باكستانإتّسمت علاقات إيران بباكستان عبر العقود الماضية بالتعاون وحسن الجوار، ولكن يبدو أنها منذ الحرب على أفغانستان قد أخذت بالتراجع المتواصل. كان التنسيق والتعاون قائمًا أثناء الحرب الباردة، حيث تعاون البلدان على دعم الفصائل الأفغانية المقاومة للاحتلال السوفياتي، وتوسّع التعاون بينهما ليشمل القّوات المسلحة. لكن مع زوال أفغانستان كنقطة جامعة للتعاون، فقد سادت العلاقات بينهما أجواء من الفتور والحذر خصوصًا في فترة حكم طالبان والدعم الكبير الذي كانت تقّمه باكستان لطالبان. بعد سقوط حكم طالبان دخل الرئيس الباكستاني برويز مشرّف كشريك أساسي في الحرب على الإرهاب إلى جانب الرئيس بوش، كان من الطبيعي أ، يثير التحالف الجديد مع أميركا حفيظة وهواجس إيران. ولا يمكن أن تخفي طهران القلق الذي تشعر به من امتلاك باكستان للسلاح النووي، حيث تشعر إيران بالضعف حيال باكستان منذ امتلاك هذه الأخيرة للسلاح النووي. يستمر الشعرو بالقلق لدى إيران منذ عام 1998 بعد مقتل ديبلوماسي إيراني معتمد في باكستان بأن هناك خطرًا مستمرًا يتهدد الشيعة الباكستانيين، وبأن الحكومة الباكستانية لا تواجهه بالفعالية اللازمة، وبأن هذه التحديات والمخاطر قد ازدادت بعد إدخال حكم الشريعة إلى الدولة، وتشعر طهران أن هناك تواصلًا ما بين بعض التيارات داخل السلطة الباكستانية والتيارات السلفية المعادية للشيعة في داخل المملكة العربية السعودية. ولا تخفي إيران هواجسها من أن يؤّدي الاضطهاد المذهبي إلى نزوح أعداد كبيرة من الشيعة الباكستانيين باتجاه الأراضي الإيرانية.
لم تمنع كل الاعتداءات هذه قيام تعاون مستمر بين الجيش الإيراني والجيش الباكستاني بما في ذلك في حقل البحث والتطوير لبعض المشاريع الدفاعية الإيرانية، وقد أفادت المعلومات المتوفرة بعد انكشاف المشروع النووي الإيراني بأن باكستان وبواسطة عبد القدير خان وشبكته للاتجار بالتكنولوجيا النووية قد ساعدت الإيرانيين في أبحاث تطوير الطاقة النووية وفي مجال تطوير الصواريخ أيضًا. لكن مواقف الحرس الثوري الإيراني مع الجيش الباكستاني لا تتسم بنفس الثقة وروح التعاون القائمة بين الجيشين الإيراني والباكستاني. وتنظر قوات الحرس الثوري بعين الريبة إلى التحالف الاستراتيجي بين باكستان والولايات المتحدة في موضوع الحرب على الإرهاب، وتشعر إيران أن هذا التحالف يشكل استكمالًا للطوق الأميركي المضروب حولها بهدف عزلها. تضاف إلى أجواء الريبة والشك لدى إيران المخاوف من توسع الهجمات ضد الشكان الشيعة خصوصًا بعد الهجمات العنيفة التي تعرضت لها بعض المساجد الشيعية في العام 2005، حيث طالبت بعض القيادات الإيرانية المتشددة السلطات الباكستانية القيام بعمل رادع، كما طالبت بعض التيارات في الجانب المتشدد للحكم وفي الحرس الثوري بالثأر من المهاجمين.
روسيا الإتحاديةتطورت علاقات إيران مع روسيا بشكّل سريع خلال العقدين الأخيرين متجاوزة كل الإرث الثقيل المترتب على تاريخ روسيا كقوة استعمارية، حاولت روسيا في أكثر من محطة الاستيلاء على أراض إيرانية وضمها إلى روسيا. وتخطت العلاقات بين طهران وموسكو كل المصاعب التي نتجت عن احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان وأيضًا كل التداعيات المترتبة على الحرب ضد المسلمين في الشيشان. انطلق هذا التطور الإيجابي في العلاقات بين الدولتين، من ضرورات الحرب مع العراق، حيث وجدت إيران أن روسيا تشكل البديل الوحيد الممكن ليحل مكان الولايات المتحدة كمورد للسلاح الذي تحتاجه في الحرب. وتحولت روسيا إلى المورد الأساسي للسلاح والتكنولوجيا النووية بالنسبة لإيران بسبب المقاطعة الصارمة التي فرضها الغرب عليها. لم تتعدّ العلاقات بين البلدين طبيعة العلاقات التجارية، والتي كانت ترتبط إلى حد بعيد بالمعادلة التجارية القائمة على حاجة روسيا للمال لدعم اقتصادية المتهاوي وشركاتها التي تواجه خطر الأفلاس والأقفال وعلى قدرة إيران على دفع ما تشتريه من المصانع الروسية نقدًا. لقد فتحت روسيا أبواب مصانعها لتزويد إيران بالتكنولوجيا التي تحتاجها لتعويض ما خسرته من المقاطعة الأميركية، بما في ذلك ثلاث غواصات من الطراز التقليدي (Three Kilo – Class Submarines).
وتلتقي إيران في نظرتها إلى مخاطر قيام عالم بقطب واحد مع كل من روسيا والصين والهند. لكن بقيت العلاقات مع هذه الدول محض تجارية بسبب طبيعة النظام الإيراني، وبسبب علاقات هذه الدول الوثيقة مع عدد من الدول العربية وخصوصًا مع العراق والدول الخليجية. وتحكمت في علاقات إيران مع روسيا الشكوك التي تبديها هذه الأخيرة تجاه النوايا الإيرانية باتجاه دول الجوار كاذربيجان ودول آسيا الوسطى بالإضافة إلى دعم إيران للحركات الإسلامية "المتطرفة" بما فيها الحركة المسلحة في الشيشان. لم تنفع بعض الجهود الإيرانية لإشاعة أجواء الاستقرار بين المجتمعات الإسلامية التي كانت تشكل جزءًا من الاتحاد السوفياتي بهدف تأخير تفتت الاتحاد، في إرساء قواعد متينة وثابتة مع روسيا. وتحاول طهران في سياستها المعلنة أن تبدد الهواجس الروسية تجاه دعمها للحرب في الشيشان، بما في ذل سكوتها عن الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان في الشيشان ولسياسة القمع الجماعي ضد المسلمين هناك. يعرف الطرفان الإيراني والروسي أن حدود تعاونهما لا يمكن أن تتعدى العلاقات التجارية وخصوصًا في مجال مد إيران بما تحتاجه من سلاح وتكنولوجيا في مجال الطاقة النووية. وترى إيران أن عودة روسيا إلى مصاف الدول القوية والقادرة على مد نفوذها باتجاه جيرانها من جديد لن يخدم المصالح الإيرانية في الجيوبوليتيك الإقليمي سواء باتجاه آسيا أو باتجاه الشرق الأوسط. لكن تجد إيران من الناحية الاستراتيجية أن لديها مصلحة في التعاون مع روسيا من أجل احتواء النفوذ الأميركي في آسيا الوسطى وأفغانستان وشبه القارة الهندية ومنطقة الخليج.
لا يقتصر تعارض المصالح بين إيران وروسيا على النفوذ السياسي في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بل يتجاوز ذلك إلى المشاريع الاقتصادية الكبرى المتعلقة بنقل الطاقة، حيث ترغب إيران أن تكون الممر الأساسي لخطوط الطاقة باتجاه الخليج، وبالعكس، وتشكل روسيا منافسًا رئيسيًا للمصالح الإيرانية في مجال الطاقة. ولم ينشأ، بالرغم من كل العلاقات القائمة بين البلدين، أي بحث في أية شراكة ممكنة في موضوع الطاقة. نشأت خلال هذه الفترة من التعاون في مجال التسلح علاقات وثيقة بي الجيش الإيراني وروسيا، خصوصًا على ضوء تقديم روسيا المعدات والتكنولوجيا التي تحتاجها القوات الإيرانية في مجال الطيران وتكنولوجيا الاتصالات والأقمار الصناعية. وهناك سعي حثيث لإقامة نوع من الشراكة الثلاثية مع كل من روسيا والهند في مجال تبادل الخبرات في حقل البحث والتطوير في مشاريع ذات طابع عسكري صرف. وتحاول روسيا الآن أن تعلب، بتشجيع من الولايات المتحدة وأوروبا وبترحيب إيراني، دورًا أساسيًا في مجال التوسط لإيجاد مخرج للازمة التي تواجهها إيران مع الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إمكانية إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن. وعرضت روسيا في هذا المجال على إيران إقامة مشروع مشترك لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية مقابل وقف إيران لعمليات تخصيب التي عاودتها في الفترة الأخيرة. وبالرغم من الترحيب الإيراني بالوساطة الروسية فإنه لا يمكن التكهن بمدى نجاح المسعى الروسي في إنهاء الأزمة الراهنة بعدما احيل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.
الصيننمت العلاقات بين إيران والصين خلال العقدين الماضيين وتركز هذا النمو على مجال التعاون العسكري، حيث باعت الصين لإيران معظم نظم الأسلحة الرئيسية التي تحتاجها بما في ذلك أكثر من مئة طائرة مقاتلة وآلاف الدبابات والعربات المدرعة والمدافع وعدد من المراكب البحرية. لم تقتصر الصفقات التجارية على الأسلحة التقليدية بل تعدتها لتشمل صواريخ متوسطة المدى وأيضًا تكنولوجيا متطورة تحتاجها إيران لتطوير برنامجها الطموح والخاص لبناء صواريخ جديدة متوسطة وبعيدة المدى. وهناك معلومات كشفت عنها المصادر الغربية حول تزويد الصين لإيران بتكنولوجيا تحتاجها في برنامجها النووي. ومارست الولايات المتحدة أقسى أنواع الضغوط على الصين من أجل وقف نقلها للتكنولوجيا النووية إلى إيران
(50). وكان وزير الدفاع الأميركي الأسبق ويليام كوهين قد سعى اعتبارًا من عام 1998 للحصول على ضمانات صينية (مع الرئيس جيانغ كزامن) بوقف الصين لمبيعاتها من الصواريخ الجوالة والصواريخ المضادة للسفن وللتكنولوجيا النووية لإيران.
باعت الصين لإيران الأسلحة من كل الأصناف، وجنت من ذلك أرباحًا طائلة تقدر بمليارات الدولارات وخصوصًا خلال سنوات الحرب على العراق. صحيح أن حاجة الصين للتدفقات المالية الخارجية قد شكلت دافعًا أساسيًا لهذه التجارة إلا أنه وبالرغم من عدم وجود دوافع صينية استراتيجية للعلاقات التي نسجتها مع إيران، إلا أنها ترى في رفض إيران لإقامة علاقات استراتيجية مع روسيا والولايات المتحدة يشكل مكسبًا لبكين.
(51) تجد الصين مصلحة في نسج علاقات استراتيجية مع إيران من أجل تأمين الطاقة النفطية بحيث لا تبقى مرتهنة للشركات الإميركية التي تسيطر على المصادر النفطية الخليجية الأخرى. استعملت الصين العلاقات مع إيران، في أكثر من محطة، كورقة رابحة من أجل التفاوض مع الولايات المتحدة حول بعض المسائل الشائكة. عندما قررت واشنطن بيع تايوان طائرات (أف-16)، أعادت الصين عرضها لبيع إيران صواريخ أم-11، وهي صفقة كان سبق لها وألغتها بناء لألحاح الولايات المتحدة
(52).
ساهم نمو حاجات الصين النفطية مساهمة كبيرة في تطوير العلاقات الإيرانية-الصينية، وكن حاولت واشنطن التأثير على نمو هذه العلاقات من خلال محاولة أقناع الصين بأن تدفق الأسلحة باتجاه إيران سيؤدي في نهاية المطاف إلى تغيير موازين القوى في منطقة الخليج وبالتالي إلى حالة من عدم الاستقرار والتي تعني تهديد منابع وطرق النفط باتجاه الصين. لكن لم تنفع هذه التحليلات في ثني الصين عن تطوير علاقاتها مع إيران، لا بل ردّ المحللون الصينيون في ذلك بأن الصين هي بحاجة لزيادة الترابط الاستراتيجي مع إيران.
عملت الصين مؤخرًا على تسريع إنهاء صفقة مع إيران بمئة مليار دولار تتضمن قيام الشركة الصينية للطاقة (وهي شركة حكومية) بتطوير حقل جبار للنفط في إيران، وذلك بالرغم من جهود الرئيس بوش لإقناع الصين بتشديد عزلة إيران. وترى الصين أن هذا العقد الجديد سيعطي الصين القدرة على تحقيق مخزون نفطي يؤمن لها الضمانة التي هي بأمسّ الحاجة إليها بعدما تضاعفت حاجاتها النفطية مؤخرًا. هناك حاجة إيرانية-صينية لتسريع إنهاء هذا العقد الضخم والتوقيع عليه قبل نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن وإمكانية فرض عقوبات ضد إيران، وذكر تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن العقوبات ستؤثر سلبًا على الاستثمارات الصينية في إيران
(53).
سيؤدي توقيع هذا العقد إلى تحصين التفاهم الذي وقع بين طهران وبكين في تشرين أول عام 2004 والذي تعهدت بموجبه شركة الطاقة الصينية (سينوباك) على تطوير حقل نفط يادافاران مقابل ضمانة إيرانية ببيعها عشرة ملايين طن من الغاز السائل الإيراني خلال 25 سنة مقبلة.
يبدو من الموقف الصيني العام تجاه مجريات الأزمة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني أن الصين لا تريد مجاراة الولايات المتحدة في الضغط على طهران، وهناك احتمال في حال اتخاذ الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارها النهائي بإحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، أن تهدد الصين باستعمال حق النقض لوقف اي قرار دولي بفرض عقوبات قاسية ضد إيران.
تحاول كل من إيران والصين التعاون عن قرب من أجل تحقيق مصالحهما المشتركة، وأن أكبر مؤشر على التعاون المشترك يكمن في التوقيت الذي اختارته طهران للبحث في توقيع العقد في بكين بحيث أنه يتزامن مع قرارها بمعاودة عمليات تخصيب اليورانيوم في منشآة ناتنز. إن الصفقة الخاصة بتطوير حقل يادافاران تشكل جزءًا أساسيًا من سعي بكين لمواجهة كل الهواجس التي تساورها حول تأمين مصادر الطاقة التي يمكن أن تتجاوب مع استهلاكها المتسارع للطاقة والذي يمكن أن ينمو من ثلث حاجاتها السنوية الراهنة ليبلغ 60 في المئة عام 2020.
تقدر الطاقة الإنتاجية للحقل المذكور 300 ألف برميل يوميًا، وتمتلك الصين حق الاستفادة من 51 في المائة والهند 29 في المائة والباقي من قبل إيران أو مستثمرين آخرين. في مقابل كل ذلك تجد إيران أن الصين حليفًا استراتيجيًا على المستوى التجاري وفي حقل تأمين حاجاتها الدفاعية. وتحتاج طهران إلى دعم بكين لها لمواجهة الضغوط الغربية سواء داخل مجلس الأمن أو في نقل ما يمكن أن تحتاجه من تكنولوجيا متطورة حتى بعد صدور قرار دولي يدين إيران بعدم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
(54).
أوروباحاولت الدول الأوروبية منذ قيام الجمهورية الإسلامية الحفاظ على علاقات جيدة ومختلفة عن العلاقات المتدهورة التي نشأت بين إيران والولايات المتحدة والتي بدأت مع أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية في طهران عام 1979، وما زالت مستمرة في التدهور حتى اليوم. حافظت معظم دول أوروبا على علاقات ديبلوماسية طبيعية مع أيران حتى في أصعب مراحل التصعيد الثوري الإسلامي. وكانت قد ظهرت أزمة طارئة بين إيران وبريطانيا لفترة محددة بسبب الفتوى محددة بسبب الفتوى التي أصدرها الإمام الخميني ضد الكاتب البريطاني سلمان رشدي بعد صدور كتابه "آيات شيطانية" حيث رأت إيران بأن فيه إهانة وطعنًا للإسلام والمسلمين. تركزت العلاقات بين إيران والدول الأوروبية على الاقتصاد والتجارة، حيث استطاعت إيران من خلالها التعويض عن غياب الولايات المتحدة عن الأسواق الإيرانية بسبب المقاطعة التي فرضتها الولايات المتحدة بعد أزمة الرهائن. وكانت أوروبا قد جهدت منذ عام 1992 لإطلاق حوار "نقدي" للمواقف الإيرانية بهدف التأثير على سلوكية إيران السياسية وتغيير مواقفها المتصلبة ولكن لم تفض هذه المناقشات إلى نتائج ملموسة.
بدأ الدفء في العلاقات الإيرانية-الأوروبية بعد وصول الإصلاحيين إلى الحكم بقيادة الرئيس محمد خاتمي عام 1997. وأن التطور الأبرز قد حصل من خلال مبادرة أطلقها الرئيس محمد خاتمي عام 1999، في مبادرة عرفت "بحوار الحضارات" حيث أعلنت معظم الدول الأوروبية أن إيران قد تخلت من دعم الإرهاب وبأنها تتعاون في شأن برامجها الخاصة بأسلحة الدمار الشامل.
(55) وكان من أبرز التطورات التي تبعت ذلك استئناف العلاقات الديبلوماسية على مستوى السفراء مع بريطانيا، بعد وعد من الحكومة الإيرانية بعدم مساندة تنفيذ الفتوى بهدر دم سلمان رشدي. استندت علاقات إيران مع الدول الأوروبية خلال هذه الفترة على العامل الاقتصادي وعلى حاجات إيران الملحة للاستثمارات والتكنولوجيا الأوروبية من أحل مساندة الاقتصاد الإيراني المتعثر ومن أجل الحد من الأضرار التي أصيب بها بسبب المقاطعة الأميركية. وكانت السياسة الخارجية الإيرانية قد ركزت جهودها على استغلال التنافس التجاري بين أوروبا والولايات المتحدة. واتخذت الجهود الإيرانية لتوسيع العلاقات التجارية مع أوروبا واليابان طابع الرد المباشر على الحصار الذي حاولت الولايات المتحدة فرضه على إيران خلال فترة الحرب على العراق، وفي مرحلة لاحقة طبقت الولايات المتحدة سياسة الاحتواء المزدوج ضد كل من إيران والعراق
(56).
وكان من أبرز ما حققه الحوار الذي بدأه خاتمي مع الدول الأوروبية بعدما كانت قد شهدت العلاقات معها عمليات مد وجزر بسبب المواقف الإيرانية العدائية من بعض الشخصيات والمجموعات الإيرانية المعارضة والتي تقيم في أوروبا وتصفية بعض رموزها
(57)، إن غيرت إيران سلوكيتها من هؤلاء المعارضين بحيث تكتفي بجمع المعلومات عن نشاطاتهم بدل محاولات تصفيتهم أو خطفهم. حاول الجيش الإيراني الاستفادة مع العلاقات مع فرنسا، والتي كانت تتبع سياسات أكثر استقلالية عن الدول الأوروبية الأخرى في ما يعود للتنسيق مع الولايات المتحدة أو سياسات حلف شمالي الأطلسي تجاه إيران. لمن نستعرض في مجال الحديث عن علاقات إيران بأوروبا ما قامت به اللجنة الأوروبية الثلاثية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) من جهود في مجال المفاوضات الخاصة بالسلاح النووي الإيراني، حيث سيشكل ذلك موضوعًا أساسيًا في الفصول اللاحقة. لكن لا بدّ من الإشارة إلى الانتقادات المتبادلة بين الرئيس الأسبق خاتمي والرئيس الحالي أحمدي نجاد حول التوجهات السياسية الخارجية، فقد انتقد خاتمي المواقف العلنية والمتطرفة التي أعلنها أحمدي نجاد من إسرائيل ومن المحرقة النازية وتجاه الدول الأوروبية. في المقابل ردّ أحمدي نجاد على خاتمي منتقدًا سياسة الانفتاح والحوار التي اتبعها معتبرًا أنها كانت مضيعة للوقت، وبأ،ها قد أضرّت بمصالح إيران الحيوية.
تواجه أوروبا، وخصوصًا كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا التشدد الذي يبديه أحمدي نجاد في تصريحاته الخاصة وكذلك مواقف المسؤولين عن الملف النووي بكثير من الشكوك وصلت حد الإدانة، وذلك انطلاقًا من قناعتهم بأن إيران تسير في الاتجاه الخاطئ منذ انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسًا لها. وهناك شعور بأن السياسة التي تعتمدها إيران مع أوروبا والعالم في الوقت الراهن لا تعبّر عن مصالح إيران وشعبها
(57). وكان الأبرز مجال المواقف الأوروبية ا لانتقادات القوية التي وجهها وزير الخارجية البريطاني جاك سترو للسياسة الخارجية الإيرانية وللرئيس أحمدي نجاد شخصيًا حيث وصف تصريحاته "بالاستفزازية" سواء تجاه إسرائيل أو أوروبا أو في موضوع الملف النووي. وأدان سترو هذه المواقف في خطاب أمام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ملخصًا فيه السياسة الخارجية البريطانية، والتي تتلاقى في تفصيلاتها مع سياسات الدول الأوروبية الأخرى تجاه إيران وخصوصًا كل من فرنسا وألمانيا "تسير إيران للآسف في وجهة خاطئة ومنذ انتخابه (أحمدي نجاد) رئيسًا، حيث يعتمد مع فريق صغير يحيط به سياسات داخلية وخارجية يخشى معها ان تسيء إلى سمعة إيران وعلاقتها مع باقي العالم"
(58).
تشتبه أوروبا الآن، وأكثر من أي وقت مضى في أن إيران، تريد تطوير قنبلة نووية، ولهذا فقد طلبت اللجنة الثلاثية الأوروبية إحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن، والذي يدرس حاليًا إمكانية فرض عقوبات ضد إيران التي استأنفت تخصيب اليورانيوم. ويتميّز الموقف الأوروبي تجاه إيران عن الموقف الأميركي لا تستبعد أميركان الخيار العسكري، فيما تشدد أوروبا على ضرورة إيجاد حل للازمة النووية الإيرانية عن طريق مماسرة الضغوط ولكن بوسائل سلمية وديمقراطية، وعلى أساس أنه لم يفت الأوان لكي يشعر الإيرانيون بضرورة العودة إلى طاولة الحوار واستئناف المفاوضات حول كل الحلول المطروحة بما فيها الاقتراح الروسي اذي يعرض على طهران شراكة روسية-إيرانية لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية. وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد عبّر مؤخرًا عن شعور بلاده بخيبة أمل لسلوك إيران في المحادثات التي تهدف إلى نزع فتيل الأزمة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم "لدينا مؤشرات متناقضة من طهران تارة يقبلون وتارة يرفضون". في الخلاصة تتبع طهران مع أحمدي نجاد سياسة خارجية متقلبة ومغامرة.
الولايات المتحدةيمكن وصف العلاقات الإيرانية-الأميركية بالعلاقات المحمّلة بإرث الماضي الثقيل والبعيد. ولا ترتكز العلاقات بين إيران والولايات المتحدة على المصالح الحيوية للبلدين كما هي الحال بين إيران والدول الغربية الأخرى، ولكنها ترتكز على خلفية إيديولوجية ووطنية، ومقاربة عشوائية تستمد جذورها من الماضي. لا تتعامل الولايات المتحدة مع الجمهورية الإسلامية منذ نشأتها كحكومة شرعية، تحترم القانون الدولي، ويعود ذلك إلى مشاعر العداء لأميركا والتي انطلقت مع عودة الخميني إلى طهران، ومن ثم جاءت عملية السفارة الأميركية في طهران واحتجاز الرهائن الأميركيين لترسي أجواء من العداء المستشري بين طهران وواشنطن. إن تصنيف إدارة بوش إيران بالدولة "الشريرة" التي تدعم الإرهاب بالإضافة إلى استمرار العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، والاتهامات الأميركية لطهران بتأجيج المقاومة في العراق ضد القوات الأميركية وتدخلها المباشر وغير المباشر في الشأن السياسي العراقي، تدفع جميعها نحو مزيد من التشنج في العلاقات الإيرانية-الأميركية. ويأتي الآن الملف النووي الإيراني ليدفع بهذه العلاقات نحو مواجهة حقيقية وقاسية، يمكن أن تصل إلى مواجهة عسكرية، في حال عدم انصياع إيران للإرادة الدولية بعد إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن الدولي. في المقابل تعود جذور العداء الإيراني للولايات المتحدة إلى الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لإنجاح الإنقلاب ضد حكومة مصّدق في بداية الخمسينات، وإلى السياسات الأميركية الداعمة لحكم الشاه محمد رضا بهلوي ودولة إسرائيل
(59).
وكان الدعم الأميركي للعراق خلال الحرب العراقية-الإيرانية ما بين عامي 1980 و1988 قد ولّد شعورًا لدى القيادة والشعب الإيرانيين بأن الولايات المتحدة تناصبهما العداء، وتتربص شرًا بإيران، ونتج عن ذلك ازدياد مشاعر العداء وتعميمها لتشمل معظم الإيرانيين.
يمكن أن تلخص مشاعر معظم الإيرانيين تجاه الولايات المتحدة من خلال القراءة الآتية
(60) يعتبر السيد محمد حسين عادلي نائب وزير الخارجية الإيرانية أن سياسة إيران الخارجية قد مرّت في ثلاث مراحل منذ قيام الجمهورية: (1) بناء المؤسسات ووضع سياسة دفاعية (2) إعادة البناء بعد حرب الثماني سنوات مع العراق (3) الانفتاح والتدويل. ورافقت هذه المرحلة الأخيرة جهود لتطوير الاقتصاد وذلك بالتركيز على الصادرات الإيرانية غير النفطية والبحث عن استثمارات خارجية. وتركز الخطة الاقتصادية الرابعة والتي وضعت عام 2004 ولأول مرة على الانفتاح على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك درس إمكانية دخول إيران "منظمة التجارة العالمية" والعمل على استيراد إيران للتكنولوجيا المتطورة
(61).
تؤشر السياسة الخارجية الإيرانية الآن إلى اعتبار علاقات إيران الاقتصادية في مقدمة الاعتبارات في علاقاتها الدولية. ولهذا السبب فإن إيران تجد في سياسة العقوبات والحصار التي تتبعها الولايات المتحدة ضدها تهديدًا مباشرًا لأمنها واستقرارها الاجتماعي.
بدّد انتخاب محمود أحمدي نجاد والمواقف الاستفزازية التي عبّر عنها، بالإضافة إلى المشروع النووي الإيراني جميع الإيجابيات والاحتمالات حول إمكانية فتح صفحة جديدة من العلاقات بين إيران والولايات المتحدة. ليس هناك من أمل في ظل الظروف الراهنة باستئناف الحوار الذي كان قد بدأ في عهد خاتمي أو ذلك الذي تلاه مع فريق الراغماتيين الإيرانيين برئاسة هاشمس رفسنجاني. إن الحوار الذي كلف بفتحه مع إيران السفير الأميركي في بغداد زالماي خليل زاد لا يتعدى البحث في مسائل التدخل الإيراني في العراق، وقد أكدت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ذلك. من المتوقع أن تشهد العلاقات الإيرانية-الأميركية المزيد من التوتر والتحديات بعد إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن. وكانت إيران قد وجهت مؤخرًا تهديدات للولايات المتحدة في حال لجأت هذه الأخيرة إلى فرض عقوبات ضدها بقرار يصدر عن مجلس الأمن "يمكن للولايات المتحدة أن تحلق الأذى والألم بإيران، ولكن الولايات المتحدة معرضة للأذى والألم مثل إيران" هذا ما صرّح به جواد وحيدي رئيس وفد إيران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية
(62).
في الواقع يمكن الاستنتاج ان العلاقات بين إيران والولايات المتحدة تتجه نحو مزيد من التعقيد ولا يمكن بالتالي توقع أي تحسن في المستقبل القريب. لكن هناك يفرض واقع الجيوبوليتيك المحيط بإيران الآن بعد الانتشار الأميركي الكثيف في العراق وأفغانستان ودول آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز، على طهران التعامل مع الولايات المتحدة بقدر كبير من الواقعية، يمكن لإيران أن تعتمد سياسة التعامل الإيجابي مع الولايات المتحدة في أكثر من مسرح وفي أكثر من قضية وذلك قياسًا على التعاون الذي أبدته مع أميركا في الحرب على نظام طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان.
الهوامش(1) The Iranians have for centuries thought of themselves as the ones whose accomplishments provide a lesson for the world and their country is at “the center of the universe.” This is how Graham Fuller of the Rand Corporation described Iran’s view of itself in a 1991 book of the same name.
(2) Elaine Sciolino,
Persian Mirrors – The Elusive Face of Iran Free Press, A division of Simon Schuster, New York, 338.
(3) Ibid., 339
(4) These negotiations were organized by the Greek Ministry of Foreign Affairs in 2002-2003, Mohsin Rizzai suddenly appeared one day as a lecturer in a conference sponsored by UCLA and financed by the US Departments of State and Defense. Greece also during the same period was sponsoring the negotiations between Libya and the USA to finalize a solution on Pan Am flight which crashed over Lockerbie, Scotland.
(5) “Ahmadi-Nijad Win Cements Conservative Control in Iran,”
Forbes.com magazine article Oxford Analytica 06.28.05, http://www.forbes.com/2005/06/28/Iran-President
(6) Salah Nasrawi, “Iranian President: Move Israel to Europe,”
SF Gate Associated Press 8 December 2005. http://www.sfgate.com/cgi-bin/article.egi?file.
(7) “Iran Khatami Criticizes the Conservatives, the Imitators of Laden,
Al-Hayat Newspaper, 11 November 2005: 8.
Ibid. (
(9) “Iranian President: Move Israel to Europe,”
SFA Gate cited in reference 6.
Mark Gasiorowoki, “The Power Struggle in Iran,” Middle East Policy, vol VII No. 4, (10) October 2000.
(11) Wilfried Buehta,
Who Rule Iran? The Structure of Power in the Islamic Republic, (Washington Institute for Near East Policy and the Konrad Adenhauer Stifung, Washington, Dec. 2001) 182.
(12) Daniel Byman, Sharam Chubin Anoushiravan Ehteshami, and Jarold D. Green,
Iran’s Policy in the Post Revolutionary Era (Santa Monica, CA: Rand Corporation, 2001), 7-20.
(13) This was a realistic perception of the Iranian leadership in Ayatollah Khamenei’s comments in a speech in an officer’s military academy, October 31, 1999, BBC summary, 2 November 1999.
(14) Byman, Ehteshami, Green,
Iran’s Policy in the Post-Revolutionary Era, 7-20.
(15) Ibid.
(16) Buchta,
Who Rule Iran? The Structure of Power in the Islamic Republic, 106-109.
(17) Byman, Ehteshami, Green,
Iran’s Policy in the Post-Revolutionary Era, 11-20.
(18) Sciolino,
Persian Mirrors: The Elusive Face of Iran, 342.
(19) Ibid.
Ibid. (20)
(21) Ibid.
(22) Jahangir Amuzegar, “Khatami and Iranian Economic Policy,”
The Middle East Journal, vol. 53, no.4, Autumn 1999, 534-552.
(23)
International Monetary Fund, International Financial Statistic Year Book (Washington, DC: International Monetary Fund 2000).
(24) Amuzegar, “Khatami and Iranian Economic Policy,” 548-550.
(25) Ibid.
(26) Byman Ehteshami, Green,
Iran’s Policy in the Post-Revolutionary Era, 54.
(27) Sciolino,
Persian Mirrors: The Elusive Face of Iran, 339.
(28) “Iran: The Hardliners Back Ahmadi-Nejad Declarations and Threaten to Respond Aggressively to any Israeli Attack,”
Al-Hayat Newspaper, 17 December 2005. The prominent cleric Ali Meskini, who supervises the Council of the Guardians backed the president’s declarations in his Friday sermon in the city of Quom describing them as “logical.”
(29) Geoff Simons,
Future Iraq (London: Saqi Books, 2003), 203-205,
(30) Ibid.
(31) Ibid.
(32) See IRNA, February 23, 1999, BBC, ME/3648 MED/8, February 25, 1999
(33) Anoushiravan Ehteshami, “Iran-Iraq Relations after Saddam,”
The Washington Quarterly, August 2003, 123-125.
(34) Ibid.
(35) Khalil Osman, “Thaw in Saudi-Iran Relations Heralds New Beginning for the Middle East,” May 1, 1998. [url=http://www.muslimedia.com/archives/world 98/Saudiran.htm]http://www.muslimedia.com/archives/world 98/Saudiran.htm[/url]
(36) Ibid.
(37) Sharain Chubin and Charles Tripp, “Iran-Saudi Relations and Regional Order,” Adelphi paper, no. 304, (London: IISS, 1996)
(38) Simon Henderson, “The Elephant in the Gulf: Arab States and Iran Nuclear Programs,” The Washington Institute for Near East Policy, December 21, 2005 http://www.washingtoninstitute.org/print.php
(39) Ibid.
(40) K. Gajendra Singh, “Turkey Iran Coming Closer,”
Al-Jazeerah, 1 August 2004. [url=http://www.aljazeerah.info/opinion editorials/2004 opionions]http://www.aljazeerah.info /opinion%20editorials/2004 %20opionions[/url]
(41) Ibid.
(42) Ibid.
(43) Semith Vaner, “Iran et Turquie se Tiennent Toujours a Distance,”
Revue de l’Institut International de Geopolitique, No. 88, October-December 2004.
(44) Ibid.
(45) Semith Vaner, “Iran et Turquie se Tiennent Toujours a Distance.”
Revue de l’Institut International de Geopolitique, No. 88, October-December 2004, 40.
(46) Afshin Valine Jad, “Iran Leader Calls for Israel Annihilation,”
Boston Globe, 1 January 2000: 4.
(47) Abbas Maleki, “The Islamic Republic of Iran’s Foreign Policy: The View from Iran,” 4 http://www.salamiran.org/iraninfo /state/government/foreign
(48) Bridget Kendall, “Diplomatic Furor at Iran Remarks,” BBC News, 19 November 2005. http://newsvote.bbc.co.uk /mpapps/pagetools/print /news.bbc.co.uk
(49) Bridget Kendall, “Diplomatic Furor at Iran Remarks,” 3.
(50) Daniel Byman and Roger Cliff,
China’s Arms Sales: Motivation and Implications, (Santa Monica, CA: Rand, 1999).
(51) Bates Gill, “Silkworms and Summitry: Chinese Arms Exports to Iran,” The Asia and Pacific Rim Institute of the American Jewish Committee, 1997, 7.
(52) Ibid.
(53) Peter S. Goodman, “China Rushes Toward Oil Pact with Iran,”
Washington Post, February 18, 2006-03-27.
(54) Ibid.
(55) de Belaigne,
The Struggle for Iran, 57.
(56) Roula Khalaf, “World Bank May Resume Iran Loans,”
Financial Times, 30-31 January 2006: 3.
(57) “London: Iran in the Wrong Direction Since Ahmadinajad’s Election,” Asharq-al-Awsat, 14 March 2006: 3.
(58) Ibid.
(59) Jerold D. Green, “Iran Limits to Rapprochement,” statement before the House Committee on Foreign Relations, Subcommittee on Near Eastern and South Asian Affairs, May 1999.
(60) Rand Monograph Reports ,“Iran’s Security Policy in the Post-Revolutionary Era,” http://www.rand.org/pubs/ monograph_reports/MR1320
(61) World Economic Forum, Annual Meeting 2004, “Iran’s Foreign Policy Future,” 23 January 2004, http://www.weforum.org/site/ knowledgenavigator.nsf/content
(62) Molly Moore and Colum Lynch, “Iran Threatens U.S. with Harm and Pain,”
The Washington Post, 9 March 2006. http://www.washingtonpost.com/wp_ dyn/content/article/2006/03/08