحرب ضد العراق قد أثبتت فشل القوة العسكرية الأمريكية النظامية فى كبح جماح العنف بل إن هذه الحرب قد أنتجت أثراْ مضاداْ تمثل فى ظهور الميليشيات المسلحة فى العراق كقطب مناوىء للقوة النظامية, وقد تمكن هذا القطب المناوىء من تكريس الفوضى فى العراق على مدى زمنى أوشك أن يقارب الثلاث سنوات منذ سقوط بغداد. ولا شك أن اللحظة الراهنة فى العلاقات السياسية الدولية هى بمثابة لحظه شك عميق يمر بها المحافظون الجدد فى الإدارة الأمريكية الحاليه والذين عشية الحرب ضد العراق كانوا قد أفرطوا الثقة فى فضائل القوة بالمعنى الكلاسيكى العسكرى والمتمثله فى قوة البطش التى تؤدى إلى جثو الخصم ورضوخه تماماْ . وهو ما لم يحدث إذ تحول العراق إلى مستنقع لا تستطيع فيه القوة النظامية الأمريكية بكل جبروتها أن تدعى أنها تمتلك تماما زمام الأمور, كما ارتسمت خريطة جديدة للعنف الذى غدا إقليميا وعالميا فى آَن واحد يضرب أين ومتى شاء لفرض إرادته.
هذا السياق الدولى والإقليمى المضطرب يطرح مجموعة من التطورات هى بتراكماتها الزمنية ودوائر تداخلاتها وتداعياتها غدت تمثل تحولات ذات طبيعة نوعية فى العلاقات السياسية الدولية, تحولات تكشف عن المأزق الذى تعانيه حالياْ القوة الأمريكية فى عصر القطبية الأحادية. وهو مأزق ليس عارضاْ لأنه مرتبط بطبيعة الحقبة الراهنة وهى حقبة القطبية الأحادية.
ولا يمكن فهم طبيعة المأزق الحالى الذى تجد الولايات المتحدة نفسها فيه بدون تحليل مقارن لطبيعة القوة فى عصرين: عصر القطبية الثنائية وعصر القطبية الأحادية.
فالتحليل المطلق للقوة غير ممكن علميا ومنهجيا لأن القوة فى العلاقات الدولية على وجه التحديد هى ظاهرة سياسية - اقتصادية - تقنية - مجتمعية بالغة التعقد والتركيب تستمد مفاهيمها ومضامينها أساسا وفى المقام الأول من العصر الذى تمارس فيه هذه القوة .
بوضوح أكثر إن كل عصر له نموذجه الخاص للقوة وإن الخطأ الكبير الذى وقع فيه المحافظون الجدد فى الإدارة الأمريكية الحالية أنهم اعتقدوا أن القوة العسكرية الكلاسيكية لعصر القطبية الثنائية يمكن أن تنتج الآثار السياسية المطلوبة والمرغوبة فى عصر القطبية الأحادية وقد كان ذلك خطاْ استراتيجيا جسيما لأنه كان بمثابة محاولة استزراع نسيج فى جسد دونما وعى بمدى قبول او رفض الجسد لهذا النسيج الدخيل فكانت الفوضى التى أحالت العراق إلى مستنقع, الانزلاق إليه ممكن لكن الخروج منه مستحيل.
تباين طبيعة القوة فى عصرين مختلفين
لا شك أن عصر القطبية الثنائية جعل من التحالف والتكتل أساس القوة وركيزتها. فبداخل كل معسكر كان يسعى القطب الأقوى إلى أن يشمل الأصغر أو الأضعف بحمايته وفى المقابل يكون الولاء لسياسة الولايات المتحدة أو سياسة الاتحاد السوفيتى ومن ثم فقد كان كل معسكر بداخله مجموعة من القيم والكوابح التى تحفظ عليه توازنه وتماسكه لأنه بدون هذا التوازن وهذا التماسك ينهار هذا المعسكر بكامله فى مواجهة المعسكر الآخر. ولكن جاء تفكك الاتحاد السوفيتى فى عام 1991 ليغير تغييرا جذريا من قواعد اللعبة إذ سرعان ما حدثت حرب عاصفة الصحراء بعد غزو النظام العراقى للكويت ثم حروب يوغسلافيا وتفتت البلقان فى صيف 1991 ثم عملية إحياء الأمل لإعادة الاستقرار إلى الصومال فى عام 1992 وهى مجموعة من الحروب الإقليمية فى مجملها بدا النظام الدولى عاجزاْ تماماْ أمامها وقرر طواعية أن يسلم القيادة تماما للولايات المتحدة للتدخل بما تملكه من إمكانيات عسكرية ولوجستية هائلة.
وهنا بدا واضحاْ تماماْ لساسة الولايات المتحدة أن العالم بأكمله شرقه وغربه قد منحها الولاء بل ويبارك خطواتها عبر مجلس الأمن وقرارات الأمم المتحدة. ولكن هذا الولاء لم يكن مرادفاْ للسيطرة التامة وكان أبلغ دليل على ذلك بداية حدوث الانفلات بتفتت البلقان وتتابع حروبه الدموية التى كان مردها الصراعات العرقية والعقائدية التى غدت فيما بعد مَعلماْ رئيسياْ للخريطة السياسية للعالم فى عصر القطبية الأحادية.
ثم جاءت الطامة الكبرى فى 11 سبتمبر 2001 لتؤكد أن ربيع القوة الأحادية قد انتهى وبدأ خريــــف الغضب !
فى هذا الخريف بدأت تتكشف معالم سياسة جديدة هى سياسة الفارس المنفرد وتمثلت هذه السياسة كأبلغ ما تكون فى نشوء المحور الفرنسى - الألمانى المعارض لحرب العراق وسياسة الفارس المنفرد هى نقيض سياسة التكتل والولاء. فببساطة شديدة إن بانهيار الاتحاد السوفيتى الذى يقع جغرافيا على حدود أوروبا الغربية لم تعد أوروبا تخشى التهديد النووى السوفيتى الذى ربض على حدودها لقرابة نصف قرن من الزمان . لذا بمنطق الذكاء السياسى لم يعد من مصلحة العديد من العواصم الأوروبية الكبرى كباريس وبرلين الاستمرار فى سياسة التكتل والولاء المطلق لواشنطن، فمردود هذه السياسة قد غدا هزيلا بزوال التهديد السوفيتى . على العكس من ذلك بدت سياسة الفارس المنفرد هى الأعلى مردودية وهى سياسة سرعان ما راقت لموسكو وبكين. فمن جانب قامت موسكو بمناوأة نفوذ واشنطن فى البلقان ومنطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى أما بكين فقد عززت قوتها العسكرية إلى الحد الذى أرهب طوكيو ومنطقة شرق آسيا بأكملها.
ومن ثم فإن طبيعة القوة فى عصر القطبية الأحادية لم تعد كما كانت فى عصر القطبية الثنائية أى التكتل خلف الأقوى والولاء المطلق له ولكن غدت على العكس هى اللعب بشكل منفرد على أوتار ضعف الأقوى دونما بلوغ درجة الاستفزاز الشديد لهذا الأقوى بما يلجئه إلى القوة الغاشمة . باختصار إن سياسة الفارس المنفرد هى ممارسة مشروعة للمناورة السياسية التى تتيح للاعب السياسى أن يبنى له دورا فى الحدود التى لا يكون فيها استفزازاْ شديداْ للنظام الدولى.
وهذا مؤداه لزوما ومنطقا أن عصر القطبية الأحادية يعنى أن الولايات المتحدة هى الأقوى عسكريا ولكن لا يعنى ذلك أنها بإمكانها أن تسيطر تماما على الأطراف الأخرى لأن مردودية سياسة الولاء المطلق تبدو هزيلة بالمقارنة لمردودية سياسة الفارس المنفرد . وهنا المأزق البنيوى الذى تواجهه قوة الولايات المتحدة فهى من جانب قوة عسكرية هائلة و باطشة لكن من جانب آخر لا تملك إملاء إرادتها السياسية تماما لأن الساحة الدولية منقسمة إلى حد كبير بين العديد من المصالح المنفردة وكذلك منطقة الشرق الأوسط . فالتحالف لم يعد هو أساس اللعبة الدولية وإنما المناورة السياسية التى تعلم منتهى حدودها دونما تضحية بهامش مكاسب ممكنة . فالقوة بالمعنى الكلاسيكى أى القوة العسكرية الأمريكية أحالت العراق إلى (Collapsing state) أى دولة فى حالة انهيار دونما قدرة فعلية على السيطرة سياسيا على الموقف الذى انفلت تماما وتشرذمت القوى الفاعلة فى العراق إلى بعثيين وشيعة وسنة وأكراد وتأججت خطوط التماس العرقى والعقائدى. وإن المتعمقين فى تاريخ العلاقات الدولية ليدركوا أتم الإدراك أن القوة العسكرية يمكن أن تؤدى إلى انهيار نظام ما ولكن لا يمكن أن تعيد بناء دولة. أما ما حدث فى ألمانيا واليابان من إعادة بناء فى أعقاب الحرب العالمية الثانية فلأن تلك الدولتين كانتا أساساْ على درجة عالية من التطور الاقتصادى - التقنى والنضوج السياسى إضافة إلى أن كلا من ألمانيا واليابان أمتان تتمتعان بتماسك عرقى وعقائدى. أما العراق فهو دولة وليس بأمة أى كيان سياسى فيه قدر كبير من الهشاشة بما يجمعه من أخلاط من سنة وشيعة وأكراد.
ومن ثم فإن حدود القوة العسكرية تقف عند حد البطش وإحداث الانهيار دونما قدرة على إحداث البناء الذى يحدث أساسا ً من الداخل بشرط توافر درجة عالية من النمو الاقتصادى والتماسك القومى الذى يميز الدولة - الأمة . وهو تماسك لا يتوافر فى حالة العراق الذى عانى كذلك من تدنى معدلات التنمية. ومن ثم فدعوى إقامة أنظمة ديمقراطية بالبطش العسكرى دعوى واهية لا تستند إلى دليل أو حجة ولم يثبتها قط تاريخ العلاقات الدولية فى أى حقبة حديثه أو معاصرة.
جوانب ضعف هيكلى فى البنيان الأوروبى
كانت نهاية الحرب الباردة وتفكيك الاتحاد السوفيتى فى عام 1991 إيذانا ببدء سياسات أوروبية جديدة نقطة انطلاقها أنه بزوال التهديد السوفيتى الذى كان كائنا لعقود طويلة على حدود أوروبا فإنه يمكن لأوروبا أن تصبح قطباْ دوليا كبيرا له سياساته الاقتصادية والخارجية والدفاعية المشتركة. وتجسد هذا الفكر الأوروبى الجديد فى مؤتمر ماستر يخت عام 1991، واليوم بعد مرور ما يقارب أربعة عشر عاماْ على اتفاقية ماستريخت لا زال الاتحاد الأوروبى يعانى من جوانب ضعف هيكلى عديدة . فعلى المستوى الاقتصادى ورغم تحول الاتحاد الأوروبى إلى منافس اقتصادى أول للولايات المتحدة إلا أن دخل المواطن الأوروبى لا زال ينخفض بنسبة الثلث عن المواطن الأمريكى كما ان إنتاجية الاقتصادات الأوروبية أضعف من إنتاجية الاقتصاد الأمريكى وهذا الضعف فى إنتاجية الاقتصادات الأوروبية يرجع إلى حد كبير إلى الاقتصاد السياسى للقارة الأوروبية وهو اقتصاد يولى الجانب الاجتماعى للمواطنين أهمية قصوى. هذا من جانب. من جانب آخر لا يمتلك الاتحاد الأوروبى حتى الآن سياسة ماكرو-اقتصادية موحدة بصدد قضايا الاستثمار والتشغيل والعمالة، وفى هذا السياق نلحظ عدم وجود تنسيق بين سياسات الأجور على المستوى الأوروبى. كما أن حيوية أكبر للاقتصادات الأوروبية تستلزم كذلك سياسة أوروبية موحدة للبحوث الصناعية وهو أمر لا زال مفتقداْ . كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى عدم ظهور شركات صناعية كبرى تستطيع أن تثبت وجودها على مستوى أوروبا ككل. كما أنه لا يمكن الادعاء بأن هناك دولاْ أوروبية قد نجحت فى فرض نفسها فى صناعة ما. فلا زال تخصص دولة أوروبية ما فى صناعة ما بحيث تصبح مُنتجا استراتيجيا فى هذه الصناعة, أمراْ لم يتحقق بعد إلا بشكل نسبى جدا. بل هناك ما هو أبعد من ذلك فإن موقف الأوروبيين داخل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى كان دائما يتسم بالانقسام أو على الأقل التشتت فى مواجهة الموقف الأمريكى الذى كان يستخدم دائما حق النقض.
على المستوى الدفاعى, فقد أظهرت حرب الخليج فى عام 1991 ثم حروب البلقان وعلى وجه التحديد المعارك فى كوسوفو مدى الهوة المتسعة بين العسكرية الأمريكية والعسكرية الأوروبية، فالدفاع الأوروبى يعانى من ضعف هيكلى واضح على مستوى القيادة والاتصال والتخابر. وهذا الضعف فى منظومة الدفاع الأوروبى له أسبابه أولها أن الصناعات الأوروبية فى مجال الطيران والدفاع الجوى والإلكترونيات العسكرية هى صناعات تعمل فرادى على عكس الصناعات العسكرية الأمريكية التى تتم بالتنسيق والتكامل والتركز. هذا من حيث الجانب التقنى المحض للصناعة العسكرية. على الجانب السياسى فإن انقسام أوروبا إلى كتلتين شرقية وغربية لقرابة نصف قرن من الزمان يجعل الأوروبيين أشد ميلا إلى أوروبا الموحدة اقتصاديا وليس دفاعيا. ففكرة الحرب تثير قلق العديد من البلدان الأوروبية إلى الحد الذى دفع بالكثير من هذه البلدان إلى إلغاء التجنيد الإجبارى مع تفضيل مظلة حلف الناتو. ويورد التقرير الفرنسى فى هذا الصدد عبارة توجز موقف الأوروبيين بوضوح: إن الأوروبيين فى مجملهم لا تتوافر لديهم رؤية استراتيجية متكاملة إذ أن عمليات التسلح لا يمكن أن تتطور إلا إذا أدركت الدول بشكل واضح هى لماذا عليها ان تتسلح ؟
وهذا التصور السياسى الأوروبى لعمليات التسلح مثـَّل محدداً كبيراً للوكالة الأوروبية للدفاع والتى أنشئت فى عام 2005 والتى نص قانونها التأسيسى على القبول بالتفاوت والتدرج فى عمليات التعاون الدفاعى بين دول الاتحاد الأوروبى. فهناك من الدول من يرغب فى الدفع بهذا التعاون إلى أعلى المستويات كبريطانيا وفرنسا وهناك دول أخرى تولى اهتماما أضعف للتعاون الدفاعى الأوروبى. فالتاريخ الدولى الأوروبى يلقى دائماْ ببذور الشك. فهناك العديد من الدول الأوروبية التى تخشى عودة مناطق النفوذ المقسمة بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا نتيجة تنامى القوة العسكرية لهذه الدول. وهذا الشك الكامن هو ما يجعل الكثير من الأوروبيين يفضلون مظلة الناتو للحفاظ على استقرار القارة الأوروبية.
وما من شك فى أن هذا الفكر الأوروبى الذى يتسم بالكثير من الشكوك تجاه تعاون أوروبى دفاعى كبير كان من عناصر إضعاف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى التى على سبيل المثال عجزت تماماْ عن لعب أى دور مؤثر فى الصراع العربى - الاسرائيلى لأن عدداْ من بلدان الاتحاد الأوروبى تؤيد ضمنا الولايات المتحدة باعتبارها القوة الفعلية القادرة على حفظ استقرار العالم بل حفظ استقرار أوروبا ذاتها. وما من تعقيب إلا انه تحليل لا يخلو من قدر كبير من الصحة وأحداث الحربين العالميتين الأولى والثانية خير دليل على مصداقية هذا التحليل.
الأبعاد الجيو- استراتيجية لتفاقم مشكلة الشيشان
لا تزال مشكلة الشيشان تمثل لروسيا كجمهورية فيدرالية قلقاْ عميقا إذ أن هذه المشكلة تحوى فى ثناياها تهديدا باستمرار تفكيك روسيا . وفى الحقيقة أن هناك من الأحداث ما يجعل هذا التهديد حقيقة ماثلة أمام السياسة الروسية. ففى عام 2004 شهدت جروزنى عاصمة الشيشان مقتل أحمد حيداروف رئيس الشيشان الموالى لروسيا ويندرج هذا الحادث فى سياق متتابع من الصراع الدموى المسلح بين المقاتلين الشيشان والسلطات الفيدرالية الروسية إذ فى يوليه 2003 قامت سيدتان من الشيشان بتفجير نفسيهما فى موقع حفل موسيقى فى مكان مفتوح بالقرب من موسكو وكان ضحية هذا التفجير ستة عشرة شخصاْ ثم تكرر هذا الحادث مرة أخرى فى وسط العاصمة موسكو فى 9 ديسمبر من نفس هذا العام وكان ضحيته ستة أشخاص. وفى أكتوبر 2002 قامت مجموعة من الشيشان تضم ست سيدات بمحاولة أخذ رهائن من مسرح دوبروفكا ورغم أنه تم القضاء على المجموعة المهاجمة بأكملها إلا أن الخسائر فى الأرواح كانت جسيمة للغاية إذ أسفر الهجوم عن 129 حالة وفاة و700 جريح. ومما فاقم هذه الخسائر كان الأسلوب الخشن الذى تعاملت به سلطات الشرطة الفيدرالية مع الهجوم . وكل هذه الحوادث ضد مدنيين روس هى فى الحقيقة امتداد لحربين مسلحتين بين المقاتلين الشيشان والجيش الروسى واستغرقت الحرب الأولى عامين منذ 1994 حتى 1996 بينما الحرب الثانية اندلعت فى 1999 ولا تزال مستمرة بدرجات متفاوتة من الحدة. ووفق منشور صادر عن وزارة الدفاع الروسية فقد كان عدد الضحايا فى صفوف الجيش الروسى 4572 جندى وضابط حتى ديسمبر 2002 وارتفع هذا العدد - وفق تقديرات غير رسمية - أكدت أنه مع استمرار هذا الصراع المسلح, يكون مجموع عدد الضحايا فى صفوف الجيش الروسى قد بلغ ثلاثة عشرة ألفاً ما بين جنود وضباط حتى صيف 2004. وفى الحقيقة أن مشكلة الشيشان تثير قلق السلطات الروسية الفيدرالية لأنها تحوى فى ثناياها إمكانية تفجر الصراع المسلح فى مناطق أخرى من روسيا ويكفى التدليل على ذلك بالهجوم الذى حدث فى نازاران عاصمة إنجوشيا وهى الأقليم المجاور للشيشان ونفذ هذا الهجوم 600 عنصر مسلح معظمهم من الإنجوش . وحينما أجرى استطلاع للرأى فى أعقاب هذا الهجوم بالذات أكد 74 % من الروس أن المقاتلين المنشقين يمكنهم أن يوجهوا ضربات فى أى بقعه من مناطق الفيدرالية الروسية. وفى الحقيقة أن هذا الشعور العام السائد بين المدنيين الروس والساسة والعسكريين تجاه الشيشان وما يمكن أن تؤدى إليه من انتقال عدوى الانشقاق على موسكو والصراع الانفصالى المسلح ضد السلطات الفيدرالية الروسية قد أدى إلى أن تصبح جمهورية الشيشان التى لا تتجاوز فى مساحتها 16000 كيلو متر مربع خراباْ وقد هجر معظم السكان أراضيهم بينما معظم الكوادر قد اتخذت طريقها إلى الهجرة, وذلك بعد أن عاثت القوة الروسية بطشاْ فى هذا البلد الصغير. ففى 30 ديسمبر 2002 قتل الكولونيل يورى بودانوف شابة صغيرة من الشيشان بعد أن أستباحها ورغم ذلك قامت محكمة ستافروبول بتبرئته واعتباره غير مسئول عن هذا الحادث. وأثارت هذه المحاكمة ردود أفعال عنيفه مما أدى إلى نقض الحكم الصادر لتكون العقوبة عشر سنوات. إلا أن الضباط الفيدراليين الروس استمروا فى عمليات قتل شبه منظم ضد البالغين من صغار السن الذين يمكن أن يتحولوا إلى مقاتلين وعمليات القتل تلك أدت إلى هروب جماعى لعشرات الآلاف من المواطنين والشباب الشيشانى.
إن السياسة الروسية تجاه الشيشان قديمة جدا فى عدائها لهذا الإقليم إذ أن الشيشان قد تعرضوا لنفى جماعى إلى آسيا الوسطى فى عام 1944 من جانب السوفييت الذين اتهموهم آنذاك بأنهم قد تعاونوا مع جيوش النازى وأشار التقرير الفرنسى كذلك إلى أن سياسة روسيا تجاه الشيشان يحركها قلق موسكو التاريخى من القوقاز دون أن يورد التقرير أى تفاصيل أخرى. وهو ما يستوجب الإيضاح. إن سياسة روسيا تجاه الشيشان هى مدفوعة بأبعاد جيو-سياسية وجيو-استراتيجية بالغة العمق , فالشيشان تقع فى القلب من القوقاز والقوقاز هو سلسلة من أكبر السلاسل الجبلية فى العالم تمتد بطول 1200 كم وبعرض 200 كم بين بحر قزوين شرقا والبحر الأسود غرباً وتمثل جبال القوقاز حدود روسيا مع تركيا . ومن ثم فإن السيطرة على القوقاز بمثابة حجر زاوية فى الاستراتيجية الروسية إذ أن السيطرة على القوقاز تعنى السيطرة على بحر قزوين ذلك المستودع البترولى الهائل فى حين أن البحر الأسود هو منفذ البحرية الروسية إلى مضائق البوسفور والدردنيل التى هى مفاتيح التواجد فى البحر الأبيض المتوسط . ومن ثم فإن سعى الشيشان إلى الانفصال هو إيذان بإضعاف النفوذ الروسى الاستراتيجى المتواجد على قم القوقاز بل قد يعنى ذلك بداية تهديد للهوية الروسية ذاتها لأن سهول روسيا مأهولة بالأرثوذكسية ومن ثم فإن السماح بنشوء جمهوريات إسلامية مستقلة على قمم جبال القوقاز على حدود تركيا الإسلامية قد يعنى إندياح موجات الإسلام باتجاه سهول روسيا . ولعل هذا الفكر الجيوسياسى الجيو استراتيجى هو ما يفسر إلى حد كبير صمت البيت الأبيض عن ما يحدث من فظائع ضد حقوق الإنسان فى الشيشان خاصة أن موسكو لم تتوان عن التعاون مع واشنطن بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 . إنه لا يمكن فهم ما يحدث فى الشيشان بدون قراءة لتضاعيف خريطة روسيا , تلك الفيدرالية الشاسعة التى لا تزال تجمع بين أطرافها العديد من النقائض.
الصين والهند قطبان اقتصاديان فى صعود واعد
أطلق كل من تقريرى البنك الدولى وبنك التسويات الدولية لقب قاطرتين جديدتين للاقتصاد العالمى على الصين والهند. ولا عجب فى ذلك فقد حققت كل من الصين والهند فى عام 2004 معدل نمو 9.1% و 7.4% على التوالى. كما توقعت دراسة للاقتصادى جولدمان ساش أنه بحلول عام 2040 سوف يتجاوز الناتج القومى الإجمالى للصين الناتج القومى الإجمالى للولايات المتحدة. كما أنه بحلول عام 2035 سوف يتعادل الناتج القومى الإجمالى للهند مع الناتج القومى الإجمالى لأقوى أربع اقتصادات أوروبية مجتمعة : ألمانيا بريطانيا فرنسا إيطاليا . إذ قد بلغ هذا الناتج فى عام 2004 فى كل من الصين والهند على التوالى: 6900 مليار دولار , 3100 مليار دولار. وهى أرقام جعلت غرفة التجارة الدولية فى اجتماعها بمراكش فى عام 2004 تؤكد أن القرن الحادى والعشرين سوف يكون قرن الصين والهند.
ولا شك أن الدوائر الدولية للمال ورجال الأعمال قد ألمحت فى العديد من المناسبات إلى هذا النمو الملحوظ بوضوح بالغ فى اقتصادات الصين والهند ولكن الجديد فى الأمر أن هناك ثمة مؤشرات على أن هذين العملاقين فى سبيلهما إلى تكوين فريق متكامل فالدولتان مجتمعتان تمثلان سوقاً هائلة تبلغ فى تعدادها السكانى قرابة 3/1 سكان الكوكب. فعدد سكان الصين يبلغ 1.3 مليار نسمة فى حين أن عدد سكان الهند 1.1 مليار نسمة.
تتمثل عوامل التجاذب بين القطبين فى العديد من الجوانب، فالهند تنمو سكانيا أسرع من الصين مما يعنى أن عدد سكانها سوف يزيدون على المدى الطويل عن الصين وهذا معناه بالنسبة للصين اتساع السوق الهندية ذلك فى حين أن الناتج القومى الإجمالى للصين حالياً يبلغ مرتين وربع حجم الناتج القومى الإجمالى للهند. كما أن رصيد العملة الدولارية بالبنك المركزى الصينى يبلغ 404 مليار دولار فى مقابل 115 مليار دولار كرصيد تحتفظ به الهند لحركة تجارتها الدولية.
كما أن الاستثمارات الدولية فى الصين تمثل عشرة أمثالها فى الهند بواقع 438 مليار دولار فى مقابل 61.5 مليار دولار. ورغم هذه التفاوتات إلا أن الاقتصاد الهندى يتمتع بمعدل نمو مستقر يبلغ 6% منذ ثلاثين عاما متواصلة وهو ما يرشح الهند الى شراكه اقتصادية مع الصين تتضاءل فى مواجهتها النمور الآسيوية الأربعة. هذا من جانب، من جانب آخر فأن الدول الأوروبية تشهد نسبة كبيرة للشيخوخة فى ديموجرافيتها وبالتالى فى حجم قوة العمل بها وهى معطيات سوف تحدث تحولات نوعية فى الجغرافيا الاقتصادية للعالم بحلول عام 2050. بشكل أوضح فإن عمليات إعادة توطين الصناعات سوف تزداد تسارعا بشكل كبير نتيجة قوة العمل المتاحة للصين والهند والمتمثلة فى آلاف الكوادر الشابة ذات الأعداد المتميز والتى سوف تؤثر تأثيراً بالغاً فى السوق العالمية للعمالة المتخصصة وما يعنيه ذلك من إمكانيات للهجرة وإعادة توطين الصناعات . وقد لوحظ انه رغم وجود تباينات كبيرة بين السياق التاريخى والاجتماعى للتنمية فى كل من الصين والهند إلا أن كلتا الدولتين تشهدان تعاونا بناءً مشتركاً تُظهره صحافة الدولتين بشكل يكاد يكون يومياْ من خلال تحليل المشروعات الصناعية، يعقب ذلك أن تستفيد كل دولة من القطاع الذى تتميز به الدولة الأخرى.
إذ تستثمر الشركات الصينية المشهورة بتفوقها فى إنتاج الأجهزة الكهربائية فى الهند. وفى المقابل تقوم الشركات الهندية المشهورة بتفوقها الملحوظ فى صناعة البرمجيات والمعلوماتية بالاستثمار فى الصين.
وبذلك تتجه دوائر المال والاستثمار إلى اعتبار أن الصين فى سبيلها إلى أن تتحول إلى أهم مركز للتصنيع على مستوى العالم فى حين أن الهند بدأت تتحول إلى أهم مركز عالمى لصناعة البرمجيات والمعلوماتيه. ورغم ذلك فهناك العديد من المخاوف التى يستشعرها المحللون الاقتصاديون الدوليون فرغم أن الاقتصاد الهندى فى وضع تال للاقتصاد الصينى، إلا أن الهند تتمتع بنظام مصرفى بالغ التقدم يتيح لها إدارة عمليات الإفلاس والدمج بشكل ممتاز. فى المقابل تثور تساؤلات: هل سوف يكون بمقدار النظام المصرفى
الصينى إدارة زيادة فى عمليات الإقراض المصرفى بلغت فقط فى عام 2004 , 40% ؟ بمعنى آخر إن عملية إدارة التزايد المتراكم فى نسبة الإقراض المصرفى فى الصين على مدى العديد من السنوات سوف تحتاج إلى قدرة عالية كى لا يتعرض الاقتصاد الصينى لهزة. على المستوى الاجتماعى لا تزال نسبة كبيرة من السكان فى الهند تحت خط الفقر إلى الدرجة التى دفعت بمئات الفلاحين إلى الانتحار نتيجة مواسم الجفاف المتعاقبــــة وهو ما أظهر تناقضاً فى صــــورة الهند. ففى حين يتحدث رجال الأعمال عن India shining أدت ظاهرة الجفاف وانتحار المزارعين إلى الحديث عن India burning وهى ظاهرة أدت إلى أن تحتل الهند الترتيب 127 على مجموع 177 دولة بها نسب فقر جماعى وفق التقرير الدولى عن الموارد البشرية، ذلك لا يمنع أن الهند فى سبيلها إلى أن تحقق وفق التقديرات الدولية حجم صادرات فى البرمجيات سوف يبلغ فى عام 2008 , 55 مليار دولار وهو رقم يشير إلى النبوغ العلمى والقدرة التنافسية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأسس النظرية للإستراتيجية العسكرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1