منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
مفهوم العولمة Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
مفهوم العولمة Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
مفهوم العولمة Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 مفهوم العولمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مفهوم العولمة Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم العولمة   مفهوم العولمة Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 2:23 pm

المطلب الأول : مفهوم العولمة

العولمة مفهوم مراوغ، و عمومية استخدام المصطلح تجعل من الصعوبة إيجاد مفهوم خاص له، فعرف بالكوكبة الشمولية و الكونية و غير ذلك من النعوت.
العولمة لفظة إنجليزية Globalization ، و أشار قاموس اكسفورد Oxford للكلمات الإنجليزية الجديدة لمفهوم العولمة للمرة الأولى في عام 1991، واصفا إياه بأنه من الكلمات الجديدة التي برزت خلال التسعينات، و يعرف معجم ويبسترز Webster’s الإنجليزي كلمة العولمة بالقول :
To globalize : to make global, Espeacially to make scope or Application world wide.
العولمة : اكتساب الشيء طابع العالمية و خاصة جعل نطاق الشيء أو تطبيقه عالميا(1).
تعرف العولمة على أنها مجموعة من العمليات التي تغطي أغلب الكوكب أو التي تشيع على مستوى العالم، و من هنا فالعولمة لها بعد مكاني،لأن السياسة و الأنشطة الاجتماعية الأخرى أصبحت تبسط رواقها على كل أنحاء المعمورة.
تعد العولمة أيديولوجية غربية تسعى لإسقاط الارتباطات العالية للإنسان ،و المتمثلة بارتبـاطه العـائلي و الديني و الاجتماعي و القومي و ارتباطه بعنصر ما بعد التكنولوجيا(2).
أما صندوق النقد الدولي FMI فيعرف العولمة على أنه التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم، و الذي يحتمه ازدياد حجم التعامل بالسلع و الخدمات و تنوعها عبر الحدود، إضافة إلى تدفق رؤوس الأموال الدولية و الانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله(3).
يطرح سالم زرنوقة ثلاث(3) تصورات للعولمة :
1- العولمة الإيديولوجية : Globalism يعني أن العولمة طرح مذهبي يقوم على فكرة انتصار الحضارة الغربية، التي تؤسس لحضارة إنسانية جديدة أو حضارة تكنولوجية تقود العالم(4).




(1) رضا عبد الواحد أمين : الإعلام و العولمة، (مصر : دار الفجر للنشر و التوزيع، ط1، 2007)، ص 44.
(2) عبد الرزاق محمد الدليمي : العلاقات العامة و العولمة، (الأردن : دار جرير للنشر و التوزيع، ط1، 2005)، ص 94.
(3) فضل الله محمد سلطح :العولمة السياسية، (مصر : مكتبة بستان المعرفة، ط1، 2000)، ص 11.
(4) محمد حسين أبو العلا : ديكتاتورية العولمة، (مصر : مكتبة مدبولي، ط1، 2004) ص 34.

2- العولمة الظاهرة : Globalization تشير إلى مجموعة من الإجراءات و الممارسات و السياسات الصادرة عن القوى الكبرى في العالم، و ردود الأفعال التي تصاحبها.
3- العولمة العملية : Globality تشير إلى أنها مرحلة تاريخية، أو هي بمثابة تطور نوعي جديد في التاريخ الإنساني، من ثَمَ فهي محصلة تطور تاريخي تراكمي له جذوره(1).
إن جوهر العولمة(*) هو تجاوز الاعتبارات السيادة الوطنية للدولة، و خلق نوع من القوة الاقتصادية، التي تؤثر في جوانب عديدة من كوكب الأرض، دون أن تقابلها سلطة سياسية على المستوى نفسه فوق القومي، و الدولة لن تستطيع التحكم في صادراتها و وارداتها، لأن الشركات المتعددة الجنسيات سوف تتحكم في النشاط الاقتصادي، أما من الناحية الثقافية فستختفي القيم و السلوكات لتسود ثقافة واحدة هي الثقافة الأمريكية(2).
إلا أن هذا لم نحدث، فرغم انتشار العولمة على المستوى الاقتصادي إلا أنه على المستوى الهويات فإن الشعوب لا تزال تحافظ على هوتها المحلية و يصعب التخلي عنها.
يعرف رونالد روبرتسون Ronald robertson سنة 1987، العولمة هي عملية لبلورة العالم في مكان واحد، و أن يفضي ذلك إلى ظهور حالة إنسانية عالمية و في كتابه عن العولمة سنة 1997، عرف العولمة بأنها تشير، إلى ضغط العالم و تصغيره من ناحية، و تركيز الوعي به من ناحية أخرى، و يعرف أنتوني جيدنز Anthony giddens العولمة بأنها مرحلة جديدة من مراحل بروز و تطور الحداثة، تتكثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي، حيث يحدث تلاحم غير قابل للفصل بين الداخل و الخارج، و يتم فيها ربط المحلي و العالمي بروابط اقتصادية و ثقافية و سياسية و إنسانية(3).
فالعولمة كمفهوم تم تعريفه من قِبَلْ مجموعة من الباحثين كلٌ حسب رؤيته للظاهر و وفقا لمسلماته، فمنهم من أعطى المفهوم بُعْدًا تاريخيا، بأن رأى في العولمة مجرد حقبة تاريخية، و منهم من عرّف المفهوم انطلاقا من ميزات الظاهرة اقتصاديا، سياسيا، اجتماعيا.
ساهمت ثلاث(3) عوامل في الاهتمام بمفهوم العولمة في الفكر و النظرية و في الخطاب السياسي الدولي :
1- عولمة رأس المال : أي تزايد الترابط و الاتصال بين الأسواق المختلفة خاصة مع نمو البورصات العالمية.
2- التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال و الانتقال.



(1) المرجع السابق، ص 35
(2) محمد رباعة : أمريكا الوجه و القناع، (الجزائر: مؤسسة القبس للنشر و التوزيع، 2004) ص 14.
(*) هناك فرق بين مفهوم العولمة و مفهوم العالمية و هذه الأخيرة هي انتقال الظواهر من الطابع الوطني أو القومي إلى الطابع العالمي، و هي ظاهرة موضوعية يتحدد مدى انتشارها بمستوى تطور القوى المنتجة و الثقافات و هي بوتقة لتفاعل الأمم في إطار مجتمع إنساني تقوم العلاقات فيه على أساس التكافؤ فلا يلغي أحد أطرافه الأطراف الأخرى، مجتمع يقوم على التعددية الثقافية و الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية. فالعالمية هي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي.
(3) رضا عبد الواحد أمين : مرجع سبق ذكره، ص 47، 48.

3- عولمة الثقافة و تزايد الصلات غير الحكومية، و التنسيق بين المصالح المختلفة للأفراد و الجماعات، فيما يسمى الشبكات الدولية، هذا ما أفرز تحالفات بين القوى الاجتماعية على المستوى الدولي(1).
تساهم العولمة في خلق مزيد من الوحدة على المستوى الدولي في الجوانب الاقتصادية، إلا أنه من نواحي أخرى تؤدي لمزيد من التفتت مع نمو الوعي العرقي و النزاعات الإثنية.
العولمة كظاهرة تعتبر قديمة فباستقراء التاريخ وجد أن المصريين القدماء هم أول من تبنى فكرة العولمة، و هناك من يرجعها إلى عصر اليونانيين مع دعوة ألكسندر المقدوني لإقامة كومنولث يجمع الفرس و المقدونيين، و لم يختفي مفهوم العولمة، و إنما اكتسب أدوارا و أبعادا جديدة(2).
هناك من الباحثين من رصد ظاهرة العولمة وفق خمس مراحل ممثلة فيما يلي :

1- المرحلة الجنينية : بدأت في أوروبا مع بداية عصر الاكتشافات و التوسع التجاري مع نهاية القرن الخامس عشر (15م)، و استمرت هذه المرحلة حتى منتصف القرن الثامن عشر (18م)، الذي شهد نمو المجتمعات القومية(3).

2- مرحلة النشوء : بدأت من منتصف القرن الثامن عشر (18م) و عرفت هذه المرحلة تزايد الاهتمامات بموضوع القومية و العالمية، خاصة على المستوى الفكري، ما تجسد في العديد من الكتب لكانط و غيره.

3- مرحلة الانطلاق : امتدت من سنة 1870 إلى غاية العشرينات من القرن الماضي، و هنا ظهرت مفاهيم كونية جديدة مثل خطة التطور الصحيح و الاندماج الدولي، و بروز النظريات الاقتصادية و المالية و التجارية التي ساهمت في دفع قطاعات الصناعة و الزراعة و الخدمات نحو آفاق جديدة.

4- الصراع من أجل الهيمنة : بدأت مع نهاية عشرينات القرن الماضي و استمرت حتى الستينـات من نفس القرن، و عرفت الخلافات و الحروب الفكرية و بدأت المصطلحات السياسية الخاصة بالعولمة تنتشر.

5- مرحلة عدم اليقين : بدأت منذ الستينات من القرن الماضي، و أدت إلى أزمات و اتجاهات و حروب إيديولوجية خاصة في التسعينات من نفس القرن، و تم إدماج العالم الثالث في المجتمع العالمي، و زادت إلى حد كبير المؤسسات الكونية و الحركات العالمية و تعدد الثقافات، و النظام الدولي و الإعلامي الجديد(4).


(1) عمرو عبد الكريم : مفهوم العولمة.
(2) محسن أحمد الخضيري : العولمة الاجتياحية ، (مصر : مجموعة النيل العربية، ط1، 2001) ص 98.
(3) فضيل أنو النصر : الإنسان العالمي، (لبنان : بيسان للنشر و التوزيع، ط1، 2001) ص 148.
(4) عبد الرزاق محمد الدليمي : مرجع سبق ذكره، ص 95.


فالعالم يشهد تداخل و تشابك واضح لمختلف القضايا الاقتصادية و السياسية و الثقافية، فقد صار يشكل قرية صغيرة يتأثر كل فاعل بها بما يحدث من تفاعلات بداخلها و بسرعة فائقة و كل ذلك راجع إلى التطور التكنولوجي الهائل.
تهدف العولمة لتحقيق مجموعة من المزايا نذكر منها :

- توحيد الأسواق جميعها لتصبح سوقا واحدة دائمة التوسع لتشمل العالم بأسره.
- زيادة درجة الارتباط المتبادلة بين الشعوب الإنسانية و الدول و المنظمات و الشركات.
- بناء قاعدة فكرية جديدة قائمة على وحدة العالم، و على ملأ فراغ القطاع العسكري، فالعولمة إسفنجة تمتص الضغوط، و تعالج أسباب النزاعات و هذا لا يعني انتهاء الجيوش، و إنما تتحول من الحرب إلى الدفاع و مكافحة الجريمة خاصة المنظمة منها.
تعمل العولمة كذلك على :

- تفكيك و إزالة التوجهات الجزئية المحلية القومية.
- بناء هياكل إنتاجية مثلى للسلع و الخدمات و الأفكار قائمة على امتلاك مزايا تنافسية للأفضل على مستوى العالم كله.
- الانطلاق إلى آفاق شاسعة و نطاقات واسعة و مجالات غير مسبوقة(1).

يلاحظ إمكانية تحقيق أهداف العولمة على مستوى المجالات الاقتصادية، إلا أنه على المستوى الهوياتي يصعب ذلك، فالعالم يفتقر لإدراك عام من طرف كل الأفراد للهوية الكونية رغم الدرجة العالية من الاتصالات و سرعة انتقال الأفكار و المعلومات.









(1) محسن أحمد الخضيري : مرجع سبق ذكره، ص 148

جوانب أو ميادين العولمة :
للعولمة العديد من الأبعاد الاقتصادية و السياسية و الثقافية و حتى الأمنية.
1/ جوانب العولمة الاقتصادية : تبرز في الدور الكبير الذي تقوم به الشركات المتعددة الجنسيات، التي صار يفوق رأسمالها مجموع الناتج القومي لمجموعة من الدول، و هذا ما أدى لتراجع دور الاقتصاديات الوطنية بشكلها التقليدي، إضافة إلى أنها ساهمت في عولمة رأس المال، و ما يؤدي ذلك من أزمات مثلما حدث عام 1997 من خلال الأزمة المالية الآسيوية(*)، إضافة إلى انخفاض الرسوم الجمركية إلى الحد الأدنى أو إلغائها و هذا لمصلحة الدول الصناعية المتقدمة(1)، كما أن العولمة ساهمت في اندماج الشركات مع بعضها البعض و هو ما يساهم في تنوع أنشطة هذه الشركات و التقليص من إمكانية الخسارة، و لقد أثرت ثورة المعلومات على مستوى الاقتصاد العالمي و ظهر ما يسمى باقتصاد المعلومات، و تحقق الشركات المختصة في هذا الجانب أرباحا خيالية، إذ أصبحت المعلومات التجارية تتم عن طريق شبكات الحاسوب و كذلك العمالة عن بعد، فسوق العولمة اليوم عبارة عن سوق الكترونية تتم فيه المبادلات بسرعة فائقة(2).
2/ جوانب العولمة السياسية : فالعولمة هي تيار تتجاوز مساحته الحدود السياسية وهو قائم على حريـة الفكـر و العقيدة و حرية الاختيار و حرية إتاحة المعلومات و البيانات، فالعولمة السياسية هي جانب الحرية الديمقراطية التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لنشرها حسب ثقافتها، فالعمل السياسي الفعال اليوم ينبغي أن يكون عملا دوليا مباشرا، فإذا أراد الأفراد المحافظة على مصالحهم الخاصة بفاعلية عليهم محاولة التأثير في الهيئات الدولية مباشرة، كما أنه هناك قضايا تحدث داخل الدول لكن أبعادها دولية و ذلك لكثافة العلاقات، فمسألة حقوق الإنسان لم تعد شأناً داخلياً بل أصبحت قضية عالمية، كما أن العولمة ساهمت ف وجود فواعل على المستوى الدولي غير الدول و تلعب دورا كبيرا في بعض الأحيان يتجاوز أدوار الدولة(3) خاصة في المجالات الاقتصادية.






(*) أسباب الأزمة المالية الآسيوية تعود إلى قيام الشركات الاستثمارية الأمريكية الكبرى في منتصف سنة 1997، بسحب أموالها بشكل مفاجئ و مستغرب من تايلاند التي تعد أكبر النمور الآسيوية ما أدى لأزمة مالية أدت لرفع أسعار الفائدة لدعم العملة المحلية التي فقدت 40% من قيمتها، إضافة إلى تعرض الشركات المالية الكبرى للإفلاس، و خروج الأموال من الدول الآسيوية.
(1) توفيق المدني : العولمة الرأسمالية المتوحشة.

(2) أحمد شطاطة و بشير عميور : ظاهرة العولمة، مجلة الجيش ، الجزائر : العدد : 451، 2001 ،ص 20، 21.
(3) نايف علي عبيد : "القرية الكونية، واقع أم خيال ؟" ،مجلة المستقبل العربي،لبنان : مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 260، 2000، ص 143.

3/ جوانب العولمة الثقافية : تركز العولمة على هذا الجانب لارتباطه الوثيق بالجوانب الأخرى، إذ أنه أساس سلوك الأفراد و من ثَمَ الدول تنشأ أساسا من القواعد التي يفرزها المجتمع جراء تفـاعلاته المنبثقـة من ثقـافته، و تنشئته الاجتماعية.
أدت العولمة من جهة إلى فقدان بعض الوحدات السياسية لخصوصيتها الثقافية، تحت ضغط الاجتياح الثقافي العالمي(1)، إلا أنها و من جهة أخرى ساهمت في وعي تجمعات ضمن الوحدات السياسية، بوجود هوية تميزها عن الهوية المحلية القومية و كذا العالمية الكونية، و هو ما تسبب في حدوث صراعات و حدوث انقسامات و تفككات داخلية أثرت على بقاء الدولة ككيان موحد، فالعولمة عوض أن توحد، نبهت إلى عوامل أخرى للصراع و التفكك تمثلت في الهويات الثقافية الخاصة، لأن الإشكال هنا إذا تم التوحد تحت إطار هوية عالمية فكيف سيكون شكله؟ و ما هي المعايير التي ستحدد لنا أي الهويات أحسن و أفضل للإتباع ؟ و من سيتنازل عن خصوصياته لصالح استمرار خصوصيات الآخر؟، مثل هذه التساؤلات جعلت مفكرين أمثال صامويل هنتجتون يقدمون أطروحات تفسر ما يحدث في العالم من حراك متسارع في مختلف المستويات و خاصة عند المستوى الحضاري – الثقافي.
4/ جوانب العولمة الأمني : إن ظهور مفاهيم جديدة على الساحة الدولية كالإرهاب و الجريمة المنظمة، جعلت الدولة غير قادرة على الحفاظ على أمنها بمفردها، و لهذا لجأت لأمن الجماعي، فالأمن صار عالميا و متداخلا غير قابل للتجزئة، حيث يتوجب ربط الأمن الداخلي المحلي بالعالمي.
عند دراسة تأثير العولمة على الأمن لا بد ن الأخذ في عين الاعتبار عولمة الأسواق، وكذا في مجال الإعلام، و تأثير المنظمات الدولية، و الاختلاف الذي قلص من إمكانية المراقبة و احتكار القوة من قبل الحكومات، و التحدي الذي غير قدراتها على إيجاد المصادر الضرورية للسياسة و الانسجام الاجتماعي من خلال إعادة توزيع الثروة. من أجل شرح ميكانزمات الصراعات الحالية اعتمد الخبراء على نظرية "موت كلوسويتز" التي ترى أن طبيعة الحروب قد تغيرت و الصراع الآن لن يكون من أجل المصالح بل من أجل الدين، الهوية، الكرامة...، و الحروب لن تستهدف إنشاء أملاك عمومية، بل أملاكا خاصة، كما أن الحروب لن تكون بقيادة جيوش بل بقيادة الشعوب مباشرة.
إن العولمة تعد سببا قويا في إضعاف القوى العسكرية، و ضعف قدرة المراقبة واحتكار القوة من طرف الدول المتقدمة كل هذا يمكن أن يؤدي إلى نزاعات أو تجزئة الدول الأكثر ضعفا و التي تستطيع أن تصبح قواعد للإجرام و الإرهاب الدولي(2).
فالعولمة إذن بأبعادها المختلفة تساهم من جهة في خلق جسور تربط بينها و بين شعوب مختلفة كما أنها تؤدي من جهة أخرى إلى تجزئة و شرذمة كيانات بأكملها.


(1) محسن أحمد الخضيري : مرجع سبق ذكره، ص 210.
(2) كارل جين :" الانعكاسات السياسية و الأمنية للعولمة" ،مجلة الجيش، الجزائر : العدد 470، 2002، ص 34
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مفهوم العولمة Empty
مُساهمةموضوع: في تعريف العولمة   مفهوم العولمة Emptyالأربعاء فبراير 20, 2013 8:36 am

يعتبر انهيار سور برلين ، وتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الاشتراكي والذي كان يتقاسم الهيمنة مع الولايات المتحدة انتصاراً للنظام الرأسمالي الليبرالي والتي أظهرت ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يدعو إلى النظام الرأسمالي وتبني أيدلوجية النظام العالمي الاستعماري ــ تحت ستار ...

العولمة [1]ـ والتي تمثل مرحلة متطورة للهيمنة الرأسمالية الغربية على العالم .

إن سقوط النظام الاشتراكي أدى إلى تحول العالم من " نظام الحرب الباردة " المتمركز حول الانقسام والأسوار إلى نظام العولمة المتمركز حول الاندماج وشبكات الإنترنت " تتبادل فيه المعلومات والأفكار والرساميل بكل يسر وسهولة" . وانتصار الرأسمالية على الاشتراكية أدى إلى تحول كثير من الاشتراكيين إلى الرأسمالية والديمقراطية باعتبارها أعلى صورة ـ بزعمهم ـ وصل إليها الفكر الإنساني وأنتجه العقل الحديث حتى عده بعضهم أنه نهاية التاريخ.

تعريف العولمة :

لفظة العولمة هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي (Globalization) وبعضهم يترجمها بالكونية[2]، وبعضهم يترجمه بالكوكبة، وبعضهم بالشوملة[3] ، إلا إنه في الآونة الأخيرة أشتهر بين الباحثين مصطلح العولمة وأصبح هو أكثر الترجمات شيوعاً بين أهل الساسة والاقتصاد والإعلام . وتحليل الكلمة بالمعنى اللغوي يعني تعميم الشيء وإكسابه الصبغة العالمية وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله [4]. يقول "عبد الصبور شاهين " عضو مجمع اللغة العربية :" فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة عالم ونفترض لها فعلاً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي ... وأما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنما تستعمل للتعبير عن مفهوم الأحداث والإضافة ، وهي مماثلة في هذه الوظيفة لصيغة التفعيل[5]"

وكثرت الأقوال حول تعريف معنى العولمة حتى أنك لا تجد تعريفاً جامعاً مانعاً يحوي جميع التعريفات وذلك لغموض مفهوم العولمة ، ولاختلافات وجهة الباحثين فتجد للاقتصاديين تعريف ، وللسياسيين تعريف ، وللاجتماعيين تعريف وهكذا ، ويمكن تقسيم هذه التعريفات إلى ثلاثة أنواع : ظاهرة اقتصادية ، وهيمنة أمريكية ، وثورة تكنولوجية واجتماعية.

النوع الأول : أن العولمة ظاهرة اقتصادية:

عرفها الصندوق الدولي بأنها :" التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتّمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله [6]" .

وعرفها "روبنز ريكابيرو" الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والنمو ـ بأنها :"العملية التي تملي على المنتجين والمستثمرين التصرف وكأن الاقتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ومنطقة إنتاج واحدة مقسمة إلى مناطق اقتصادية وليس إلى اقتصاديات وطنية مرتبطة بعلاقات تجارية واستثمارية [7]".

وقال محمد الأطرش :" تعني بشكل عام اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة ، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات والتقانة ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق ، وتاليا خضوع العالم لقوى السوق العالمية ، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية وإلى الانحسار الكبير في سيادة الدولة ، وأن العنصر الأساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة متخطية القوميات.[8]" بهذا التعريف للعولمة ركز على أن العولمة تكون في النواحي التجارية والاقتصادية التي تجاوزت حدود الدولة مما يتضمن زوال سيادة الدولة ؛ حيث أن كل عامل من عوامل الإنتاج تقريباً ينتقل بدون جهد من إجراءات تصدير واستيراد أو حواجز جمركية ، فهي سوق عولمة واحدة لا أحد يسيطر عليها كشبكة الإنترنت العالمية .
وعند صادق العظم هي :" حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها ، وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ[9]".

التعريف الثاني : إنها الهيمنة الأمريكية :

قال محمد الجابري :" العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلداً بعينه ، وهو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات ، على بلدان العالم أجمع [10]".فهي بهذا التعريف تكون العولمة دعوة إلى تبنى إيديولوجية معينة تعبر عن إرادة الهيمنة الأمريكية على العالم . ولعل المفكر الأمريكي " فرانسيس فوكوياما " صاحب كتاب " نهاية التاريخ "يعبر عن هذا الاتجاه فهو يرى أن نهاية الحرب الباردة تمثل المحصلة النهائية للمعركة الإيديولوجية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وهي الحقبة التي تم فيها هيمنة التكنولوجيا الأمريكية .

التعريف الثالث : إنها ثورة تكنولوجية واجتماعية :

يقول الاجتماعي "جيمس روزناو" في تعريفها قائلاً :" العلومة علاقة بين مستويات متعددة للتحليل : الاقتصاد، السياسة ، الثقافة ، الايديولوجيا ، وتشمل إعادة تنظيم الإنتاج ، تداخل الصناعات عبر الحدود ، انتشار أسواق التويل ، تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول ، نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة[11]".وعرفها بعضهم بأنها : "الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم نسبياً كرة اجتماعية بلا حدود . أي أن الحدود الجغرافية لا يعتبر بها حيث يصبح العالم أكثر اتصالاً مما يجعل الحياة الاجتماعية متداخلة بين الأمم" .
فهو يرى أن العولمة شكل جديد من أشكال النشاط ، فهي امتداد طبيعي لانسياب المعارف ويسر تداولها تم فيه الانتقال بشكل حاسم من الرأسمالية الصناعية إلى المفهوم ما بعد الصناعي للعلاقات الصناعية .
وهناك من يعرفها بأنها:" زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات".وعرفها إسماعيل صبري تعريفاً شاملاً فقال :" هي التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون الحاجة إلى إجراءات حكومية .[12]"

وبعد قراءة هذه التعريفات ، يمكن أن يقال في تعريف العولمة : أنها صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل الإعلامية ، والشركات الرأسمالية الكبرى لتطبيق هذه الحضارة وتعميمها على العالم.

الفرق بين العولمة والعالمية :

إن التقابل بين العالمية والعولمة وإيجاد الفرق بينهما فيه نوع من الصعوبة وخصوصاً أن كلمة العولمة مأخوذة أصلاً من العالم ولهذا نجد بعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية تعني معنى واحدا وليس بينهما فرق . ولكن الحقيقة أن هذين المصطلحين يختلفان في المعنى فهما مقابلة بين الشر والخير .

العالمية : انفتاح على العالم ، واحتكاك بالثقافات العالمية مع الاحتفاظ بخصوصية الأمة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها . فالعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع الاعتراف المتبادل بالآخر دون فقدان الهوية الذاتية . وخاصية العالمية هي من خصائص الدين الإسلامي ، فهو دين يخاطب جميع البشر ، دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان ، فهو لا يعرف الإقليمية أو القومية أو الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات ، فلا تحده الحدود . ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية في القرآن تقول " يا أيها الناس" فمن ذلك قوله تعالى :" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " وقوله تعالى :"يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقوله تعالى :" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " إلى غير ذلك من الآيات التي ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية ؛ بل إن الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه تنسب أقومهم إليهم " قوم نوح " " قوم صالح " وهكذا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عالمية رسالته صلى الله عليه وسلم فهو عالمي بطبعه، " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"

ومن أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري هو إقصاء الإسلام عن عالميته ، وعدم زجه في كثير من حقول الحياة بزعم المحافظة على قداسته وطهوريته، وهذا نوع من الصد والهجران للدين ، وعدم فهم لطبيعة هذا الدين والذي من طبيعته وكينونته التفاعل مع قضايا الناس والاندماج معهم في جميع شؤون الحياة ، وإيجاد الحلول لكل قضاياهم وهذا من كمال هذا الدين وإعجازه . فهو دين تفاعلي حضاري منذ نشأته . فمنذ فجر الرسالة النبوية نزل قوله تعالى :" ألم ، غلبت الروم في أدنى الأرض ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " فيذكر الخطاب القرآني الكريم المتغيرات العالمية ، لإدراك أبعاد التوازنات بين القوتين العظميين في ذلك الزمان ، وذلك " أن المسلم يحمل رسالة عالمية ، ومن يحمل رسالة عالمية عليه أن يدرك الوقائع والأوضاع العالمية كلها وخاصة طبيعة وعلاقات القوى الكبرى المؤثرة في هذه الأوضاع.[13]"

أما العولمة : فهي انسلاخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات الأمة وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الآخر. فالعولمة تنفذ من خلال رغبات الأفراد والجماعات بحيث تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي . فهي " تقوم على تكريس إيديولوجيا " الفردية المستسلمة" وهو اعتقاد المرء في أن حقيقة وجوده محصورة في فرديته ، وأن كل ما عداه أجنبي عنه لا يعنيه ، فتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي ، ليبقى الإطار " العولمي" هو وحده الموجود . فهي تقوم بتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية ، وتعمل على تكريس الحياد وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية ، وهي بهذا تقوم بوهم غياب الصراع الحضاري أي التطبيع والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري. وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو أمة أو دولة ، مما يفقد الهوية الثقافية من كل محتوى ، فالعولمة عالم بدون دولة ، بدون أمة ، بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية .[14]" يقول عمرو عبد الكريم :" العولمة ليست مفهوماً مجرداً ؛ بل هو يتحول كلية إلى سياسات وإجراءات عملية ملموسة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإعلام ؛ بل وأخطر من ذلك كله هو أن العولمة أضحت عملية تطرح ـ في جوهرها ـ هيكلاً للقيم تتفاعل كثير من الاتجاهات والأوضاع على فرضه وتثبيته وقسر مختلف شعوب المعمورة على تبني تلك القيم وهيكلها ونظرتها للإنسان والكون والحياة [15]".

نشأة العولمة :

يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علاقة بالماضي؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية .. فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة .

وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين ، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً . يقول إسماعيل صبري :" نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في النصف الثاني من القرن العشرين ، وهي حالياً في أوج الحركة فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى ، أو انتزاع شركة السيطرة على شركة ثانية ..[16]."

إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث :" سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي جديد" وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780:" من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله "

وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973 :" إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية . لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية ، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية "

وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982 :" ما هي الخطة ؟ أنها تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة ، وديانة جديدة ."

وكانت ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر قد اقترحت فكرة العولمة يرافقها في ذلك الرئيس الأمريكي السابق رولاند ريغن. ووجهة نظر تاتشر الاقتصادية ـ والتي عُرفت بالتاتشرية ـ انبثقت من الاستحواذ اليهودي للمال والعتاد … حيث أن فكرتها الاقتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف وهي تهدف بجعل الغني أغنى والفقير أفقر.
ويذكر "بات روبرتسون[17] " إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي ، ويعلل على ما يقول : " بأن على وجهي الدولار مطبوع علامة الولايات المتحدة ، وهي عبارة عن النسر الأمريكي ممسكاً بغصن الزيتون رمز السلام بأحد مخالبه ، وفي المخلب الآخر يوجد 13 سهماً رمز الحرب . وعلى الوجه الآخر هرم غير كامل ، فوقه عين لها بريق المجد ، وتحت الهرم كلمات لاتينيه (Novus Order Seclorum) وهي شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها " نظام جديد لكل العصور ". إن الذي صمم علامة الولايات المتحدة هذه هو تشارلز طومسون ، وهو عضو في النظام الماسوني وكان يعمل سكرتير للكونجرس . وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة للماسونيين ، وهو اليوم العلامة المميزة لأتباع حركة العصر الجديد ." وبعد تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علاقة واضحة تربط بين النظام الماسوني والنظام العالمي الجديد .

وقد جاء في مجلة المجتمع بحثاً عن منظمة "بلدربرج" والذي أسسها رجل الأعمال السويدي " جوزيف هـ. ريتنجر" ـ والذي سعى إلى تحقيق الوحدة الأوروبية ، وتكوين المجتمع الأطلسي ـ وهي منظمة سرية تختار أعضاءها بدقة متناهية من رجال السياسة والمال ، وتعقد اجتماعاتها في داخل ستار حديدي من السرية ، وفي حراسة المخابرات المركزية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية ، ولا تسمح لأي عضو بالبوح بكلمة واحدة عن مناقشاتها ، ولا يحق للأعضاء الاعتراض أو تقديم أي اقتراح حول مواضيع الجلسات ، ويمول هذه المنظمة مؤسسة روكفلور اليهودية وبنك الملياردير اليهودي روتشيلد ، ومعظم الشخصيات في هذه المنظمة هم من الماسونيين الكبار ، وكثير من رؤساء الولايات المتحدة نجحوا في الانتخابات بعد عضويتهم في هذه المنظمة مثل : ريجان ، وكارتر ، وبوش ، وكلينتون ، وبعد اشتراك تاتشر في المنظمة بسنتين أصبحت رئيسة وزراء إنجلترا ، وكذلك بيلر أصبح رئيساً للوزراء بعد مضي أربع سنوات من اشتراكه في المنظمة ، وهي تسعى للسيطرة على العالم وإدارته وفق رؤيتها ، فقرارتها تؤثر على التجارة الدولية وعلى كثير من الحكومات [18].

فالعولمة نشأت مع العصر الحديث وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال الاتصالات وخصوصاً بعد بروز الإنترنت والتي أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي والمالي ، وارتباط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر فيه بعد عن مفهوم العولمة والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة والقضاء على الحدود الجغرافية ، وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي واعتماد الديموقراطية كنظام سياسي عام للدول. ولكن هناك أحداث ظهرت ساعدت على بلورة مفهوم العولمة وتكوينه بهذه الصيغة العالمية فانهيار سور برلين ، وسقوط الاشتراكية كقوة سياسية وإيديولوجية وتفرد القطب الأوحد بالسيطرة والتقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاج ليشمل الأسواق العالمية أدت إلى تكوين هذا المفهوم .

وخلاصة البحث أن مصطلح العولمة منشأه غربي، وطبيعته غربية، والقصد منه تعميم فكره وثقافته ومنتوجاته على العالم، فهي ليست نتيجة تفاعلات حضارات غربية وشرقية، قد انصهرت في بوتقة واحدة ؛ بل هي سيطرة قطب واحد على العالم ينشر فكره وثقافته مستخدمة قوة الرأسمالي الغربي لخدمة مصالحه. فهو من مورثات الصليبية فروح الاستيلاء على العالم هي أساسه ولبه ولكن بطريقة نموذجيه يرضى بها المستعمر ويهلل لها ؛ بل ويتخذ هذه الصليبية الغربية المتلفعة بلباس العولمة مطلب للتقدم . يقول "بات روبرتسون[19]":" لم يعد النظام العالمي الجديد مجرد نظرية ، لقد أصبح وكأنه إنجيل."


----------------------------------
الهوامش:
[1] أشتهر في العقد التاسع مصطلح العولمة مع استخدام مصطلح النظام العالمي الجديد وذلك عند إعلان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش من على منصة قاعة اجتماع الهيئة التشريعية لمجلس النواب الأمريكي في 17 يناير 1991 بداية النظام العالمي الجديد New World ويلاحظ استخدام كلمة Order ولم يستخدم كلمة System مثلاً وذلك لأن في كلمة Order من القسر والتوجيه والأمر ما ليس في غيره [1]
[2] كالسيد يسين وقد أظهر هذه الترجمة على كتابين من كتبه: الأول:" الوعي التاريخي والثورة الكونية ". والثاني:" الكونية والأصولية وما بعد الحداثة" .
[3] حراسة الفضيلة لبكر أبو زيد
[4] "العولمة والهوية الثقافية" من مجلة "فكر ونقد" العدد السادس .
[5] " العولمة جريمة تذويب الأصالة" عبدالصبور شاهين ، المعرفة العدد(48)
[6] " العولمة عالم ثالث على أبواب قرن جديد " ، عمرو عبد الكريم ، المنار الجديد العدد الثالث .
[7] " العولمة بوابة للرفاه أم الفقر ؟ " ، عبد اللطيف جابر ، الشرق الأوسط العدد (7460) .
[8] العرب والعولمة : ما العمل ؟ من مجلة "فكر ونقد" العدد السابع .
[9] "في مفهوم العولمة" ، لسيد يسين.
[10] المرجع السابق .
[11] "في مفهوم العولمة" ، لسيد يسين.
[12] " العولمة عالم ثالث على أبواب قرن جديد " ، عمرو عبد الكريم ، المنار الجديد العدد الثالث .
[13] " رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية " ، محمد جابر الأنصاري .
[14]"العولمة والهوية الثقافية" من مجلة "فكر ونقد" العدد السادس . بتصرف
[15]" العولمة عالم ثالث على أبواب قرن جديد " ، عمرو عبد الكريم ، المنار الجديد العدد الثالث .
[16] " العولمة والاقتصاد والتنمية العربية " من مجلة " فكر ونقد" العدد السابع .
[17] المرجع السابق ، الفصل الثالث .
[18] " انظر مجلة "المجتمع" العدد ( 1368)
[19] " النظام العالمي الجديد هل هو مقدمة للنظام العالمي الإلهي؟" ،مات روبرتسون. وهو مؤسس شبكة الإذاعة النصرانية ، ورئيس مؤسسة الإعلام الأمريكية ، ورئيس برنامج "قناة الأسرة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مفهوم العولمة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مفهوم العولمة   مفهوم العولمة Emptyالأربعاء فبراير 20, 2013 8:39 am

أثر العولمة على سيادة الدولة

(السياسة الخارجية كحالة خاصة )

~*¤ô§ô¤*~ الدبلوماسي ~*¤ô§ô¤*~

مفهوم العولمة :

برزَ مفهوم العولمة في العقد الأخير من القرن العشرين أي الفترة التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية في أوروبا الشرقية، وقد رافق هذه الأحداث الترويج والتشريع لعالم ذي قطب واحد، ودعوة لحقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني وصراع الحضارات والنظام الدولي الجديد وغير ذلك من المفاهيم، وهكذا كان الحال، حيث تظهر مصطلحات ومفاهيم لدى الغرب وأمريكا وما ان تظهر هذه المفاهيم حتى يبدأ الكتاب والباحثون العرب، بالدراسة والبحث والتحليل لهذه المفاهيم بين مؤيد ومعارض لها، تعقد الندوات والحلقات الدراسية لمناقشتها وتُنشر البحوث والدراسات عنها. هنالك من يصف ظاهرة العولمة وكأنها مثال للتحولات الكبرى في التاريخ التي معها وبها تتداعي شبكة العلائق والدلالات للمعاني التي رسخت طويلاً عن الأشياء، فتحتاج تبعاً لذلك الى ان يعاد تعريفها وبناؤها في الوعي في ضوء الحقائق الجديدة، ومع هذا الرأي يفترض ان يصاحب هذا التحول الكوني الجديد والصاخب للعولمة إعادة النظر في كثير من الأفكار والتصورات والمعارف التي ولدتها لحظات او مراحل تاريخية مختلفة منصرمة، وكذلك إجراء مراجعة شاملة لكم هائل من المذاهب والمعتقدات السياسية والاقتصادية والثقافية التي سادت في كثير من المجتمعات في هذا العالم الواسع.وهناك من يتحدث بشكل مهول عن ما يسمى بالتحول الكوني وأن العالم على أعتاب ولوج عالم جديد، الا ان ذلك يبقى محض افتراض يحتاج الى إثبات في حسابات التحليل الكمي وانه من السابق لأوانه الاطمئنان الى ان الاتجاه سيفضي الى عالم جديد، او ان المجتمعات سائرة نحو نهاية المجالات الوطنية والسيادة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة.

ومن الجدير بالإشارة الى ان الدولة العظمى التي تعمل على الترويج للعولمة وفرضها بمستوياتها المختلفة هي الولايات المتحدة الأمريكية، مستخدمة في ذلك سيطرتها السياسية وقدرتها العسكرية وتقنيات الاتصال الحديثة. وقد وصل الأمر بالبعض الى اعتبار العولمة قدراً لا مردّ له ونهاية للتاريخ بعد هزيمة النموذج المقابل الذي حاول الاتحاد السوفيتي تقديمه طيلة السنوات السابقة، ولذلك يفضل نقاد العولمة تسميتها(بالأمركة) توخياً للدقة، وللمؤيدين والمعارضين محاور وملاحظات عن العولمة وهي جديرة بالاهتمام والمناقشة، تتلخص في مؤثراتها السلبية والايجابية...

ومن الطبيعي أن يتفاوت فهم الأفراد للعولمة ومضامينها المختلفة، فلا يمكن حصر وتحديدالعولمة في تعريف واحد مهما اتصف هذا التعريف بالشمول والدقة، فالاقتصادي الذي يركز على المستجدات الاقتصادية العالمية وطبيعة المرحلة الراهنة من التراكم الرأسماليعلى الصعيد العالمي، يتهم العولمة بخلاف عالم السياسة الذي يبحث عن تأثير التطوراتالعالمية والتكنولوجية المعاصرة على الدولة ودورها في عالم يزداد انكماشاً يوماً بعد يوم. كما أن عالم الاجتماع يرصد بروز القضايا العالمية المعاصرة، كقضايا الانفجار السكاني والبيئة والفقر و المخدرات وازدحام المدن والإرهاب بالإضافة إلى بروز المجتمع المدني على الصعيد العالمي يفهم العولمة بخلاف المهتم بالشأن الثقافي الذي يهمه ما يحدث من انفتاح للثقافات والحضارات وترابطها مع بعضها بعضاً، واحتمالات هيمنة الثقافة الاستهلاكية وتهديدها للقيم والقناعات المحلية.‏

لذا أصبح من الضروري التمييز بين "العولمة" الاقتصادية و"العولمة" الثقافية و"العولمة"العلمية و"العولمة" الاجتماعية،و"العولمة" السياسية ، فلا توجد عولمة واحدة.

أما موقعنا كعرب فلا يمكن تحديده إلا ضمن "العالم الثالث" وهو مجموع الدول التي خضعت لفترات مختلفة للاستعمار القديم والتي لم تعرف بالتالي إلا تنمية جزئية مشوهة وموجهة لخدمة الخارج، والتي مازالت الغالبية من شعوبها تعيش في مستويات متفاوتة من الفقر. وهي التي يسميها الغرب "الدول النامية". والتي تسمى في رطانة الأمم المتحدة مجموعة السبع وسبعين وإن تجاوز عددها الحالي ذلك العدد إلى ما يقارب الضعف، تنتشر في القارات الجنوبية الثلاث. فأقطارنا جزء لا يتجزأ من العالم الثالث الذي يظل رغم تقدم بعض بلدانه الملموس وتراجع أخرى خاضعا للاستغلال والتبعية. الاستغلال بمعنى خروج جزء كبير من الفائض الاقتصادي المتحقق من عمل أهل القطر ليذهب إلى الدول الصناعية المتقدمة من خلال التجارة غير المتكافئة وتحويل فوائد القروض وأرباح الاستثمار الأجنبي المباشر، وأخيرا استثمارات أبناء العالم الثالث في خارجه. والتبعية بمعنى القيود الخارجية على حرية الإرادة الوطنية في صنع قراراتها والتأثير الإعلامي والإعلاني المكثف في تغيير القيم الحضارية وأشكال السلوك في اتجاهات كثيرا ما تضر بقضية التنمية (وأخطرها محاولة محاكاة أنماط الاستهلاك المبدد التي تسود في مجتمعات الغرب). وتأكيد الانتماء للعالم الثالث ضرورة لفهم مخاطر وفرص التنمية العربية.

اثرالعولمة على سيادة الدولة وسياساتها الخارجية (الابعاد السياسية للعولمة ):

تعد السياسة من أبرز اختصاصات الدولة القومية التي تحرص على عدم التفريط بها ضمن نطاقها الجغرافي ومجالها الوطني. وهذا الحرص ضِمن المجال المحلي، وبعيد عن التدخلات الخارجية ترتبط أشد الارتباط؛ بمفهوم السيادة وممارسة الدولة لصلاحياتها وسلطاتها على شعبها وأرضها وثرواتها الطبيعية.‏

والدولة القومية هي نَقيض العولمة، كما أن السياسة ونتيجة لطبيعتها ستكون من أكثر الأبعاد الحياتية مقاومة للعولمة التي تتضمن انكماش العالم وإلغاء الحدود الجغرافية وربط الاقتصادات والثقافات والمجتمعات والأفراد بروابط تتخطى الدول وتتجاوز سيطرتها التقليدية على مجالها الوطني والمحلِّي .‏

إن الدولة التي كانت دائماً الوحدة الارتكازية لكل النشاطات والقرارات والتشريعاتأصبحت الآن مجرد وحدة ضمن شبكة من العلاقات والوحدات الكثيرة في عالم يزداد انكماشاً وترابطاً . فالقرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم العالمية سرعان ما تنتشر انتشاراً سريعاً إلى كل العواصم، والتشريعات التي تخص دولة من الدول تستحوذ مباشرة على اهتمام العالم بأسره، والسياسات التي تستهدف قطاعات اجتماعية في مجتمع من المجتمعات تؤثر تأثيراً حاسماً في السياسات الداخلية والخارجية لكل المجتمعات القريبة والبعيدة.‏

ترتبط "العولمة السياسية" ببروز مجموعة من القوى العالمية والإقليمية و المحلية الجديدةخلال عقد التسعينات، والتي أخذت تنافس الدول في المجال السياسي، ومن أبرز هذه القوى التكتلات التجارية الإقليمية كالسوق الأوروبية المشتركة لتشكل وحدة نقدية تعمل من خلال المصرف المركزي الأوروبي الذي أنشئ عام 1999 ليشرف على عملة اليورو.‏

إن النموذج الاندماجي الأوروبي يقوم أساساً على تخلي الدول الأوروبية الطوعي عن بعض من مظاهر السيادة لصالح كيان إقليمي يتجه نحو الوحدة الاقتصادية، وربما لاحقاً الوحدة السياسية من خلال بروز الولايات المتحدة الأوروبية التي تتمتع بسياسة خارجيةودفاعية واحدة لتصبح قوة منافسة للولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن القادم.‏

مع السياق الاقتصادي هناك المؤسسات المالية والتجارية والاقتصادية العالمية، وفيمقدمتها منظمة التجارة العالمية، والتي تأسست عام 1996، لتشرف إشرافاً كاملاً علىالنشاط التجاري العالمي. كما يشرف صندوق النقد الدولي على النظام المالي العالمي.‏

لقد أصبحت هذه المؤسسات التجارية والمالية من الضخامة والقوة، حيث أنها أصبحت قادرة على فرز قراراتها وتوجيهاتها على كل دول العالم. كذلك هناك الشركات العابرة للحدود التي شكلت نتيجة للتحالفات عابرة القارات بين الشركات الصناعية والمالية والخدماتية العلاقة في كل من أوروبا وأمريكا واليابان. .‏

إن ما تقوم به هذه الشركات هو إعادة رسم الخارطة الاقتصادية العالمية وزيادة سيطرتهاوتحكمها في الأسواق العالمية وتوجيه سياساتها خلال القرن القادم.‏

ومع أن هذا التطور الذي يصب في سياق بروز الحكم العالمي، والذي يتضمن بروز شبكة من المؤسسات العالمية المترابطة التي تضم الدول والمنظمات غير الحكومية والشركاتالعابرة للقارات، والهيئات الدولية، كالأمم المتحدة يستثمرها البعض ليعدها خطوة فيالطريق المستقبلي نحو قيام الحكومة العالمية الواحدة والتي هي الهدف النهائي للعولمة السياسية. في حين، أن ما يجري يمثل موقف تلك الدول بكل سيادتها واستقلالها باتجاه التعاون في تناول قضايا مهمة تخص المجتمع الدولي وتعمل سوية من أجل حلها.

لقد أفرز الوضع الدولي الجديد عدة مفاهيم وتطورات من منظور عملية العولمة السياسيةمن أبرزها:‏

1 ـ توسع دور الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد العالمي، مما حدا بالبعض إلىاعتبار العولمة مرادفاً للأمركة بمعنى سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة صياغة النظام العالمي طبقاً لمصالحها وتوجهاتها وأنماط القيم السائدة فيها.‏

2 ـ إن القوة الاقتصادية والمالية التي تمثلها الشركات متعددة الجنسيات خاصة مع اتجاهبعضها نحو الاندماج والتكتل في كيانات أكبر، إنما تسمح لها بممارسة المزيد من الضغطعلى الحكومات وبخاصة في العالم الثالث، والتأثير على سياساتها وقراراتها السيادية،وليس بجديد القول إن رأسمال شركة واحدة من الشركات العالمية العملاقة يفوق إجماليالدخل القومي لعشر أو خمس عشرة دولة إفريقية مجتمعة، وهو ما يجعل هذه الكيانات فيوضع أقوى من الدول.‏

3 ـ إن الدول الصناعية الغربية وبعض دول العالم الثالث المصنعة حديثاً اتجهت نحو إقامة وتدعيم التكتلات الاقتصادية الإقليمية كجزء من استراتيجيتها لتتكيف مع عصر العولمة. كما هو الحال في التطورات التي لحقت بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية، وكذلك ببادرة الولايات المتحدة الأمريكية بتأسيس "النافاتا" التي تضم إلى جانبها كل من كنداوالمكسيك. كما حرصت دول جنوب شرق آسيا على تدعيم علاقاتها من خلال رابطة "الاسيان". وإذا كان تعزيز التكتل الاقتصادي الإقليمي يمثل آلية مهمة لتمكين الدول الأعضاء في تلك التكتلات من تعظيم فرص وإمكانيات استفادتها من إيجابيات عملية العولمة، وتقليص ما يمكن أن تتركه عليها من سلبيات، فإن الكثير من مناطق العالم الثالث تعاني من ضعف وهشاشة أطر وهياكل التكتل والتكامل الإقليمي بين دولها.‏

4 ـ على الرغم من زيادة اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بقضية الديمقراطية وحقوقالإنسان في العالم على صعيد الخطاب السياسي الرسمي وبعض الممارسات العملية إلا أنالسياسة الأمريكية تتعامل مع هذه القضية بنوع من البركماتية والانتهازية السياسية التي تتجلى أبرز صورها مع المعايير المزدوجة التي تطبقها بهذا الخصوص، وعدم ترددها في التضحية بقيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان في حالة تعارضها مع مصالحهاالاقتصادية والتجارية. وهكذا يتبين لنا أن أمريكا لا تتبنى قضية الديمقراطية وحقوقالإنسان كرسالة أخلاقية عالمية بل تتخذها كأداة لخدمة مصالحها وسياستها الخارجية.‏

5 ـ إن القوة العظمى الوحيدة في عالم مابعد الحرب الباردة، وهي الولايات المتحدةالأمريكية تعمد إلى استخدام قواتها ونفوذها لتوظيف الأمم المتحدة ومؤسسات التمويلالدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين من أجل تحقيق مصالحها ومصالح حلفائهاالغربيين بصفة عامة.‏

6 ـ إن فرص وإمكانيات تحقيق المزيد من الاستقرار في النظام العالمي في عصر العولمة تبدو بصفة عامة محدودة، فالتأثيرات القائمة والمحتملة للعولمة على بلدان العالم الثالث وبخاصة فيما يتعلق بتهميش بعض الدول، وتوسيع الهوة بين الشمال والجنوب واستمرار تفاقم بعض المشكلات التي يعاني منها العالم الثالث. نظراً لذلك فإن بعض مناطق الجنوب ستبقى رهينة للحروب الداخلية والإقليمية التي يمثل بعضها عناصر لعدمالاستقرار في النظام العالمي.‏

اذن فان تأثير العولمة على سيادة الدولة يتمثل في أن قدرات الدول تتناقص تدريجياً بدرجات متفاوتة فيما يتعلق بممارسة سيادتها في ضبط عمليات تدفق الأفكار والمعلومات والسلع والأموال والبشر عبر حدودها. فالثورة الهائلة في مجالات الاتصال والمعلوماتوالإعلام حدّت من أهمية حواجز الحدود والجغرافية. كما أن قدرة الدولة سوف تتراجعإلى حد كبير خاصة في ظل وجود العشرات من الأقمار الصناعية التي تتنافس على الفضاء. كما أن توظيف التكنولوجيا الحديثة في عمليات التبادل التجاري والمعاملات المالية يحد أيضاً من قدرة الحكومات على ضبط هذه الأمور، مما سيكون له تأثير بالطبع على سياساتها المالية والضريبية وقدرتها على محاربة الجرائم المالية والاقتصادية.

فالعولمة إذن نظام يقفز على الدولة والوطن والأمة، العولمة تقوم على الخصخصة، إي نزع ملكية الأمة والوطن والدولة ونقلها إلى الخواص في الداخل والخارج. وهكذا تتحول الدول إلى جهاز لا يملك ولا يراقب ولا يوجه، وهذا سيحقق إيقاظ أطر للانتماء سابق على الأمة والدولة هي القبيلة والطائفة والتعصب المذهبي... الخ. والدفع بها إلى التقاتل والتناحر والإفناء المتبادل، إلى تمزيق الهوية الثقافية الوطنية والقومية... إلى الحرب الأهلية .‏

ونظراً للقوة الاقتصادية والمالية التي تمثلها الشركات متعددة الجنسية يجدر التذكير ببعض الآثار السياسية والأمنية لهذه الشركات على الدول:‏

1 ـ ممارستها للأدوار المختلفة التأثير على السياسات الوطنية للدولة المضيفة.‏

2 ـ إن هذه الشركات تمثل جزاء منها في عملية صنع السياسة الخارجية لدولها.‏

3 ـ تكرار التهديدات التي تمارسها حكومات هذه الشركات ضد الدول المضيفة والناجمة عن عزم تلك الحكومات على تطبيق قوانينها الخاصة على هذه الشركات مما يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول المضيفة.‏

4 ـ استهداف الأنظمة السياسية المناهضة لسياسات حكومات الشركات أو السعي إلى المحافظة على أنظمة سياسية معينة وتثبيتها في السلطة.‏

وعلى الرغم من القيود التي تحاول العولمة فرضها على الدولة القومية لتحد من قدرتها على ممارسة سيادتها بالمعنى التقليدي، وعلى الرغم من أن الدولة لم تعد هي الفاعل الوحيد أو الأقوى في النظام العالمي، إلا أنه لا يوجد ما يدل على أن هذه التحولات ستؤدي إلى إلغاء دور الدولة، أو خلق بديل لها حيث سيبقى للدولة دور مهم في بعض المجالات وبخاصة في بلدان العالم الثالث.

مواجهة العولمة :

العولمة ليست قدراً محتوماً لا يمكن الخلاص منه، ولا قانوناً تاريخياً تخضع له كل الشعوب، فالتاريخ ليس مجرد قانون موضوعي، أنما يتعامل هذا القانون مع حرية الافراد وعمل الجماعات، فالعولمة هي جزء من جدل التاريخ، وأن احد أطراف الصراع له خصوصيته وإرادته الوطنية المستقلة وقراره المستقل ولذلك فأن مواجهة العولمة تتجسد بالاتي:-

1-الارادة الوطنية المستقلة للشعوب والتمسك بنتائج الاستقلال الاقتصادي بعد عصر التحرر من الاستعمار، كنموذج الصين وكوبا وفيتنام.

2-ان ظاهرة العولمة لا يمكن ايجاد حل لها بصورة ناجحة ضمن حدود بلد واحد او مجتمع واحد او أمة واحدة الا من خلال الدعوة الى إيجاد حل من خلال تجمع بين هذه الدول على المستوى العالمي او الإقليمي، أي عن طريق التجمعات الإقليمية القادرة على الوقوف أمام الدول الصناعية وعلى غرار الوحدة الأوروبية او استغلال إمكانيات السوق العربية المشتركة وتدعيم هذه السوق.

3-تكوين قطب ثان في مواجهة القطب الواحد لكي ينشأ تطور متكافئ، وخلق منافسة، قوية بين الأقطاب.

4-التعددية القطبية والمعني بها الهيكلية الديمقراطية متعددة الأقطاب في العلاقات ولكن هذا الخيار حاولت الإمبريالية وتحاول تقويضه ولو بشكل مؤقت.

5-اعتماد الرؤية الاستراتيجية للحكومات والقيادات السياسية للدول التي تواجه خطر العولمة ومنها الدول العربية وتشكيل فرق متخصصة لدراسة الرؤى المستقبلية للمنطقة العربية.

6-اعتماد اطر مؤسسية مترابطة تسمح بقيام إطار منظومي متشابك وتكامل الحلقات بين اجهزة ومؤسسات البحث والتطور الثقافي وبين الصناعة والتبادل التجاري.

7- التنسيق بين أجهزة النظام العلمي للدول الإقليمية وتبادل الخبرات في هذا المجال الحيوي.

8- مسايرة التغيرات التنظيمية والتقنيات الإدارية الحديثة لخدمة الإدارة على صعيد الوحدة الاقتصادية لمواكبة التطورات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مفهوم العولمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم العولمة ومقالات أخرى
» العولمة وتأثيرها في مفهوم السيادة
» العولمة وتأثيرها في مفهوم السيادة
» العولمة وتأثيرها في مفهوم السيادة
» مصطلح العولمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1