منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
فكر الكواكبي السياسي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
فكر الكواكبي السياسي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 فكر الكواكبي السياسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

فكر الكواكبي السياسي Empty
مُساهمةموضوع: فكر الكواكبي السياسي   فكر الكواكبي السياسي Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 11:45 am

الكواكبي
يسعى الفكر الإنساني، منذ نشأته على هذه البسيطة، إلى كشف النقاب عن طبيعة العلاقات الإنسانية وأبعادها ومدى انسجامها مع حياة الإنسان.
عندما تطورت العلاقات، ودخل الإنسان مرحلة متطورة على مستوى بناء المجتمع والدولة، وظهرت السلطات السياسيّة، بدأت النزعات تختلف بين من يملك السلطة ومن تحكمه، ومن هنا بدأ البحث في كيفية نشوء الاستبداد، وهل هو فطري أم مكتسب؟
من المؤكد أن الاستبداد ليس فطرياً، وأن الإنسان ليس شريراً بطبيعته كما يدّعي توماس هوبز، وإنما أدى إلى هذا الاستبداد الصراع حول المصلحة من منطلق ذاتي.
وعندما يحدث التعارض بين المصلحة المتمثلة بالحاكم وبين المصلحة الجماهيرية ينشأ الصراع ويحتدم، إلى أن يحسمه أحد الطرفين لصالحه. وغالباً ما يكون لصالح المستبد على أساس امتلاكه السلطة والقوة والأدوات المساعدة المتاحة في فرض سلطته على الجماهير، فينشر الخوف بين الأفراد ويبث الرعب في النفوس من خلال القمع الذي يحوّله من مستبد إلى طاغية، مما يوصل الجماهير إلى حالة من اللا مبالاة أو الاستكانة لما هو قائم أو المواجهة. وذلك لأن الاستبداد يصطنع المناخ أو الفضاء المواتي لممارساته ليضمن استقراره في سدة السلطة، فيحيط الناس بالخوف والجوع والفقر والاستلاب والاستغلال ويتوّج ذلك كله بالقمع الذي لا يسمح لأحد أن يرفع رأسه استفساراً، أو إصبعه احتجاجاً على مصادرة أثمن ما يملك ـ إنسانيته.
هذا الواقع الذي يترعرع فيه الاستبداد وينمو ويكبر ويترسخ في طبيعتها يعني اقتلاعها من مركزيتها، وسقوطها من عرشها، وهذا ينافي الخطط الاستبدادية الموضوعة من أجل استمرار هذه الهياكل المستبدة.
حول هذه المسألة وفي إطار احتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، وبرعاية الدكتور المهندس تامر الحجة، محافظ حلب رئيس الأمانة العامة، أقامت الأمانة العامة للاحتفالية بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب وجمعية الشهباء التعاونية الندوة الدولية عن الكواكبي تحت عنوان (الرؤى الإصلاحية للمفكر النهضوي عبد الرحمن الكواكبي - قراءات معاصرة) شارك فيها خمسة وثلاثون باحثاً من العالم على مدى ثلاثة أيام. ندوة تميزت، على العموم بقراءة معاصرة للفكر النهضوي عموماً، وفكر الكواكبي خصوصاً.
الدكتور محمد تامر الحجة، محافظ حلب رئيس الأمانة العامة لاحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، أشاد في كلمته في الجلسة الافتتاحية بأفكار الكواكبي الذي لا يزال حياً، وهو يمثل يقظة فكرية حقيقية. وكانت كتاباته صرخة مدوية في الدعوة إلى الإصلاح من غير الانسلاخ عن التراث العربي، ومن غير الابتعاد عن العالم الإسلامي. وكان كتاباه (طبائع ا لاستبداد) و(أم القرى) صفحة جديدة في الفكر النهضوي، إلى جانب كتاباته الصحفية الواسعة التي شرح فيها الإطار المنهجي لنهضة عربية وصحوة إسلامية، واستطاع خلال سنوات عمره القصيرة، أن يترك أثراً فكرياً وإصلاحياً مازلنا بحاجة إلى استعادته وبلورته ليكون مرتكزاً في أسس نهضة عربية مرتقبة.
الدكتور أحمد بدر الدين حسون ـ مفتي الجمهورية ـ حذر في كلمته من الاستبداد منطلقاً من قول الكواكبي، إياكم والاستبداد فإنه حاول أن يمحو تاريخكم، حاول أن يترك عروبتكم، حاول أن يفقدكم جذوركم. إياكم وهذا الاستبداد ولقد استطاع أجدادكم أن يوقفوا الاستبداد ويمنعوه من الاستمرار، فانهضوا مرة أخرى كما ينهض إخواننا في جنوب لبنان، وغزة وفلسطين، وكما ينهض إخوتنا في العراق ليرفضوا أي استبداد فكري أو ثقافي أو وطني أو ديني أو روحي، لذلك كانت قضية الكواكبي في هذه اللحظات وإطلالته، إطلالة مناسبة جداً وهذا من حكمة القدر. وأشار إلى أن الكواكبي نظر إلى تحديث القوانين، وإلى قانونية الدولة وإلى التزام الحاكم والمحكوم بالنظام.
المفكر المصري الدكتور حسن حنفي، كان بحثه بعنوان (جدل الاستبداد والفتور- بين طبائع الاستبداد وأم القرى) وفيه قارن بين كتابي الكواكبي، وتحدث عن الفتور في العالم الإسلامي، واللامبالاة التي يقابل بها المسلمون العالم مهما اشتدت الظروف وتوالت المصائب. وهو ما له دلالة هذه الأيام عن حال اللامبالاة من الشعوب على ما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير.‏ وربط (جدل الاستبداد والفتور) بين الموضوعين معاً, استبداد الحكام وفتور الشعوب. وقد حاول الكواكبي فك الارتباط بين الاثنين فبحث في (طبائع الاستبداد) عن أسبابه، وعن كيفية التخلص منه. كما بحث في (أم القرى) عن أسباب (الفتور) الدينية والسياسية والاجتماعية لدى الحكومات والعلماء والقضاة والأمراء والطرق الصوفية والدولة العثمانية وتقليد الغرب.ومن ثم يلزم لاستئناف الكواكبي مواجهة الاستبداد بالحرية, حرية الفرد وديمقراطية الحكم, ومواجهة الفتور بحشد الناس وتجنيد الجماهير, وحمل الأمانة.‏
قصة الناي
من الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدم د. محمد علي آذرشب ليشارك في ندوة الكواكبي ببحث طريف عنوانه (قصة الناي في فكر الكواكبي) وقصة الناي معروفة في ديوان مولانا جلال الدين الرومي, هذه القصة التي تتصدر الديوان تشكل عصارة فكر هذا العارف الكبير, وخلاصة مشروعه الاستنهاضي, ورأى ثمة مشتركات كثيرة بين هذا الفكر ومشروع الاستنهاض الذي تبناه الكواكبي.
وأكد المطران يوحنا إبراهيم (رئيس طائفة السريان الأرثوذكس بحلب) في بحثه أن الكواكبي لم يكن منغلقاً على ذاته، ودارساً للقرآن الكريم فحسب، وإنما عرف الديانات الأخرى مثل اليهودية والمسيحية وتعمق في تعاليمهما. واستنبط أهم القواسم المشتركة بينهما وبين الإسلام. ورأى نيافة المطران أن الانفتاح قد بدأ عند الكواكبي عندما اختار شخصيات مؤتمر النهضة الإسلامية الأول من كل الأمصار والأقاليم العربية، فاللحمة تجمعهم، والوحدة في الرؤية من خلال الثقافة العربية تقرب الواحد من الآخر. أما التعددية فنراها في اختياره للمندوبين الآخرين. أما كيف كان الكواكبي منفتحاً على الآخر في المعرفة حتى إذا كان هذا الآخر غير مسلم، فإن من يقرأ كتاب (أم القرى) يجد تفاصيل العلاقة بين الكنائس الإنجيلية والكاثوليكية واضحة ودون خطأ أو مبالغة. ‏
الكواكبي والدين
تحت عنوان الكواكبي والدين جاءت مداخلة د.أسعد السحمراني (من لبنان) وسط ظروف صعبة. يؤكد الكواكبي أن الإسلام دين التوحيد, ودعوة لتوحيد الكلمة بعيداً عن الفرقية والانقسام. فبعضهم أحلّ المذهب والفرقة والطائفة مكان الدين, وهذا ليس من الدين. فكل أهل الإسلام يجب أن يجتمعوا صفاً واحداً. ورأى الباحث لفتة مهمة في النصوص، إذ يظهر الكواكبي عالماً دقيق الملاحظة عندما يميّز بين منظومة القيم الأخلاقية وهي واحدة في رسالات السماء جميعاً وهي محققة لكرامة الإنسان محاربة للظلم والفساد والطغيان, وبين الإضافات البشرية التي تأتي حاملة لمفاهيم بشرية, ومقاصد يرمي إليها من كتب النصوص.‏
الدكتور طيب تيزيني‏ قدم بحثاً بعنوان (الكواكبي وهج تحت الرماد) أوضح فيه أن العصر الذي جاء فيه الكواكبي مؤسس على الاستبداد، ويمكن النظر إليه متماهياً ـ في أخطر مراحله الاستبدادية ـ مع مرحلة الحكم الحميدي. وإذا عرفنا أن الكواكبي عاش من 1855 إلى 1902، اتضح أن مرحلة الحكم الحميدي تلك غطت شطراً طويلاً وحاسماً من حياته. ومن هنا، تبرز الخصوصية المركزية لنشاط الكواكبي النظري والعملي مجسدة في محور السلطة السياسية والدينية المستبدة. كان الكواكبي يؤسس لمشروع سياسي ويعمل من أجله.
الدكتور أحمد برقاوي قدم بحثاً بعنوان يوتوبيا الكواكبي، وحاول أن يشرح بأي معنى كان الكواكبي يوتوبياً؟ لأن وعيه ببساطة تجاوز العالم، يرفض الواقع المعيش فحاول صياغة بديل عنه، ورأى أن لدى الكواكبي نمطين من الإسلام: الإسلام الحقيقي، والإسلام الزائف، ويبدو الإسلامُ الحقيقي إسلامَ الحق والعلم والعقيدة الإنسانية والحرية والعدالة.
ورأت الدكتورة وجدان عناد (العراق) أن الحديث عن الكواكبي في هذا الوقت قد أغناه كل الباحثين لأنهم جميعاً حملوا رؤى جميلة ومتطلعة لهذا المفكر في هذا الوقت الذي عقدت فيه الندوة، لأنه يحمل أفكاراً إصلاحية في ذاته هدفه منها التخلص من كل ما يسيء للأمة ويشتت شملها ووحدتها وكيانها بالوقت الحاضر.‏ فلا بد من أن نرفع له تحية إجلال، وننصب له تذكاراً لأنه يذكرنا بما نطالب به الآن، وسبقنا إليه بزمن طويل.‏ أما فيما يتعلق بنظرة الكواكبي إلى المرأة قالت: إن الكواكبي كان يرى أن من أهم أسباب تخلف المجتمع هو المرأة لما تعانيه من تربية جاهلة وعادات سيئة...لذا وجه إليها نقداً حضها فيه على التخلص من هذه القيود والعادات السيئة والتمسك بدينها الذي دعاها إلى التعلم والعمل الشريف البعيد عن التسيب وصون كرامتها ونفسها. فبصلاحها يصلح المجتمع وبفسادها يفسد المجتمع. وقد فرق الكواكبي بين المرأة البدوية التي تعمل مع الرجل، والمرأة الحضرية التي تعيش عالة عليه.‏
خالد سليمان (الأردن) رأى أن موقف أي مفكر من المرأة ومكانتها أحد أهم المؤشرات التي تعكس مستوى استنارة ذلك المفكر وتقدميته ومدى قدرة المشروع الفكري الذي يطرحه على النهوض الفعلي بالمجتمع، انطلاقاً من حقيقة أن أي مشروع نهضوي جدي لا يمكن أن يجد طريقه إلى التحقق الفعلي ما لم يسند إلى المرأة المكانة التي تستحقها والأدوار التي يمكن أن تقوم بها في عملية بناء ذلك المشروع. وقدم في قراءته التحليلية لموضوع المرأة في فكر الكواكبي الموقف الذي اتخذه الكواكبي من المرأة وطبيعة المكانة والأدوار التي كان يجدها خليقة بتقلدها، وتوقف المحاضر عند النصوص الكواكبية التي تناولت المرأة في سائر أعماله.‏
جدليتا الشورى واستقلال الدين عن الدولة‏
الأستاذ سعد زغلول الكواكبي (الحفيد) ألقى بحثاً حول جدليتي الشورى واستقلال الدين عن الدولة عند الكواكبي، فأوضح أن الديمقراطية هي البديل للاستبداد.. والكواكبي طالب بالشورى في الحكم فقال بعضهم: هذه هي الديمقراطية التي تنفي الاستبداد بينما قال آخرون: هذا هو استبداد الخاصة بالعامة - استبداد أصحاب الشورى أهل الحل والعقد بمشورتهم التي تفرض على الآخرين الذين لا يوافقونهم عليها.‏ أما فيما يتعلق باستقلال الدين عن الدولة فقد رأى الباحث أن الكواكبي ذهب بعيداً في وجوب استقلال الدين عن الدولة وعن الحكام، واستبعاد السلطة عن التدخل في أمور الشريعة.‏ بينما لايمكن للدولة أن تكون بمنأى عن الدين.
د. ستار جبار الجابري (العراق) تحدث عن آراء الكواكبي في القومية، ورأى في ورقته أن الكواكبي عملاق من عمالقة التجديد في الفكر العربي الإسلامي في القرن التاسع عشر. فهو مُصلح اجتماعي، ومفكر سياسي، ومجدد إسلامي، شارك في حركة اليقظة وتنبيه الأمة، ونصَّب نفسه لمهمة النقد البصير, وكشْف العِلل والأخطاء ومقاومة الفساد. وجعل من قلمه صرخةً مدويةً هزَّت الأرض هزًا, فكشف مساوئ الاستبداد وفضح أساليب المستبدين، واستحثَّ العزائم على المقاومة والتحدّي. ودعا إلى إصلاح المجتمع والارتقاء به، ودعم مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية.‏ وختم الباحث كلامه بتأكيد أن عبد الرحمن الكواكبي يعد أحد أبرز أعلام النهضة العربية، ومجدِّداً لا يجارى في هذا الميدان، ويمكن عدّه متقدماً على زمنه، مقارنة بالأوضاع التي كانت تمر بها أمته من تخلف واستبداد.‏
أما الباحث عمر كوش فقد تركزت ورقة بحثه على الأفكار القومية التي طرحها عبد الرحمن الكواكبي في مؤلفاته، ولاسيما كتابه (أم القرى). إذ يعنى بجملة الأطروحات لديه، التي تمحورت حول العرب والعروبة والجامعة الإسلامية. ويأتي ذلك من اهتمامه بأن العرب كانوا وما زالوا الحجر الأساس في الإسلام، وتركزت أفكاره حول تصفية نظام الحكم الاستبدادي وتعسف أعداء التقدم في الحياة الاجتماعية لهذه البلدان، والعمل على تشريع وتطبيق الأنظمة القانونية الحديثة في فصل السلطات واللامركزية والحكم النيابي والمساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات، واحترام حقوق الأفراد والجماعات. ونادى بتلاحم العرب بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية. ‏
صحافة الكواكبي وأساليبه في التغيير
في هذا المحور تحدث عدد من الباحثين هم الدكتور سهيل الملاذي الذي قدم ورقة بحث بعنوان: صحافة الكواكبي والخيار الصعب.فيما تحدث الصحفي جان داية من لبنان عن الرحالة كاف في الأورغواي. أما الدكتور عبد السلام الراغب والدكتور محمد جمال طحان فتحدثا عن الكواكبي ورسالته الصحفية.
الرحالة (ك) في الأورغواي
الباحث الصحفي اللبناني جان داية قدم ورقة بحث بعنوان الرحالة كاف في الأورغواي، فأوضح أن مقالات الرحالة كاف توزعت في جريدة السلام على لوائح عديدة: تألفت الكبرى من ثلاثين فصلاً هي المقالة الاجتماعية. والمتوسطة تألفت من ستة عشر فصلاً تمحورت حول الدولة العثمانية وحكومتها المركزية. كانت هذه الفصول جواباً على أحد عشر سؤالاً طرحها الرحالة كاف في مقدمته، ويطرح الباحث سؤالاً: من يكون ناشر بعض آثار الكواكبي التي نوه بها معظم الذين رثوه.
رسالة الكواكبي الصحفية ‏
الدكتور محمد جمال طحان تحدث عن أسلوب الكواكبي في الصحافة، وأهم الصحف التي أصدرها وهي (الشهباء) و(اعتدال) متخطياً كل الصعوبات التي اعترضت رحلته الشاقة لتأدية رسالته الصحافية وتحقيق وظيفتها في توعية القراء، والمساهمة في النهضة الثقافية، وكذلك في مساعدة الدولة على انتظام السياسة وصيانة الحقوق، والدعوة إلى العدالة والحرية في إبداء الآراء، وتوجيه الإنذارات، وبسط شكاوى المتظلمين، وعرض حاجات الجمهور، وترويج لأفكار الألفة والاتحاد.
د. أحمد حلواني، مدير المركز العربي للدراسات المستقبلية (سورية)، رأى أن الكواكبي مايزال معاصراً، وأن اختيار ندوة الكواكبي في إطار احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية هو اختيار موفق. فالتفكير في هذا الموضوع ليس لأن عبد الرحمن الكواكبي ابن حلب فقط، بل لأن موضوعه هو موضوع الساعة في الحياة العربية. ورأى أن فكرة مقاومة الاستبداد بكل نواحيه السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية هي الفكرة الرئيسية التي نعيش حالتها، وبالتالي إن استرجاع فكر الكواكبي في مقاومة الاستبداد، هو العمل الهام الذي تقوم به هذه الاحتفالية الآن.
البحث الذي قدمه الأستاذ محمود الوهب (عضو مجلس الشعب) كان بعنوان: راهنية فكر الكواكبي ـ قراءة في طبائع الاستبداد. والكواكبي، في نظر الباحث, عندما يحلل ظاهرة الاستبداد يحلق إلى أبعد مدى إذ يغوص في عمق الفكرة.. حتى لا تخاله باحثاً أو مفكراً بل فيلسوفاً على صعيد السياسة والاقتصاد والمجتمع وكذلك النفس البشرية. ويجب الانتباه هنا إلى مسألة الدمج الشامل لما ألّفه الكواكبي ولما نقله. لكنه حين يتحدث حول بعض المسائل ذات الحساسية الخاصة, تراه يحوم حولها ولا يدخل إلى الجوهر بل يحاول التوفيق بين هذا وذاك. وكأنه لا يريد النقد الشامل بما أتى به, على الرغم من موقفه التغييري وجوهره المسألة الاجتماعية. ويناقش الكواكبي بذكاء مسألة قوة الاستبداد على تنظيم شؤون الناس وإخضاعهم للقوانين، حتى وإن كانت تلك القوانين تحفظ بعض الحقوق العامة في بعض الأحيان. ومن أبرز انعكاسات الاستبداد على الأخلاق, هو تقوية الجانب الفردي بين الناس وانعدام ثقتهم. وأخيراً أشار سريعاً إلى بعض الأفكار الأخرى التي لا تزال تكتسب راهنية ومعاصرة.
الكواكبي والسياسة
الفكر السياسي عند الكواكبي وصلته بمفهوم الدولة الحديثة كان محور ورقة عمل قدمها الأستاذ عبد الرحمن الحاج، وهو باحث سوري.في البداية تحدث عن إطار عصر الكواكبي حيث تشكل الحقبة التي أبدع فيها الكواكبي فِكرَه بداية تشكل الوعي بمفهوم الدولة الوطنية الحديثة. توضح هذه الورقة كيف استوعب الكواكبي قسطاً وافراً من مفهوم الدولة الحديثة, وولَّد من داخل ثقافته الإسلامية ومفاهيمها الدينية تصورات فكرية وسياسية تواكب هذا التطور.‏ ولفت الباحث النظر إلى أن مفهوم (الاستبداد) الذي اشتهر به الكواكبي يبرز لأول مرة في تاريخ الإسلام في تلك الفترة, لتوضح عبر هذا المفهوم ومفاهيم أخرى الكيفية التي استوعب فيها الكواكبي الدولة الحديثة.
عن رؤية العالم بين الكواكبي ومالك بن نبي (تصور العالم الإسلامي قبل سقوط الخلافة وبعدها) بحث قدمه د.عبد الرحمن حللي من كلية الشريعة بجامعة دمشق. وفيه بيّن أن من أهم الرؤى التي ركز عليها رجال الإصلاح نقد نظام الخلافة العثمانية, وذلك ضمن إطار رؤيتهم للعالم عموماً والعالم الإسلامي خصوصاً. وكانت للكواكبي رؤية استشرافية لما يمكن أن يكون بديلاً عن نظام الخلافة في إطار العلاقة بين بلدان العالم الإسلامي.وتتجلى أهمية البحث من خلال الكشف عن وجود رؤية للعالم لدى رجال الإصلاح ترتبط بتحولات زمانهم، بينما يفتقر الخطاب الإسلامي المعاصر إلى رؤى عميقة تدرك تحولات العالم اليوم.‏
الدكتور جورج جبور تحدث عن موضوع الأصالة في الفكر، متى يكون أصيلاً ومتى لايكون. وعرض بعض الأفكار الأصيلة لدى الكواكبي في (طبائع الاستبداد)، وفي حديثه عن الأمة العربية في موضوع خاص عالجه، وهو علاقة الدين بالسياسة. ثم تناول إسهامه الكبير في كتابه أم القرى إذ بشر بجمعية أم القرى التي تهدف إلى عمل مشترك لإقامة الإسلام على قواعده العامة المعروفة العادلة، وخلص إلى أن الكواكبي مشبع بالأفكار العربية الأصيلة التي استخلصها من عقيدته العربية والإسلامية وطبقها على واقع الحال في الظرف الذي كان فيه فعالاً أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.‏
الباحث محمد قجة، مدير الأمانة العامة للاحتفالية، قدم بحثاً حول الإصلاح الاجتماعي التربوي عند الكواكبي، فأوضح أن أحوال العالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر تسير في انهيارات متتالية. ولذلك فقد رأى الكواكبي بعين الخبير المستنير والغيور على مصالح أمته هول الأخطار التي تحدق بالعالم الإسلامي ومركزه الحضاري في الوطن العربي، فبدأ كتاباته في صحيفة (فرات)، ثم (الشهباء) ثم (اعتدال)، إلى أن جمع أفكاره في كتابين هامين هما طبائع الاستبداد وأم القرى إلى جانب كتب أخرى لكنها مفقودة.‏ وبين الأستاذ قجة أن الكواكبي استطاع أن يصور التربية في مراحل علاقتها بالاستبداد: كيف تمهد له حين تهمل، وكيف يألف الناس غيابها في ظله، وكيف ينتشر النفاق خشية أذى المستبد، ثم لا يلبث الاستبداد أن يهدم ما قد تبنيه التربية من جانب بعض العلماء الذين يصرون على إحيائها، ويربي الناس على التلقي والطاعة من غير أن يستخدموا عقولهم.
الأستاذ محمد جمال باروت رأى أن الكواكبي هو من أبرز المثقفين الليبراليين في القرن التاسع عشر الذين طرحوا ضرورة إعادة بناء العلاقة بين الدين والدولة على أساس عصري، بشكل يلعب فيه الدين دور استيعاب المدنية والتقدم في هذا القرن الذي يتسم بالكثير من الأحداث والمتناقضات. ولذلك ميز ما بين الدين والدولة، ورأى أن الدولة هي وكالة سياسية عمومية عن الناس تقوم بالفصل ما بين السلطات، وبضمنها الفصل عن السلطة الدينية وما بين الدين كعقيدة روحية وعقيدة دينية، ولكن من داخل تفكيره كمثقف إسلامي. إذ كان الكواكبي شديد الفخر بالإسلام كدين وكحضارة. وكان يريد العودة بالإسلام إلى أصوله الأولى قبل أن تطرأ عليه المزيدات كما كان يرى. وكان يرى أن النهضة يجب أن تبدأ من هنا كما بدأت النهضة في الغرب من باب الإصلاح الديني، في تطهير المسيحية من المزيدات. والانتقال من الإصلاح الديني إلى السياسي، ولكنه في نقاط أخرى يبرز أولية الإصلاح السياسي، وهذا ما يتعلق بأطروحته في مجال الاستبداد..‏
ورقة البحث التي قدمها الدكتور سهيل عروسي كانت بعنوان الكواكبي بين الإتباع والإبداع، رأى فيها أن هذه الندوة الخاصة بالكواكبي تأتي في وقت حساس جداً ينتشر فيه الاستبداد في العالم.. وتسليط الضوء على الاستبداد هو من أهم علامات الكواكبي، خاصة أن الكواكبي كمفكر نهضوي له العديد من الأفكار الخاصة والعميقة التي تستوجب منا الوقوف أمامها بإجلال.. لكن المأثرة الأساسية له فيها هو وقوفه ضد الاستبداد، ومؤلفه الضخم (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)ومؤلفه (أم القرى) الذي تخيل فيه وجود أمة إسلامية واحدة يمكن أن تقود العالم.‏
الجلسة الختامية توصي بإقامة متحف باسم الكواكبي
أوصى الباحثون المشاركون في ندوة الرؤى الإصلاحية للمفكر النهضوي عبد الرحمن الكواكبي بإقامة متحف يحمل اسم الكواكبي بحلب، يكون مركز إشعاع فكري وحضاري وقاعدة معلومات عنه. وتوصية مجلس المدينة بإقامة تمثال له في أحد ميادين حلب بشكل يتلاءم والذوق الفني الذي عرفت به حلب.‏ وبينت التوصيات أن الكواكبي بفكره وتراثه الحضاري والسياسي يشكل منطلقاً لتأكيد وحدة الدائرة الحضارية للعالم الإسلامي وتأكيد الدور الكبير الذي لعبه فكره في الحركات النهضوية التي قامت في النصف الأول من القرن العشرين. إضافة إلى ضرورة أن يكون الاهتمام بالكواكبي مرادفاً للاهتمام باحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، وألا تقتصر هذه الاحتفالية على عام واحد، كذلك تعميم هذه الندوة على المدن السورية والتنسيق مع مدينة أصفهان التي اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية أيضاً، إلى جانب حلب، لإقامة ندوة دولية مشتركة حول الكواكبي وفكره وأعماله وتراثه. والطلب من المنظمة العربية والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم الإعداد لندوة عربية وإسلامية تخصص في جانب منها لفكر الكواكبي وأعماله.‏ وأوصى الباحثون بتأسيس مجموعة عمل في مدينة حلب تحمل اسم الكواكبي لمتابعة ما ينشر حوله وحول أعماله في شتى الإصدارات والدوريات واللغات. وحث الجامعات على تشجيع الدراسات العليا حول الكواكبي وأعماله وأثره في حركات النهضة العربية والإسلامية، إضافة إلى إعادة طباعة أعمال الكواكبي وجعلها في متناول الجميع. وأكد الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب أن أي فعل تطبيقي لابد أن يشكل من خلال وعي نظري، وأن المثقفين والمفكرين هم ضمير الأمة، ومهمتهم في التشكيل النظري أن يكونوا الرائد الذي يجسد القول بالعمل، موضحاً أن أي عمل لكي يأخذ طريقه إلى النجاح يجب أن يكون جماعياً. ونوه د.جمعة بفعاليات حلب عاصمة الثقافة الإسلامية التي تعكس هذه الصورة من الجهد الجماعي.‏ وبين الدكتور جمعة أن الاتحاد سيقوم بطباعة هذه الأبحاث المقدمة في الندوة لإصدارها في كتاب خاص.‏ وفي نهاية الجلسة الختامية وزعت دروع الاحتفالية وشهادات التقدير على الباحثين المشاركين على مدى ثلاثة أيام.‏
د.محمد جمال طحّان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

فكر الكواكبي السياسي Empty
مُساهمةموضوع: الفگر السياسي الإسلامي   فكر الكواكبي السياسي Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 11:46 am

الفگر السياسي الإسلامي أعلامـه ومقاصــده وعوامـل ضعفه
بقلم: د. فؤاد البنا 3-3 في الأحد 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 01:31:06 ص
لم تقم الدول وتصعد الحضارات في أية أمة ما لم تمتلك فكراً سياسياً مناسباً، وهذا ينطبق على أمة المسلمين.. سنسعى في هذا المبحث إلى معرفة معنى الفكر السياسي الإسلامي ونشأته، والطواف بسرعة على أهم أعلامه، ووضع العناوين الهامة للمقاصد التي يسعى لتحقيقها،مع الانعطاف قليلاً على عوامل ضعفه في العصر الحديث..
رابعاً: عوامل ضعف الفكر السياسي الإسلامي:
أبدأ هذه الفقرة بالإشارة إلى أن عدداً من المستشرقين وتلامذتهم من بعض مثقفي المسلمين ذهبوا إلى إنكار وجود فكر سياسي عند المسلمين، وهذا كلام مردود، فقد أقام الإسلام أعظم الدول في العالم حضارة وثقافة وأخلاقاً وقوة، وظهر عشرات الأعلام في الفكر السياسي،وألفت عشرات الكتب في هذا المضمار،كما رأينا نماذج لذلك ولذلك لا نستطيع القول أن الفكر السياسي الإسلامي بخير تماماً، فهناك ضمور وضعف في هذا الفكر إذا قارناه مثلاً بالفكر التربوي أو الاجتماعي ، فضلاً عن الفقه الشعائري الذي ألفت فيه آلاف الكتب، بينما لم نر حتى الآن إلا عشرات الكتب في الفكر السياسي فماهي العوامل التي أدت إلى مثل هذا الضعف؟
1ـ الانحراف المبكر عن الشورى الراشدية:
جاء في بعض أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحيحة أن عرى الإسلام ستنقض عروة عروة، وأن أول عروة ستنقض هي الحكم،وبالفعل فإن أول انحراف حدث كان في منهج الحكم، حين انتقلت السلطة من دائرة الشورى الراشدية إلى دائرة الملك الوراثي، هذا العامل لم يسمح للفكر السياسي بالتطور الطبيعي.
ومثل كل العلوم في هذه الفترة المبكرة من تاريخ أمة المسلمين، كانت العلوم أقرب إلى الفعل منها إلى الفكر، أو أقرب إلى التطبيق منها إلى التنظير، وكانت الأمور واضحة ومستوعبة، بحيث لم تظهر كتابات تأصيلية في هذا السياق، في تلك الفترة المبكرة.
وفي غفلة من الأمة، وذات تصدع سببه تداعيات اغتيال عثمان بن عفان واقتتال شيعة علي وشيعة معاوية وصلت السلطة إلى بني أمية، ونتيجة عوامل عديدة التف حول معاوية عدد ممن داروا مع العصبيات والمصالح أكثر من دورانهم حول الإسلام بينما من بقي من الصحابة كانوا في اطراف الدولة فاتحين أو في قلب المجتمع معلمين ومربين، مما أدى إلى نصيحة معاوية بأن يوصي بولاية العهد لابنه يزيد بحجة الحرص على وحدة الأمة حتى لا يحدث نزاع، فبدأ الانحراف بسيطاً، لكنه مع كر الليالي وفر الأيام تحول إلى ملك وراثي.
وعندما بدأت الكتابات وتدوين العلوم، كانت السلطة قد أصبحت ملكية، وزاد الأمر سوءاً أن الكتابات السياسية تأخرت أكثر من تدوين العلوم الأخرى،حيث كانت الوراثة قد تعمقت بأعراف ومبررات، وصارت ذات تقاليد متجذرة وسط الناس، وأصبحت لها ثقافة واسعة، تطوع لصنعها المنافقون والأعاجم وأصحاب النيات الطيبة من الجهلة، مما أثر على صياغة هذا العلم، مما أشرنا إليه من قبل من خلط بعض رموز الفكر السياسي في كتبهم ومباحثهم بين ماهو كائن في الواقع المعيش، وما يجب أن يكون وفقاً لنصوص الشرع ومقاصده.. لقد نجحت مجاميع من المنتفعين والجهلة في نزع أسنان الشورى وزرع أنياب الاستبداد، مما كان له تداعيات عميقة وبعيدة المدى على الفكر السياسي الإسلامي.
2ـ الانفصال بين العلماء والأمراء:
يكاد أن يتفق كثير من علماء الأمة أن أولي الأمر في أمة المسلمين هم الأمراء والعلماء،فهم الرأس لجسم هذه الأمة، هذا الرأس انقسم إلى قسمين عندما انتقل قطار الدولة الإسلامية من سكة الخلافة الراشدة إلى سكة الملك الوراثي.. لقد قام عدد من العلماء باحتجاجات، وصلت القوة ببعضها إلى حد الخروج المسلح، حيث قاد أهل المدينة ثورة ضدالأمويين ، وقاد عبدالله بن الزبير ثورة، ومثله فعل الحسين بن علي وزيد بن علي بن الحسين وغيرهم، وقد كان العلماء هم وقود هذه الثورات التي خرجت تطالب بعودة الشورى والحريات..
هذه الثورات ووجهت بقمع شديد من قبل الأمويين وجيوشهم، مما أدى إلى ابتعاد العلماء عن الأمراء وتوجس الأمراء من العلماء، ومن ثم بدأت محاولات الأمويين وأنصارهم لترويض العلماء وتحييدهم، وتشجيعهم للابتعاد عن القضايا السياسية والاجتماعية والاهتمام بالقضايا المرتبطة بإصلاح الفرد سواء ارتبط الأمر بالكتابة والتأليف أم بالدعوة والحركة ،ولذلك اتسع الفقه الفردي على حساب الفكر الجماعي، إذ ألفت آلاف الكتب في الفقه الشعائري حتى كاد أن يموت من التخمة، بينما عانى الفكر السياسي من الندرة.
أما من تجرأ وواجه الحكام فقد تعرض لصنوف الأذى المختلفة، وعلى المدى البعيد تعمقت الهوة واتسعت بين الأمراء والعلماء، بحيث مالت الكتابات السياسية القليلة إلى الفكر السلطاني وإن لبس ثوب الفكر الإسلامي.
ومع مرور القرون تعملق الشعائري إلى حد الدوار، وتقزم في المقابل الفكر السياسي إلى حد اقترب من الانحطاط في القرون المتأخرة، بحيث تطوع بعض علماء الفكر السياسي لتأليف كتب أشبه ماتكون بكتاب «الأمير» للمفكر الإيطالي ميكافيللي، أي أنها انحازت مع الحكام ضد المحكومين.
3ـ الخلط بين الثوابت والمتغيرات:
كلما ابتعد الزمن عن عصر تنزل الوحي، كان الجهل بتعاليم الإسلام يزداد، ولأن الانحراف أو ظهوره كان في الجانب السياسي، فقد كان الجهل بالإسلام أوضح مايكون في هذا المجال.. ولا شك أن الخلط بين الثوابت والمتغيرات كان أهم نتائج الجهل بمنهج الإسلام السياسي، حيث جاء محسوبون على العلم للتنظير في قضايا سياسية، خلطوا عند كتابتهم بين ماهو ثابت واجب الأخذ وماهو متغير بتغير الظروف الزمانية والمكانية والإنسانية.. ولذلك ظهر من يقول لا يجوز تحديد مدة ولاية الإمام لأن الخلفاء الراشدين لم تحدد مدة ولاياتهم، ومثل ذلك ظهر من يقول لا يجوز تفتيت السلطة إلى ثلاث مؤسسات، ولا يجوز اشراك العامة في الانتخابات عبر صناديق الاقتراع، ولايجوز كتابة دستور ولا تأسيس أحزاب ولا صحف، ولا ممارسة المعارضة بالصورة المدنية القائمة اليوم، ولا يجوز للحاكم أن يقدم استقالته بحجة أن عثمان بن عفان رضي الله عنه رفض ذلك....الخ
ولما كان العمل السياسي مرتبطاً بأكثر مجالات الحياة وأسرعها تغيراً، فإن دائرة المتغيرات في هذه المنطقة كثيرة، ومع ذلك فإن خلط المتأخرين بينها وبين الثوابت أدى إلى جمود الفكر السياسي.
ولو ألقينا نظرة بسيطة إلى تاريخ الخلافة الراشدة وهو لا يزيد عن ثلاثة عقود، في بيئة بسيطة وغير معقدة، سنلاحظ كيف ظلت القيم ثابتة وهي الشورى والحريات وحقوق الناس، بينما تغيرت الآليات والطرائق مرات عدة في هذه المدة البسيطة.. وسنضرب مثلاً بسيطاً بطريقة انتخاب الخليفة، فإن من يقرأ الكيفية التي تم بها انتخاب أبي بكر الصديق لن يجدها تتكرر عند انتخاب عمر، لتختلف هذه الطريقة عند انتخاب عثمان، ولتصبح مختلفة تماماً عند اختيار الإمام علي، لكن حريات الناس واختيارهم الذاتي كانتا حاضرتين في كل هذه الآليات وبهذه الطريقة جمع الصحابة بين ثبات المقاصد والكليات وتغير الطرائق والآليات وبهذا تفوقوا على العالم وجسدوا سمو هذا الدين وحققوا قوته وصنعوا مجده وعندما اختلف منهج التلقي والتنزيل تم الخلط بين الثوابت والمتغيرات، مما أدى إلى جمود الفكر السياسي الإسلامي في كتابات مفكريه وعلمائه مع استثناءات قليلة لا تلغي القاعدة وإنما تؤكدها.
4ـ بروز فقه الطوارئ
أشرنا قبل قليل إلى أن تحول السلطة إلى ملك وراثي على يد الأمويين أدى إلى ظهور ثورات عدة، لكن هذه الثورات لم تستكمل شروط نجاحها، وواجهها الأمويون بقمع شديد، مما أدى إلى سقوط المئات من العلماء على أيدي السلطات،وإلى تشديد الأمويين قبضتهم على الشعوب، وزيادة تضييقهم على العلماء والمصلحين، فرأى عدد من علماء المسلمين في تلك المراحل السكوت عن انحرافات الحكام مادامت كثير من أحكام الإسلام باقية في جوانب أخرى،ليس كحكم لازب إلى قيام الساعة ولكن كضرورة مؤقتة من أجل تجنب الفتنة.
وعلى المدى البعيد تحول هذا الاستثناء إلى قاعدة عامة عند بعض العلماء،مما أدى إلى شيوع الاستبداد وتمكن المستبدين من مقاليد الأمور، وهذا بالطبع عامل آخر من عوامل ضعف الفكر السياسي الإسلامي.
لقد كانت إحدى وسائل الطمأنة للحكام من قبل بعض العلماء عدم الخوض في المسائل السياسية وعدم تأليف الكتب في هذا الشأن،وكان واضحاً عند هؤلاء العلماء أن هذا الأمر ضرورة، غير أن المتأخرين اعتبروا ذلك من علامات الالتزام بمنهج أهل السنة.
هذا المناخ لم يساعد على نمو الفكر السياسي وتطوره بالشكل المأمول.. ومما زاد الطين بلة أن عدداً من الحركات التي زعمت الثورة ضد الاستبداد، وصلت إلى انحرافات عقدية كثيرة ومارست انحرافات عملية أكيدة كالشيعة والخوارج والحشاشين والقرامطة،فقد عاثوا في الأرض فساداً، مما زاد من تحفظات كثير من العلماء ضد الكتابات والأنشطة السياسية، وهذا ساهم في اضعاف الفكر السياسي.
5ـ تسلل علل الأمم الأخرى:
الإسلام دين عالمي، دخل فيه البشر من كل أعراقهم آتين من أديان وثقافات وبيئات شتى، وقد عانت كل الأمم تقريباً من تقديس حكامها وشخصنة رموزها السياسية، إلى حد أن الاستبداد وصل ببعضهم إلى حد تقديس الحكام وتأليه بعضهم.
هذه العلل الحضارية نقلها كثير من الأعاجم إلى المسلمين العرب الذين ليس لهم تراث سياسي، لأن الإسلام عندما ظهر كانوا قبائل مفككة بلا وازع من ثقافة ولاجامع من نظام سياسي.
هذا الفراغ الذي لم يملأه التأصيل المبكر، ملأه الأعاجم بجانب فقه الطوارئ ، وكلها مثلت كوابح أمام انطلاق الفكر السياسي الأصيل الذي يراعي حقوق الإنسان ووحدانية الله وعمارة الأرض ليصبح هذا الأمر عاملاً آخر من عوامل ضعف الفكر السياسي الإسلامي.
ü أستاذ الفكر الإسلامي السياسي
بجامعة تعز
الهوامش:
(46 - صحيح ابن ماجةSad 1/747).
(47 - المغنى : 12/266 لابن قدامة. ـ عن الرحيلي في التكفير وضوابطه (264) . كما نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر(122) والنووي في الروضة 1728. كله بواسطة الرحيلي .
(48 - صحيح مسلم : 1/121ـ 122).
(49 - مسند الإمام أحمد (4/24) رقم : (16344).
(50 - السلسلة الصحيحة : (3/418) رقم : (1434).
(51 - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية : (4/515) (هامش : 2).
(52 - التكفير وضوابطه (287- 288) للشيخ الرحيلي.
(53 - الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه (229-230). للشيخ عبد الرزاق بن طاهر معاش.
(54 - ضوابط التكفير ( ص232). للشيخ عبدالله بن محمد القرني.
(55 - صحيح مسلم (4/ 1672)كتاب التوبة،الحض على التوبة والفرح بها.رقم (2747).
(56 - إكمال المعلم (8/245).للقاضي عياض . والتكفير وضوابطه: ص256 للرحيلي.
(57 - معالم التنزيل: (5/46).
(58 - انظر ضوابط التكفير ( ص276 ) وما بعدها.
(59 - نواقض الإيمان القولية والعملية (75) ، وانظر الجهل بمسائل الاعتقاد ص 328 .
(60 - المسائل الأصولية أو العلمية هي مسائل الاعتقاد ، والمسائل الفرعية أو العملية هي مسائل الأحكام ، وابن تيمية رحمه الله لا ينكر أصل التقسيم ، وإنما ينكر التفريق في الحكم بين من أخطأت أحد القسمين .
(61 - مجموع الفتاوى (19/ 207) .
(62 -معالم السنن :(4 / 277) .
(63 - منهاج السنة : (5/ 239-240) .
(64 - التكفير وضوابطه: ص 293 عن العواصم والقواصم .
(65 - الإرشاد ص 207 بواسطة التكفير وضوابطه ص 294 .
(66 - وقد تقدم كلامه كاملاً ، وهو في الاستغاثة : (1/ 383 - 385.
(67 - الاستغاثة :(2/619).
(68 - الاستغاثة (ج 1 ص 89 - 90) .
(69 - الهدية السنية جمع وترتيب الشيخ سلمان بن سحمان (34 - 35) بواسطة الجهل بمسائل الاعتقاد ص 436 - 437 .
70 - الدرر السنية (1/468).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فكر الكواكبي السياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاسلام السياسي حزب العدالة والتنمية في تركيا ودوره في التغير السياسي
» محاضرات في تاريخ الفكر السياسي:الفكر السياسي الليبرالي
»  التحليل السياسي
» علم النفس السياسي
» الفساد السياسي..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1