منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Empty
مُساهمةموضوع: الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة   الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة Emptyالسبت أبريل 27, 2013 12:31 am


01 يناير 1999
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة
المصدر: السياسة الدولية
بقلم: السيد يسين
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=219340&eid=448
فى التسعينات أثار عالم الاجتماع الأمريكى الشهير دانيل بل الأوساط الأكاديمية والدوائر السياسية بكتاباته عن ـ نهاية الأيديولوجية ـ ومنذ ذلك الحين قامت مناظرات شتى حول الموضوع بين مؤيد ومعارض، وإن كان يمكن رد أصول الموضوع ـ إن أردنا تطبيق مناهج وأساليب علم اجتماع المعرفة ـ إلى المعركة الفكرية الكبرى التى كانت دائرة بين الشيوعية والرأسمالية إبان الحرب الباردة لقد كانت هذه المناظرة حول الأيديولوجية ونهايتها إحدى المعارك التى هدفت إلى نزع مصداقية الشيوعية كأشهر أيديولوجية سياسية فى القرن العشرين، والتركيز على التكنولوجيا باعتبارها هى التى ستقوم بالدور الأكبر فى تنمية المجتمعات المعاصرة وقد التفتنا منذ سنوات طويلة لإشكالية الأيديولوجية والتكنولوجيا ونشرنا بصددها دراسة طويلة فى مجلة الكاتب نشرت فى أعداد أغسطس وسبتمبر وأكتوبر عام 1969 ويعلمنا تاريخ الأفكار أن الجدل النظرى لا يحسم فى الواقع قوة الأطراف الداخلة فيه والتى تتعارض رؤاها بالنسبة للموضوع محل الجدل ولكن حكم التاريخ هو الحاسم، والذى عادة ما يتمثل فى وقائع ملموسة من شأنها أن تثبت صحة أو زيف الأحكام التى صيغت فى الجدل ومما يؤكد هذا تماما ما حدث بالنسبة للمناظرة الخاصة بنهاية الأيديولوجية التى دارت رحاها فى الستينات، وتساوت فيها كفة المهاجمين والمدافعين، ولم تحسم إلا فى نهاية الثمانينات وعلى وجه التحديد عام 1989 حين سقط الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية وانهارت الأيديولوجية الشيوعية، أو بمعنى أدق انهار مشروعها للتغيير الاجتماعى الراديكالى للعالم وإذا أردنا الدقة لقلنا أن هذه الواقعة التاريخية البالغة الأهمية، ونعنى انهيار الاتحاد السوفيتى وزواله من الخريطة السياسية، يقدم مؤشرات على صواب بعض أفكار دانيل بل، وليس على مجمل نظريته فالأيديولوجية إذا عرفناها بأنها مجموعة القيم الخاصة بالتطور الاجتماعى التى تتبناها طبقة أو مجتمع أو قطاع سياسى فى لحظة ما، لا تسقط وتختفى بهما لتعرضت لهزات وأزمات تلحق النظام السياسى الذى يعبر عنها ولكنها قد تضعف أو تتوارى أو قد تنزع إلى أن تتجدد وتخرج من أزمتها، ولكنها لا تختفى نهائيا من مجال صراع الأفكار وذلك لأنها تتعلق بالقيم فى المقام الأول فالماركسية تنزع أساسا إلى الحرية الإنسانية والعدل الاجتماعى، وهى قيم لا يمكن أن تسقط، ولكن يمكن أن يسقط النظام الشمولى السوفيتى ـ على سبيل المثال ـ الذى حاول أن يعبر عنها فى مرحلة تاريخية معينة لقد أدى سقوط الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية إلى صعود أيديولوجيات جديدة زعمت أن الرأسمالية قد انتصرت إلى الأبد وأبرزها محاولة المفكر الأمريكى اليابانى الأصل عن ـ نهاية التاريخ ـ غير أن هذه النظرية ـ بالرغم من كل الدوى الفكرى الذى أحدثته ـ ثبت تهافتها الفكرى، تحت ضغط التحولات السياسية السريعة الإيقاع التى تحدث فى البلاد الغربية الرأسمالية وأبرزها بزوغ أيديولوجية سياسية جديدة هى ـ الطريق الثالث ـ تحاول التأليف الخلاق بين إيجابيات بعض التوجهات الاشتراكية وأبرزها اعتبارات عدالة التوزيع، وحركية بعض النزعات الرأسمالية وأهمها التركيز على الحافز الفردى كأساس للتقدم وبزوغ الطريق الثالث باعتبارها أيديولوجية جديدة صاحبه ظواهر تكاد أن تكون بالغة الحيرة فى مجال صعود النظريات السياسية ذلك أن عصر العولمة وخصوصا فى جوانبها الاتصالية حيث تعيش مرحلة البث التليفزيونى المباشر، قد أثر تأثيرا بالغا على إذاعة أفكار الطريق الثالث لقد شاهد ملايين البشر ندوة فكرية هامة على شاشة التليفزيون فى بث مباشر أذاعته محطة CNN عن الطريق الثالث، شارك فيها الرئيس كلينتون وتونى بلير رئيس الوزراء البريطانى ومجموعة من رؤساء الوزارات الأوروبية فى إيطاليا والبرتغال وغيرها عقدت الندوة فى كلية الحقوق بجامعة نيويورك، واستمعنا إلى كل من كلينتون وبلير يتحدثان عن ـ الطريق الثالث ـ باعتبارها أيديولوجية المستقبل، والتى تستحق أن تطبق على المستوى الكونى ولم تكن المظاهرة الإعلامية الصاخبة هى فقط التى ميزت إذاعة أفكار الطريق الثالث ولكن ثبت من خلال بحثنا لأصول هذه الأيديولوجية الجديدة أنها نتاج العمل المشترك بين مجموعة من علماء السياسة والاجتماع البارزين، ونخبة من السياسيين الطامحين إلى التعامل الإيجابى مع حقائق العصر وأهمها ضرورة فتح الأسواق وتطبيق مذهب الحرية الاقتصادية على المستوى الكونى وفى نفس الوقت الحفاظ على الاستقرار السياسى من خلال الاهتمام الشديد بالبعد الاجتماعى للتنمية، بصياغة شبكات للأمان الاجتماعى، وللرعاية الشاملة من خلال البحث تبين لنا أن المنظر الأول للطريق الثالث فى بريطانيا هو عالم الاجتماع الإنجليزى الشهير أنتونى جيدنجز، والذى أخرج كتابا عام 1989 عنوانه ـ الطريق الثالث:ـ تحديد الديمقراطية الاشتراكية ـ سرعان ما ترجم إلى عشرات اللغات الحية وفى نفس الوقت ساعد بعض الأكاديميين تونى بلير نفسه لكى يصدر كتابا موجزا عنوانه ـ الطريق الثالث:ـ سياسات جديدة للقرن الجديد ـ نشرته الجمعية الفابية عام 1989 وأهم من ذلك كله أن تونى بلير اعتمد على هذه الإسهامات النظرية لكى ينشئ حزب العمال الجديد الذى صاغ برنامجه السياسى فى ضوء أيديولوجية الطريق الثالث ونجح فى الانتخابات على أساسها وهنا نأتى إلى الملمح الثانى الهام، وهو أن الطريق الثالث ليست يوتوبيا سياسية، ولا هى بحق أيديولوجية، ولكنها تحولت إلى برامج سياسية نجحت على أساسها أحزاب أوروبية شتى ووصلت إلى الحكم وإذا ولينا وجوهنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاكتشفنا أن الحزب الديمقراطى الجديد الذى أسهم فى تأسيسه الرئيس كلينتون وآل تورم وغيرهما هو الذى يدعو للطريق الثالث، والذى من خلال صياغة أفكاره فى شكل برنامج سياسى نجح كلينتون فى الفوز فى انتخابات الرئاسة الأمريكية مرتين، لأنه ركز تركيزا شديدا على برامج الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليمية، واهتم اهتماما خاصا بفئات الفقراء والمهمشين والأقليات بالإضافة إلى نجاحه المشهود فى القضاء على البطالة إلى حد كبير، ودفع التقدم الاقتصادى فى البلاد ومرة أخرى نجد وراء هذه الجهود السياسية عالم السياسة الأمريكى الشهير سيمور مارتن الذى أخرج عام 1990 كتيبا شهيرا تحدث فيه عن تحولات اليسار العالمى من خلال منظور تعاونى وهو بعنوان ـ التجديد السياسى فى اليسار:ـ منظور مقارن ـ وفى هذا الكتيب رصد بالغ الدقة لبروز الطريق الثالث كأيديولوجية سياسية جديدة، وانتشارها فى عديد من الدول الأوروبية ودول أمريكا اللاتينية، وحتى فى القارة الآسيوية نحن إذن أمام بزوغ أيديولوجية سياسية جديدة لها سماتها النوعية الخاصة وقد قدرنا ـ حين تصدينا للتعريف النقدى لهذه الظاهرة ـ أنه ليس أمامنا سوى القيام بمحاولة استكشافية لكى نحدد تضاريس هذه الظاهرة، مثل التعمق فى مناقشة أطروحتها النظرية، أو التنبؤ ـ لو كان ممكنا ـ بمصيرها فى المستقبل ومن هنا يمكن القول أن الدراسة الراهنة، والتى نشرت على حلقات، لا تكون فى مجموعها سوى محاولة استكشافية لتحديد معالم الموضوع، تمهيدا لدراسات أخرى متعمقة نرجو أن نقوم بها فى المستقبل ـ 1 ـ طريق الثالث:ـ إذا كان الصراع الإيديولوجى الذى هيمن على القرن العشرين قد دار أساسا بين الاشتراكية والرأسمالية، فهل هناك إمكانية نظرية ووسيلة عملية لإجراء عملية تاريخية كبرى تتمثل فى التقارب بينهما آخذا فى الاعتبار الجوانب الإيجابية والسلمية البارزة فى كل أيديولوجيته، بالإضافة إلى الخبرة التاريخية التى تتمثل فى ممارسة كل من الفكر الاشتراكى والفكر الرأسمالى أثير هذا السؤال من قبل مرات عديدة بواسطة الساسة والباحثين، بل قد صيغت بالفعل محاولات نظرية لإحداث التقارب بين كل من الإيديولوجيتين المتصارعتين بل انه على ما يرى البعض، فان صيغة الاشتراكية الديموقراطية وهو النظام السائد فى البلاد الاسكندنافية ليست سوى المحاولة العملية للجمع بين الاشتراكية من جانب والرأسمالية من جانب آخر غير أنه يمكن القول أن كل هذه المحاولات نظرية كانت أو عملية لا ترقى إلى أهمية الحدث السياسى البارز الذى وقع فى نيويورك منذ أسابيع قليلة، حين عقدت ندوة فى كلية الحقوق موضوعها ـ الطريق الثالث ـ وتبدو الأهمية الاستثنائية لهذه الندوة فى عدد من الاعتبارات أهمها أشخاص من حضروها، والموضوع المطروح، والمستقبل لقد حضر هذه الندوة الرئيس الأمريكى كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والتى تعتبر هى الرمز الحى للرأسمالية المعاصرة بكل إنجازاتها وإخفاقاتها، وقونى بلير رئيس الوزراء البريطانى، وزعيم حزب العمال الذى رفع دائما ـ بدرجة قليلة أو كبيرة ـ رايات الفكر الاشتراكى، كما أسهم فيها رئيس الوزراء الإيطالى رومانى برودى ورئيس الوزراء الهولندى ـ كوك، وكان مقررا أن يشارك فيها ليونيل جوسبان رئيس الوزراء الفرنسى الاشتراكى، ولو كانت قد عقدت الندوة قبل ظهور نتيجة الانتخابات الألمانية لشارك فيها بالقطع شرويدر مستشار ألمانيا الجديد الاشتراكى ترى الذى جمع بين كل هؤلاء الساسة الذين ينتمون إلى الفكر الرأسمالى من ناحية والفكر الاشتراكى ـ بدرجات متفاوتة ـ من ناحية أخرى؟ لقد أعلن منظمو الندوة أن الغرض الرئيسى منها هو ـ تبادل وطرح الأفكار دعما للجهود الرامية إلى إيجاد حل للمشكلات العالمية المعاصرة وتتخلص الأطروحة الرئيسية ـ كما يقرر أمير طاهرى فى تقرير له نشر بجريدة الشرق الأوسط ـ فى وجود طريق ثالث بين الاشتراكية التى ـ أدانها التاريخ ـ حسبما يعتبر البعض، والرأسمالية التى اهتزت بعنف من جراء الأزمات الراهنة فى آسيا وروسيا وأمريكا الجنوبية وترتكز الفكرة، كما هو واضح على تطوير حركة جديدة تحل محل ـ الاشتراكية الدولية ـ ، وتفرز أحزابا جديدة مثل الحزب الديمقراطى الأمريكى الجديد وسائر أحزاب يسار الوسط فى كندا وأمريكا الجنوبية وأوروبا وقد أتيح لى أن أشاهد البث المباشر للجلسة الأولى من أعمال الندوة على شبكة سى إن إن التليفزيونية والتى تحدث فيها شفاهه كل من الرئيس كلينتون وتونى بلير وأعترف أننى دهشت لراديكالية الأفكار التى طرحها كلينتون، وخصوصا فى اقترابه من بعض التوجهات الاشتراكية، كما أن تونى بلير كان عرضه لافتا وهو يقبل ببساطة بعض التوجهات الرأسمالية وقلت فى نفسى ترى هل آن أوان الترجمة الفعلية لتطبيق ما أسميناه ـ الاتجاه التوفيقى ـ الذى يهدف إلى الجمع بين قيم كانت تبدو متعارضة فى جو الاستقطاب الأيديولوجى الذى ساد القرن العشرين، وخصوصا بعد سقوط الثنائيات الزائفة؟ الاتجاه التوفيقى:ـ لقد سبق لى فى دراسة منشورة فى كتابنا ـ الوعى التاريخى والثورة الكونية ـ الصادر فى القاهرة عام 1995 ـ(الطبعة الثانية)ـ عنوانها تغيير العالم:ـ جدلية السقوط والصعود والوسطية، أن قررت بعد استعراض الآثار السياسية والثقافية لسقوط الاتحاد السوفيتى واحتجاب الماركسية أنه ـ لو حاولنا القراءة المتأملة لمؤشرات التغيرات الثقافية والأيديولوجية والسياسية والاقتصادية والعملية والتكنولوجية، يمكن لنا أن نقرر أنه سيظهر نمط سياسى اقتصادى توفيقى جديد، سيحاول أن يؤلف تأليفا خلاقا بين متغيرات تبدو فى الظاهر متناقضة، وستمر هذه المحاولة فى مرحلة تتسم بالصراع الحاد العنيف، والذى قد يأخذ أحيانا شكل المجابهة العسكرية المحدودة، فى هوامش النظام وليس فى مركزه ـ واستطرنا قائلين:ـ ستكون هناك محاولات للتوفيق بين:ـ ـ الفردية والجماعية على الصعيد الأيديولوجى والاقتصادى والسياسى ـ بين العلمانية والدين ـ بين عمومية مقولة الديموقراطية وخصوصية التطبيق ـ بين القطاع العام والقطاع الخاص ـ بين الاستقلال الوطنى والاعتماد المتبادل ـ بين المصلحة القطرية والمصلحة الإقليمية ـ بين الأنا والآخر على الصعيد الحضارى ـ بين الدولة الكبيرة المركزية فى مواجهة التجمعات المحلية ـ بين تحديث الإنتاج وزيادة الاستهلاك وتنويعه والبحث عن معنى للحياة فى نفس الوقت ـ بين زيادة معدلات التنمية فى البلاد المتقدمة ومساعدة دول العالم الثالث ـ بين الإعلام القطرى والإعلام العالمى وقد حرصت فى النهاية أن أحدد سمات ما أطلقت عليه ـ النموذج التوفيقى العالمى ـ بسمات ست، وتحفظت قائلا ـ لو استطاعت قوى التقدم أن تنتصر على قوى الرجعية ـ وهذه السمات هى:ـ ـ 1 ـ التسامح الثقافى المبنى على مبدأ النسبية الثقافية فى مواجهة العنصرية والمركزية الأوروبية ـ 2 ـ النسبية الفكرية بعد أن تنتصر على الإطلاقية الأيديولوجية ـ 3 ـ إطلاق الطاقات الخلاقة للإنسان فى سياقات ديموقراطية على كافة المستويات ـ 4 ـ العودة إلى إحياء المجتمعات المحلية، وتقليص مركزية الدولة ـ 5 ـ إحياء المجتمع المدنى فى مواجهة الدولة التى غزت المجال العام ـ 6 ـ التوازن بين القيم المادية والقيم الروحية والإنسانية وقد أكدت فى تقييم نهائى إننا نشهد ـ فيما نرى ـ المرحلة الأخيرة من حضارة عالمية منهارة كانت لها رموزها وقيمها التى سقطت، وبداية تشكل حضارة عالمية جديدة شعارها ـ وحدة الجنس البشرى ـ تونى بلير والطريق الثالث:ـ إذا كان ما سبق تلخيصا للاتجاه التوفيقى الذى تنبأنا بأنه سيسود العالم فى إطار نظام عالمى جديد، فإن ندوة الطريق الثالث تعتبر ـ فى جانبها السياسى والثقافى والاقتصادى ـ ترجمة عملية لهذا الاتجاه ويبدو ذلك بوضوح شديد من أفكار بلير الأساسية ـ والتى لها جذور تاريخية ـ والتى طرحها فى مقال له كتبه لجريدة الشرق الأوسط وتحدث فيه عن استراتيجيته الجديدة وكان عنوان مقال بلير ـ الطريق الثالث ديموقراطية اجتماعية حديثة ـ ويحدد تونى بلير فى صدر مقاله التوجهات الرئيسية التى يتبناها وينقدها فى الوقت الراهن حزب العمال البريطانى، ولعل هذه هى أهمية أفكار الطريق الثالث فهى ليست مجرد طروحات نظرية يعرضها للنقاش بعض مفكرى يسار الوسط، بقدر ما هى سياسات تطبق بالفعل فى عديد من البلاد الأوروبية التى تحكمها فى الوقت الراهن أحزاب يسار الوسط، بالإضافة إلى البرامج الاجتماعية التقدمية التى يعمل الرئيس كلينتون على تطبيقها فى الولايات المتحدة الأمريكية وأهمها برامج الرعاية الصحية والاجتماعية وسياسات التعليم الجديدة ومكافحة الجريمة يقول تونى بلير فى مقالته ـ إن الطريق الثالث يعتبر الطريق إلى التجديد والنجاح للديموقراطية الاجتماعية الحديثة ببساطة انه ليس حلا وسطا بين اليسار واليمين انه يسعى لتبنى القيم الأساسية للوسط والوسط اليسارى، ويعمل على تطبيقها فى عالم يشهد تغييرات اجتماعية واقتصادية أساسية، وأن يقدم بذلك وهو متحرر من الأيديولوجية العتيقة إن التحدى الذى نواجهه كبير، يتمثل فى الأسواق العالمية والفقر المستمر والعزلة الاجتماعية وارتفاع معدل الجريمة، والانهيار الأسرى، وتغير دور المرأة، والثورة فى التقنية، والعداء الشعبى للسياسة، والمطالبة بإحداث إصلاحات ديموقراطية كبيرة، والتطرق إلى عدد من القضايا البيئية والأمنية التى تحتاج إلى عمل دولى يبحث الناس عن القيادة انهم يريدون معرفة كيفية التأقلم والازدهار، وكيفية بناء الاستقرار والأمن فى هذا العالم المتغير انهم يحتضنون قيم التضامن التقليدية للوسط اليسارى، والعدالة الاجتماعية، والمسئولية وإتاحة الفرص بيد أنهم يعرفون أنه ينبغى علينا أن نتحرك بصورة حاسمة إلى ما وراء طرق التفكير العتيقة إلى ما وراء اليسار العتيق المهموم بهيمنة الدولة والضرائب الباهظة ومصالح المنتج وسياسة حزب اليمين الجديدة بعدم التدخل التى تدافع عن الفردية والاعتقاد بأن تحرير الأسواق هى الإجابة الشافية لكل معضلة ـ وقد أثارت ندوة نيويورك عن الطريق الثالث أسئلة لعل أبرزها كما ـ يقرر أمير طاهرى فى الشرق الأوسط ـ هل هى عرض سياسى أم إملاء أيديولوجى؟ بمعنى هل هذا اتجاه جديد لبعض الحكومات الغربية التى تنتمى ليسار الوسط، أم أنه سرعان ما سيتحول ليصبح أيديولوجية عالمية جديدة تحاول فيه هذه الحكومات الضغط فى اتجاه تطبيقها فى كل مكان؟ أم هى محاولة جسورة للخلاص من جمود الاشتراكية ووحشية الرأسمالية؟ ـ 2 ـ قراءة منهجية لحركة الطريق الثالث:ـ الطريق الثالث ليست مجرد نظرية جديدة تحاول التأليف الخلاق بين إيجابيات الاشتراكية وحسنات الرأسمالية، بل هى ـ أهم من ذلك ـ حركة سياسية نشطة، تقوم بالدور الفاعل فيها حكومات غربية متعددة، استطاعت أن تصل الأحزاب التى كونتها للسلطة من خلال الانتخابات العامة وهى من ثم ليست حركة فكرية نخبوية أطلقتها مجموعة من المفكرين السياسيين، بقدر ما هى إعلان بارز عن تحولات خطيرة فى المزاج السياسى للجماهير ـ إن صح التعبير ـ وترجمة صادقة للتكيف الأصيل لكل من النخبة السياسية والمفكرين والجماهير لمتغيرات العصر من ناحية، وتأمل عميق فى الحصاد الإجمالى لخبرة القرن العشرين وإذا تأملنا بعمق فلسفة الطريق الثالث، لأدركنا أنها ليست فقط محاولة للتوفيق ـ وان كان خلافا ـ بين الأيديولوجيتين المتصارعتين الاشتراكية والرأسمالية، ولكنها أهم من ذلك تقدم صورة بالغة الجدة للمجتمع الإنسانى الذى يراد تشكيله فى القرن الحادى والعشرين، بناء على صياغة مفاهيم جديدة، ونظريات مستحدثة، تعيد تحديد العلاقة بين الفرد والمجتمع من خلال توازن دقيق بين الحقوق والواجبات استكشاف الخريطة الفكرية:ـ السؤال الذى طرحته على نفسى بعد أن شاهدت على شاشة التليفزيون ندوة كلينتون وتونى بلير كيف استكشف الخريطة الفكرية لحركة الطريق الثالث إن أردت أن أحفر لمعرفة جذورها التاريخية وتجلياتها المختلفة؟ لقد سبق لى ـ وخصوصا بعد سقوط الحرب الباردة عام 1989 ـ أن اهتممت اهتماما بالغا بحركة مراجعة الماركسية التى قام بها ماركسيون وغيرهم، وأيضا ـ وقد يبدو هذا غريبا وخصوصا بعد دعاوى فوكوياما عن الانتصار الخالد للرأسمالية فى كتابه ـ نهاية التاريخ ـ محاولات مراجعة الرأسمالية ذاتها من قبل مفكرين غير ماركسيين من أبرز المحاولات الأولى كتاب المفكر الماركسى الأمريكى رولاند أرونسونل ـ ما بعد الماركسية ـ والصادر فى نيويورك عام 1995، والذى يحاول فيه صياغة برنامج راديكالى جديد متحرر من جمود الفكر الماركسى التقليدى ومن أبرز المحاولات الثانية كتاب ليستر ثورو الصادر فى عام 1996 وعنوانه:ـ ما بعد الرأسمالية ـ أردت فقط أن أضرب المثل بهذين الكتابين اللذين يرمزان إلى حركة مراجعة كبرى فى الفكر العالمى المعاصر تكشف عنها الكتب المتعددة التى تتحدث عن ـ الما بعد ـ إذ أن العناوين التى تستخدم هذه الكلمة متعددة فعلا، فلدينا ما بعد الماركسية، وما بعد الرأسمالية، وما بعد الحداثة، وما بعد النظرية، وما بعد السياسة، وكأننا نعيش فى عصر ـ الما بعديات ـ وهى إشارة واضحة لحالة القلق والتوتر التى تنتاب العالم على مستوى النخبة وعلى مستوى الجماهير على السواء، كما يظهر فى استطلاعات الرأى العالمية غير أننى سرعان ما اكتشف أن المكتبة التقليدية والتى تتمثل فى تتبع الكتب الجديدة وتعقب المقالات الأكاديمية والصحفية، لا تصلح للإلمام بحدث كظهور ـ الطريق الثالث ـ كفلسفة جديدة، وكحركة سياسية أصبحت تضم عشرات الحكومات الغربية ولأن نعيش قولا وفعلا فى عصر المعلومات، كان لابد أن ألجأ على الفور إلى شبكة الإنترنت لكى استكشف مختلف أبعاد الموضوع وكانت نتيجة البحث فى شبكة الإنترنت مذهلة حقا فقد اكتشفت شبكة إلكترونية متكاملة عن الطريق الثالث، أقامها حزب العمال البريطانى الجديد، وهى زاخرة بالمواد المتنوعة وعلى الجانب الآخر، فى بحثى عن الأصول الفكرية للطريق الثالث فى الولايات الأمريكية، اكتشفت شبكة إلكترونية متكاملة أيضا أقامها الحزب الديمقراطى الأمريكى بطلائعه الجديدة التى يمثلها أساسا الرئيس كلينتون، وآل فورم، وهى تفيض بالبحوث والدراسات عن الطريق الثالث، بما فى ذلك مجاملة للديمقراطيين الجدد ـ ومجلة جديدة صدرت فى الشهور الماضية مهمتها اكتشاف أبعاد الطريق الثالث فى القرن الحادى والعشرين وإذا أضفت إلى ذلك نتيجة أبحاثى فى شبكة الإنترنت الفرنسية، وما حصلته منها من دراسات متعددة، فمعنى ذلك أن مشكلتى الراهنة فى الكتابة ليست نقص المعلومات ولكن على العكس وفرتها الشديدة وغزارتها التى تجعل الباحث فى حيرة من أمره، من زاوية منهج التعامل مع كل هذا الكم الزاخر وقد أنقذتنى شبكة الإنترنت الإلكترونية لحزب العمال الجديد من هذه الحيرة، ذلك لأنها قررت بناء على مبادرة من دافيد هالبرن أحد مؤسسى الشبكة ودافيد ميليباند الأكاديمى من جامعة كمبردج ومدير وحدة السياسات فى داوننج ستريت إقامة مؤتمر لإلكترونى ـ عن الطريق الثالث من خلال استخدام البريد الإلكترونى فى الإنترنت، لضمان اشتراك أكبر عدد من المفكرين والساسة فى المناقشة وتم فعلا فتح النقاش على شبكة الإنترنت فى الفترة من الأحد 25 يناير إلى الثلاثاء 12 فبراير عام 1998 وفى هذه الفترة تجمعت ـ 140 رسالة إلكترونية صدرت عن 45 مفكرا وباحثا شاركوا فى النقاش وقام كل من دافيد هالبرن ودافيد سيكون بإعداد لتقرير جامع ضم خلاصة المناقشات وعرضت الأفكار بشكل منهجى رائع ونحن فى الحقيقة نعتمد أساسا على هذا التقرير فى عرض ملامح خريطة الطريق الثالث فى الجناح الإنجليزى للحركة ذلك أنه كما سنرى هناك جناح أمريكى تختلف طروحاته ـ كثيرا أو قليلا بحسب الأحوال ـ مع الطروحات الإنجليزية فتح باب المناقشة:ـ فتحت رسالة وصلت ـ الشبكة ـ النقاش بكلمة عامة عن الطريق الثالث، وهو ـ فى نظر صاحب الرسالة ـ يتضمن فلسفة سياسية وتنظيما اقتصاديا يتسم بالتميز، ولكن لا يمكن فهم هذه الفلسفة إلا فى ضوء البدائل المطروحة لها فعلا على الساحة السياسية والاقتصادية والسؤال الأول الذى ينبغى إثارته:ـ ما هو المجال الواقعى للاختيار فى ميدان الاقتصاد السياسى، وخصوصا بعد ظهور القوى الاقتصادية الكونية نتيجة العولمة؟ وكيف يمكن للطريق الثالث أن يجمع بين الديناميكية المطلوبة فى الاقتصاد المعاصر، وبين العدالة فى الاقتصاد السياسى للقرن الحادى والعشرين؟ لقد أجاب بعض الباحثين على السؤال بأن مجال الحركة فى الواقع بالغ الضيق، سواء كنا نتحدث عن اقتصاد حر على نمط الاقتصاد الأمريكى، الذى يتسم بمعدل منخفض للبطالة ولكن فى سياق معدل مرتفع لعدم المساواة، أو عن اقتصاد أوربى تقليدى يتسم بمعدل منخفض لعدم المساواة، ولكن بمعدل مرتفع للبطالة فى نفس الوقت وإذا كانت البدائل المطروحة فى الوقت الراهن فى الساحة السياسية هى اليسار القديم واليمين الجديد، فما الذى يطرحه إذن الطريق الثالث من فكر جديد؟ الأجوبة كانت أن الطريق الثالث يقيم عمده على أساس مبدأ المسئولية المشتركة ـ ، ويعنى ذلك المسئولية المشتركة بين الفرد والمجتمع والدولة غير أن هناك اتجاها واقعيا يتجه إلى أن مصير الطريق الثالث ومحتواه لن يحدده الجدل النظرى ولكن السياسة بكل بساطة ويعنون بذلك أن المسألة فى الواقع تتعلق بما سيصوت الناخبون للأحزاب التى تتبنى أفكار الطريق الثالث أولا فى البدء كان التعريف:ـ كأى مناقشة أكاديمية كان لابد من البدء بتعريف مفهوم الطريق الثالث نفسه وتحديد جذوره التاريخية ويقول البعض أن مصطلح الطريق الثالث ـ أخذ يتم تداوله منذ أن استخدمه البابا بيوس الثانى عشر فى أواخر القرن التاسع عشر حينما دعا إلى طريق ثالث بين الاشتراكية والرأسمالية ومنذ ذلك الحين شاعت مصطلحات شبيهة لعل أقربها تاريخيا هو حديث هارولد ماكميلان عن الطريق الوسط ـ وإن كان الذى أسرف فى استخدامه مؤخرا تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى، بالإضافة إلى الرئيس بيل كلينتون فى رسالته السنوية عن حالة الاتحاد لحين تحدث عن أنه وجد طريقا ثالثا ـ وقد ثار التساؤل لاين نجد منابع فلسفة الطريق الثالث، هل فى أوربا أم فى الولايات المتحدة الأمريكية؟ لينقسم الرأى بين هؤلاء الذين أكدوا على الأصول الأوربية للمفهوم وخصوصا بالنظر إلى فكر السياسى الفرنسى الاشتراكى ديلور، والذين يربطونه بالبرامج الاجتماعية التى يتبناها الرئيس الأمريكى كلينتون وبغض النظر عن هذا الخلاف فالسؤال الأهم حقيقة، هو ما الذى يعنيه الطريق الثالث؟ للإجابة على هذا السؤال اختلف الأكاديميون المشاركون اختلافات جسيمة، غير أنه يمكن فى النهاية تبين ثلاثة اتجاهات فى مجال التعريف بالطريق الثالث:ـ ـ (1)ـ الطريق الثالث يمكن أن يكون هو الطريق الوسط بين بديلين:ـ البديل الأول هو أنساق للتنظيم الاقتصادى والاجتماعى ـ(سواء كانت رأسمالية أو اشتراكية)ـ ، والبديل الثانى هو مبادئ لتخصيص الموارد ـ(فى السوق والدولة)ـ ، سواء مثل نماذج الرأسمالية ـ(كالنموذج الأمريكى فى مواجهة النموذج الأوربى)ـ ، أو طريقا وسطا أيديولوجيا بين اليسار القديم واليمين الجديد ـ (2)ـ الطريق الثالث قد لا يكون سوى صيغة معدلة للاشتراكية الديمقراطية، والتى تقدم بديلا واضحا للمشروع الليبرالى الجديد الذى برز فى الثمانينات، من خلال تطبيق مستحدث لمبادئ الديمقراطية الاشتراكية فى الظروف الراهنة ـ (3)ـ الطريق الثالث قد يشير إلى تأليف جديد وغير جامد للأفكار والتى ينتمى بعضها إلى ما يسمى اليسار الراديكالى، والتى تنزع إلى الاعتراف بأنه حدث انقطاع جديد فى الاستمرارية السياسية، مما يجعل اليقينيات السياسية السابقة مسألة عتيقة فات زمانها، وقد اتسمت الجولة الأولى من المناقشات بالتركيز على المعنى الأول للطريق الثالث ونعنى أن الطريق الثالث هو محاولة جديدة لتجاوز البديلين السابقين، وهما الديمقراطية الاشتراكية والاقتصاديات الليبرالية الجديدة، وخصوصا بعد سقوط الثنائيات الزائفة التى ملأت فضاء القرن العشرين ـ 3 ـ العولمة وتغيير العالم:ـ يلفت النظر بشدة فى الجدل الفكرى حول الطريق الثالث، أن التغير الذى حدث فى العالم، وتكييف طبيعة هذا التغير، احتل موقعا هاما فى النقاش وليس هذا غريبا على أى حال فنقطة البداية ـ كما رصدناها من قبل فى دراستنا المنشورة عام 1990 ـ تغيير العالم:ـ جدلية الصعود والسقوط والوسطية، أننا نشهد تغيرا كيفيا فى العالم على صعيد السياسة والاقتصاد والثقافة فى نفس الوقت وأيا كانت أسباب التغير، فلا نخطئ كثيرا لو أكدنا أن التحول الأساسى فى العلاقات الدولية هو نهاية عصر الحرب الباردة والدعوة إلى حل المشاكل الدولية من خلال حوار الحضارات، والموجة المتدفقة للديموقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان، بعد سقوط الشمولية إلى الأبد أما فى الاقتصاد فموضوع العولمة هو الذى يشغل أذهان المفكرين ويثير أشد الخلافات بينهم، بالإضافة إلى السياسات الدولية التى تعبر عنها، وأهمها على الإطلاق قيام منظمة التجارة العالمية، والبداية الفعلية لعصر التنافس العالمى وحين نأتى أخيرا إلى الثقافة فلعل الموضوع الرئيسى المطروح هو بزوغ ثقافة كونية بدأت تؤثر على اتجاهات الناس وقيمها وسلوكها الاستهلاكى فى كل أنحاء المعمورة، مؤيدة فى ذلك بثورة اتصالية كبرى، جعلت ملايين البشر يشاهدون الأحداث ـ على اختلافها ـ على شاشة التليفزيون فى زمن وقوعها الحقيقى طبيعة التغير واتجاهاته:ـ وإذا كان هناك إجماع على أن ثمة تغيرا أساسيا قد حدث فى العالم، ألا أن هناك خلافا واضحا بين المفكرين والساسة حول طبيعة التغير واتجاهاته ويمكن القول أن جزءا مهما من الخلاف حول الطريق الثالث، يدور حول التغير ومداه وآثاره السياسية والاقتصادية والثقافية وفى هذا الصدد يقرر مايكل جاكوبز أحد الذين شاركوا فى حلقة النقاش حول ـ الطريق الثالث ـ أن العالم تغير تغيرات هامة، ومن هنا لا بد من إعادة صياغة قيم يسار الوسط التقليدى حتى تجابه الظروف الجديدة ويمكن رصد أبرز هذه التغيرات فى زيادة معدلات الفردية، وعدم المساواة والتفكك الاجتماعى، وقلة الثقة فى الحكومة، والعولمة الاقتصادية، والتدهور البيئى ـ وفى نفس السياق قدم أنتونى بينتر من كلية ترنتى بجامعة كمبردج، تصوره لتغير العالم وبالتالى تغير السياق الذى تمارس فيه السياسة فى عدد من العلامات والعوامل أبرزها:ـ ـ 1 ـ التطور الذى حدث فى مجال الاقتصاد والاجتماع، وأثره على القيم والممارسات صبغ اقتصاد السوق بسمات معينة، وذلك على مستوى عابر للقوميات وإذا كان لا يمكن الزعم أن الاتجاه صوب العولمة مسألة حتمية بالضرورة، ألا أنه مما لا شك فيه أنها قد حدت ـ بحكم اتساع ـ مداها من حرية الحكومات فى مجال المناورة واتخاذ القرار ـ 2 ـ لقد تأثرت الديموقراطية الاشتراكية تأثرا بالغا نتيجة للضعف المتزايد للمؤسسات الوسيطة بين الحكومة والمجتمع المدنى وزاد من حدة الموقف زيادة نزوع القيم إلى الفردية ـ 3 ـ تصاعد معدلات الجمود فى الممارسات السائدة فى دولة الرعاية الاجتماعية Welfare State ويضاف إلى ذلك انهيار القيم التقليدية التى أدت إلى زيادة معدلات الجريمة والسلوك المضاد للمجتمع ومن ناحية أخرى قدم جون براوننج من مجلة ـ الايكونومست ـ وجهة نظر أخرى، مفادها أن المشكلة الحقيقية لكل من الوسط واليسار أن التغيرات التى حدثت فى العالم، من شأنها أن تشل يد الحكومة عن الوفاء بعهودها للمواطنين، وخصوصا أن اليسار كان عادة ما يعتمد على قوة الحكومة ليفى بعهوده، وماذا يحدث الآن إذا كان هذا الأسلوب غير قابل للتطبيق فى ظل المتغيرات الجديدة؟ ومع كل ذلك يمكن القول أن المناقشة سادها رأى عام يذهب إلى أن العولمة ـ التى نسبت لها كل أنماط التغيرات الاقتصادية والسياسية والثقافية ـ والتى تقف وراء التغيرات السياسية بل وطرق ممارسة السياسة ذاتها، ليست عقبة خطيرة تقف حائلا بين صانع القرار وحريته فى إصداره قراره كما يعتقد بعض صناع القرار وفى هذا المجال يرى ستيوارت وهو أحد المشاركين فى النقاش إن البحث عن طريق ثالث يقوم على أساس افتراضات لم تختبر تتعلق بالعولمة ذلك أنه يقال لنا أن عهد الحكومة النشطة الفعالة قد انتهى، على أساس أن الاختيارات السياسية تتقيد بصورة حاسمة بالتطورات فى الأسواق العالمية على سبيل المثال إذا رفعت الحكومة الضرائب فيستتبع ذلك هروب رأس المال وكذلك هروب أصوات الناخبين، وأن دولة الرعاية الاجتماعية لا يمكن لها أن تستمر بنفس الطريقة التى عملت بها عقب الحرب العالمية الثانية غير أن هناك عددا كبيرا من الباحثين الأكاديميين الذين يتحدون هذه المسلمات فقد تحدى بعضهم أسطورة الآثار الحتمية لرفع الضرائب وتأثيرها على رأس المال وسلوك الناخبين وقد أثبتت ذلك استطلاعات الرأى وتحليلات السلوك الانتخابى فى نفس الوقت ومن ناحية أخرى فهناك أبحاث متعددة أجريت فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تؤكد نتائجها أن الاعتماد المتبادل فى مجال التجارة والحراك المتزايد فى حركة رؤوس الأموال لن ينشأ عنها بالضرورة، نموذج وحيد لرأسمالية السوق من شأنه أن يقيد حركة الدولة فى رسم سياساتها وقد أيد هذه الوجهة من النظر باحثون آخرون، حين قرروا أن هناك مبالغات شديدة فى تأكيد التأثير السلبى للعولمة على حرية الدول والحكومات فى اتخاذ القرار غير أن هناك وجهة نظر معارضة تؤكد على التأثير الحاسم الذى أحدثته العولمة فى مجال تغيير الأذواق والعادات وفى صياغة نمط استهلاكى عالمى إن صح التعبير وهكذا يمكن القول أنه فى الفضاء الذى تعولم فعلا قد نشأت خبرات مشتركة وسادت ثقافة معينة وهكذا فالأذواق والتفصيلات والاتجاهات التى تسود الآن من شأنها أن تحد من حرية الحكومات فى عملية اتخاذ القرار ومن بين الظواهر اللافتة فى هذا المجال الحسابات الاقتصادية التى تقوم على المغامرة ـ(خذ على سبيل المثال تأثير العولمة على انهيار الاقتصاديات الآسيوية)ـ ، بالإضافة إلى التشابهات فى مجال الاستثمار، ونوعية الأفلام التى يشاهدها الناس والثياب التى يرتدونها، بل وأنواع الطعام التى يفضلونها ويكفى فى هذا الصدد أن نشير إلى نشوء سوق استهلاكى عالمى من رموزه الكوكاكولا من ناحية، وسندوتشات ماكدونالزر من ناحية أخرى، ولعل العبارات الساخرة التى تشير إلى الاتجاه نحو ـ كوكلة العالم ومكولة المجتمع ـ نسبة إلى ماكدونالزر، تعبر أبلغ تعبير عن تعمق النمط الاستهلاكى الأمريكى واتساع نطاقه فى كل أنحاء المعمورة غير أن هذا الرأى يعارضه باحثون آخرون، يتحدون مقولة اتساع نطاق الثقافة الكونية ويمكن القول إن حصيلة النقاش، تتمثل فى أنه مما لا شك فيه هناك إجماع على وقوع تغيرات كبرى فى مجال السياق الذى تمارس فيه السياسة، غير أنه من ناحية أخرى كان هناك نقد واضح للاتجاه الذى يرى أن العولمة هى أساس التغير والمتحكمة فى اتجاهاته بل إن هذا الاتجاه النقدى يؤكد أن العولمة إذا كانت تمثل مخاطر ـ من أى نوع كانت ـ فهى فى نفس الوقت تقدم فرصا أمام صانع القرار، وفى إمكانه استخدامها لتحقيق أهدافه وهكذا توصلت المناقشة إلى أن الأفكار السياسية المتغيرة، وتغير طموحات الناس، وتراكم الخبرة، كلها عوامل تأتى وراء الاتجاه ناحية الطريق الثالث، أكثر من العولمة بذاتها أسباب التغير:ـ ولعل فى العبارات الأخيرة المفاتيح الرئيسية التى تكمن وراء التغيرات الأيديولوجية والسياسية الكبرى التى تقف وراء الاتجاه لطريق ثالث أو طريق وسط بين الرأسمالية والاشتراكية وابتداء يمكن التساؤل عن أسباب تغير الأفكار السياسية؟ فى تقديرنا أن انتهاء عصر الحرب الباردة واختفاء الصراع الأيديولوجى الحاد بين الرأسمالية والشيوعية، أو بين الولايات المتحدة الأمريكية رمز الرأسمالية، والاتحاد السوفييتى رمز الاشتراكية والشيوعية، أحد الأسباب العميقة وراء التغير فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك إن النظريات السياسية الواسعة المدى، سواء فى ذلك الرأسمالية بسوقها الحر وباليد الخفية التى تقوم بالتوازن، أو الشيوعية بتخطيطها المركزى ونزعتها للمساواة، تفتقر إلى الصحة وذلك لأن هذه النظريات وان كانت مختلفة فى مصادرها الفلسفية وممارساتها العملية، ادعت أنها تحمل فى طياتها الحقيقة المطلقة، بالرغم من السلبيات الواضحة لكل منها فى التطبيق وعبر الزمن ولم يكن رفض أصحاب هذه النظريات للانتقادات التى وجهت لها، إلا ضربا من ضروب العناد الأيديولوجى فات أوانه، وأكثر من ذلك برزت مخاطره فعدم قبول الاتحاد السوفييتى لما وجه لتجربته من انتقادات عنيفة فى مجال جمود التخطيط المركزى، ومخالفة حقوق الإنسان، والافتقار إلى أبسط مظاهر الديموقراطية والمشاركة الشعبية، هو الذى أدى بعد أكثر من سبعين عاما من التجريب المستمر فى البشر والمجتمع، إلى الانهيار الكامل للاتحاد السوفييتى، نظرية وتطبيقا وممارسة ومن ناحية أخرى فتجاهل البلاد الرأسمالية للانتقادات التى وجهت لها منذ بداية القرن، هو الذى أدى فى الواقع إلى أن تتحول الرأسمالية إلى رأسمالية متوحشة، تجرى فقط ـ تطبيقا لمبادئ الداروينية الاجتماعية ـ وراء الربح ومزيد من الربح، تحت شعار البقاء للأصلح وهكذا أنتجت الرأسمالية مجتمعات تتميز بسيادة حكم القلة الثرية التى تتحكم فى البشر، وسيادة دوائر الفقر واتساعها عاما بعد عام وإذا أضفنا إلى ذلك انهيار نظم الرعاية الاجتماعية فى هذه البلاد والتى ما وضعت إلا لتلافى الصراع الطبقى الحاد والمكشوف لإدراكنا إن المجتمعات الرأسمالية فى موقف حرج الآن ومن هنا فالطريق الثالث أصبح هو الفلسفة الجديدة، التى تتبناها مجتمعات غربية متعددة، وذلك للخروج من مأزق الاستقطاب الأيديولوجى الحاد بين الرأسمالية والاشتراكية طريق وسط، يحاول التأليف الخلاق بين إيجابيات الرأسمالية وحسنات الاشتراكية، ولكن هل المهمة ممكنة حقا على مستوى النظرية والتطبيق؟ ـ 4 ـ الجوانب التطبيقية للطريق الثالث:ـ إذا كنا خلصنا إلى أن الطريق الثالث هو طريق وسط، يحاول التأليف الخلاق بين إيجابيات الرأسمالية وحسنات الاشتراكية، فهل المهمة ممكنة حقا على مستوى النظرية والتطبيق؟ هذا هو السؤال المحورى الذى احتدمت بصدده المناقشات حول الطريق الثالث وإذا أعدنا صياغة السؤال لقلنا هل يمكن استنتاج مبادئ الطريق الثالث من واقع التطبيقات الفعلية التى تقوم بها الحكومات التى تتبناه، والتى عادة ما تتبلور فى شكل سياسات اقتصادية واجتماعية محددة؟ أم أنه من الأفضل أن نبدأ بالبحث عن القيم الأساسية التى ينهض على أساسها الطريق الثالث، لكى نتنبأ بالسياسات التى يمكن أن تصاغ على أساسه؟ اختلفت الآراء بين الباحثين، ففضل بعضهم ما يمكن تسميته ـ بالنهج التطبيقى ـ ، وآثر آخرون ما يمكن أن نطلق عليه ـ النهج القيمى ـ ويمكن القول أن لكل نهج ميزاته وعيوبه، غير أن الرأى الراجح يذهب إلى أنه لا يمكن فهم الطريق الثالث بغير دراسة كلا من السياسات والقيم، مع الاعتراف بأهمية التركيز على محددات العالم الواقعى، التى غالبا ما تحد من حرية صانعى القرارات هذه الأيام فلنر أولا كيف حاول أنصار النهج التطبيقى استنتاج مبادئ وقيم الطريق الثالث من خلال تحليل مضمون السياسات المطبقة بالفعل المبادئ والسياسات:ـ يقوم النهج التطبيقى على محاولة استنتاج المبادئ من خلال تحليل السياسات المطبقة وقبل أن يذيع مفهوم ـ الطريق الثالث ـ كان هناك وصف أطلق بواسطة المعلقين والسياسيين على حكومة العمال بأنها تتبنى ـ خطا غير أيديولوجى ـ ، بل إن الوصف اتجه أكثر إلى التحديد حين أطلق على هذا الخط أنه برجماتى، أى أنه يهتم بالجوانب العملية والنفعية اكثر من اهتمامه بالتنظير، أو الانطلاق سلفا من مجموعة متناسقة من القيم وربما نجد تعبيرا ذائعا لدينا فى مصر للدلالة على هذا الاتجاه فى السلوك، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، وهو الذى يقول باللغة العامية ـ اللى تغلب بيه، العب بيه ـ أى أن المهم هو التركيز على المكسب ـ(بالمعنى الواسع للكلمة)ـ وليس على نوع الورق الذى تلعب بيه وهكذا فى ضوء هذا النهج التطبيقى يتم التركيز على الصيغة القابلة للتطبيق، بدلا من محاولة فرض أيديولوجيات شاملة لا تلقى بالا إلى حدود وقيود الحقائق السياسية ولعل السبب فى تفضيل هذا النهج، يرد أساسا إلى أن الأيديولوجية ـ(إذا عرفناها بأنها نسق محدد من القيم يحدد أهداف التطور الاجتماعى)ـ يمكن بمنتهى اليسر والسهولة أن تتحول إلى صيغ جامدة لا تتسم بالمرونة خذ مثلا اتجاه الأيديولوجية الاشتراكية إلى تفضيل القطاع العام على القطاع الخاص فى عملية التنمية، وضعا فى الاعتبار الميزات النسبية للقطاع العام قد يمكن قبول هذا التوجه فى ظروف معينة، ولكن لو تحول الأمر إلى تقديس صيغة القطاع العام، بغض النظر عن فشله أو فساده، أو حتى تحوله لكى يصبح عائقا للتنمية ذاتها، فان ذلك يعنى تحول المبدأ إلى صيغة جامدة يمكن أن تؤدى إلى الدمار الاقتصادى وهكذا يمكن القول إن البرجماتية ـ كما حددنا سماتها من قبل ـ يمكن أن تكون وصفا أساسيا للطريق الثالث، بمعنى تركيزه على التوجه التكنيكى والعملى للسياسات القابلة فعلا للتنفيذ، والقادرة بفعالية على أحداث التغيير ودفع التطور الاجتماعى ويرى بعض الباحثين أن الطريق الثالث بذلك يمكن اعتباره ـ نموذجا بازغا ـ ، بمعنى أن مبادئه تبزغ من واقع السياسات ـ المفاتيح التى تطبقها حكومة العمال وما شابهها من حكومات على مستوى العالم وقد تبنى هذا الرأى جوليان لوجراند من مدرسة لندن للاقتصاد حين قرر ـ أن حكومة العمال الحالية تمارس التطبيق بغير نظرية ومن هنا قد يكون من المفيد تحليل ما الذى تفعله الحكومة، لمعرفة هل هناك اتساق كامن فى سياساتها، بمعنى وجود نموذج ضمنى يمكن وصفه بأنه ـ طريق ثالث ـ وقد قام لوجراند فعلا بهذا التحليل، وانتهى إلى أنه ـ من وجهة النظر المنهجية ـ تأكد فعلا أننا نستطيع أن نستخلص المبادئ فى ضوء تحليل السياسات المطبقة وقد قام أيضا بتحليل مشابه ستيوارت هوايت من معهد ماساشوتس للتكنولوجيا واستخلص خمس سياسات رئيسية يقوم عليها الطريق الثالث، وان كان مهد لحديثه بأنه لم يكتشف فى الواقع منذ البداية أى ـ فكرة كبرى ـ يقوم عليها هذا الطريق، بل وجد ـ على العكس ـ تراكما لأفكار صغيرة أو من الحجم المتوسط، والتى يمكن لو انضمت إلى بعضها البعض أن تؤدى إلى فكرة كبيرة وقد اكتشف هوايت من واقع تحليله لسياسات الطريق الثالث أنه يقوم على عدد من الأفكار الرئيسية أبرزها:ـ ـ 1 ـ ينبغى النظر للدولة باعتبارها الضامنة ـ(Guarantor)ـ للسلع والخدمات وليس بالضرورة أن تكون هى المورد المباشر لها ـ 2 ـ استعداد لقبول مختلف صور ـ التبادلية Mutualism ـ كطريق لتحقيق الأهداف اليسارية ـ 3 ـ تفكير جديد حول المالية العامة فيما يتعلق بدور الدولة باعتبارها ضامنة للسلع النادرة ـ 4 ـ سياسة اجتماعية تتركز حول تشغيل القوى العاملة ـ 5 ـ نزعة للمساواة وهناك باحث آخر ممن يفضلون التركيز على النهج العملى البازغ من خلال تحليل الممارسات، بدلا من الانطلاق من المبادئ والقيم وهو بول توسن من جامعة ادنبره وهو يقرر ـ من وجهة نظرى فإن الطريق الثالث يتضمن مجموعة مترابطة من الممارسات فى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والتى تحكم العمليات الجوهرية فى مجالات إنتاج الثروة، وتخصيص الموارد، وخصوصا فى ميادين أسواق العمل، ومكان العمل، ودولة الرعاية الاجتماعية ومن الأهمية بمكان إلا نجعل الطريق الثالث يركز على كل شئ ـ(مثلا لا يدخل فى اهتمامه مباشرة الهوية القومية، ولا السياسة الخارجية، كما يقترح بعض الباحثين)ـ ولا يتعلق هذا بالضرورة بوضع تدريج لأهمية الموضوعات، ولكن الغرض من ذلك وضع الحدود التى تسمح لنا بالتعرف على ـ مشروع رئيسى ـ هو الطريق الثالث يمكن التعرف على ملامحه وقسماته عبر المجتمعات وفى مختلف تجليانه، ومن خلال أنماطه المتعددة ولا شك أن إشكالية السوق فى مواجهة الدولة، هى مفتاح من بين المفاتيح الرئيسية لفهم اتجاهات الطريق الثالث، ولكنها إشكالية لا تغطى كل الممارسات فهناك أسئلة أيضا حول الحاكمة الديموقراطية والمحاسبة، كما أن هناك موضوعات هامة أخرى تدور حول الأطراف الفاعلة فى عملية التنمية الشاملة، وكذلك حول المصالح المختلفة، وأنماط التحالفات الاجتماعية وإذا وضعت هذه الآراء فى الاعتبار، فإنه يمكن القول أن المناقشات حول الطريق الثالث التى أدارتها الشبكة الإلكترونية لحزب العمال فى بريطانيا، امتدت لتحلل مزايا سياسات جوهرية مطبقة بالفعل، ولتقيم أهميتها النسبية، وآثارها بالنسبة للأهداف الكلية ليسار الوسط فى الوقت الراهن ولمبادئه فى نفس الوقت العام والخاص:ـ النقطة الجوهرية فى الطريق الثالث هو اتجاه لحل إشكالية العام والخاص، وهى كما نعرف جميعا الإشكالية الجوهرية التى اختلفت حولها بضراوة مختلف الأنظمة السياسية المعاصرة طوال القرن العشرين، والتى مازالت على قائمة الموضوعات الخلافية التى ينتظر أن يستمر الجدل بشأنها فى القرن الحادى والعشرين والفكرة السياسية المحورية للطريق الثالث فى هذا المجال، أن الدولة يقع على عاتقها مسئولية ضمان حصول الناس على سلع معينة ولكن ليس عليها أن تكون هى بذاتها التى توفر هذه السلع للناس وقد أصبحت هذه الفكرة معتادة فى الوقت الراهن، وهى تعتبر من أهم الإبداعات فى مجال تخطيط السياسات وقد ضرب بعض الباحثين أمثلة عملية فى مجال التعليم والتدريب، حيث تدعم الحكومة الجهود المختلفة فى هذا المجال، بغير إن تكون مسئولة بالضرورة عن تقديمها للناس مباشرة وهناك مثل آخر يخص ـ الحق فى العمل ـ ، حيث لا تلتزم الحكومة بتشغيل العاطل لفترة طويلة مباشرة، ولكن تساعد على ضمان حق العمل من خلال تقديم الدعم، لاجتذاب أرباب العمل فى القطاع الخاص ليتولوا مهمة التشغيل وقد ذهب بعض الباحثين إلى أهمية النهج المنفتح فكريا فى تعامل الحكومة مع بعض المجالات ففى مجال التعليم أو الصحة ـ على سيبل المثال ـ يمكن أن تحتفظ الحكومة لنفسها بحق الأشراف العام على الخدمات التعليمية والصحية فإنه يمكن إتاحة الفرصة لوحدات القطاع الخاص لكى تتخذ قراراتها بطريقة مستقلة، على أساس أن هذه السياسة طريقة جيدة لتعظيم الكفاءة فى أداء الخدمة من خلال المنافسة، ولتحقيق المساواة، وذلك عن طريق إشراف الدولة على عملية التمويل وبنفس الطريقة يمكن فى مجال النقل العام، لأطراف من القطاع الخاص المتحررين من الضوابط المالية الحكومية فيما يتعلق بقراراتهم الاستثمارية، والخاضعين فى نفس الوقت للقرارات التنظيمية للدولة، والمتلقين لدعم معقول منها، أن تقدم للجمهور خدمات أكثر فعالي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الطريق الثالث - أيديولوجية سياسية جديدة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفلسفة السياسية للمحافظين الأميركين الجدد: أيديولوجية الفوضى الخلاّقة
»  كتاب "الطريق الى السلطة"
» كتاب : معالم فى الطريق
»  تحديا للهيمنة الأمريكية: الطريق إلى عولمة بديلة ديمقراطية
» معلومة جديدة ومفاجئة !!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1