محاضرة الخميس 22/11/2012
الثورة الفرنسية والحروب النابليونية :دراسة في تحولات نهاية القرن 18م وبداية القرن 19م
1- الثورة الفرنسية: 1789 - 1799م
أحدثت الثورة الفرنسية تغييرات كبيرة في المجتمع الغربي بشكلٍ عام وفي نظام الحكم الفرنسي بشكل خاص.
لقد كانت لها آثار بعيدة المدى على بقية أوروبا أيضًا، حيث أدخلت المُثُل الديمقراطية إلى فرنسا وجعلت الطبقة المتوسطة قوية،لكنها لم تجعل الدولة ديمقراطية، ومع ذلك فقد أنهت الحكم المطلق للملوك الفرنسيين، حيث حكم ملوك البوربون Bourbon بين عامي 1589 و1792م وهي الفترة التي كان لفرنسا فيها أكبر الأثر على سياسة أوروبا وثقافتها.
بعد قيام الثورة ما كان لأحد من ملوك أوروبا أو نبلائها أو أي جماعة مميزة أخرى، أن تنظر إلى سلطاتها كشيء مطلق أو أن تتجاهل مُثُل الحرية والمساواة.
بدأت الثورة بأزمة اقتصادية حكومية، ولكنها سرعان ما أصبحت حركة للتغيير العنيف. فقام الجمهور في باريس باحتلال الباستيل، وهو حصن وسجن ملكي كان قد أصبح رمزًا للقهر، وفيما بعد تم إعدام الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت، ولاقى آلاف آخرون نفس المصير في فترة عرفت بعهد الإرهاب،
وانتهت الثورة عندما استولى الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت على الحكم.
الخلفية والأسباب
أدت أوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية متعددة إلى الثورة، حيث أدى تردي الأوضاع الاقتصادية إلى درجة كبيرة من الاستياء بين الطبقات الدنيا والمتوسطة، والميل إلى الأفكار الجديدة حول الحكم، كما سبَّبتْ التقسيمات القانونية وسط فئات المجتمع ـ التي ظلت قائمة لمئات السنين ـ سخطًا شديدًا، فطبقًا للقانون كان المجتمع الفرنسي يتكون من ثلاث فئات عرفت بـاسم الطبقات الثلاث.
كان رجال الدين الأكليروس (القساوسة) يشكلون الطبقة الأولى، ويمثل النبلاء الثانية، بينما كوّنت الطبقة الثالثة أو الطبقة العامة بقية الشعب، ومنها الفلاحون والعمال وفئة متوسطة كبيرة وموسرة كانت تتكون بدرجة رئيسية من التجار والمحامين وموظفي الحكومة.
كانت الطبقة الثالثة مستاءة من الامتيازات الخاصة للطبقتين الأخريين، فقد أعفي رجال الدين والنبلاء من دفع معظم الضرائب، وكان على الطبقة الثالثة أن تكون مصدرًا لمعظم الدخل الضريبي للبلاد، وكان الكثيرون من الفئة المتوسطة غير راضين عن وضعهم الاجتماعي، فبالرغم من كونهم يشكلون العمود الفقري من الناحية الاقتصادية في المجتمع الفرنسي إلا أنهم لم يجدوا اعترافًا بهذه الأهمية لأنهم كانوا من الطبقة الثالثة.
كانت الأفكار الجديدة حول الحكم تمثل تحديًا للحكم المطلق في فرنسا، وفي ظل هذا النظام كان للملك سلطة غير محدودة تقريبًا، وكان يحكم استنادًا إلى ما كان يوصف بأنه الحق الملكي المقدس ـ ادعاء بأن حق الملك في الحكم إنما هو تفويض إلهي. وخلال القرن الثامن عشر الميلادي أثار كتّاب فرنسيون وآخرون من خارج فرنسا آراء جديدة حول الحرية، فكان هؤلاء، ومنهم جان جاك روسو، يرون أن الحق في الحكم إنما يستمد من الشعب.
تطورت الأزمة المالية لأن فرنسا كانت قد غرقت في الديون لتمويل القتال في حرب السنوات السبع (1756- 1763م) والثورة الأمريكية1775-1783م ، وبحلول عام 1788م كانت الحكومة قد أفلست تقريبًا.
أصر برلمان (مجلس) باريس على الموافقة للملك لويس السادس عشر باقتراض مال إضافي، أو أن يكون جمعه للضرائب مشروطًا بالدعوة لاجتماع مجلس الطبقات (مجلس طبقات الأمة)، وهو هيئة كانت تتكون من ممثلي الطبقات الثلاث، وكان قد اجتمع آخر مرة في عام 1614م، وكانت دعوة الملك لهذا الاجتماع دون رغبة منه.
بداية الثورة
افتتح مجلس الطبقات (مجلس طبقات الأمة) في الخامس من ماي 1789م، في فرساي بالقرب من باريس. وكان معظم أعضاء الطبقتين الأوليين يرغبون في أن تناقش كل طبقه الأمور، وأن يكون التصويت عليها منفصلاً، وكان عدد ممثلي الطبقة الثالثة يساوي عدد ممثلي الطبقتين الأخريين مجتمعتين، غير أن الطبقة الثالثة أصرت على دمج الطبقات الثلاث في مجلس وطني واحد، وأن يكون لكل ممثل صوت واحد، وأن يكتب المجلس دستورًا.
رفض الملك والطبقتان الأوليان مطالب الطبقة الثالثة، وفي جوان 1789م، أعلن ممثلو الطبقة الثالثة أنهم هم المجلس الوطني لفرنسا، وتجمعوا عند ملعب للتنس وأقسموا بألا يتفرقوا إلا بعد أن يفرغوا من كتابة الدستور، وأصبح هذا القسم معروفًا بقسم ملعب التنس.
بعد ذلك سمح الملك لويس السادس عشر للطبقات الثلاث بالاجتماع معًا ممثلين للمجلس الوطني لفرنسا، لكنه بدأ في تجميع القوات حول باريس ليفضّ المجلس.
في 14 جويلية 1789م اندفع جمع من الباريسيين نحو الباستيل Bastille ، وظنوا أنهم سيجدون الأسلحة والذخيرة هناك، ليستخدموها في الدفاع عن أنفسهم أمام جيش الملك، واستولوا على الباستيل وبدأوا في تحطيمه. في ذات الوقت؛ كوّن الزعماء في باريس حكومة مدنية ثورية ، وانفجرت ثورات الفلاحين ضد النبلاء في الريف.
قرر عدد قليل من النبلاء الهرب من فرنسا، وتبعهم الكثيرون خلال السنوات الخمس التالية. وسُمي هؤلاء الناس بالنازحينEmigres لأنهم نزحوا لظروف سياسية، وأنقذت الثورات في المدن وفي الريف الجمعية الوطنية من حل الملك لها.
تبنَّت الجمعية الوطنية في أوت 1789م، مراسيم الرابع من أوت وإعلان حقوق الإنسان والمواطن، وألغت المراسيم بعض الرسوم الإقطاعية التي كان الفلاحون مدينين بها لملاك الأرض، كما ألغت الميزات الضريبية التي كانت ممنوحة لرجال الكنيسة والامتيازات الإقليمية، وتكفل الإعلان بمنح الحقوق الأساسية لكل المواطنين، بما في ذلك الحرية، والملكية، والأمن ومقاومة الظلم بالإضافة إلى ضمان وجود حكم نيابي.
استولت الجمعية على ممتلكات الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وقد بلغ حجم الأرض المملوكة للكنيسة نحو عُشْر أراضي البلاد مجتمعة، وبيع جزء كبير من أراضي الكنيسة للأثرياء من الفلاحين ولأعضاء الطبقة المتوسطة؛ واستخدمت حصيلة مبيعات الأرض لتسديد جزء من ديون البلاد الضخمة، وبعد ذلك اعترفت الجمعية بالكنيسة الكاثوليكية في فرنسا، واشترطت انتخاب القساوسة والأساقفة من قبل الناخبين، وأغلقت أديرة الكنيسة وأماكن تجمعات رجالها، وبُسِط التسامح الديني الكامل ليشمل البروتستانت واليهود، وأصلحت الجمعية نظام المحاكم أيضًا باشتراط انتخاب القضاة.
بحلول سبتمبر 1791م رأت الجمعية أن الثورة قد انتهت وانفضَّت في نهاية الشهر لتفسح الطريق أمام المجلس التشريعي المنتخب حديثًا.
واجهت الحكومة الجديدة تهديدًا خارجيًا، ففي أفريل عام 1792م دخلت فرنسا في حرب ضد النمسا وبروسيا، وكانت هاتان الدولتان ترغبان في استعادة سلطات الملك والنازحين، وهزمت الجيوش الأجنبية القوات الفرنسية في المراحل الأولى من القتال، وغزت فرنسا، وكان من الواضح أن لويس السادس عشر ومؤيديه يتمنون انتصار الغزاة. ونتيجة لذلك طالب الثوار الغاضبون في باريس وفي مناطق أخرى بتنحية الملك.
في أوت 1792م قام أهل باريس بسجن لويس السادس عشر وعائلته، وانتهى بذلك حكم الملكية الدستورية، وبعد ذلك دعت الجمعية إلى مؤتمر قومي يتم انتخابه على أساس حق الاقتراع العام للبالغين من الرجال، والذي أدى إلى إقرار دستور جديد.
في تلك الأثناء، عانت الجيوش الفرنسية من هزائم عسكرية إضافية، وخشى الباريسيون أن يصل الغزاة إلى المدينة في زمن قصير،كذلك خشى الباريسيون من ثورة تقوم بها الأعداد الكبيرة من المحتجزين في سجون المدينة، وخلال الأسبوع الأول من سبتمبر طبّق بعض الناس القانون بأيديهم، حيث قاموا بإعدام أكثر من 1000 شخص، وقد أثارت هذه الإعدامات ـ والتي يشار إليها بمذابح سبتمبر ـ استياء الكثير من الناس في فرنسا وأوروبا، وجعلتهم معادين للثورة.
أفضت تنحية الملك إلى مرحلة جديدة للثورة، وكانت المرحلة الأولى حركة إصلاح متحررة للطبقة الوسطى مبنية على الملكية الدستورية، أما المرحلة الثانية فقد كانت من أجل المبادئ الديمقراطية.
افتتح المؤتمر الوطني الذي اختير أعضاؤه بانتخابات، كان الاقتراع فيها متاحًا لذكور فرنسا البالغين جميعهم تقريبًا، وأعلنت فرنسا جمهورية في 21 سبتمبر عام 1792م، وكان شعارها الرسمي الحرية والمساواة والإخاء.
قدم لويس السادس عشر للمحاكمة ، وأدانه المؤتمر الوطني بجريمة الخيانة، وتم إعدامه بالمقصلة Guillotine في 21 جانفي 1793م، وبالتدريج أخذت الثورة منحنى أكثر تطرفًا وأصبح القادة المتطرفون أكثر شهرة، وعرفوا في المؤتمر بالجبليين لأنهم كانوا في المؤتمر، يجلسون في مقاعد عالية في مؤخرة القاعة. وكان قادة الجبليين هم ماكسمليان روبسبيير، وجورج جاك دانتون، وجان بول مارا، هيمن الجبليون على منتدى سياسي على قدر كبير من النفوذ عرف باسم نادي اليعاقبة، Jacobins وكان معارضوهم الألداء يعرفون بالجيرونديين Girondists لأن العديد منهم كان ينتمي إلى إقليم من البلاد يحمل هذا الاسم، وكانت أغلبية النواب في المؤتمر تعرف باسم السُّهل.
أدت النزاعات المتزايدة بين الجبليين والجيرونديين إلى صراع على السلطة، وانتصر الجبليون في نهاية الأمر، وفي جوان 1793م، طرد المؤتمر قادة الجيرونديين من المؤتمر واعتقلهم.
أنشأ القادة اليعاقبة جيشًا جديدًا من المواطنين الجدد لقمع التمرد في فرنسا ولمحاربة دول أوروبية أخرى، وتوفرت الخدمة العسكرية الإلزامية للجنود Conscription، كما وفرت الترقية السريعة للجنود الموهوبين، لقيادة هذا الجيش القومي.
كانت حكومة اليعاقبة دكتاتورية وديمقراطية في الوقت نفسه، كانت دكتاتورية لأنها علّقت الحقوق المدنية والحرية السياسية خلال فترة الطوارئ. واستولت لجنة المؤتمر للأمن العام على الحكم الفعلي لفرنسا، بسيطرتها على الحكومات المحلية، والقوات المسلحة والمؤسسات الأخرى.
وحكمت اللجنة خلال أكثر فترات الثورة فظاعة، وأعلن المؤتمر بداية عهد سياسة إرهاب ضد المتمردين المؤيدين للمَلك أو الجيرونديين، وأي شخص آخر يختلف مع السياسة الرسمية علنًا.
وفي الحال امتلأت سجون البلاد بمئات الآلاف من المشتبه فيهم، وأصدرت المحاكم نحو 18,000 حكم بالإعدام في ما كان يعرف بعهد الإرهاب، واعتادت باريس على صوت ضجيج العربات ذات العجلتين التي كانت تعرف بعربات نقل السجناء، وهي تنقل الناس في طريقها إلى المقصلة، وكان من بين ضحايا هذه الفترة ماري أنطوانيت أرملة لويس السادس عشر.
اتبع اليعاقبة أيضًا مبادئ ديمقراطية ووسعوا منافع الثورة إلى مدى أبعد من الطبقة الوسطى، فقد شارك أصحاب المتاجر والفلاحون والعمال الآخرون بنشاط في الحياة السياسية لأول مرة، وأقر المؤتمر مساعدة الدولة للفقراء، والتعليم الابتدائي المجاني للبنين والبنات، ومراقبة الأسعار لحماية المستهلكين من التضخم السريع، والضرائب على أساس الدخل، كما نادى بإلغاء الرِّق في مستعمرات فرنسا، ومع ذلك فإن معظم هذه الإصلاحات لم تحظ بالتنفيذ الكامل أبدًا، للتغييرات التي حدثت في الحكومة لاحقًا.
نهاية الثورة
بمرور الزمن بدأ المتشددون في التصارع من أجل السلطة، ورغب الناس في إنهاء عهد الإرهاب والاستبداد اليعقوبي، والثورة الديمقراطية، وفي النهاية قام خصوم روبسبيير Robespierre في المؤتمر بمهاجمته باعتباره طاغية في 27 جويلية 1794م، وتم إعدامه في اليوم التالي.
انتهى عهد الإرهاب بعد موت روبسبيير، وسيطر المحافظون على المؤتمر وأبعدوا اليعاقبة عن السلطة، وتم سريعًا إلغاء معظم الإصلاحات الديمقراطية التي حدثت في السنتين الماضيتين، فيما عرف بالارتداد التيرميدوري، نسبة لشهر تيرميدورفي التقويم الفرنسي الجديد آنذاك
قام المؤتمر الذي تبنى دستورًا ديمقراطيًا في عام 1793م بإقرار دستور بديل في عام 1795م. وعرفت الحكومة التي تم إنشاؤها طبقًا لهذا الدستور الجديد باسم حكومة الإدارة، إشارة إلى الإدارة التنفيذية التي تكونت من خمسة أعضاء، وتولت الحكم مع مجلسين تشريعيين، وظلت فرنسا جمهورية، لكن للمرة الثانية لم يكن مسموحًا بالاقتراع إلا لأولئك المواطنين الذين يدفعون قدرًا محددًا من الضريبة.
في أثناء ذلك كانت فرنسا تحقق الانتصارات في ساحة الحرب، وقامت الجيوش الفرنسية برد الغازين، وعبرت إلى داخل بلجيكا وألمانيا وإيطاليا.
بدأت حكومة الإدارة اجتماعاتها في أكتوبر 1795م، ولكنها كانت تواجه صعوبات بسبب الحرب والمشاكل الاقتصادية، والمعارضة من جانب مؤيدي الملكية ومن اليعاقبة السابقين، وفي أكتوبر 1799م تآمر عدد من القادة السياسيين على الإطاحة بحكومة الإدارة، وكانوا يحتاجون إلى السند العسكري، فلجأوا إلى نابليون بونابرت، الجنرال الفرنسي الذي أصبح بطلاً في غزوه لإيطاليا فـي عامي 1796م و 1797م. واستولى بونابرت على الحكم في التاسع من نوفمبر (18 تيرميدور بالتقويم الثوري)، 1799م، منهيًا بذلك الثورة.
لقد تسببت الثورة الفرنسية في تكوين معارضة جزء كبير من أوروبا لفرنسا،ووضعت فرنسا في وضع مواجهة مع الدول الأوروبية الأخرى، فقد انتاب ملوك الدول الأوروبية الأخرى الهلع من انتشار أهداف وغايات الديمقراطية ،كما أن هذه الثورة تركت الشعب الفرنسي في اختلاف شديد حول شكل الحكم الأفضل لبلادهم، وبحلول عام 1799م كان معظم الناس تقريبًا قد سئموا الخلاف السياسي برمته، لكن الثورة كونت الأسس الراسخة لدولة متحدة، كما أنها كوَّنت حكومة مركزية قوية، ومجتمعًا حرًا تهيمن عليه الطبقة الوسطى وملاك الأراضي.
- تداعيات الثورة على المستعمرات الفرنسية
في عام 1791م أصدر مجلس الثورة الفرنسي قرارًا بإلغاء الرق في جميع المستعمرات الفرنسية، ومساواة جميع من فيها في الحقوق والواجبات مع تمتعهم بالجنسية الفرنسية.
لكن حين تولى نابليون الحكم، لاحظ انخفاض صادرات المستعمرات الفرنسية التي تعتمد على اليد العاملة الزنجية، فأصدر قرارًا عام 1802م بالعودة إلى استرقاق الزنوج، فثار الزنوج في المستعمرات وقاوموا مدة ثلاث سنوات فقضى نابليون على ثورتهم وأعادهم إلى الرق.
وقد ثار شعب هاييتي الفرنسية بعد سماعهم أخبار الثورة الفرنسية،وفي سنة 1791م ثار العبيد في هاييتي وأصبح بيير دومينيك توسان بريدا Toussaint L'Ouverture 1743-1803م قائدًا لهم وبدأوا بقتال فرنسا، وفي سنة 1793م منحت فرنسا العبيد حريتهم مما دفع توسان إلى مساعدة فرنسا في حربها ضد الأسبان والبريطانيين الطامعين في حكم هاييتي.
2- الحروب النابليونية
2-1- سجل نابليون العسكري
كون نابليون الأول 1769 Napoleon I - 1821م، والمعروف ب نابليون بونابارت إمبراطورية ضمت معظم غربي أوروبا ووسطها، وقد أطلق عليه لقب العريف الصغير في عام 1796م في معركة لودي، بالقرب من ميلانو في إيطاليا.
انضم نابليون إلى جماعة اليعاقبة المتطرفة، الذين طالب كثير منهم بجعل فرنسا جمهورية ديمقراطية.
بحلول عام 1796م أصبحت النمسا العدو الرئيسي لفرنسا. وبعد اندلاع الحرب بينهما كسب نابليون الحرب، وفي أقل من عام هزم أربعة جيوش، كان كل منها أكبر من جيشه. وحقق انتصارًا نهائيًا، بعد أن تقدم إلى جبال الألب مهددًا فيينا في أوائل عام 1797م. وفي أكتوبر من العام نفسه وقعت فرنسا والنمسا معاهدة كامبوفورميو التي بموجبها توسعت أراضي فرنسا.
في ماي من عام 1798م أبحر نابليون إلى مصر على رأس جيش مؤلّف من 38,000 جندي. وفي شهر جويلية هزم المماليك (حكام مصر العسكريين) في معركة الأهرامات بالقرب من القاهرة، إلا أنه في الأول من أوت من العام نفسه، تم تدمير الأسطول الفرنسي الذي كان راسيًا في خليج أبي قير في معركة أبي قير البحرية، على يد الأسطول البريطاني.
في عام 1799م غزا نابليون عكا، إلا أنه فشل في الاستيلاء عليها. فتراجع إلى مصر، حيث هزم الأتراك في أبي قير، وبعد ذلك سمع بهزيمة الجيش الفرنسي في إيطاليا فعاد إلى فرنسا.
في جوان عام 1800م فاجأ بجيشه النمساويين، وهزمهم ، وفي عام 1801م وقع النمساويون معاهدة لونيفيل، التي عملت على تثبيت معاهدة كامبوفورميو، وفُتح الطريق بعد معركة معركة أوسترليتز Battle of Austerlitz أمام نابليون لحكم أوروبا الوسطى، بعد معاهدة بريسبورغ عام 1805م، وفي عام 1810م وصلت إمبراطوريته إلى ذروتها بضم هولندا وأجزاء كثيرة من شمالي ألمانيا إليها.
في جوان من عام 1812م عبر جيش نابليون ـ المكوَّن من 600,000 رجل ـ نهر نيمن إلى روسيا، واندفع الجيش إلى موسكو ليجدها خالية تقريبًا من السكان، وبعد فترة وجيزة من دخول الجيش الفرنسي موسكو دمرت النيران ـ التي أشعلها الجيش الروسي المنسحب ـ أجزاء كبيرة من موسكو، فلم يتمكن نابليون من تزويد جيوشه بالإمدادات، وأخذت جيوشه تكافح ضد العواصف الثلجية ودرجات الحرارة التي بلغت حد التجمد، وهلك في تلك الحملة نحو 500,000 جندي أو أسروا، ومنذ ذلك الوقت أضحت روسيا قوة رئيسية في الحملة التي نظمتها الدول الأوروبية التي هزمت نابليون.
بعد عودته من روسيا واجه نابليون حلفًا عدائيًا من النمسا وإنجلترا وروسيا وبروسيا والسويد، وفي أكتوبر 1813م اشتبك الطرفان في ليبزغ Leipzig ، فهُزم نابليون، وعاد إلى فرنسا، فطارده الحلفاء واستولوا على باريس في مارس من عام 1814م، ثم نفي نابليون وعيّن حاكمًا لجزيزة إلبا Elba الصغيرة جدًا والواقعة في طرف الساحل الشمالي الغربي لإيطاليا، وفي 20 مارس من العام نفسه، دخل نابليون باريس عائدًا من إلبا .
في 18 جوان شن نابليون هجومًا على دوق ولنجتون في واترلو Waterloo ، ونتيجة للتفوق العددي لخصومه تلقى الجيش الفرنسي هزيمة ساحقة،وفي أوت من العام نفسه نفي نابليون إلى جزيرة سانت هيلانة ، حيث توفي في الخامس من ماي 1821م، نتيجة إصابته بالسرطان.
2-2- تداعيات الحروب النابوليونية على العلاقات الدولية
ظهرت هذه التداعيات على النحو التالي:
- ظهور النظام القاري Continental System
كان النظام القاري حصارا اقتصاديا اتخذه نابليون الأوّل في فرنسا وسيلة للحرب الاقتصادية ضد بريطانيا، حيث سعى لخنق تجارة بريطانيا مع باقي أوروبا في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وقد بدأ نابليون هذا النظام بميثاق برلين في 21 نوفمبر 1806م الذي أعلن الحصار الاقتصادي على بريطانيا ،وحظر على السفن البريطانية دخول الموانئ الخاضعة للسيطرة الفرنسية ، ثم توسع هذا الحصار ليشمل السفن المحايدة التي كانت ترسو في بريطانيا وذلك حسب مرسوم ميلانو Milan Decree ،والذي أصدره نابليون في 17 ديسمبر 1807م، انتقامًا من إصدار مجلس الوزراء البريطاني أوامر تقضي بتوقف السفن المحايدة في الموانئ البريطانية لإجراء تفتيش على بضائعها وللحصول على تراخيص قبل التوجه إلى الموانئ الخاضعة للسيطرة الفرنسية،وبرزت هذه الأوامر ضمن عرف بالأمر المجلسيOrder in Council وهي مراسيم أصدرها التاج البريطاني عندما واجهت الأمة البريطانية مسائل جسيمة. وقد أخذت المراسيم هذه التسمية بناءً على نصيحة من مجلس شورى الملك. وقد جاء إصدار بريطانيا لوصايا المجلس عام 1807م ردًّا على تهديد نابليون بحصار الجزيرة الإمبراطورية. وبموجب هذه الوصايا، حاصرت السفن البريطانية الشاطئ الأوروبي ومنعت المراكب التجارية المحايدة من دخول موانئ أوروبا الواقعة تحت سيطرة نابليون.
نص مرسوم ميلانو على احتجاز أي سفينة تنصاع لتلك التعليمات البريطانية، وكان هدفه في هذه المرة أن يمنع السفن البريطانية من استخدام السفن المحايدة في شحن البضائع إلى تلك الموانئ. وكان يأمل من حصاره الاقتصادي لأوروبا أن يسقط بريطانيا.
خاض نابليون حرب شبه الجزيرة في محاولة عقيمة لفرض النظام القاري، وكانت هذه المحاولات سببًا رئيسيًا في أن يخسر روسيا بوصفه حليفًا، وقد كان يريد أن يمنع روسيا من التجارة مع بريطانيا التي كانت عدو فرنسا الأكبر، كما كان يريد أن يوقف توسع روسيا في منطقة البلقان بأخذ الأراضي من الإمبراطورية العثمانية والوصول إلى البحار الدافئة.
رغم أن مرسوم ميلانو زاد من فعالية الحصار النابليوني، فقد عجز نابليون عن فرضه بالشكل الملائم، حيث كان البريطانيون يملكون أقوى الأساطيل البحرية كافة، غير أنه نجح فعلاً في مضايقة القوى المحايدة؛ مما حدا بالولايات المتحدة إلى إصدار قوانين صارمة لحماية تجارتها. لكن نابليون سخر تلك القوانين لمصلحته، حين أقنع الولايات المتحدة بأنه سوف يسحب مرسومه. وبذلك حوّل نابليون السخط الأمريكي تجاه البريطانيين، موجدًا بذلك السبب لحرب 1812م بين الولايات المتحدة وبريطانيا.
- حرب 1812م بين الولايات المتحدة وبريطانيا
كان نابليون يأمل لمدة طويلة في غزو بريطانيا واحتلالها، ولكن في عام 1805م دمر الأسطول البريطاني أسطوله في معركة الطرف الأغر Battle of Trafalgar ، مما اضطر نابليون إلى التخلي عن تسيير جيش عبر القنال الإنجليزي، ولذلك شرع عوضًا عن ذلك في تدمير بريطانيا بالقضاء على التجارة البريطانية. وأصدرت بريطانيا، بدورها مجموعة من الأوامر في مجلس العموم تفرض حصارًا على الموانئ الفرنسية وأي موانئ في أوروبا، أو أي مكان آخر تحت السيطرة الفرنسية.
كان للحصارين البريطاني والفرنسي آثار مدمرة على سفن الولايات المتحدة، وكانت سفن الولايات المتحدة تأخذ البضائع إلى بريطانيا وفرنسا، وزادت قيمة التجارة المحمولة أربعة أضعاف من عام 1791 إلى 1805م. ثم تغيّر الحال فجأة، وكان على سفن الولايات المتحدة المتجهة نحو الموانئ الفرنسية أن تتوقف أولاً في ميناء بريطاني للتفتيش ولدفع الرسوم، وإلا صادر البريطانيون السفينة، ولكن نابليون أمر السفن المحايدة بعدم التوقف في الموانئ البريطانية للتفتيش وأعلن أيضًا أنه سيأمر قواته بمصادرة أي سفينة من سفن الولايات المتحدة تطيع أوامر مجلس الوزراء البريطاني.
سيطر الأسطول البريطاني على البحار، ولذلك كان أسهل شيء تفعله سفن الولايات المتحدة هو أن تتاجر مع المحايدين الآخرين، أو بريطانيا أو بترخيص بريطاني فقط. وخرقت قلة ممن لديهم روح المغامرة الحصار البريطاني، وذلك من أجل الأرباح الضخمة التي يمكن أن تحققها، واستمرت في التجارة المحفوفة بالمخاطر مع أوروبا القارية. اشتكت الولايات المتحدة من السياستين الفرنسية والبريطانية معًا بوصفهما حصارين على الورق فقط غير قانونيين، إذ أن أيًا من الجانبين لا يستطيع تنفيذ حصار واسع النطاق كهذا عمليًا.
حاولت حكومة الولايات المتحدة القيام بعدة إجراءات مابين عامي 1806 و1810م، لحمل بريطانيا على تغيير سياستها تجاه السفن المحايدة وتجاه المصادرة، فقد حظرت البضائع البريطانية من الأسواق الأمريكية ومنعت الصادرات من الولايات المتحدة إلى بريطانيا، كما حاولت فتح الموانئ الأمريكية للجميع ماعدا السفن البريطانية والفرنسية.
أضرت هذه الإجراءات بالتجارة الأمريكية عبر البحار، فقد دمرت تقريبًا أصحاب السفن في الساحل الشرقي، والمزارعين في الجنوب، وفشلت في تغيير سياسة بريطانيا. وفي نوفمبر 1811م، هيأ رئيس الولايات المتحدة جيمس ماديسون شعبه للحرب.
وفي 18 جوان عام 1812م أعلنت الولايات المتحدة الحرب على بريطانيا. وقبل يومين من ذلك، كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت أنها ستلغي رسميًا أمر مجلس الوزراء، ولكن هذه الأخبار لم تصل أمريكا في الوقت المناسب.
فلو كان هنالك اتصال برقي بين أمريكا وأوروبا، لكان من الممكن جدًا تجنب الحرب.
في أفريل 1813م، استولى الأمريكيون على يورك (تورنتو حاليًا)، عاصمة كندا لفترة قصيرة، وبحلول عام 1814م، كان نابليون قد انهزم في أوروبا، واستطاعت بريطانيا أن ترسل ما يزيد على 15,000 جندي للدفاع عن كندا. وقامت الولايات المتحدة بمحاولة أخيرة للغزو.
انسحبت قوات الولايات المتحدة من كندا. وانتهت المحاولات البريطانية للاستيلاء على نيويورك عن طريق بحيرة شامبلين بتقهقر سريع، عندما حطم أسطول بريطاني في البحيرة، مما هدد خطوط الإمدادات البريطانية عند العودة إلى كندا. نزلت قوة عسكرية بريطانية أخرى في خليج تشيسابيك، واحتُلت العاصمة الأمريكية واشنطن في أغسطس، مشعلة النار في مبنى الكابيتول والبيت الأبيض.
كانت المعركة الأخيرة في الحرب هي معركة نيو أورليانز التي جرت في الثامن من جانفي عام 1815م، ومثلها مثل إعلان الحرب فإن هذه الحرب كان بالإمكان تلافيها لو كان هناك اتصال سريع، فقد وقُعت معاهدة سلام في غنت Treaty of Ghentببلجيكا قبل 15 يومًا من نشوب المعركة.
- مؤتمر فيينا وتسويات مابعد الحروب النابليونية
يمثل مؤتمر فيينا اجتماعا عقد مابين أواخر عام 1814م وأوائل عام 1815م لتسوية النزاعات التي نشأت بسبب الحرب بين فرنسا وبقية دول أوروبا التي استمرت خمسة وعشرين عامًا تقريبًا، حيث قرر المؤتمر كيفية حكم أوروبا إثر الهزيمة الوشيكة للإمبراطور والقائد العسكري الفرنسي نابليون الأول.
لقد حظيت التسوية الواقعية التي تم التوصل إليها في فيينا (النمسا) بقبول واسع، وذلك بفضل مساعدتها في تفادي أي نزاعات أوروبية خلال المائة عام القادمة.
وضع ممثلو الحلف الرباعي المنتصر (النمسا، بريطانيا، بروسيا، روسيا) وممثلو فرنسا المقررات الرئيسية للمؤتمر، وقد أعاد المؤتمر إلى السلطة العديد من ملوك وأمراء أوروبا الذين أزاحهم نابليون من الحكم أو أزاحتهم القوات المتحالفة مع الثورة الفرنسية، وشمل الحكام الذين تم إعادتهم للسلطة ملوك البوربون في أسبانيا، وما يعرف الآن بجنوبي إيطاليا، إضافة إلى حكام عدة مقاطعات في ألمانيا وشمال إيطاليا.
وقد أجاز المؤتمر استيلاء دول الحلف على العديد من الأقطار المغلوبة، فاحتفظت بريطانيا بعدد من المستعمرات التي استولت عليها خلال الحرب، فيما احتفظت روسيا بفنلندا وصربيا ومعظم بولندا، وأعادت النمسا وبروسيا سيطرتهما على الجزء المتبقي من بولندا.
علاوة على ذلك، حاول المؤتمر الحد من قوة فرنسا عن طريق إنشاء دول قوية على حدودها. فمثلاً أنشأ المؤتمر مملكة هولندا على حدود فرنسا الشمالية، وذلك بضم بلجيكا وهولندا ولوكسمبرج، واستحوذت بروسيا على الأراضي الألمانية التي تقع على الحدود الشرقية لفرنسا، أما النمسا فقد حظيت بمقاطعات رئيسية في شمال إيطاليا.
لقد انتقد المؤرخون مؤتمر فيينا بشدة بسبب تجاهله للشعور القومي والديمقراطي القوي لمعظم شعوب أوروبا، ذلك الحس الذي ساهم في اندلاع الثورات المنادية بالديمقراطية في العديد من الدول الأوروبية في الفترة من 1830 - 1848م، كما ساهم في قيام الحركات القومية في ألمانيا وإيطاليا. ورغم ذلك، أثنى بعض مؤرخي القرن العشرين على مؤتمر فيينا لإيجاده توازنًا قويًا في أوروبا وعدم معاملته فرنسا المنهزمة بقسوة.
تلى مؤتمر فيينا مؤتمر آخر هو مؤتمر أكس لاشابيلAix-la-Chapelle Congress of، والذي عقد في آخن أكس لاشابيل في ألمانيا عام 1818م بهدف حفظ السلام، الذي أقره مؤتمر فيينا، وكانت أوروبا تناضل لحل المشاكل التي خلقتها الحروب النابليونية. وحتى عندما نُفي نابليون إلى جزيرة سانت هيلانة، لم يؤد ذلك إلى إنهاء مخاوف الدول الأخرى من فرنسا، وفي هذا المؤتمر أقنع الوفد الفرنسي الأوروبيين بأن فرنسا سوف تحافظ على السلام
ناقش المؤتمر أيضًا سبل وقف تجارة الرقيق وإقناع مستعمرات أسبانيا في أمريكا بقبول الحكم الأسباني، كما تعرف إلى مسألة القرصنة في المتوسط والإتاوات التي كانت تفرضها الجزائر آنذاك على الأساطيل الأوروبية.
- نشأة الحِلْف المقدّس Holy Alliance
عبر الحلف المقدس عن اتفاق وُقِّع في باريس في سبتمبر عام 1815م بعد أفول قوة نابليون ، وكان مولد فكرة الحلف على يد ألكسندر الأول قيصر روسيا. وكان أول من وقَّعه فرانسيس الأول إمبراطور النمسا وفريدريك وليم الثالث ملك بروسيا. كذلك وقعه كل حكَّام أوروبا باستثناء ألمانيا وملك بريطانيا، والسلطان العثماني.
وقد استهدف الحلف أساسًا تجميع ملوك أوروبا في أخوة مقدسة لنشر المبادئ النصرانية. ونص الاتفاق على أنه وفقًا لتعاليم المسيح، لابد أن تكون مبادئ الخير والعدل والسلام هي أساس العلاقات الدولية عند كل حاكم.
كثيرًا ما يخلط الناس بين الحلف المقدس والحلف الرباعي بين النمسا وبروسيا وروسيا وبريطانيا الذي عقد عام 1815م. وكان الهدف من الحلف الرُباعيّ صيانة السلام في أوروبا، ولكن سرعان ما اهتم الحكام النمساويون والروس والبروسيُّون بجعل أوروبا ساحة للحكم الاستبدادي.
انسحبت بريطانيا من الحلف وأخمد الحكام المستبدون الثورات الديمقراطية عام 1820م.
- دور المستشار في البناء الأوربي ما بعد نابليون
يعتبر ميترنيخMetternich : 1773- 1859م. سياسيا ورجل دولة نمساوي، شغل منصب وزير خارجية النمسا في الفترة ما بين عامي 1809 إلى 1848م، وكان من أبرز رجال الدولة في معظم تلك الفترة التي تسمى في التاريخ الأوروبي عصر ميترنيخ.
كان ميترنيخ سياسيًا محافظًا استخدم نفوذه لحماية الإمبراطورية النمساوية، ولدعم الحكومات في مناطق أخرى ضد الاضطرابات الشعبية، حاول ميترنيخ المحافظة على توازن القوى في أوروبا، وأدى دورًا رئيسيًا في مؤتمرات القادة الأوروبيين، بدءًا بمؤتمر فيينا (1814 - 1815م) . وقد شجع السلطات الأوروبية على قمع النشاطات التحررية والوطنية.
أدت الثورة في أوروبا خلال عام 1830م إلى إضعاف نفوذ مترنيخ بعض الشيء، غير أنه استخدم رقابة صارمة في محاولة لمنع انتشار الأفكار الثورية في النمسا، إلا أنه سرعان ما انطلقت الثورة في فرنسا مجددا في عام 1848م، وسرعان ما انتشرت في النمسا وباقي دول أوروبا، فأجبر على الاستقالة في شهر مارس 1848م وهرب إلى إنجلترا.