منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ismail ayat
عضو نشيط
عضو نشيط
ismail ayat


تاريخ الميلاد : 07/01/1991
العمر : 33
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 71
نقاط : 165
تاريخ التسجيل : 06/11/2012
الموقع : seince-politic@hotmail.fr

لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Empty
مُساهمةموضوع: لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن   لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن Emptyالجمعة نوفمبر 30, 2012 4:22 am

لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن II 04/08/2011
Posted by Guessoum salim in نظرية العلاقات الدولية, الأمن الدولي.
add a comment








3 Votes

II. مفهوم الأمن في المنظار الواقعي: التجديد ضمن الاستمرارية
لقد عرفنا مما تم عرضه آنفا، أن البحث عن الموضوعية، الامبريقية، العلمية، العقلانية، والعالمية كلها مسائل مثَّلت جوهر النظرية الواقعية أو الميتا منظار العقلاني بصفة عامة. وأن هذا البحث عن اليقين Quest for certainty قد أخذ شكلا في سياق تاريخي محدد يعود إلى نهاية حرب الثلاثين عاما، التي تُوِّجَت بعقد اتفاقيات وستفاليا عام 1648.هذه الأخيرة التي حددت بشكل واسع نمط العالم الحديث.
“فمنذ اتفاقية وستفاليا التي عقدت عام 1648 فصاعدا، اعتبرت الدول أقوى العناصر الفاعلة في النظام الدولي. وكانت الدول هي المعيار العالمي للشرعية السياسية، وذلك في غياب سلطات أعلى منها للقيام على تنظيم علاقاتها بعضها مع بعض. وكان ذلك يعني النظر إلى الأمن على أنه الالتزام الأول لحكومات الدول”
وعليه فقد اتسمت العلاقات الدولية منذ ذلك الحين بهيمنة منظومة مفاهيمية متكاملة، تمحورت حول المساواة في السيادة وتوازن القوى وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتركيز على الاعتبارات الخاصة بأمن الدولة القومية دون غيره.
1. 1. الأمن الوطني: القوة العسكرية ومحورية أمن الدولة.
لقد أسهمت المنظومة المفاهيمية لما بعد وستفاليا في تقديم تفسيرات ملائمة لطبيعة العلاقات الأمنية بين الدول. وضمن هذا السياق ظهرت الواقعية بنسخها النظرية المتعددة، أين نُظر للدولة على أنها وحدة التحليل الأساسية ومحور أي سياسة أمنية. وأن الأولوية هي لتحقيق أمن الدولة في مواجهة أي تهديدات عسكرية خارجية. وفقا لأنصار الاتجاه الواقعي فإن الهدف الأسمى الذي تسعى إليه الدول كافة هو تحقيق أمنها. وعليه فالقوة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة المتاحة أمام الدولة لتحقيق أهدافها. فسياسة الأمن الوطني مثلما يرى “مورجانتو”Morgenthau
” تنطلق من ضرورة التفاعل بين مختلف عناصر القوة التي تمكن من تحقيق فرص جيدة لنجاح سياسة الأمن الوطني. إن شعور الدولة بالأمن يزداد بازدياد حجم قوتها.”
ويسند هذا القول ما ذهب إليه “ريمون أرون”Reymond Aron من أن
“دعم الأمن يتحقق بالقوة الذاتية للدولة أو ضعف المنافسين لها. وكل دولة تحاول مضاعفة مواردها للذهاب بأمنها إلى حدوده القصوى عن طريق الجمع بين القوة/الأمن، من أجل فرض إرادتها على الدول الأخرى وعدم الخضوع لإرادة التفوُّق التي تمارسها دول أقوى منها.”
يتفق العديد من الباحثين على الحداثة النسبية للدراسات المتعلقة بظاهرة الأمن الوطني كظاهرة علمية وكمستوى للتحليل، غير أنه لا يوجد إجماع حول معرفة متى ظهر الاستخدام الفعلي للمفهوم بشكله المعاصر. وفقا لــ “هلغا هفتندورن”Helga Haftendorn فالأمن الوطني هو النتاج المباشر للمَأْسَسَة المتطورة للدولة ذات السيادة منذ القرن السابع عشر؛فبما أن الدولة هي الوحدة الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي، فإن ظاهرة الأمن الوطني مرتبطة بخصائص هذا النظام. وعليه فاهتمام الزعماء والقادة بمسألة الأمن الوطني قديم قدم نشأة الدولة ذاتها.
في حين يرى “أرنست ماي” Ernest May أن استخدام مصطلح الأمن الوطني جاء كرد فعل وَفِيٍّ لحماية السيادة الوطنية، أي ضمن المذهب السياسي الذي تطور خاصة بعد الحرب العالمية الثانية. بيد أن رأيا ثالثا يؤكد على أن فكرة الأمن الوطني ظهرت وانتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية بعد عام 1945 كعبارة قوية لصياغة سياستها الخارجية، ضمن إطار سياسي أوسع من الذي ارتكز قبلا على مفهوم المصلحة الوطنية.ومهما كان نوع الخلاف والتباين في الآراء، فالأكيد هو أن الاهتمام الفكري بظاهرة الأمن قد ارتبط بظاهرة العنف على المستويين الوطني والدولي
“فموضوع الأمن القومي كان ولا يزال الشغل الشاغل لمختلف النظم السياسية، سواء تم تناوله باسم الدفاع أو السيادة أو المصلحة القومية أو غيرها من المصطلحات. وعليه فإنه يجب أن يحظى بأولوية التفكير الاستراتيجي والعسكري والسياسي.”
لقد ارتبط الأمن القومي بالقوة العسكرية المفضية إلى العمل المسلح أو ما يطلق عليه الأمن العسكري/الدولتي ؛ فـ “والتر ليبمان”Walter Lipmann يعتبر الدولة آمنة إذا لم تبلغ الحد الذي تضحي بقيمها إذا أرادت تجنب الحرب،
“[فـ]الأمة تبقى في وضع آمن إلى الحد الذي لا تكون فيه عرضة لخطر التضحية بالقيم الأساسية، إذا كانت ترغب في تفادي وقوع الحرب. وتبقى قادرة لو تعرضت للتحدي على صون هذه القيم عن طريق انتصارها في حرب كهذه.”
فالأمن وفقا لهذا، مساو للقوة العسكرية ومرادف للحرب. ففي محاولته إيضاح مفهوم الأمن الذي طغى إبان الحرب الباردة أكد “ديفيد بالدوين” David Baldwin على أنه إذا كان للقوة العسكرية صلة بمسألة ما فيمكن اعتبارها مسألة أمنية، أما إذا لم يكن للقوة العسكرية صلة بها فهذه المسألة تصنف ضمن طائفة السياسات الدنيا.
وتعرف “بينيلوب هرتلند ثنبرغ” Penelope Hartland-Thunberg الأمن الوطني بقولها:
“هو قدرة أمة ما على متابعة مصالحها الوطنية بنجاح مهما كانت السبل وفي أي مكان من العالم.”
بينما يذهب “جياكومو لوسياني”Giacomo Luciani في تعريفه إلى القول بأن:
“الأمن الوطني هو القدرة على مقاومة أي عدوان خارجي”.
ويعرفه كل من “فرانك تراجر”Frank N .Trager و”فرانك سيموني” Frank.N.Simonie بأنه
“ذاك الجزء من السياسة الحكومية الذي يهدف إلى خلق الشروط الملائمة وطنيا ودوليا لحماية وتوسيع القيم الحيوية في مواجهة أعدائها الحقيقيين أو المحتملين”.
ببساطة، تندرج التعريفات الآنفة الذكر ضمن الرؤية الواقعية التي تركز على الدولة القومية كفاعل رئيسي وكمؤسسة تعمل في ظلها جميع المنظمات، أين يتصف سلوكها الخارجي بالعقلانية والتخطيط والإدراك في ظل بيئة فوضوية لا مكان فيها لحكومة عالمية ولا اتفاق أخلاقي أو أي حس تضامني. وعليه فهي تلجؤ إلى خيار الأمن الذاتي للدفاع وحماية مصالحها بتعظيم قوتها العسكرية واستخدامها. فالأمن الحقيقي بنظر الواقعيين يكون في سياق علاقات الحرب والصراع. وأي شيء يحمل اسم القانون الدولي أو الأخلاق لا بد أن يكون شكلا متخفيا من أشكال سياسة القوة.
1. 2. المعضلة الأمنية وإمكانية التعاون: الأمن في ظل الفوضى.
تنص الواقعية الجديدة على أن الدول تعمل من منطلق الحوافز المادية، وتعكس مواقِفُهَا مَوَاقِعَهَا ضمن النظام العالمي. كما ترتكز اهتماماتها وخططها بالنظر إلى مواقعها ضمن هذا النظام. وعليه، فالدول تسعى للحفاظ على مكانتها النسبية داخله؛ فكلما نمت قدرات دولة ما ازدادت مكانتها في تراتبية السلطة وازداد نفوذها. وتتحدد بنية النظام العالمي عبر هذا التوزيع للقدرات بين الدول.
ففوضوية النظام الدولي والريبة المؤدية إلى فقدان الثقة هما أمران متأصلان في النظام الدولي. بالإضافة إلى أن الرغبة في البقاء تبقى القوة الدافعة الرئيسية المؤثرة في سلوك الدول. كما أنه وعلى الرغم من عقلانية الدولة، فهناك دائما مجالا للخطأ في التقدير. وعليه فهذه الافتراضات مجتمعة تثير رغبة الدول في التصرف بعدوانية تجاه بعضها البعض.
لقد كان “جون هيرز” John Herz أول من أوضح فكرة المعضلة الأمنية Security Dillema في خمسينيات القرن العشرين بقوله:
“أنها مفهوم بنيوي تقود فيه محاولات الدول للسهر على متطلباتها الأمنية بدافع الاعتماد على الذات وبصرف النظر عن مقاصد هذه المحاولات، إلى ازدياد تعرض دول أخرى للخطر. حيث أن كل طرف يفسر الإجراءات التي يقوم بها على أنها إجراءات دفاعية، ويفسر الإجراءات التي يقوم بها الآخرون على أنها تشكل خطرا محتملا.”
فالمعضلة الأمنية هي سلسلة متصاعدة من حالات انعدام الأمن كما يراها “كين بوث”Ken Booth و “ويلر”Wheeler تنشأ
“حين تُحدث الاستعدادات العسكرية لدولة ما شعورا بعدم الاطمئنان لا يمكن انتزاعه من تفكير دولة أخرى إزاء الحيرة فيما إذا كانت تلك الاستعدادات لأغراض دفاعية لا غير (أي لدعم أمنها في عالم غير مستقر)،أم كانت لأغراض هجومية (أي لتغيير الوضع الراهن لمصلحتها).”
فهذا المفهوم يرتكز على فرضية أن الأمن حالة تتنافس الدول على تحقيقها. وفي كنف نظام عالمي يتسم بالفوضى يتعين على الدول أن تعمل وفق مبدأ ” كل لنفسه” لضمان بقائها. وفي إطار مسعاها لتأمين ذلك نجدها تزداد قوة يوما بعد يوم، لتكون قادرة على تجنب أثر قوة الدول الأخرى. وهذا بدوره يُصَيِّر الآخرين أقل إحساسا بالأمن، ويدفع بهم لتحضير أنفسهم لأسوأ الحالات. ولأنه لا وجود للأمن المطلق والتام، فإن التنافس سيكون حتميا، وتكون النتيجة دوامة متصاعدة من انعدام الأمن بين وحدات المنتظم الدولي. من هذا المنطلق
“تصف (معضلة الأمن) ظرفا تبدو فيه الجهود لتحسين الأمن القومي كما لو أنها أعمال مهددة للدول الأخرى، فتؤدي بالتالي إلى خطوات عسكرية مضادة. وهذا بدوره قد يقود إلى انحدار واضح في الأمن بالنسبة للدول جميعها.”
وتجدر الإشارة إلى أن “الدراسات الأمنية الواقعية الجديدة” Neorealism security studies تؤكد على أن معضلة الأمن تنشأ أساسا من بنية النظام الدولي أكثر مما تنشأ من الدوافع أو النوايا العدوانية لدى الدول،
“فيزداد هذا الأساس البنيوي حِدَّة بسبب الميول المحافظة التي نفهمها لدى واضعي الخطط الدفاعية، حين يتحضرون للأسوأ ويركزون على قدرات خصومهم بدلا من اعتمادهم على نواياهم الحسنة. وبينما يجب النظر إلى بنية النظام الدولي على أنها شرط مسبق أساسي في المعضلة الأمنية ،إلا أن حدة هذه الأخيرة ناجمة عن طبيعة القدرات العسكرية العنيفة بحد ذاتها، وعن الدرجة التي تنظر فيها الدول إلى الآخرين بوصفهم مصدر تهديد بدلا من أن يكونوا حلفاء”.
لقد هيمن الموضوع الخاص بطبيعة المعضلة الأمنية، وهل هناك مفر منها على النقاش الدائر في الدراسات الأمنية الواقعية الجديدة؛ فبينما يعتقد الواقعيون البنيويون بأن المعضلة الأمنية حالة مزمنة في السياسة الدولية بفعل الفوضى التي تضع حدودا صارمة حول إمكانية حدوث تعاون في النظام الدولي، يؤكد الواقعيون التاريخيون على إمكانية تخفيف آثارها عبر آلية ميزان القوى.
فأنصار التحليل البنيوي للدراسات الأمنية يستندون على مسألتين مهمتين تجعلان من التعاون بين وحدات النظام الدولي صعب المنال:
• مسألة الغش والخوف وانعدام الثقة: فالخوف وانعدام الثقة مكوِّنان من صميم معضلة الأمن. ومع أن الواقعيون الجدد من أمثال “والتز” Waltz و “ميرشايمر”Mearsheimer يسلمون بإمكانية التعاون في ظل الفوضى، إلا أن تحقيقه والمحافظة عليه أكثر صعوبة بين الدول، لأن هذه الأخيرة ستبقى خائفة من قيام الآخرين بنقض الاتفاقيات التي تعقدها وإحراز سبق عليها. أما بالنسبة للواقعين الدفاعيين من أمثال “ستيفن فان ايفيرا” Stephen Van Evera،”جاك سنيدر” Jack Snyder،”ستيفن والت” Stephen Walt فيعتقدون أن اتباع ومواصلة الاستراتيجيات الحذرة هي الضامن الأفضل للأمن ؛فالدول تسعى إلى الأمن قبل القوة، ولذلك عليها عقد اتفاقيات وعلاقات دبلوماسية خاصة مع الدول الكبرى لتحقيق أمنها. وشيئا فشيئا يُعوَّض “ميزان القوى” بــ “ميزان الردع” ، وهذا ما يؤدي إلى تقليص المأزق الأمني.
• مسألة المكاسب النسبية: يرى الواقعيون الجدد أن الدول تميل إلى الاهتمام بالمكاسب النسبيىة أكثر من تركيزها على الكاسب المطلقة. وبالتالي فما يهم الدول ليس فقط الاستفادة من المحصلات المختلفة، ولكن أيضا كم تستحق من الفائدة مقارنة بمنافسيها. وعليه فهم يتساءلون حول: من الذي يكسب أكثر من التعاون الدولي؟
فكما يرى “جوزيف غريكو”Joseph Grieco فالدول تَمَوْضُعِيَة بطبيعتها Positionalistes ؛أي أنها دائما في سعي لمقارنة بعضها بالبعض.
“فالدول في قلق من أن صديق اليوم ربما يكون عدو الغد في الحرب، وفي خشية من أن المكاسب التي تمنح تفوقا للصديق في الحاضر قد تصنع عدوا محتملا خطيرا في المستقبل. وبالتالي ،فعلى الدول أن تولي اهتماما بالغا بمكاسب الشركاء.”
فالفوضى كما يراها “جوزيف غريكو” Joseph Grieco و”ستيفن كرازنر”Stephen Krasner تدفع بالدول إلى الريبة والقلق بخصوص المكاسب المحصلة من خلال التعاون، زيادة على طريقة توزيعها بين المتعاونين. وتبرير ذلك أساسه أن الدول التي تكسب أكثر مما يجنيه شركاؤها ستصبح تدريجيا أقوى، بينما يصبح شركاؤها أكثر هشاشة.
غير أن واقعيين آخرين من أمثال “شارلز غلاسر” Charles Glaser ممن يوصفون بأصحاب “الواقعية المشروطة” Contingent Realism فيؤكدون على وجود هامش رحب من الظروف التي يمكن للفاعلين أن يحققوا فيها أهدافهم الأمنية بعيدا عن السياسات التنافسية المؤدية للحرب. وعليه فهم يرون أن الأمن “مشروط بالظروف السائدة في حينه “.
ففوضوية النظام الدولي ونزعة العون الذاتي ليستا بالضرورة مدعاة للمنافسة المنتهية بالحرب. كما أنه في غالب الأحوال من الفضل القبول بالتكافؤ التقريبي بسبب المخاطر التي تكتنف السعي لتحقيق أقصى المكاسب. بالإضافة إلى تأكيدهم على أن مسألة الغش قد انطوت على مبالغة، فقد جادل كل من “شيلينغ”Schelling و “هالبرين”Halperein بأنه من شأن الغش أن يؤدي إلى مكاسب استراتيجية هامة، وأن اتفاقية تترك احتمالا لحدوث هذا هي اتفاقية مرفوضة. غير أن الأخطار التي ينطوي عليها الحد من الأسلحة قد تكون مقبولة أكثر من الأخطار التي ينطوي عليها سباق التسلح.
1. 3. إشكالية توسيع وتعميق الدّراسات الأمنية: الواقعية وإعادة صياغة مفهوم الأمن.
لقد ظهر النقاش حول مفهوم الأمن بداية الثمانينيات، لكنه أخذ شكلا أكثر وضوحا و جدية على مدى سنوات التسعينيات. فعلى عكس الدراسات الاستراتيجية التي حصرت مفهوم الأمن ضمن المجال العسكري البحت، فقد تطورت الدراسات الأمنية على قاعدة التساؤل حول إمكانية توسيع وتعميق هذا المفهوم؛ توسيعه ليضم تهديدات عدا التهديد العسكري/الدَّوْلَتِي ،وتعميق مرجعيته إلى وحدات أخرى غير الدولة.
من الجدير بالذكر بداية، فهم السياق الذي تشكل فيه هذا النقاش النظري وتطور. فقد برز على خلفية الوفاق بين المعسكرين ونهاية الحرب الباردة في سنوات الثمانينيات. وبالموازاة مع هذا الوفاق الدبلوماسي انخرط هذا النقاش ضمن سياق الحركات الاجتماعية الساعية للسلام والرأي العام، اللذان دعوا إلى دمقرطة السياسات المتعلقة بالمسائل الاستراتيجية بحثا عن الشفافية والشرعية، وضرورة تبني سياسات خارجية ذات رؤى توسطية ومعتدلة. ومن هنا بدأ النقاش شيئا فشيئا يأخذ حيزا متناميا عبر وسائل الإعلام وفي داخل الوعي الجماعي، وحتى ضمن الأجندة الأمنية لمختلف الفواعل الحكومية وغير الحكومية التي حَوَتْ تهديدات مختلفة كالصراعات الاثنية والدينية، وكذا الأزمات الاقتصادية والايكولوجية التي ظلت محجوبة عن النقاش طيلة سنوات الحرب الباردة.
ومن هذا المنطلق فقد غذت كتابات العديد من المنظرين هذا النقاش خاصة منهم: “باري بوزان” Barry Buzan،”أول واييفر”Ole Waever،”ستيفن والت” Stephen M. Walt،”هلغا هفتندورن” Helga Haftendorn،”محمد أيوب” Mohammed Ayoob،”ريتشارد ايلمان” Richard Ullman،”إدوارد كولودزيج” Edward A.Kolodziej،”جوزيف ناي” Joseph S.Nye،”لين جونز” Lynn-Jones، والذين مثلوا الاتجاهات المرجعية الكبرى في إعادة صياغة مفهوم الأمن داخل المنظار العقلاني.
1.3 “ستيفن والت”Stephen M. Waltوالدفاع عن الطرح التقليدي
يعتقد “والت” Walt أن الحفاظ على الانسجام والتناسق الفكري والعملي داخل المنظار الواقعي والدراسات الأمنية يمثل الانشغال الابستيمولوجي الثابت الذي يجب أن يؤطر مجمل العملية التنقيحية لمفهوم الأمن. فإذا كان الأمن من وجهة النظر الواقعية يندرج ضمن مجال الاستراتيجية، فإن أي تحول في مفهومه [توسيع/تعميق] سيجعل فضاء الاستراتيجية/الأمن يعرف تغيرا كبيرا ،ويصبح معه أكثر تعقيدا واتساعا. من هذا المنطلق فقد عارض “والت”Walt المراجعة المَفْهَمِيَة للأمن التقليدي، على اعتبار أن أي عملية توسيع أو تعميق سَتُصَيِّر الدراسات الأمنية كلا فكريا غير منسجم وعبثي التطبيق. وهي تتبدى ليس فقط كخطأ تحليلي ولكن كلا مسؤولية سياسية أيضا.
لقد أشار “والت”Walt في مقالته الشهيرة “النهضة للدراسات الأمنية” إلى أن الأمن ببساطة يتعلق بظاهرة الحرب، مقتبسا التعريف المقدم من طرف “جوزيف ناي” Joseph S.Nye و”لين جونز” Lynn-Jones له بأنه يدور حول “دراسة التهديد واستخدام ومراقبة القوة العسكرية”. ومع هذا فقد جلب مراجعة طفيفة لمفهوم الأمن عندما أضاف ما أسماه Statecraft أو إدارة شؤون الدولة. لأنه رأى أن القوة العسكرية لا يمكن لها أن تكون الضامن الوحيد للأمن الوطني؛ فالتهديدات العسكرية لا تمثل أبدا التهديدات الوحيدة في البيئة الأمنية الجديدة.
لكن على الرغم من أن اقتراحه يبدو للوهلة الأولى إلى حد ما توسيعا للمفهوم التقليدي للأمن، إلا أن هذه العملية التنقيحية للمفهوم تبقى دائما ضمن النطاق المحدود للاستراتيجية/الأمن ؛فالدولة لا تزال حصرا الوحدة الجديرة بالحماية. بالإضافة إلى أن تصوره هذا ليس مستحدثا، فمنذ “كلاوزفيتز”Clausewitz ساد الاعتقاد بأن “الحرب هي استمرار للدبلوماسية بوسائل أخرى”. ولذلك ،فكل ما ينتهي إلى الدبلوماسية مثل ما يدعوه “والت”Walt بإدارة شؤون الدولة كان بالفعل جزءا مندمجا ضمن إطار الاستراتيجية/الأمن.
ومع أنه يقر بأن الظواهر غير العسكرية كالفقر وتعاطي المخدرات وداء السيدا يمكن أن تهدد أمن الأفراد كما تهدد أمن الدول، إلا أنه ولأسباب ابستيمولوجية يرفض رفضا قاطعا أن تندمج مثل هذه الظواهر في مفهوم الأمن، لاعتقاده أن مثل هذا المنطق من التفكير وهذه العملية التوسيعية المفرطة ستقود إلى إدراج مسائل مثل التلوث والركود الاقتصادي وحتى إساءة معاملة الأطفال، واعتبارها تهديدات أمنية. وأي تعريف كهذا سيدمر تناسق الحقل الفكري والمنطقي ويجعل الأمر أكثر صعوبة لإيجاد حلول لأي من هذه المشاكل الهامة.
وبالمثل يجادل “لورنس فريدمان” Lawrence Freedman أنه إذا كان
“أي شيء يبعث القلق ويهدد نوع الحياة يوسم بأنه ‘مشكلة أمنية’، فالحقل يخاطر بفقدان جميع اهتماماته المركزية [...] فالدفاع عن الأمة ضد داء مُعْدٍ مشكلة تختلف تماما عن دفاعها ضد هجوم بالصواريخ الباليستية”.
وفي ذات السياق، أكد “روبرت دروف” Robert H.Droff على أن أي تعريف موسع للأمن سيلقي بظلاله على العديد من المشاكل المعاصرة ،والتي لا يمكن لها أن تشكل مسائل أمنية لأن “المشاكل ليست مفهوما” Problems is not a concept ،فهي لا تمنحنا تنظيما للحقائق يساعدنا على إيجاد فهم مشترك للظاهرة الأمنية. كما لا تزودنا بمقاربات سياسية ممكنة لمعالجة هذه المشاكل.
وعليه فالتصور “الوالتي”[نسبة إلى والت] للأمن يندرج ضمن إطار نظرية حل المشكلة التي لا تستفهم حول العالم ولكن تعتبره أمرا مسلما به و”واقعا” غير قابل للتغيير. لذلك فهو يسعى إلى شرعنة والحفاظ على سمعة وسلطة المنظار الواقعي ضمن دراسات الأمن، والذي يتصف حسبه بالعلمية بوصفه منتجا للحقائق وكدليل للممارسات في العلاقات الدولية. بالإضافة إلى أن مفهومه المنقح عن الأمن يبقى مستندا إلى الافتراضات العقلانية في البحث العلمي ،فقد كتب يقول
“[...]وحتى الخطوط المجردة للغاية من البحث ينبغي أن تسترشد بهدف حل مشاكل العالم الحقيقي Solving real-world problems“
ومع هذا يبقى “والت”Walt بمقالته الشهيرة “النهضة للدراسات الأمنية” واحدا من بين الكتاب الذين حظوا باهتمام بالغ في النقاش الخاص بإعادة صياغة مفهوم الأمن، غير أنه على رأي بعض المنظرين النقديين لا ينتمي إلى هذه “النهضة” من الدراسات الأمنية، ولكن إلى حد ما إلى الفترة التي عرفت باسم “الدراسات الاستراتيجية الحديثة”les études stratégiques récentes.
2.3.الأمن الموسَّع: “هلغا هفتندورن” Helga Haftendornوضرورة بناء منظار أمني جديد
لقد شهد حقل الدراسات الأمنية لفترة ما بعد الحرب الباردة سجالا فكريا قويا حول طبيعة ومكونات مفهوم الأمن، وهو ما انصب بالأساس على محاولة توسيع مفهومه التقليدي – الذي لم يتعد حدود ضمان “بقاء الدولة” في مواجهة أي تهديد “خارجي” كونها فاعل عقلاني ومحرك للعلاقات الأمنية – ليشمل قضايا الاقتصاد والبيئة والمجتمع …إلخ.
فالمطالبة بإعادة تعريف مكونات الأمن الوطني تعود إلى أن التصورات والمؤسسات الحاكمة للعلاقات الدولية في فترة ما بعد الحرب أصبحت غير قابلة للتعامل مع الحقائق الجديدة للبيئة الأمنية.ويشير بعض المفكرين إلى أن هذا النقاش [التوسيعي/التعميقي] قد انبعث من رحم ثلاثة أسباب رئيسية:
• تذمر الدارسين من التأسيسات الواقعية الجديدة التي تصبغ الحقل وتحاول الهيمنة عليه؛
• الحاجة إلى الاستجابة للتحديات التي فرضها النظام الأمني بعد الحرب الباردة؛
• الشغف المستمر لتحديث الحقل وجعله متوائما و الانشغالات المعاصرة.
من هذا المنطلق، دعت “هلغا هفتندورن”Helga Haftendorn إلى ضرورة توسيع نطاق مفهوم الأمن و مراجعته على اعتبار أن
“التصورات الهوبزية و الكانطية و القروشيوسية[نسبة إلى Grotius] للأمن لا توفر منظارا كافيا ولا حتى تفسيرا مرضيا للتغير في العلاقات الأمنية التي نشهدها في أجزاء كثيرة من العالم اليوم. فلتوضيح مفهومنا للأمن ولبناء منظار قابل للاختبار امبريقيا يجب تحديد توليفة من الفروض القابلة للملاحظة ونواة صلبة من الاقتراحات غير القابلة للدحض وسلسلة من الشروط المحددة سلفا والتي هي وفقا لـ ‘لاكاتوس’Lakatos ضرورية لبرنامج بحث ‘متقدم’ يقود إلى حقائق وتفسيرات جديدة .”
ومن هنا، فإن أي منظار أمني جديد يجب أن يكون قادرا على:
• تفسير التباينات النوعية والتغيرات الحاصلة في مختلف الأقاليم وكذا تفسير التحول من مفهوم مهيمن Dominant concept إلى آخر؛
• كما يجب أن يكون ذو مستويات تحليلية متعددة؛ أي غير محصور ضمن أحادية المسألة/المنطقة Issue/Area .
هذا، وقد رأت عالمة السياسة الألمانية أنه بإمكان حقل الدراسات الأمنية أن يتطور إلى “حقل دولي حقيقي”A Truly international discipline ،تتم دراسته عبر رؤية متعددة الميادين المعرفية والثقافات والتي تسمح لمفهوم الأمن من أن يشتمل على طائفة واسعة من المواضيع المتعلقة بــــ:
• نظرية وتاريخ الأمن، الحرب والصراع؛
• القيم و التراث الثقافي، مفاهيم الأمن الاقليمي ،الدولي والشامل؛
• المجتمعات الأمنية وبناء المؤسسات؛
• الأبعاد الاقتصادية والايكولوجية للأمن، تحديات الارهاب والاتجار غير المشروع بالمخدرات؛
• سياسات الدول الدفاعية، الاستراتيجية النووية، أنظمة التسلح ،مراقبة ونزع السلاح.
لكن وعلى الرغم من هذه القائمة الطويلة من المسائل، فهذا المفهوم الموسع للأمن لا يتجاوز إلى حد كبير المفهوم الواقعي التقليدي لبقائه محصورا في المجال العسكري أو بشكل أكثر تحديدا ضمن حالات العنف الفعلي أو المحتمل.
وفي السياق ذاته، لا يمكن إغفال إسهام كل من “ريتشارد ايلمان“ (1983)Richard Ullman و “جسيكا توشمان ماثيو”Jessica Tuchman Mathews (1989) الذين كان لهما فضل السبق بمعية “بوزان”Buzan (1983) في فتح وتغذية النقاش التوسيعي داخل المنظار المهيمن Le paradigme hégémonique
فبداية يعتقد “ايلمان” Ullman أن تعريف الأمن بمصطلحات عسكرية يقود إلى رسم صورة مزيفة وخاطئة عن الواقع الدولي. كما أنه ينطوي على خطرين؛ فحث الدول على التركيز على التهديدات العسكرية وإهمال ما سواها من الأخطار الأخرى “قد يكون ضارا” ويعود عليها بالخسارة. بالإضافة إلى أنه يقلص من أمنها الشامل ويدفعها إلى أن تنخرط في “عسكرة عامة للعلاقات الدولية”.
فالأمن كما يراه “ايلمان” Ullman يكون عرضة للتهديد
“عندما يؤدي فعل أو سلسلة من الأحداث إلى تدهور في مستوى معيشة سكان دولة ما بطريقة حادة وسريعة نسبيا، أو يعكس بشكل ذو مغزى الحد من هامش اختيار السياسات الممنوحة لحكومة الدولة أو لوحدات غير حكومية كالأفراد والجماعات والمؤسسات داخل الدولة ذاتها”.
من خلال هذا الطرح تتجلى لنا النظرة التوسيعية لدى “ايلمان” Ullman، فهي تأخذ بعين الاعتبار التهديدات غير العسكرية التي تتحدى الأمن الوطني. كما أنها تدرج فواعل أخرى عدا الدولة [أفراد ، جماعات، مؤسسات].
في حين ركزت “ماثيو”Mathews ببساطة على المسائل الايكولوجية ورأت أن
“التطورات العالمية الحالية توحي بالحاجة إلى تعريف أكثر اتساعا للأمن الوطني بإدراج المسائل الخاصة بالمصادر والبيئة والسكان”.
3.3. “محمد أيوب”Mohamed Ayoub و”الواقعية المهمشة”Subaltern realism :العالم الثالث والدِّراسات الأمنية
لقد طرح أنصار مدرسة العالم الثالث للدراسات الأمنية Third world security studies العديد من التساؤلات حول مدى ملاءمة النظريات الأمنية القائمة في الحقل على غرار غيرهم من أصحاب الاتجاهات الفكرية المغايرة. فقد واجه المفهوم التقليدي للأمن تحديات على أكثر من صعيد ؛فمن جهة لم تعد الدولة الفاعل الوحيد المؤثر في التفاعلات الدولية، بل امتد هذا التأثير ليطال فواعل أخرى غير الدول [المنظمات الحكومية الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية والجماعات الإرهابية...].ومن ناحية أخرى، فقد كشفت تحولات البيئة الأمنية لفترة ما بعد الحرب الباردة عن تنوع في مصادر التهديد للدولة الوطنية – عدا التهديد العسكري الخارجي الذي حظي بالأولوية الاستراتيجية لدى أنصار الطرح التقليدي-،هذه الأخيرة التي أصبحت مواجهة بمجموعة كبيرة من التهديدات كالجريمة المنظمة، الإرهاب الدولي، التغيرات المناخية، انتشار الأمراض والأوبئة[...]،أين تكون القوة العسكرية غير صالحة بشكل واضح لمواجهتها في مقابل إمكانية أن تتعدى آثارها آثار التهديد العسكري ذاته.
من هذا المنطلق فقد أكد “محمد أيوب” Mohamed Ayoub على أن المحاولات الحثيثة لتوسيع مفهوم الأمن ما وراء استخدامه الواقعي التقليدي قد خلق مأزقا لدى دارسي العلاقات الدولية؛ فمن ناحية، تأكد أن التعريف التقليدي للأمن والذي هيمن على الأدبيات الغربية غير كفيل بشرح طبيعة مشكلة الأمن متنوعة الأوجه ومتعددة الأبعاد و التي تواجه جل أعضاء النظام الدولي، غير أن التوسيع الأعمى و”غير المميز” يهدد بجعل المفهوم “مرنا” إلى الحد الذي يَصِير معه غير قابل للاستخدام كأداة للتحليل من ناحية أخرى.
ولهذا السبب فقد سعى “محمد أيوب” Mohamed Ayoub إلى ابتكار مفهوم بديل للأمن، والذي مع حفاظه على الاستبصارات القيِّمة للمنظار الواقعي، فإنه يتعدى حدود تمركزه على الذات وحصره للتهديدات في الخارجية منها. وهذا بمحاولة إدماجه للانشغالات الأمنية لأغلبية أعضاء النظام الدولي – من الدول “المهمشة” والتي عادة ما تصنف على أنها ضعيفة وهشة في درجة متدنية-ضمن مفهومه عن الأمن.
“فالأمن أو اللاأمن يعرف بعلاقته بالهشاشات الداخلية والخارجية التي تهدد فعليا أو احتمالا بضرب بنية الدولة المتمثلة في إقليمها، مؤسساتها، نظام حكمها أو إضعافها.”
وعليه فأهمية المنظار الواقعي التقليدي الذي يدرس الدول كفواعل موحدة تنشغل بضمان سلامتها من التهديدات الخارجية قد تراجع بفعل حقيقة أن أغلب الصراعات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هي “داخل الدولة”Intra state في طبيعتها، أو لها بعد هام داخلها. والأدهى من ذلك، أن جل هذه الصراعات منذ عام 1945 قد جرت داخل أراضي ما يعرف بالعالم الثالث الذي لم تكتمل به مسارات بناء الدولة بعد. فقد قدرت دراسة لـــ “استفان كيند”Istvan Kende أنه من أصل 120 حربا خلال الفترة الممتدة من 1945 إلى 1976 ، 102 منها كانت حروبا داخلية[صراعات قبلية، حروب أهلية، حروب مناوئة لنظام الحكم...]،في حين خلصت دراسة أخرى أعدت من طرف “سيقال وكيدروم”Segal and Kidrom والتي غطت الفترة من 1973 إلى 1986 إلى مزيج من 66 حربا داخلية و30 حربا حدودية.
فظهور العالم الثالث قد مثل تحديا للفهم المهيمن على الأمن في ثلاث نقاط مهمة:
• في تركيزه على المستوى ما بين الدَّوْلَتِي Inter-state level كنقطة أصيلة للتهديدات الأمنية؛
• في إقصائه للظواهر غير العسكرية من أجندة الدراسات الأمنية؛
• وأخيرا في اعتقاده أن التوازن الشامل للقوة هو الوسيلة الشرعية والفعالة في النظام الدولي.
فجذور عدم استقرار العالم الثالث هي داخلية بالأساس، وتجد نفسها في البنى الهشة للدولة التي ظهرت جراء مسارات التحرر من الاستعمار. هذه البنى المفتقرة إلى التوافق بين الأبعاد الإقليمية للدولة ومكوناتها المجتمعية والاثنية. وعليه فمصطلح الأمن الوطني يبقى محدود النفعية في شرحه لحقيقة المشاكل الأمنية التي واجهت الأغلبية الكبرى في النظام الدولي والتي تناقض فهمه التبسيطي لإشكالية الأمن.
فالأمن ضمن سياق العالم الثالث لا يعود ببساطة إلى البعد العسكري، ولكنه كما يرى “ريمو فايرينان”RaimoVayrynen
“بسبب هشاشة النظام الاجتماعي ،فالتكاليف الهامشية للهشاشة الاقتصادية ،التدهور الايكولوجي والتشرذم الاثني هي مشكلات مستعصية في الدول النامية أكثر منها في الدول المصنعة. فمفهوم الأمن في الدول النامية لا يمكن فصله عن التهديدات غير العسكرية للأمن.”
وبالنتيجة، فطبيعة الأمن “كرمز غامض” أكثر تحققا في مجتمعات العالم الثالث أكثر منه في دول الشمال الصناعي. ففي نقده لمنظار الأمن الوطني لاحظ “روب والكر”Rob Walker أن
” الدولة ذاتها لا يمكن لها أن تكون مانحة الأمن كما في الرؤية التقليدية. فهي بأوجه عدة المصدر الأول للاأمن [...]فمن الصعب رؤية كيف يمكن لأي مفهوم مُجْدٍ للأمن أن يغفل دور الدولة ومشاركتها في التعدي على حقوق الإنسان في العديد من المجتمعات.”
من منطلق المعطيات السابقة جميعها، اصطلح “محمد أيوب” Mohamed Ayoub على وسم نظرته للأمن بــــ “الواقعية المهمشة”Subaltern realism في إشارة منه إلى أنها مركب يجمع بين الميزة السياسية ومركزية الدولة من جهة، وحساسيته لانشغالات الغالبية العظمى من الدول الأقل قوة وشأنا، والتي دَلَّ عليها استخدامه للفظ[ Subaltern ]الذي استوحاه من “غرامشي” Gramsci،والذي يجد أصوله في “المدرسة المهمشة للتاريخ”Subaltern school of history المتكونة أصلا من المؤرخين الهنديين الذين عكفوا على دراسة “دور العناصر الأقل قوة” كالفلاحين والحرفيين – والمكونون للأغلبية- داخل مجتمعاتهم. لكن عملهم هذا تجاهلته نخبة المؤرخين التقليديين الذين عادة ما ينصرفون إلى التركيز على نشاطات العناصر الأقوى. وهو بهذا يصل إلى مطابقة صريحة بين أعمال المؤرخين الهنديين المهمشة والعالم الثالث الذي يمثل العنصر المتجاهل داخل المجتمع الدولي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لمنظـــار الواقعــي وإعــادة صياغــة مفهــوم الأمــن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1