منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الشرق الأوسط Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الشرق الأوسط Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الشرق الأوسط

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الشرق الأوسط Empty
مُساهمةموضوع: الشرق الأوسط   الشرق الأوسط Emptyالسبت نوفمبر 10, 2012 10:14 am

الشرق الأوسط في صميم السياسة الاقليمية

يصعب علينا أن نرى المسافة الفاصلة بين عناوين النزاع المختلفة في المنطقة، حيث امتزجت وتداخلت مفاهيم «التجزئة الحدودية»، «قيام دولة إسرائيل»، «الحرب الباردة»، «النفط» لتشكل المحاور الاستراتيجية لتخطيط ورسم السياسات العالمية والاقليمية للمنطقة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية. وفيما يخص مجموعات العمل التي أثرت ولاتزال تؤثر في سياسة الشرق الأوسط واقتصاده يجملها «شفيق المصري»في التالي:
هناك عددا من الثوابت لا يستطيع أحد إنكارها كما لا تستطيع أية قوة إقليمية أو أجنبية تهميشها، ومن هذه الثابت الجغرافيا .
1- أن الداخل الأسيوي بحاجة دائمة وحيوية الى الوصول بأي ثمن الى الحوض الشرقي للمتوسط لاسباب دفاعية واقتصادية وسياسية وهذه الحاجة الجيوسياسية لم تتغير عبر التاريخ.
2 - إن سوريا الجغرافية (التي تشمل سوريا ولبنان وفلسطين) في حاجة دائمة وحيوية الى الاستقرار وسط هذا التجاذب الدائم على ساحتها بين حكام الشرق الأسيوي وحكام الجنوب الأفريقي وحكام الغرب البعيد، ولكنها لم تتمكن من تأمين استقرار دائم وهدوء طويل.
3 -إن من يسيطر مباشرة أو بالواسطة على بوابات الشرق الأوسط المائية يسيطر على كل ما ومن في هذا الشرق الأوسط (مضيق هرمز الى الشرق).
والى جانب هذه الثوابت الثلاثة، برزت عوامل دائمة الحضور على ساحة الشرق الأوسط منذ نصف قرن أو أكثر وحتى أوائل التسعينات وهذه العوامل تدور حور محاور ثلاثة:
*- محور التجاذب الأمريكي (والغربي عموما) السوفيتي أو ما كان يسمى بالحرب الباردة والتي استغرقت الفترة الزمنية (1950 1989)، وإنتهت هذه الحرب لصالح أميركا كقطب عالمي متفرد.
*- محور النفط الخليجي (وامتدادا الى الساحل الشرقي للبحر الأحمر) والذي سقط أمنيا وعسكريا بيد أميركا كنتيجة «لحرب الكويت» أو بتسمية أخرى «حرب النفط».
*- محور الأمن الإسرائيلي: حيث سقطت التحديات التي كانت تواجه «شرعية الوجود الإسرائيلي في المنطقة»، ويعتبر مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد في تشرين الأول أكتوبر 1991 مؤشر القبول الجماعي العربي بهذا الوجود
وقد كان للتعريفات الأميركية للشرق الأوسط، واعادة قراءة وبلورة أبعاده الجيوسياسية، والجيو اقتصادية دور بارز للكشف عن حقيقة الموقع والدور الإسرائيلي في المنطقة، وقد أفصح مارتن إنديك أمام معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عن تصورات وآراء ومواقف الأميركية الحالية (إدارة كلينتون) حول «النظام العالمي الجديد» بتطبيقاته الشرق أوسطية حيث ذكر أن كلينتون يفهم أن الشرق الأوسط في حالة توازن دقيق بين مستقبلين بديلين:
الأول: يتمثل في سيطرة المتطرفين المرتدين عباءة الدين أو الوطنية على المنطقة، مستخدمين أسلحة الدمار الشامل المحملة على الصواريخ الباليستية،
الثاني: مستقبل تحقق فيه إسرائيل وجيرانها العرب والفلسطينيين مصالحة تاريخية، تمهد الطريق للتعايش السلمي والتنمية الاقتصادية والاقليمية، ومع انتهاء الحرب الباردة تبرز الحاجة إلى إعادة تعريف المنطقة، إذ يجب علينا أن ندخل الدول الإسلامية الحديثة الولادة في أسيا الوسطى كأحد عناصر استراتيجيتنا في المنطقة مع أنها تقع عند أطراف الشرق الأوسط. أما المستشرق الأميركي برنارد لويس فعلق حول خارطة الشرق الأوسط الجديدة والأحداث الأقليمية التي وقعت ضاربا مثالا على ذلك حرب الكويت مؤكدا على أن «سقوط العالم العربي نفسه ككتلة سياسية» معتبرا ذلك سببا للحرب وليست نتيجة، ويؤكد أنه قد كانت لإسرائيل قيمة استراتيجية حقيقية لأميركا في الماضي، وقد تكون لها قيمة استراتيجية بالغة الأهمية في المستقبل، ويقارن بين التفوق التكنولوجي والعسكري الذي حققه الغرب الحديث على بقية دول العالم، والتكنولوجيا التي تمتلكها إسرائيل والتي اعتبرها السبب في انتصاراتها المتلاحقة على جيران لها متفوقين عددا وعدة. فمن الواضح أن الادارة الأميركية تختزن في جعبتها الكثير من التغييرات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للمنطقة، مما يؤكد أن «النظام الإقليمي الشرق أوسطي القادم سيكون صناعة أمريكية»، وسيحمل هذا في داخله هندسة جديدة للمنطقة يكون لإسرائيل فيها موقع مميز يلائم ثقلها وظيفتها في الاستراتيجية الأميركية المقبلة، وما يميز هذه الاستراتيجية سياسة البحث والترويج «لبدائل عدائية»، وبهذا يمكن تفسير الأسباب لابراز مخاطر ما يسمونه بالعد والمركزي المقبل للغرب وأميركا وأسرائيل «الأصولي الدينية» إن إثارة هذا الموضوع يصب في سياق منهجية سياسية وأمنية شاملة تهيئ المناخ الأقليمي والمحلي للمنطقة الشرق أوسطية لكي تأخذ إسرائيل موقعها (كدولة اقليمية ومركزية) ومنسجمة مع النسيج المجتمعي للمنطقة، وكمدخل لتحقيق ذلك سيكون عن طريق بوابة النظام الاقتصادي الشرق أوسطي الجديد، وسياسة التعاون الاقليمي في هذا النظام المتمثلة في طرح «السوق الشرق أوسطية»، وهذا يتطلب الربط بين مجموعة من المفاهيم العملية مثل ربط موضوع «السلام مع إسرائيل» بعملية «التنمية الاقتصادية الاقليمية». ويعرف الجنرال الإسرائيلي موردخاي غور نائب وزير الدفاع حقيقة السلام «بأن تكون إسرائيل قوية». ويعبر أحد المحللين الإسرائيليين واصفا وضع إسرائيل بأنها «ظاهرة هندسية فريدة في العالم فهي زقاق دون مخرج على وجه الكرة الأرضية وكان يمكن الوصول الينا في الغرب وبصعوبة من الجنوب وكفى. والسلام يعيدنا الى الموقع الطبيعي لهذه المنطقة، فنحن نجلس اليوم، على أهم خط تجاري في العالم، خط التجارة الى الشرق الأقصى ومنه». فالعقل الإسرائيلي لا يفصل بين مفاهيم الهيمنة العسكرية والأمنية والاقتصادية طالما أن مركزها إسرائيل.
* التصور الأميركي – الإسرائيلي للتعاون الاقليمي الشرق أوسطي:
ربط الأمريكيون والإسرائيليون عملية «التسوية السياسية » بالتنمية في المنطقة وبناء المصالح المشتركة. ويذكر شمعون بيريز في كتابه «الشرق الاوسط الجديد» فرضية أساسية اشتراطية وهي ان إرساء نظام إقليمي مرهون بنجاح عملية السلام الإسرائيلية ـ العربية ويضيف بيرز أنه في المرحلة التالية بعد توطيد العلاقات الثنائية والمتعددة تستدعي إقامة صناعات اقليمية من خلال تعان الهيئات العالمية والاتحادات الدولية المستقلة، ويصل الى المرحلة الثالثة التي تشمل سياسة الجماعة الأقليمية مع التطور التدريجي للمؤسسات الرسمية، ويقترح أنه في حال انقطاع القنوات الدبلوماسية مؤقتا خلال نشوب أزمة ينبغي أن تكون للمنطقة قوات تستطيع الرد على العدوان في الحال بصورة مؤثرة. وتلتقي جملة المشاريع وبنود اتفاقيتي أوسلو والعقبة على:
1 ربط مشاريع البنية التحتية من خلال إقامة مشاريع بنية تحتية مشتركة (ماء، كهرباء، طرق، سكك حديد، شبكة مواصلات، اتصالات دولية) يشكل التراجع عنها تكاليف باهظة وصعوبات كبيرة للبلد الذي يحاول الخروج من هذا التجمع أو ما يسمونه «كلفة الانفصال».
2 إقامة مؤسسات وهيئات اقليمية وفوق قومية بما فيها القوى العسكرية. فهذه البنود تتجاوز هدف اقامة تعاون إقليمي وتسير بالدول المشاركة نحو الاندماج وفق برنامج محكم. فمن خلال القراءة المتأنية للطرح الشرق أوسطي الجديد لبيريز نصل الى نتيجة تتمثل بأن ما تم طرحه هو محاولة لإحياء حلم مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل بإنشاء «كومنولث شرق أوسطي» تلعب إسرائيل دورا فاعلا فيه، أما السوق الشرق أوسطية التي ينظر لها بيريز وتلقى حاليا رواجا واجماعا (أميركا إسرائيليا أوربيا)، فهي نسخة طبق الأصل تقريبا عن «مشروع يعقوب ميريدور»، الذي وضعه في 1977م بعد زيارة السادات الى القدس، ووقتها أطلقت صحيفة معاريف الإسرائيلية علي هذا المشروع اسم «مشروع مارشال موسع للشرق الأوسط» وهو عبارة عن تأسيس صندوق مالي قوامه 30 مليار دولار سنويا لعشر سنوات، وسينصرف الصندوق الى تمويل مشاريع اقتصادية وعلمية وثقافية لأعضاء هذا التكتل الاقليمي المشاركين فيه. وقد قدم المفوض الأوروبي ماتيوس إثر حرب الكويت شباط/فبراير 1991م الى المجلس الأوروبي مشروعا بعنوان «الأمن والتعاون في الشرق الأوسط والمتوسط» يتحدث عن إنشاء نظام شرق أوسطي متوسطي كاطار جديد لتنظيم التفاعلات الاقتصادية والسياسية كما يسمى بـ«الفضاء الاقتصادي المتوسطي» وتركز الوثائق الأوروبية والأمريكية في هذا المجال على أهمية قيام منطقة «للتجارة الحرة بين إسرائيل والبلدان العربية باعتبارها المرتكز الرئيسي للترتيبات الاقتصادية الشرق أوسطية الجديدة» وباعتبار أن «المبادلات التجارية توحد الشعوب وتخلق أنماطا في الاعتماد المتبادل ونسيجا في المصالح المشتركة» وقد ذكر بيريز في مقالة له نشرتها جريدة «أنترناشيونال هيرالد تريبون» حول الشرق الأوسط الجديد «أن الحروب هي أسوأ وسائل السيطرة، بل إن السيطرة الحقيقية إنما تكون بالاقتصاد والتكنولوجيا والعلم إن دول منطقة الشرق الأوسط قد أنفقت الكثير على الحروب والدمار، ولابد ان نكسر الحواجز النفسية لوضع منظومة اقتصادية يرتبط بها الجميع، وعليه فالأمر يحتاج الى أربعة أضلاع لهذه المنظومة وهي: المال، الرجال، العقل الذي يدير، التكنولوجيا» وهذه الهندسة الجيواقتصادية الشرق أوسطيبة تفصلها الدولة العبرية حسب احتياجاتها ومتطلباتها، فالرؤية الإسرائيلية للشكل الهندسي المربع لمشاريع التعاون الاقليمي لها تطبيقات عدة، فطرح مثلا (المال الخليجي + عمالة مصرية وسورية وفلسطينية وأردنية + تكنولوجيا أميركية + إدارة إسرائيلية)، وهناك شكل آخر للتعاون وهو (نفط خليجي + عمالة عربية + مياه تركية + تكنولوجيا إسرائيلية) وهكذا نجد إسرائيل محورا مركزيا لكل سيناريوهات التعاون الاقليمي الاقتصادي هي تريد «بناء جغرافيا جديدة للمنطقة مستقلة عن الماضي القريب والبعيد» وأثناء حمى الحديث عن الترتيبات الإقتصادية الإسرائيلية – الأميركية للواقع الشرق أوسطي الجديد والذي يجري فيه التأكيد على الانتماء والهوية الشرق أوسطية، لا ينسى بيريز ابراز مكان كبير لخطورة العدو رقم واحد بنظره وهو «الأصولية الإسلامية» والعي يعتبرها خطرا يهدد مستقبل الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة عندما قال: «إن الأصولية الإسلامية تعد بعد الشيوعية أخطر تهديد للسلام، وقال إن إسرائيل والدول العربية التي تؤيد السلام حلفاء في حرب من أجل السلام لم نربحها بعد، وأضاف نحن نقاتل، كلنا نقاتل وليس فقط إسرائيل».
ونص بيريز السابق يفسر معنى التعاون فوق القومي، أي اصطفاف إسرائيل بجانب الدول العربية الأخرى لمواجهة كل من يحاول التغريد خارج السرب الإسرائيلي. وعلى الرغم أن الطرح الإسرائيلي – الأمريكي يستند على قاعدة اقتصادية، إلا أنه وبالذهاب الى عمق الموضوع نكتشف أنه يختزن في خلفيته أبعادا جوهرية قد تكون أخطر من الظاهر الاقتصادي للموضوع، وقد اعتبرت الفايننشال تايمز البريطانية «إن الدولة العبرية تمتزج فيها التجارة بالسياسة بالدين في كوكتيل اقتصادي»، ويمكن إضافة بعد آخر الى هذا الكوكتيل الاقتصادي; وهو موضوع الأمن ذو التفسيرات الإسرائيلية الهلامية ويبدو أن هذا التشابك المركب في المشروع الاسرائيلي هو إحساس إسرائيل الذاتي بفقدان مبررات وجودها القانونية والشرعية، ولذلك فهي تعمل على تذويب مجموعة المفاهيم والأفكار التي تمثل عائقا بقبولها دولة اقليمية ذات وضع طبيعي، وستعيض عنها بمفاهيم فوق قومية من خلال إثارة مخاطر «الأصولية الإسلامية» على الاستقرار والأمن في المنطقة. ويذكر عبد العليم محمد معلقا على المشروعات الشرق أوسطية المطروحة بأنها «تكمن في الخلفية الأيديولوجية لها والتي تتمثل في تغييب هوية المنطقة»فالمشاريع الاقتصادية للتعاون الاقليمي «تخضع للارادة السياسية أكثر مما هي مبنية على المعطيات الموضوعية في البنى التحتية وغيرها» فالمطلوب إذن إنشاء تكتل اقتصادي جديد في المنطقة تكون إسرائيل محوره والطرف الأقوى فيه اقتصاديا وأمنيا. تحدثنا عن التصورات الإسرائيلية، (الأمريكية الأوروبية) للنظام الإقتصادي الشرق أوسطي، فماذا عن معالمه؟
* معالم النظام الاقتصادي الشرق أوسطي الجديد
كشف البنك الدولي أخيرا عن مجموعة من المشاريع الرامية الى تأمين الاندماج والتداخل الاقتصادي الإقليمي في الشرق الأوسط والتي نشرت بعنوان «تقرير المشاريع الإقليمية» ويتضمن التقرير دراسة لستة مشاريع تتصل في صورة مباشرة بمسيرة السلام في الشرق الأوسط، وتبلغ نفقات انجازها حوالى 4 مليارات دولار، منها ثلاثة مشاريع ستعجل في عملية إندماج إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن، بينما ستؤدي المشاريع الثلاثة الباقية الى تسهيل اندماج اقتصاديات المغرب العربي وهي كالتالي:
-1- مشروع تبلغ نفقاته 600 مليون دولار ويستغرق تنفيذه 6 سنوات لبناء طريق رئيسي على شكل معبر على طول الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط يشمل بناء طرق جديدة أو تحسين الطرق القائمة، ويبدأ من مدينة كسب على الحدود السورية مع تركيا مرورا باللاذقية بيروت حيفا تل أبيب رفح على الحدود مع مصر، وسيربط هذا الطريق الساحل الشرقي للبحر المتوسط مع أوروبا وشمال أفريقيا.
2 - مشروع يرمي إلى انشاء خمسة ممرات تمتد من الشرق الى الغرب ويربط إسرائيل والأراضي المحتلة والأردن وتسريع اندماجها الاقتصادي وتبلغ تكلفته 60 مليون دولار.
3- مشروع رئيسي ثالث سيعمل على الربط التقاطعي للشبكة الكهربائية الأقليمية في مرحلتين، المرحلة الأولى: تضم (مصر – إسرائيل – الأردن – الأراضي المحتلة – سورية)، المرحلة الثانية: تشمل إضافة دول الخليج، تركيا، إيران (اذا رغبت هذه الدول وتم التوصل لحل بعض المشاكل السياسية)، وتكلفة المرحلة الأولى في هذا المشروع 200 مليون دولار. أما المشاريع الثلاثة التي تخص دول المغرب العربي فهي كالتالي:
– بناء خط أنابيب لنقل الغاز بين بلدان المغرب العربي وأوروبا عن طريق المغرب أسبانيا، يعمل على توريد الغاز الجزائري الى المغرب ودول أوروبية (فرنسا والمانيا) وتقدر تكلفته بحوالي 2 مليار دولار.
– استكمال شبكة طرق دول المغرب العربي الممتدة على مسافة 7333 كيلومترا بنفقات تقدر بـ350 مليون دولار على مدى خمس سنوات وهذه ستربط معظم المناطق وعواصمها والمناطق الحضرية تقريبا في كل من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا (بعد حل مشكلة لوكربي).
– تأمين الربط التقاطعي لشبكات الطاقة الكهربائية بين تونس والجزائر والمغرب بنفقات تقدر بنحو 200 مليون دولار.
إن طبيعة هذه المشاريع التي تهدف الى تأسيس بنى تحتية (شبكات طرق، طاقة) هي جزء صغير من سيناريوهات التعاون الاقليمي الهادفة لوصل إسرائيل بكل دول المنطقة الشرق أوسطية، وهذا سيحقق عملية التشابك الاقتصادي بين العرب وإسرائيل.
وقد لوحظ في مؤتمر الدار البيضاء «القمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال افريقيا» والذي عقد في 30/10/1994 والذي دعا له كل من «مجلس العلاقات الخارجية» في نيويورك و«المنتدى الاقتصادي العالمي»، لوحظ ان أكبر الوفود المشاركة هو الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الحكومة رابين وضم بيريز وسبعة وزراء آخرين من اصل 17 وزيرا، وإضافة الى حاكم مصرف إسرائيل ورئيس جمعية المقاولين الإسرائيليين، وأكثر من 50 رئيس مؤسسة تجارية إسرائيلية، ولاشك أن هذا المؤتمر جزء من الاستراتيجية الأمريكية الشاملة وقد أسند ملف الشرق الأوسط في هذا المؤتمر الى إسرائيل التي استحوذت على نصيب الأسد بالمشاريع الاقليمية التي قدمتها للمؤتمر وشملت رزنامة مشاريع التعاون الاقليمي الإسرائيلي كافة المجالات (بنى تحتية، تكنولوجيا، السياحة، الأسواق المالية، المياه، التبادل التجاري).
وقد حظي مشروعان اقليميان باهتمام أميركي إسرائيلي كبير وهما «إنشاء بنك التنمية الاقليمي الشرق أوسطي» و«إنشاء منطقة اقليمية للتجارة الحرة». وهناك العديد من الأطراف العربية المشاركة في المؤتمر التي أبدت قلقها في الأطروحات الإسرائيلية. واعتبر البعض أن هناك تكاملا مشبوها بين مؤتمر مدريد للسلام بصفته السياسية ومؤتمر الدار البيضاء بصفته الإقتصادية، وبذلك تدرس وتحل قضايا «المركز» عبر «الأطراف»، وتكمن أهمية قمة الدار البيضاء أنها كشفت عن ملامح النظام الاقتصادي الشرق أوسطي وخصوصا موضوع «السوق الاقليمية له» والتي تحظى بأهمية كبيرة إسرائيليا وأميركيا. وتعتبر النواة الأولى لهذه السوق مثلثية الشكل تضم كلا من (إسرائيل – الأردن – قطاع غزة والضفة الغربية). والصورة الموجودة في ذهن أرباب الصناعة الإسرائيلية هي صورة «نافتا» وهي إتفاقية التبادل الحر في شمال أميركا (الولايات المتحدة – كندا – المكسيك) أي الإنسياب الحر للسلع الإسرائيلية ويشبه هذا التجمع الاقتصادي الثلاثي أيضا الاتحاد الاقتصادي القائم بين «دول البينيلوكس» الأوروبية الثلاث ذات الأحجام الاقتصادية الصغيرة (بلجيكا – هولندا – لوكسمبورج) ثم بعد ذلك يتم تفعيل هذا التعاون الثلاثي بمركزية إسرائيل، والذي سيحظى بدعم عالمي كبير أمريكيا وأوروبيا، باعتباره الخطوة العملية الأولى التي يتوقف عليها نجاح «المشروع الشرق أوسطي»، ثم يتم تعميم هذا «المثلث النموذج» ليصبح أهم بؤرة جذب واستقطاب للشكل الهندسي ذي المركز الإسرائيلي، تدور حوله مجالات دائرية (محيط) تضم أطرافا كل حسب أهميته وفائدته للمركز. وتقسم إسرائيل المنطقة الشرق أوسطية حسب الأهمية التجارية والمالية الى أربع دوائر:
الدائرة الأولى: وتضم الأردن – قطاع غزة والضفة الغربية.
الدائرة الثانية: مصر – سوريا – لبنان.
الدائرة الثالثة: تضم دول مجلس التعاون الخليجي النفطية.
الدائرة الرابعة: تضم شمال أفريقيا (المغرب – تونس – الجزائر – وربما في المستقبل ليبيا). ويعتبر محمود عبدالفضيل أن هدف سيناريوهات الـ«الفك» و«إعادة التركيب» لبلدان المنطقة العربية لكي تتلاءم مع متطلبات «النظام الشرقي أوسطي الجديد» ويؤكد على إحدى الدعائم الأساسية التي تنهض عليها الهندسة الجيو إقتصادية، وهي فصل «العراق عن المشرق وبلدان الشام ودمجه في منظومة اقتصادية أمنية جديدة تشمل بلدان الخليج – وربما اذا تغيرت الظروف السياسية – إيران، وجمهوريات إسلامية في أسيا الوسطى.
علاقة التسوية بالتنمية في المنظومة الشرق أوسطية الجديدة
في إحدى حلقات النقاش قال محاضر أميركي: «اذا كنتم في المنطقة العربية تريدون منا أن نقوم بدور سياسي نشط لحل القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط فنحن نريد شيئين: النفط والتجارة»إن التصريح الأميركي السابق يعبر عن حقيقة موقف الإدارة الأميركية طوال مراحل التماس والاحتكاك مع المنطقة العربية والإسلامية. وهذا يبين أن العلاقة بين السياسة والاقتصاد في الاستراتيجية الأميركية هي علاقة مركبة ولا يمكن فكها عن بعضها، وأن ما يحدث الآن على ساحة الشرق الأوسط هو تأسيس لمفاهيم جديدة للاقتصاد السياسي يناسب الجغرافيا السياسية الجديدة للشرق الأوسط. ويعتبر نتاج تطور الفكر الصهيوني تداخلا وتشابكا للمفاهيم «الإقتصادية» و«السياسية» و«الإستراتيجية» و«الأمنية» وهنا يكمن مغزى وخطر «الهيمنة الإقتصادية والتكنولوجية» للمشروع الإسرائيلي الشرق أوسطي.
ومنذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام وكنتيجة لحرب الكويت كان هناك إصرار أميركي لرفع المقاطعة الاقتصادية العربية على إسرائيل، وقد بادرت بعض الدول الخليجية وكمكافأة للأميركيين على دورهم في حرب الخليج الثانية، بإلغاء المقاطعة العربية في الدرجتين الثانية والثالثة. ويرجع تاريخ المقاطعة العربية لاسرائيل إلى آيار/مايو 1951م عندما اصدر مجلس الجامعة العربية قرارا بانشاء مكتب لمقاطعة إسرائيل اقتصاديا في كل دولة عربية، وقد حدد المكتب الرئيسي لمقاطعة اسرائيل اهداف المقاطعة بأنها وسيلة ترمي الى إحباط خطط الصهيونية العالمية للسيطرة على أسواق الوطن العربي، وبالتالي إنقاذ الصناعات العربية الناشئة من خطر الصناعات الإسرائيلية ومن ناحية أخرى تجميد إقتصادات إسرائيل ودفعها نحو التدهور.
وتنقسم درجات المقاطعة الى ثلاث:
- الدرجة الأولى: تشمل مقاطعة السلع ذات شهادات المنشأ الإسرائيلي.
- الدرجة الثانية: تشمل مقاطعة الشركات الأجنبية العاملة في إسرائيل.
- الدرجة الثالثة: تشمل مقاطعة الشركات الأجنبية التي لها علاقة بالشركات الإسرائيلية. وعلى الرغم من عدم الالتزام الجماعي الكامل بشكل مطلق لكل الأطراف حيث سجلت العديد من الخروقات لهذه المقاطعة مما أفقدها شيئا من تأثيرها، وقد كشف مسؤولون إسرائيليون بأنهم استطاعوا «تسري ما ثمنه 3 مليارات دولار من البضائع نحو الأسواق العربية»، إلا أن هذه التجاوزات السلبية لم تلغ حقيقة الآثار السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي. وقد ذكرت مصادر مختلفة أن حجم الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية من جراء تطبيق المقاطعة بلغت خلال الخمسين عاما 50 مليار دولار ،و لقد أعلنت وزارة التجارة الإسرائيلية مؤخرا بأن المقاطعة العربية (الحظر الاقتصادي العربي) كان يكلف إسرائيل خسارة تجارية سنوية بقيمة 4 مليارات دولار، وأن رفع هذه المقاطعة سيساعد على نمو حجم التجارة الخام لها بنسبة2% سنويا وقد كشفت مصادر إسرائيلية بأنها تتوقع أن الدول الخليجية الست وعلى رأسها السعودية ستعلن قريبا عن عدة إجراءات رمزية تجاه إسرائيل ورفع المقاطعة عنها وأول الإجراءات سيكون السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بمختلف مسمياتها باستخدام المجال الجوي للدول الست، أما الإجراء الثاني فسيكون السماح للبريد الإسرائيلي بالدخول الى كل مكان على أرض تلك الدول، ومنها إلى إسرائيل أيضا، وهو الشيء الذي يعتبره كبار ساسة الكيان الصهيوني «خطوة تاريخية» والإجراء الثالث هو السماح لأي أجنبي يحمل على صفحات جواز سفره ختم الدخول الى إسرائيل بالدخول أيضا إلى الدول الست بلا قيد أو شرط، وسيسمح أيضا للسفن الأجنبية التي سبق لها الدخول إلى الموانئ الإسرائيلية بأن ترسو في الموانئ الخليجية وتفريغ شحناتها ومازالت الإدارة الأمريكية وفي أعلى مستويات القرار السياسي تمارس ضغطا مباشرا على دول الخليج لإلغاء مبدأ المقاطعة العربية من أساسه وذلك بإلغاء الدرجة الأولى من هذه المقاطعة، وفي حال تم ذلك فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيشهد قفزة خصوصا لميزان التجارة الخارجية الإسرائيلي مع الشركات العالمية متعددة الجنسيات، أو بالنسبة لاتساع جغرافيا السوق للسلع والمنتجات الإسرائيلية، وكذلك الحصول على مصادر طاقة زهيدة الثمن. ولذلك فمن المتوقع أن الآثار الإيجابية لإلغاء المقاطعة العربية سيمس مجمل الحياة والنشاط الاقتصادي الإسرائيلي. وقد لاحظنا منذ مؤتمر مدريد للسلام بدايات الاختراق الإسرائيلي الاقتصادي للمنطقة قبل التطبيع السياسي حيث يعتقد الاسرائيليون أنه سيكون تحصيل حاصل لسياسة التطبيع الاقتصادي والتعاون الإقليمي بين العرب وإسرائيل.
الاقتصاد الإسرائيلي:
هناك آراء للعديد من الاقتصاديين يعتبرون أن الاقتصاد الإسرائيلي صغير نسبيا وقائم على الدعم العالمي ومما لا شك فيه أن هذا الاقتصاد فقير في موارده الطبيعية من ثروات وأراضي خصبة ومياه، وبعيد نسبيا عن أسواقه الحيوية في مجالات التجارة الخارجية وهذه المعطيات أدت الى نقص نسبي في مجالات التجارة الخارجية والمعتمدة على أحد العناصر التالية:
استغلال موارد طبيعية (باستثناء البحر الميت)، سلع أساسية، إنتاج على نطاق ضخم، استخدام أيد عاملة (Commodities) رخيصة، أرض ومياه، ميزة عالية في مجال النقل، ميزة عالية في مجال التسويق وتمويل دولي. وسوف نستعرض بالتفصيل أهم المرتكزات التي يقوم عليها الاقتصاد الإسرائيلي وهي كالتالي:
أولا – العامل الديموغرافي (الهجرة اليهودية – سياسة الاستيعاب): بلغ عدد سكان إسرائيل في العام 1991م حوالي 5.1 مليون نسمة، ويبلغ عدد اليهود في إسرائيل 4.1 مليون نسمة وعامل النمو الديموغرافي الإسرائيلي قائم أساسا على مقدار الزيادة الحاصلة من جراء الهجرة اليهودية الى فلسطين، وهذه الهجرة تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي وذلك بزيادة أعباء جديدة عليه (بناء المساكن والمستوطنات، زيادة في نسبة الخدمات العامة، تفوير وظائف جديدة لاستيعاب العمالة الواردة،... وغيره) وبالرغم من أن الهجرة اليهودية تضيف أعباء على الاقتصاد الإسرائيلي فإنها من ناحية أخرى تمثل مجالا استثماريا حيويا يخفف حجم الأعباء الحاصلة، فالهجرة اليهودية تشتمل على نسبة عالية من النخب ذات الكفاءة عالية الاختصاص والمؤهلات العلمية، وتؤكد ذلك الناطقة باسم وزارة الاستيعاب والهجرة اليهودية «ايرا بن شتريت» حول ثقافة اليهود السوفييت واختصاصهم كمثال، حيث كشفت بأن الذين وصلوا ما بين شهري يناير ابريل 1990م كان عدد اصحاب المهن والخبراء 19975 شخصا، وعدد الاكاديميين واصحاب الشهادات العلمية 6629 شخصا، وعدد المهندسين 3400 شخص إضافة الى بعض من العمالة المؤهلة. إن هجرة بهذا المستوى لهي عملية حقن المجتمع الإسرائيلي بالكفاءات والاختصاصيين الذين يجدون طريقهم سريعا الى سوق العمالة، وعلى الخصوص في مجالات التقانة «الكنولوجيا» والتي تمثل عصب الصناعة الإسرائيلية، والنقطة الأخرى أن أفواج الهجرة تسمح بتدفق مستمر للموارد المالية سواء بشكل مساعدات خارجية (أمريكية يهودية) أو ما يحمله اليهود القادمون من رساميل.
وقد وصل منذ عام 1950 1985م الى إسرائيل حوالي مليونين واربعمائة ألف مهاجر يهودي، وفي نفس هذه الفترة الزمنية بلغ إجمالي الموارد المالية التي تدفقت فقط من الولايات المتحدة الأمريكية 31 مليارا و678 مليون دولار. وبحسب إحصاءات وزارة الخارجية الأمريكية فقد بلغ مجمع المساعدات الأمريكية لإسرائيل في الفترة من 1967 1990م حوالي 77 مليار دولار، أي بمعدل 16500 دولار لكل فرد في إسرائيل. وهناك علاقة وثيقة بين العامل البشري (تشمل الهجرة أيضا) وعامل التقانة (التكنولوجي) في اسرائيل تكشفها أرقام المقارنة التالية: ففي اسرائيل يعمل في مجال التكنولوجيا المدنية 43000 عامل يمثلون نسبة 14.5 في المئة من مجموع القوى العاملة الصناعية في حين يعمل في مصر في هذا القطاع 25000 عامل، ولا تتجاوز إنتاجية العامل المصري عشرة آلاف دولار سنويا في حين تبلغ في إسرائيل 58000 دولار سنويا. وهناك بعد آخر للهجرة اليهودية ذات أهمية جوهرية، وهو السعي الجاد لخلق حالة من اختلال التوازن الديموغرافي لصالح اليهود في مقابل السكان الفلسطينيين مما يؤثر إيجابيا في عملية الاستقرار والأمن داخل الكيان الإسرائيلي، ويساعد على عمليات التوسع والانتشار الاستيطاني الجغرافي بإنشاء المزيد من المستوطنات الهادفة إلى خلق واقع إسرائيلي جديد، يذيب السكان والأراضي الفلسطينية فيه.و قد بلغت المخصصات الحكومية للانفاق الشامل لاستيعاب المهاجرين اليهود في ميزانية عام 1991م نحو 5.3 مليار دولار، وهذه الميزانية تبرهن على الأهمية القصوى للهجرة اليهودية والتي تعتبر أهم مرتكزات الدولة العبرية وهناك آراء إسرائيلية تعتقد أنه في حالة الربط بين المفهومين الأساسيين لموضوع الهجرة وعملية السلام، فسوف يكون بالإمكان الوصول الى نمو اقتصادي في السنوات القادمة بمعدل 7 – 8 %.
التجارة الخارجية الإسرائيلية:
تعتبر السوق الأوروبية والأمريكية من أهم المجالات الحيوية للتجارة الخارجية الإسرائيلية وساهمت هذه العلاقة التجارية بين إسرائيل والغرب في تنشيط الاقتصاد الإسرائيلي وزيادة نسبة الصادرات الإسرائيلية إضافة إلى أن انفتاح اسرائيل الاقتصادي على الغرب ادى الى تحسين روابطها مع تلك الدول مما يزيد في التحسين النوعي للسلع توطيد العلاقات المالية والاستثمارية والسياسية.
ميزان التجارة الخارجية لأسرائيل مع الولايات المتحدة: لقد ازدادت الصادرات الاسرائيلية اليها حيث بلغت عام 1994م حوالي 4.5 مليار دولار(50) وقد استطاعت اسرائيل غزو الاسواق الاوروبية بسلعها الصناعية التي صدرت منها الى الولايات المتحدة 31 في المئة، اليابان 7.8 في المئة. وقد ذكرت وكالة فرانس برس (مؤخرا) 11/3/1995م ان المبادلات التجارية بين اسرائيل وبريطانيا وصلت في العام 1994م الى 2.2 مليار دولار، وبذلك تعتبر بريطانيا ذات النصيب الأكبر في علاقة المبادلات التجارية بين اسرائيل واوروبا الغربية.
على ضوء الآفاق الجديدة للسلام في الشرق الاوسط ومن اهم الاهداف الاسرائيلية هو تحويل إسرائيل إلى أهم مركز مالي في الشرق الاوسط بحيث تصبح الممر الرئيسي للاستثمارات سواء الخارجة من الشرق الاوسط الى العالم أم الاستثمارات الاجنبية الساعية الى دخول المنطقة وبذلك تحتل اسرائيل مكانة المركز المالي السابق لبيروت او الحالي لدبي والمنامة، وهنا نؤكد أن قوة اسرائيل الاقتصادية لا تعتمد فقط على امكاناتها ومقوماتها الاقتصادية والتقنية الذاتية، ولا في المساعدات والدعم الاميركي لها فقط بل تكمن في اللوبي الضخم المسمى الشركات الاسرائيلية اليهودية معززا بالدور الفعال للجاليات اليهودية المنتشرة في اوروبا واميركا، وعلى ذلك فان «اسرائيل ليست دولة محدودة الكيان والجغرافيا والامكانات»».
اقتصاديات الدول العربية (سمات عامة)
سنركز في بحثنا على المنطقة العربية لاسباب جيوبوليتيكية وباعتبارها كانت تمثل مركز الاحتكاك المباشر مع اسرائيل، والاخذ بعين الاعتبار أن انطلاقة الشرق الجديد ستبدأ من هذا المركز المهم وعلى الخصوص من الدول العربية المحيطة باسرائيل «دول الطوق العربي»، ثم سيتم تعميم هذا النموذج من المركز الشرق اوسطي ليحتوي الاطراف في الشرق الاوسط. ويقدر سكان الدول العربية في العام 1995 بـ 198.6 مليون.
وتبلغ نسبة البطالة 35% من مجموع القوى العاملة العربية، وتمثل فئة الباحثين والدارسين العلميين 0.001% من مجموع القوى العاملة العربية (بينما تبلغ 1.5% في اميركا) اما القوى البشرية المهنية الماهرة فتتراوح نسبتهم من 10-12% من القى العاملة العربية (بينما تشكل من 90 - 95% في الدول المتقدمة صناعيا).
ان السياسات الاقتصادية العربية قائمة بشكل اساسي على الاستهلاك وهي تستورد منتجات التكنولوجيا اكثر من الاهتمام باستيراد التكنولوجيا وبنائها. والسمة الغالبة على صادرات الدول العربية هي الوقود والمعادن التي تشكل في العديد من صادرات هذه الدول نسب عالية (97% ليبيا، 96% الجزائر، 91% في الامارات والسعودية) ليرزح العالم العربي تحت عبء مديونية يزداد باطراد ولا تستثنى الدول النفطية من هذا العبء .. وقد بلغت ديون الاردن الخارجية 6.87 مليار دولار مصر 8 مليارات دولار (بدون الديون العسكرية التي تتجاوز 20 مليار دولار) اما الديون العامة لدول الخليج الستة والناحمة عن هبوط اسعار النفط وتحملها لمعظم نفقات حرب الخليج الثانية فبلغت 107 مليارات دولار وتصل مديونية تونس والمغرب الى 65% من ناتجهم المحلي،أما الحركة السياحية في الدول العربية فدخلها المالي محدود حيث قدر حتى نهاية عام 1993 بـ 5 مليارات دولار لدول المشرق العربي 2.5 مليار لدول المغرب العربي وبلغت نسبة السياح في الشرق الاوسط 2.8% في اجمالي الايرادات العالمية البالغة 303 مليارات، وتصل أقساط التأمين في الدول العربية الى اربعة مليارات دولار من اجمالي اقساط التأمين في الدول العربية الى اربعة مليارات دولار من اجمالي اقساط التأمين في العالم البالغة 900 مليار دولار أي بمعدل 20 دولارا للفرد مقابل المعدل العالمي البالغ 145 دولارا للفرد،واقتصاديات الدول العربية عبارة عن وحدات متناثرة ينعدم التكامل فيما بينها مما يجعلها هشة وقابلة لاختراق وهيمنة الاقتصاديات الاكثر تقدما ومن المعلوم ان اقتصاديات الدول العربية مرتبطة بعجلة الحركة الرأسمالية الغربية ومن سمات العلاقات التجارية العربية مع الغرب انها علاقات محورية انفرادية عمودية على حساب العلاقة الاقتصادية الافقية فيما بينها، وتشير الاحصاءات الى ان رأس المال العربي المستثمر في الخارج يصل الى اكثر من 800 مليار دولار بينما ظلت المشاريع والاستثمارات العربية المشتركة (التبادل البيني العربي) في حدوده الدنيا 7.3% من اجمالي الصادرات و9% من اجمالي الواردات لعام 1990م ولم تزد الاستثمارات العربية البينية عن 10 مليارات دولار وقد ذكر التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1994: أن معظم الدول العربية كان قد واجه مشاكل اقتصادية في الثمانينات أبرزها السياسات الداخلية التوسعية التي ترتبت عليها برامج انفاق حكومية ضخمة مقارنة مع الإيرادات الحكومية الضعيفة مما ادى الى تنامي العجز في الموازنات الحكومية وزيادة ضغوط التضخم وارتفاع الديون الخارجية للاسهام في تحويل العجز وهناك العديد من التطورات السلبية التي اثرت في ميزان المدفوعات أبرزها ارتفاع أسعار الفوائد وانخفاض أسعار النفط والمواد الخام وعدم قدرة النظام المالي القيام بدور الوساطة بين المدخرين والمستثمرين.
ونضيف هنا عوامل أساسية أخرى مثل فساد النظام السياسي ونشوء فئة الطفيليين والسماسرة المستفيدين في إلحاق الاقتصاد العربي بالخارج هناك عوامل ذات الصلة بعدم اكتمال البنى التحتية وغياب الوجه التحديثي في الادارة والتكوين وامتلاك التكنولوجيا مما خلق واقعا اقتصاديا عربيا ممزقا ومتخلفا وهامشيا وملحقا بركب الغرب وهذه العوامل تمهد الطريق الى هيمنة اقتصادية اسرائيلية على المنطقة في سياق النظام الاقتصادي الشرق اوسطي.
المياه بين الصراع والتعاون الاقليمي في المنظومة الشرق أوسطية الجديدة
تشكل المياه احد أهم واعقد قضايا الصراع في المنطقة الشرق وسطية، وقد توقع العديد من الاستراتيجيين الغربيين وقوع حرب حتمية بسبب المياه وقد ذكر بن غوريون اول رئيس وزراء اسرائيل في العام 1955: «أن اليهود يخوضون اليوم معركة مع العرب هي معركة المياه وعلى مصير هذه المعركة يتوقف مصير اسرائيل، وإذا لم ننجح في هذه المعركة لن نكون في فلسطين»(109). ولقد وصل ماير بن ماير المفوض المائي السابق في اسرائيل الى حد التوقع «بان الحرب حتمية مالم تكن شعوب المنطقة من الذكاء بحيث تبحث معا الحلول المشتركة لمشاكل امداد المياه»(110). ونقل عن زاي اورتنبرغ رئيس هيئة بحيرة طبرية «أنه إذا ازداد نقص المياه في اسرائيل ولم تستطع التوصل الى حل المشاكل بالطرق السلمية، فلابد من حلها بواسطة الحرب. هل هناك خيار آخر؟ الماء كالدم لا يمكن العيش بدونه». وبخصوص نسبة المياه المتاحة لكل شخص سنويا في منطقة الشرق الاوسط فقد رتبها الباحث الاسرائيلي في جامعة القدس العبرية هيليل شوال كالتالي: الضفة والقطاع 165 مترا مكعبا، الاردن 300 متر مكعب، اسرائيل 300 متر مكعب، مصر 1200 متر مكعب، سوريا 1300 متر مكعب، لبنان 3000 متر مكعب، العراق 4400 متر مكعب، وفي تركيا 4500 متر مكعب. ويعتبر المعدل المتوسط للفرد 1000 متر مكعب سنويا. أما دون ذلك فتعتبر هذه الدولة فقيرة مائيا، وأكد الباحث الاردني صبحي طه في دراسة له أن المؤشرات الاحصائية تشير الى العجز المائي في الأردن، وانها دخلت مرحلة خط الفقر المائي، ذا وقد نهبت اسرائيل ما مجموعه 70 في المئة من المياه السطحية المتاحة لأردن وتستولي سنويا على 100 مليون متر مكعب من مياه نهر اليرموك، واحتلال اسرائيل لمنابع نهر الاردن واحكامها السيطرة على النهر حرم الاردن من استغلال 774 مليون متر مكعب سنويا من اصل 1.3 مليار متر مكعب مجموع الكمية المتاحة للنهر سنويا، ووفر لاسرائيل ما بين 600 -640 مليون متر مكعب. اما بالنسبة للوضع الفلسطيني فإن اسرائيل تستولي على 84 في المئة من المياه الفلسطينية. واحتلال اسرائيل جنوب لبنان كان بهدف احكام السيطرة على نهر الليطاني وروافده.
أما الوضع المائي لمصر فالامكانات المتاحة لمصر ضمن الموارد المائية تبلغ 60.7 مليار متر مكعب منها 55.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل، 4.7 من مياه الصب، 0.5 مياه جوفية، في حين المستخدم منها 59.5 مليار متر مكعب وتوزيعها كالتالي: 49.7 مليار متر مكعب للزرعة، 3.3 للاستخدام المنزلي، 2.5 للصناعة، 4 للكهرباء، (راجع قضايا دوليه عدد 235).
وتؤكد الاحصائيات او التوقعات أن مصر سوف تحتاج الى 5 مليارات متر مكعب اضافية لعام 2000 وقد نجحت مصر منذ توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل حذف موضوع نهر النيل من اتفاقية التعاون الثنائي ومن المفاوضات المتعددة في مؤتمر مدر يد، ولكن على أثر الخلاف المصري الاسرائيلي حول قضية توقيع معاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل كشفت صحيفة هآرتس عن وثيقة سرية أعدها جهاز التخطيط في وزارة الخارجية الاسرائيلية واقترح فيها جمة تدابير ثأرية قاسية بحق مصر منها «أن تطلب اسرائيل ادخال نهر النيل في المفاوضات المتعددة الاطراف حول تقاسم الثروة المائية في الشرق الأوسط». وهناك موقع آخر متوتر بسبب المياه هو منطقة المثلث التركي السوري العراقي والذي يمثل بؤرة توتر دائما في منطقة الطرف في الشرق الاوسط خصوصا إذا سعت تركيا للدخول الى التعاون الاقليمي الشرق أوسطي من بوابة المياه.
* علاقة الأمن بالتنمية في المنظومة الشرق أوسطية الجديدة:
ذكر شمعون بيريز في سياق أرائه حول الشرق الأوسط الجديد فرضية تقول «بأنه في عصر السلام سوف يتم خفض ميزانيات التسلح وستحول هذه الميزانيات الى مجالات التنمية الاقتصادي» وإذا وضعنا هذه المقولة عل محك الارقام لميزانية الدفاع الاسرائيلية سنصل الى الحقيقة الواقعية لهذا التصور، فقد بلغت ميزانية الدفاع الاسرائيلية لعام 1990 وحسب إحصائية ll.s.s 6.16 مليار دولار، ولسوريا 1.62 مليار دولار، ولمصر 1.65 مليار دولار، وللاردن 587.3 مليون دولار، ولبنان 140ألف دولار. يعني ذلك أن ميزانية الدفاع الاسرائيلية بلغت حوالي ضعفي مجموع ميزانيات دول الطوق الاربع (مصر، وسوريا، الاردن، لبنان) وقد بلغت موازنة الدفاع الاسرائيلية لعام 1995 (عصر السلام الإسرائيلي) 8.3 مليار دولار وتمثل هذه الميزانية زيادةقدرها 17.8 في المئة من مجمل ارقام الموازنة 49 مليار دولار ولا تشمل زيادة النفقات العسكرية ولا الهبات والمساعدات الأمريكية البالغة 1.8 مليار دولار سنويا ولا نفقات اجهزة الأمن والاستخبارات التي تبلغ 50 مليون دولار. وهذه الزيادة تشير الى أن الميزانية هي ميزانية حرب وليست ميزانية سلام. وقد ناقش باتريك كلوسن علاقة الامن بالتنمية في ورقته المقدمة الى مؤتمر «مراقبة التسلح والبيئة الأمنية الجديدة للشرق الأوسط» الذي عقد في اسرائيل، حيث ذكر ثلاث فرضيات غير تقليدية وهي:
1 بإمكان دول الشرق الأوسط إطالة عمر سباق التسلح على مستوياته الحالية.
2 اتفاق السلام لن يقلل من الانفاق العسكري.
3 الإنفاق العسكري المنخفض لن يقود إلى نمو اقتصادي أكبر.
وقد ربط كلوسن بين عائدات النفط السورية وقدرتها على مستوى التسلح الحالي حيث أشار الى ان عائدات النفط السورية لعام 1993 (600 ألف برميل) يوميا بلغت 3 مليارات دولار والتي بامكانها تغطية النفقات العسكرية السورية وقد اكد كلوسن ايضا أن اسرائيل تستطيع تغطية الانفاق العسكري إذا رفعت العبء الضريبي الذي انخفض بنسبة8 في المئة من إجمالي الناتج القومي بين عامي 86 /1987، وهذا سيمول الزيادة في الانفاق العسكري حتى 50 في المئة.
والثاني: فإن اسرائيل تمتلك واحدا من اعلى المستويات في الحوالات والمنح في العالم الثالث، فقد انفقت 14.3 في المئة من إجمالي الناتج القومي (GNP) عام 90 - 1991 وهذا لا يتضمن النسبة التي دفعت للمساهمة في مؤسسة التأمين الاسرائيلية التي يمكن ان ترفع المجموع 20 في المئة، يمكن تخفيض حوالاتها ومنحها الى نصف مستواها الحالي وهذا بدوره سيوفر مالية كافية لمضاعفة الانفاق العسكري. وقد ذكر كلوسن ان بلدان الشرق الاوسط تحتاج الى مقدار الزيادة في الانتاج (ICOR) الذي وصل الى 5 وحدات في الثمانينات بينما في الدول الصناعية 2.5 بنفس رأس المال، واشار الى أن عملية التسلح لها أثار ايجابية حيث يوفر الجيش للشباب تربيا نافعا وخصوصا للعمالة غير المؤهلة. وفي اسرائيل فإن الانفاق الأمني يمثل جزءا منه استثمارا وعى سبيل المثال فقد اشار يعقوب شاينين مدير عام شركة «موديلم كلكاليم» بأن الصناعات الجوية الاسرائيلية ورغم أنها تعاني أزمة خانقة، إلا أنها تصدر ما قيمته 1.2 مليار دولار سنويا بينما كل الصادرات الاسرائيلية الزراعية تبلغ 500 مليون دولار سنويا.
ونعتقد أنه من المستبعد حدوث أي تغيير على الميزانيات الدفاعية لدول المنطقة طالما أن اسرائيل تمسك بميزة التفوق في الاسلحة التقليدية واسلحة الدمار الشامل على دول المنطقة، وأيضا الصراعات الاقليمية ستجد من يشعلها لكي لا تغلق مصانع السلاح أبوبها.
المناقشة والملاحظات والاستنتاجات
من خلال قراءتنا السابقة للنظام الشرق أوسطي، سنلاحظ أنه قائم على سياسة تشطير المنطقة بمعنى فصل المغرب العربي عن المشرق العربي وعزل اليمن عن دائرة التعاون الخليجي، وتهميش ثقل ودور مصر الاقليمي، والالتفاف على الدور السوري لمنعه من التأثير اقتصاديا وسياسيا في المنطقة، ومحاولة تقليص دور ايران الاقليمي والالتفاف عليها وذلك بتوسيع دائرة التعاون الاقليمي للنظام الشرق أوسطي ليضم الجمهوريات الاسلامية لآسيا الوسطى والقوقاز، ويمكن أن يساعد الدور التركي في ذلك خصوصا إذا منحت اسرائيل تركيا دورا اقتصاديا (ويمكن ان يكون أمنيا أيضا) في النظام الاقتصادي الشرقي أوسطي. وتشير الملاحظات التالية إلى أن الابعاد الداخلية المعرقلة للنظام الشرق أوسطي الجديد مايلي:
1 البعد الجيواقتصادي: ونقصد هنا مجالات التجارة الحيوية للتكتلات الاقليمية العربية، حيث ترتبط دول المغرب العربي ارتباطا تجاريا بمجالها الأوروبي في الضفة الشمالية للمتوسط، وهذا الارتباط سيزداد احكاما في المرحلة القادمة للوصول الى الاندماج الكامل بشكل فردي لاقتصاديات هذه الدول، ويمتص هذا المجال الجغرافي الاوروبي أكثر من 0 في المئة من حجم التجارة الخارجية لمجموع دول هذه المنطقة وبخصوص دول مجلس التعاون الخليجي فإن سوقها تخضع لسيطرة شبكة معقدة من الشركات الغربية الكبرى والمتعددة الجنسيات، والتي تمتص 90 في المئة من حجم التبادل التجاري في علاقة مستقرة ومغلقة محورها عمودي مع اميركا واوربا الغربية والشرق الاقصى، وهنا ستجد اسرائيل صعوبة في التغلغل الى هذه الاسواق، اضافة الى أن نوع التفوق النسبي السلعي لأسرائيل لا تكمن في الانتاج البضاعي الذي تحتاجه هذه الاسواق ، وسيقتصر التعامل بين اسرائيل وهذه الدول فقط في مجال الطاقة (نفط وغاز) التي ستحتاجها اسرائيل بأسعار زهيدة. ويقدر الاسرائيليون حجم التبادل التجاري المستقبلي مع الدول العربية (صادرات اسرائيلية) بحوالي 500 مليون دولار سنويا، حيث تمثل هذه النسبة 2 %فقط من حجم تجارتها الخارجية.
2- إن النظام الشرق أوسطي سيجعل اسرائيل شريكا في الجغرافيا السياسية للمنطقة، وبذلك سيجتمع لاسرائيل العديد من عناصر القوة مثل الشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية. ويخطئ من يظن أن الصراع العسكري مع الكيان الصهيوني قد يهدأ، لأنه سيشتعل من جيد على الجبهة الاقتصادية في ظل مفهوم الشراكة غير المتكافئة، ونعتقد أن خطورة الاطروحات الاقتصادية الاقليمية للنظام الشرق أوسطي أنها تهدف لخلق واقع من التبعية والالحاق مركب وريد في نوعه، حيث ترتبط اقتصاديات التكتلات والمحاور العربية بعلاقة عمودية مع الغرب وتدور في فلكه، في ظل علاقات أفقية بينية ممزقة وستسعى اسرائيل لتحتل مركز هذه العلاقات، وبهذا سيصبح الوضع الاقتصادي العربي محاصرا بين فكي كماشة يصعب الفكاك منه، وستكون «كلفة الانفصال» في هذه الحالة باهظة ويؤكد الخبير الاقتصادي المصري عبد العزيز حجازي على أن «هيكلية العام العربي متخلفة وتوجد فيها اختلالات واضحة واساسية، وحين تنفتح على اقتصاديات متقدمة لا محال الا أن تصبح ملحقة وتابعة وسيتم بعد ذلك تحطيم أية مبادرة لها آفاق مستقبلية». ونشير هنا الى بعض مواقع التصادم في المشاريع الاقليمية الشرق أوسطية المقترحة والتي يمكن أن تؤثر سلبا على حالة الانسجام الداخلي للمنظومة الشرق أوسطية بمركزية اسرائيل.
أ - ان المشروع الاسرائيلي المقترح لتحويل خط تجارة النفط الخليجي باتجاه ميناء ايلات الاسرائيلي ومن ثم اعادة شحنه من الموانئ الاسرائيلية (حيفا، اسدود) الى اوروبا سوف يلغي الدور الاستراتيجي لقناة السويس مما سيصعد حدة التوتر المصري الاسرائيلي لأنه بذلك سيمس أحد أهم الشرايين الاقتصادية الحيوية المصرية.
ب - يحمل المشروع السياحي الاسرائيلي (ريفيرا البحر الأحمر) اخطر التهديدات على المستقبل السياحي لكي من مصر والاردن، و
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الشرق الأوسط Empty
مُساهمةموضوع: تابع   الشرق الأوسط Emptyالسبت نوفمبر 10, 2012 10:16 am

ب - يحمل المشروع السياحي الاسرائيلي (ريفيرا البحر الأحمر) اخطر التهديدات على المستقبل السياحي لكي من مصر والاردن، ومن ثم فإن الخيارات المطروحة أمام المصريين إما القبول بالشراكة الاقليمية للمشروع الإسرائيلي (طابا العقبة ايلات) مع تقديم كافة الامكانات والامتيازات لتوسيع هذا المشروع على حساب مشروع الريفيرا المصرية، والقبول بنصيب محدود، وإلا فإن الحرب السياحية قائمة، وبهذا فإن مصر سياحيا واقعة بين خيارين (الاحتواء أو الصدام).
ج - إن مشروع بنك التنمية الاقليمي للشرق الاوسط من المشاريع الخطرة، حيث سيساعد اسرائيل على الاستفادة من راس المال العربي (الدول النفطية على الخصوص) ثم تقوم اسرائيل بما لديها من خبرة مالية وشبكة علاقات دولية باعادة تدوير هذا المال لمصلحتها، ويمكن ان يسهم أيضا في احتلال اسرائيل المركز المالي الاقليمي الشرق أوسطي بديلا عن المراكز المالية العربية (دبي، المنامة).
د - إن معظم مشاريع التعاون الاقليمي في النظام الشرق أوسطي الجديد لا تسمح بفرص تنمية متكافئة لاقتصاديات دول المنطقة، وتعمل ايضا على تفكيك التحالفات الاقليمية العربية الهشة واحتواء كل دولة على حدة.
3 - إن علاقة الأمن بالاقتصاد في المشروع التوسعي الاسرائيلي علاقة جلية، ومن اهداف الترتيبات الاقتصادية في النظام الشرق أوسطي الجديد هو ضمان أمن اسرائيل والمحافظة على تفوقها النوعي، وعى الرغم من وجود خلل في التوازن الاستراتيجي بين العرب واسرائيل يحافظ على استمراره; امتلاك إسرائيل لأسلحة الدمار الشامل (نووية، بيولوجية، كيمياوية) إلا أن هذه الحالة لن تجلب الاستقرار في المنطقة وستفتح الطريق امام سباق التسلح في منطقة الشرق اأوسط كمحاولة لتعديل موازين القوي، لأن القوة وحدها لن تلغى الاحساس والشعور بالدونية في مقابل اسرائيل التي تظن أن سياسة الغالب بامكانها وحدها ان تضبط قدر طنجرة البخار المتفجرة للمغلوب وقد اشار الصحفي البريطاني روبرت فنسك في اندبندنت( 24/11/1994) بقوله «انه مهما كثر عدد الدول التي توقع معاهدات السلام مع اسرائيل فان الشعوب نفسها تشعر بالاذلال والنقمة وستطالب بتزايد غضبها بالحرب مع اسرائيل التي من المفترض ان عملية السلام قد انهتها الى الابد فمن بوادر هذا الصراع البارد هو رفض مصر والعديد من الدول العربية التوقيع على معاهدة الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل وربط ذلك بضرورة توقيع اسرائيل عليها».
4ـ ان محاولة اسرائيل واميركا طرح عنوان جديد ينظم علاقة المنطقة مع اسرائيل وهو العنوان الاقتصادي لا يلغي ان اصل النزاع مع اسرائيل هو سياسي ولا يمكن ايجاد حل للنزاع مع اسرائيل بعيدا عن هذا السياق وهناك تعثر في مسارات التفاوض مع اسرائيل على المستوى الفلسطيني والسوري واللبناني وترفض اسرائيل التنازل في قضايا عالية التوتر «كالمستوطنات والقدس وحقوق الارض والمياه»وستحافظ على المسار الفلسطيني بأن لا يتجاوز حدود الممنوح لسلطة الحكم الذاتي وأي حكم ذاتي مقلص». وبرأينا أن اية تسوية في المنطقة بدون سوريا ستكون هشة وغير مستقرة وعرضة للصدمات، واذا كانت اسرائيل تقوم في السابق بدور الوكيل الكامل لاميركا فانها ستسعى للقيام بدور الشريك الكامل معها وهذا يدفع اسرائيل لتحجيم الدور والثقل الاقليمي لدول المنطقة مما سيؤجج بؤر الصراع الاقليمي المستقبلي.
5ـ ان قضية المياه في المنطقة من اهم واخطر القضايا حساسية فالعلاقة التي وصلت اليها دول المنطقة في المياه علاقة صفرية وهناك بعض الدول تعيش تحت خط الفقر المائي وهذا الوضع سيزيد من التوتر الاقليمي والمحلي وخصوصا ان اسرائيل التي اغتصبت الجزء الأكبر من مياه فلسطين والأردن ولبنان تخطط لاحكام السيطرة على مصادر المياه الاقليمية استنادا الى منطق القوة والغلبة، ولكن المسألة بالنسبة للجميع مسألة حياة او موت وقد لا تخضع لموازين قوى ويمكن ان تسبب أزمة المياه في إيجاد شبكة تحالفات وتكتلات تتجاوز حدود العلاقات السياسية والتطبيعية مع إسرائيل وتشمل مناطق التصادم المائي كلا من إسرائيل والعرب وتركيا.
6ـ يحل النظام الإقليمي الشرق أوسطي سمة الغزو والهيمنة الحضارية والثقافية من خلال تغليب مفاهيم الجغرافيا والاقتصاد على مفاهيم التاريخ والحضارة والثقافة والايديولوجيا ومغزى طرح هوية وانتماء جديد للمنطقة يتمثل بالهوية الشرق اوسطية» هي محاولة لتذويب وتغييب ملامح وهوية المنطقة الحضارية لكي «نخرج نحن من التاريخ وتنصب اسرائيل في صدارته» ويعاد صياغة كل ما له صلة بتراثنا وتاريخنا وثقافتنا وخرائطنا ليتلائم مع الدول الاسرائيلي الجديد ونشير هنا الى بعض معطيات رفض الامة لمشروع الاحتواء الاسرائيلي:
أ - يمثل الدين خلفية التكوين النفسي والايديولوجي لابناء المنطقة العربية والاسلامية وهذان العاملان شكلا طوال مرحلة الصراع مع اسرائيل (والاستعمار الغربي) الاطار الذي جمع كافة عناصر القوة والتماسك الشعبي لخوض هذا الصراع وقد استقر في ذاكرة شعوب المنطقة هذا الجوهر الفلسفي للصراع والمرتبط بالميتافيزيقيا ولا يخضع للحسابات المادية حتى لو بدى ذلك ممكنا في الواقع.
ب - هناك حقيقة مطلقة مستقرة في عقل ووجدان شعوبنا العربية والاسلامية وهي أن الدولة العبرية كيان مغتصب ومحتل ومفروض عليها بالقوة الخارجية، وأن وجوده فاقد لكل المبررات القانونية والشرعية والدينية ليدخل الى النسيج المجتمعي للمنطقة.
ج - اذا نجح اليهود بتحويل ادعائهم «بالمحرقة» الى محكمة تاريخية تتمتع بفعالية ودينامية لازاحة كل من يقف عقبة في طريقهم فمحرقة شعوب فلسطين ولبنان ومصر وغيرهم حتما ستكون بمثابة السد المانع لاقامة الجسور الطبيعية مع اسرائيل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشرق الأوسط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: السنة الأولى ماستار ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1