المصدر الثاني: التوجهات التربوية المستقبلية
تقدم التوجهات القائمة على دمج المعرفة بالتواصل والتكنولوجيا ITC))»Information and Communication «Technologies نموذجًا لهرم التعلم في فصول الدراسة بالقرن الحادي والعشرين كما بالشكل رقم (2) والذي يبين أن قدرة المتعلم على الاحتفاظ بالتعلم:
· تتحقق بنسبة 5% في البيئة التعليمية القائمة على التلقين والمحاضرة التقليدية من قبل المعلم.
· ترتفع النسبة إلى 10% حين تنصب البيئة على عمليات القراءة غير التفاعلية، وتبلغ النسبة 20% خلال البيئة التي تكتفي بالخبرات المسموعة أو المشاهدة.
· تصل النسبة إلى 30% في بيئة التعليم التي تقوم على التوضيح والتفسير لنماذج ممثلة لمفاهيم التعلم.
· ترتقي النسبة إلى 50% من خلال النقاش بين مجموعات الطلاب.
· تبلغ النسبة 75% إذا أتاحت بيئة التعليم الممارسة العملية الفعالة من خلال التعليم بالعمل.
· تبلغ النسبة مداها فتصل إلى 90% من خلال التواصل مع الآخرين بغرض الاستخدام الفوري للمعرفة المكتسبة في مواقف حياتية.
وفي سبيل تحقيق المعلم لنسب متقدمة من احتفاظ المتعلمين بتعلمهم، وبالتالي إمكانية استخدامه بصورة أكثر (دينامية - تفاعلية) لابد أن يقوم معلم القرن الحادي والعشرين بدوره في إدارة عملية التعليم وإدارة التكنولوجيا المستخدمة وإدارة استخدام المتعلمين للمعرفة، وإدارة المهارات الحياتية وإدارة قدراتهم.
المصدر الثالث: مهارات المتعلم المطلوبة
في القرن الحادي والعشرين
استنادًا لما قدمته منظمة الشراكة من أجل مهارات القرن 21 Partnership for Century 21Skills من توقعات مستقبلية للمهارات التي يفترض أن يمتلكها الطالب كي يتمكن من التكيف مع الطبيعة المعقدة وسرعة التغير في القرن الحادي والعشرين، ورابطة المدارس الإلكترونية «E School News» يُمكن استخلاص المهارات المطلوبة لمتعلم القرن الحادي والعشرين في:
· المسؤولية والتوافق: وتشير إلى قدرة الفرد على تطوير ذاته بما يتوافق مع بيئة العمل والبيئة الاجتماعية المحيطة، ووضع معايير متميزة للأداء ومن ثم العمل على تحقيقها، وتحديد الأهداف الشخصية وكذلك الأهداف المتوقعة للآخرين.
· الإبداع والفضول الفكري: ويشير إلى قدرة الفرد على التعامل غير التقليدي مع المعرفة المتاحة، ومن ثم تكوين علاقات وروابط منطقية لإنتاج أفكار أوحلول أو أعمال تتسم بالجدة والتميز عما يقدمه الآخرون.
· مهارات التواصل: وتشير إلى قدرة الفرد على التواصل الفعال مع ذاته والآخرين، ومن ثم التواصل مع المجتمع بكافة أنماط التواصل المممكنة اللفظية وغير اللفظية، مع استخدام كافة الوسائل والتقنيات الحديثة لتحقيق التواصل المتميز.
· التفكير النقدي وفكر النظم: ويشير إلى قدرة الفرد على تقدير الحقيقة من خلال مقدمات منطقية، ومن ثم الوصول إلى اتخاذ القرارات السليمة في ضوء تقييم المعلومات وفحص الآراء المتاحة والأخذ بعين الاعتبار وجهات النظر المختلفة.
· مهارات ثقافة المعلومات ووسائل الإعلام: وتشير إلى قدرة الفرد على الوصول للمعلومات المختلفة من كافة المصادر الموثوقة التي تتيحها التقنيات المختلفة، ويرتبط بذلك قدرة الفرد على الاستخدام الأمثل للمعلومات في عصر الاقتصاد المعرفي.
· المهارات الاجتماعية والتعاونية: وتشير إلى قدرة الفرد على التواصل الناجح في فرق العمل، والذكاء الاجتماعي، وتقبل الاختلاف، وإدارة الصراعات، والذكاء الوجداني، والتكيف مع الأدوار والمسئوليات.
· تحديد المشكلة وصياغة الحل: وتشير إلى قدرة الفرد على التحديد الدقيق للمشكلات وصياغتها علميًا، وتحديد بدائل الحل الممكنة، وتجريبها وانتقاء الأنسب منها، وتحديد الحلول المتميزة.
· التوجيه الذاتي: وتشير إلى قدرة الفرد على تقييم مدى فهمه لاحتياجاته التعليمية الخاصة، وتحديد مصادر التعلم التي يحتاجها، وتحويل أسلوب التعلم وأدواته بما يتناسب مع الأهداف الخاصة للمتعلم.
· المسؤولية الاجتماعية: وتشير إلى قدرة الفرد على تحمل مسؤولية العمل الفردي تجاه مجموعات العمل، والمجتمع ككل، وإظهار مكون خُلقي متميز ببيئة العمل والتواصل مع الآخرين.
وفي ضوء ما تقدم للمصادر الثلاث لاشتقاق مهام معلم القرن الحادي والعشرين يمكن تحديد المهارات في (مهارة إدارة فن عملية التعليم، مهارة تنمية المهارات العليا للتفكير، مهارة إدارة قدرات الطلاب، مهارة إدارة المهارات الحياتية، مهارة إدارة تكنولوجيا التعليم، مهارة دعم الاقتصاد المعرفي، مهارة إدارة منظومة التقويم ). ويُلاحظ على تلك المهارات:
- توافقها مع المصادر الثلاث السابق عرضها.
- شمولها للعمليات المهنية التي يقوم بها المعلم، حيث اهتمت بعض التوجهات ببعض الفنيات لمعلم القرن الحادي والعشرين دون فنيات أخرى.
- تباينها عن العمليات التقليدية التي يقدمها المعلم التقليدي.
- تماشي المهارات مع التحديات التي تواجه معلم القرن الحادي والعشرين.
وقد توصل الباحث إلى تحقيق ذلك في نموذج، أطلق عليه نموذج زاهر ZAHR (اختصارًا لاسمي المؤلفين، ZA تعني الأحرف الأولى من ZAHRANI، وHAR، تعني الأحرف الأولى من HARBI). وهو نموذج يسعى لتحقيق التفاعل بين نموذج التعليم ومهارات المعلم والمهارات المتوقعة بالقرن الحادي والعشرين، ويتضح ذلك من خلال الشكل رقم (3).
نموذج ZAHR يحقق التفاعل بين نموذج التعليم ومهارات المعلم والمهارات المتوقعة من المتعلم بالقرن الحادي والعشرين
مهارات معلم القرن الحادي والعشرين
إن أهم المهارات التي ينبغي أن يمتلكها معلمو القرن الحادي والعشرين لولوج عصر الاقتصاد المعرفي سعيًا لبناء مجتمع المعرفة في ضوء التحديات المتعددة التي تعيشها النظم التربوية، تتمثل في: (تنمية المهارات العليا للتفكير، إدارة المهارات الحياتية، إدارة قدرات الطلاب، دعم الاقتصاد المعرفي، إدارة تكنولوجيا التعليم، إدارة فن التعليم، إدارة منظومة التقويم).
المهارة الأولى: تنمية المهارات العليا للتفكير
تعد مهارات التفكير من العمليات الأساسية في السلوك الإنساني، فهي السمة المميزة للإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى، وأصبحت برامج تعليم التفكير وتنميته هدفًا رئيسًا من أهداف المؤسسات التربوية، وعليه فإن الكثير من القائمين على العملية التعليمية يتفقون على ضرورة تعليم التفكير وتنمية مهاراته لدى المتعلمين، خاصة أن هناك دولاً تبنت هذه الوجهة في عملياتها التعليمية ومنها اليابان وأمريكا وسنغافورة وماليزيا وغيرها الكثير.
ولعل المتتبع لاتجاهات تعليم وتعلم التفكير يلمس اختلافًا واضحًا بين المنظرين في هذا المجال، إذ إن هناك اتجاهات متباينة حول هذا الموضوع، إذ يُعتبر المعلم حسب معطيات القرن الحادي والعشرين مسؤولًا مباشرًا عن تنمية أنماط التفكير لدى المتعلمين، وتتباين آراء مراقبي المستقبل حول كيفية إدارة تنمية مهارات التفكير من خلال المنهج، وذلك في ثلاث توجهات:
التوجه الأول (الاستقلال Independent): وينادي هذا الاتجاه بضرورة تنمية التفكير من خلال دروس وبرامج خاصة ومحددة لتنمية مهارات التفكير العليا مثل: (برنامج القبعات الست وأدوات تريز وغيرها)، ويًعد ديبونو من أكثر الداعين لهذا التوجه (زيتون، 2003).
التوجه الثاني ( التضمين Including ): ويرى هذا التوجه إمكانية تطوير المعلم لمهارات التفكير العليا لدى طلابه من خلال حصص المواد الدراسية المختلفة، وذلك حينما يحرص المعلم على تقديم مقرراته الأكاديمية (العلوم الرياضيات / اللغات....) مراعيًا البحث عن الخبرات التي تضع المتعلم في مواقف تحتم عليه استخدام مهارات عليا للتفكير (زيتون، 2003).
التوجه الثالث (الدمج Merging): وهو توجه توسطي بين التوجهين السابقين ويقوم على وجود البرامج المستقلة التي تعطي المبادئ العامة والقواعد الأساسية للتفكير، على أن تكون الجوانب التطبيقية والعملية داخل المقررات الدراسية، وهو توجه يحتاج لرؤية تنظيمية واضحة في بناء المناهج التي ترعى هذه المتطلبات التطبيقية (نوفل، 2008).
تتنوع برامج تعليم التفكير بحسب الاتجاهات النظرية والتجريبية التي تناولت موضوع التفكير، ومن أبرز الاتجاهات النظرية التي بنيت على أساسها برامج تنمية التفكير ومهاراته ما يأتي:
1- برامج العمليات المعرفية: تركز هذه البرامج على العمليات أو المهارات المعرفية للتفكير مثل المقارنة والتصنيف ومعالجة المعلومات، ومن بين البرامج المعروفة التي تمثل اتجاه العمليات المعرفية برنامج البناء العقلي لجيلفورد وبرنامج فيورستون التعليمي الإثرائي.
2- برامج العمليات فوق المعرفية: تركز هذه البرامج على التفكير بوصفه موضوعًا قائمًا بذاته، وعلى تعلم مهارات التفكير المعرفية التي تسيطر على العمليات المعرفية وتديرها، ومن أهمها التخطيط والمراقبة والتقييم وتهدف إلى تشجيع الطلبة على التفكير حول تفكيرهم، والتعلم من الآخرين، وزيادة الوعي بعمليات التفكير الذاتية، ومن أبرز البرامج الممثلة لهذا الاتجاه برنامج الفلسفة للأطفال، وبرنامج المهارات فوق المعرفية.
3- برامج المعالجة اللغوية والرمزية: تركز هذه البرامج على الأنظمة اللغوية والرمزية كوسائل للتفكير والتعبير عن نتاجات التفكير معًا، وتهدف إلى تنمية مهارات التفكير في الكتابة والتحليل وبرامج الحاسب، ومن بين هذه البرامج التعليمية برنامج الحاسب اللغوي والرياضيات.
4- برامج التعلم بالاكتشاف: تؤكد هذه البرامج أهمية تعلم أساليب واستراتيجيات محددة للتعامل مع المشكلات، وتهدف إلى تزويد الطلبة بعدة استراتيجيات لحل مشكلات المجالات المعرفية المختلفة، وتضم هذه الاستراتيجيات التخطيط، إعادة بناء المشكلة، تمثيل المشكلة بالرموز أو الصور أو الرسم البياني، والبرهان على صحة الحل، ومن بين البرامج الممثلة لهذا الاتجاه برنامج كورت وبرنامج التفكير المنتج لكوفنجتن ورفاقه.
5- برامج تعليم التفكير المنهجي: تتبنى هذه البرامج منحى بياجيه في التطور المعرفي، وتهدف إلى تزويد الطلبة بالخبرات والتدريبات التي تنقلهم من مرحلة العمليات المادية إلى مرحلة العمليات المجردة التي يبدأ فيها التفكير المنطقي والعملي، وتركز على الاستكشاف ومهارات التفكير والاستدلال والتعرف على العلامات ضمن محتوى المواد الدراسية( مجيد، 2008).
وضمن أولويات أنماط مهارات التفكير العليا بالقرن الحادي والعشرين تتنبأ الأدبيات بثلاثة أنماط لمهارات التفكير العليا ينبغي على معلم القرن الحادي والعشرين مراعاتها، يمكن توضيحها في الشكل رقم (4)
أولًا: التفكير الإبداعي
يعرف تورانس Torrance (1993) التفكير الابتكاري بأنه إدراك الثغرات والاختلال في المعلومات والعناصر المفقودة وعدم الاتساق الذي لا يوجد له حل متعلم، وهو عملية تحسس للمشكلات، ومواطن الضعف وأوجه القصور وفجوات المعرفة والمبادئ الناقصة، وعدم الانسجام وغير ذلك.
ويعرف وليامز Williams في رونكو ونيميرو Runc- & Nemiro (1996) التفكير الابتكاري بأنه مجموعة من المواهب والقدرات والمهارات المعرفية، وهذه القدرات موجودة لدى جميع الأفراد ولا تقتصر على فئة دون أخرى، إلا أنها تختلف في الدرجة (الكم) والنوع (الكيف- الصفة)، بين الأفراد، فالجميع لديهم قدرات ومهارات إبداعية (الطلاقة، الأصالة، المرونة، التحسين والتطوير، والحساسية للمشكلات)، إلا أن بعضهم يمتلكها بقدر ودرجة أكبر من البعض.
ثانيًا: التفكير الناقد
كانت بداية الاهتمام بمفهوم التفكير الناقد في الأدب التربوي المعاصر متأثرة بالنظرة الإغريقية التقليدية للتفكير، في الفترة بين 1910- 1939، وذلك في أعمال جون ديوي John Dewey، التي استعمل فيها مصطلحات مثل التفكير التأملي والتساؤل والتي اعتمدها في الأسلوب العلمي، ثم جاء جليسر وآخرون Glaser et al، وأعطوا معنى واسعًا لمصطلح التفكير الناقد ليشمل بالإضافة إلى ما سبق فحص العبارات، وذلك في الفترة ما بين 1940-1961، ثم ضيق مفهوم التفكير الناقد في أثناء عمل إنيس وزملائه Ennis et al، وذلك في الفترة ما بين 1962- 1979، ثم اتسع المفهوم ليشمل جوانب التفكير بأسلوب حل المشكلات من خلال جهود إنيس وزملائه Ennis et al في الفترة من 1980- 1992(Streib, 1992).
يرى جاد الله (2004) أن هناك مجموعة من الأدوار التي ينبغي على المعلم أن يمارسها في سبيل تنمية التفكير الناقد وهي:
1-التخطيط للمواقف والخبرات التعليمية: حيث يعد المعلم مخطط الخبرات التعليمية نحو مشكلات الحياة الواقعية، ويطور مفاهيم وتعميمات، ومهارات وثيقة الصلة، من خلال التعامل على نحو إبداعي مع مواقف واقعية في حياه الطلبة.
2-مشكل للمناخ الصفي: حيث يوظف المعلم مبادئ ديناميات المجموعة، في توطيد مناخ جماعي متماسك، يقدر فيه التعبير عن الرأي والاستكشاف الحر والتعاون والثقة والدعم والتشجيع.
3-المبادرة: حيث ينبغي على المعلم أن يقوم بتعريف الطلبة بمواقف تركز على المشكلات المتكررة والحقيقية لدى الطلبة، في الوقت الذي يعمل فيه على إثارة حب الاستطلاع والاهتمام لديهم، وعلى حفزهم على الاستقصاء في عدد من الاتجاهات المثمرة، ويظهر المعلم أثناء المبادرة حب الاستطلاع والاهتمام بالمشكلات المطروحة، ويستخدم أسلوب طرح الأسئلة لإشراك الطلبة بفاعلية.
4-موجه للأسئلة: من الأدوات المهمة في التعليم القائم على الخبرة توجيه الأسئلة، فعندما يقوم المعلم بتأدية كل دور من الأدوار السالفة الذكر، فإنه يطرح الأسئلة الملائمة ذات المعنى لتعزيز التعلم بالخبرة، وتؤدي الأحداث الصفية وغير الصفية عمومًا إلى الاعتقاد بأن الأسئلة المطروحة وطريقة البحث عن إجابتها تعكس نوعية التعلم بصورة أكبر مما تعكسه الإجابات نفسها، ولأن جميع الأسئلة المهمة لا تثار عادة، ولا يجاب عنها من جانب المعلم، لذلك ينبغي تشجيع الطلبة على طرح الأسئلة الخاصة والبحث عن إجابات خاصة.
5-أنموذج وقدوة: يقوم المعلم بوصفه أنموذجًا بعرض السلوك الذي يبين أنه شخص مهتم، محب للاستطلاع، ناقد في تفكيره وقراءته منهمك بحيوية، مبدع،متعاطف،عادل، راغب في سبر تفكيره سعيًا وراء الأدلة، ويستطيع الطلبة ملاحظة الفرق بين ما يقوله المعلم وبين ما يفعله.
6-مصدر المعرفة: يقوم المعلِّم في كثير من الحالات بدور مصدر المعرفة، إذ يقوم بإعداد المعلومات وتوفير الأجهزة والمواد اللازمة للطلبة لاستخدامها، وعندما يسأل عن الإجراءات والمواد والتفصيلات وسير العمل؛ فإنه يحرص على الإجابة بأنها تلك التي تسهل على الطلبة الاستقصاء والتعلم بالخبرة، في حين يتجنب تزويد الطلبة بالإجابات التي تعوق سعيهم للوصول إلى استنتاجات يمكنهم التوصل إليها بأنفسهم وتكوينها.
7-محافظ موصل: إِنَّ أسهل مهمة يمكن أن يمارسها المعلِّم هي إثارة اهتمام الطلبة بقضايا شيقة وحقيقية، وإنما الصعوبة التي يواجهها هي في الحفاظ على انتباههم، وإعادة شحذ هممهم في وجه الكثير من العوائق التي لا مفر منها، والتي تعترض حل المشكلات والإبداع،كما أن استخدام المعلم لمواد ونشاطات وأسئلة مثيرة لتحفيز الطلبة أمر مهم