تنظيم "الدولة الإسلامية": النشأة، التأثير، المستقبل
مركز الجزيرة للدراسات آخر تحديث : الأحد 23 نوفمبر 2014 16:42 مكة المكرمة
|
(الجزيرة) |
مقدمة
منذ ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وتمدده، والمحاولات المتعجلة لا تتوقف عن تفسير هذه الظاهرة دون دراسة متأنية، وفهمٍ عميق للخلفيات والأرضيات التي أسهمت في نشوء هذه الظاهرة. ولم يحظى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، والذي أعلن الخلافة، وبات يسيطر على المشهد السياسي والعسكري في سوريا والعراق، ويحمل تهديدًا واضحًا لدول أخرى، إلى اليوم بدراسة بحثية رصينة يمكنها أن تقرأ بشكل جيد أسباب الظهور، ومستقبل هذه الظاهرة.
يأتي هذا الملف "تنظيم "الدولة الإسلامية": النشأة، التأثير، المستقبل (ملف)" والذي ينشره مركز الجزيرة للدراسات، ليفكك الكثير من المقولات والأساطير التي أحاطت بـ"داعش"، وهو لا يهدف من ذلك إلى تجريم أو شيطنة أو إعفاء بعض الأطراف من المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه ما وصلت إليه المنطقة العربية، ومحاولات التهرب من مسؤولية تعثُّر الثورات العربية وإعاقة مسار التغيير في العالم العربي، عبر مساندة أو غضِّ الطرف عن الثورات المضادة والانقلابات العسكرية.
يقترح هذا الملف مقاربة تفسيرية لظاهرة (داعش) تقوم على تجاوز فكرة "تَفَرُّد" التنظيم، والتحرر من قَيد كونه "تهمةً" يتم إلصاقها بفكر أو جهة دون سواها، وهذا يتجسد في تحليل البِنية الفكرية للتنظيم (جذورها وتطوراتها وأصولها وفروعها) من جهة، وفي تحليل الواقع المعقد الذي ظهرت فيه تلك الأفكار من جهة أخرى.
يكمن الخطأ الفادح في القول بأن صعود تنظيم "الدولة الإسلامية" يأتي بمعزل عن السياق السياسي العام في المنطقة؛ فعنف التنظيم وسلوكه الحاد ليس نشازًا، بل هو جزء من "العنف البنيوي" الراهن، الذي يجتاح العديد من الدول والمجتمعات العربية. ومن الضروري أن تتم قراءة هذا الفاعل السياسي الجديد في إطار العنف السلطوي، سواء كان ذا طابع طائفي، مثل: العراق وسوريا، أو استبدادي، كما هي الحال في مصر والجزائر والدول العربية الأخرى، وفي إطار الأزمات البنيوية التي تعاني منها الدول العربية، وتخلق مشاعر شعبية جامحة للتهميش والإقصاء وغياب الأفق السلمي والظروف الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة. ومن الضروري، كذلك، النظر إلى صعود تنظيم الدولة في سياق الفوضى الطاحنة في ليبيا، والفراغ السياسي ونمو الجماعات المرتبطة بالسلفية الجهادية هناك، وفي صحراء سيناء، وفي اليمن مع سيطرة الحوثيين على صنعاء، ومع الأزمة البحرينية والأزمات الداخلية العربية، فهنالك اليوم حالة جديدة متنامية من تفكيك المجتمعات وانهيار السلطة الأخلاقية للدولة، والعودة إلى الأشكال الأولية من التعبير عن الهوية.
تخلق مثل هذه المناخات جاذبية لنموذج الدولة الإسلامية وقابلية لاستنساخه وتطبيقه في العديد من المجتمعات، طالما أن المسارات البديلة مغلقة إلى الآن، فليست خطورة هذا التنظيم أنه اجتاز الحدود وأقام كيانًا عابرًا لها، ومتوحشًا في سلوكه مع الخصوم، بل أنه أصبح نموذجًا للوعي الشقي السلبي ولحالة المجتمعات العربية والمسلمة.
أصبح هذا التنظيم "نموذجًا"، وقد وجدنا كيف سعت جماعات أخرى في ليبيا واليمن ومصر إلى استنساخه، فطالما أن الأزمة السياسية السنية لم تُحل، والأزمة السلطوية العربية قائمة، فإن هذا التيار والتيارات الأخرى، سواء كانت شيعية أو عِرقية أو غيرها ستجد فرصة للنمو والصعود والتكيف مع الضغوط والظروف المختلفة، وإذا تراجعت في مكان ستتنشر في مكان آخر.
نظرًا إلى الاهتمام الذي بات "تنظيم الدولة" يحظى به على المستوى الدولي، والاهتمام الذي يبديه الباحثون في مختلف المراكز البحثية ومن بينهم مركز الجزيرة للدراسات، كان من الواضح أن تناولاً سريعًا، في ورقة أو ورقتين، ليس كافيًا لتفحص، ومراجعة المعلومات المتوفرة بشأنه، فضلاً عن تقديم تفسير عميق للظاهرة. وعليه، فإن هذا الملف يسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف، أهمها:
معرفة خلفيات وأسباب صعود هذه الظاهرة.
تقديم قراءة معمقة تمحِّص الصحيح والسقيم بشأن أصول هذا التنظيم، ومصادر دعمه وتمويله، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار السرعة الهائلة التي أسقط التنظيم فيها الجيش العراقي في الموصل، وبات يسيطر على ما يقرب من 25% من أراضي سوريا وأكثر من 40% من أراضي العراق.
محاولة بناء رؤية استراتيجية لمواجهة هذا الفكر.
تقديم نظرة استشرافية لمستقبل هذا التنظيم.
توفير معلومات ذات مصداقية عالية، وتحليلات معمَّقة عن تنظيم "الدولة الإسلامية".
تضمن هذا الملف عددًا من المحاور تم بحثها من قبل عدد من الباحثين المختصين بهذا الموضوع، وجاءت على النحو التالي:
أولاً: الجذور الأيديولوجية والفكرية لتنظيم "الدولة الإسلامية"
ما هي الجذور الأيديولوجية للدولة الإسلامية؟
ما هي العلاقة بين تنظيم "الدولة الإسلامية" و"تنظيم القاعدة": أين يلتقيان وأين يختلفان؟
ما هي العلاقة بين تنظيم "الدولة الإسلامية" والسلفية و"السلفية الجهادية"؟ وهل التنظيم هو ابن شرعي لها؟
ما هي المقاربات التفسيرية التي تناولت هذه القضية؟
ما هي علاقة تنظيم "الدولة الإسلامية" بمنظومة "الجهاد العالمي"؟
جرى تناول هذا المحور في ورقتين:
حيث بحث الدكتور معتز الخطيب هذه الأسئلة في ورقته المعنونة بـ"تنظيم الدولة الإسلامية": البنية الفكرية وتعقيدات الواقع".
كما تناولها الباحث شفيق شقير في ورقته المعنونة بـ"الجذور الأيدلوجية لتنظيم الدولة الإسلامية".
ثانيًا: بنية تنظيم "الدولة الإسلامية" وحضوره إقليميًّا ودوليًّا
الهيكل التنظيمي لتنظيم "الدولة الإسلامية"
هل من خصوصية لهذا الهيكل التنظيمي؟
كم يبلغ عدد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
من هم قيادات تنظيم "الدولة الإسلامية"؟ وخلفياتهم (فترة السجن، الإثنية، المهنة، المعرفة الإسلامية... إلخ)؟.
ما هي المؤسسات التابعة لـ"تنظيم الدولة الإسلامية": التمويل، والإعلام... إلخ.
تقدم ورقة الباحث حسن أبو هنية والمعنونة بـ"البناء الهيكلي لتنظيم "الدولة الإسلامية"، إجابات كثيرة بشأن هذه الأسئلة، وغيرها مما يرتبط بهيكل هذا التنظيم.
ثالثًا: تنظيم "الدولة الإسلامية": التداعيات والآثار
تنظيم "الدولة الإسلامية" والمجتمعات العربية
كيف أثَّر فكر تنظيم "الدولة الإسلامية" على المجتمعات التي ظهر فيها؟
ما هو نوع المناصرة المجتمعية الذي يتلقاها تنظيم "الدولة الإسلامية"؟
هل نشأ من قلب المجتمع الذي يتواجد فيه أم أتى من خارجه؟
يحاول الصحفي والكاتب حازم الأمين تناول هذه الأسئلة والإجابة عليها في ورقته المعنونة بـ"عن "داعش" ومجتمعاتها: اللعب خارج السوسيولوجيا"، مستندًا إلى مقابلات مع جهاديين وعائلاتهم في لبنان والأردن وتونس.
"الربيع العربي": الدولة القُطرية، والعلاقات بين الدول
كيف أثَّر بزوغ تنظيم "الدولة الإسلامية" على الثورات العربية؟
ما هو التأثير الذي سيتركه على مستقبل الدولة القُطرية؟
ما هو التأثير الذي تركه ويتركه على العلاقات بين الدول في الشرق الأوسط؟
يجادل الباحث طارق عثمان في هذه التأثيرات من خلال ورقته المعنونة بـ"مفارقات (داعش): الآمال السياسية التي خابت".
الحضور الدولي لتنظيم "الدولة الإسلامية"
هل يمتد حضور تنظيم الدولة إلى القوقاز ووسط آسيا؟
ما هي احتمالات حضور تنظيم "الدولة الإسلامية" في المنطقة الأوراسية وخاصة القوقاز وآسيا الوسطى؟
ما هي الدول التي قد تصبح هدافاً لعمليات التنظيم؟
ما هي المخاطر التي تواجه منطقتي القوقاز وآسيا الوسطى؟
كيف ستتعامل كل من روسيا وإيران مع هذه المخاطر والاحتمالات؟
يناقش الباحث تامر بدوي هذه الأسئلة ويسعى للإجابة عليها من خلال ورقته "(داعش) في المجال الأوراسي: الأبعاد والتداعيات الإقليمية"
رابعًا: التحالف الدولي" ومستقبل تنظيم الدولة
يتناول الباحث د. محمد أبو رمان هذه الأسئلة ويقدم إجابات عليها من خلال ورقته، "اليوم التالي: مستقبل الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية".
ومن خلال هذه الأوراق مجتمعة نضع بين يدي القارئ مجموعة من الخلاصات والنتائج.
عودة للصفحة الرئيسية للملف |
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات