مستقبل الشرق الأوسط يحسم في دمشق وحلب

مستقبل الشرق الأوسط يحسم في دمشق وحلب

تاريخ النشر :٦ أبريل ٢٠١٣

بقلم: أردفان آسلاني

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12796/article/17648.html
إذا ما سقط بشار الأسد وانهار نظامه فإن سوريا قد تتحول بالنسبة لإسرائيل إلى غزة أخرى عملاقة وأكثر خطورة علما أن الدولة اليهودية كانت دائما تعتبر أن مرتفعات الجولان هي حدودها الأكثر أمنا وأمانا.
يعتبر الكثير من الملاحظين أن المسلحين الذين يقاتلون نظام دمشق ويسعون إلى إسقاطه هم في أغلبهم من الاسلاميين المتشددين الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة أو يتعاطفون معه. فهم يرفعون الأعلام السوداء التي تنسب لهذا التنظيم الارهابي.
لقد قررت القمة العربية الملتئمة مؤخرا في الدوحة أن تمنح مقعد سوريا إلى المعارضة «المدنية» التي يقودها رجل الدين السني معاذ أحمد الخطيب الذي تقدم مؤخرا باستقالته غير أنها لم تقبل حتى الآن وذلك لما اعتبره سعي من جماعة الاخوان المسلمين السورية للهيمنة على كل شيء من ذلك مثلا أنهم فرضوا عليه رئيسا للوزراء في الحكومة الانتقالية.
خلال القمة العربية المنعقدة في الدوحة قررت أربع دول عربية البدء في تزويد المعارضة السورية بكميات كبيرة من الأسلحة. لقد تم حتى الآن شراء بقايا السلاح الذي استخدم في الحرب الأخيرة في يوغسلافيا السابقة في صفقة تصل قيمتها إلى أكثر من مليار دولار وقد وصل جزء من هذه الترسانة من السلاح فعلا إلى أيدي المعارضة السورية في الداخل عبر الأراضي الأردنية وهو ما يمثل تطورا جديدا في الصراع السوري منذ منتصف شهر ديسمبر الماضي.
تشير بعض التقديرات أيضا أن قرابة 4500 طن من الأسلحة قد تم تسليمها إلى المسلحين في داخل سوريا بواسطة 160 رحلة جوية من تركيا وقد أصبحت الأردن منذ منتصف سنة 2012 بدورها معبرا للسلاح الموجه إلى المعارضة المسلحة داخل سوريا.
لقد باتت هذه الشحنات الكبيرة من الأسلحة تثير المخاوف لأنه لا أحد يمكن أن يتحكم بعد ذلك في الطريقة التي ستستخدم بها. يقال ان بعض هذه الأسلحة قد وجدت في مالي، في أيدي الاسلاميين الذين تحاربهم فرنسا هناك.
دخلت منظمة الأمم المتحدة على خط الحرب الأهلية السورية وقررت تشكيل لجنة برئاسة العالم السويدي إيك سلستروم للتحقيق في المزاعم المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية في إحدى المناطق القريبة من مدينة حلب ، ثاني أكبر المدن السورية بعد دمشق. يزداد الوضع خطورة بعد أن استهدفت قذائف الهاون أحد مواقع الجيش الاسرائيلي في مرتفعات الجولان الأمر الذي جعل جيش «تشاحال» يرد الفعل ويستهدف موقعا للجيش السوري.
بدأ المسؤولون الاسرائيليون يتساءلون حول خطورة الأوضاع الأمنية في سوريا وتداعياتها الوخيمة المحتملة على كامل منطقة الشرق الأوسط ، بما في ذلك الدولة العبرية. خلال فترة حكم حافظ الأسد وابنه بشار الأسد على مدى أربعة عقود لم تطلق رصاصة واحد من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل كما أن مرتفعات الجولان المحتلة في نظر القانون الدولي منذ حرب يونيو 1967 تمثل الجبهة الأكثر أمنا بالنسبة لإسرائيل، على عكس الحدود مع سيناء وقطاع غزة وجنوب لبنان على سبيل المثال.
لا يخفي القادة السياسيون والعسكريون مخاوفهم من أن يؤدي سقوط نظام بشار الأسد إلى تحويل سوريا إلى غزة جديدة عملاقة الأمر الذي سيزيد من الأخطار التي ستحدق مستقبلا بالدولة اليهودية.
تتخوف إسرائيل كثيرا من احتمال نظام بشار الأسد العلماني والشمولي ليترك مكانه لنظام ثيوقراطي متطرف يقوده الاخوان المسلمون الذين قد يهددون الحدود مع مرتفعات الجولان المتحدة ويقومون بحملة تطهير عرقي ضد العلويين والمسيحيين والدروز والأكراد.
ما هو نموذج المجتمع الذي يمكن أن يبنيه المسلحون السوريون بعد سقوط نظام بشار الأسد وهم في أغلبهم من الاسلاميين المتشددين الذين ينادون بالدولة الثيوقراطية التي لا تعترف بالمبادئ الديمقراطية على النمط الغربي ، هذا ما لم تتدخل الأطراف المانحة لتفرض نموذج الدولة ما بعد نظام بشار الأسد.
في الحقيقة يبدو المستقبل قاتما في سوريا حيث ان الشعب السوري لا يملك أي بديل ديمقراطي حقيقي لنظام بشار الأسد العلماني والشمولي. لا يوجد حتى اليوم ما يضمن بأن سوريا ستشهد قيام نظام ديمقراطي يحترم الأقلية العرقية والعقائدية. يجب أن ندرك أيضا أن القيادات المعارضة السورية في المنفى لا تملك أي سلطة للتحكم في الجماعات المسلحة التي تقاتل نظام بشار الأسد في داخل الأراضي السورية.
إن مستقبل كامل منطقة الشرق الأوسط سيحسم في شوارع مدينة حلب والعاصمة دمشق. إذا استطاعت الجماعات الاسلامية المتشددة السيطرة على دمشق فإن معركتها القادمة ستكون في بغداد من أجل الاطاحة بالنظام العراقي الذي يقوده الشيعة المتهمين بالخضوع لإملاءات النظام الايراني. يمكن أن نتساءل أيضا عما يخبئه المستقبل للبنان المجاور لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد علما أن شوارع بعض المدن اللبنانية ؟ خاصة منها طرابلس - تشهد بين الحين والآخر مواجهات مسلحة بين الموالين لنظام دمشق والمعادين له. لهذا قد تكون آخر ورقة لاتزال بأيدي بشار الأسد نفسه.