العلاقات الدولية البعد الديني والحضاري

العلاقات الدولية البعد الديني والحضاري


عبد الخبير عطا محروس (تأليف), أماني صالح (تأليف), نادية مصطفى (تحرير), منى أبو الفضل (تحرير)

الكتاب قسمان، الأول لدراسة توظيف المفاهيم الحضارية في التحليل السياسي، بيّنت فيه المؤلفة أن الوظيفة الأساسية في ذلك تفسير الظواهر السياسية والتركيز في العلاقات الدولية على مستويات أشهرها الدولة القومية والنظام العالمي والأنظمة الإقليمية. ثم طرأت تطورات على الواقع الدولي المعاصر، مما أفرز ظواهر مستحدثة مثل نفوذ الشركات الدولية العابرة للقارات والتجمعات الإقليمية المتجاوزة للسيادة وفوق القومية.
وبرز عند الباحثة هنا سؤال مطروح يقول: ماذا كان إسهام الفكر الإسلامي في نقد نظرية العلاقات الدولية؟ وذلك في محاولة لتقديم إسهام أكاديمي منظور في هذا المجال، وجاءت معالجة الباحثة هنا لمفهوم (الأمة) ونسقها بوصفه أحد مستويات التحليل والتفسير التي تكمل المصادر القائمة وتقدم مصادر إضافية مفيدة لتفسير تلك التفاعلات، ليس في إطار العالم الإسلامي، بل في إطار عالمي.
في القسم الثاني من الكتاب دراسة تطور الحقل سعى فيه الباحث لبيان إشكالية أساسية محورها إطار التحولات التي شهدها علم العلاقات الدولية على المستوى التنظيري والتحليلي، والمراحل التي مرّ بها، وأن يقف البعد الديني في دراسة وتحليل العلاقات الدولية. وحاول الباحث الإجابة عن عدد من التساؤلات، منها: ما المستويات الرئيسية التي يمكن من خلالها تحليل علم العلاقات الدولية؟ ما المنظورات الرئيسية التي شهدها العلم في إطار تطوره عبر المراحل المختلفة التي مرّ بها هذا التطور؟ أين يقف البعد الديني في إطار تطور علم العلاقات الدولية ودراسته وتحليله؟ ما البدائل الاستشرافيّة لموقع البعد الديني في العلاقات الدولية؟

العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية
مقدمة
عرف العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بداية الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي(الولايات المتحدة الأمريكية)والمعسكر الاشتراكي(الاتحاد السوفياتي)إلى غاية1991حيث انفردت الو.م.أ. باتخاذ القرارات والتدابير التي تهم مصير العالم.
ظهر بعد الحرب العالمية الثانية إطار جديد للعلاقات الدولية
نتج عن الحرب العالمية الثانية بروز قوتين كبيرتين متنافستين
- عقد المؤتمرات:عرفت المرحلة الثانية من الحرب العالمية عقد لقاءات ومؤتمرات لوضع الخطط الحربية والاتفاق حول مصير العالم وخاصة أوربا بعد نهاية الحرب العالمية(مؤتمر طهران شارك فيه ستالين وروزفلت وتشرشل،عقد في دجنبر1943والذي اعترف بحدود ا.س.،وحدد الخريطة الجديدة لأوربا-مؤتمر يالطا بشبه جزيرة القرم،شارك فيه ستالين وروزفلت وتشرشل،عقد في فبراير1945والذي حدد مناطق نفوذ ا.س. والو.م.أ. وبريطانيا في البلدان المحررة،وتم الاتفاق على خطة الهجوم على اليابان -مؤتمر بوتسدام شارك فيه ستالين وترومان وتشرشل ثم هاتلي،عقد في يوليوز1945والذي اتفق على تعويضات ألمانيا للحلفاء وحددت في20مليار دولار:50%للا.س.)وظهرت خلال هذه المؤتمرات الخلافات بين الاتحاد السوفياتي ودول الحلفاء. - ظهور المعسكرين:عرف العالم بعد الحرب العالمية انقساما بين كتلتين مختلفتين إيديولوجيا وسياسيا واقتصاديا،بين معسكر رأسمالي تقوده الو.م.أ.ومعسكر اشتراكي تقوده ا.س.،وتأكد هذا الانقسام بمساندة ا.س. للأنظمة الشيوعية في أوربا الشرقية.
تأسست بعد الحرب العالمية الثانية منظمات دولية
- تأسيس الأمم المتحدة:تم الاتفاق في مؤتمر سان فرانسسكو(15أبريل إلى26يونيو1945)من طرف51دولة،على تأسيس هيئة الأمم المتحدة بهدف الحفاظ على الأمن والسلم في العالم،وتضم عددا من الأجهزة والمؤسسات(مجلس الأمن:وتحظى فيه خمس دول بالعضوية الدائمة وحق الفيتو-أو النقض ويسمح للدول الو.م.أ.وا.س.والصين وبريطانيا وفرنسا بحق معارضة أي قرار يصدر عن مجلس الأمن ويصبح القرار لاغيا-،والأمانة العامة،والجمعية العامة،ومحكمة العدل الدولية،ومؤسسات متخصصة). - تصفية الاستعمار:دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في بعض قراراتها إلى تصفية الاستعمار،وكان ذلك مساعدا للمد التحرري الذي عرفته المناطق المستعمرة،وشهدت الفترة الموالية تحقيق عدة دول إفريقية وآسيوية لاستقلالها. - حركة عدم الانحياز:اضطرت بعض الدول(مصر:جمال عبد الناصر،يوغوسلافيا:تيتو،الهند:جواهر لال نهرو،أندونيسيا: سوكارنو)التي أرادت أن تكون محايدة أن تؤسس حركة عدم الانحياز في مؤتمر باندونغ1955وعقدت أول مؤتمر ببلغراد سنة 1961.
حدثت الحرب الباردة بين الكتلتين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية
امتدت الحرب الباردة الأولى ما بين1947و1953
- تجلت المواجهة بين ا.س. والو.م.أ. في عدد من الأحداث منها: •مشروع مارشال:قدمه وزير خارجية الو.م.أ.،يهدف إلى تقديم مساعدات اقتصادية لدول أوربا واليابان المتضررة من الحرب العالمية الثانية وإعادة تعميرها،وكان الهدف الحقيقي مواجهة الخطر الشيوعي وإنعاش الاقتصاد الأمريكي،واعتبر السوفيات أن المشروع يهدف إلى بسط الهيمنة الأمريكية. •إنشاء مجلس الكوميكون:أو مجلس التعاون الاقتصادي المتبادل،سوق مشتركة أسسها ا.س.وبولونيا ورومانيا وألمانيا الشرقية وبلغاريا وهنغاريا وتشيكوسلوفاكيا وألبانيا ومنغوليا سنة1949. •تأسيس حلف شمال الأطلسي:حلف سياسي عسكري أسس بواشنطن سنة1949 من طرف الو.م.أ.وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية وبلجيكا وهولندا واللوكسمبورج والدانمارك والنرويج والبرتغال وإيطاليا واليونان وإيسلندا وتركيا وكندا،مقره بروكسل منذ1966. •تأسيس حلف وارسو:حلف سياسي عسكري أسس سنة1955في فارسوفيا طرف ا.س.وألمانيا الشرقية وبولونيا ورومانيا وألبانيا وهنغاريا وتشيكوسلوفاكيا وبلغاريا. •التسابق نحو التسلح:بتوصل ا.س. إلى صنع القنبلة النووية،وصنع الدولتين للصواريخ العابرة للقارات والقنبلة الهيدروجينية. •أزمة برلين الأولى:(1948-1949)بحصار برلين من طرف ا.س.،وتأسيس ألمانيا الاتحادية وألمانيا الديموقراطية. •الأزمة الكورية:ما بين1950و1953،بسبب دعم ا.س. لكوريا الشمالية دعم الو.م.أ.لكوريا الجنوبية تم تكريس التقسيم بين الكوريتين.
حدثت حرب باردة بين الكتلتين بعد مرحلة تعايش سلمي
- تميزت المرحلة ما بين بداية الخمسينات ومنتصف الثمانينات بالتراوح بين الحرب الباردة والتعايش السلمي. •وفاة ستالين:سنة1953،وحدوث انفراج بين الرئيس خروتشوف والرئيس إيزنهاور ثم كيندي. •أزمة برلين الثانية:بدأت سنة1955وانتهت ببناء ألمانيا الشرقية لجدار برلين في غشت1966. •الأزمة الكوبية:في23دجنبر1958تمكن الثوار تحت قيادة أرنستو تشي غيغارا وكاميلو سيانفويفوس(كاسترو)من إسقاط مدينة فومينطوس،وفي26دجنبر هاجم غيفارا مدينة سانطا كلارا.وهرب فولجنسيو باتيستا إلى الو.م.أ.ودخل كاسترو هافانا بدون مقاومة.وفي1962تم نصب صواريخ سوفياتية موجهة إلى التراب الأمريكي التي أرادت التدخل في كوبا. •حرب الفيتنام:1965-1975،تدخلت الو.م.أ. عسكريا،وانتصرت الفيتنام بفضل الدعم السوفياتي. •حول التجارب النووية:توقيع اتفاق بين الو.م.أ.وإنجلترا وا.س.سنة1963. •منع انتشار الأسلحة الاستراتيجية:توقيع اتفاق بين الو.م.أ.وإنجلترا وا.س.سنة1968. •اتفاقية سالت الأولى:سنة1972،بين الو.م.أ. وا.س.للحد من الأسلحة الاستراتيجية. •الصراعات الإقليمية:حدوث تدخل سوفياتي وأمريكي في صراعات محلية بإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا:أنغولة،الموزمبيق، إثيوبيا والصومال،أفغانستان،نيكاراغوا،غرينادا... •برنامج الدفاع الاستراتيجي:أو حرب النجوم منذ1989،برنامج وضعه الرئيس الأمريكي ريغان.
انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بتسيير العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي
كان من نتائج الحرب الباردة انهيار الاتحاد السوفياتي
- تفكك الاتحاد السوفياتي:أثرت ظروف الحرب الباردة على الدولتين المتنافستين وخاصة الاتحاد السوفياتي،الذي شهد اقتصاده ركودا،وبوصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة سنة1985،وضع برنامجا إصلاحيا(البريسترويكا أي إعادة البناء) وأدخل إصلاحات سياسية على البلاد باعتماد الديمقراطية والشفافية(الكلاسنوست)،وتخلى عن المواجهة مع الأمريكيين،وطالبت مجموعة من الجمهوريات السوفياتية بالاستقلال،فتفكك ا.س.منذ1991. - انهيار المعسكر الاشتراكي:أثرت هذه الإصلاحات على دول أوربا الشرقية التي عرفت منذ1989سقوط الأنظمة الاشتراكية،وتوحيد ألمانيا،وإلغاء حلف وارسو.
عرف العالم نظاما عالميا جديدا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي
- على المستوى السياسي:تزايد دور الأمم المتحدة في التسعينات من أجل حفظ السلام في عدد من المناطق،ورغم ذلك لم تستطع حل النزاعات القائمة(القضية الفلسطينية). - على المستوى الاقتصادي والاجتماعي:واتجه اهتمام دول العالم والمجموعات الدولية إلى الجانب الاقتصادي والاجتماعي،ودعم التكتلات الاقتصادية:الاتحاد الأوربي،مجموعة آسيا والباسفيك للتعاون الاقتصادي،ومنظمة أمريكا الشمالية للتبادل الحر.وتفاقم خلال السنوات الأخيرة التناقض بين دول الشمال ودول الجنوب.


برزت بنهاية الحرب الباردة قضايا جديدة تشغل المجموعة الدولية كقضية عدم التكافؤ بين دول الشمال ودول الجنوب،وقضايا حقوق الإنسان.

الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945م



تقديم إشكالي :
تحول شبح الحرب الذي هيمن على العالم منذ 1930م الى مواجهة مسلحة عنيفة ما بين فاتح شتنبر 1939م وغشت 1945م. حيث شهد العالم خلال هذه الفترة اندلاع أعظم حرب دموية في تاريخ البشرية وأكثرها كلفة وتدميرا.إذ استعملت خلالها كل أنواع الأسلحة المدمرة وشملت عملياتها معظم القارات والمحيطات والبحار،وخلفت نتائج سياسية وأخرى اقتصادية واجتماعية أثرت على مسار العلاقات الدولية فيما بعد.
- فما هي الأسباب التي تحكمت في اندلاع الحرب العالمية الثانية ؟
- ما هي المراحل الكبرى التي مرت منها هذه الحرب ؟وما هي خصائص كل مرحلة ؟
- وما هي النتائج الاقتصادية والاجتماعية لهذه الحرب ؟



I- أسباب الحرب العالمية الثانية

1-الأسباب العميقة/غير المباشرة للحرب العالمية الثانية
أ- تجدد التوتر بفعل مخلفات الأزمة الاقتصادية لسنة 1929م حيث أدت هذه الأخيرة الى :
* ظهور تناقض بين الديمقراطيات الغربية التي استطاعت الخروج من الأزمة بفضل مستعمراتها وتراكم 80% من احتياطي الذهب العالمي لديها وبين الديكتاتوريات التي تطالب بمجال حيويespace vital لضمان أسواق لمتوجاتها ومواد أولية لصناعتها،لكونها لا تتوفر على مستعمرات ولا تملك سوى 5% من الذهب العالمي.
* فشل مؤتمر نزع السلاح بجنيف 1932م لان جل الدول وجدت في صناعة الأسلحة متنفسا لتحريك اقتصادها ← التسابق نحو التسلح
ب- عجز عصبة الأمم عن الحفاظ على السلم العالمي وقد ظهر ذلك جليا بعد المحاولات التوسعية لكل من اليابان وألمانيا وايطاليا :
* اليابان : اتجهت لاحتلال منشوريا 1931م وأقامت بها دولة تحت حمايتها(ماندشوكوو 1932م).ولما أدانت عصبة الأمم هذا العدوان انسحبت اليابان منها في مارس 1933م.
* ألمانيا : في إطار التخلص من بنود معاهدة فرساي قام هتلر بعد وصوله الى السلطة سنة 1933 ب: الانسحاب من مؤتمر نزع السلاح ومن عصبة الأمم سنة 1933م + إقرار التجنيد الإجباري وضم إقليم السار 1935م بعد استفتاء (99%)ومن + إعادة تسليح إقليم رينا نيا 1936م .
* ايطاليا : قام موسوليني باحتلال إثيوبيا سنة 1936م .وأمام معارضة الديمقراطيات وعصبة الأمم تقرب من هتلر ووقع معه محور روما –برلين سنة 1936م.
ج- الحروب الإقليمية التي هددت الأمن الدولي وساهمت في تقارب الأنظمة الديكتاتورية :
* الحرب الأهلية الاسبانية (1936-1939): بين قوات النظام الجمهوري الحاكم ذو التوجه الاشتراكي والقوات المحافظة المعارضة ذات التوجه القومي بقيادة الجنرال فرانكو Franco .قامت خلالها ألمانيا وايطاليا بدعم فرانكو،في حين دعمت فرنسا وانجلترا الجمهوريين.وكانت النتيجة انتصار المحافظين وسقوط مدريد في يد فرانكو ( مارس 1939م) الذي أقام نظاما ديكتاتوريا باسبانيا.
* الحرب اليابانية الصينية : واجه التوسع الياباني في شمال الصين مقاومة من تحالف القوى الوطنية الصينية ،مما جعلها تعلن الحرب الكبرى وتعقد تحالفا مع هتلر في نونبر 1936 ضد الشيوعية،وتحتل المناطق الساحلية والمواقع الإستراتيجية سنة 1937م.
د- التوسعات الألمانية :
* الانشلوس (Anschluss 11 مارس 1938م) : يقصد بها عملية ضم هتلر للنمسا وإجراء الاستفتاء الذي اقر الوحدة مع ألمانيا.
* أزمة إقليم السوديت Sudètes(شتنبر 1938م-مارس 1939م) : استغل هتلر مشكلة الأقلية الألمانية المسحوقة حسب رأيه بإقليم السوديت التشيكي وقام بضمه الى ألمانيا بموجب مؤتمر ميونيخ.غير أن هتلر تجاوز مقررات ميونيخ واحتل كامل التراب التشيكي.


2-السبب المباشر لاندلاع الحرب العالمية الثانية
استهدف التوسع نحو بولونيا إزالة آخر مخلفات معاهدة فرساي والتوسع نحو الشرق حيث المجال الحيوي للرايخ الثالث.وقد كان مبرر النازية هو عدم قدرة بولونيا على صد الخطر الشيوعي.وهكذا طالب بضم ميناء دانتزك وبالحصول على ممر للاتصال بالجزء الشرقي لألمانيا.وأمام هذا التحدي تعهدت الديمقراطيات بضمان استقلال بولونيا التي رفضت مطالب هتلر.أما هذا الأخير فقد حدد 1 شتنبر 1939م كآخر اجل للاستجابة لمطالبه .وفي هذا اليوم أعلن هتلر الحرب على بولونيا .وفي 3 شتنبر أعلنت كل من فرنسا وانجلترا الحرب ضد ألمانيا،تلاه إعلان ايطاليا واليابان الحرب على الفرنسيين والانجليز.

II- مراحل الحرب العالمية الثانية وخصائصها
1-المرحلة الأولى (1939م-1942)
حققت دول المحور بفضل قوة الآلة العسكرية الألمانية واليابانية انتصارات في كل الجبهات:
- في الجبهة الغربية : طبق الألمان تكتيك الهجوم السريع /الحرب الخاطفة حيث تحققت السيطرة الألمانية على اوربا الغربية في وقت قصير (الحرب العجيبة ) ← السيطرة على الدانمارك،النرويج ،بلجيكا،هولندا واللوكسمبورغ.ونظرا للهجوم المباغت لفرنسا من الشمال وسقوط باريس (يونيو 1940) اضطرت قوات الحلفاء الى مغادرة فرنسا في اتجاه انجلترا عبر ميناء دانكيرك،واستقالت حكومة رينيو وتشكلت حكومة Pétain في مدينة فيشي.وتم توقيع الهدنة التي فرضت بموجبها شروط قاسية استهدفت أدلال فرنسا وأصبحت فرنسا مقسمة الى شطرين احدهما في الشمال تحت الاحتلال الألماني والأخر في الجنوب تحت حكم بيتان.غير أن الجنرال دوكول دعا من انجلترا الفرنسيين الى مقاومة الاحتلال .وأمام قرار انجلترا مواصلة الحرب أعطى هتلر أوامره بتنفيذ عملية أسد البحر أي القصف الجوي للمواقع الحيوية الانجليزية تمهيدا لإنزال بري إلا أن فشل هذه الخطة بفعل مقاومة الانجليز واستخدامهم للرادار،جعل هتلر يكتفي بضرب حصار عليها وعزلها عن مستعمراتها عبر السيطرة على الطرق البحرية (حرب الغواصات).ثم اتجه الى مساعدة ايطاليا في الجبهة المتوسطية والتوسع بالأراضي السوفياتية.
- في الجبهة المتوسطية : رغم احتلال ألبانيا فشل موسوليني في احتلال اليونان وطرد الانجليز من مصر .فتدخل هتلر واحتل يوغوسلافيا واليونان وكريت في مارس 1941م،وغزا القوات الانجليزية بمصر انطلاقا من ليبيا بواسطة الفيلق الإفريقي الذي يقوده رومل في غشت 1942م Rommel .
- في الجبهة الشرقية : بعد أن تحققت السيطرة على بولونيا والدول الاسكندافية شن هتلر هجوما على الاتحاد السوفياتي في يونيو 1941 رغم معاهدة عدم الاعتداء .وتمكن من محاصرة لينينغراد ووصل حتى مشارف موسكو ← تراجع القوات السوفياتية الى الاورال .
- في جبهة المحيط الهادي : دمر اليابانيون قاعدة بيريل هاربور Pearl harbor اكبر قاعدة أمريكية في المحيط الهادي في 7 دجنبر 1941م كرد فعل على الحصار الاقتصادي الذي فرضه الأمريكيون على اليابان نتيجة لاحتلال هذه الأخيرة للهند الصينية وبعض جزر المحيط الهادي.

2-المرحلة الثانية من الحرب العالمية الثانية (1942-1945)
في هذه المرحلة امتدت الحرب خارج اوربا لتصبح عالمية بدخول الو.م.أ الحرب في 11 دجنبر 1941م وما ترتب عنه من تغير في موازين القوة وانتصار الحلفاء في كافة الجبهات نتيجة التفوق اللوجستيكي الامريكية والمقاومة السوفياتية.
أ- في الجبهة المتوسطية : نظمت القوات الانجليزية بقيادة الجنرال مونغومري Montgomery هجوما مضادا ضد قوات المحور التي يقودها رومل وهزمته في معركة العلمين (أكتوبر 1942م).أما القوات الامريكية فزحفت من الغرب انطلاقا من السواحل المغربية والجزائرية بقيادة الجنرال أيزنهاور.وهكذا تمت محاصرة رومل بتونس واستسلم في ماي 1943م. ومن تونس اتجه الحلفاء نحو ايطاليا حيث سقطت روما في يونيو 1944م،(لعبت القوات المغربية دورا مهما في هذه الحرب ضد ايطاليا إذ بلغ عددها 75 ألف جندي أي 30% من م. ق.الحلفاء).
ب- في الجبهة الغربية : أواخر 1942م قصف المدن الألمانية تمهيدا للهجوم المضاد.وفي يونيو 1944 شرع الحلفاء بإنزال قواتهم بمنطقتي نورماندي وبروفانس وتمكنوا من دخول فرنسا في غشت 1944م وتحرير فرنسا ،بلجيكا،هولندا،النرويج،الدانمارك،السويد،وعبروا نهر الراين وواصلوا زحفهم حتى التقوا بالجيش الأحمر السوفياتي بشرق ألمانيا.
ج- في الجبهة الشرقية : استأنف الألمان هجومهم منذ يونيو 1942م غير أنهم لم يتمكنوا من دخول ستالينغراد لشدة المقاومة.وفي شتاء 1943م نظم الجيش الأحمر هجوما مضادا أدى الى استسلام الألمان بالقرب من ستالينغراد(هلك 147 ألف جندي وتم اسر 91الف).ومنذ صيف 1944م تمكن من تحرير الاراضي السوفياتية والدخول الى بلدان البلطيق وفنلندا ودول اوربا الشرقية حتى بلغ العاصمة برلين.وفي 8 ماي 1945م استسلم الألمان ووقعوا الهدنة مع الاتحاد السوفياتي وباقي الحلفاء،بينما بقي مصير هتلر مجهولا.
د- في جبهة المحيط الهادي : انتصر الأمريكيون على اليابانيون أولا بجزيرة ميدواي في يونيو 1942م ،وتمكنوا من تحرير الفلبين في أكتوبر 1944م والاستيلاء على جزر ايوجيما واوكيناوا في يونيو 1945م وغيرها.لكن إصرار اليابانيين على مواصلة الحرب والقيام بعمليات انتحارية ضد القوات الامريكية وأسطولها (عمليات الكاميكاز) دفع القيادة الامريكية الى اتخاذ قرار تفجير أول قنبلتين ذريتين ،الأولى بهيروشيما في 6 غشت والثانية بنكازاكي في 9 من نفس الشهر،تلاه استسلام اليابان في 16 غشت وبذلك كانت نهاية أفظع حرب عرفتها البشرية.

II- النتائج الاقتصادية والاجتماعية للحرب العالمية الثانية.
1-النتائج الاقتصادية للحرب العالمية
- تتلخص حصيلة الحرب العالمية الثانية اقتصاديا في :
* الارتفاع الكبير للنفقات العسكرية بين 1940 و1945 حيث قاربت ثلثي الدخل الوطني الإجمالي بألمانيا ،وفاقت نسبة 40% بألو.م.أ واليابان،بينما بلغت تقريبا بالاتحاد السوفياتي وانجلترا.وهي نفقات استفاد منها بالدرجة الأولى قطاع صناعة الأسلحة الذي سجل مؤشره ارتفاعا سريعا ما بين 1939 و1944.
* انتشار أزمة التموين نتيجة تراجع الإنتاج ألفلاحي.
* انتعاش الاقتصاد الأمريكي لبعد الو.م.أ عن جبهات القتال وتأخر مشاركتها في الحرب ولكونها شكلت ممونا رئيسيا للحلفاء بمصادر الطاقة والأسلحة والذخيرة والطائرات وبالمواد الغذائية،مما ساعد على تضاعف ناتجها الوطني بأكثر من مرتين بين سنتي 1939 و1944.

2-النتائج الاجتماعية للحرب العالمية الأولى
- فداحة الخسائر البشرية حيث فاق عدد القتلى 67.3 مليون ،منهم 25.1 مليون جندي و 42.2 مليون مدني.
- دمار البنى التحتية للمدن الأوربية من طرق وسكك حديدية وموانئ ومطارات وجسور وبنايات.الى جانب الدمار الشامل الذي أصاب المدينتين اليابانيتين هيروشيما (250000 قتيل وتدمير حوالي 70% من المباني) ونكازاكي ( 150000 قتيل) بسبب الاستخدام الأمريكي غير المبرر للسلاح النووي.
- انتشار المجاعات بسبب نقص الغذاء والفقر والتشرد حيث أرغمت نيران الحرب المدنيين على الجلاء من مساكنهم والبحث عن أماكن آمنة.

الخاتمة :لقد اتسمت الحرب العالمية الثانية بضراوتها وعنف معاركها وتعدد جبهاتها ،وأفرزت حصيلة بشرية واقتصادية واجتماعية ثقيلة تطلب إصلاحها سنوات عديدة وعزيمة قوية .كما خلفت نظاما دوليا جديدا طبعه الصراع بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الراسمالي.