منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحليم بيقع
عضو فعال
عضو فعال



عدد المساهمات : 102
نقاط : 300
تاريخ التسجيل : 11/11/2012

نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Empty
مُساهمةموضوع: نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية.   نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية. Emptyالخميس ديسمبر 13, 2012 3:54 pm

نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية.

"مجلة العلاقات الدولية والتنمية"، 6: 4، ديسمبر 2003.

كنود إيريك يورقنسن[1]

ترجمة: عبد الله راقدي[2]

تعيش البشرية مراجعات فكرية وأكاديمية عميقة، حيث مست مختلف الحقول المعرفية الأكاديمية. وعلى اعتبار أن حقل العلاقات الدولية من الميادين التي كانت موضوعا لهذه التجاذبات، وكوننا كمهتمين بما يجري من نقاشات في هذا الحقل. فإننا نضع بين يدى الطلبة والباحثين في هذا الحقل عملا أكاديميا يتحسس جانبا من هذا التحول. [ المترجم]

من براغ إلى استنبول

حين التقت الوفود في براغ عام 1983 بهدف مناقشة المسائل المتعلقة بتدريس العلاقات الدولية، تصادف ذلك مع نهاية عقد كامل من محاولات تمت برعاية عصبة الأمم تهدف لمعالجة القضايا الدولية من وجهة نظر أكاديمية وانطلاقا من منظور عالمي (تسيمرن 1939). وبينما تعاطت اللقاءات السابقة مع قضايا ملموسة: قضايا الاقتصاد السياسي، والأمن، والعقوبات والحياد، فإن أجندة اجتماع براغ كانت مختلفة، "حيث بدا أن وضع تعريف للحقل يتم إدراجه لأول مرة" (آمستروب 1989، ص35). لكن الحرب العالمية الثانية والانقسامات اللاحقة للعالم – فيما أصبح يعرف "بعالم الشرق"، و"عالم الغرب" "عالم الشمال" و "عالم الجنوب"- حالت دون تفعيل مشروع عصبة الأمم. ومن أجل فهم عملية نشوء هذا الحقل المعرفي، يبدو أن ثمة ضرورة تستدعي الإطلاع على الدور الذي لعبته لجنة عصبة الأمم. لكن مع ذلك فلا نجد إشارة لهذا الدور في كتب التدريس الجامعية، فضلا عن تجاهلها في كل الأساطير المشكلة لأصل الحقل.

عندما يعقد أول مؤتمر من قبل ’اللجنة العالمية للدراسات الدولية‘ بـ استنبول في عام 2005، فسوف يكون أول فرصة على الإطلاق تسمح بالمضي قدما في مناقشات ’براغ‘. إذ لأول مرة وبعد سبعة عقود تقريبا، ينعقد مؤتمر عالمي بأتم معنى الكلمة، وقد اشتركت في تمويله العديد من الجمعيات المهنية الوطنية والإقليمية. وفي هذا المقال، أود أن أتعرض إلى مسألتين محوريتين يتوقع أن تثيرهما هذه المبادرة الدولية. أولا، بالنسبة لحقل كحقل العلاقات الدولية، فمن البديهي أن يكون لما يسمى "بالمؤتمر العالمي بما تحمل كلمة عالمي من معاني" وقع ما هو صحيح بما لا يحتاج معه لإثبات. إذن، فلماذا لا يجدر بحقل مثل حقل العلاقات الدولية أن يكون عالميا بأتم معنى الكلمة؟ إن ما هو معروف على مدى سبعة عقود هو عدم اتصاف حقل العلاقات الدولية من حيث المظهر بالخاصية العالمية. وعليه يكون هدف المقال استعراض وجهات النظر المتنافسة حول واقع الحال في الحقل –القيام بتشخيصات- فضلا عن تقديم تعريف للمشكل محل النقاش، وبذلك فهو يهدف بدوره إلى تحديد الأهداف التي عقد المؤتمر من أجلها. ثانيا، يؤدي تشخيص المشاكل إلى تصور معالجة لجوانب القصور الواردة. بعبارة أخرى، أي من الوصفات العلاجية يمكن أن تنحو بالمشاكل جانبا؟ وفي هذا السياق يجب أن نتذكر بأن هدف جعل الحقل عالميا بأتم معنى الكلمة يمكن تحقيقه إذا ما توافرت لدينا الإرادة في مواجهة عديد الأخطار التي تعترضنا طوال مسار البحث. وإلا فسيكون المسلك مزودا أكثر بما هو ضروري لقلب المشروع رأسا على عقب. وعليه سيكون الهدف الثاني للمقال تقديم وصفات علاجية. وفي الأخير، أختم المقال بعرض بعض المنظورات.

واقع حال حقل العلاقات الدولية: التشخيصات السبعة

إن أي تشخيص لحال القضايا الراهنة يجلب معه صور الماضي والتصورات المستقبلية. لذلك لا يجب أن تكون هذه التشخيصات محل اعتراض بالخصوص بعض منها أكثر من الأخرى. نجد في أغلب التشخيصات السبعة الكلمات المفتاحية المتداولة هي: السيطرة، الهيمنة، والقوة المنضبطة، وعلى مستوى آخر، التنوع، النزعة العالمية، وضيق أفق التفكير. ويقود كل تشخيص إلى بروز مجموعة أسئلة متميزة للمناقشة وإلى فرص تسمح بالمرور إلى نطاق الفعل.

القــــوة

ربما يكون التشخيص الأول سهلا للوصف. ويأخذ نقطة انطلاقه من ملاحظة تحمل تصورا مفاده أنه: يبدو أن ثمة نوعا من العلاقة المباشرة بين السلطة السياسية والحقل المعرفي. ولقد كان سميث (2002) دوما واضحا بخصوص هذه العلاقة، حيث يستخدم عنوان فرعيا "بلد مهيمن على العالم يستلزم حقلا مهيمنا عليه" لواحدة من دراساته حول الولايات المتحدة الأمريكية وحقل العلاقات الدولية. وتعتبر هذه القضية مثيرة للاهتمام بفضل تطبيقاتها الواسعة. وهكذا، طالب الليبراليون البريطانيون، أيام سلم بريطانيا Pax Britannia (في القرن 19) بكراسي أستاذية على مستوى المعاهد المتخصصة، وبذلك برزت إلى السطح ملامح الحقل المعرفي. لكن بعد الحرب العالمية الثانية وبالموازاة مع تنامي الهيمنة الأمريكية، بدأت العلاقات الدولية تزدهر في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث أصبحت هذه الأخيرة علما اجتماعيا أمريكيا، أو لنقل أنه، بحسب هوفمان (1977) تم بعثه –علم العلاقات الدولية– في صورة علم اجتماعي في طبعة أمريكية. وحتى العلاقة الخاصة التي تقيمها المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقتها التي شهدت تراجعا مع القارة الأوروبية تبدو أنها قد انعكست على علاقة الجماعة العلمية البريطانية للعلاقات الدولية مع مثيلتها الأمريكية والأوروبية على التوالي. ولقد عرض هولستي (1987) تشخيصا آخر، مبرهنا فيه على أن الحقل محكوم بالقواعد الأنجلو-أمريكية المشتركة. وما يدعم هذا التشخيص باختصار، هو أنه في مجال النفوذ السوفيتي، فإن المتخصصين في الدراسات السوفيتية ضمن حقل العلاقات الدولية درسوا في الجامعات. لذا يبدو أن السلطة السياسية تؤثر في تشكيل الحقل وتوجهاته. وإذا كان هذا التحليل صحيحا، فعلى الأقل قد يترتب عليه نتيجتين هامتين: أولا، يبدو أن تبني المقاربات التي تعنى بالشؤون الخارجية في كتابة التاريخ الدبلوماسي يجد ما يبرره في ظل النقاش الحاصل بينها وبين المقاربات التي تعنى بالشؤون الداخلية. ثانيا، أنه إذا كانت العلاقة بين السلطة وحقل العلاقات الدولية محكمة وموجهة كما تطرحه تلك الافتراضات، فمن السهل توقع استمرار هيمنة النخبة الأمريكية، بل وربما يمكن أن تتحول إلى إمبراطورية (هايسنر 2002). في ظل هذا السيناريو، ستكون وظيفة لقاء استنبول (في إطار حقل العلاقات الدولية) مشابها لوظيفة الأمم المتحدة الحالية في الساحة الدولية، فعلى سبيل المثال، سوف يقوم سواء بشرعنة مصالح ومعايير وقيم الولايات المتحدة الأمريكية أو يصبح وببساطة غير ذي جدوى. وسيكون لقاء يجمع بين "أصحاب- الماركة التجارية" من أجل "إعفاء مالكي رخص الاستغلال" (باستعارة عبارات براون، 2001) أو سيتم إلغاءه (لقاء استنبول)، مع إرفاقه بنصيحة مفادها: التحق بالجمعية الأمريكية للعلوم السياسية(APSA) أو جمعية الدراسات الدولية(ISA) . على أية حال، ولأن تطورات الحقل المعرفي محكومة بالقوة، فلا يوجد سوى القليل نستطيع القيام به.

الصور- الذاتية

تظهر الروايات المتعلقة بأصل حقل العلاقات الدولية وبالكيفية التي تطور بها اختلافات جوهرية. ففي حين يركز البعض على النقاشات النظرية الكبرى. يسلط آخرون الأضواء على "المستويات الإبستمولوجية"، ليتوصلوا في النهاية إلى القول أن المستوى المعاصر يعتبر الجيد مقارنة بالمستويات الأخرى. لا تزال نقاشات أساسية مستمرة بين ثلاثة مدارس: المدرسة الميكيافلية، الغروشيوسية Grotian، والكانطية Kantian. من ناحية ثانية، يسلط التشخيص الثاني الضوء على الهوية الإحترافية وعلى الصور-الذاتية. ولقد حدد سميث (1995) عشرة صور ذاتية للحقل. الصورة الموحدة، تعتبر غنية لكنها أيضا جد مدمرة، لا سيما كونها تركز على المزايا النسبية لكل صورة وبذلك فهي تشير إلى حدودها. في تقديري قد نجح سميث (1995، ص.1) في تحقيق مسعاه المثير حول إظهار "كيف أن تاريخ النظريات الدولية، لاسيما طرق تصنيف الفكر الدولي، قد خلقت فهوما وتفسيرات تحظى بالأولوية، بعبارة أخرى أضحت هي وحدها الأصلية والمسيطرة دون غيرها من الفهوم. مع ذلك، دعونا نشير إلى جانبين هامين من هذا القصور. يتعلق القصور الأول بوجهة النظر التي ترى بأنه يمكن تحليل الصور–الذاتية لحقل العلاقات الدولية انطلاقا من التقسيمات الرئيسية ومن تصنيفات نظرية العلاقات الدولية. قد تفترض المعرفة السياسية الدولية وعالم السياسة صيغة "النظرية" لكن في بعض الأحيان/أو الحالات لا تأتي في هذه الصيغة. إن تفضيل تصور نظري معين قد يحمل معه تجاهلا غير مبرر لصيغ معرفية أخرى قد تكون أيضا مهمة في تحليل الصور-الذاتية. أما وجه القصور الثاني، فقد ورد في مقالة سميث المعنونة "الصور الذاتية للحقل المعرفي". رغم إسهام سميث في موضوع الصور الذاتية، يبقى مع ذلك تصوره محدودا بخصوص مسألة الذات. إن المشكلة مع الصور–الذاتية تمت صياغتها حصريا في إطار الجماعة العلمية الأنجلو-سكسونية، وبالنتيجة انحصر ذلك على الباحثين في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. كمثال على ذلك، ويا للمفارقة، رغم أن سميث قد ادعى أن تصوره اعتمد على النظرية الاجتماعية الأوروبية، فقد أدرج بصعوبة إسهامات الباحثين من بقية أجزاء العالم (ينسحب ذلك أيضا على الكتاب الذي شارك سميث في إنجازه). وبذلك، أعاد سميث صياغة الصورة–الذاتية للحقل المعرفي وفق التقليد الأنجلو-أمريكي.

الهيمنة

عدت دراسة هولستي (1987) المتعلقة بنظرية العلاقات الدولية مرجعا يعتد به لأكثر من عقد. في سياق ذلك، لخص بدقة العنوان الفرعي: "الهيمنة والتعدد في العلاقات الدولية" الذي تضمنته دراسة هولستي خلاصة وجهة نظره حول الهيمنة والتعدد. حيث يرى فيه بأن الهيمنة ستسود بينما التعدد لا يتجسد إلا في شكل محدود. ومع ذلك، فإن الهيمنة موضع الدراسة هي محصلة تفاعل أنجلو-أمريكي وليست هيمنة أمريكية خالصة. بعد إحدى عشر سنة من دراسة هولستي، خلص ويفر (1998) إلى نتيجة مفادها أن حقل العلاقات الدولية، " ليس بحقل معرفي ذا صبغة دولية". ومتوقعا أن تظل الهيمنة الأمريكية قائمة. وعلى نفس المنوال خلص سميث (1985؛ 2000؛ 2003) – مثله مثل كراوفورد و جارفيس (2001) إلى استمرار الهيمنة في الاستئثار بالاهتمام المطلق بالحقل. بإيجاز، يخضع الحقل للهيمنة الأمريكية ومن المحتمل أن تستمر تلك الهيمنة. يجدر بي أن أشير إلى أن ويفر يتوقع بأن الهوس الأمريكي المعاصر بمنظور الاختيار العقلاني سيغير واقع حال الحقل، ليساهم في إرساء جماعة علمية عالمية متعددة الأقطاب في حقل العلاقات الدولية. لكن مثل هذا السيناريو لن يتحقق إلا إذا كنا نتوقع بأن يكون المستقبل شبيها بالماضي.

علم الاجتماع

لقد خرج جيبرسن، ووندت و كاتزنستين، عن التقليد البحثي المتعارف عليه في الحقل عند تصميم المخطط البحثي ’ثقافة الأمن الداخلي‘ بحيث شددا على المشاركين في المشروع بضرورة الالتزام باستخدام المقارنة كونها الأداة المستخدمة حاليا في العلوم الاجتماعية." مع ذلك، فحين يحاولون إعطاء تفسير – فهم يندرجون في العلم السوي [عبارة يستخدمها توماس كون لوسم الحالة الطبيعية للعلم قبل وبعد الثورة المعرفية، التي تحدث تغييرا في المواضيع والمناهج] مع ما يحمله من رغبات دفينة (جيبرسن، ووندت، وكاتزتنستاين 1996، ص 65). في نفس السياق، أوضح مورافسيك الأسباب التي جعلت مثل هذا الكتاب يخفق في تقديم ما ألف لأجله: إنه الغياب شبه الكلي لعنصرين حاسمين من العلوم الاجتماعية: كل منهما صمم ليجعل التخمينات في وضعية خطرة، وهذان العنصران هما: (1) فرضيات مميزة قابلة للاختبار، (2) مناهج لاختبار بعض الفرضيات مقابل النظريات البديلة أو الفرضيات المعدومة المتعلقة بسلوك الدولة العشوائي (مورافسيك 2001، ص. 177). أخيرا، بالنسبة لكاتزنستين، وكيوهان، وكراسنر فيعتبرون مسعى العلوم الاجتماعية يعمل كمحور يفصل بين تيار البنائيين النقديين عن تيار ما بعد الحداثة. في هذا السياق، يرى التيار الأول (البنائيين) أن ثمة إمكانية لقيام علم اجتماعي (كاتزنستين، كيوهان، كراسنر1998، ص. 677)، حيث سقط التيار الثاني (ما بعد الحداثة) بعيدا عن مسعى العلم الاجتماعي (كاتزنستين، كيوهان، كراسنر1998، ص. 678). وتشكل تلك الاقتباسات تصورا قويا وعميقا جدا لما يتوجب أن تكون عليه العلوم الاجتماعية. وهناك تبعية كبيرة جدا لهذا التوجه في العلوم الاجتماعية. وفي سياق هذا، يجدر الانتباه إلى أن هوفمان (1977) وسم حقل العلاقات الدولية بأنه لا يعدو أن يكون سوى علما اجتماعيا أمريكيا. وينحو سميث وجهته –ومن وجهة نظري كان محقا– حيث يلفت النظر إلى أن العلوم الاجتماعية محل الدراسة ما هي إلا نسخة غريبة، حيث طورت ابتداء من الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها العلم الاجتماعي الوحيد الصحيح (سميث 2002؛ وأيضا ألكسندر 1997: ص ص: 65-89). فعلا، يعتبر تحليله –سميث- نقطة انطلاق واضحة بغرض تحليل المكاسب والتكاليف الناتجة عن التعامل مع حقل العلاقات الدولية على أساس أنه علم من العلوم الاجتماعية – فضلا عن قبول مكاسب وتكاليف النسخ المتعددة لعلم الاجتماع.

على النطاق العالمي، تأخذ العلاقة بين حقل العلاقات الدولية وبيئته المعرفية أشكالا متعددة. ويمكن تحديد أربعة نماذج على الأقل. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تعد العلاقات الدولية إحدى التخصصات الدراسية. وكمتغير مرجعي، فإن قوانين العلوم الاجتماعية جاهزة للاستخدام متى دعت الضرورة لذلك. وتعرض مجموعة المفاهيم ذات الدلالات الخاصة برنامجا يساعد في عملية التحليل. وفي بريطانيا، يوجد أقسام العلاقات الدولية جنبا إلى جنب مع أقسام علم السياسية، السوسيولوجيا، التاريخ، لكن مع ذلك نجد أقساما مختلطة تجمع حقل العلاقات الدولية وعلم السياسة. أما في فرنسا فلم يتم وضع تصور موحد لعلم السياسة، ما جعل الباحثين الفرنسيين يتحدثون عن علم السياسة بصيغة الجمع (علوم سياسية). وخارج هذه النماذج الثلاثة قد نصادف كل الصيغ السابقة مجتمعة، حيث يوجد التخصص في بعض الأحيان ضمن قسم القانون، أو السوسيولوجيا، أو التاريخ، أو الفلسفة. إذا ما كان السياق ذا أهمية، فيجب علينا أن نتوقع بأن التنظير في العلاقات الدولية يعكس المحيط الذي يتم التنظير في إطاره. ويزعم سميث (2002) بأن الأشكال التي تأخذها الحقول المعرفية المختلفة في المملكة المتحدة تقود نحو التعددية، بمعنى غياب تقليد نظري موحد، وهو ما ينسحب على النموذجين الفرنسي والياباني (إينجوشي وبيكون 2001؛ جيزن 2004)، ولو أن التعبير الذي استعملته أقل حدة مما ورد في عمل سميث. لكن في العموم، يندر أن نجد الدراسات تعنى بتحليل مزايا (وعيوب) العلاقات القائمة بين حقل العلاقات الدولية وبين بيئاتها المعرفية.

ما بعد الهيمنة

لقد كان كل من الباحثين ’قروم‘ و ’ماندفايل‘ جريئين في تحدي وجهة النظر التي ترى أن الهيمنة هي ميزة حقل العلاقات الدولية، حيث طرحا سؤالا فحواه "ما الهيمنة؟" ففي هذه الفترة بدأت تتشكل نواة "جماعة حقل العلاقات الدولية العلمية الأوروبية"، إنها –الجماعة- مفعمة بالحياة وفي حالة جيدة وتنشط في الأغلب داخل مجال الاتحاد الأوروبي، ... "لا توجد" ... أشكال متعددة للهيمنة أو ’هيمنات‘متعددة، قد يكون الوصف أحيانا صحيحا، وينسحب إلى ما وراء حدود الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية" (2001، ص. 163). توصل يورقنسن (2000) أيضا إلى خلاصة مماثلة فيما يتعلق بالجزء الأوروبي. وماذا بخصوص أمريكا اللاتينية واليابان؟ ففيما يتعلق بأمريكا اللاتينية حسب تيكنر (2003) فإنه رغم وجود تأثير قوي للولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بتعريف نظرية العلاقات الدولية على مستوى التدريس، فإلى حد ما، تظل النظرية السابقة الموظفة. بخصوص النظرية ما بعد وضعية، لم تنتقل بسهولة من الولايات المتحدة الأمريكية نحو أمريكا اللاتينية، وهو ما ينسحب أيضا على المنظور العقلاني حتى في صيغه المرنة. وحينما أدرجت مثل هذه المواضيع في ميدان البحث، كان تأثير الولايات المتحدة الأمريكية عليها ضعيفا. وبحسب كل من إينجوشي و بيكون (2001) فقد كان التأثير الأمريكي ضعيفا في اليابان كونه كان بعيدا جدا عن موضوع "النقاشات النظرية الكبرى" (باستثناء صداها الآتي من مكان بعيد جدا). وحيث حصل تطور داخلي لثلاثة بين أربعة اتجاهات بحثية، فإن ثلاثة منها نشأت وتطورت محليا. وحتى سميث، الذي كان لعقود منتقدا للهيمنة الأمريكية، لم يتوان في الإشارة -بشكل يتناقض مع خطه الأساسي في التشخيص- إلى أن العديد من مظاهر حقل العلاقات الدولية ليست سائدة خارج الولايات المتحدة.

هذه الصورة لا نجد لها أثرا في باقي بلدان العالم حيث حقل العلاقات الدولية حقل متعدد المواضيع، وحيث لا مقاربة نظرية واحدة مهيمنة. وفي معظم أجزاء العالم لاسيما في أوروبا وأستراليا تبقى العلاقات الدولية مترددة في تقبل أن يكون كل من الاتجاه الوضعي والتصورات المشتركة جديرين بأن يعتد بهما كمعيار واحد عند تقييم نوعية العمل الأكاديمي، هناك صنف واسع من الأعمال ينظر إليها على أنها شرعية قياسا مع الأعمال المنجزة في إطار الاتجاه الغالب لهذا الحقل المعرفي ضمن الأدبيات الأمريكية. في سياق نشط جدا تستطيع واحدة من النتائج -في إطار جماعة علمية حيوية ومثيرة- أن تقدم إجابات متنوعة للكثير من المشاكل ولخصائص النسق السياسي العالمي المعاصر (سميث 2002، ص. 81).

في السياق البريطاني، قام سميث بمقارنة بين المجموعات العلمية المنتمية لحقل العلاقات الدولية في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وقد خلص إلى "وجود جماعة المملكة المتحدة" في حالة جيدة من المهنية قياسا بمثيلتها في الولايات المتحدة الأمريكية (سميث 2000، ص. 398؛ وأيضا أنظر دون 1998؛ بوزان 2001). باختصار، رغم أني لم أتوقع أن أحصل على قراءة شاملة فمع ذلك -تبدو الهيمنة وكأنها مفهوم مضلل جدا لواقع الحال. فإذا كان هذا هو واقع حال الحقل، يجب أن تجرى الكثير من الدراسات المقارنة على مجموعة من الجماعات الدولية العلمية. يجب أن تجرى المقارنات وفق ما اقترحه كل من هاولدن (2004)، إينجوشي وبيكون (2001) وسميث (1985، 2000)؛ أيضا أنظر كراوفرد وجارفيس2001( - من أجل أن يكون الاتصال ما بين – الجماعة ممكنا وذا معنى. على أية حال، تعتبر صورة الهيمنة شرطا للقيام بعملية التوجيه- الذاتي.

وسواء يجدر أن نرحب "بما سيأتي بعد الهيمنة أم لا" فمن الواضح أنها تتوقف أساسا على ما يحتمل أن يعوضها. ولقد رأينا في ما سبق عددا من التشخيصات الواعدة. لكن هل كل تلك التشخيصات هي كل شيء؟ وهل من غير الممكن أيضا تصور سيناريو التجزئة، على سبيل المثال خلق جزر عالمية لمختلف الحقول، وللنظريات وللمفاهيم؟ في هذه الحالة، من المحتمل أن يؤدي وجود الكثير من الحقائق المحلية إلى القليل قياسا مع الاحتكاكات المثمرة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي نشوء وأفول [أو ما هو حاصل حاليا] سلطة أكبر للجماعة العلمية في حقل العلاقات الدولية، مع وجود مبرر الاعتراف بالاختلاف، ومع ظهور "أصوات" تدعوا إلى التعددية العالمية إلى اتجاه خاطئ. رغم أن تشخيص "ما بعد الهيمنة" يمكن أن ينظر إليه كسيناريو تجزئة مثير للمخاوف، لكن مع ذلك يحق لنا التساؤل عما إذا كان هذا التشخيص لا يقدم لنا وصفا دقيقا لواقع الحال في الحقل. فعندما نقرأ كلمة "حقل معرفي" يتبادر إلى أذهاننا كما دأبنا على ذلك دوما "الحقل المعرفي أنجلو-ساكسوني"، رغم أن نطاق امتداد هذا الحقل المعرفي أصبح عالميا. كما أن هناك الكثير من الجماعات العلمية التي تعمل على تنمية الحقل بطرق تضفي معنى على مساعيهم. وبعبارة أخرى، فإن التصورات المعرفية للحقل تحظى بحدود بينية فاصلة معترف بها بشكل متبادل، وعبارة "بشكل متبادل" أثبتت أنها بحق ظاهرة مرنة.

التشخيص الإيجابي

خلافا للاتجاه العام السائد، فقد تم في هذا المقال البرهنة على أن للمجموعة العلمية الأمريكية للعلاقات الدولية بعد عالمي متأصل. ويظهر ذلك بطرق مختلفة. على صعيد التنظيم، فإن جمعية الدراسات الدولية ISA تمارس دورا "شبه عالمي"، بحكم عضويتها المفتوحة. ومثلها مثل الجمعية البريطانية للدراسات الدولية BISA، تعتبر ISA من بين أكثر المنظمات المهنية المفتوحة في العالم. بحيث يمكن لجميع أعضائها الحصول على موقع في الجهاز التنفيذي، فضلا عن ذلك لطالما كان رؤساء ISA غير أمريكيين. أيضا، وسعت ISA صلاتها مع من يشتركون معها في الاهتمامات البحثية من خارج أمريكا الشمالية، كما نمت علاقات ثنائية مع جمعيات من كل أنحاء العالم تعمل في ذات المجال، سواء في إطار ثنائي أم متعددة الأطراف. خلافا لذلك، تبدو المنظمات المهنية العاملة في حقل العلاقات الدولية على المستوى الأوروبي أكثر تقوقعا، بالنظر لآفاقها المنحسرة وطنيا أو أوروبيا. على صعيد الاتصال تمتلك ISA العديد من المجلات الذائعة الصيت. أخيرا، هناك اعتقاد قوي جدا بوجود انفتاح أكاديمي عالمي لحقل العلاقات الدولية الأمريكي. إذا ما كانت الجماعة العلمية الأمريكية تتوفر في حقل العلاقات الدولية على سلطة علمية كبيرة، وإذا كانت واحدة من وظائف القوى العظمى إرساء وصيانة وضع الهيمنة، على مستوى أجندات (برامج) البحث، تحديد قواعد اللعبة والمعايير التي يحدد على أساسها المدى الذي يمكن به اعتبار نظرية ما نظرية جيدة، وبشكل عام، يتعلق الأمر بتقديم بضاعة جيدة عملية للاستعمال، إذا كان الأمر كذلك، فإذن، لن يكون هناك مبرر لإطلاق صفارات الإنذار. باختصار، من الممكن وجود حجة، عكس الهالة المثارة، مفادها أن المشكلة ليست بهذا القدر.

حدود النزعة العالمية

حين نتعاطى مع قضايا التنوع، والانفتاح العالمي، وضيق أفق التفكير، يبقى التشخيص متمحورا حول السيطرة أو الهيمنة، لكن بأشكال أخرى. في سياق ذلك، يرى براون بأن (2001، ص. 216)، "نمط التفكير القائم في حقل العلاقات الدولية المعاصرة يتميز أساسا بالانفتاح العالمي. وتعتبر الاستعدادات الفكرية القائمة في الولايات المتحدة عالمية التوجه، وهي تلتزم برفض إنزال وجهات نظر وطنية معينة منزلة الحظوة – بل وترفض أكثر الأفكار الداعية إلى وجوب أن تحصل وجهات نظر وطنية على شرعية فكرية ما. وعلى نفس المنوال، خلص فالبيورن (2004) إلى كون الحقل كان يقوم على أساس عمى الثقافات (عدم الانحياز الثقافي)، وأصبح يواجه الآن مخاطر العمى الثقافي (الانحياز لثقافة ما ورؤية الأمور من منظورها). وأكد على أنه لم يكن لنظريات العلاقات الدولية تركيز قوي (إذا كان هناك تركيز في الأصل) على الثقافة. ولم يكن المنظرون واعون حتى بالبعد الثقافي المتضمن في نظرياتهم. من جانب آخر، ومع تنامي الوعي الثقافي –التحول نحو الثقافة- تواجه نظريات العلاقات الدولية تحدي التحول بالكامل نحو نظرية ثقافية معينة.

لا تكمن المشكلة في طريقة التعبير عن هذا التشخيص، مع ذلك من السهل ملاحظة كيف أن نمط التفكير العالمي يرى بأن المقارنات التي تجرى بين المجموعات العلمية في حقل العلاقات الدولية وأشكال التواصل بينها تعتبر غير مناسبة. إحدى التصورات المسيطرة والتي تعتبر مع ذلك محلية تنظر لنفسها على أنها عالمية، لا يمكن لها بذلك أن تقر بوجود تصورات أخرى. وبدلا من ذلك، أعيد إنتاج الأساطير المؤسسة ومسارات التطور بأدوات إجرائية قياسية. وحيث اعتنق الطلبة أفكار أساتذتهم جيل بعد جيل. وتحدد النزعة العالمية اللعبة، والشروط التي تقيد حركة اللاعبين فضلا عن المحصلات. يجدر اعتبار أجندة البحث المقترحة من قبل هولدن (2004) بغير المناسبة. فحين تجمع مع تصور ضيق لعلم الاجتماع، يصبح توليفة قوية جدا تدفع المواجهة التي تلقي العبء الإستراتيجي لإيجاد إثباتات وبراهين على الخصوم.



العلاجات الست: فيما يتعلق بالنظرية وبصيغ الممارسة الثلاث.

الوصفة العلاجية الأولى:

بعد عرض ملخص لسبعة تشخيصات حول وضعية حقل العلاقات الدولية، حان الوقت للتفكير في توصيف العلاجات الممكنة. وبينما سأتعاطى مع قضية العلاج سيكون تركيزي منصبا على العلاقات القائمة بين النظرية والممارسة. في سياق ذلك تفترض الكثير من الإسهامات في هذا الحقل المعرفي أن العلاقة تخص النظرية (الأكاديمية) وممارسة الدولة (التي تتجسد في سياساتها). في هذا الاتجاه، وفي معرض ثناءه على آرنولد وولفرز قدم لنا طومسن فكرة شائعة قائلا: "لقد كان [آرنولد] بارعا في جعل النظرية توافق الممارسة وفي جعل تحليل السياسة يثمر استبصارات تساهم في تنقيح النظرية" (طومسن 1992، ص. 48). من المؤكد، أن العلاقة التفاعلية جيدة قياسا مع العلاقة غير التفاعلية، لكن مع ذلك، هل يجب أن تكون النظرية متوافقة مع السياسة، ذلك يقودنا لسؤال آخر في السياق ذاته وهو: أية سياسة نتحدث عنها؟ وفي هذا الصدد هل هذه العلاقة لعبة صفرية بالضرورة (والاس 1996)؟ فيما يلي، أود تفادي هكذا مشكلات كلاسيكية. وعليه، أسعى إلى التمييز بين ثلاث أشكال من الممارسة. يتعلق الشكل الأول بممارسات الدول، وهي معروفة جيدا (رسم السياسة)؛ أما الشكل الثاني فيخص تلك الممارسات التي تحصل في المجتمع والتي لها صلة بالشؤون الدولية (على سبيل المثال، العمل السياسي والفكر [السياسي] الدولي)؛ أما الشكل الثالث فيتعلق بالممارسة الأكاديمية، سواء أكان الباحثون بصدد التنظير أو تحليل قضايا إمبريقية، أم أنهم بصدد القيام بالنقد الذاتي. مثل هذا التصور الواسع للممارسة من المنطقي أن يمكن من الاحتكاكات بين النظرية والممارسة. بل وأرى أن تقديم تصور أوسع يجعل الاحتكاكات الممكنة مثمرة أكثر.

تبدو الوصفة العلاجية المقدمة بالنسبة للكثير من القراء قاسية نوعا ما، كونها تذكر ببعض مفاهيم الفوضى المرتبطة بالعصرنة، والتي تقول بأنه: من أجل الشروع في بناء جديد، يجب أن يتم هدم كل شيء. على أية حال، فقد قدم براون (2001، ص. 218) الوصفة التالية: "إذا ما أردنا حقا ترقية التنوع الفكري على المستوى الدولي، فستكون الخطوة الأولى الحاسمة هي العمل على تفكيك العلاقات الدولية "كحقل أكاديمي".

المبرر الذي تستند إليه الوصفة المقترحة من طرف براون هو أن: "الفكرة التي نحن بحاجة إليها حاليا في حقل العلاقات الدولية قد تكون متضمنة في هذا المنظور" (نفس المرجع). ومع ذلك فإن مثل هذه الفكرة لا تعتبر حكرا على براون. ففي سياق ذلك يرى كل قريفيثس و أوكالاهان (2001، ص. 188) "أن فكرة حقل العلاقات الدولية ليست سوى ضيق أفق في التفكير تنَكَّر بقناع حقل عالمي للبحث، مما جعلهم يحبذون "نهاية حقل العلاقات الدولية". ومن وجهة نظري، تعد هذه الوصفة قاسية لكنها تبدو كعلاج مناسب. فبالموازاة مع ذلك فهي تساهم في التخفيف من تأثير مشكلتين. من جهة، تقلل هذه الوصفة العلاجية من النزعة العالمية التي تسببت في تنكر الحقل وراء قناع زائف [أي قناع ادعائها العالمية في حين أنها ليست كذلك]، وهذه النقطة بالذات كانت موضوع الانتقادات الموجهة للحقل. ومن جهة أخرى، يمكن أيضا للعلاج أن يزيد من فرص الاعتراف بالحقل خارج النطاق الأنجلو-أمريكي. سيكون لهذا العلاج أولا وقبل كل شيء أثر على الجانب النظري، غير أنه من المحتمل أن تحسن التصورات الجديدة من فهمنا لممارسات الدولة والمجتمع كونها تساعدنا على تحديد ما نسعى إليه.

الوصفة العلاجية الثانية:

العلاج الثاني يعتبر أقل قسوة، مع ذلك يتطلب وقتا معتبرا وموارد بشرية. بعبارة أخرى، يقتضي الحصول على تمويلات ضخمة. يمكن التعبير عن هذه الوصفة "بإعادة اعتبار شاملة لتاريخ الحقل". في سياق ذلك تعتبر "المطارحة السياسية للفوضى" لـ شميدت (1998) واحدة من الإنجازات الأساسية كونه أورد أدلة مقنعة تثبت أن تواريخ الحقل صبغت بما أطلق عليه شميدت الاتجاه الحضوري، على سبيل المثال "التأريخات" أو عمليات التأريخ تم القيام بها من موقع ما (الوقت الحاضر) عند استعراض تطورات مطردة (حينها يضع الباحث نصب عينيه أنه في أفضل العوالم الممكنة). في هذا الصدد، ينظر للنزعة الحضورية كحالة مرضية يمكن علاجها بوصفة خاصة (المقاربة الداخلية التوجه التي يؤيدها شميدت). في اعتقادي يعتبر نقد شميدت مقنعا وأن روايته تمثل "دليلا جيدا". لكن هناك مشكل، فحسب شميدت، لا توجد وجهة نظر تأتي من فراغ " (2003) إذ وفق هولدن (2004)، لا يمكن تجنب النزعة الحضورية، "كون الروايات يتم سردها من موقع ما" [بمعنى تكون قراءة المؤرخ السياسي للأحداث متأثرة بالسياق الحالي، أي أنه يرى الماضي بعيون الحاضر]. ولأن كلتا الحجتين مقنعتين فإننا إذا في ورطة. إحدى الحلول هي أن نعترف بأننا في حقل يتسم بتنازع الرؤى بالضرورة، وبأننا إزاء روايات مختلفة حول أصول، وتطور، ومستقبل الحقل. لكن هذا الحل يطلب منا أن نحتفي بالاختلاف من أجل الاختلاف وبالتالي فهو غير مقنع. الحل الأكثر إقناعا هو أن "نتفق" مع تحليل شميدت على أن "نختلف" مع استنتاجاته. بعبارة أخرى، أن نوافق على سرديات يغلب عليها الاتجاه الحضوري (الذي لا يمكن تفاديه) ولكن ألا نوافق على إمكانية تطوير مقاربة محايدة. ومن أجل ذلك يجب تشجيع شميدت على التفكير بعمق في وجهة نظره الأرخميدسية (اتجاهه الحضوري)، فضلا عن ذلك، يجب تشجيع كل من سميث و هولدن في التفكير في المعيار الذي يحدد بواسطته أي الاتجاهات الحضورية هي الأفضل؟ على سبيل المثال، يبدو أن كلا من سميث وهولدن يوافقان شميدت على أن النقاش النظري الأول (المثالية مقابل الواقعية) ليس سوى نقاش مصطنع بهدف خدمة أغراض محددة.

الوصفة العلاجية الثالثة:

وحالما نجد حلا للمشكل، سيكون بمقدورنا المرور إلى الخطوة التالية. في سياق ذلك طور شميدت منهجية لتاريخانية العلاقات الدولية ثم قام بتطبيق هذه المقاربة على حقل العلاقات الدولية الأمريكي (1998)، بل ورأى أن مقاربته صالحة على المستوى العالمي: "قد تساعد الرؤية من الداخل في حال مقارنتها بالرؤية من الخارج –وذلك في إطار الكيفية تطور بها الحقل- في توضيح الاختلافات الوطنية حول كيفية تطور الحقل (2002، ص. 16). تمثل مقاربة شميدت- عند مقارنتها بمقاربة ويقيش الشائعة في مجال تاريخ الحقل- أهم أداة تحليلية مكملة، حتى وإن كان هولدن (2004) يرى أنه يمكن جعلها أكثر دقة من الناحية المنهجية. أيضا تبدو دعوته إلى تدوين السرديات داخليا دعوة جذابة في حالة الرغبة باستكشاف الفروقات الداخلية في أوروبا، وآسيا، أوفي أي مكان آخر. ليس ثمة حاجة للقول بأن مشروعا كهذا يعتبر ضخما. لنأخذ مثلا حالة أوروبا، حيث أكثر من 30 بلدا والعديد من الجماعات المتحدثة بلغات مختلفة، فلنا أن نتصور تاريخ حقل العلاقات الدولية في ألمانيا مدون بالاعتماد على المصادر المشار إليها في كتاب بليك (2001) المعنون: "تاريخ علم السياسة في ألمانيا"Geschichte der Politikwissenschaft in Deutschland أو دراسة مماثلة حول ميدان العلاقات الدولية، منجزة على أساس المصادر المشار إليها في مؤلف هايوورد، باري و كتاب براون: "دراسة بريطانية للسياسة في القرن القرن" (1999). بل لنتصور أيضا مهمة شاقة أكثر تتمثل في كتابة الروايات الخاصة بتاريخ الحقل في روسيا المطورة في ظل الثقافات السياسية السائدة في عهد القياصرة، والسوفييت، وفي مرحلة ما بعد السوفييت وهي مهمة أكثر صعوبة من سابقاتها. ففي هذا السياق، من المهم الإشارة لحقيقة أن بحث العلاقة بين علم السياسة والعلاقات الدولية يكون غالبا غير كاف كون أن معظم ممارسي العلاقات الدولية يعملون في أقسام غير أقسام علم السياسة، بل في أقسام القانون، وعلم الاجتماع، والفلسفة والتاريخ. لذلك تعتبر هذه الوصفة موجهة للاستهلاك المحلي، لاسيما وأنها معنية بالعلاقة بين النظرية والتفكير-الذاتي النقدي.

يقتضي تتبع الوصفة العلاجية الثالثة وضع برنامج نظمي للمقارنة بين الجماعات العلمية العاملة في حقل العلاقات الدولية. لقد تم في السابق إنجاز مثل هذا العمل على مستوى حقول علمية معينة، على سبيل المثال في إطار أدبيات علم اجتماع العلم (مؤسسة فورد 1976، دراير و مارقازاريان 1989، ويفر 1998، فريدريكس 2002). ولقد أثمر مثل هذا العمل، في إطار البحث عن الكيفية التي تطور بها الحقل في سياقاته الوطنية المختلفة، الحصول على معرفة علمية صلبة بخصوص التنوع والاختلاف، وفي السياق ذاته فقد كانت المقارنات الثنائية شائعة جدا. وبذلك تمت مقارنة الولايات المتحدة الأمريكية ببريطانيا (سميث 1985، 2000؛ كراوفورد و جارفيس 2001) وأيضا مع ألمانيا تسورن (1996). مع ذلك، يمكن البحث بعمق في الاختلافات. ولقد أوضح براون (2001) جيدا كيف حصل فهم وحدة التحليل في النظام الدولي (أي الدولة) بشكل مختلف في القارة الأوروبية وفي السياق الأنجلو-سكسوني. ففي السياق الأول (الأوربي)، "تعتبر الدولة مؤسسة تمنح مدلولا لحياة الأفراد، تمنحهم قيمة كمواطنين متساوين، وهي وظيفة لا تستطيع مؤسسات المجتمع المدني منفردة الوفاء بها " براون (2001، ص. 209). أما في السياق الأنجلو-سكسوني فينظر للدولة في إطار النمط الذرائعي كمؤسسة لحل المشكلات. ولقد حلل هولدن (2004) وظيفة نظرية هابرماس النقدية وكيفية استيعابها من قبل الجماعات العلمية الألمانية والبريطانية لحقل العلاقات الدولية، وخلص إلى أن وظيفة النظرية وفهم الجماعات العلمية لها تظهر أن ثمة اختلافات جوهرية بشأنها. وبناء على ذلك، افترض وجود صعوبات جمة في انتقال البناءات الفكرية عبر الحدود الوطنية واللغوية. ولقد أبرز براون وهولدن كيف يمكن البحث حول تصورات مفتاحية وأطر نظرية. إذا ما قامت هذه الدراسات بأكثر من مجرد مقارنات متلصصة وذهبت بعيدا في تطوير تصورات وأطر، فحينذاك سوف تثبت على أنها الوصفة العلاجية المجدية. بالمقابل يمكن لهذه الوصفة العلاجية أن تزيد من حظوظ الاتصال بين الجماعات العلمية في حقل العلاقات الدولية. إن الوصفة العلاجية التي تعتمد على المقارنة لا يجب أن تكتفي بمقارنة وحدات في فترة زمنية واحدة بل تتعداه إلى فترات متعددة زمنيا. يمكنها أيضا علاج مشكل الاتجاه الحضوري، وهو الجانب الذي عبر عنه هوفمان بالكلمات التالية: "لأننا نملك قاعدة غير مناسبة لإجراء المقارنة، فقد بالغنا في التأكيد على أن هناك استمرارية مع ماض لا نعرفه جيدا، أو في التأكيد على أصالة جذرية في الحاضر بحسب ميلنا للانبهار بمظاهر الاستمرارية أي الخصائص التي نعتبرها دائمة، أو خصائص لا نعتقد بوجودها سلفا هوفمان (1977، ص.57). من المحتمل أن تؤدي الدراسات المقارنة المنجزة من قبل الجماعات العلمية العاملة ضمن حقل العلاقات الدولية إلى إنجاز علبة- أدوات مفهوماتية غنية تمكننا من فهم السياسة العالمية بكيفية دقيقة.

الوصفة العلاجية الرابعة:

تتوجه الوصفة الرابعة للعلاقة بين نظرية العلاقات الدولية وبين الممارسة السياسية والفكرية للمجتمع المدني ذات الاهتمام الدولي. قد تساعد الإشكالية التي طرحها طومسون: "دراسات السلام: حركة اجتماعية أم حقل فكري؟" (1992، ص. 52)، كنقطة انطلاق من أجل التعاطي مع النقطة التي حاولت أن أثيرها. وأعتقد أن طرح التساؤل يدل على وجود حدود غير واضحة بين التفكير الأكاديمي والتفكير الصادر عن الحركات الاجتماعية. لقد ساهم الفكر الليبرالي بلا شك في إنشاء هذا الحقل الأكاديمي. لذلك يطرح التساؤل: هل يعتبر فكر المنظمات غير الحكومية المتعلق بالسياسة العالمية أيديولوجيا صرفا، ومن ثمة فهو لا يستحق اهتمام الباحثين الجادين؟ وأي من الفاعلين الاجتماعيين الذين نتجه إلى إقصائهم من اهتمامنا (أي الذين لا يستحقون الاهتمام) ( باشيلا، 1997)؟ في هذا المنوال، يتضح أن العلاقة القائمة بين النظرية الأكاديمية والتفكير الاجتماعي تستلزم إيلائها مزيد الاهتمام. لنأخذ على سبيل المثال، الاهتمام البحثي الحالي بظاهرة الإرهاب. مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكامنة والبادية التي تشكلها ظاهرة الإرهاب على الأمن، فإن هناك حاجة عملية للحصول على معرفة بالمظاهر المتعددة لظاهرة الإرهاب؛ والأبعاد التاريخية، والمصادر الأيديولوجية. كما يشكل الإرهاب تحد لمعظم الاتجاهات النظرية، لاسيما بسبب العلاقة اللامتواسقة بين الدولة والعمل السياسي للمنظمات غير الحكومية. وأخيرا، ينطوي البحث في الإرهاب على تحديات تحليلية بالمثل، لنأخذ على سبيل المثال الصدامات الثقافية التي تحصل بين جماعات بحث مستقلة، كمحللي قضايا الأمن، ومختصي مناطق جغرافية معينة، أو المهتمين برصد تاريخ الأفكار، وإدارة الأعمال. إلى درجة بروز مظهر سلبي للبحث في الإرهاب المعاصر، يتمثل في تحمس المحللين للأجندة السياسية للدولة دون الالتزام بروح نقدية، ما يؤدي للمضي قدما في أجندة بحثية تنطوي على أهداف سياسية. باختصار، ينطوي البحث في الإرهاب والبحث في قضية الربط بين النظرية/وممارسة المجتمع ينطويان على الأشكال الثلاثة للممارسة.

الوصفة العلاجية الخامسة:

تتجه الوصفة العلاجية الخامسة إلى الإقرار بأن التعددية التي يشهدها الحقل تعتبر مكسبا وليست مشكلة. وتقتضي هذه الوصفة أن يحصل اعتراف متبادل، وهو مهمة شاقة، لأنه يمس بالأساطير المؤسسة، وبقضايا تتعلق بهوية الحقل، وبحالة التبعية للاتجاه السائد، وبالعلاقات المهنية القائمة والمسارات المهنية المرسومة سلفا. فبالنسبة لباحثين ذوي مستوى متوسط في حقل العلاقات الدولية بالولايات المتحدة الأمريكية، والذين تدربوا على نمط البحوث التي تنشرها: "المجلة الفصلية الدولية" International Studies Quarterly، سيكون من الصعوبة بمكان إقناعهم بأننا سنحصل على أية قيمة مضافة في حال تجاوزنا الإطار الحالي للعلوم الاجتماعية أو التوليفة الحالية لعلم السياسة/العلاقات الدولية. والشيء نفسه بالنسبة لأوربا، فسيكون من العسير إقناع "مقاطعات" حقل العلاقات الدولية في أوربا بأنهم (ونحن أيضا) نستطيع القيام بعمل أفضل (بالعودة إلى السؤال الذي طرحه مايكل تسورن Michael Zürn في 1996). وفوق كل ذلك، وإلى حد ما فقد صيغت الجمعية البريطانية للدراسات الدولية BISA على المبادئ ذاتها التي صيغت ISA بناء عليها، كون معظم مؤسسيها خلصوا إلى أن الزمن زمن النزعة التقليدية. لقد تم إطلاق مجلة العلاقات الدولية Zeitschrift für Internationale Beziehungen في ألمانيا من أجل مواجهة سلطة النظام التقليدي حيث تقوم على اعتبار أن الاعتراف بالتنوع لا يعني معادلته مع الترحيب بكل شيء دون تمحيص ونقد. بعبارة أخرى، يجب أن يكون الجميع موضوع نقد، وأن يتحلوا في الوقت ذاته بروح النقد إزاء أعمال الآخرين، من منظري التبعية الأمريكيين اللاتينيين، والأوربيين من ذوي النزعة الإنسانية، واليابانيين من ذوي النزعة التاريخية، إلى الكنديين ذوي التوجهات الناقدة، إضافة إلى كل التوجهات النظرية الأخرى. إحدى المهمات التي تنتظرنا هي تطبيق التعاون في ظل الفوضى، أولا هناك الحاجة لجهد مكثف لفهم الآفاق البحثية المختلفة، ثانيا، إمكانية خلق قيم دولية حقيقية تخص "الممارسة الأفضل" وبتأسيس معايير عالمية. قد يكون المفهوم الذي يحمله اتجاه الحد الأدنى من الأطراف مناسبا، بمعنى أن يتوصل مجموعة لاعبين أساسين، في وضع متعدد الأطراف إلى اتفاقية، ثم يتم إضفاء الشرعية على اتفاقيتهم على مستوى المجموعة المتعددة الأطراف كاهلر (1993). قد يكون أحد نماذج تصور "الحد الأدنى من الأطراف" المفاوضات التي تجري في إطار منظمة التجارة العالمية بين الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وائتلاف من بلدان أخرى (مجموعة 21). أما في إطار حقل العلاقات الدولية، فنجد نموذجا شبيها يتكون من ثلاثة تجمعات: جمعية الدراسات الدولية ISA، الجمعية البريطانية للدراسات الدولية BISA/SGIR وائتلاف ضعيف يضم (اليابان، أستراليا، الصين، كندا ونيجيريا)، أو المحيط الحقيقي حسب آيدينلي وماتيوس (2000:291).

الوصفة العلاجية السادسة:

تقتضي منا الوصفة السادسة أن نعيد الاعتبار لموروث الحقل. سأورد مثالين يوضحان وجهة نظري. يتعلق المثال الأول بالتقليد النظري السائد في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشمل عديد القراءات المتضاربة. وحيث من الشائع أن تواجه التوصيفات التالية:

- "في الوقت الذي كان حقل العلاقات الدولية يعايش ميلاد الاتجاه الليبرالي التدويلي Internationalist، ظهر الاتجاه الواقعي الذي يتعاطى مع الواقع كما هو. وبناءا على ذلك، ربح الاتجاه الواقعي أولى جولات النقاش النظري في حقل ع/د، وظهر من خلال ذلك بأن التقدم ممكن في حقل العلاقات الدولية."

- "غير أن هناك قراءات متضاربة بشأن هذا التطور. فبحسب براون (2001)، اكتسبت الواقعية عناصر أساسية تعتبر من صميم الاتجاه الليبرالي، وأهمها النظرة إلى الدولة. فقد استحالت الواقعية الأوربية على أمل أن تحصل على مدلول معين في السياق الأمريكي، ذلك السياق الذي تم تشيده على صرح ليبرالي شيمكو ( 1992).

- "رغم ذلك، فقد جاءت الثورة السلوكية على أنقاض الواقعية، حيث عملية على تنقية أقسام علم السياسة في الولايات المتحدة من بقايا الاتجاه التقليدي."

- لكن الاتجاه السلوكي كان مجرد امتداد للواقعية بوسائل منهجية أخرى. طالما أنه احتفظ بكل الفرضيات الأساسية للواقعية فاسكواز) 1983)، وللتذكير، فإن هذه الفرضيات تعتبر جزئيا ليبرالية.

- "ثم جاء العصر ما بعد السلوكي الذي تم خلاله تعديل أسوأ تجاوزات الاتجاه السلوكي."

- "لكن ما حدث هو أنه تم استبدال الإشارة الصريحة لمبادئ البيان السلوكي Behavioural Manifesto بمبادئ ضمنية، بحيث لم تعد مفتوحة للنقاش عدا بالنسبة لأولئك الذين يخالفون المبادئ في حد ذاتها".

- "وربما جاء الاختيار العقلاني فقط لإتمام ما بدأته الثورة السلوكية باستخدام أساليب جديدة".

بعبارة أخرى، لا نزال إزاء الواقعية، تلك الواقعية التي تعتبر جزئيا ليبرالية. ورغم عدم اكتراث البنائية بالنقاش الواقعي–الليبرالي، إلا أن الليبراليين في الولايات المتحدة الأمريكية هم الذين ساهموا في وضعه على السكة ( أنظر ناو 2002). إننا عندما استعرضنا تطور الحقل بهذه الطريقة فإننا قد تخلصنا من النقاشات النظرية الكبرى، وبدل من ذلك وصلنا إلى أوجه متعددة لموضوع واحد.

المثال الثاني الذي أسوقه أوروبي المنشأ، حيث تبين من البحث حول السياسة الخارجية استمرار الحدود الوطنية في تحديد معايير أجندة البحث. وهكذا فإن دراسة السياسة الخارجية للبلد "س" على سبيل المثال هي دراسات الحالة مع بعض من الدراسات المقارنة. القضايا المتضمنة كتقاليد السياسة الخارجية الأوروبية نادرا ما تتعرض للتحليل. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، من الشائع التفريق بين التقاليد المختلفة للسياسة الخارجية. حيث نجد تصنيفات من قبيل: "الإنعزاليين"، "ذوي النزعة الدولية"، و"ذوي النزعة الانفرادية"، ومثل هذه التصنيفات باختلافها توضح وجهة نظري. لقد كان هناك حوار حي بين ممثلي هذه التقاليد لعدة عقود. خلاف ذلك، لم تشهد أوروبا مثل هذا الحوار. حيث أدى هذا الوضع إلى أننا افتقدنا حتى لغة الشعارات لوصف تقاليد السياسة الخارجية– المختلفة ( التمييز بين " الأطلسيين" مقابل "الأوروبانيين" تقسيم جاري الأخذ به). ولذلك تعتبر الدراسات حول التقاليد الأوربية في السياسة الخارجية غائبة كليا، وهو ما يفسر إخفاقنا في فهم شامل للقضايا النقاشية الأساسية في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. إذن تتعاطى هذه الوصفة العلاجية مع العلاقة القائمة بين النظرية/والممارسة الناتجة عن سلوك الدولة، مقترحا استكشاف الأقاليم غير المعلمة على الخريطة [الخريطة المعرفية] بالاعتماد على نظرية تقويمية constitutive.

خاتمــة

إنه لمن الصعوبة بمكان التشكيك في حقيقة أن لجنة عصبة الأمم شرعت في العمل خلال أصعب مرحلة عرفتها السياسة العالمية. حيث شرعت في العمل بعد فترة قصيرة من انهيار الاقتصاد العالمي؛ كما عقدت اجتماعا بـ ’مدريد‘ أشهرا قليلة قبل اندلاع الحرب الأهلية الأسبانية؛ بالإضافة إلى كل ذلك فقد أقدمت ’ألمانيا‘ على غزو ’تشيكوسلوفاكيا‘ أشهرا قليلة فقط من لقاء ’براغ‘. ورغم كل هذه الأحداث، لم تتوان اللجنة عن تكريس دورة كاملة لمناقشة قضية تحديد تعريف لهذا الحقل المعرفي، والبت في الكيفية التي يجدر أن يُدَرَّس بها. لذا ليس لدي مشكل في التركيز على ما يبدو أنها قضايا معقدة كتلك التي تطرقت إليها في هذا المقال. بل بالعكس من ذلك، فإن المشكلات السبعة التي تم تشخيصها والوصفات العلاجية المقترحة لها، كلها تخدم بطريقة أو بأخرى، كنقطة انطلاق لمعظم الأبحاث حول القضايا العالمية؛ كما يبدوا من خلالها أيضا أن البعد التاريخي للحقل والبحوث حول القضايا الجوهرية أكثر تقاربا مما يقر به غالبيتنا. ويشكل استكشاف العلاقات الموجودة بين المشكل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نحو علم اجتماعي من ستة قارات: العلاقات الدولية.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العلاقات الدولية في التاريخ الإسلامي مدلولات التحليل السياسي. للتاريخ الإسلامي ودراسة العلاقات الدولية
» العلاقات الدولية: الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية.
» جماعات المصالح الاقتصادية الدولية كإحدى المظاهر الجماعية لاستخدام سياسة القوة في العلاقات الدولية
» المنظمات غير الحكومية وإدارة شؤون الإعلام
» 2. مظاهر اختلاف العلاقات الاقتصادية الدولية عن العلاقات الاقتصادية الداخلية.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: السنة الأولى ماستار ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1