منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الملف النووي الايراني  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الملف النووي الايراني  Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الملف النووي الايراني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الملف النووي الايراني  Empty
مُساهمةموضوع: الملف النووي الايراني    الملف النووي الايراني  Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 1:25 am

ا

مقدمـــة:

شهد العالم خلال الفترة الماضية تطورات نوعية فى اتجاه التأكيد على بروز و تجدد بعض القضايا التي شكلت لدا المنظومة الدولية هاجسا أمنيا و تهديدا مباشرا لمصالح العديد من الدول في النظام الدولي، سيما و نحن في عصر الاعتماد المتبادل حيث تتشابك القضايا ذات البعد الداخلي مع مستويات إقليمه و كذلك دولية عالمية، لقد احتلت الأسلحة النووية قمة جدول الأعمال المرتبط بقضايا التسلح وضبط التسلح على المستوى الدولي، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بفعل المخاطر الـهائلة المرتبطة بالحرب النووية. فعلى الرغم من أنها لم تستخدم فعليا سوى مرة واحدة ضد اليابان عام 1945، إلا أن الدول عادة ما تولى وزنا أكبر لضخامة الآثار التدميرية للأسلحة،مما جعلها تشكل تحدي و صف بالجدي و الحساس لدى الكثير من الأطراف أفراد دول و منظمات دولية و كذا إقليمية.
و يشكل الملف النووي الايراني أحد أكثر الملفات سخونة في القضايا الاقليمية والدولية، سياسياً وأمنياً، نظرا لما اشتمله هذا الأخير على قدر من الاهتمام و الفوضى على مستوى المواقف و ردود الأفعال السلبية نحو هذا التحرك الإيراني لامتلاك التكنولوجيا النووية.
لذا سنحاول من خلال هذه الورقة التطرق لأبعاد و ملامح هذا التحدي، و تحليل للمواقف المتضاربة حول القضية المثارة، و كذلك تقديم الإستراتيجيات المقدمة لتجاوز مثل لهذا التحدي الذي وصف بـ"الأزمة الفعلية"، وننطلق في ذلك من التساؤلات التالية:
- إلى أي مدى يمكن الحديث عن أزمة و تحدي فعلي حول النزعة النووية لإيران؟ و فيما تكمن عناصر هذا التحدي؟
- ماهي العوامل و المتغيرات الرئيسية المتحكمة في مسار التحدي و تطوراته؟
- أبعاده و مستوياته : ماهي الأبعاد المختلفة لهذا التحدي وما تأثيراته و انعكاساته ؟
- إستراتيجيات التعامل: ما هي الآليات و الإجراءات التي تبنتها الأطراف التحدي، داخليا، إقليميا و دوليا لتوجيه و إدارة التحدي؟
مستويات تحدي الأزمة النووية الإيرانية:
لقد أفرزت الأزمة النووية الإيرانية العديد من المواقف المختلفة و المتضاربة و نقاشات حول أبعاد إمتلاك إيران لقدرات تمكنها من صنع أسلحة نووية، و قد اشتملت هذه النقاشات حول التحدي الذي أفرزته الأزمة الإيرانية مستويين رئيسيين:
1/ نقاش على المستوى النظري:
حيث أفرزت الأزمة النووية الإيرانية تحدي مباشر للمنظورات التي تقر بوجود فواعل غير الدول قادرة على صياغة سلوكات تأثر على تفاعلات العلاقات الدولية، كمنظور المجتمع الدولي أو الليبرالية المؤسساتية، التي يعتقد أنصارها أن للمؤسسات الدولية القدرة على تحقيق الأمن و السلم الدوليين،غير أن ما يحدث اليوم في إيران يسير عكس هذا الاتجاه التنظيري، حيث أثبتت دولة إيران قدرتها و صمودها أمام المنظومة الدولية متمسكة في ذلك بحقها في حفظ و رعاية مصالحها القومية،و هذا ما يعطي سندا واقعيا للمدرسة الواقعية في تحليل العلاقات الدولية، فالأزمة الإيرانية أثبتت كيف أن القول بوجود سلطة فوق سلطة الدول أمر نسبي بقدر كبير،و أنه يحتاج للعديد من المراجعات.و هذا ما سيظهر جليا من خلال العرض و العناصر اللاحقة في هذه الورقة.

2/ نقاش على المستوى العملي:
و في هذا المستوى يدور النقاش حول مختلف الوقائع التي يسير من خلالها التعامل و مواجهة التحدي الأمني السياسي الذي أفرزته الأزمة الإيرانية. و نشير في هذا الصدد إلى المستوى الداخلي و الإقليمي و كذلك الدولي للتحدي النووي الإيراني.

I- بوادر ظهور تحدي الأزمة النووية الإيرانية:

لماذا يشكل امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية تحدي إقليمي و دولي؟
لقد احتلت الأسلحة النووية قمة جدول الأعمال المرتبط بقضايا التسلح وضبط التسلح على المستوى الدولي، خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بفعل المخاطر الـهائلة المرتبطة بالحرب النووية. فى هذا الإطار تبلورت مجموعتان من القضايا النووية الكبرى، ترتبط الأولى باستخدام الأسلحة النووية، والثانية بامتلاك تلك الأسلحة، يمكن رصد أهم ملامحهما فى نقطتين ( ):
1 - مشكلة الاستخدام: فقد اعتبرت الحرب النووية دائماً أخطر التهديدات المنفردة ليس فقط لأمن الدول وإنما أيضا لبقاء البشرية، لذلك كانت الأزمات التي تطرح خلالـها احتمالات استخدامها هي أكثر الأزمات خطورة، وكان منع نشوب حرب نووية أكثر مهام ضبط التسلح إلحاحا.
ومع توقيع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) عام 1968، التزمت الدول الرئيسية المالكة للأسلحة النووية بعدم استخدام تلك الأسلحة ضد الدول غير المالكة للأسلحة النووية.
2ـ مشكلة الامتلاك، فقد كانت مشكلة منع انتشار الأسلحة النووية واحدة من أعقد مشكلات العصر النووى، إذ ارتبطت هذه المشكلة ـ ولا تزال ـ فى الأساس بمنع دول أخرى من امتلاك الأسلحة النووية... خارج القوى الدولية النووية الخمس وقتها (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتى، بريطانيا، الصين، فرنسا) من امتلاك أسلحة نووية.
إلا أن الخريطة النووية الدولية ازدادت تعقيدا بعد ذلك بظهور دول نووية جديدة كالـهند وباكستان، إضافة إلى ما أصبح يسمى دول العتبة النووية ككوريا الشمالية أو الدول النووية غير المعلنة أو القوى النووية الصغيرة كإسرائيل. وتعددت أشكال التعامل مع مشكلة منع انتشار الأسلحة النووية لتشمل ترسانة من التدابير المتنوعة بدرجة خلقت أحيانا مشكلات فى العلاقة بينها. كما كان مفهوم الانتشار النووى ذاته يتسم بالتعقيد، لاسيما فيما يتصل بالعلاقة بين جوانبه السياسية والفنية، والعلاقة بين امتلاك القدرة النووية والأسلحة النووية. وأضافت إليه أدبيات الانتشار مجالات جديدة ذات طابع مستقل، كالانتشار الرأسي (تكديس الأسلحة النووية)، والنشر الجغرافى (توزيع الأسلحة النووية).
ومع نهاية الحرب الباردة، ظهرت مفاهيم جديدة ترتبط بسياسات معينة للتعامل مع مشكلة الانتشار، تتجاوز مفهوم منع الانتشار إلى ما سمى إدارة الانتشار، أو مكافحة الانتشار Counter-Proliferation، من خلال استخدام وسائل إكراهية أو عنيفة، وذلك بفعل تطور ملامح مشكلة الانتشار النووى ذاتها، وارتبط كل ذلك بترسانة من التدابير والاتفاقيات والإجراءات التى تشكلت عبر مرور الزمن للتعامل مع هذه المشكلة، ثم تطور هيكل النظام الدولى من القطبية الثنائية إلى الهيمنة الأمريكية.
إذا فمن خلال هذين القضيتين مشكلة الاستخدام و خاصة الامتلاك تبلورت ملامح التحدي الإيراني، فلم تخفي العديد من الأطراف و الدول إقليميا و دوليا مخاوفها من امتلاك إيران للقنبلة النووية، بما يشتمل ذلك من تجاوز مباشر للأعراف و التشريعات الدولية في هذا المستوى. و كانت بذلك الأزمة النووية الإيرانية واحدة من أبرز الأزمات على الساحة الدولية منذ أواخر عام 2002، وهى أزمة بالمعنى الحرفي للكلمة، إذ خلقت أجواء حرجة وحاسمة بالنسبة لمعظم الأطراف المعنية، وأثارت صراعاً حاداً بين إرادات مختلف الأطراف، وتضمنت قدراً عالياً من التعقيد والتشابك في الأسباب والدوافع المؤدية إليها، إذ كانت نتاجاً لتراكم مجموعة من المتغيرات السابقة التي لا ترتبط فقط بتفاعلات العلاقات الإيرانية ـ الأمريكية، وإنما ترتبط أيضاً بقضايا منع الانتشار النووي على الساحة الدولية، ولاسيما في فترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة ( ).
و يشير في هذا الصدد المؤلف أحمـد إبـراهـيـم مـحـمـود أن البرنامج النووى الإيراني ظل سبباً لأزمات متلاحقة بين إيران والغرب منذ أواخر الثمانينيات، ثم ازدادت حدة الأزمة منذ أواخر عام 2002، عقب اكتشاف قيام إيران بإنشاء محطة لتخصيب اليورانيوم فى نتانز، ومفاعل لإنتاج الماء الثقيل فى آراك. ومع أن هذه الأنشطة لا تندرج ضمن طائفة الأنشطة المحظورة بموجب معاهدة منع الانتشار النووى، إلا أن سبب الأزمة كان عائداً إلى أن إيران قامت بهذه الأنشطة بدون مراعاة الشروط الخاصة بتنفيذها، لاسيما تلك المتعلقة بشرط الشفافية والعلنية المتمثل فى ضرورة إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحصول على موافقتها وإشرافها الكامل على هذه الأنشطة.هذه التطورات تسببت فى حدوث جولة أكثر حدة من التصعيد بين إيران والغرب، لاسيما مع الولايات المتحدة .

II- أبعاد التحدي النووي الإيراني:

1) البعد الإقليمي للتحدي النووي الإيراني:
يثير المشروع الإيراني -بالمعنى السياسي للكلمة - أصداء متعددة سواء على الصعيد الدولي أو على الصعيد الإقليمي .
فإقليميا أثار المشروع شكوك و مخاوف الدول العربية المجاورة وبالتحديد دول الخليج التي طالما كانت تخشى من فكرة تصدير الثورة الإيرانية فكيف بإيران يقودها نظام متشدد يبحث عن الزعامة و السيطرة في المنطقة ، وفي هذا الاتجاه فإن هناك من الكتاب والمحللين من يعتقد أن الخطر النووي الإيراني ربما أصبح أكبر من الخطر النووي الصهيوني على الأمن القومي العربي، لأسباب قد يكون من بينها الاعتقاد السائد بأن الصراع مع إسرائيل قد رسم إطاره وإن لم يحسم في الواقع، كما أن المعادلة السياسية مستقرة في تل أبيب، في حين لم تجد الملفات الإيرانية ـ العربية المعقدة طريقها للحل، أي مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث والمشاكل المتولدة عن الوضع العراقي الجديد .
و أما من بالنسبة لإسرائيل فهي تدرك حجم الخطر و التهديد المباشر على أمنها و استقرارها، و الذي يترتب إثر تطوير إيران لمشروعها النووي.
فالقنبلة النووية الإيرانية سترعب الصهاينة، وستعيد توازن القوى في المنطقة العربية، وستجعل الصهاينة يفكرون جيداً قبل استهداف الداخل الفلسطيني واللبناني أو أية دولة عربية.
ويقول هؤلاء إن إيران لها مواقف مسبقة في دعم الجهاد الفلسطيني بالمال والسلاح، وكذلك دعم حزب الله في صراعه مع الصهاينة، فلماذا نستكثر عليها أن تكون قنبلتها النووية في صالح القضايا العربية والإسلامية.
وقد بنى هؤلاء موقفهم على أساس أن كل ما هو ضد الكيان الصهيوني فإنهم يؤيدونه ويدعمونه ويقفون بجانبه، لأن أي نجاح لإيران سيعتبر خصماً من إمكانات بني صهيون ومن يواليهم ويدعمهم بكل أشكال الدعم .


- إيران كدولة إقليمية:
رؤية إيران الإستراتيجية واضحة في كونها تريد أن تكون هي وليس غيرها القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة. و لذلك هي في محاولتها اكتساب القوة بمفهومها الشامل تعتمد على أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية، ولا تغفل أبداً القوة المعرفية للدولة، والتي تقوم أساساً على تطوير البحث العلمي والتكنولوجي. وهى في هذا الصدد تدرك بوضوح أهمية الانتقال الكيفي التي حدثت في بنية المجتمع العالمي من المجتمع الصناعي إلى مجتمع المعلومات العالمي، والذي يتحول ببطء وإن كان بثبات إلى مجتمع المعرفة، الذي لا يقوم إلا على أساس اقتصاد المعرفة.
و في هذا الصدد ثار نقاش حول مدى الخطر و التحدي الذي تشكله إيران عبر امتلاكها تكنولوجيا النووية على الأمن القومي العربي في المنطقة؟
فقد انقسمت ردود الأفعال الإقليمية إزاء المشروع الإيراني بين رؤيتان متضادتان.
الرؤية الأولى ترى أن المشروع الإيراني يحمل بعض المخاطر للأمن القومي العربي، وقد يؤدي في مجال الواقع إلى انتقاص من الأدوار العربية، وذلك على أساس أنه لا سقف لطموح إيران التي تريد أن تتوسع في دائرتها الإقليمية. وتعطى شواهد على ذلك من زيادة الثقل الإيراني في الجبهة الداخلية العراقية .
ويمكن القول إنه بعد أن مضت مرحلة تصدير الثورة التي ميزت المسيرة الثورية الإيرانية في السنوات الأولى، إلا أنها عادت من جديد بعد تولي أحمدي نجاد رئاسة إيران، حيث حفلت خطاباته بأفكار أممية تدعو لنصرة المستضعفين في العالم، مما دعا عديداً من الدوائر إلى التأكيد على أن عملية تصدير الثورة عادت من جديد.
و من جهة الدول الخليجية فإنها معنية أكثر من غيرها بهذا الملف بحكم القرب الجغرافي، مما يجعلها الأكثر عرضة للآثار البيئية والأمنية لهذا البرنامج. كما أن هذه الدول سوف تتضرر أكثر من غيرها في حال حدوث مواجهة مسلحة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي .
و لكن هناك رؤية مضادة ترى أن هذه المخاطر التي تنسب إلى المشروع الإيراني تتضمن مبالغات متعددة، وأنه يمكن أن تتقاطع المصالح العربية والإيرانية. وعلى ذلك ليس هناك ما يدعو الدول الطامحة إلى لعب دور إقليمي متميز مثل مصر والسعودية وإيران إلى أن تعتبر المسألة مباراة صفرية بحيث إذا ارتفعت مكانة دولة منها انخفضت بالضرورة مكانة الدولة الأخرى. ومما يؤكد على واقعية هذه الرؤية أن إيران نجحت في السنوات الأخيرة في عقد مبادلات تجارية مهمة بينها وبين السعودية والكويت، مما يدل على أن سيناريو التعاون بين إيران والدول العربية ليس تصوراً مثالياً مستحيل التحقيق بل إنه واقع فعلي قابل للنمو.
و من هنا يمكن يقول البعض إنه من خلال التفاهم والتفاوض يمكن أن تكون إيران قوة مضافة للقوة العربية التي تعاني في الوقت الراهن أزمة في توحيد الاتجاه( ).

2) البعد الدولي للتحدي النووي الإيراني:
- البرنامج النووي الإيراني في مواجهة الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط:
ربما كانت المبادرة النووية الإيرانية هي التي أثارت بشكل مباشر ردود فعل بالغة الحدة، سواء من قبل الولايات المتحدة الأميركية أو من جانب الدول الأوروبية.
بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية كان رد الفعل حاداً لأنها تعتبر نفسها -وهذا هو الواقع– القطب الأوحد في العالم، الذي يحاول باعتباره القطب المهيمن Hegomon السيطرة على مجمل السياسات الدولية، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو حتى في مجال الثقافة. والقطب الأميركي الأوحد لا يقبل أن تتحدى دولة ما هيمنته، وخصوصاً إذا ما تجاسرت وحاولت الدخول في عضوية النادي الذري المغلق( ).
ربما يبدو الحرص الإيراني على حيازة السلاح النووي منطقياً، في ظل إصرار الولايات المتحدة على اعتبار إيران الضلع الثالث في محور الشر ـ كما أعلن بوش في مبدأ ولايته، وبما أن الولايات المتحدة قد كسرت الضلع الأول من هذا المحور، وهو عراق صدام، فلا يمكن ضمان سكوتها عن الضلع الثاني وهو إيران نجاد، المتعاونة مع الضلع الثالث، وهو كوريا الشمالية. أمريكا تجتهد ـ بقصد أو بدون قصد ـ في تأكيد مخاوف، فهي ـ وبرغم بعض التحالفات التكتيكية المؤقتة ـ لا تزال تكدس لإيران الذرائع، وتجدد التهديدات بتوجيه ضربات عسكرية لها إذا لم تتخل عن برنامجها النووي .
ويكفي أن يقرر "هاس" في صدر مقالته المهمة التي نشرها في العدد الأخير من مجلة "الشؤون الأجنبية" والتي جعل لها عنواناً ملفتاً للغاية وهو "نهاية الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط": "انتهى زمن الهيمنة الأميركية في الشرق الأوسط وبدأت حقبة جديدة في تاريخ المنطقة الحديث. وسيحدد مصائرها ممثلون جدد ورؤى جديدة تتنافس على النفوذ. وحتى تستحوذ واشنطن عليها سيكون عليها أن تعتمد على الدبلوماسية أكثر من اعتمادها على القوة العسكرية"( ).

وبناء على أطروحات "ريتشارد هاس" يمكن القول إن مستقبل المشروع الإيراني في منطقة الشرق الأوسط سيتوقف ليس فقط على رد الفعل الأميركي أو الإسرائيلي على التحدي النووي الإيراني، بل أيضاً على التغيرات في مسار المشروع الأميركي في المنطقة، بالإضافة إلى ردود الفعل الإقليمية ( ).
- البرنامج النووي الإيراني كتحدي للمنظومة الدولية:
و على هذا المستوى يبدو أن إيران كما أشرنا في البداية شكلت حالة عجزت فيها منظمات المجتمع المدني على تقديم و إيجاد آلية متكاملة للتعامل مع هذه الأزمة، بحيث استندت في موقفها إلى دعم الدول الكبرى كالتحاد الأوربي و الولايات المتحدة، لتكسب دفع في تجسيد مواقفها.
لكن ورغم هذه الخطوات المتأنية التي حاولت الحكومة الإيرانية السير بها في مواجهة تحديات برنامجها النووي إلا أن ذلك لا ينفي التمسك الكبير لها بأهمية و ضرورة إتمام برنامجها و الإستفاذة من الأهداف المرجوة منه، فالقيادات الإيرانية أكدت مراراً وتكراراً أن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية ومدنية بحتة، ولا نية لدى الدولة في تطوير القدرات النووية العسكرية. فإيران تتشبث بما تعتبره حقها غير المنقوص في تخصيب اليورانيوم وحقها في امتلاك برنامج تطوير نووي ضمن إطار الشرعية الدولية، وتؤكد إيران أنها غير مستعدة للتخلي عن هذا الحق تحت أي ظرف من الظروف بناءً على حق الدولة في امتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية والحاجات المدنية، والذي تم تثبيته كحق غير قابل للمساومة في مضمون نص المادة الرابعة من المعاهدة التي تنص على ذلك( ).

III- إستراتيجيات المطروحة لمواجهة الأزمة النووية الإيرانية:

على الرغم من أن كافة القوى الدولية والإقليمية، التي تعتبر أطرافاً رئيسية أو ثانوية في الأزمة، كانت تتفق من حيث المبدأ على ضرورة امتناع إيران عن مواصلة أنشطتها النووية المحظورة، ووقف عمليات تخصيب اليورانيوم، إلا أنها تباينت في إدارتها للأزمة، ليس فقط بحكم تباين مصالحها أو اختلاف علاقاتها مع إيران،الطرف الرئيسي في الأزمة، ولكن الأهم من ذلك بحكم اختلاف تصوراتها بشأن سبل إدارة قضايا السلم والأمن على الساحة الدولية، وفى القلب منها قضايا منع الانتشار النووي .
فالواضح أن امتلاك إيران لتكنولوجيا تمكنها من صنع القنبلة النووية شكل تهديدا لمصالح بعض الدول لكن في الوقت نفسه كان فرصة لبعض الدول الأخرى للاستفادة من هذا المشروع مثل روسيا التي تقيم علاقات مع إيران ساهمت –هذه الأخيرة- من خلال مشترياتها العسكرية في دعم الخزانة الروسية الخاوية ودعم الاقتصاد الروسي المنهار .
1/ الإستراتيجية الإيرانية في إدارة الأزمة:
عملت إيران منذ أن بدأت وضع قواعد أولية لمشروعها النووي أن تكيف نشاطاتها بالشكل الذي يتوافق و محتوى المعاهدات و الاتفاقات المعنية بانتشار الأسلحة النووية، متبعة في ذلك الدبلوماسية بشكل متفاوت للاستمرار في برنامجها.
حيث أصرت إيران منذ ذلك الحين على أن برنامجها النووي يندرج بالكامل في إطار الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وفى الحدود المسموح بها بموجب اتفاقية الضمانات النووية، بغرض توليد الطاقة الكهربائية، ودعم الجهود التنموية في جنوب البلاد، وتحقيق الوفر في الاستهلاك المحلى من النفط والغاز الطبيعي، فإن أطرافاً دولية وإقليمية عديدة ـ في مقدمتها الولايات المتحدة ـ طرحت شكوكاً عديدة بشأن حقيقة الدوافع النووية الإيرانية، استناداً إلى أنه ليس هناك ما يبرر أن تقوم دولة غنية بالنفط والغاز الطبيعي بضخ استثمارات هائلة في مجال الطاقة النووية، وخلصوا إلى توجيه الاتهام صراحة إلى إيران بأنها تقوم بتطوير برنامج نووي عسكري سرى تحت مظلة الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية. واستندت هذه الاتهامات على ما تردد بشأن وجود بنود سرية في اتفاق التعاون النووي الإيراني - الروسي ينص على قيام روسيا بتزويد إيران بمحطة للطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم( ).
قادت الولايات المتحدة الأمريكية حملة تستهدف إقناع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتبني قرار في أيلول/سبتمبر 2003 يهدد ضمناً بتحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من جراء انتهاكات إيران السابقة لاتفاقية الضمانات التي عقدتها مع الوكالة( ).
ومع تصاعد وتيرة الأزمة بين إيران والوكالة الدولية، لم تهدأ الأمور إلا بتدخل أوربا، عندما وصل وزراء خارجية إنجلترا وفرنسا وألمانيا إلى طهران، وتعهدوا بمساعدة طهران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وتقديم كل المساعدات التقنية والفنية في هذا الاتجاه، مقابل أن توقف طهران كل برامج تخصيب اليورانيوم، وكذلك القبول بالتفتيش المفاجئ لمفتشي الوكالة الدولية. وبالفعل وافق الطرفان على هذه الصيغة، وترتب عليها توقيع إيران للبروتوكول الإضافي في ديسمبر 2003. وأرادت إيران -من خلال هذا الاتفاق- أن تستفيد فعلا من التكنولوجيا الأوربية، والأهم من ذلك الإفلات، ولو مؤقتا أو مرحليا، من المخطط الأمريكي الصهيوني الذي كان يسعى جاهدا لرفع الملف إلى مجلس الأمن لاستصدار قرارات عقابية ضد إيران كبداية لسيناريو تصعيدي، ربما يقود إلى مواجهة عسكرية.
و من ثَم، فقد نجحت إيران من خلال الدبلوماسية الهادئة على هذا النحو :
1- تتجنب إيران مرحليا مواجهة غير محسوبة وغير مدروسة مع واشنطن في وقت ما زالت واشنطن تهيمن على الوضع الدولي، وما زالت قادرة على ممارسة ضغوط على الأوربيين وكثير من دول العالم.
2- تحاول طهران استهلاك الوقت، ربما يتغير الظرف الدولي، وخاصة مع غرس الأقدام الأمريكية في وحل أفغانستان والعراق.
3- فهمت إيران أن ضغوط واشنطن تستهدف تغيير نظامها، أو على الأقل تجميد دورها الإقليمي وتجريدها من أية قدرات نووية لحماية التفوق الصهيوني الإستراتيجي بالنسبة لواشنطن. ولهذا وافقت طهران على تعليق برامج تخصيب اليورانيوم، إلا أنها احتفظت بحقها في إعادة النظر في هذا الموقف مستقبلا، إن حدثت متغيرات دولية في هذا الشأن.
و ظلت الأطراف الدولية ، الوكالة الدولية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مدركة تماماً لمضمون السلوك الإيراني أثناء الأزمة، وسعت من ناحيتها إلى منع إيران من التحايل على مطالب الوكالة بشأن الامتثال الكامل لنظام الضمانات، ووقف الأنشطة النووية المحظورة. واستخدمت في هذا الإطار ضغوطاً متنوعة للتلويح بأن هناك إجراءات محددة يمكن اتخاذها ضد إيران في حالة عدم امتثالها لمطالب الوكالة، سواء نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن أو حتى ضرب المنشآت النووية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة أو غيرها.
إيران من جانبها تعاملت مع هذه الضغوط من خلال تكتيك يقوم في الأغلب على التهوين الشديد من قيمة وفاعلية هذه الإجراءات، في إطار محاولة التأكيد على أن إيران تتعامل مع الأزمة من موقف القوة، وليس من منطلق الخوف من إجراءات عقابية محتملة ضدها. فعلى الرغم من أن التلويح بنقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن كان يمثل أحد أهم الأوراق الضاغطة على إيران في الأزمة، فإن كثيراً من المسئولين الإيرانيين أظهروا استخفافاً بهذا التهديد، اعتماداً على أن لإيران علاقات وطيدة مع كل من روسيا والصين، عضوي مجلس الأمن الدائمين، مما يعنى أنهما أو إحداهما على الأقل يمكن أن تستخدم حق النقض (الفيتو) لصالح إيران. واكتسب هذا الموقف مصداقية كبيرة من خلال تأكيدات الصين المتكررة معارضتها لنقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن. وكان بعض كبار المسئولين الإيرانيين يرددون كثيراً أنه ليس لدى إيران ما تخشاه إذا ما أحيل ملفها إلى مجلس الأمن، ولكنها تفضل تسوية هذه المسألة في إطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية .
عموما فقد اتبعت إيران عددا من الركائز لإدارة هذه الأزمة :‏
أولا‏:‏ التأكيد علي المصالح الإيرانية من خلال حقها المشروع في استمرار الأبحاث المتعلقة باستخدام التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.
ثانيا‏:‏ تحركت إيران من واقع البحث عن المصالح المشتركة مع الأطراف المعنية بالأزمة ولم تدر الأزمة من منطق المباراة الصفرية التي حصيلتها أن ما يكسبه أحد الأطراف يخسره الآخر بالضرورة.
ثالثا‏:‏ طبقت إيران في تعاملها مع الأزمة ما يعرف باسم‏ إستراتيجية الإدارة بالطمأنة‏‏ ،وتعتمد علي القيام بإجراءات لإعادة بناء الثقة لدي الأطراف المختلفة حيث أكد القادة الإيرانيون أن البرنامج النووي للأغراض السلمية فقط ولا توجد نية في استخدامه لأغراض التسلح النووي وأن إيران ليس لديها ما تخفيه.

2/ الإستراتيجية الأمريكية في إدارة الأزمة:
عملت الإدارة الأمريكية منذ بداية تبلور النوايا الإيرانية على إيجاد السبل الكفيلة بوقفها، قالت مستشارة الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي، كوندوليسا رايس-سابقا- في مقابلة أجرتها معها شبكة "NBC": "إن العالم لن يسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية، والولايات المتحدة لن تمكنها من ذلك" .
- سياسة الحصار الأمريكية:
أدت الظروف التي مرت بها الإدارة الأمريكية خلال حربها في العراق و أفغانستان إلى تجنب الخوض في حرب أخرى ضد إيران لردعها عن تطوير برامجها النووية، بالرغم من أن البعض في الإدارة الأمريكية قد أشار إلى هذا التوجه للتعامل مع إيران.
انتهجت الولايات المتحدة سيناريو الحلول الوسط والصفقات، أو سياسة الحصار الأمريكية على إيران بهدف رضوخها، سواء عبر قرارات مجلس وكالة الطاقة الذرية أو عبر قرارات متدرجة لمجلس الأمن. وقد ذكر دبلوماسيون في طهران أن واشنطن ستدفع على الأرجح بقوة في اتجاه إدراج آلية تقود إلى إحالة إيران لمجلس الأمن في أي قرار يتخذ خلال الاجتماع المقبل للوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبتمبر 2004 كمقدمة لهذا السيناريو .
و قد اتسمت الإدارة الأمريكية للأزمة النووية الإيرانية بقدر كبير من الثبات النسبى منذ بدايتها، مثلما كان الأمر كذلك منذ بداية عملية إنشاء المفاعل النووي الإيراني في بوشهر في منتصف التسعينيات،وارتكزت الإدارة الأمريكية لهذه الأزمة على ثلاثة عناصر رئيسية :
أولها: الإصرار الدائم على نقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن لفرض عقوبات على إيران لانتهاكها اتفاقية الضمانات النووية، ولكن مع إبداء قدر من المرونة في طرح هذا الطلب في اجتماعات مجلس الأمناء، نظراً لعجز الولايات المتحدة عن توفير الأغلبية اللازمة لتمرير مثل هذا الطلب في اجتماعات المجلس.
وثانيها: تكثيف الضغوط على الدول التي تقدم التكنولوجيا والمعرفة والمساندة الفنية للبرنامج النووي الإيراني، وبالذات روسيا الاتحادية وباكستان.
وثالثها: المزاوجة بين الخيار الدبلوماسي واحتمالات استخدام القوة العسكرية ضد إيران. فعلى الرغم من أنه كانت هناك العديد من المتغيرات التي تدفع الإدارة الأمريكية نحو تفضيل الخيار الدبلوماسي في التعامل مع هذه الأزمة، على الأقل لفترة محددة من الوقت، فإن الإدارة ظلت حريصة مع ذلك على تأكيد أن الخيار العسكري يظل وارداً بقوة، ولاسيما في حالة انسداد فرص تسوية الأزمة سلمياً.
إذا يبدو أن الوصول إلى اتخاذ قرار عسكري ضد إيران يبقى في ظل الظروف الراهنة أمر مستبعد، و هذا ما يؤكده "جوزيف ناي" في مقاله " هل الهجوم على إيران أمر ضروري؟" حين أشار إلى أنه هناك مخاوف حقيقية تتلخص في احتمال قيام عناصر خبيثة في الحكومة الإيرانية المنقسمة بتسريب تكنولوجيا الأسلحة النووية إلى جماعات إرهابية.
هذه هي المخاطر التي دفعت بعض الجهات إلى التفكير في شن غارات جوية لتدمير المرافق النووية لدى إيران قبل أن تتمكن من تصنيع الأسلحة. للوهلة الأولى قد نجد إغراءً في فكرة شن ضربة عسركية "جراحية" دقيقة. لكننا سنجد أن الخيارات العسكرية في واقع الأمر، أقل جاذبية إذا ما تناولناها بالتحليل المتأني. ذلك أن المرافق النووية الإيرانية متفرقة في أنحاء البلاد؛ وبعضها تحت الأرض. وإذا ما أضفنا الغارات الخاصة بإسكات أسلحة الدفاع الجوي، فقد تتضمن مثل هذه الضربة ما يقرب من ستمائة هدف ـ وبالطبع لا نستطيع أن نطلق على هذا ضربة جراحية دقيقة.
بالإضافة إلى ما سبق، فعلى الرغم من أن الضربة الجوية قد تؤخر البرنامج الإيراني بضع سنوات، إلا أنها ستؤدي إلى ترسيخ وتعزيز التأييد القومي للحكومة وللبرنامج النووي، خاصة وأن ضربة واحدة لن تكون كافية. من ناحية أخرى فقد تؤدي الضربات العسكرية المطولة إلى إحباط التغييرات السياسية الإيجابية بين الأجيال الأكثر شباباً في إيران، الأمر الذي يعني تقويض احتمالات قيام إيران أكثر ديمقراطية واعتدالاً في المستقبل.
من جانب آخر لا ينبغي لنا أن ننسى أن إيران تمتلك السبل الفعالة للرد الانتقامي. فهي قد لا تكون قادرة على إغلاق مضيق هرمز، لكن التهديد المتمثل في مصافي التكرير، ومرافق التخزين، والناقلات من شأنه أن يدفع أسعار النفط إلى مستويات أعلى. كما أن مساندة إيران لمنظمات إرهابية، مثل حزب الله، قد يؤدي إلى انتشار العنف إلى دول أخرى. وفي ظل النتائج المشوشة للحرب غير الضرورية التي شنها بوش على العراق، فإن دعم إيران للمتطرفين من الشيعة في العراق من شأنه أن يعزز من قوتهم إلى درجة كبيرة .
و يؤكد ناي أن السبيل الأفضل لتجنب هذه الأخطار هو اللجوء إلى القوة الناعمة من خلال زيادة وتعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية، قد تؤدي الدبلوماسية إلى إطلاق العنان للقوة الناعمة التي تستطيع أن تساهم في إحداث تحولات تدريجية على أمد أطول. وفي ذات الوقت، فإن مثل هذا التوجه قد يقودنا إلى تجنب اللجوء إلى القوة التي ستكلفنا الكثير، هذا فضلاً عن منحنا الوقت للتوصل إلى نتائج أكثر اعتدالاً مما ينتظرنا عند نهاية المسار الحالي للأحداث .

هذا بالإضافة إلى الجهود الدبلوماسية من أطراف أخرى كالاتحاد الأوربي الذي حاول أن يركز و باستمرارية على الحل الدبلوماسي كأفضل سبيل لتفادي مخاطر حروب أخرى و كذلك للحفاظ على مصالحه الاقتصادية مع طهران.
أما من جهة روسيا و الصين فقد كانت لهما مواقف مختلفة تماما مع النظرة الغربية للأزمة إذ رفضتا أي قرارات قد تسلط عقوبات على إيران و تمسكتا بضرورة الحلول السلمية و الدبلوماسية للأزمة.
أما بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية ،فقد لعبت الدور المحوري في الأزمة النووية الإيرانية، بحكم أنها الجهة المنوطة بالتفتيش على البرنامج النووي الإيراني، وهى المكلفة بتحديد ما إذا كانت إيران قد انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية الضمانات النووية. و ليس هناك من شك في أن دور الوكالة في الأزمة النووية الإيرانية كان الأول من نوعه، وزاد كثيراً من فاعلية دور الوكالة في التفاعلات الدولية المرتبطة بمنع الانتشار النووي، بدرجة تفوق كثيراً دورها أثناء عملية إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية .
و قد عملت خلال إدارتها لهذه الأزمة على توصيف الأزمة و كانت تمثل موقفاً وسطاً بين الموقفين الإيراني و الأمريكي، فما قامت به إيران يعتبر من وجهة نظر الوكالة انتهاكاً لنظام الضمانات المعمول به، على خلاف مزاعم إيران بأنها لم تقم بأي انتهاكات لهذا النظام، أو لمعاهدة منع الانتشار النووي، ولكن هذا الانتهاك يمكن التغلب عليه من خلال التعاون بين الوكالة وإيران، وبدون الحاجة لنقل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن على غرار ما تطلبه الإدارة الأمريكية منذ بداية الأزمة .
3/ الدور العربي في مواجهة النووي الإيراني:
يذهب البعض إلى أن العرب يجب أن يمتلكوا سلاحا نوويا لردع التحركات الإيرانية في المنطقة العربية للحد من الدول الإقليم لإيران حيث يرى أن المشروع النووي العربي المنتظر يجب أن يكون في الأساس لردع التحدي النووي الإيراني الجديد، بعد أن أكدت إيران بسلوكها في العراق أن لها أطماعاً كبيرة في البلاد العربية، لا تقل عن الأطماع الصهيونية، إن لم تتفوق عليها .
لكن يبدو أن هذا الموقف لا يعدو أن يكون مجرد ردة فعل عاجزة عن مواكبة ما يحدث داخل إيران، فالمؤشرات تشير إلى أن دول الوطن العربي في صراع مستمر يحول دون أن يحدث توحد و تكامل على مستوى سياسات دنيا فكيف يمكن الحديث عن سلاح عربي لردع الهيمنة الإيرانية في المنطقة؟.
وهكذا يمكن القول إن الاختلافات العميقة بين الدول العربية في سياساتها إزاء إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية أو إيران في مشروعها الإقليمي الطموح، تحتاج إلى جهود سياسية ودبلوماسية، لتوفير حد أدنى من الاتفاق لصياغة رؤية عربية إستراتيجية، تسمح للعالم العربي بأن يسبح في محيط العاصفة التي اجتاحت النظام الدولي بحد أدنى من الأمان .

خاتمة:
يبدو من خلال هذا العرض المبسط لعناصر الأزمة النووية الإيرانية و الاستراتيجيات المتبعة في إدارتها أن إيران تسعى قدما لضمان تحقيق عنصر من أهم عناصر القوة التي تمكنها من لعب دور إقليمي و استخدامه كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الدول الكبرى، كما يتضح جليا كيف أن النزاعات المعاصرة تتصف بقدر كبير من التعقيد الذي يؤدي إلى خلق شبكة من الاعتماد المتبادل بين مختلف الفواعل في النظام الدولي القائم، مما يدعو إلى ضرورة إيجاد آليات مناسبة و وقائية مستقبلا، لضمان التعامل و الإدارة الناجحة للأزمات المفاجئة، و هذا ما يستدعي ضرورة مراجعة منظري المجتمع الدولي لمقارباتهم و العمل أكثر على إيجاد قوالب نظرية و كذلك عملية للحد من مثل هذه الحالات والتحديات.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الملف النووي الايراني  Empty
مُساهمةموضوع: تابع   الملف النووي الايراني  Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 1:26 am

مقــــــــدمة



بالنظر للأهمية الإستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط، التي أعطتها الميزات الحضارية و التاريخية و الاقتصادية صفة منطقة الجذب، لذلك كانت الأحداث الجارية هناك ذات أبعاد و اهتمامات تتعدى النطاق الوطني و الإقليمي لتأخذ الطابع العالمي المؤثر على الاستقرار و الأمن الدوليين و التوازنات الجهوية، لذلك فهي محل تنافس على مستوى قوى المنطقة الإقليمية، و على مستوى القوى العالمية.
يتجلى هذا الطرح من خلال تتبع مختلف الأزمات و القضايا المثارة في الشرق الأوسط، و التي من أبرزها تطورات الملف النووي، و تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي تعكس إلى حد كبير تحول المنطقة إلى بؤرة للتوتر، و لتعارض مصالح القوى الكبرى .
الإشكالية: الإشكالية التي تدرسها هذه الورقة البحثية هي: ما مدى ارتباط الخيار النووي الإيراني و الحرب على لبنان برهان التوازنات الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط التي تفرضها تضارب مصالح القوى الكبرى، و متطلبات العولمة، خاصة ما تعلق بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير؟
الفرضيات:
- الخيار النووي الإيراني يمثل محاولة لعرقلة التصور الأمريكي لشرق أوسط بدون قوى منافسة لإسرائيل و لتنفيذ المشاريع الأمريكية.
- إذا كانت الوليات المتحدة تنظر لحزب الله كتيار يخدم الأهداف الإيرانية، فإن الحرب الإسرائيلية على لبنان بمثابة حرب بالوكالة قادتها إسرائيل خدمة للمصالح الأمريكية في المنطقة، و التي يتصدرها مشروع الشرق الأوسط الكبير.




















المــلف النــووي الإيــرانـي
لم تنتج إيران لحد الآن قنبلة نووية، و إنما هي في مرحلة إنشاء البنية التحتية لتصنيعها، و رغم أنها تصرح بأن برنامجها النووي ذو طبيعة سلمية إلا أن المجتمع الدولي متخوف من تحول إيران إلى دولة نووية في الشرق الأوسط بكل ما يمثله ذلك من خطورة بسبب حساسية المنطقة لمصالح القوى الكبرى، و وجود إسرائيل كقوة نووية، و التخوف من قيا حرب نووية في المنطقة.
* أسباب سعي إيران لامتلاك القدرات النووية: يمكن إجمال دوافع إيران لتبني برنامج نووي في فيما يلي:
- التأكيد على اعتماد إيران على ذاتها في المجال الدفاعي، و السعي لتحقيق التكافؤ النووي مع دول نووية أخرى في المنطقة خاصة إسرائيل.
- تدعيم المكانة الإقليمية و الدولية لإيران كنوع من (prestige)، خاصة أن إيران تسعى للقيام بدور القائد الإقليمي في الشرق الأوسط، و في العالم الإسلامي، لمنافسة السعي السعودي و الباكستاني لتبؤ هذه المكانة.
- التواجد الأمريكي في العراق، و قواعده في دول الخليج مما يشكل تهديدا للأمن الإيراني، لذلك تسعى لتطوير برنامج نووي لتدعيم قدراتها العسكرية التقليدية.
- اعتبار إيران أن الحرب الأمريكية على العراق بمثابة إنذار موجه لها، خاصة مع اعتناق الولايات المتحدة لإستراتيجية" الردع المزدوج".
- الاستفادة من القيـمة السيـاسية و الإستراتيجية للأسلـحة النوويـة، بمـا توفره من ردع، و تأثـير سيـاسي و استراتيجي لإيران.
- التعامل مع التكنولوجيا النووية لصالح التنمية المستقبلية لإيران، مع استغلال الطاقة النووية لتوفير مابين 10 إلى 20 بالمائة من إجمالي الطاقة المطلوبة في إيران، استعدادا لمرحلة ما بعد النفط.
*التعامل الدولي مع البرنامج النووي الإيراني: اختلفت ردود الفعل و مواقف مختلف الأطراف إزاء الخيار النووي الإيراني، و ذلك باختلاف طبيعة علاقتها بإيران، و نوعية المصالح التي تربطها بهذه القوة الإقليمية الصاعدة.
- الموقف الأمريكي:
يعد الموقف الأمريكي تجاه إيران كامتداد للعلاقات المتوترة بين البلدين منذ نجاح الثورة الإيرانية، و قيا م الجمهورية الإسلامية، لذلك فالمعارضة الأمريكية لاكتساب إيران للأسلحة النووية، ترتبط باتهامات أخرى توجهها الولايات المتحدة لإيران على رأسها: 1- دعم الإرهاب . 2- معارضة عملية السلام في الشرق الأوسط . 3- التدخل في القضايا الإقليمية ( العراق ، لبنان ، فلسطين ) . 4- تهديد أمن الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة ( إسرائيل ). 5- انتهاك قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان . هذا إضافة إلى الاتهام الرئيسي لإيران بالسعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل. ولم تدخر الولايات المتحدة جهدا في حشد المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ضد إيران بهدف حصارها وعزلها عن المجتمع الدولي مما يعني في نهاية المطاف تكثيف الضغوط على طهران لمراجعة مواقفها من القضايا السابقة ووقف برنامجها النووي ، ولعل نموذج الملف النووي الليبي هو النموذج الحاضر في ذهن واشنطن . فالرئيس الأمريكي بوش لا يمل من تكرار مقولة : إن استشعار ليبيا لجدية الولايات المتحدة في وقف البرنامج النووي الليبي هو الذي دفعها إلى وقف ذلك البرنامج وتسليم معداته إلى واشنطن ،غير أن واشنطن تعلم أن الظروف المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني تختلف تماما عن تلك التي كانت تحيط بالبرنامج النووي الليبي، وبالتالي فمن المستبعد أن تسير طهران على نفس خطي طرابلس في هذا الملف . وقد لجأت الولايات المتحدة إلى عدة أدوات للضغط على طهران فاستخدمت الأداة الدبلوماسية للتهديد بتحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن ، وسعت إلى حشد الدول الأوروبية ( خاصة بريطانيا ) لتبني نفس الموقف الأمريكي ، وحاولت الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاتخاذ موقف يدين طهران ، وعندما أوضحت الوكالة أنه لا يوجد دليل قاطع على أن البرنامج النووي الإيراني يسعى لإنتاج أسلحة نووية وأن المطلوب من طهران هو إبداء المزيد من الشفافية والوضوح للعالم حول برنامجها النووي ، اتهمت واشنطن رئيس الوكالة الدولية الدكتور" محمد البرادعي "بأنه يحمل نوايا طيبة تجاه إيران وصلت إلى القدر الذي جعله يعطي نصائح للدبلوماسيين الإيرانيين حول كيفية العمل والتصرف فيما يخص البرنامج النووي الإيراني .
الأداة الأخرى ، هي الأداة العسكرية حيث هددت الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية وقائية لإجهاض المشروع النووي الإيراني ، بل سربت للصحافة أن موعد تلك الضربة قد تقرر في يونيو 2005 ( موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران ) وأن هناك وحدات أمريكية خاصة في دول مجاورة لإيران تعمل منذ شهور استعدادا لتحقيق ذلك الهدف .
كما لجأت وزيرة الخارجية الأمريكية "كوندليزا رايس" إلى تقديم إغراءات إلى طهران بإعلانها عن موافقة واشنطن على انضمام إيران إلى منظمة التجارة العالمية ، وتزويدها بقطع غيار للطائرات مقابل تخليها عن برنامجها النووي .
أما ورقة الضغط التي استجدت مؤخرا في يد واشنطن فهي الضغط على إيران عن طريق الملف اللبناني. فبعد إخراج القوات السورية من لبنان ، تتجه واشنطن نحو تحجيم حزب الله الموالي لإيران وذلك بهدف تجريد طهران من مصادر قوتها في لبنان وقطع الطريق على تعاونها مع سورية ، ووقف دعمها للفصائل الفلسطينية التي تعمل ضد إسرائيل .
كما قامت الولايات المتحدة رفقة 25 دولة بمناورات بحرية، ومن المقرر أن تستمر المناورة، التي جرت قرب المياه الإقليمية الإيرانية، لمدة يومين، حيث تتضمن تدريبات على اعتراض وتفتيش السفن التي قد تقوم بنقل معدات ضرورية لصنع أسلحة نووية، حسبما أكدت وزارة الخارجية الأمريكية.
ومن بين الدول التي ستشارك في المناورة، كل من أستراليا وبريطانيا وكندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج وباكستان وبولندا والبرتغال وسنغافورة واسبانيا.
*موقف روسيا و الترويكا الأوروبية:
1- روسيا: تربط روسيا بإيران علاقات وطيدة، تاريخيا و جغرافيا و استراتيجيا، و كانت من بين الدول التي ساهمت في إكساب إيران أولى التكنولوجيات و المنشآت النووية، لذلك فهي تتخذ موقفا يميل لاحترام حق إيران في اكتساب التكنولوجيا النووية السلمية. وعكس الولايات المتحدة، ترى روسيا أن إحالة الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن الدولي لن تكون في صالح التوصل إلى حل للقضية عبر الوسائل الدبلوماسية. فبرغم أنه ما زالت هناك بعض الشكوك التي تحوم حول الملف النووي الإيراني والتي تحتاج إلى زيادة التحقيقات و التأكيدات من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن جميع المشاكل يمكن أن تحل في نهاية المطاف طالما أن الجانب الإيراني يتعاون بشكل كامل وفعال وشفاف . كما أعرب الجانب الروسي عن رغبة في بذل المزيد من الجهود المشتركة مع الدول المعنية لصياغة مشروع قرار يقدم لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحفظ التوازنات في هذه القضية ، للوصول إلى حل للملف النووي الإيراني في ظل تقديم الضمانات الكفيلة بالاستخدام السلمي الإيراني للطاقة النووية.
و رغم مشاركة روسيا في المناورات البحرية في الخليج،إلا أنها لا تنظر إليها إلا كمجرد تمرين عسكري روتيني، و ليس تهديدا لإيران. حيث قلل وزير الدفاع الروسي "سيرغي لافروف" من أهمية أنباء ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي بإيران،وقال في تصريحات بموسكو إنه من السابق لأوانه الحديث عن قدرة طهران على إنتاج يورانيوم مخصب للدرجة الكافية لصنع سلاح نووي، و أوضح أنه لا يتفق مع القلق الغربي تجاه هذه المسألة، مؤكدا أن أجهزة الطرد الإيرانية فارغة و لا يمكنها إنتاج أية أسلحة نووية. 2 - موقف الترويكا الأوروبية: تقود الجهود الأوروبية دول الترويكا الثلاث : بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وينظر لها على أنها مكملة للجهود الأمريكية وإن كانت أكثر مرونة منها ،غير أن الملاحظ على السياسة الأوروبية في تعاملها مع الملف النووي الإيراني هو أنه ينطبق عليها سمات العمل الأوروبي المشترك من حيث الدوافع ومن حيث طبيعة تلك السياسة فمن حيث الدوافع ترغب الدول الأوروبية في أن يكون لها دور في قضية هامة وحساسة مثل الملف النووي الإيراني ، خاصة بعد أن استحوذت الولايات المتحدة على الملف العراقي كاملا بداية من قرار الغزو ومرورا بتجاهل مجلس الأمن والدول الأعضاء فيه ، ونهاية بالمليارات التي حازت عليها الشركات الأمريكية في عقود إعادة إعمار العراق . ولذلك يشكل الملف الإيراني محطة اختبار جديدة للسياسة الخارجية الأوروبية الموحدة التي ترغب دول الاتحاد الأوروبي في تحقيقها . أما من حيث طبيعة السياسة الأوروبية فهي تميل نحو الجهود الدبلوماسية وتوظيف الأدوات والخيارات الاقتصادية، كما أنها غالبا ما تتسم بتباين المواقف ولكن في إطار واحد للعمل. فإذا أخذنا موقف الترويكا من الملف النووي الإيراني فسنجد أن الموقف البريطاني داعم ومؤيد للموقف الأمريكي الذي ينادي بالوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم ووقف جهود إيران على صعيد إنتاج الوقود النووي ، كما تتبنى بريطانيا الموقف الأمريكي القائم على التعامل مع الملف النووي الإيراني ضمن ملفات أخرى مثل موقف إيران من عملية السلام في الشرق الأوسط والإرهاب كحزمة واحدة لا تنفصل تحت عنوان كبير هو " الملف النووي الإيراني " ومما لا شك فيه أن التعامل مع تلك الملفات دفعة واحدة وربطها ببعضها يسهل خلط الأوراق ويزيد من الضغوط على إيران من كافة الاتجاهات . كما شرعت بريطانيا في إجراء اتصالات مع الجماعات الإيرانية المعارضة وتقديمها على أنها جماعات سياسية للضغط على إيران . كما تحاول إثارة قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والانتخابات الحرة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في إيران ( يونيو 2005 ) لتستكمل منظومة الضغط على إيران . أما الموقف الفرنسي الذي يتسم عادة بالاستقلالية عن المواقف الأمريكية فهو يميل إلى احتفاظ إيران بالحد الأدنى من التكنولوجيا النووية بالقدر الذي لا يتيح لها امتلاك أسلحة نووية مع وجود رقابة دائمة على المنشآت النووية الإيرانية ، ومن المعلوم أن الشركات الفرنسية تستحوذ على نصيب لا بأس به من العقود والاستثمارات في إيران في مجالات الحقول النفطية ( شركة توتال الفرنسية ) والطيران المدني ،ومن المؤكد أن استقرار الأوضاع في إيران سياسيا واقتصاديا يعد متطلبا أساسيا للحفاظ على تلك الاستثمارات ونموها . ومن المؤكد أن خسارة الاستثمارات الفرنسية في العراق بعد الغزو الأمريكي للعراق ماثلة للأذهان ومن المؤكد أيضا أن فرنسا لا تود تكرار نفس التجربة لاستثماراتها في إيران. أما عن الموقف الألماني فهو يقف في نقطة وسط بين تبعية بريطانيا للولايات المتحدة واستقلالية فرنسا آخذا في الاعتبار عقود العمل والاستثمارات الألمانية لدى إيران التي تحتل مرتبة متقدمة عالميا في احتياطي النفط والغاز الطبيعي . وكانت الجهود الأوروبية قد أسفرت عن توقيع إيران على البروتوكول الإضافي في عام 2003 ثم التوقيع على اتفاق باريس في نوفمبر 2004 والذي تلتزم إيران بموجبه بالوقف التام والشامل لكافة أنشطة البرنامج النووي طيلة فترة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية ، وبحيث تمتنع طهران عن الاستمرار في عمليات تخصيب اليورانيوم ، أو تشغيل أجهزة الطرد المركزي ، وذلك في مقابل تعهد الترويكا بتقديم الدعم التكنولوجي لإيران في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية ، إلى جانب تجنب إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن والعمل على إنهاء عزلة طهران السياسية والاقتصادية عن العالم الغربي .
* الصـــــين: نظرا لجودة العلاقات الإيرانية الصينية التي تعكسها مساعدة الصين لإيران في الحصول على التكنولوجيا النووية، نجد الموقف الصيني يقف في كل مرة ضد تمرير الملف الإيراني لمجلس الأمن، و ضد فرض عقوبات عليها، حيث قال" ووهايلونغ" المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة في فيينا أثناء اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن القضية النووية الإيرانية الآن في موقف حرج وحاسم ، ويجب على كافة الأطراف أن تنظر إلى المصالح الأساسية الطويلة الأمد بنظرات بعيدة، وأضاف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ترى أيضا أن حل القضية النووية الإيرانية داخل إطارها بالوسائل الدبلوماسية ليس في صالح سلام و استقرار المنطقة فحسب، بل أنه في صالح صيانة آلية عدم الانتشار النووي ، ويتفق مع المصالح الأساسية للجوانب المختلفة أيضا. لذلك فأن المهمة الملحة في الوقت الحالي هي استئناف المفاوضات بأسرع ما يمكن للتوصل إلى أفضل نقطة متوازنة تتفق مع مصالح الجميع.
إستراتيجية إيران في التعامل مع الضغوط الدولية:
لكي نفهم آلية إدارة الأزمات وإقرار السياسات العليا الإيرانية، لابدّ من إلقاء بعض الضوء على الخارطة السياسية العامّة في إيران.
هناك صورتان تبدوان متناقضتين لكنهما ليستا كذلك، ففي السياسة الإيرانية يوجد اتجاهان تحكمهما أيديولوجية فكرية دينية واحدة، ويتبنيان مشروعاً قوميا واحداً، ولهما أهداف حيوية واحدة:-
الاتجاه الأول:
الاتجاه المحافظ الذي يمثله رجال الدين الذين يوصفون بالمتشددين، ويركز على الفصل بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ولا يرغب بالمزيد من الحوار والانفتاح على الغرب والولايات المتحدة، ويوظّف هذا الاتجاه الدين في تنفيذ سياساته، ويزاوج في أولوياته بين الديني والقومي. الاتجاه الثاني:
الاتجاه الإصلاحي الذي كان يمثله الرئيس السابق محمد خاتمي، وهو يؤمن بالحوار مع الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصا، ويتبنى مسايرة المدارس السياسية المعاصرة، والتعامل مع ما تفرضه المتغيرات التي طرأت على العالم، خاصّة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وأحداث الحادي عشر من أيلول وما أعقبها من إعلان الحرب الكونية على (الإرهاب)، والتي كان من نتائجها الاحتلال المتعدد الجنسيات لأفغانستان، والاحتلال الأمريكي للعراق، والدور الإيراني الرسمي المعلن في كلا الإحتلالين، ويحتل المشروع القومي الأولوية في سياساته موظفا المشروع الديني في خدمته.
و في ضوء فهم اتجاهات السياسة الإيرانية يمكن تحديد معالم الصورتين اللتين تحكمان العلاقة بين الاتجاهين المحافظ والإصلاحي، وهما: الصورة الأولى:
يرى المراقب للساحة السياسية الإيرانية، وجود شكل من أشكال التأزم يطفو على السطح في العلاقة بين الاتجاهين المحافظ والإصلاحي، فيما يرى آخرون، أنّ هذا التأزم يقترب في ملامحه من الصراع.
الصورة الثانية:
يتصدّر الاتجاه المحافظ الواجهة السياسية في قضية ما، فيما ينكفئ الاتجاه الإصلاحي، والعكس صحيح، وحسب متطلبات القضيّة المطروحة، وفي أغلب الأحيان يتطلب معالجة هذه القضايا وتحقيق غايات الإستراتيجية الإيرانية تكامل عمل الاتجاهين وتصدرهما الواجهة السياسية معاً، وحتّى وإن اختلفت وسائلهما في بعض الأحيان، تبقى غاياتهما واحدة، إذ لا خلاف بينهما فيما يتعلّق بالأهداف الإستراتيجية
ولعلّ إطلاق صفة التنافس السياسي بين الاتجاهين للوصول إلى ذات الهدف هو الأقرب إلى الصواب في توصيف الواقع السياسي الإيراني، وهو يشبه إلى حدّ بعيد واقع التنافس بين حزبي العمل والليكود الإسرائيليّين، والديمقراطي والجمهوري الأمريكيّين، حيث أنّ كليهما يسعى في النهاية إلى تحقيق المصالح الحيوية العليا لبلاده. و يعد الخيار النووي النقطة التي يحصل عليها إجماع في أوساط النخب و الجماهير الإيرانية المحافظة منها أو الإصلاحية، لذلك تبدو البيئة الداخلية الإيرانية متماسكة، مما يقلل من إمكانية نجاح خلق معارضة داخلية، بالتنسيق مع المعارضة الإيرانية في الخارج، لإحداث ثورة على نظام الحكم. جاء التحرك الإيراني إزاء المواقف الدولية على محورين ، تمثل الأول في محاولة تفكيك الموقف الأوروبي بحيث لا يشكل كتلة ضغط قوية على طهران، خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي ( 25 دولة ) تقف خلف الترويكا في حالة انتظار لما سوف تسفر عنه المفاوضات مع إيران . أما المحور الثاني فيتمثل في التحرك السياسي الخارجي النشط للدبلوماسية الإيرانية تجاه الدول الأوروبية وغير الأوروبية لإقناع تلك الدول بعدالة وشرعية الملف النووي الإيراني ونفي أي نية لحيازة أسلحة نووية . وفي هذا السياق يمكن ملاحظة زيارة الرئيس الإيراني محمد خاتمي إلى النمسا في أبريل 2005، لبحث تطوير العلاقات بين البلدين وبحث القضايا ذات الاهتمام الدولي وعلى رأسها الملف النووي الإيراني. ومن المعلوم أن النمسا تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي منذ مطلع العام 2006 وتعد إحدى الدول الداعمة للخيار الدبلوماسي مع الملف النووي الإيراني. كما قام العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين بزيارات مماثلة لدول أخرى كان آخرها زيارة وزير الدفاع إلى الجزائر لبحث تطوير التعاون العسكري بين الجانبين ، كما حمل رسالة من إيران مفادها أن إيران تتمسك بحقها في تطوير قدراتها النووية واستغلالها للأغراض السلمية . وكما ذكرنا تهدف إيران من وراء ذلك النشاط الدبلوماسي المكثف إلى كسر الحصار الذي تحاول الولايات المتحدة فرضه عليها ، وعزلها عن باقي دول العالم وتعريف العالم بطبيعة البرنامج النووي الإيراني . و مع وصول" أحمدي نجاد إلى الحكم، فهو يتبنى إستراتيجية لحشد التضامن العربي و الإسلامي مع إيران، و استثمار علاقات إيران التاريخية مع كل من روسيا و الصين.
الحـرب الإسـرائيلية علـى لبـنان
تعتبر الحرب الإسرائيلية على لبنان من أبرز الأحداث في الآونة الأخيرة، بسبب ما خلفته من آثار، و ما بينته من حقائق في المنطقة.
*خلفيات الحرب: السبب الأولي لاندلاع الحرب كان اختطاف حزب الله اللبناني لجنديين إسرائيليين، لمبادلتهما بأسرى لبنانيين و عرب في إسرائيل، و الانسحاب من مزارع شبعا المتنازع عليها، لكن للحرب خلفيات أعمق نلخصها فيما يلي:
- لم تكن حادثة اختطاف الجنديين سوى مجرد ذريعة لإسرائيل،التي كانت حسب معلومات استخباراتية قد أعدت مسبقا مخططا للهجوم على لبنان، بغرض القضاء على المقاومة، لكن العملية التي قام بها حزب الله، سرعت من وقت شن الهجوم مما أربك القيادة الإسرائيلية، التي كانت مضطرة للقيام برد فعل سريع على عملية المقاومة.
- الحرب الإسرائيلية على لبنان تدخل في إطار إستراتيجية كبرى، خططت لها الولايات المتحدة و تنفذها إسرائيل، إذ يرى المراقبون أنها حرب بالوكالة قادتها إسرائيل بدعم أمريكي، لأن الولايات المتحدة في وضع لا يسمح لها بالقيام بمغامرة جديدة في المنطقة، خاصة في ظل الوضع المحرج الذي تعيشه في العراق، و فشلها في إرساء السلم و الديمقراطية هناك، و الخسائر التي تتكبدها من المقاومة العراقية، إضافة إلى تحدي إيران للولايات المتحدة ومواصلتها لتطوير برنامجها النووي.
- ربطت الولايات المتحدة بين الحرب المثيرة للجدل التي تقودها على "الإرهاب" وبين العدوان الإسرائيلي الشامل على لبنان ، واعتبرته يدخل في إطار "الحرب على الإرهاب". وخلال مؤتمر صحفي، قال" توني سنو" المتحدث باسم البيت الأبيض: "الواقع أن حزب الله يتلقى التمويل من إيران والحماية من سوريا.. إن لهذا بعدا في إطار الحرب على الإرهاب". واستطرد قائلا: "في الحرب على الإرهاب، لا نواجه جيوشا مجهزة كما ينبغي وإنما جماعات إرهابية تعمل بشكل مستقل داخل حدود الدول المستقلة.. وما تنتهي هذه الجماعات إلى فعله هو تعريض تلك الدول المستقلة للخطر". وخلص المتحدث باسم البيت الأبيض إلى القول إنه "في تلك الحالة، أعتقد أنه من الدقة الكاملة القول بأن ما يجري في الواقع هو جزء من الحرب على الإرهاب".
- أي أن الولايات المتحد تحاول ضرب إيران بطريقة غير مباشرة، فورقة الضغط التي استجدت مؤخرا في يد واشنطن هي الضغط على إيران عن طريق الملف اللبناني. فبعد إخراج القوات السورية من لبنان ، تتجه واشنطن نحو تحجيم حزب الله الموالي لإيران وذلك بهدف تجريد طهران من مصادر قوتها في لبنان وقطع الطريق على تعاونها مع سورية ، ووقف دعمها للفصائل الفلسطينية التي تعمل ضد إسرائيل أي حركة حماس خصوصا.
*أثر الانسحاب السوري من لبنان على الأطراف اللبنانية وقيام الحرب:
لعبت سوريا طيلة سنوات تواجدها على الأراضي اللبنانية ،دورا محوريا في الساحة السياسية اللبنانية، و في حماية لبنان من وقوع عدوان عليها بالحجم الذي حدث بعد انسحابها، الذي خلف آثارا تجلت في:
- الانسحاب شكل خطرا على أمن لبنان، لكون لبنان دولة تفتقر للموارد المالية و العسكرية للدفاع عن أراضيها، و لا تستطيع ملأ الفراغ الأمني و العسكري الذي أحدثه الانسحاب السوري.
- عجل الانسحاب بظهور مشاكل بين لبنان و سوريا، تتعلق بعضها بترسيم الحدود، و قضية مزارع شبعا، و قضية اليد العاملة السورية في لبنان.
- أدى الانسحاب السوري إلى تصدع في صفوف المعارضة اللبنانية، فبعد اغتيال "رفيق الحريري" و ما تبعه من تأثير على الساحة السياسية اللبنانية، من خلال توحد المعارضة، رفقة فئات واسعة من الشعب اللبناني مطالبة باستقالة الحكومة، و تشكيل لجنة تحقيق دولية، و إقالة رؤساء الأجهزة الأمنية، و الإسراع بإخراج القوات السورية، لكن سرعة صدور القرار الأممي 1559 و سرعة تنفيذه من سوريا، خلط أوراق المعارضة التي لم تكن تتوقع حدوثه بهذه السرعة، حيث بدا خطابها غير متماسك، و طفت للسطح الخلافات التي كانت مستترة خلف المطالب الداعية للانسحاب السوري.
*الحرب على لبنان و مشروع الشرق الأوسط الكبير:
بعد نهاية الحرب الباردة، و تفرد الولايات المتحدة بالقيادة العالمية، برزت معها تصورات جديدة لعالم جديد تحكمه قيم الغرب الثلاث ( الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان)، و بما أن منطقة الشرق الأوسط بؤرة حيوية للمصالح الأمريكية، كانت من أولى المناطق المعنية بتطبيق التصور الأمريكي لعالم ما بعد الحرب الباردة، و البداية كانت من العراق الذي حاولت الولايات المتحدة جعله نموذجا للديمقراطية و احترام حقوق الإنسان، و حق الأقليات في ممارسة حقوقها و التشارك في السلطة.
لكن الواقع العراقي الحالي بعيد عن الطموحات الأمريكية، و عن الدولة العصرية النموذجية في الشرق الأوسط، بفعل اضطراب الوضع الأمني و عدم الاستقرار السياسي، و التخلف الاقتصادي و الاجتماعي، و أمام هذا الوضع اتخذت الولايات المتحدة من لبنان محطة جديدة لإحياء مشروعها لكبير، متبعة إستراتيجية استهداف المناطق الرخوة كلبنان لتحقيق نصر مؤكد ، ولتكون قاعدة لانطلاق تصورها من جديد، و من المعلوم أن الولايات المتحدة تستهدف المناطق الهشة أو الرخوة، التي تسمح لها بتحقيق انتصار سهل و بأقل قدر من الخسائر، مثلما فعلت في العراق و في أفغانستان، لكنها هذه المرة لم تتدخل مباشرة بل عن طريق حليفتها في المنطقة إسرائيل، كشكل جديد من أشكال العودة للحروب بالوكالة، للقضاء على المقاومة اللبنانية، بقيادة حزب الله و منه ضرب إيران، و سوريا بطريقة غير مباشرة لأنها تعتبره حليفا للدولتين المذكورتين، و بالتالي إفقادهما قاعد قوتهما في لبنان، بالتوازي مع التضييق على حكومة حماس الفلسطينية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل، والقريبة من توجهات حزب الله و سوريا و إيران، و هي الأطراف التي تعتبرها الولايات المتحدة معيقة لتنفيذ مخططاتها في الشرق لأوسط، و كذلك كمصدر للإرهاب و تمويل الجماعات الإرهابية لذلك اعتبرت الخارجية الأمريكية الحرب على لبنان جزء من الحرب التي تشنها على الإرهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
لكن لماذا لم تقد الولايات المتحدة الحرب بنفسها و أوكلت المهمة لإسرائيل؟
هنالك عدة أسباب أهمها:


- إسرائيل هي المعنية الأولى بالقضية وهي تمتلك ذريعة قوية لشن الحرب، وهي اختطاف الجنديين.
- سوء تقدير الولايات المتحدة للوضع، و استصغار المقاومة اللبنانية، و بالتالي تركت الأمر لإسرائيل باعتبار أن لها خبرة أكبر في مواجهة أساليب المقاومة.
- تأكيدات الحكومة و الجيش الإسرائيلي أنهم قادرين على القضاء على المقاومة في ظرف عدة أيام.
- وجود الولايات المتحدة في ظروف داخلية و خارجية تمنعها من التورط المباشر في الحرب، فداخليا لا يزال الرأي العام الأمريكي يعيش على وقع الحرب على العراق، و ما انجر عنها من آثار نفسية على الأمريكيين من المناهضين للحرب و أقارب الضحايا، أما خارجيا فبعد الوضع الكارثي الذي آل إليه العراق، لم يعد حاليا بإمكان الإدارة الأمريكية خوض حرب جديدة، خاصة في ظل انشغالها بالملف النووي الإيراني، و ما يمكن أن يفرزه من انعكاسات على استقرار المنطقة، و على مستقبل النفوذ و التواجد الأمريكي هناك، إضافة للوضع في فلسطين بعد وصول حركة حماس للحكم، و اتهام سوريا بدعم المقاومة، و عرقلة مسار السلام.
و قد جاءت نتائج الحرب عكس توقعات الولايات المتحدة و إسرائيل، و بعض الأنظمة العربية التي اعتبرت ما قام بها حزب الله في البداية كمغامرة غير محسوبة العواقب، حيث صمدت المقاومة أكثر من شهر، و كبدت إسرائيل خسـائر غير مسـبوقة في تاريخ حـروبها مع العرب، وأبانت عن قدرات قتالية و تنظيمية و استخباراتية و إعلاميـة هائـلة، كـما وحـدت الحـرب الجبـهة الداخلـية اللبـنانية بمخـتلف أطيافـها الوطـنية منـها و السنـية و المسيحية، و زادت من مصداقية و شعبية حزب الله داخليا و عربيا و وضعت الأنظمة العربية في مواقف محرجة.





















خـــاتـمــــــة:




نخلص من خلال هذه الورقة البحثية للنتائج التالية:

* منطقة الشرق الأوسط منطقة حيوية للمصالح الأمريكية، اقتصاديا و سياسيا و استراتيجيا، باعتبارها مصدرا لأهم تمويلاتها النفطية، واستثمارات شركاتها،و مركز لأهم خلفائها (إسرائيل و دول الخليج و تركيا) ، و مقر لقواعد عسكرية هامة.
* يشكل الملف النووي الإيراني مصدر قلق للولايات المتحدة ، و لبقية دول المنطقة خاصة إسرائيل و دول الخليج، في ظل العداء بين النظام الإسلامي في إيران و إسرائيل، و العلاقات المتوترة لدول الخليج مع إيران خاصة السعودية، و تنافسها على زعامة العالم الإسلامي مع إيران، و النزاع على الجزر الثلاث بين إيران و الإمارات العربية المتحدة.
*الملف النووي الإيراني يمثل تحديا جديدا للنفوذ و المصالح الأمريكية في المنطقة بعد زوال الخطر العراقي، وفي الوقت الذي لا يزال الوضع الأمني في العراق يقلق الإدارة الأمريكية، لأن نجاح البرنامج النووي الإيراني سيقلب موازين القوى، حيث لن تبقى إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة.
*اختلاف مواقف المجتمع الدولي من البرنامج النووي الإيراني، بين التصلب الأمريكي و البريطاني و المرونة الفرنسية الألمانية، و المساندة النسبية الروسية الصينية لحق إيران في اكتساب التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية. * يعتبر الخيار النووي عاملا يجمع الإيرانيين المحافظين منهم و الإصلاحيين، باعتباره خيارا استراتيجيا، و رمزا من رموز التفوق و السيادة الإيرانية، لذلك فمن الصعب على الولايات المتحدة تجنيد معارضة في داخل إيران أو خارجها للانقلاب على النظام الحالي.
* ترتبط الحرب على لبنان ارتباطا وثيقا بالتطورات في إيران و في فلسطين، حيث جاءت بعد وصول حركة حماس إلى الحكم، و بعد تطور البرنامج النووي الإيراني، خاصة و أن حزب الله محسوب على إيران عقائديا و ماليا، و من حيث ناحية المنهج و الأهداف.
*تدخل الحرب على لبنان في إطار التمهيد لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، و إيقاف المد الإيراني في المنطقة، و تضييق الحصار على سوريا و حكومة حماس الفلسطينية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الملف النووي الايراني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الانتشار النووي
» الانتشار النووي
» الصراع النووي الايراني الاسرائيلي، (المخاطر والتحديات)
» السلاح النووي بين الردع و الخطر
» النظام السياسي الايراني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1