الفصل الأول : المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
لقيت المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تطورا كبيرا و إهتماما بالغا من طرف العديد من المنظمات العالمية و الباحثين الإقتصاديين بإعتبارها من أفضل الوسائل التي تدفع إلى التطور افقتصادي و ذلك نظرا لتميزها بسرعة إمشائها و خصائص أخرى و نظرا للدور الفعال الذي تلعبه في التنمية الإقتصادية .
و في هذا الفصل سيتم تناول :
• مفهوم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
• تحديد الخصائص التي تتميز بها .
• طرق تمويلها و المشاكل التي تواجهها في هذا الصدد .
• أهميتها و الدور الفعال الذي تلعبه في ظل التطورات الراهنة ، أيضا ترقيتها و تأهيلها .
المبحث الأول : ماهية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
يرى الباحثين بأن هذه المؤسسات تدفع بعجلة تقدم الإقتصاد و ذلك من خلال الدور الذي تقوم به في ظل التحولات الإقتصادية الراهنة ، و بالرغم من التغيرات المتسارعة في تامحيط و نظرا لسهولة إنشائها ، و مرونتها و توفيرها لمناصب شغل أصبحت تحتل مكانة هامة و أهمية بالغة ، و قبل التطرق للأهميتها و دورها وجب التعرف عليها و التعرف على خصائصها و التي سنتناولها من خلال هذا المبحث .
المطلب الأول : تعريف المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
1. تعريف اللجنة الأوروبية :" المؤسسة الصغيرة هي التي تضم بين 10 عمال إلى 49 عاملا ، أجيرا ، أما المؤسسة المتوسطة فهي التي تشغل بين 50 عاملا إلى 249 عاملا أخيرا و تتميز بإستقلاليتها " .
2. تعريف منظمة العمل الدولية : " المؤسسات الصغيرة و المتوسطة هي وحدات تنتج وتوزع سلع و خدمات و تتالف غالبا من منتجين مستقلين يعملون ابهم الخاص في المناطق الحضرية في البلدان النامية ، و بعضها يعتمد على العمل من داخل العائلة ، و بعضهم يستأجر عمالا و خرفيين و بعضها يعمل برأس مال ثابت ، يعتمد على عائد منخفض ،و عادة ما تكسب دخولا غير منتظمة و تهيء فرص عمل غير مستقرة ، و يضيف هذا التعريف بأنها قطاع غير رسمي بمعنى أنها منشأة ليست مسجلة لدى الأجهزة الحكومية أو الإحصائيات الرسمية غالبا "
3. تعريف لجنة التنمية الإقتصادية الأمريكية : إن هذه المشروعات هي التي تعتمد على إستقلالية الإدارة و أن يكون المدير هو مالك المشروع و تتشكل من مجموعة من الأفراد و محلية النشأة ، بحيث يكون أصحاب المشروع قاطنين في منطقة المشروع" .
4. تعريف الإتحاد الأوروبي : " تعرف المؤسسات الصغيرة و المتوسطة حسب هذا الإتحاد كمايلي (1):
المؤسسات الصغيرة جدا من 1-9 عمال .
المؤسسات الصغيرة من 10-99 عاملا .
المؤسسات المتوسطة من 100-499 عاملا .
(1) د/ إسماعيل شعبان ، "ماهية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و تطورها في العالم "، " تمؤيل الشروعات الصغيرة و المتوسطة " ، منشورات مخبر الشراكة و الإستثمار في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، 2003 ،ص 63 .
5. تعريف المؤسسات الصغيرة و المتوسطة وفقا للمشرع الجزائري (1)
لا يمكن إعطاء تعريف محدد لهذا النوع من المؤسسات ، فقد وضعت عدة معايير لحديد تعريف واضح لها من حيث الحجم و هي : عدد العمال ، رقم الأعمال ، القيمة المضافة .....إلخ ، لكن المعيار الأكثر إستعمالا هو معيار عدد العمال ، و على هذا الأساس يعرف المشرع الجزائري حسب المواد 5 ،7 هذه المؤسسات كما يلي :
• بالنسبة للمؤسسة الصغيرة : تعرف على أنها المؤسسة التي تشغل ما بين 1-9 أفراد ، و تحقق رقم أعمال يقل عن 20مليون دينار .
• بالنسبة للمؤسسة المتوسطة : هي تلك المؤسسات التي تشغل بين 50 و 250 عاملا ، و يتراوح رقم أعمالها بين 200 مليون و 2 مليار دينار .
المطلب الثاني : خصائص المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
تتميز هذه المؤسسات بالخصائص التالية :
سهولة إنشائها : فهي لا تتطلب أموالا كبيرة لإنشائها و التمويل غالبا ما يكون محليا ، و تعتمد على مستلزمات إنتاجية محلية أيضا لا تتطلب إستيرادها في الكثير من الأحيان .
تستخدم تلك المؤسسات تكنولوجيا أقل ، تناسب ظروفها المحلية و نقصد بذلك أنها لا تتطلب تكنولوجيا معقدة أو مستوردة .
لا تتطلب مساحات كبيرة لإقامتها بل تستغل مساحات و تجهيزات بسيطة ، مما يجعل تكاليفها منخفضة .
تتميز بالمرونة في أعمالها و عملياتها و منتجاتها بما يمكن تعديلها وفقا للظروف المتاحة و المحيطة بالمؤسسة
تعمل على إحداث التوزيع المتوازن للسكان بين الريف والمدينة وذلك من خلال توطين الصناعة في المناطق الريفية .
هيكلها التنظيمي بسيط يعتمد على مستويات إشراف محدودة .
تستخدم نظام معلوماتي غير معقد يتلاءم مع نظام إتخاذها للقرارات .
المطلب الثالث : أهمية و دور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في التنمية الإقتصادية (2).
أولا : أهمية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
تحتل المؤسسات الصغيرة و التوسطة أهمية بالغة في الإقتصاد العالمي بصفة عامة و الإقتصاد الوطني بصفة خاصة لأنها تشكل أهم عناصر و مكونات النشاط الإقتصادي لكل دول العالم ، فهي تعتبر المحرك الأساسي للتنمية و التطور الإقتصادي ، والتي توفر قاعدة صناعية و بنية تحتية واسعة و ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الإقتصادية و الإجتماعية و نجد من بين الأسباب التي أدت إلى الإهتمام بهذه المشاريع الصغيرة و المتوسطة :
1. إنهيار الأوضاع المالية :خاصة في الدول النامية ، و بالتالي ضعف القدرات الإستثمارية و عدم قدرة المؤسسات الكبيرة على الإستمرار و البقاء .
2. التحولات الإقتصادية العالمية : و التي جاءت ببرنامج الحويل الهيكلي مثل الخوصصة ، التي قد نعتبرها بأنها كانت السبب و العامل الأساسي الذي أدى إلى ضرورة تنمية و تطوير تلك المؤسسات ، و ذلك كله في إطار الدور المتزايد للقطاع الخاص .
(1)د/ إسماعيل شعبان ، "ماهية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و تطورها في العالم" ، نفس المرجع السابق ، ص 59 .
(2)أ/ لرقط فريدة ، بوقاعة زينب ، بوروبة كاتية " دور المشاريع الصغيرة و المتوسطة في الإقتصاديات النامية و معوقات تنميتها ،) ، " تمؤيل الشروعات الصغيرة و المتوسطة ص120 .
ثانيا : دور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في تحقيق التنمية الإقتصادية :
نظرا للأهمية البالغة التي تحتلها هذه المؤسسات في إقتصاديات الدول فإن دورها يظهر بشكل جلي وواضح و أساسي و يمكن حصر هذا الدور في النقاط التالية :
1. الدور الإقتصادي :
يمكن تلخيص هذا الدور في النقاط التالية :
1.1 تثمين قوة العمل : من خلال إستعمال تكنولوجيا قليلة رأس المال ، كثيفة العمل .
2.1 تعبئة الموارد المالية : و ذلك بجمع أموال مختلفة المصادر ، إذ بإمكان هذه المؤسسات أن تنشأ من طرف العائلات و الأسر و بالتالي تجميع تلك الأموال ، أو كأن يقوم أحد الأشخاص أو العمال المهرة مع مجموعة من العاملين بتكوين وحدات إنتاجية بالإعتماد على مدخراتهم ، و بالتالي تشكيل طاقات إضافية ، تمكنهم من إبراز كفاءاتهم و المحافظة على إستقلاليتهم المالية و وحدتهم .
3.1 رفع إنتاجية العامل : و ذلك من خلال تجسيد نظام رقابي فعال و بإستمرار لضمان السير الحسن للعمل ، و كذلك السيطرة على سير العمل نظرا لصغر حجم هذه المؤسسات .
4.1 خلق الناتج الخام الداخلي : يمكن أن نلمسه من خلال مساهمة القطاع الخاص بنسبة معينة من الإيرادات في الناتج الخام الداخلي .
5.1 ترقية التجارة الخارجية : تقوم هذه المؤسسات كغيرها من المؤسسات بجميع عمليات المبادلات التجارية من تصدير و إستراد .
6.1 توفير متطلبات السوق من السلع و الخدمات ، وتوفير مستلزمات المؤسسات الكبرى بالمواد الأولية ( المقاولة الباطنية ) .
7.1 حماية الطابع الصناعي المحلي من منافسة المنتوج المحلي :
في ظل التطورات الراهنة ، و أمام ‘نفتاح الأسواق العالمية و تحرير التجارة و رفع الرقابة الجمركية و إلغاء الرسوم الجمركية ، أصبحت هناك منافسة خارجية للمنتوجات و التي تؤثر على المنتوجات المحلية ، لذلك فإن هذه المؤسسات تعمل على حماية منتوجاتها عن طريق طريق مراقبة الجودة ، و التحكم في التكاليف و محاولة خلق ميزة تنافسية لمواجهة تلك المنافسة ، و بالتالي إذا إستطاعت المواجهة فإنها بذلك تستطيع حماية المنتوجات المحلية .
2. الدور الإجتماعي :
تعمل هذه المؤسسات على تحقيق التوازن الجهوي و إحداث تطورات على المستوى الإجتماعي ، و يمكن حصر الدور الإجتماعي لهذه المؤسسات في النقاط التالية : القضاء على البطالة من خلال توفير مناصب شغل .
الحد من ظاهرة النزوح الريفي : و ذلك من خلال إنشاء بعض المشاريع في المناطق الريفية أو النائية ، و بالتالي تقريب مناصب الشغل من سكان تلك المناطق الريفية و في هذا الصدد يمكن للمؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة أن تحقق ما يلي :
(1) أ/ لرقط فريدة و آخرون ، " دور المشاريع الصغيرة و المتوسطة في الإقتصاديات النامية و معوقات تنميتها " ، و تطورها في العالم ،ص 120.
القضاء على الآفات الإجتماعية .
تحسين مستوى المعيشة في الريف .
الإستغلال الأمثل للطاقات المادية و البشرية .
الإستغلال الأمثل للموارد المحلية .
المبحث الثاني : طرق تمويل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و المشاكل التي تواجهها :
كما يعرف عن جميع المؤسسات أنها بحاجة إلى أموال ، فإن هذه المؤسسات هي أيضا بحاجة لها ، لذلك فهي تبحث دائما عن مصادر للحصول على تلك الأموال ، ونجد أن هذه المؤسسات بصفة خاصة تعاني من الكثير من المشاكل الخاصة بالتمويل ، كما تواجه معوقات و مشاكل أخرى ، و التي سأتطرق لها في هذا المبحث .
المطلب الأول : طرق تمويل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
تتحصل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة كغيرها من المؤسسات على مواردها المالية بالطرق التالية :
1. التمويل الذاتي : معنى ذلك أن صاحب المشروع يعتمد في تمويله لمشروعه على أمواله أو مدخراته الذاتية .
2. التمويل بالقروض : و ذلك بالحصول على قروض بفوائد أو يديون فوائد من البنوك أو مؤسسات الدعم المالية .
3. طرق التمويل من المنظور الإسلامي :
هناك عدة أساليب و صيغ تمويلية و التي تعرف بأدوات التمويل المالي الإسلامي ،و ندرجها في ما يلي :
1.3 المرابحة أو التمويل فائض التكلفة : و يقصد بالمرابحة قيام أحد البنوك بشراء سلعة معينة لحساب عميل ما وفقا للمواصفات المطلوبة مقابل ربح معين أو أجر .
من خلال هذا التعريف نجد هناك شكلين للمرابحة :
• الوكالة بشراء بأجر .
• الوكالة بشراء بربح .
المشاركة : و يقصد بها جمع أموال المدخرين من طرف البنك لإستثمارها و الخصول على أرباح و إقتسامها معهم .
صناديق الزكاة و القرض الحسن : تقوم معظم النظم الإسلامية بإنشاء صناديق الزكاة و القروض الحسنة و تساهم تلك الأموال المتحصل عليها من الزكاة في ما يلي :
1. زيادة الإستثمار .
2. زيادة عدد المنتجين و التقليل من عدد العاطلين على العمل .
3. توسيع نطاق التداول .
4.3 التأجير التمويلي : يقصد بالتأجير التمويلي " المنتهي بالتمليك " عن طريق البيع ، الإنفاق بين طرفين بتأجير أو إستئجار العين أو الأصل المؤجر و التوعد بإعادته مقابل أجرة محددة خلال فترة زمنية محددة و في نهاية مدة الإيجار يكون للمستأجر الخيارين بين ثلاث بدائل كالآتي( 1) :
(1) أ/ سليمان ناصر ،" أساليب تمويل المشروعات الصغيرة في الإقتصاد الإسلامي ،"ماهية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و تطورها في العالم ،ص 724-732.
• يملك العين المؤجرة مع تسديد الأقساط سابقا و يكون السعر محدد في بداية العقد .
• تمديد فترة الإيجار .
• إرجاع العين للمؤسسة المؤجرة .
المطلب الثاني : المشاكل التي تواجهها المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
تواجه المؤسسات الصغيرة و المتوسطة عدة صعوبات سواء كان ذلك عند الإنشاء (التأسيسي) أو أثناء مباشرة نشاطها و يمكن تلخيص أهم المشاكل في ما يلي (1):
1. صعوبات الإجراءات صعوبات الإجراءات الإدارية و التنفيذية للحصول على قبول للمشروع و تنفيذه .
2. إرتفاع مساهمات أرباب العميل في مجال دفع مصاريف التأمين ،مما أدى بأصحاب المشاريع بالإمتناع على توظيف العمال أو التقليل من توظيفهم .
3. إرتفاع معدلات الضريبة على رقم الأعمال ، الدخل و الأرباح .
4. المشكلات الإدارية : و التي تتمثل في جهل أو عدم التمكن من تقنيات التسيير فكثيرا من الأشخاص يلجؤون إلى الخلط بين بين الأعمال الخاصة بهم و الأعمال الخاصة بالمشروع ، مما يؤدي إلى إختلاط الذمة المالية ، أيضا نقص العمالة المدربة نظرا لإرتفاع تكاليف التدريب و التكوين .
5. الشكلات التسويقية : و التي يمكن حصرها في ما يلي :
• نقص الخبرة في هذا المجال و الإمكانيات و المعلومات و عدم القيام بالبحوث التسويقية نظرا لإرتفاع تكاليفها .
• ظهور المنتجات البديلة بإستمرار و بأقل التكاليف .
6. المشكلات التمويلية : هناك العديد من المشكلات التمويلية التي تعيق أة تحد من عمل المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطةنذكر منها :
• صعوبة الحصول على القروض بسبب :
أ- تعقد الإجراءات الخاصة بالحصول عليها .
ب- وجود ضمانات تعجيزية و التي تكون في بعض الأحيان غير متوفرة أمام أصحاب المشاريع ، كإشتراط ضمانات عقارية أو عينية .
ت- إرتفاع أسعار الفوائد .
المبحث الثالث : واقع و تأهيل المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر في ظل التغيرات الإقتصادي العالمية الراهنة .
لقد إهتمت الدولة الجزائرية كغيرها من الدول بالمؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة إبتداءا من سنوات التسعينات و ذلك مع تعاقب برامج الإصلاح الإقتصادي ، حيث كان النسيج الصناعي سابقا يتكون في أغلبه من الصناعات و المؤسسات العمومية ، لكن في ظل التطورات الراهنة و التغيرات العالمية المختلفة زاد إهتمام الدولة الجزائرية بالمؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و إنشاء وزارة خاصة بها ، دليل قاطع على زيادة الإهتمام(2)
(1) د/جبار محفوظ " المؤسسات المصغرة و الصغيرة والمتوسطةو مشاكل تمويلها،"ماهية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و تطورها في العالم ، ص 421 .
(2) د/ صالح صالحي ، " أساليب تنمية المشروعات المصغرة و الصغيرة و المتوسطة " ، " مجلة العلوم الإقتصادية و علوم التسيير " سطيف – الجزائر ، العدد 3/2004 ، ص 31-37 .
بها ، و بالتالي تعمل على زيادة الإستثمار الوطني من جهة و الأجنبي من جهة أخرى خاصة و أنها في صدد التحضير للإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة و الشراكة مع الإتحاد الأوروبي ، الأمر الذي يحتم تأهيل و ترقية و تطوير المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، و يتم ذلك بتهيئة جميع ظروف العمل الملائمة في كل المجالات .
المطلب الأول : وضعية و أهمية المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في الجزائر في الوقت الراهن .
تعتبر المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة أداة فاعلة للتوسع افقتصادي و ذلك لمساهمتها في تحقيق التنمية الإقتصادية و تحريك عجلة الإقتصاد ، فهي بمثابة المحرك القاعدي للإقتصاد ، خاصة و نحن في زمن العولمة و المنافسة الإقتصادية و تحرير التجارة ، و التحضير للإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة ، و الشراكة مع الإتحاد الأوروبي ، لذلك تقوم الدولة الجزائرية ، بتشجيع قيام مثل هذه المؤسسات ، والعمل على ترقيتها و تأهيلها .
و يجدر الذكر هنا إلى أن النسيج الصناعي الجزائري كان في السابق مكونا من المؤسسات الصناعية العمومية ، حيث كانت تمثل نسبة 80/ أما 20 / المتبقية فهي عبارة عن صناعات و مؤسسات صغيرة و متوسطة (1)، و لكن حاليا زاد عدد تلك المؤسسات كما يلي :
الشكل رقم (1) يمثل توزيع المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في السنوات التالية :
السنة العدد
1999 159705
2001 179893
2002 188054
المطلب الثاني : ترقية و تأهيل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
يتمثل برنامج التأهيل في مجموع الإجراءات التي تتخذها السلطات قصد تحسين موقع المؤسسة في إطار الإقتصاد التنافسي و إتخاذ عدة إصلاحات داخلية على المؤسسات الإنتاجية ، الإستثمارية ، التسويقية و غيرها و الذي يهدف إلى :
• إنعاش النمو الإقتصادي .
• تشجيع التنافسية لـ المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
• تسهيل الحصول على الخدمات المالية لتمويل إحتياجاتها .
• تحسين الخدمة البنكية في معالجة ملفات تمويل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
و في هذا الشأن قامت الدولة الجزائرية بتطبيق أحكام القانون التوجيهي لترقية المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ،و ذلك بإنشاء 14 مركز لتسهيل مهمة إنشاء و تأسيس و توجيه و دعم المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، إضافة إلى ذلك قانت الوزارة بإنشاء 14 مشتلة للمؤسسات التي تلعب دورا هاما في مجال إستقبال و إحتضان و تدريب حاملي أفكار المشاريع لتجسيدها على أرض الواقع (2).
(1)د/ كساب علي ، " دور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في التنمية و تأهيلها "، " تمؤيل الشروعات الصغيرة و المتوسطة " ، منشورات مخبر الشراكة و الإستثمار في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، 2003 ،ص47-50 .
كما قامت الدولة الجزائرية بإنشاء الوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، و التي تعمل على متابعة تنفيذ برامج تأهيل هذه المؤسسات ، و إعداد دراسات إقتصادية لمتابعتها و تنسيق نشاطات مراكز السير .
أيضا إنشاء وكالة دعم تشغيل الشباب و التي تساهم في تمويل تلك المؤسسات و بالتالي تعمل على قيامها و إنشائها ، و الصندوق الوطني للتأمين على البطالة و جهاز القرض المصغر .
إضافة لهذه البرامج تم أيضا إنشاء صندوق لتأمين القروض و صناديق ترقية التنافسية الصناعية .
* برنامج MEDA لتمويل المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
و هو برنامج خاص لتدعيم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة و تمويلها ، و هو برنامج مشترك بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي ، يعمل هذا البرنامج على :
1. تدعيم القدرات الإدارية .
2. تحسين الأداء و تنافسية المؤسسة .
3. تقديم تشخيص إستراتيجي .
4. المساعدة على وضع خطة الأعمال .
5. المساعدة على تقديم ملف التمويل إلى البنك .
6. تسهيل الحصول على التمويل من خلال صندوق ضمان القروض .
خاتمة الفصل الأول :
من خلال ما تم عرضعه في الفصل الأول ،و هو جزء بسيط تناولت فيه التعريف ب المؤسسات الصغيرة و المتوسطة
و ما يتعلق بها من جوانب أخرى ، فهي تعتبر جد مهمة نظرا للدور الفعال الذي تلعبه و الذي تم تقديمه في هذا الجزء كما عرفنا أن تلك المؤسسات لقيت إهتماما بالغا من طرف الدولة الجزائرية التي وجهت جميع الجهود و عملت على ترقية و تأهيل تلك المؤسسات .
الفصل الثاني : واقع الإدارة الإستراتيجية في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
يعتبر التسيير الإستراتيجي مهما جدا بالنسبة للمؤسسات مهما كان حجمها ، فهو بمثابة حلقو وصل بين المؤسسة و محيطها ، إذ يمكنها من التعامل مع مختلف التهديدات التي قد تطرأ فجأة في المحيط و بالتالي تستطيع بذلك التفاعل مع كافة التغيرات ، الأمر الذي يجعلها تكتسب ميزة تنافسية تضمن لها البقاء ، و قد تبلورت معظم الأفكار الأولى للتسيير الإستراتيجي و تطورت في إطار المؤسسات العامة ، لكن إلى جانب تلك المؤسسات هناك المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة التي تواجه بدورها المخيط و التي تعمل جاهدة من أجل البقاء و الإستمرارية ، و سنحاول من خلال هذا الفصل التطرق للإدارة الإستراتيجية في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة.
المبحث الأول : ماهية الإدارة الإستراتيجية .
تعتبر الإدارة الإستراتيجية أمرا هاما كما سبق وذكرت بالنسب للمؤسسات عامة و المؤسسات المؤسسات الصغيرة و المتوسطة خاصة ، للأنها موضوع هذا البحث ، و سأحاول أن أتطرق في هذا المبحث البسيط لتعريفها و ذكر المراحل التي تمر بها و مهمتها الأساسية ، و ذلك تمهيدا للتعرف على الإدارة الإستراتيجية في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في المبحث اللاحق .
المطلب الأول : تعريف الإدارة الإستراتيجية .
"تعرف على أنها فن و علم تشكيل و تنفيذ و تقييم القرارات الوظيفية المتداولة التي تمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها .
من هذا التعريف يمكننا إستنتاج أن : الإدارة الإستراتيجية تهتم بتحقيق التكامل بين وظائف الإدارة و التسويق و التمويل و الإنتاج و البحوث و التطوير و أنظمة معلومات الحاسب الآلي ، ز ذلك بغرض تحقيق نجلح المنظمة "(1)
المطلب الثاني مراحل الإدارة الإستراتيجية .
تشتمل الإدارة الإستراتيجية على ثلاث مراحل و التي يمكن توضيحها في ما يلي :
1. المرحلة الأولى : وضع الإستراتيجية :
تتضمن هذه المرحلة القيام بالخطوات التالية :
1. وضع أهداف طويلة الأجل .
2. إعداد رسالة المنظمة .
3. تعريف الفرص و التهديدات الخارجية التي تواجه المنظمة .
4. تحديد نقاط القوة و الضعف الداخلية و الخارجية في المنظمة .
5. وضع الإستراتيجيات البديلة .
6. إختيار الإستراتيجيات التي سيتم تنفيذها .
و عند الإقدام على وضع الإستراتيجيات فإننا نطرح التساؤلات التالية :
• ماهي مجالات الأعمال الجديدة التي يمكن الدخول فيها و الأنشطة التي يجب التوقف عن آدائها(2) ؟
(1) نادية العارف ،"التخطيط الإستراتيجي و العولمة " ، الدار الجامعية ، الإسكندرية ، 2002-2003 ،ص 6 .
(2) نادية العارف، نفس المرجع، ص 13.
• كيف يتم توزيع الموارد من طرف المؤسسة ؟
• كيف يمكنها التوسع من خلال قيامها بأعمال مختلفة و تنويعها ؟
• هل يفضل الدخول في السواق العالمية أم لا ؟
2. المرحلة الثانية : تطبيق الإستراتيجية :
تتميز هذه المرحلة بأنها من أكثر المراحل صعوبة ، إذ تضم تهيئة المناخ التنظيمي ووضع الخطط و السياسات و كيفية تنظيم العمل و تخصيص الموارد اللازمة ، و بناء هيكل تنظيمي مناسب ، و التخطيط للموارد البشرية المناسبة و تنمية القيادات افدارية ، إضافة إلى تحديد جميع الأنشطة الخاصة بصياغة الجهود التسويقية و التمويلية و غيرها .
3. المرحلة الثالثة : مراجعة و تقييم الإستراتيجية (المراقبة) :
و هي المرحلة الثالثة و الأخيرة ، تأتي هذه الخطوة بهدف مراجعة و تقويم الإستراتيجية ذلك لأن الإستراتيجية توضع لمواجهة و تعديل و تطوير المستقبل ، و بسبب وجود عوامل داخلية و خارجية تتغير بإستمرار.
و هناك 3 أنشطة رئيسية لتقييم الإستراتيجية و هي :
أ – مراجعة العوامل الداخلية و الخارجية .
ب- قياس الداء و ذلك بمراجعة النتائج .
ج- إتخاذ الإجراءات التصحيحية (1).
المطلب الثالث : المهمة الأساسية للإدارة الإستراتيجية :
تعبر المهمة الأساسية للإدارة الإستراتيجية على التفكير في تحديد رسالة المؤسسة ، و ذلك بطرح الأسئلة التالية :
• ماهو عملنا ؟ ماذا يجب أن يكون ؟
و هذا يقودنا إلى وضع الهداف و بناء الإستراتيجيات و الخطط و صنع القرارات في الفترة الحالي لتحقيق النتائج في المستقبل ، اذلك تقوم الإدارة الإستراتيجية بتحديد و تخصيص الموارد المالية و البشرية لتحقيق تلك النتائج (2).
(1) د/ عبد الحميد عبد الفتاح المغربي ،"الإدارة الإستراتيجية لمواجهة تحديات القرن الحادي و العشرين " ، مجموعة النيل القاهرة ، ط1 ،1999، ص 61
(2) د/ محمد المحمدي الماضي ، " الإدارة الإستراتيجية "، 2002 ،ص 6 . د
المبحث الثاني : التسسير الإستراتيجي للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة .
بعد ما تعرفنا في المبحث الأول على الإدارة الإستراتيجية و مراحلها و مهمتها الأساسية سنتعرف في هذا المبحث على واقع التسيير الإستراتيجي داخل المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، و هل يتم فعلا تطبيقها ام لا ؟ والإجابة على هذا السؤال ستكون في الخاتمة ، و قبل ذلك سيتم التطرق أولا إلى التعرف على مظاهر التسيير الإستراتيجي داخ تلك المؤسسات و جملة الإستراتيجيات التي يمكن تبنيها .
المطلب الأول : التصور الإستراتيجي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة .
تعمل كل المؤسسات في وسط بيئة داخلية و خارجية فهي بذلك تؤثر فيها و تتأثر بها ، و كما هو معروف أو أن مكونات هذه البيئة أو المحيط سريعة التغيير ، فهي إذن جد متغيرة و بالتالي يجب على المؤسسة التفاعل معها و ذلك بإغتنام الفرص التي يفرزها محيطها و محاولة تجنب التهديدات و المخاطر أو التقليل من حدتها ، لذلك فإن المؤسسات تقوم ببناء تصور إستراتيجي نو إعتماد إستراتيجات معينة من أجل المواجهة و الدفاع و بالتالي ظمان بقائها ، و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تعمل أيضا في ظروف بيئية متغيرة لذلك وجب عليها بناء تصور إستراتيجي ، و إعتماد إستراتيجيات تناسب الوضعية التي تكون فيها ، وفقا للإمكانيات المالية لها .
و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة هي صغيرة الحجم مقارنة مع المؤسسات الكبيرة ، إلا أن صغر حجمها لا يعد دائما مشكلا ، فهي تتمتع بمجموعة من الإيجابيات ، منها : القرب من السواق ، سرعة رد الفعل ، سرعة تغيير التوجه .
و إذا كان المحيط العدواني و التذبذب يمثل حطر على المؤسسات الصغيرة و المتوسطة ، فإن هذا المحيط يتطلب رد فعل سريع يقتضي مواكبة التغيرات (1).
المطلب الثاني : مظاهر التسيير الإستراتيجي في المؤسسات الصغير و المتوسطة .
تقوم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بالتسيير الإستراتيجي لتثمين مواردها و تعظيم الفائض و تفادي مواجهة مخاطر المحيط و لها أولويات إستراتيجية تتلخص في ما يلي :
• فعالية التشغيل الداخلي .
• عمليات توظيف رأس المال الفكري و الحصول على المعارف .
• نوعية المنتجات و الخدمات المقبولة عن السوق .
• العلاقة مع الزبائن .
• تغيرات المحيط و الإجراءات الوقائية .
و يمكن تلخيص بعض جوانب أو مضاهر ممارسة التسيير الإستراتيجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في مايلي :
1. التخطيط الإستراتيجي : يعد التخطيط الإستراتيجي عملية تهدف إلى تحديد الوضعيات المستقبلية للمؤسسة المرغوب فيها و ذلك بتحديد الوساءل اللازمة لبلوغ تلك الوضعية فالتخطيط افستراتيجي يجيب على السؤال التالي : كيف يتم الوصول إلى الوضعية المرغوب فيها ؟
1-Helfer jp,Kalika M ET ORSONI-2000-: Management srategie et organisation ,ed,vuibert paris,3eme ed, p132 .
2. و لتأكيد مدى فعاليته في نجاعة المؤسسات الصغيرة و المتوسطة تناول CAROLE العلاقة بين التخطيط الإستراتيجي و المردودية في دراسة شملت 1500 مؤسسة يقل عدد أفرادهم عن 500 عامل و قد خلصوا إلة أنه مع التفكير المسبق قد ثبت ت نجاعة التخطيط الإستراتيجي و ذلك بشرط مراعاة التسويق بين العوامل الظرفية المتمثلة في ما يلي :
التذبذب التكنولوجي ، حجم المؤسسة ، الطموح الإستراتيجي ، كثافة رأس المال .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن التخطيط الإستراتيجي في هذه المؤسسات يرتبط أكثر بالجوانب النفسية و الشخصية للمسير .
و يمكن للتخطيط الإستراتيجي في هذه المؤسسات أن يرتبط بما يلي :
النظرة الإستراتيجية : و يقصد بها التصور الذهني لمستقبل المؤسسة مع مراعاة تغيرات المحيط .
النية الإستراتيجية : أي مجموعة المهام التي تفكر المؤسسة بتجسيدها مستقبلا و التي يجب أن يراعي فيها المسير البحث عن التوظيف الأمثل للوسائل الخاصة بتحقيق مشروع إستراتيجي .
3. التوفيق بين الموارد : تسعى تلك المؤسسات دائما إلى ترشيد مواردها من خلال البحث عن الإستغلال الأمثل لها وفقا لإمكانياتها المحدودة نو هو ما يعرف بمعالجة الموارد و في هذا الصدد فإن هذه المؤسسات تسعى لتحقيق ميزة تنافسية ، و ذلك من خلال معالجة الموارد الإستراتيجية كامهارات و الموارد المتميزة .
المطلب الثالث : الخيارات الإستراتيجية للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة :
هناك العديد من الخيارات الإستراتيجية التي يمكن للمؤسسات أن تتبناتها ، نذكر منها مايلي :
1. التخصص : غالبا ما تكون هذه الإستراتيجية مرتبطة بالمؤسسات حديثة التكوين ، و هي محاولة تخصص الوسائل حول نشاط واحد مربح مع درجة عالية من المعرفة العلمية .
2. إستراتيجية الإستقرار : تستخدم من طرف المؤسسات التي ترغب في الإستقرار لعدة أسباب نذكر منها :
• رغبة أصحاب المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في النمو التدريجي .
• الإقتناع بمستويات الأرباح المحققة .
• محاولة تجنب المخاطر الموجودة في المحيط .
3. إستراتيجية التميز : تعتبر إستراتيجية تنافسية تعتمد على التميز في تامنتج لمواجهة القطاع المستهدف من السوق ، و تسعى بذلك المؤسسة لتحقيق ميزة تنافسية في قطاع السوق المستهدف .
4. إستراتيجية على خفض التكلفة : تعتمد هذه المؤسسات على تبني هذه الإستراتيجية و التي تعتمد على خفض التكلفة للمنتج ، و ذلك من خلال التركيز على قطاع معين من السوق أو على مجموعة معينة من المشترين .
5. إستراتيجية التنويع : يقصد بها توسع المؤسسة من خلال تقديم المنتجات و الخدمات الجديدة ،و هناك تنويع المرتبط و تنويع غير مرتبط .
6. إستراتيجية التركيز :حيث تركز المؤسسة تركيزا كانلا على مجال محدد تتخصص فيه أو على مزيج واحد من التكنولوجيا ، المستهلكين و المنتوج .(1)
(1) أحمد القطامين،" التخطيط الإستراتيجي (مفاهيم و نظريات و حالات تطبيقية )،ط1،دار مجدلاوي ،عمان، الأردن، 1996