منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Empty
مُساهمةموضوع: نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط   نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyالأربعاء مارس 04, 2015 9:48 am

[rtl]نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط''[/rtl]
 
[rtl]15-03-2013[/rtl]
[rtl]سمير بلكفيف جامعة خنشلة [/rtl]
[rtl]نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط C:\Users\pc\AppData\Local\Temp\msohtmlclip1\01\clip_image001ما من أمل ينشده الإنسان في عالمنا وزماننا يتوق إليه بشغف، يفوق ما يتوق إليه في سلام أبدي، وهو سلام من شأنه أن يحرّر مستقبل الإنسانية من عنائها الأكبر، الناجم عن التطور السريع الذي أحرزته صناعة الأسلحة الفتاكة، فغدت تهدّد الوجود البشري على الإطلاق.[/rtl]
[rtl] وفق هذه النظرة الاستشرافية التي يمتزج فيها البعد الأخلاقي والحضاري والإنساني التواصلي، والتي تطبعها الغائية المتفائلة، نجد الفيلسوف الألماني ''إيمانويل كانط'' (42714081)، ومن خلال كتابه ''نحو السلام الدائم'' يحرص على فكرة إنسانية-عالمية، وذلك من خلال التشريع لسلام دائم، مؤكدًا أن خلاص الجنس البشري يكمن في تحقيق الكمال الأخلاقي الأقصى للإنسانية، وهو السلام الأبدي[/rtl]
[rtl]إننا نجد كانط، ومن خلال كتابه ''نحو السلام الدائم'' يقف عند مفترق طريقين، ويتجاوز ذلك من أجل إيجاد طريق ثالثة، يعيد فيها الاعتبار لماهية السلام وآليات تحقيقه، فهو من جهة يتجاوز النظرة المغالية في المثالية (الطوباوية)، والتي يمثلها أفلاطون، ذلك أن كانط كان أكثـر جرأة من هذا الأخير، فهو لم يعمل على تأجيل سعادة البشر إلى ما وراء العوالم، وإنما حاول تجسيدها في عالمهم الواقعي، وهي السعادة التي لا يمكن أن تكون شيئًا آخر غير بلوغ السلام الدائم، وهو من جهة أخرى، يتجاوز سخرية وتشاؤمية بعض الفلاسفة، أمثال ''لايبنتز''، والذي أكّد أن السلام ليس سوى تصنع ولهو غير مجدٍ لحشد من السذّج.[/rtl]
[rtl]يبدو أن كانط إنسان مفرط في إنسانيته، فهو يثق في الإنسان ثقة مطلقة، وفي بعده الأخلاقي والعقلي يعوّل عليهما كثيرًا في ضمان السلام، الأمر الذي يجعل مشكلة السلام -حسبه- مشكلة أخلاقية، ذلك أن الأمل في سلام دائم وأبدي يسود العالم، ويستمر بصورة لانهائية، مرهون كله بالتربية الأخلاقية، هذا من جهة، ومن أجل تكوين العقل النقدي؛ أي العقل الراشد المستنير، من جهة أخرى، على اعتبار أن تشريع السلام الدائم يقتضي الاحتكام إلى سلطان العقل، وأن تعيين هذا السلام هدف إنسانيّ نبيل يوجب- علاوة على ذلك- الإقرار بأخلاقيات التواصل بين الشعوب والدول حتى في حالة الحرب. إن السلام الدائم هو الحافز الوحيد في بلوغ السياسة الكونية، وما يتبعها من مفاهيم إنسانية (مواطنة كوسموسياسية، قوانين سياسية، تاريخ عالمي، مجتمع عالمي أخلاقي.. إلخ)، والحقيقة أن مفهوم السلام الدائم لا يتعلّق بفكر يخص حضارة دون غيرها، أو قسمًا من الإنسانية دون غيره، فلا يعني السلام الدائم ما تقرّه أطروحات الفكر الغربي من مواثيق ودساتير-والتي ينتهكها هو قبل أي كان- لا يعني ذلك أن المساهمة في السلام تُطرح -في نظرنا- طرحًا خاطئًا، عندما نقيسها على مساهمات الغرب فحسب، وكيف لا؟ وهو الذي ينتج نقيضه (الحرب)، وإنما المقصود هنا بالسلام شكل من أشكال الحقيقة، وهو لا يحيل لأي معنى عرقي أو جغرافي أو قومي. إن السلام الدائم المقصود هنا لا هوية له، وربما هو ما يتجاوز كل هوية، فليس هناك معاهدة أو سلم أصيل، كل ما هناك هو كيفيات أصيلة للمشاركة في إرساء السلام الدائم. لذلك فإن كل سؤال فلسفي لا مفر له اليوم من أن يجد نفسه منخرطًا في إطار كيفية الحفاظ على النوع البشري- الإنساني، ولابد من أن يُطرح على الفكر بما هو فكر إنسانيّ كونيّ.[/rtl]
[rtl]إن السلام يجب أن يرتبط بالبعد الإنساني وبروح المواطنة؛ من أجل تكريس القيم الديمقراطية السامية، على اعتبار هذه الأخيرة كقيمة عالمية -كونية لا يمكن لها أن تقوم إلا في ظل سلام عالمي؛ لأن القضاء على السلام يعني القضاء على الديمقراطية.[/rtl]
[rtl]إننا، إذن، مطالبون للمساهمة في السلام الدائم، بيد أن هذه المساهمة لن تتأتى إلا لمن يقول بفكر شمولي- كوني، ويتعالى عن الاختلافات اللغوية والفروق الحضارية والسياسية والأيديولوجية. وفي هذا السياق، نجد كانط يثق ثقة مطلقة في الإنسان، على اعتبار النظرة العقلانية لضرورة السلام، والتي ستؤدي- لا محالة- إلى ربط الممارسة السياسية بالبعد الأخلاقي، ذلك أن العقل العملي (الأخلاقي) يستشرف الخطر الذي لا مهادنة فيه، قائلا: ''يجب أن لا تقوم حرب البتة، لا بينك وبيني في الحالة الطبيعية، ولا بيننا كدولٍ مبنية داخليا''، هذا السلام الذي أفعل ما يكون في إنهاء الحرب القذرة، والتي ما فتئت جميع الدول، من دون استثناء -حتى الآن- تحشد مؤسساتها الداخلية تجاهها، كما لو كانت هي الغاية الأسمى، وإذا كان السلام يظل بالنسبة إلينا مجرد أمنية غالية، فعلى الأقل لن نخطئ قط إذا اتخذنا كمبدأ لنا أن نصبو إليه دون كلل؛ لأن هذا هو الواجب.[/rtl]
[rtl]لقد ظهر كتاب كانط ''نحو السلام الدائم'' سنة 5971؛ أي قبل كتابه ''المبادئ الأولى الميتافيزيقية لنظرية القانون''، وقد صاغ كانط هذا الكتاب على هيئة المعاهدات الدبلوماسية، ويتألف من الأقسام الآتية[/rtl]
[rtl]  1-ستة مواد تمهيدية: تصوغ الشروط السلبية للسلام.2 ثلاث مواد نهائية: تصوغ الشروط الإيجابية العامة: الداخلية والخارجية الدولية، لقانون السلام.3 ملحق أول: يبحث فيه كانط من الناحية الفيزيائية والمادية المحضة في الطبيعة بوصفها ضمان السلام.4 ملحق ثانٍ: يدعو فيه كانط إلى إعطاء الفلاسفة دورا في تنوير الدولة والحاكمين فيما يتعلق بالأمور السياسية.5 العلاقة بين الأخلاق والسياسة.[/rtl]
[rtl]إن كانط نفسه يعتبر كتاب السلام الدائم - وبالرغم من صغر حجمه- بمثابة التطبيق العقلي للنظرية السياسية، والتي وضعها في كتابه الشهير ''الأصول الفلسفية لنظرية الحق''، ولقد عبّر عن هذا أبلغ تعبير في خاتمة الكتاب المذكور الذي صدر سنة 7971؛ أي سنتين قبل وفاته.[/rtl]
[rtl]إن هذه الثقة المفرطة في إنسانية الإنسان، والأمل الكبير في تخليص البشرية من عنائها الأكبر -ألا وهو الحرب والصراع- تجعل من كانط يقف في وجه أطروحات الفلاسفة والمفكرين الذين أرادوا تكريس الفكر التراتبي، والرؤية المركزية، والبعد الأيديولوجي، بدءًا من فلسفة ''لايبنتز'' و''نيتشه'' التي أقرّت بأن حالة السّلم هي دائمًا خطوة جديدة نحو حرب آتية لا محالة، وصولاً إلى أطروحات المعاصرين، أمثال ''صموئيل هينغتون'' و''فوكوياما''، والتي حملت رؤية سوداوية عن التاريخ الإنساني ومصيره أيضا.[/rtl]
[rtl]لقد آن لنا الأوان لكي نميّز بين فيلسوف الإنسانية قاطبة، أو على حد تصنيف كارل ياسبيرز ''فلاسفة إنسانيين''، وفي هذا الصف يقف كانط، والذي يحمل همّ الإنسان بما هو إنسان، وبين المشرّع السياسي- المؤدلج الذي يبرّر الحرب والغزو والاجتياح العسكري [/rtl]
 

نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط''
15-03-2013 سمير بلكفيف جامعة خنشلة
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Kafif_632558207

ما من أمل ينشده الإنسان في عالمنا وزماننا يتوق إليه بشغف، يفوق ما يتوق إليه في سلام أبدي، وهو سلام من شأنه أن يحرّر مستقبل الإنسانية من عنائها الأكبر، الناجم عن التطور السريع الذي أحرزته صناعة الأسلحة الفتاكة، فغدت تهدّد الوجود البشري على الإطلاق.
 وفق هذه النظرة الاستشرافية التي يمتزج فيها البعد الأخلاقي والحضاري والإنساني التواصلي، والتي تطبعها الغائية المتفائلة، نجد الفيلسوف الألماني ''إيمانويل كانط'' (42714081)، ومن خلال كتابه ''نحو السلام الدائم'' يحرص على فكرة إنسانية-عالمية، وذلك من خلال التشريع لسلام دائم، مؤكدًا أن خلاص الجنس البشري يكمن في تحقيق الكمال الأخلاقي الأقصى للإنسانية، وهو السلام الأبدي. 
إننا نجد كانط، ومن خلال كتابه ''نحو السلام الدائم'' يقف عند مفترق طريقين، ويتجاوز ذلك من أجل إيجاد طريق ثالثة، يعيد فيها الاعتبار لماهية السلام وآليات تحقيقه، فهو من جهة يتجاوز النظرة المغالية في المثالية (الطوباوية)، والتي يمثلها أفلاطون، ذلك أن كانط كان أكثـر جرأة من هذا الأخير، فهو لم يعمل على تأجيل سعادة البشر إلى ما وراء العوالم، وإنما حاول تجسيدها في عالمهم الواقعي، وهي السعادة التي لا يمكن أن تكون شيئًا آخر غير بلوغ السلام الدائم، وهو من جهة أخرى، يتجاوز سخرية وتشاؤمية بعض الفلاسفة، أمثال ''لايبنتز''، والذي أكّد أن السلام ليس سوى تصنع ولهو غير مجدٍ لحشد من السذّج.
يبدو أن كانط إنسان مفرط في إنسانيته، فهو يثق في الإنسان ثقة مطلقة، وفي بعده الأخلاقي والعقلي يعوّل عليهما كثيرًا في ضمان السلام، الأمر الذي يجعل مشكلة السلام -حسبه- مشكلة أخلاقية، ذلك أن الأمل في سلام دائم وأبدي يسود العالم، ويستمر بصورة لانهائية، مرهون كله بالتربية الأخلاقية، هذا من جهة، ومن أجل تكوين العقل النقدي؛ أي العقل الراشد المستنير، من جهة أخرى، على اعتبار أن تشريع السلام الدائم يقتضي الاحتكام إلى سلطان العقل، وأن تعيين هذا السلام هدف إنسانيّ نبيل يوجب- علاوة على ذلك- الإقرار بأخلاقيات التواصل بين الشعوب والدول حتى في حالة الحرب. إن السلام الدائم هو الحافز الوحيد في بلوغ السياسة الكونية، وما يتبعها من مفاهيم إنسانية (مواطنة كوسموسياسية، قوانين سياسية، تاريخ عالمي، مجتمع عالمي أخلاقي.. إلخ)، والحقيقة أن مفهوم السلام الدائم لا يتعلّق بفكر يخص حضارة دون غيرها، أو قسمًا من الإنسانية دون غيره، فلا يعني السلام الدائم ما تقرّه أطروحات الفكر الغربي من مواثيق ودساتير-والتي ينتهكها هو قبل أي كان- لا يعني ذلك أن المساهمة في السلام تُطرح -في نظرنا- طرحًا خاطئًا، عندما نقيسها على مساهمات الغرب فحسب، وكيف لا؟ وهو الذي ينتج نقيضه (الحرب)، وإنما المقصود هنا بالسلام شكل من أشكال الحقيقة، وهو لا يحيل لأي معنى عرقي أو جغرافي أو قومي. إن السلام الدائم المقصود هنا لا هوية له، وربما هو ما يتجاوز كل هوية، فليس هناك معاهدة أو سلم أصيل، كل ما هناك هو كيفيات أصيلة للمشاركة في إرساء السلام الدائم. لذلك فإن كل سؤال فلسفي لا مفر له اليوم من أن يجد نفسه منخرطًا في إطار كيفية الحفاظ على النوع البشري- الإنساني، ولابد من أن يُطرح على الفكر بما هو فكر إنسانيّ كونيّ.
إن السلام يجب أن يرتبط بالبعد الإنساني وبروح المواطنة؛ من أجل تكريس القيم الديمقراطية السامية، على اعتبار هذه الأخيرة كقيمة عالمية -كونية لا يمكن لها أن تقوم إلا في ظل سلام عالمي؛ لأن القضاء على السلام يعني القضاء على الديمقراطية.
إننا، إذن، مطالبون للمساهمة في السلام الدائم، بيد أن هذه المساهمة لن تتأتى إلا لمن يقول بفكر شمولي- كوني، ويتعالى عن الاختلافات اللغوية والفروق الحضارية والسياسية والأيديولوجية. وفي هذا السياق، نجد كانط يثق ثقة مطلقة في الإنسان، على اعتبار النظرة العقلانية لضرورة السلام، والتي ستؤدي- لا محالة- إلى ربط الممارسة السياسية بالبعد الأخلاقي، ذلك أن العقل العملي (الأخلاقي) يستشرف الخطر الذي لا مهادنة فيه، قائلا: ''يجب أن لا تقوم حرب البتة، لا بينك وبيني في الحالة الطبيعية، ولا بيننا كدولٍ مبنية داخليا''، هذا السلام الذي أفعل ما يكون في إنهاء الحرب القذرة، والتي ما فتئت جميع الدول، من دون استثناء -حتى الآن- تحشد مؤسساتها الداخلية تجاهها، كما لو كانت هي الغاية الأسمى، وإذا كان السلام يظل بالنسبة إلينا مجرد أمنية غالية، فعلى الأقل لن نخطئ قط إذا اتخذنا كمبدأ لنا أن نصبو إليه دون كلل؛ لأن هذا هو الواجب.
لقد ظهر كتاب كانط ''نحو السلام الدائم'' سنة 5971؛ أي قبل كتابه ''المبادئ الأولى الميتافيزيقية لنظرية القانون''، وقد صاغ كانط هذا الكتاب على هيئة المعاهدات الدبلوماسية، ويتألف من الأقسام الآتية: 
  1-ستة مواد تمهيدية: تصوغ الشروط السلبية للسلام.2 ثلاث مواد نهائية: تصوغ الشروط الإيجابية العامة: الداخلية والخارجية الدولية، لقانون السلام.3 ملحق أول: يبحث فيه كانط من الناحية الفيزيائية والمادية المحضة في الطبيعة بوصفها ضمان السلام.4 ملحق ثانٍ: يدعو فيه كانط إلى إعطاء الفلاسفة دورا في تنوير الدولة والحاكمين فيما يتعلق بالأمور السياسية.5 العلاقة بين الأخلاق والسياسة.
إن كانط نفسه يعتبر كتاب السلام الدائم - وبالرغم من صغر حجمه- بمثابة التطبيق العقلي للنظرية السياسية، والتي وضعها في كتابه الشهير ''الأصول الفلسفية لنظرية الحق''، ولقد عبّر عن هذا أبلغ تعبير في خاتمة الكتاب المذكور الذي صدر سنة 7971؛ أي سنتين قبل وفاته.
إن هذه الثقة المفرطة في إنسانية الإنسان، والأمل الكبير في تخليص البشرية من عنائها الأكبر -ألا وهو الحرب والصراع- تجعل من كانط يقف في وجه أطروحات الفلاسفة والمفكرين الذين أرادوا تكريس الفكر التراتبي، والرؤية المركزية، والبعد الأيديولوجي، بدءًا من فلسفة ''لايبنتز'' و''نيتشه'' التي أقرّت بأن حالة السّلم هي دائمًا خطوة جديدة نحو حرب آتية لا محالة، وصولاً إلى أطروحات المعاصرين، أمثال ''صموئيل هينغتون'' و''فوكوياما''، والتي حملت رؤية سوداوية عن التاريخ الإنساني ومصيره أيضا.
لقد آن لنا الأوان لكي نميّز بين فيلسوف الإنسانية قاطبة، أو على حد تصنيف كارل ياسبيرز ''فلاسفة إنسانيين''، وفي هذا الصف يقف كانط، والذي يحمل همّ الإنسان بما هو إنسان، وبين المشرّع السياسي- المؤدلج الذي يبرّر الحرب والغزو والاجتياح العسكري.
- See more at: http://www.elkhabar.com/ar/autres/mousahamat/327081.html#sthash.JGmOG5MT.dpuf
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط''
15-03-2013 سمير بلكفيف جامعة خنشلة
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Kafif_632558207

ما من أمل ينشده الإنسان في عالمنا وزماننا يتوق إليه بشغف، يفوق ما يتوق إليه في سلام أبدي، وهو سلام من شأنه أن يحرّر مستقبل الإنسانية من عنائها الأكبر، الناجم عن التطور السريع الذي أحرزته صناعة الأسلحة الفتاكة، فغدت تهدّد الوجود البشري على الإطلاق.
 وفق هذه النظرة الاستشرافية التي يمتزج فيها البعد الأخلاقي والحضاري والإنساني التواصلي، والتي تطبعها الغائية المتفائلة، نجد الفيلسوف الألماني ''إيمانويل كانط'' (42714081)، ومن خلال كتابه ''نحو السلام الدائم'' يحرص على فكرة إنسانية-عالمية، وذلك من خلال التشريع لسلام دائم، مؤكدًا أن خلاص الجنس البشري يكمن في تحقيق الكمال الأخلاقي الأقصى للإنسانية، وهو السلام الأبدي. 
إننا نجد كانط، ومن خلال كتابه ''نحو السلام الدائم'' يقف عند مفترق طريقين، ويتجاوز ذلك من أجل إيجاد طريق ثالثة، يعيد فيها الاعتبار لماهية السلام وآليات تحقيقه، فهو من جهة يتجاوز النظرة المغالية في المثالية (الطوباوية)، والتي يمثلها أفلاطون، ذلك أن كانط كان أكثـر جرأة من هذا الأخير، فهو لم يعمل على تأجيل سعادة البشر إلى ما وراء العوالم، وإنما حاول تجسيدها في عالمهم الواقعي، وهي السعادة التي لا يمكن أن تكون شيئًا آخر غير بلوغ السلام الدائم، وهو من جهة أخرى، يتجاوز سخرية وتشاؤمية بعض الفلاسفة، أمثال ''لايبنتز''، والذي أكّد أن السلام ليس سوى تصنع ولهو غير مجدٍ لحشد من السذّج.
يبدو أن كانط إنسان مفرط في إنسانيته، فهو يثق في الإنسان ثقة مطلقة، وفي بعده الأخلاقي والعقلي يعوّل عليهما كثيرًا في ضمان السلام، الأمر الذي يجعل مشكلة السلام -حسبه- مشكلة أخلاقية، ذلك أن الأمل في سلام دائم وأبدي يسود العالم، ويستمر بصورة لانهائية، مرهون كله بالتربية الأخلاقية، هذا من جهة، ومن أجل تكوين العقل النقدي؛ أي العقل الراشد المستنير، من جهة أخرى، على اعتبار أن تشريع السلام الدائم يقتضي الاحتكام إلى سلطان العقل، وأن تعيين هذا السلام هدف إنسانيّ نبيل يوجب- علاوة على ذلك- الإقرار بأخلاقيات التواصل بين الشعوب والدول حتى في حالة الحرب. إن السلام الدائم هو الحافز الوحيد في بلوغ السياسة الكونية، وما يتبعها من مفاهيم إنسانية (مواطنة كوسموسياسية، قوانين سياسية، تاريخ عالمي، مجتمع عالمي أخلاقي.. إلخ)، والحقيقة أن مفهوم السلام الدائم لا يتعلّق بفكر يخص حضارة دون غيرها، أو قسمًا من الإنسانية دون غيره، فلا يعني السلام الدائم ما تقرّه أطروحات الفكر الغربي من مواثيق ودساتير-والتي ينتهكها هو قبل أي كان- لا يعني ذلك أن المساهمة في السلام تُطرح -في نظرنا- طرحًا خاطئًا، عندما نقيسها على مساهمات الغرب فحسب، وكيف لا؟ وهو الذي ينتج نقيضه (الحرب)، وإنما المقصود هنا بالسلام شكل من أشكال الحقيقة، وهو لا يحيل لأي معنى عرقي أو جغرافي أو قومي. إن السلام الدائم المقصود هنا لا هوية له، وربما هو ما يتجاوز كل هوية، فليس هناك معاهدة أو سلم أصيل، كل ما هناك هو كيفيات أصيلة للمشاركة في إرساء السلام الدائم. لذلك فإن كل سؤال فلسفي لا مفر له اليوم من أن يجد نفسه منخرطًا في إطار كيفية الحفاظ على النوع البشري- الإنساني، ولابد من أن يُطرح على الفكر بما هو فكر إنسانيّ كونيّ.
إن السلام يجب أن يرتبط بالبعد الإنساني وبروح المواطنة؛ من أجل تكريس القيم الديمقراطية السامية، على اعتبار هذه الأخيرة كقيمة عالمية -كونية لا يمكن لها أن تقوم إلا في ظل سلام عالمي؛ لأن القضاء على السلام يعني القضاء على الديمقراطية.
إننا، إذن، مطالبون للمساهمة في السلام الدائم، بيد أن هذه المساهمة لن تتأتى إلا لمن يقول بفكر شمولي- كوني، ويتعالى عن الاختلافات اللغوية والفروق الحضارية والسياسية والأيديولوجية. وفي هذا السياق، نجد كانط يثق ثقة مطلقة في الإنسان، على اعتبار النظرة العقلانية لضرورة السلام، والتي ستؤدي- لا محالة- إلى ربط الممارسة السياسية بالبعد الأخلاقي، ذلك أن العقل العملي (الأخلاقي) يستشرف الخطر الذي لا مهادنة فيه، قائلا: ''يجب أن لا تقوم حرب البتة، لا بينك وبيني في الحالة الطبيعية، ولا بيننا كدولٍ مبنية داخليا''، هذا السلام الذي أفعل ما يكون في إنهاء الحرب القذرة، والتي ما فتئت جميع الدول، من دون استثناء -حتى الآن- تحشد مؤسساتها الداخلية تجاهها، كما لو كانت هي الغاية الأسمى، وإذا كان السلام يظل بالنسبة إلينا مجرد أمنية غالية، فعلى الأقل لن نخطئ قط إذا اتخذنا كمبدأ لنا أن نصبو إليه دون كلل؛ لأن هذا هو الواجب.
لقد ظهر كتاب كانط ''نحو السلام الدائم'' سنة 5971؛ أي قبل كتابه ''المبادئ الأولى الميتافيزيقية لنظرية القانون''، وقد صاغ كانط هذا الكتاب على هيئة المعاهدات الدبلوماسية، ويتألف من الأقسام الآتية: 
  1-ستة مواد تمهيدية: تصوغ الشروط السلبية للسلام.2 ثلاث مواد نهائية: تصوغ الشروط الإيجابية العامة: الداخلية والخارجية الدولية، لقانون السلام.3 ملحق أول: يبحث فيه كانط من الناحية الفيزيائية والمادية المحضة في الطبيعة بوصفها ضمان السلام.4 ملحق ثانٍ: يدعو فيه كانط إلى إعطاء الفلاسفة دورا في تنوير الدولة والحاكمين فيما يتعلق بالأمور السياسية.5 العلاقة بين الأخلاق والسياسة.
إن كانط نفسه يعتبر كتاب السلام الدائم - وبالرغم من صغر حجمه- بمثابة التطبيق العقلي للنظرية السياسية، والتي وضعها في كتابه الشهير ''الأصول الفلسفية لنظرية الحق''، ولقد عبّر عن هذا أبلغ تعبير في خاتمة الكتاب المذكور الذي صدر سنة 7971؛ أي سنتين قبل وفاته.
إن هذه الثقة المفرطة في إنسانية الإنسان، والأمل الكبير في تخليص البشرية من عنائها الأكبر -ألا وهو الحرب والصراع- تجعل من كانط يقف في وجه أطروحات الفلاسفة والمفكرين الذين أرادوا تكريس الفكر التراتبي، والرؤية المركزية، والبعد الأيديولوجي، بدءًا من فلسفة ''لايبنتز'' و''نيتشه'' التي أقرّت بأن حالة السّلم هي دائمًا خطوة جديدة نحو حرب آتية لا محالة، وصولاً إلى أطروحات المعاصرين، أمثال ''صموئيل هينغتون'' و''فوكوياما''، والتي حملت رؤية سوداوية عن التاريخ الإنساني ومصيره أيضا.
لقد آن لنا الأوان لكي نميّز بين فيلسوف الإنسانية قاطبة، أو على حد تصنيف كارل ياسبيرز ''فلاسفة إنسانيين''، وفي هذا الصف يقف كانط، والذي يحمل همّ الإنسان بما هو إنسان، وبين المشرّع السياسي- المؤدلج الذي يبرّر الحرب والغزو والاجتياح العسكري.
- See more at: http://www.elkhabar.com/ar/autres/mousahamat/327081.html#sthash.JGmOG5MT.dpuf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط   نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyالأربعاء مارس 04, 2015 9:59 am


[size=35]  الفيلسوف الألمانى[/size]
[size=35]  إيمـانويـل كانــط[/size]
[size=35] حياته وفلسفته[/size]


محتويات البحث :
- مقدمة
- حياته
    - كانط والتنوير
    - السياسة فى حياة كانط
    - كانط والثورة الفرنسية

- من مؤلفاته

- فلسفته
   - رأي كانط فى الأخلاق



مقدمة :-

يعتبر ايمانويل كانط أحد العلامات البارزة في تاريخ الفلسفة بوجه عام وفي فلسفة العصر الحديث بوجه خاص كما يعتبر أكبر فلاسفة القرن الثامن عشر . استطاع بحياته وبمؤلفاته أن يُخلف في الحياة العقلية وفي الفكر الفلسفي أثراً باقياً سواء في عصره أو في الأجيال التى جاءت بعده و تعتبر فلسفته ثورة كفلسفة سقراط الذي صرف الإنسان عن دراسة الكون إلى دراسة النفس فقد حدد كانط مهمة الفيلسوف تحديداً دقيقاً فهو لايعنيه أن يستكشف مبادىء الوجود ولا أن يحصل لنفسه نظرة العالم بقدر ما يعنيه أن يبحث في قوة العقل ليتبين اختصاصه وحدوده ومداه وأن يلتمس شروط المعرفة الإنسانية حتى أن بعض مؤرخي الفكر الفلسفي يذهبون إلى أن أقطاب الفلسفة منذ العصر اليوناني القديم حتى العصر الحديث أربعة : أفلاطون ، أرسطو ، ديكارت ، كانط .

حياته :-

ولد كانط في 23 أبريل عام 1724 بكونجسبرج لأسرة متدينة تعاني الفقر والحرمان والحاجة ثم تلقى تعليمه الثانوي بمدارس المدينة ثم أكمل دراسته بجامعتها " جامعة كونجسبرج " طالباً لللاهوت في كلية الفلسفة .أراد له أبواه أن يكون خطيباً وأن "يهز رأسه يوماً من فوق المنبر " لكن اقباله على دروس الفلسفة العامة كان أكثر من اقباله على دروس اللاهوت ربما يكون ذلك مرجعه إلى  التعليم الذي تلقاه في طفولته والذى أورثه مقتاً لشكليات الدين حتى أنه امتنع طوال سنين نضجه عن حضور الصلاة العامة في الكنيسة وكان  يبغض تغليب الجانب الدينى على الجانب العقلى في تعليمه . فهو يكره التعليم بصورة الجدل الذى لاينتهى ، والمراسم الشكلية ، والساعات الطويلة تنفق فى تعليم الدين والصلوات المتصلة من ساعة الافطار حتى ساعة النوم .عانى من الفقر الشديد وصعوبة العيش طوال فترة دراسته بالجامعة لكنه تغلب على بعض المعاناة بأنه كان يعلم المتخلفين من زملائه حتى تتوفر له نفقات تعليمه ومعيشته ، تدرج كانط في المناصب الجامعية فقد تولى عمادة كلية الآداب خمس مرات  وكان مديرا للجامعة مرتين وفي هذه  الفترة أصدر أهم الأعمال الفلسفية في عصره كنقد العقل الخالص، ونقد العقل العملي.كان كانط يحاضر في مواضيع كثيرة التباين وبلغة واضحة ليجتذب عددا أكبر من الطلاب وكان إعجاب الطلبة بفصاحته عظيما ولكن كانط كمؤلف اشتهر بالغموض وكانت كتبه قليلة الطلاوة ومثالا على صعوبة الأداء ويبوسه وفي سنة 1780م أصبح عضوا في مجلس الشيوخ الأكاديمي وبعد ذلك أصبح عضوا في الملكية للعلوم في برلين. استمر في إلقاء المحاضرات في الجامعة وكتابة البحوث والمشاركة في المؤتمرات حتى بلغ سن الشيخوخة.
كرس حياته المديدة كلها للفكر والفلسفة،ولم  يتزوج ولم يخطر في باله موضوع الزواج إلا مرتين ولم يبلغ منهما حد المكاشفة، والسبب في ذلك لأنه كان فقيرا فوقف في المرتين عند التفكير والتردد والموازنة بين دخله ونفقات الزواج ومسؤولية العائلة. وبعد ذلك لم يفكر في الزواج وحين يطرح عليه السؤال في هذا الموضوع كان يغير مجرى الحديث ولا يتلقاه بقبول حسن ويعتبر ذلك تدخلا في شؤونه الخاصة.  وتوفى فى 12 فبراير 1804.

كانط والتنوير :-

يقول  ول ديورانت في كتابه قصة الحضارةة: «لعل كانط ما كان ليظهر قط لولا وجود فردريك الأكبر. ذلك أن كتابيه "نقد العقل الخالص" و "الدين في حدود العقل وحده" يسرت صدورهما شكوكية فردريك وتسامحه الديني؛ فلم ينقض على موت فردريك عامان حتى أخرجت الحكومة البروسية كانط. كان كانط كفردريك ربيباً لحركة التنوير، وقد تشبث بولائه للعقل حتى النهاية-رغم كل ذبذبته الإستراتيجية، ولكنه أيضاً كروسو كان جزءاً من الحركة الرومانتيكية، مكافحاً للتوفيق بين العقل والوجدان، وبين الفلسفة والدين، وبين الفضيلة والثورة. وقد أشربه أبواه النزعة التقوية، ثم هجنها بعقلانية كرستيان فونفولف؛ واستوعب هرطقات جماعة الفلاسفة؛ وهجنها بـ "اعتراف قسيس سافوا بالإيمان" في كتاب روسو "إميل"؛ وورث سيكولوجية لوك وليبنتز وباركلي وهيوم الدقيقة البارعة، واستخدمها في محاولة لينقذ العلم من هيوم، وينقذ الدين من فولتير. وقد رتب حياته بانتظام بورجوازي، ورحب بالثورة الفرنسية. وإذ عاش منفرداً في بروسيا الشرقية، فإنه أحس ولخص كل تيارات عصره العقلية».
وحسب ديورانت في كتابه قصة الفلسفة  هز كانط العالم وأيقظه من نومه العقائدي في عام 1781م بإخراج كتابه نقد العقل الخالص ولم تكن فلسفة شوبنهور ونظرية التطور وفلسفة نيتشه سوى تطور سطحي يتدفق تحته تيار فلسفة كانط القوي الثابت اشد عمقا واتساعا ولاتزال فلسفة كانط حتى يومنا هذا قاعدة لكل فلسفة أخرى ويرى شوبنهور أن الإنسان يبقى طفلا في معرفته إلى أن يفهم كانط.
من المعلوم أن أوروبا لم تستطع أن تنهض هذه النهضة الباهرة حتى أعادت الاعتبار الكامل للنزعة الفردية واستثمرت ما في الأفراد من اختلاف وتنوع وثراء  وقد عبر عن هذا التحول الجذري الفيلسوف ايمانول كانط حين أطلق صيحته الشهيرة مناديا كل فرد بقوله: " اجرؤ على استخدام فهمك الخاص" وهو بذلك لخص فلسفة الأنوار التي انتشلت أوروبا من الاستسلام الأبله والتقليد الأعمى ودفعتها إلى البحث في الآفاق والأنفس وفتحت للناس آفاق التنوع والتعدد وشجعتهم على جرأة التفكير المستقل وهيأت العقول لقبول الاختلاف الذي يؤدي إلى ثراء الفكر والعلم والحياة..كان كانط احد رموز التنوير الكبار في عصر  فردريك الثاني وأثرت فلسفته في أوساط المفكرين والأدباء وبعض الأوساط في إدارة الدولة لان فردريك الثاني كان مشجعا للعلم والثقافة وحرية الرأي.

السياسة في حياة كانط

فكره السياسي :-
في عصر الملك فردريك الثاني (1740 - 6871) ازدهرت أفكار التنوير وأثرت الفلسفة الكانطية في أوساط المفكرين والأدباء وبعض الأوساط في إدارة الدولة لأن هذا الملك كان مشجعا للعلم والثقافة وحرية الرأي. ولكن بعد تولي ابن أخيه فردريك فلهلم الثاني، العرش في برلين (1786 - 7971) بدأت حملة ضد التنوير وحرية الفكر وانتشرت الرقابة في أرجاء المملكة وكان كانط أبرز من استهدفتهم هذه الحملة وصدر مرسوم ملكي يمنعه من الاستمرار في الكتابة والنشر (1791) لكنه لم يتوقف عن الكتابة ووصل الأمر بالناشرين إلى رفع التماس إلى الملك. ولما نشر كانط كتابه «الدين في حدود العقل فقط» سنة 1793 صدر قرار من مجلس الوزراء مخاطبا الفيلسوف «إنك لا بد تدرك كم أنت مسؤول بوصفك معلما للشباب وأمام واجباتنا وأغراضنا الوطنية المعروفة جدا.ونرجو من سيادتك الشريفة أن تتحلى بالمسؤولية الواعية، ونأمل منكم - تجنبا لعدم رضانا العالي - ألا ترتكب أمرا من تلك الأمور، بل تستخدم مكانتك وموهبتك ووفقا لما يمليه عليك واجبك - في تحقيق نوايانا الوطنية، وإلا فإن استمرارك في هذا الطريق سيؤدي بنا حتما إلى اتخاذ إجراءات غير مرضية لك»..

أما عن فكره السياسي فقد اهتم كانط بالمسألة الأخلاقية أكثر من غيره من الفلاسفة وربط بين السياسة والأخلاق وعارض المذهب الماكيافيلي  ودعى  في مشروعه السياسي إلى  تشكيل هيئة دولية واتحاد فيدرالي للعمل على ترسيخ سلام إنساني دائم بين الأمم وإزالة الجيوش وتأسيس السلطة في الدول على أساس جمهوري وأن يكون النظام السياسي فيها قائما على القانون والدستور المدني واحترام  فلسفة حقوق الإنسان والمواطن. وكانت فكرة إنشاء عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى صدى لدعوة كانط
 
كانط والثورة الفرنسية :-

بدأت الثورة الفرنسية عام 1789 و كانط في أوجه الفلسفي وكان موقفه منها معبرا عن حقيقة تقييمه للأحداث السياسية في عصره. واشتد حماسه لها قناعة بمبادئها (الحرية والإخاء والمساواة) وكتب عنها  يقول «مثل هذه الظاهرة لا يمكن أن تنسى، إذ هي كشفت في الطبيعة الإنسانية عن استعداد للعمل لما هو أفضل لأن هذا الحادث هو من العظمة ومن الارتباط الوثيق بمصالح الإنسانية ومن سعة التأثير في العالم بكل أجزائه، إلى حد أنه ينبغي أن تذكّر به الشعوب في الظروف المناسبة، وعند المحاولات الجديدة من هذا النوع».
رغم أن حماسه قد فتر مع التحولات الدموية التي جرّت الثورة نفسها إليها وراحت تأكل بنيها. إلا أن كانط بقي وفيّا للقيم كان مؤمنا بها مع فلاسفة الثورة فولتير وروسو وديدرو الذين كان متواصلا معهم بشكل كبير..

 من مؤلفاته :-

ـ كتاب بعنوان ”نقد العقل الخالص“
ألفه سنة 1781م، وهو أهم مؤلفاته ، نقد فيه (كانط) العقل النظري ، وبين له حدودا يجب الوقوف عندها.
ـ كتاب بعنوان ”مقدمه لكل ميتافيزيقيا مقبلة“
قدم فيه  ملخصاً شافياً لمذهبه الفلسفي وسلك فيه منهجاً تحليلياً بدأ فيه من الواقع وأنتهى إلى المبادىء العامة على عكس المنهج التأليفى الذى اتبعه فى نقد العقل الخالص النظرى والذى بدأ فيه بالمبادىء وأنتهى إلى الوقائع .
ـ كتاب بعنوان ”نقد ملكة الحكم”
ألفه عام 1790 ويمثل وجهة نظره في علم الجمال ومحاولة للتوفيق بين الضرورة العقلية وبين الحرية
ـ كتاب بعنوان ”الدين في حدود العقل وحده“
كتبه عام 1790 وأوضح فيه أهمية المسيحية بإعتبارها دين العاطفة الذى يقوم على التصورات الاخلاقية المثالية البعيدة عن الترتب والكهانة وقد أثار هذا الكتاب سخط رجال الدين والملك فريدريك .
ـ كتاب بعنوان ”تأسيس ميتافيزيقيا الأخلاق”
ـ كتاب بعنوان ”نقد العقل العملي”
ـ كتاب بعنوان ”مشروع السلام الدائم“
ـ كتاب بعنوان ”ميتافيزيقيا الأخلاق“
ـ كتاب بعنوان ”الإنثروبولوجيا من منظور براجماتي
ـ أطروحة دكتوراه بعنوان ”في النار“
ـ أطروحة بعنوان ”المبادئ الأساسية للمعرفة الميتافيزيقية“
ـ أطروحة بعنوان ”في المنادولوجيا الفيزيائية“
ـ أطروحة بعنوان ”في صورة العالمين الحسي والمعقول ومبادئهما“

فلسفته :-

تعتبر فلسفة كانط نقطة نحول فى الفكر الفلسفي بأسره , إذ لا نكاد نتصدى لفيلسوف حديث أو معاصر حتى نلمس من قريب أو بعيد أثر فلسفة كانط .وقد تميزت فلسفة كانط بأنها نقدية وذلك لأنه أهتم بنقد العقل البشري في مختلف جوانب نشاطه والنقد عنده يدل على الدراسة التحليلية بقصد الكشف عن مقومات العقل البشري للوصول الى الأسس العامة التي يستند إليها العلم والتى بدونها لايمكن أن تنهض تجربة علمية والقواعد الراسخة التي لا يمكن أن تتحقق الأخلاق متمثلة في السلوك الانسانى السوي إلا وهي مرتكزة عليها .فالنقد لا يقتصر على المعرفة أوعلى الاخلاق وأنما الحياة كلها بما فيها من معرفة وأخلاق وجمال وسياسة .

يدعو كانط إلى الوضوح في الفهم والسلامة والتفكير لا على أساس حشد المعلومات وإنما على دعامة من منهج يعول فيه على النظرة العقلية التى لا تشوبها شائبة من انفعال أو رغبة شخصية ومن أحاديثه عن المنهج الذي يجب اتباعه فى تدريس الفلسفة بالذات : يقول أننا حين نتصدى لدراسة فيلسوف ينبغي لنا الا نتخذه مثلاً والا نتتع أراؤه مهما يكن فيها من سحر وطلاوة ، وانما خير لنا أن نقف منه موقف حياد وأن نتغلغل في أعماق فكره ثم نحكم بعد ذلك على هذة الأفكار حكماً منصفاً .فهو يدعو إلى الوقوف موقف النقد والتحليل من الفكر , موقف العالم من الطبيعة ,ومن هنا كانت دعوته إلى اتباع نظام صارم دقيق في الدراسة والبحث ..

أستهل كانط دعوته الفلسفية بضرورة النظر إلى التجربة نظرة فاحصة قبل التطلع إلى التأمل الخالص وإلى ضرورةتمرس الانسان بالتفلسف قبل دراسته المذاهب الفلسفية المختلفة وكان يعلن أنه ليس هناك فلسفة مكتملة . وقطع كانط صلته بالفلسفات القطعية التى تعتمد على الميتافيزيقا القديمة والتى تستند الى فكرة ثابتة فى فهم الاشياء والحياة لاتحيد عنها , وكان معنى هذا ايذانا بالدعوة الى نظر فلسفى جديد يقوم على النقد اقتناعا منهة بأنة لاسبيل الى ان نخطو بالدراسات الفلسفية خطوات الى الامام إلا بالتحليل . وقد اعتمد فى ذالك على القاعدة الاساسية التى عرض لها فى رسالتة "صورة العالم الحسى والعالم العقلى"  وهى ان الصور والمبادئ التى تعد الشروط الضرورية لكى يمكن لشئ ان يكون موضوعا لمعرفتنا يجب ان تكون صورا ومبادئ صالحة لكل تجربة وطبق هذة القاعدة على الزمان والمكان من حيث اعتبارهم صورتين لإحساسنا اى من حيث كونهما الاطار العقلى الذى بدونة لايمكن للاحساس ان يكون احساسا وتعد هذة الفكرة ثورة فى الفلسفة تغادل ثورة كوبرنيكوس فى الفلك فالاشياء تدور على الذات العارفة دوران الكواكب حول الشمس .

انتقل كانط من الاحساس الى الظاهرة وبعد ان كان ينظر الى الظاهرة بدا يتطلع الى ما يحكمها لقد لاحظ انه اذا كان هناك شروط لابد من توافرها لكى تتم الظواهر على النحو الذى نشاهدة علية فان هذة الشروط لايمكن ان تستخلص من واقع هذة الظواهر بل هى مستمدة من العقل البح واذا كانت هذة الشروط لازمة لزوما تاما لكى تتم الظواهر ومادامت هذة الشروط عقلية فان العقل لازم لزوما تاما للتجربة ,وليس فى وسعنا ونحن بصدد البحث فى امكان العلم ان نتوه فى زحمة الظواهر بينما نترك المشرع الاول لها الذى يضع شروطها وهو العقل وعلىذالط فالطريق الى تعمق الظواهر باستعراضها وتسجيل صفاتهاانما يكون اولا وبالذات باحصاءء شروطها اى بالنظر فى العقل .

هذا التطور فى فلسفة كانط يوضح ان مهمة التحليل والنقد لاتعنى فى نظرة تحليل الظواهر ذاتها فان هذا لايجدى وانما تعنى تحليل العقل ونقدة ولهذا قيل ان كل من يبحث فى نظرية المعرفة يبدا بكتاب لوك "مبحث فى العقل البشرى" ثم لايلبث أن يتجة الى كتاب كانط "نقد العقل الخالص" حيث تتضح أمامة افاق لم يكن فى وسع لوك ان يوجهه اليها . ففى كتاب كانط بحث جاد عميق عن الشروط الضرورية اللازمة لكل معرفة صحيحة فضلا عن تحديد لإمكانيات العقل وتوضيح لمعالم النطاق الذى يتعين علية الالتزام بة وليس معنى هذا أن كانط استتطاع فى هذا الكتاب ان بجد حلا نهائيا لمشكلة المعرفة وانما كان بحثة فى المعرفة  بحث عميقا موجها ومرشدا فى ذلك  الصراع الناشب بين التيارين التجريبى والعقلى حيث راى كانط انه ما من سبيل لحل الاشكال الفلسفى القائم إلا بالنظر الى العقل من حيث الخامة الحسية وحدها معدومة القيمة والقالب العقلى وحدة معدوم ايضا . وانة لابد ان يكون هناك تكامل من الجانبين حتى يمكن ان يكون هنالك قيمة مع تحفظ واحد مهم وهو أن الدور للعقل لا للمادة .

وان كانت ميتافيزيقا ديكارت تجعل الكائن الاسمى والكمال الاعلى ضامنا لكل معرفة ولكل علم ولكل اخلاق فان الميتافيزيقا عند كانط ميتافيزيقا علميا لاتسعى الى سند الهي وانما دعمتها واركانها واستمد من العقل واحدة فالاشكال الفلسفى الذى عرض لة كانط يقوم على اساس وجود العلم ومجالة هذة الظواهر التى تتبع قوانين ثابتة فى كل زمان ومكان من جهة والانسان من جهة اخرى واذا كان هنالك تجربة مادية لها ضوابط وتجربة انسانية لابد ان يكون لها ضوابط  التجربة الاولى هى التجربة الطبيبعية العملية والتجربة الثانية هى التجربة الاخلاقية العملية ايضا واذا كانت الميتافيزيقا بالمعنى الكانطى هى التى تستنبط هذة الضوابط العامة كلها فهناك مع ذلك دائرتان لنشاط الميتافيزيقا :دائرة الطبيعة المادية ودائرة الطبيعة البشرية ومن ثم فهناك ميتافيزيقا عامة للعلم الطبيعي  وميتافيزيقا عامة للعلم الأخلاقي .وبعبارة أخرى اهتم كانط بمجالين أساسيين : المجال الطبيعي على اطلاقه والمجال الانساني بوجه خاص  والعلم لا يقتصر على المجال الطبيعي المادي فقط بل ينسحب على المجال الانساني .

إذا تساءلت : ماهي قدرة العقل .؟ هل هي قدرة لا حدود لها أم هي قدرة لها حدودها . أجاب كانط أن العقل لا يسعه أن يمارس نشاطه إلا فى حدود الظواهر , فكل تجربة لا تكون ممكنة إلا إذا جرت فى  مكان وإلا إذا حدثت فى زمان .وعلى هذا فكل تجربة لا تكون ممكنة إلا فى المكان والزمان ولوبحثنا فى المكان والزمان فى التجرية وفى صميم الظاهرة لما وجدنا لهما أثرا.فهما قالبان عقليان يزود العقل بهما التجربة لكي تحدث بالفعل ,مقولتان عقليتان لازمتان لزوما مطلقا لكل تجربة . فالعقل هو الذى يزود التجربة بجميع الضوابط والشروط التى تمكن هذة التجربة من الحدوث .


رأي كانط فى الأخلاق :-

وإذا ما تساءلنا : كيف تكون التجربة الأخلاقية ممكنة .؟
لا يمكن ذلك إلا إذاكانت قائمة أصلا على الإرادة الخيرة , الفعل الأخلاقي لا يمكن أن يكون فعلاً أخلاقياً إلا إذا كان صادراً من هذه الارادة فالارادة الاحلاقية شرط لابد منه لكي يكون الفعل أخلاقياً ,ولا يمكن أن يكون الفعل الاخلاقي دالا على هذة الارادة الخيرة إلا إذا كان فعلاً عاماً مطلقاً , إلا إذا كان التزاماً بالواجب من حيث هو دون قيد أو شرط من غاية أو منفعة أو غموض أو نزوة
و يرتكز الموقف الأخلاقي عند كانط على أمرين :-
- الأمر الأخلاقي أمر عام مطلق ضرورى شامل أزلى .
- لا يمكن تصور الاخلاق إلا مع التسليم بحرية الانسان .
وهما جانبان متناقضان ففى الأول ضرورة وحتمية وفي الثانى حرية ومع ذلك فلابد منها معاً رغم تناقضهما لتكامل البناء الاخلاقي .
وبالنسبة للحرية لم يحاول كانط تحليلها أو تعريفها فكل محاولة لتعريفها مصيرها حتماً الفشل لأنها ستقضى بالحرية إلى حتمية .فالحرية مسلمة عامة من مسلمات الحياة العملية يسلم بها العقل فى نشاطه العملى ويقول أنها مسلمة من مسلمات العقل العملى وتنتمى إلى تلك الدائرة التى يستعصى على العقل اقتحامها دائرة الاشياء بالذات التى تضم أيضا مسلمتين أخريين , الله وخلود النفس . بالنسبة للضرورة والاطلاق والأولية في الأمر الأخلاقي فإن كانط لا يقصد بها أن يرضخ الإنسان للإلزام رضوخ الظاهرة للطبيعة لقانون الجاذبية وإنما ينبع هذا الإلزام الاخلاقي من ذات الانسان فهو ينبثق من الارادة الخيرة لكي يربط الإنسان كفرد بالانسانية كمعنى ولكي يربط الانسان في اللحظة الزمانية الزائلة بالانسانية كلها كدوام وخلود .
وإذا كان الأمر الاخلاقي مجرداً من كل غاية أو منفعة عامة ,مطلقاً ضرورياً شاملاً متعالياً فليس معنى هذا أنه ينكر صفة الانسان الحسية من حيث هو لحظة قلقة بين لحظات الماضي والمستقبل وليس معنى هذا أنه ينكر ذلك الصراع والتمزق بين الرغبةوالانفعالات التى تشبك الانسان بالواقع الحسي . وإنما معنى هذا أن الانسان حين يمارس العمل الاخلاقي لا يمارسه راضخاً لهذا الصراع أو مستسلماً لهذا التمزق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم الحوراني
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : سوريا
عدد المساهمات : 242
نقاط : 494
تاريخ التسجيل : 17/09/2013

نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط   نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyالأحد مايو 24, 2015 12:25 am

مشروع للسلام الدائم» لكانط: أسمى مراتب الأخلاق الكونية


النسخة: الورقية - دولي
السبت، ٢٥ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
من الواضح أن كل محاولة تجرى في أروقة مجلس الأمن أو حتى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإيجاد حل ما لمعضلة تتعلق بالحروب الراهنة أو بالصراعات المحلية أو حتى بالنزاعات السياسية الدولية التي قد لا ترقى الى مرتبة الحروب، تطرح من جديدة مسألة العلاقات بين الأمم ورغبة الشعوب في السلام الدائم، والدور الذي يمكن ان يناط بـ «حكومة عالمية» مثل منظمة الأمم المتحدة. ذلك ان هذه المنظمة تجد نفسها اليوم، ولا سيما أخيراً على ضوء ما يحدث في العراق وسورية وكذلك أوكرانيا وصولاً الى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي ومشتقاته، في وضعية لا سابق لها، إذ عليها - وربما للمرة الأولى حقاً في تاريخها الذي يزيد الآن عن ستة عقود من السنين - ان تلعب الدور الذي كانت اصلاً ولدت لتلعبه، هي التي ظلت طوال العقود الفائتة تدور من حوله. وهذا الدور ربما نجد جذور الحديث عنه في نص، سبق كل النصوص في تصوّره العملي والفكري والأخلاقي لمسألة السلام بين الأمم، ليس كأمنية طيبة، بل كمشروع عمل. وهذا النص الذي نشر للمرة الأولى قبل اكثر من قرنين من زماننا هذا، كتبه الفيلسوف التنويري الألماني إيمانويل كانط في العام 1895، أي على ضوء البعد الأممي الجديد والمفاجئ الذي كان صار للعالم إبان الثورة الفرنسية وما حملته من جديد، عملياً (أي دموياً ومن ثم بسبب عولمة الصراعات بين نابوليون والأوروبيين الآخرين)، وفكرياً (أي من خلال كتابات الذين أرهصوا بها). والنص الذي نعنيه هنا هو «مشروع لسلام دائم» الذي اعتبر واحداً من أقصر نصوص كانط، لكنه من اهمها وأكثرها ارتباطاً بالواقع العملي... ولعل شيئاً من الإنصاف جدير بأن يجعلنا نقرأ هذا النص مرات ومرات، لنكتشف كل مرة ان كانط يكاد يكون فيه المؤسس الحقيقي الرائد لعولمة العالم، سياسياً و... أخلاقياً ايضاً.
> ينطـــلق كانط في نصه هذا من فكرة يقول فيها ان «حال السلام التي تقوم بين البشر العائشين في جوار بعضهم بعضاً، ليست حالاً طبيعية، بل هي في الأحرى حال حرب: إذ حتى إذا كان القتال لا يندلع على الدوام بينهم، فإن العداوات تشكل مع هذا خطراً دائماً». ومن هنا يرى كانط ان حال السلام بين هؤلاء البشر «ينبغي ان تُفرض فرضاً». ومن هنا دور الدولة - في نظر كانط - حيث ان دستور هذه الدولة هو الذي يفرض السلام بين الجيران من ابناء المجتمع الواحد، أولاً انطلاقاً من مبدأ الحرية، ثم انطلاقاً من مبدأ ارتباط كل طرف إزاء الآخر، ثم ارتباط الجميع بتشريع واحد مشترك، وثالـــثاً انطلاقاً من قانون المساواة بينهم (كمواطنين). وفي هذا الإطـــار يرى كانط ان الدستور الوحيد الذي يضمن السلام بين الأفـــراد داخل الأمة الواحدة والمجتمع الواحد، إنما هو الدستور الجمـــهوري. وبعد ذلك، إذ يفرّق كانط بين ما يسميه الدستور الجمهـــوري والدستور الديموقراطي، ينتقل من الحديث عن الأفراد داخل الحيز الجغرافي والوطني الواحد، الى الحديث عن الأمم، والعـــلاقات في ما بينهما. وهنا يشرح لنا كانط ان الأمم في العـــلاقـــات القائمة بينها تشبه المواطنين في علاقاتهم المتبادلة: إنها هي بـــدورها في حال حرب دائمة في ما بينها - او هذا ما تفرضه الطبيعة علـــى الأقل، حيث ان التهـــديد بالحرب والصراع قائم بصـــورة متواصلـــة. ولتفـــادي هذه الصراعات يتعيّن، طبعاً، على كل امة او دولـــة ان تدخـل مع الأمم - الدول الأخرى في شراكة هي نسخـــة عن الشراكة التي تضبط العلاقات بين المواطنين داخل الأمة الواحدة، مؤمّنــة لكل فرد ان يحترم الآخرون حقوقه، طالبة منه القيام بواجباته. ومن هنا، يستنتج كانط، ضرورة قيام نوع من الاتحاد (الفيديرالية) بين الشعوب. وهذا لا يعني بالنسبة الى فيلسوفنا، بالطبع، إلغاء استقلالية تلك الشعوب، بل قيام فيديرالية مهمتها ضمان حقوقها. وبالنسبة الى كانط تشكل هذه الفيديرالية رابطة للسلام، هي شيء آخر تماماً غير المعاهدات السلمية التي اعتادت ان تنهي الحروب ولكن من دون ان تلغي حال الحرب ومنطقها.
> إن كانط، في نصه الرائد هذا، لا يبدو كثير الأوهام، بل انه يقول لنا بكل وضوح ان الصعوبة الكبرى التي تقف في وجه وجود تشريع دولي اممي يعبّر عن نفسه في فيديرالية الشعوب، تكمن في واقع «ان كل دولة من الدول لديها قوانينها ودساتيرها التشريعية الداخلية» في الوقت الذي نجدها فيه «غير مضطرة للخضوع الى قوة إكراهية خارجية تضبط حقاً العلاقات بين الدول»، إذ هنا لا وجود للحق العام ولا للضرورات المتبادلة. ومع هذا، يقول لنا كانط، في فقرة هي الأقوى في نصه هذا «بما ان العقل يشجب الحرب شجباً مطلقاً كأداة لتحقيق الحقّ، تصبح مسألة تأمين السلم ضرورة وواجباً». وهذا يعني ان السلام الدائم «حتى وإن كان من غير الممكن تحقيقه الآن وفي شكل مباشر، يتعين ان يكون غاية من واجب الشعوب تحقيقها ضمن إطار تطور العلاقات في ما بينها». وإذ يتوقف كانط هنا ليقول لنا ان هذا «الهدف، هدف تعترف به كل الأمم» يقول مستطرداً: «ولكن بما ان النشاط السياسي يقاد عادة تحت تأثير الدوافع الأنانية، نجد كيف ان حكومة الدولة القوية، تسعى في علاقاتها مع جيرانها الأضعف، ليـــس الى القيام بواجب ما، بل الى توسيع رقعة ممارستها حقها». ولكـــن في رأي كانط هناك «قوة تعمل دائماً على تحطيم ما يبنيه الطمع السياسي الطموح: وهذه القوة هي الإرادة الكونية، التي تنحو دائماً الى البرهان على وجود غائية معينة في مجرى الأحداث». وهذه الإرادة الكونية هي، ودائماً في رأي كانط «العناية الإلهية التي هي العلم العميق لقضية اكثر سمواً، وغايته ان يحقق للنوع الإنساني هدفه الأسمى». وكانط ينطلق من هذا التأكيد الأخير ليقول لنا ان هذا يعني أن «على السياسة الخضوع للعامل الأخــلاقـــي، طالما ان الأخـــلاق هي الهدف الأسمى للإنسان». وهــــذا ما يدفع كانط الى الاستنتاج هنا بأن «مشكلة العلاقات الدوليـــة لا يمكن ان تجد حلها على الصعيد الحقوقي البحت بل فقط علــى الصعيد الأخلاقي» في معنى أن «تحقيق فكرة السلام الدائم بيـــن الأمم لا يمكن ان تكون إلا هدف واجب أخلاقي يفرض نفسه على ضمـــائر كل أولئك الذين يسعون إلى ضبط العلاقات المتبادلة بيـــن الأمـــم». وهذا ما يدفع كانط الى مخاطبة قرائه - ولعل بينهـــم اصـــحاب المساعي هؤلاء - بقوله: «اسعوا اولاً لكي تكون الهيمنــــة للعقل العملي الخالص ولعدالته، لتجدوا أن هدفكم (الذي هــو الــوصول إلى خير السلام الدائم) يتحقق أمامكم تلقائياً».
> حين صاغ ايمانويل كانط (1724 - 1804) هذا النـــص كان يفكـــر طبــعاً بوضـــعية اوروبا فـــي ذلك الحين، وكان ايضـــاً يفكــــر بالسلام بين شعوب متساوية حضــارياً الى حد ما، ويعيش كل منها استقــلاله، أو قدراً كبيراً مـــنه علـــى الأقل. وآية ذلك انه حين وضع هذا النـــص، إنما وضعه لمنـــاسبة عقد مؤتمر بال في العالم 1795، حيـــث كان لاحظ ان معاهـــدة السلام المنفصلة التي عقدت بين بروســـيا وفرنسا لم تتمـــكن ابداً من وضع حد لحال الحرب في مناطـــق اخـــرى، إذ فيـــما كانت بروسيا وفرنسا تسعيان الى ان تنعما بالسلام، كانت الحرب متواصلة بين انكلترا والنمسا.
> وإيمانويل كـــانط كـــان في ذلك الحين يعيش ذروة مجده كواحـــد من اهم الفلاسفة الألمان، اضافة الى ان فكره الذي كان يـــزداد انتشاراً كان في طريقه لأن يصبح فكراً عالمياً بامتياز. لكن عالـــمية فكر كانط لم تنبع من مثل هذه النصوص السياسية او السلمية (على اهميتها) بل من فكره النقدي الفلسفي الخالص، والذي تجلّى في الكثير من اعماله الكبرى، والتي لا تزال الى يومنا هذا مرجعاً فكرياً انسانياً كبيراً، ومن هذه الأعمال «نقد العقل الخالص» و«نقد العقل العملي» و«نقد ملكة الحكم» و«أسس لميتافيزيقا الأخلاق» ناهيك بعشرات النصوص الأخرى التي أثّرت في معظم فلاسفة القرنين الأخيرين، إيجاباً وسلباً أيضاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أكرم الحوراني
وسام التميز
وسام التميز



الدولة : سوريا
عدد المساهمات : 242
نقاط : 494
تاريخ التسجيل : 17/09/2013

نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط   نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Emptyالأحد مايو 24, 2015 12:49 am

مشروع كانط للسلام العالمي الدائم لايزال ينتظر التحقيق
مفكرون ونقاد مصريون يحتفلون بمرور مائتي عام على رحيل رائد التنوير

نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط Art.276400
القاهرة: حمدي عابدين
بمناسبة مرور مائتي عام على رحيل الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط، نظم المجلس الأعلى للثقافة حديثا بمصر احتفالية كبيرة، تحدث المشاركون عن مشروع كانط الذي دعا فيه إلى تحقيق السلام العالمي وتوحيد العالم مع احتفاظ كل دولة بهويتها واستقلالها. وذكر الناقد المصري محمود امين العالم مقرر لجنة الفلسفة أنه أصبح الآن للفلسفة، بعد عقدين من رحيل كانط، دور فارق في تاريخ العالم وصار الفكر النظري واحدا من اسلحة الصراع العالمي الراهن وما اكثر ما استخدمت الفلسفة، من جهة أخرى، للتعمية على دور الشعوب الثقافي في العالم الحديث.
واشار العالم إلى أن هناك ضرورة لتمثل فكر كانط لمواجهة الأحداث العالمية التي نمر بها والتي كان قد تنبأ بها منذ اكثر من قرنين من الزمان ويجب أن نفيد منه في حماية التراث الإنساني الذي يتعرض حاليا لخطر شامل.
ودعا العالم إلى إعادة التفكير في اقوال كانط وفلسفته لحماية العالم من الدمار، مشيرا إلى دعواه لتشكيل هيئة دولية واتحاد فيدرالي للعمل على ترسيخ سلام انساني دائم وازالة الجيوش وتأسيس السلطة في الدول على أساس جمهوري واعطاء الفلاسفة الحق في دور فاعل تنويري من اجل تبصير الحكام بواجباتهم. وقال العالم إن إنشاء عصبة الأمم كان صدى لدعوة كانط الذي كانت فلسفته في جوهرها مركبا اخلاقيا ونظريا تحكمه الحرية في غير مفاضلة بينهما في عقلانية نابعة من الإنسان، وكلاهما يرتبط بخضوع ارادي للقانون الاخلاقي. واشار المحاضر إلى أن الإنسان لا يكون حرا إذا اكتفى بتحقيق رغباته، وكان كانط يرى أن القانون الاخلاقي ينطبق على الناس جميعا، وعلى هذا فالقضية عند كانط تكمن في وجود تداخل مطلق بين العقلانية وممارسة الحرية.
وذكر الدكتور صلاح قنصو أن النقاد والمفكرين في العالم مازالوا حتى الآن يستخدمون في دراساتهم وابحاثهم مصطلحات العقل الإنساني والتنوير والنقد، واشار إلى دور كانط في التنوير وانه لم يكن فيلسوفا فقط، بل كان عالما في الجغرافيا والفلك أيضا، فهو أول من قال بتطور الكون، وقد درس العقل الإنساني باسلوب ثوري وفطن إلى أن الاشياء لا تعقل كما هي بل يفهمها الإنسان بطريقة ادائه الفردي الخاص، فهو يستطيع أن يعرف العالم بقدر ما يمتلك من دوائر خاصة في رؤيته.
وذكر قنصو أن كانط كان رائدا لمذهب الشك المنهجي وليس ديكارت، وكان كانط يدرس الامكانيات عن طريق النقد الإيجابي ويحدد تخوم المعلومات، مستخدما العقل الذي يرى انه لا وصاية عليه.
وتحدث قنصو عن استشراف كانط لفكرة العولمة التي يشارك فيها الجميع على أساس الحرية الفردية، مشيرا إلى انه كان يؤمن بالذاتية والعصامية والتعددية في الاحزاب وهو مثل يحتذى في تداول السلطة وحقوق الإنسان.
وقال الدكتور عبد الغفار مكاوي إن كانط ارتبط بنزعة إنسانية واحترام للانسان والعقل، وكان يرى أن العقل ليس انعكاسا للتجربة لكنه: «قاض يملي ولا يملى عليه»، فهناك من وجهة نظره معارف سابقة على الاحتكاك بالعالم الخارجي، وقد شدد في نفس الوقت على المنهج النقدي في تعامله معه.
وقسم الدكتور مكاوي حياة كانط إلى عدة مراحل، فقد انشغل في المرحلة الأولى بعلم الرياضيات، وكتب كتابا مهما في هذا المجال وهو «التاريخ العام للطبيعة ونظرية السماء». أما المرحلة الثانية فكانت مرحلة التحرر من الميتافيزيقا الشائعة وقدم فيها عدة مؤلفات منها «صور ومبادئ العالمين العقلي والحسي»، وفيها حاول الإجابة عن تساؤل مهم هو: هل يمكن أن نصل إلى المطلق أم لا؟ وتوصل إلى أن الزمان والمكان اطاران يتم من خلالهما كل ادراك حسي، كما توصل إلى أن الاشياء في ذاتها ليست موضوعات أو اشياء يمكن أن نطبق عليها معارفنا. وذكر مكاوي أن كانط عكف 11 عاما على كتابة «نقد العقل الخالص» واستخلص فيه معظم فكره الفلسفي، وانتهى إلى أن معرفة المطلق غير متاحة في العالم.
وتتركز المرحلة الثالثة من حياة كانط العلمية في اصداره لكتاب نقد العقل الخالص الذي قوبل بسوء فهم، واتهم بأنه مفسدة للشباب.
وفي دراسة عنوانها «كانط والسلام العالمي» تحدثت الدكتورة عطيات أبوالسعود عن الفيلسوف الألماني مشيرة إلى انه مؤسس المذهب النقدي الترانسندنتالي الذي حاول حسم الصراع وسد الفجوة بين المذاهب العقلية والمذاهب التجريبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ووضع ثلاثة كتب أساسية تعتبر عمادا لمذهبه النقدي هي «نقد العقل الخالص» و«نقد العقل العملي» و«نقد ملكة الحكم». وقد جاء كتابه «مشروع السلام الدائم» في مرحلة متأخرة من حياته الابداعية وكأنه يريد به أن يستكمل مذهبه العقلي والاخلاقي بنظرية سياسية تعنى بتنظيم المجتمع تنظيما مدنيا يكفل للانسان أن يمارس نشاطه العقلي، ويقوم فيه بواجبه الاخلاقي بحرية وامان. وذكرت الدكتورة عطيات أن «مشروع السلام الدائم» يقوم على حلف بين الدول لمنع الحروب وتجنب ويلاتها، وقد وضع كانط في كتابه «المشروع» تصورا كاملا لتنظيم المجتمع داخليا وتنظيم العلاقات بين المجتمعات قانونيا، حيث كان يرى أن الدولة بعد أن تنشأ مستقلة ويحكم القانون المدني علاقات افرادها تقوم علاقة بينها وبين باقي الدول يحكمها ما يسميه كانط قانون الشعوب ويطلق عليه الآن القانون الدولي.
واشارت الدكتورة عطيات إلى أن كتاب كانط مشروع السلام لا يمكن فهمه إلا في حدود العقل العملي أو عالم ما ينبغي أن يكون، وان اخضاع السياسة للمبادئ الاخلاقية يبدو أمرا مستحيلا.
وقال الدكتور خالد قطب إن كانط ساهم بفلسفته في توطيد دعائم النظرة الذكورية للعقل عندما اعتبره الاداة الوحيدة التي يتحقق من خلالها تقدم الإنسانية، ولكن هذا العقل الكانطي يتميز بأنه عقل يحمل كل صفات الذكورة. وقد تضمنت كتابات كانط الفلسفية عدة اشارات وتعليقات صريحة أو مضمرة تكشف عن وجهة نظر كانط في المرأة وكيف كانت منزلتها متدنية في فلسفته لانها تابعة للرجل لافتقارها إلى القدرات العقلية التي تؤهلها لتقديم مفاهيم وتصورات فلسفية وعلمية، وبالتالي فهي غير مؤهلة لتقديم أي مشروع تنويري تحريري لعجز عقلها عن الفصل بين ما هو موضوعي وما هو ذاتي فضلا عن افتقارها للوصول إلى احكام موضوعية واستخدام العقل النقدي استخداما صحيحا مما يجعلها تعتمد في تفكيرها على العاطفة والانفعال.
وقد تم توظيف هذه الآراء توظيفا ايديولوجيا وسياسيا لتنحية ذات المرأة العارفة بوصفها غير قادرة بطبيعتها العقلية المعرفية النظرية على الوصول إلى عقلية محايدة ونزيهة وغير متحيزة لان هذه الصفات الموضوعية ذكورية بحتة، ومن ثم تنكر كانط لانتاج المرأة الفكري والفلسفي بحجة انه لا يرتقي إلى الموضوعية المنشودة، هذه الموضوعية التي تقتصر على الرجال من دون النساء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نحو عالم أفضل: قراءة جديدة في مشروع السلام الدائم لـ''كانط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1