محاضرة حول : نموذج سنايدر لصنع القرار الخارجي

[rtl]جامعة 08 ماي 1945 – قالمة –[/rtl]
[rtl]كلية الحقوق و العلوم السياسية[/rtl]
[rtl]قسم العلوم السياسية [/rtl]
[rtl]السنة الثانية L M D[/rtl]
[rtl]مقياس: نظرية صنع القرار[/rtl]
 
[rtl] محاضرة حول :[/rtl]
 
 
 
[rtl]إعداد الأستاذ: [/rtl]
[rtl]حميداني سليم[/rtl]
 
 
 
 
 
 
 
[rtl]مقدمة         [/rtl]
[rtl]       يمثل موضوع صناعة القرار السياسي ، لاسيما في شقه الخارجي مثار بحث واهتمام المختصين في حقل العلوم السياسية ، ولقد دفعت النقلة النوعية التي عرفها العالم بعد الحرب العالمية الثانية إلى اعتماد صيغ ونماذج صاغها عدد من الباحثين في إطار فهم العملية القرارية ، ولعل من أهم هذه النماذج نموذج ريتشارد سنايدر خلال خمسينات القرن العشرين ، وهو النموذج الذي حاول فيه الإلمام بالعملية وضبطها ، وتعبر مقولته التالية عن النموذج الذي صاغه بشان صناعة القرار الخارجي " إننا نحدد الدولة بأشخاص صانعي قراراتها من الرسميين الذين تمثل قراراتهم الناجمة عن موقعهم السلطوي قرارات الدولة... لذا فسلوك الدولة هو سلوك الذين يعملون باسمها."[/rtl]
[rtl]بناء على هذه المقولة يطرح التساؤل حول هذا النموذج من حيث البناء الهيكلي ، والجانب التنظيري وحدود هذا النموذج .[/rtl]
[rtl]الإشكالية : كيف عالج سنايدر عملية صنع القرار ، وإلى أي مدى قدم نموذجا شاملا للعملية القرارية؟[/rtl]
[rtl]وفقا لهذه الإشكالية سيتم الانطلاق من افتراض أن سنايدر يركز على البعد التجريدي في العملية القرارية ، وذلك من خلال التركيز على شخص صانع القرار.[/rtl]
[rtl]المطلب الأول : البناء الهيكلي لنموذج سنايدر [/rtl]
[rtl]يعد ريتشارد سنايدر نموذجا نظريا لفهم وتحليل السياسة الخارجية، وذلك من خلال التركيز على تحليل نشاطات صناع القرار الخارجي كمادة للتحليل، ولكنه جعل من القرار الخارجي وحدة التحليل على أساس أن نشاطات الدول في النهاية ليست إلا نشاطات صناع القرار الخارجي، وهذا الأخير حين يتخذ يعتمد بالأساس على كيفية إدراك صانعي القرارات الخارجية لموقف معين، والقرارات الخارجية للدول تشكل مجتمعة السياسة الخارجية لها، ومجموع السياسات الخارجية للدول يشكل السياسة الدولية، وهذه الأخيرة ليست سوى مجموعة متتالية من المواقف ، وكل موقف لابد له من قرار، وهذا القرار هو في النهاية أداة تحقيق الاتزان بصدد متغيرات متجددة في الساحة الدولية بالنسبة لدولة ما.[/rtl]
[rtl]قدم سنايدر نموذجا إرشاديا بهدف اتخاذه من جانب صانعي القرار ، وذهب إلى القول بإمكانية خضوع النشاط الخارجي للدول للتقدير الكمي، فاستخدم أساليب البحث الميداني والتحليل الرياضي والإحصائي، لتحيل عملية صنع القرار الخارجي ، وتطلع لإمكانية إخضاع نشاط صانعي القرار للتجريب.[/rtl]
[rtl]قدم سنايدر نموذجا إجرائيا يتقيد به صناع القرار قبل عملية اتخاذ القرار ، وركز هنا على المصادر التي تأتي منها المعلومات ، وسبل تمحيصها، واحتمالات التشويه التي تتعرض لها هذه المعلومات حين تنتقل من الأجهزة البيروقراطية إلى صناع القرار، إلى جانب توضيح مؤشرات الترجيح والمفاضلة بين البدائل المطروحة.[/rtl]
 
 
[rtl]الفرع الأول : عناصر نموذج سنايدر [/rtl]
[rtl]تتمثل هذه العناصر فيما يلي :[/rtl]
[rtl]1- المحيط الخارجي .[/rtl]
[rtl]يشمل العوامل التي هي خارج الدولة كأفعال وردود فعل الدول الأخرى، ويتألف هذا المحيط من المحيط المادي الجغرافي، ومن الدول والمجتمعات والثقافات، وتتغير هذه العوامل بشكل دائم، ويحدد ذلك التغيير صناع القرار بما يعتبرونه هاما.[/rtl]
[rtl]إن هناك ثوابتا تشكل ضوابطا على التغيير في المحيط الخارجي سواء أدركها أو لم يدركها صناع القرار، كمستوى التطور التكنولوجي وشبكة الاتصالات القائمة ودرجة الاندماج الاقتصادي الدولي.[/rtl]
[rtl]تؤثر هذه الضوابط في الأهداف التي يعمل لتحقيقها صانعو القرارات بغض النظر عن إدراكهم لها.[/rtl]
[rtl]2- المحيط الداخلي. [/rtl]
[rtl]يشمل هذا المحيط ما يعرف بالسياسات الداخلية والرأي العام والموقع الجغرافي للدولة، ويضاف إلى هذا المحيط الثقافة العامة والسمات الرئيسة التي ينطبع بها السكان، وطريقة تنظيم المجتمع وأداء الوظائف.[/rtl]
[rtl]3- البنية الإجتماعية والسلوكية. [/rtl]
[rtl]تعتبر هذه البنية فئة مستقلة عن المحيط الداخلي نظرا لأهمية العوامل التي تتكون منها، ويندرج في هذا الإطار نظام القيم في المجتمع والأنماط المؤسسية الهامة، وكيفية تحديد الأدوار وتخصيصها في المجتمع سمات التنظيمات الاجتماعية، وأنواع ووظائف الجماعات الاجتماعية، وصناعة وتكوين الرأي العام.[/rtl]
[rtl]4- صناع القرار وعملية صنع القرار.[/rtl]
[rtl]تشمل هذه العملية مختلف الأدوار والأهداف والوظائف في إطار السلطة بشكل عام، وفي إطار وحدة صنع القرار بشكل خاص.[/rtl]
[rtl]يشدد سنايدر على تحليل دور الأفراد في صياغة ورسم السياسة الخارجية ، فالموظفون البيروقراطيون يضبطون عملية صنع القرار، وذلك من خلال ما يقدمونه من معلومات يتم الاستناد إليها في عملية صنع القرار.[/rtl]
[rtl]5- الفعل الصادر عن وحدة صنع القرار.[/rtl]
[rtl]يعتبر سنايدر أن القرار الخارجي هو مزيج من التفاعل بين جملة من المؤثرات الداخلية والخارجية والمجتمعية والسلوكية.[/rtl]
[rtl]إن عملية صنع القرار إذا تضم مجموعة معقدة ومتشابكة من العمليات الاجتماعية والسياسية والنفسية ، هذه العمليات تتشابك كلها عند تحليل إدراكات ودوافع وخبرات ، وأعمال صناع القرار.[/rtl]
[rtl]إن عملية صنع القرار الخارجي حسب سنايدر ترتكز على ثلاث متغيرات رئيسة :[/rtl]
[rtl]- صناع القرار.[/rtl]
[rtl]- الموقف المواجه.[/rtl]
[rtl]- الأهداف المرجوة من القرار.[/rtl]
[rtl]انطلاقا من افتراضه لعقلانية صناع القرار ، اشترط سنايدر أن يكون لدى هؤلاء وعي بالأهمية النسبية لقيم مجتمعهم، وأن يكون لديهم قدرة على ربط الوسائل المتاحة بالأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، وعند نقطة معينة عليهم أن يختاروا بديلا(قرارا) معينا يتماشى مع الموقف الذي يواجهونه، وعليهم هنا أن يحسبوا بدقة أبعاد الموقف قبل وبعد اتخاذ القرار ، وأن يولوا أهمية كبرى للعناصر المتحكمة في الموقف.[/rtl]
[rtl]إن القرار في رأي سنايدر عبارة عن مزيج معقد من التفاعل بين الأوضاع الداخلية في شكل إدراكات لدى صناع الخارجي، تتفاعل مع إدراكات صناع القرار في الدول الأخرى ، ويكون نتيجة هذا التفاعل قرارات وأعمال سياسية.[/rtl]
[rtl]الفرع الثاني : العوامل المؤثرة على عملية صنع القرار في نموذج سنايدر [/rtl]
[rtl]يمكن من خلال الاعتماد على عناصر نموذج سنايدر لصنع القرار ، إبراز العوامل المؤثرة في عملية صنع القرار، وهي العوامل التي تتمثل فيما يلي :[/rtl]
[rtl]- الظرف الداخلي: [/rtl]
[rtl]- الوضع الخارجي.[/rtl]
[rtl]- صيرورة صناعة القرار، وتشمل: [/rtl]
[rtl]- دائرة الاختصاص وحجم ومجال الصلاحيات، ومستوى كفاءة صناع القرار الخارجي. [/rtl]
[rtl]  - نمط الاتصال المسيطر وحجم وطرق تفسير المعلومات التي تتناول العناصر المختلفة للقرارات، لأن إدراك صناع القرارات يتشكل طبقا للمعلومات التي تصل إليهم من خلال نظام المعلومات القائم إلى جانب خبراتهم السابقة، حيث يرى سنايدر أنه بقدر ما يملك صانع القرار من معلومات بقدر ما يكون في وضع أفضل مقارنة مع غيره في التعاطي مع القرار.[/rtl]
[rtl]- الدوافع  Motivationsالتي تعبر عن الحوافز الشخصية والمصالح،وقسمها سنايدر إلى نوعين:[/rtl]
[rtl]- دوافع شخصية مكتسبة للموظف من خلال عمله في مؤسسة صنع القرار، أو من خلال خبراته السابقة خلال فترات عمله.[/rtl]
[rtl]- دوافع سياسية تنبع من دور الموظف في التنظيم الهرمي في مؤسسة صنع القرار، ومن العوامل التاريخية التي تحكم سياسة دولته الخارجية، ومن القيم التي يعتنقها حزبه السياسي الذي يقود الوزارة.لقد عبر سنايدر عن هذين النمطين من الدوافع بصيغة :[/rtl]
[rtl]- دوافع بسبب Because of .[/rtl]
[rtl]- دوافع من أجل In order to .[/rtl]
 
 
[rtl]المطلب الثاني : التحليل والتفاعلات في نموذج سنايدر[/rtl]
[rtl]يمكن استعراض البناء الهيكلي للنموذج الذي قدمه سنايدر معرفة التحليل المعتمد ، وأنماط التفاعلات في نموذجه.[/rtl]
[rtl]الفرع الأول : التحليل في نموذج سنايدر [/rtl]
[rtl]ينطلق سنايدر من مسلمة أساسية مؤداها أن أفضل وسيلة لاستيعاب السياسة الدولية وعوامل التأثير في سلوك الدولة ، تكمن في التحليل على مستوى الدولة، وبالتالي فإن فهم سلوك دولة يؤدي إلى فهم سلوك كل الدول. [/rtl]
[rtl]يعتبر سنايدر أن القرار الخارجي هو مزيج بين التفاعل بين مؤثرات داخلية وخارجية، تؤثر على كيفية صناعته، وفي تناوله لتأثير تلك المؤثرات لم يعن بالتركيز على وجود علاقات تبادلية بين متغيرات تتحكم في موقف دولي معين، كما لم يعن بتقديم فروض علمية يستند إليها في عملية التنبؤ بالقرار الذي يتوجب على صناع القرار اتخاذه إزاء موقف دولي محدد زمانا ومكانا، وإنما اهتم هنا بتحليل العمليات السياسية الدولية ،وتبعا لهذه الرؤية [/rtl]
[rtl]ركز سنايدر في نموذجه على تحليل نشاط صناع القرار الخارجي كمادة للتحليل ، ورأى أن عملية صنع القرار تضم مجموعة معقدة ومتداخلة من العمليات الاجتماعية والسياسية والنفسية ، ولقد ميز في تحليله بين التحليل الساكن والتحليل الديناميكي . [/rtl]
[rtl]- التحليل الساكن وهو التحليل الذي كان يركز على طبيعة التغير بين نقطتين زمنيتين، لكنه لا يبحث في أسباب هذا التغير، والكيفية التي يتم بها هذا التغير. [/rtl]
[rtl]- التحليل الديناميكي - وهو التحليل الموجود في نموذج سنايدر- يمتد إلى معرفة أسباب التغير وأبعاده  ، من خلال تتابع سلوكات الدول التي هي في المحصلة سلوكات صانعي القرار فيها.[/rtl]
[rtl]إن تحليل سنايدر الديناميكي يجمع بين الوقوف على طبيعة التغير بين نقطتين زمنتين أو أكثر ، إلى جانب الوقوف على معرفة أسباب التغير بتتابع الأحداث السلوكية. [/rtl]
[rtl]الفرع الثاني: أنماط التفاعلات في نموذج سنايدر [/rtl]
[rtl]يرى سنايدر أن تحليل العمليات السياسية الدولية يقتضي دراسة التفاعل بين الدول من خلال القرار الخارجي كمنتج نهائي لها،من أجل إمكانية وصف وتقدير العلاقة بين موقفين من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تحليل العمليات السياسية الدولية يقتضي أيضا دراسة عملية صنع القرار لأنها تجعلنا نفسر لماذا ظهر موقف ما بشكل معين دون آخر، وهذا التفسير تعجز عن تقديمه الدراسات التي تركز على التفاعل بين الدول من خلال قراراتها الخارجية فقط.[/rtl]
[rtl]يركز نموذج سنايدر على دراسة مسار التفاعل ،فينطلق من اعتبار الفعل الصادر عن الدولة يقابله رد فعل من المحيط الخارجي يأخذ الأشكال ذاتها التي يأخذها الفعل الأول ، فيشكل ذلك تفاعلا من تكرار الفعل ورد الفعل يؤدي به  إلى أن يأخذ شكل أنماط ثلاثة :[/rtl]
[rtl]- التفاعل على المستوى الحكومي . [/rtl]
[rtl]- التفاعل على المستوى غير الحكومي.[/rtl]
[rtl]- التفاعل على المستويين: الحكومي وغير الحكومي داخل المجتمع الواحد.[/rtl]
[rtl]المطلب الثالث: تقويم نموذج سنايدر [/rtl]
[rtl]يمكن تقويم هذا النموذج بناء على تحديد الإيجابيات والسلبيات المقترن بالنموذج سواء في لبناء أو من خلال التطبيق.[/rtl]

جعلها الله في ميزان حسناتك أستاذ