منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Empty
مُساهمةموضوع: الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات   الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2012 6:16 pm


الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات

يعتبر مشروع جنوب شرق الأناضول الغاب التركي ثامن أضخم مشروع في العالم واكثرها كلفة, لكنه اكثر المشاريع جدلاً في واقع الحياة السياسية والإقتصادية التركية(1), ليس بسبب بعده الاقتصادي الضخم وكلفته المرتفعة جداً, وإنما بسب بعده السياسي الإشكالي. فهذا المشروع سوف يمكّن تركيا في نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة, أي عند انتهاء المشروع, من التحكّم كلّية بمياه دجلة والفرات, على اعتبار أن لهذين النهرين أهمية وجودية بالنسبة لسورية والعراق.
والآراء حول بعده السياسي الإشكالي, وحتى حول تداعياته الجيوسياسية الأمنية كثيرة, والحديث عن الشراكة الإسرائيلية في المشروع يصمّ الآذان, فهناك أطراف تركية معنية بأن تروّج أن البعد الإسرائيلي في المشروع مجرد وهم, ومقابل ذلك تتحدث اطراف تركية اسلامية عن التأثير والبعد الإسرائيلي في هذا المشروع باهتمام بالغ, ويذهب البعض منهم في تحليلاته بعيداً, إلى درجة اعتبار المشروع (بما وصل اليه من تدخل اسرائيلي) جزءاً من المخطط الصهيوني الكبير الذي يسعى لتحقيق دولة اسرائيل من الفرات إلى النيل(2).
وما تجمع عليه الأطياف السياسية التركية كافة, هو أن انكار الوجود الإسرائيلي في منطقة جنوب شرق الأناضول يشبه تغطية قرص الشمس بغربال. فإسرائيل اصبحت موجودة هناك بقوة, وهو ما تؤكده الوثائق الرسمية وتصريحات المسؤولين الأتراك. ومهما يكن, فإن لتنامي الوجود الإسرائيلي وكذلك الاستثمارات الإسرائيلية في مشروع جنوب شرق الأناضول تأثيرات وتداعيات كبيرة ومختلفة على المنطقة العربية ولا سيما دول الجوار التركي.

1­- ماهية مشروع جنوب شرق الأناضول “GAP”؟

يمتد مشروع جنوب شرق الأناضول على المنطقة التي تشمل محافظات: “اضي يمان” “باطمان”, “ديار بكر”, “غازي عينتاب”, “لكس”, “ماردين”, “سيرت” و”شانلي ادرنة”. يحدّ هذه المنطقة من الجنوب سورية ومن الشرق والجنوب العراق وتبلغ مساحتها 75385 كلم2 وتشكل نسبة 9.7% من مساحة تركيا, كما تشكل 20% من مجموع الأراضي الزراعية والتي تبلغ مساحتها نحو 8.5 مليون هكتار, وهي السهول الواسعة في حوض الفرات ودجلة الأدنى, وتسمى هذه المنطقة بالهلال الخصيب أو ما بين النهرين العليا, وهي منطقة معروفة بمهد الحضارة في تاريخ الإنسانية ,وشكّلت طوال العصور جسر عبور بين منطقة ما بين النهرين والأناضول.
كان مشروع جنوب شرق الأناضول الذي يرمز اليه الاحرف الثلاثة الأولى من الكلمات التركية المشكلة لاسمه(Guneydogu Adulu Projes-GAP) في مطلع السبعينات, مشروع ري وتوليد طاقة كهربائية, لكنه تحول مع مطلع الثمانينات إلى مشروع اقتصادي تنموي اقليمي متعدد القطاعات, يشمل قطاعات الري وتوليد الطاقة, ومشاريع الهيدروكهرباء والزراعة والبنية التحتية الريفية والمدينية والتحريج, والتربية, والصحة, ووضعت في حينه خطط لبناء 22 سداً ضمن استثمار مصادر المياه, وتسعة عشر مركزاً هيدروكهربائياً, وشبكة ري تروي مساحات تصل إلى 1.7 مليون هكتار من الاراضي الزراعية, وبلغت كلفته الاجمالية 32 مليار دولار, كما بلغت قوة مجموع مراكز الطاقة للمشروع 7476 ميغاواط, وهذا يعني انتاجاً سنوياً من الطاقة يبلغ 27 مليار ميغاوات­ساعي (GWH) .(3)

2­- بدء المشروع
تُرجع السلطات التركية هذا المشروع إلى بدايات تأسيس الجمهورية التركية, وتعتبر ان البداية الحقيقية له تمثّلت بالقرار الذي اتخذه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال اتاتورك بالاستفادة من مصادر المياه على نحو منظم. فبعد أن اقيمت شركة شؤون الكهرباء في عام 1936 بأمر منه, بدأت الشركة بأعمال مكثفة في مشروع سد “كيان” وأقامت المزيد من المحطات لرصد ومراقبة مياه الفرات. وفي عام 1938 بدأت أعمال المسح الجيولوجي والطبوغرافي في خليج “كيان” ونفذت شركة ادارة شؤون الكهرباء أعمال سبر في نهري دجلة والفرات, ونتجية للاحتجاجات الجديدة تأسست المديرية العامة للمياه عام 1954, وقسّمت تركيا إلى 26 حوضاً مائياً في عام 1961, واقيمت في ديار بكر دائرة تخطيط الفرات. وفي عام 1964 اعدت الدائرة تقريراً حول استطاعة حوض الفرات في ميدانَي الري والطاقة. وفي عام 1966 اعدت تقريراً آخر اسمته تقرير كشف الفرات الادنى. وفي عام 1977 توضّح الشكل النهائي للمشروع الذي سيستفاد خلاله من حوضي الفرات ودجلة, واطلق علىه اسم “مشروع جنوب شرق الأناضول” وأحيل عام 1986 إلى هيئة تخطيط الدولة, وأوكلت الحكومة التركية لهذه الهيئة مهمة الاشراف الفعلي على تنفيذه وتنسيق جميع الفعاليات الخاصة به وتوجيهها.
وفي 6 تشرين الثاني عام 1986, صدر قرار بحكم القانون بتأسيس ادارة تنمية جنوب شرق الأناضول, وأوكلت لهذه الإدارة مهمة التخطيط واقامة البنى التحتية والترخيص والاسكان والصناعة واستخراج المعادن والزراعة والطاقة والنقل, ويترأس هذه الإدارة رئيس الحكومة أو من ينوب عنه من الوزراء, ثم عُيّن فيما بعد وزير لشؤون جنوب شرق الأناضول(4).

3­- أهمية المشروع الإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل:
إلى جانب الأهمية الاستراتيجية على المستوى الجيوسياسي للمشروع, فان نوعية المحاصيل التي ستنتج فيه تكسبه أهمية استراتيجية كبيرة, وأهم هذه المحاصيل:
­ الصناعات المعتمدة على القمح: طحين, معكرونة, برغل, شعيرية.
­ الصناعات المعتمدة على القطن: غزول, مختلف انواع الانسجة, البسة.
­ صناعة زيوت الطعام ­مصافي زيوت الطعام.
­ علف الحيوان.
­ صناعات المنتجات الحيوانية: فراء وجلود, منتجات اللحم, مشتقات الحليب, والصناعات الجلدية.
­ صناعة مواد البناء: مساكن مسبقة الصنع, بلوك وقرميد, انابيب ري وصرف صحي.
­ صناعات اخرى, طباعة, مواد تغليف وتعبئة(5).
وإضافة إلى أهمية المنطقة التي يقوم عليها المشروع بالنسبة لإسرائيل من الناحية الاستراتيجية, فان كثيراً من هذه المواد المنتجة تشكل مركز جذب واستقطاب للشركات الإسرائيلية الحكومية والخاصة. وقد نُشر تقرير اسرائيلي يبيّن أهمية المشروع الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل على مستويات عدة جاء فيه: تتوقع وزارة الزراعة الإسرائيلية زيادة سكانية في اسرائيل بنسبة 42% في الفترة الممتدة حتى عام 2020 ليصل تعداد سكانها إلى 8.5 مليون نسمة, وبحسب هذا فان توسيع المدن من اجل سدّ الحاجة لمساكن جديدة سيستهلك 18% من الأراضي الزراعية في اسرائيل. واذا وضع بالحسبان أن اسرائيل تستخدم 700 مليون م2 من المياه في الزراعة, فإنها لن تستطيع يومها استخدام هذه الكمية في الزراعة, ويستنتج بالتالي أن اسرائيل ستعاني مستقبلاً من مشكلات حقيقية على صعيد الانتاج الزراعي. وبحسب الخبراء فان زيادة الانتاج الزراعي ستكون موازية للحد الادنى من الزيادة السكانية. فلدى اسرائيل اليوم 360 الف هكتار من الأراضي الزراعية, ولكنها في السنوات القليلة القادمة, ومع تراجع المخزون المائي لديها, لن تستطيع سد حاجة الاستهلاك الداخلي(6).
وما هو معروف أن بناء المستوطنات وتوسيعها في اسرائيل يرتبط ارتباطاً عكسياً بالانتاج الزراعي, أي انه كلما اتسع حجم الاستيطان يتقلص حجم الأراضي الزراعية, ومع زيادة المستوطنات والمستوطنين, يتقلص حجم الأراضي الزارعية ويزداد النقص في المياه المستخدمة في القطاع الزراعي. ومن هنا, تولي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أهمية استراتيجية كبرى للاستثمار في مشروع جنوب شرق الأناضول وابراز الدور الإسرائيلي فيه إلى درجة تحقيق نوع من الهيمنة على بعض مشاريعه الرئيسية, وهو ما يفسّر اندفاع غالبية الشركات الإسرائيلية الى شراء اراض في المشروع تمتلكها الدولة التركية(7).

4­ بدايات الاستثمار الإسرائيلي في المشروع:
وفق دراسة حول المشروع نشرتها مجل “تايم” الاميركية (عددها الصادر في 24/1/1994) اعتبرته المشروع الثامن عالمياً من حيث الضخامة. وعندما باشرت السلطات التركية تنفيذ هذا المشروع, لم يكن لديها الامكانيات المالية الكافية لتمويله, وهو ما جعلها تعاني كثيراً في استكمال مراحله الأولى. وتركيا باعتبارها دولة تعاني من مديونية مرتفعة, وينصبّ جزء كبير من ميزانيتها لتسديد ديونها الخارجية, فهذا سوف يساهم في تدني انفاقها على المشروع بشكل ملحوظ. ويبيّن الجدول التالي المبالغ المخصصة للاستثمار في المشروع مقابل ما خصّص للاستثمار في الاعوام ما بين 1990 - ­2001(Cool.
(خُصص الاستثمار في مشروع “الغاب” بمليارات الليرات التركية حسب اسعار عام 2001).

النسبة المؤية المبلغ المخصص المبلغ المخصص السنوات
للاستثمار في المشروع للاستثمار في العام الواحد

8.1 512.737 6.310.843 1990
8.5 504.833 5.903.000 1991
7.3 449.5.6 6.121.745 1992
7.6 442.643 5.876.684 1993
7.5 344.505 4.575.942 1994
7.2 238.396 3.310.644 1995
6.9 289.427 4.100.157 1996
7.7 347.843 4.522.548 1997
6.6 436.7773 6.568.583 1998
5.9 351.250 5.986.140 1999
7.2 498.405 6.967.900 2000
4.9 333.887 6.887.000 2001

يستنتج من المعطيات التي يتضمنها الجدول, أن هنالك انخفاضاً تدريجياً بالانفاق العام على المشروع باستثناء عامي 1997 و 2000, بينما كان حجم الانقاق الاجمالي في ميدان الاستثمار عام 1995 في ادنى مستوياته, لكن النسبة المخصصة لهذا المشروع كانت معقولة مقارنة مع السنوات الاخرى. ويورد تقرير قدمته ادارة مشروعسGAPس إلى رئيس الحكومة التركية السابق “بولند اجاويد” بانه في حال عدم زيادة الاستثمار في المشروع فان الأهداف العولمية للمشروع ستتحقق بعد 29 عاماً, ولا يمكن تحقيق الأهداف الزراعية أيضاً إلا بعد 83 عاماً.. ويفيد التقرير بأن ادارة المشروع ابلغت رئيس الحكومة بان المشروع يعاني ازمة مالية خانقة, واكدت بانه قد تراجع إلى مستويات ادنى بكثير مما كان عليه عام 1990. واكد التقرير كذلك على وجوب زيادة حجم الاستثمارات في المشروع بمعدل ثلاثة اضعاف ما هو عليه الآن, حتى يتسنى له أن يستكمل بعض مراحله عام 2001. وطالب التقرير بتخصيص مبلغ ملياري دولار إضافية سنوياً على وبلغت كلفة الاستثمار المتوقعة في مشروع جنوب شرق الأناضول 32 مليار دولار, وانفق على المشروع حتى نهاية عام 1997 مبلغ 12.87 مليار دولار وكانت غالبية هذه الاموال رؤوس اموال وطنية.
وتعترف ادارة الشركة بانه حتى عام 1967 كانت مساهمة الدولة التركية في المشروع هي الاكبر, وقد بلغت رؤوس الاموال الاجنبية المساهمة فيه نحو 12.8 مليار دولار. وبحسب تقرير ادارة المشروع فان الشركات والهيئات الدولية التي ساهمت بدعم المشروع مالياً هي على النحو التالي:
­ برنامج التنمية التابع لهيئة الأمم المتحدة (UNDP)


­- البنك الدولي (IBRD)

-­ الاتحاد الأوروبي (EU)

-­ منظمة الزراعة والغذاء التابعة للامم المتحدة (FAD)

-­ مجلس المياه العالمي (WWC)

-­ وزارة الزراعة والتنمية الريفية الإسرائيلية.

­- وزارة التعاون والتنمية الزراعية الإسرائيلية(CINADCO)

-­ وزارة الخارجية الإسرائيلية

­- مركز التعاون الزراعي الدولي الإسرائيلي (MASHAV)


يتبين من خلال استعراض اسماء هذه المؤسسات أن خمساً منها هي دولية, تقدم قروضاً بفوائد, وفي مقابل ذلك هناك اربع جهات غير دولية بالمعنى الحقيقي, وهي جهات إسرائيلية رسمية وغير رسمية, وهو ما يشير إلى إلى أن اسرائيل هي اول دولة في العالم وجدت طريقاً لهذا إلى هذا المشروع الضخم والخطير قبل عام 1997.
ومع دخول برنامج التنمية المستدامة في مشروع “الغاب” بالمشاركة مع برنامج التنمية التابع للامم المتحدة عام 1997, بدأت المؤسسات الدولية تكثيف مساهمتها في المشروع, وثم أخذت بعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية, وكندا وفرنسا واسرائيل اضافة الى البنك الدولي وبعض مؤسسات الاقراض الدولية بالمساهمة في تمويل مشروع جنوب شرق الأناضول. واضافة إلى هذا فقد حصلت ادارة المشروع على هبات وقروض مجانية بمقدار 2.9 مليون دولار من مؤسسات التمويل الدولية التالية:

­- وكالة التجارة والتنمية الاميركية(USTDA) ومعهد الصحة الوطني الامريكي (USNHI).

­- وكالة التنمية الدولية الكندية (CIDA).

­- الحكومة الفرنسية.

­- صندوق مساعدة الاطفال التابعة للامم المتحدة (UNICEF).

­- شركة نان(NAAN) - وشركة نتيفيم(NATIVIM) وشركة (FITTERATION) الإسرائيلية.
­
- شركة S-SMITH وشركةWinglield Mieroirrgation الاسترالييتين.

-­ البنك الدولي (IBRD).

وهكذا نلاحظ أن الشركات والمؤسسات الحكومية والوزارية الإسرائيلية قد استفادت من أزمة التمويل التي تعاني منها تركيا للاستمرار في هذا المشروع, فقدمت اسرائيل رسمياً بعض الهبات الصغيرة من اجل أن يكون لها دور مستقبلي في استثمار المشروع. ولم تقتصر المساهمات الإسرائيلية على المنح الصغيرة فحسب, بل تخطّتها إلى تقديم قروض كبيرة وطويلة الأمد, عبّرت عن ذلك جريدة “جمهورية” التركية بقولها: دخل الاجانب على خط مشروع “الغاب” من اجل تجاوز ازمة التمويل التي يعيشها, وقد تم التوقيع على اتفاقية مع كل من اسبانيا واسرائيل لتغطية بعض أعمال المشروع, اذ بلغ القرض الإسرائيلي 165 مليون دولار, ليستخدم في ري 18322 هكتاراً من الأراضي الزراعية في سهل “ياي لاق” وسوف ينتهي هذا المشروع في شهر نيسان من عام 2005.

5­ - الاهتمام الإسرائيلي:

بدأ الاهتمام الإسرائيلي الجدي بالمشروع وسعي السلطات الإسرائيلية للحصول على مزيد من المكاسب في منطقة جنوب شرق الأناضول, وتوجّهت اسرائيل إلى شراء الأراضي هناك, بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي “عازر وايزمان” لتركيا عام 1988 اذ هو خصص جزءاً كبيراً من زيارته للبحث في مسالة الاستثمار الإسرائيلي في المشروع.
وبقيت البعثة الفنية المرافقة لوايزمان تعمل في منطقة المشروع, واعدت تقارير موسعة ارسلتها إلى السلطات الإسرائيلية المعنية, وتسارعت عملية شراء الأراضي على اثر ذلك(12). وقد اعتبر كثيرون من المراقبين الإسرائيليين والاتراك أن زيارة وايزمان إلى تركيا شكّلت تحولاً كبيراً في العلاقات التركية­الإسرائيلية ومنعطفاً إيجابياً في سير المشروع. وتدعم الدور الإسرائيلي في المشروع إتفاقية وقعتها تركيا مع إسرائىل برعاية وزير خارجيتها في ذلك الحين “حكمت تشيتن” بانشاء مجلس عمالة تركي­اسرائيلي مشترك عام 1992. ثم تكثفت بعد ذلك الزيارات الرسمية التركية إلى اسرائيل, فزارها عدد من المسؤولين الاتراك الكبار, مثل رئيس الجمهورية سليمان ديمريل ووزير الخارجية اسماعيل جم ورئيس هيئة الاركان العام اسماعيل حقي قرضاي. ومن الملفت للانتباه أن وزير الزراعة التركي في ذلك الحين رافق جميع هؤلاء المسؤولين في زياراتهم إلى اسرائيل. فقد وقع الرئيس التركي السابق ديميرل اربع اتفاقيات مع اسرائيل دخلت جميعها حيّز التنفيذ وكلها اتفاقيات اقتصادية ساهمت في تسهيل الاستثمار في تركيا عموماً وفي منطقة جنوب شرق الأناضول خصوصاً وهذه الاتفاقيات هي:
­ اتفاقية تجارة حرة ودخلت حيز التنفيذ في 1/5/1997.
­ اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والصناعي والتقني والعلمي (دخلت حيز التنفيذ في 23/12/1997).
­ اتفاقية التشجيع المتبادل للاستثمار وحماية المستثمرين (دخلت حيز التنفيذ في27/8/1998).
اضافة إلى هذه الاتفاقيات تمّ التوقيع عل اتفاقية خامسة وهي “اتفاقية التعاون الجمركي”, واتفاقية سادسة لم تتم المصادقة عليها حتى الآن, وهي إتفاقية التعاون في مجال الطب البيطري.
ومع توالي زيارات المسؤولين الإسرائيليين إلى تركيا, لم يغب عن جدول اعمالهم مشروع جنوب شرق الاناضول وحول هذا الموضوع يقول ياسين ياعجي: في 28 آب عام 2000 كان ضيف انقره ايهود باراك, وعلى الرغم من ادعاء باراك أن سبب زيارته لتركيا هي السلام في المنطقة, لكنه لم يتوانَ عن القول خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في انقرة:" نحن سنطلب ستة تعهدات في منطقة جنوب شرق الأناضول(13)". وأكد الصحافي اليهودي التركي سامي كوهين أن الهدف الاساسي لزيارة باراك هو الاستثمار في مشروع “الغاب”. واعلن شمعون بيريس وزير خارجية اسرائيل الأسبق خلال زيارته لتركيا عن اهتمام اسرائيل البالغ بمشروع جنوب شرق الأناضول عندما قال: يمكن لإسرائيل أن تقدم قروضاً كبيرة لتركيا لتنفقها على مشروع جنوب شرق الأناضول. وبالطبع فان تقديم الحكومة الإسرائيلية قروضاً لانفاقها على هذا المشروع لا بد أن يكون له مقابل, اذ قال بيريس في المؤتمر الصحفي نفسه بانه سيشرح لوزير الدولة التركي لشؤون الاقتصاد كمال درويش انه في حال الموافقة على سبعة مشاريع في جنوب شرق الأناضول فستحصل تركيا على قرض بمبلغ 700 مليون دولار. وجاء في الخبر الذي نقل حديث بيريس بان الحكومة التركية وافقت على احد المشاريع وهي بصدد مناقشة المشاريع الستة الاخرى(14).
ولم يقتصر الاهتمام الإسرائيلي الرسمي بالمشروع على بحثه بين كبار مسؤولي البلدين, بل لقد توسّط كبار المسؤولين الاسرائيليين لدى الحكومات التركية للحصول على امتيازات استثمارية معيّنة في المشروع اذ قدمت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة مساعدات في ميادين اخرى ذات علاقة مباشرة بالمشروع من اهمها: التأهيل والتدريب وترتيب زيارات منتظمة لوفود فنية وتقنية بين البلدين كان اهمها مشاركة هيئة مؤلفة من ست عشرة شخصية من منسقي تنمية مشروع جنوب الأناضول بينهم المدير العام لادارة المياه والمدير العام للخدمات الريفية “مشرف الدين حمدي” في ندوة تدريبية عقدت في اسرائيل بناء على دعوة من الحكومة الإسرائيلية واشرف عليها مركز التعاون والتنمية الزراعي ومركز التعاون الدولي الإسرائيلي, واقيمت الندوة في كيبوتس شافيم(15). وتلعب الشركات الإسرائيلية والمراكز الخاصة دوراً مهماً في المشروع, فهي إلى جانب مساهمتها في التدريب والتأهيل وتقديم الاستشارات, تسعى لحضور متميز في النشاطات والفعاليات المتعلقة بالمشروع. وقد حرصت على عرض تقنيات خاصة ومميزة في المعرض الزراعي الدولي “غرور غاب” عام 1999(16). وبرزت في هذا المجال شركتا (Tahal) و (zinkel) . وما يجدر ذكره أن هاتين الشركتين, اضافة إلى المركزين الحكوميين الاسرائيلييين (CINDACO) و(MASHAV) لم يكونا من اوائل الشركات الإسرائيلية المستثمرة في المشروع, لكن ما هو معروف عن مثل هذه الشركات والمؤسسات ارتباطها الوثيق بجهاز الموساد (المخابرات الإسرائيلية الخارجية) كما أن لدى الموساد خبراء زراعيين في مجالات شتى للاستفادة منهم, باعتبار أن هذا السلوك كان متبعاً في افريقيا خلال الستينات والسبعينات. وقد بدأ قسم كبير من هؤلاء الخبراء الذي عملوا في افريقيا (السودان وكينيا واثيوبيا) بالتوافد على تركيا والعمل في مشروع “الغاب”. وتقول صحيفة “افرات سال” التركية حول هذا الأمر: اثناء عمل الموساد في افريقيا كان عملاؤه يعيشون تحت ألقاب مهندسين وخبراء زراعيين, ويرسَلون إلى افريقيا تحت عنوان التعاون الزراعي, الأمر الذي يثير شكوكاً كبيرة حول وجود اعداد كبيرة منهم في منطقة المشروع اليوم(17).

6­- اسرائيل وشراء الأراضي في منطقة المشروع:
يعتبر شراء الدول الاجنبية أو المواطنين الاجانب اراضٍ في مناطق تركية حساسة امراً صعباً, وشراء الأراضي في منطقة مشروع “الغاب” يرتبط بهيئة الأمن القومي التركية نظراً لحساسية المنطقة وابعادها الاشكالية مع دول الجوار. وبحسب السائد تقدم طلبات شراء الأراضي الى المديرية العامة لإصلاح الاراضي, التي تحيلها إلى السكرتاريا العامة لهيئة الأمن القومي. وهذه تطلب تقارير امنية حول صاحب الطلب من جميع أجهزة المخابرات القومية, ليحال الطلب بعد ذلك إلى المديرية العامة للامن لإقرار الموافقة على الطلب أو رفضه(18).
ورغم ذلك فما يلفت الانتباه هو ما تتناقله الصحف ووكالات الانباء التركية حول اتساع ظاهرة شراء الأراضي في مشروع جنوب شرق الأناضول من قبل شركات ومؤسسات إسرائيلية حتى أن مثل هذه الظاهرة قد تمت مناقشتها في البرلمان التركي عندما جرى توجيه اسئلة لأعضاء حكومة ائتلاف احزاب اليسار الديمقراطي, والوطن الام, والطريق الصحيح لمعرفة صحة وحجم هذه الظاهرة.
وجاء رد ويزر الدولة التركي لشؤون المشروع “صالح يلضدروم” على شكل اعتراف مبطن عندما قال: تسير علاقات التعاون مع الحكومة الإسرائيلية في ما يتعلق بمشروع “الغاب” وفق الاتفاقية المعقودة بين البلدين, وتتعاون ادارةال مشروع مع الشركات الإسرائيلية لأنها تمتلك تفوقاً تقنياً في مجالات عدة(19) وحول تدخل الجهات التركية المسؤولة لتسهيل عمل الشركات الإسرائيلية في المشروع تقول صحيفة “ارغور بوليتكا” حول التسهيلات الحكومية التي منحت للشركات الإسرائيلية عام 1999: بحسب المعلومات التي تم الحصول عليها من ادارة المشروع فان رجال الاعمال والمستثمرين الإسرائيليين موجودون في انقرة منذ الأول من آذار, وان كثيراً من هؤلاء قد تقدموا بطلبات إلى مراكز الاستثمارات التركية(GIDEM) للحصول على حصص واستملاك اراضٍ في المشروع, وحين يواجهون مصاعب أو معوقات تتحرك ادارة المشروع اثر هاتف من رئاسة الحكومة, ويعود المستثمرون ورجال الاعمال الإسرائيليون إلى مزاولة اعمالهم في المشروع بصورة طبيعية(20). وفي تقييم للعلاقات الاقتصادية التركية­الإسرائيلية وحجم المشاركة الإسرائيلية في المشروع, أورد موقع الانترنت الخاص بمركز دعم المستثمرين التابع لبرنامج هيئة الأمم المتحدة التنموي: “ازداد مؤخراً اهتمام رجال الاعمال والشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة الإسرائيلية بالسوق التركية عامة وبمشروع جنوب شرق الأناضول خاصة واتسعت مجالات التعاون والتبادل التجاري التي تأتي بناء على مبادرة من الجانب الرسمي التركي لتمكين الشركات والمؤسسات الإسرائيلية من استملاك بعض اراضي هذا المشروع(21).
وللتغلب على المصاعب والمعوقات التي تواجه الشركات والمؤسسات الإسرائيلية في المشروع, أوجدت الحكومة الإسرائيلية طريقاً احتياطياً لاستملاك الاراضي من خلال اقامة شركات تركية وأخرى تركية­إسرائيلية مشتركة, والحديث عن هذه الشركات يكثر هذه الايام في الاوساط الإعلامية التركية. وفي ميدان الشراكة التركية­الإسرائيلية يبرز اسم مجموعة كوتش الاقتصادية التركية, وهي واحدة من الامبراطوريات الاقتصادية العملاقة التي تُنتج مختلف البضائع من السيارات بانواعها إلى مشتقات الحليب بانواعها أيضاً إلى أدوات النقل والالكترونيات. وقد أسست هذه المجموعة شركة تركية­إسرائيلية تحت اسم “اتا” بالتعاون مع بعض الشركات الإسرائيلية الكبيرة. ويشير بعض الخبراء الاقتصاديين الاتراك باصابع الاتهام إلى مجموعة “كوتش” على أنها شركة إسرائيلية ­يهودية تركية(22).
ومن بين الاسماء الهامة التي يتردد ذكرها في وسائل الإعلام التركية في الاطار نفسه إسم “اوزاير غاريه” رجل الاعمال اليهودي التركي الذي يمتلك جميع اسهم شركة(ALARKO). وقد وضعت شركته حجر الاساس لاكبر المشاريع في منطقة جنوب شرق الأناضول واعلن “اشق بيران” مدير عام الشركة بانه اضافة إلى شركتهم, هناك اربع شركات عملاقة في ميدان الصناعات الغذائية, ولم يحدد اسماء أو جنسية هذه الشركات لكن وكما ذكرت بعض المصادر التركية فإن معظم هذه الشركات اسرائيلي أو اميركي أو هولندي­اسرائيلي مشترك, حيث بلغت كلفة المشروع الذي تقوم هذه المجموعات بتنفيذ نحو 5.5 مليار دولار اميركي, وبلغت مساحة الأرض التي يقوم عليها المشروع نحو 25 الف دونم(23).
وهناك شركات تركية­إسرائيلية مشتركة لكنها اقل تأثيراً وفعالية من تلك المجموعات الضخمة التي اصبحت تهيمن على اكثر المشاريع أهمية في منطقة “الغاب” مثل شركة(Tahal j.consuting Eng) وشركة (Anta-iacic).

7­- تداعيات الشراكة التركية­الإسرائيلية في مشروع “الغاب”:
أ­ - سياسياً
المشاريع المشتركة في منطقة “الغاب” وبيع المياه التركية لإسرائيل, والتعاون العسكرية الاستراتيجي التركي­الإسرائيلي, ثلاثة أوجه من العلاقات السياسية بين الطرفين, لكل منها تداعياته واستحقاقاته التركية محلياً واقليمياً ودولياً ويأتي الاهتمام الإسرائيلي بمشروع “الغاب” في المنظور السياسي الاستراتيجي, من باب التدارك الإسرائيلي لمجمل التحولات الكبرى التي اجتاحت المنطقة والعالم, والخلل الهائل في الموازين لصالح الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل, وانعكاس ذلك على تركيا عندما تمّ التعبير عنه خلال مؤتمر مدريد, والدعوة على اثر ذلك لاقامة نظام شرق أوسطي جديد على قاعدة الرؤية الاستراتيجية الاميركية للمنطقة التي دعت إلى قيام نظام اقليمي شرق اوسطي يرتكز على ثلاثة دعائم إقليمية هي: اسرائيل وتركيا ومصر.
ويمكن اعتبار بيان 10 نيسان عام 1996 الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية التركية كافياً للتعبير عن ذلك, وقد وزعته في واشنطن نيابة عن حكومة انقرة مستشارتها لشؤون العلاقات الخارجية مؤسسه فلايشمان­هيلارو وهو يشرح آفاق وطبيعة التعاون السياسي­الاقتصادي­العسكري التركي الإسرائيلي(24), ويدعم الجهود الاميركية لارساء قواعد التسوية لقضية الشرق الاوسط, ويمهد الطريق أمام إقامة شرق اوسط جديد, ويعتبر ذلك مؤشراً على سعي الحكومة التركية حينذاك الى تعزيز دورها وقيمتها الاستراتيجية عن طريق تشكل الشرق الاوسط مجدداً. غير أن التركيز على التحالف التركي­الإسرائيلي ودعمه أميركياً, وسعي اسرائيل للالتفاف على الدور المصري ومصادرته, أثارا العديد من ردود الأفعال المصرية والعربية, وبالتالي اعتبر هذا التحالف منطوياً على تهديدات للمصالح العربية وللعلاقة العربية التركية عامة. إلا أن الأهم من ذلك كله هو ردود الأفعال التركية الداخلية التي تمحورت حول منافع هذا التحالف ومضاره على المستوى القومي والاستراتيجي التركي؛ ففي حين اعتبرت القوى والاحزاب الدينية التركية أن التحالف التركي­الإسرائيلي هو خيانة للدول الإسلامية والعربية الشقيقة على حد تعبير “اربكان” رئيس الحكومة الأسبق رأت فيه المؤسسة العسكرية التركية وبقية الاحزاب العلمانية في البلاد أحد العوامل الهامة التي قد تعزز قيمة تركيا الاستراتيجية لدى الولايات المتحدة الاميركية بعد الحرب الباردة, ممهداً الطريق امامها لدخول الاتحاد الأوروبي.
ورغم الجدل التركي الداخلي بشأن العلاقات التركية­الإسرائيلية وطبيعتها الاستراتيجية على المستوى السياسي(25), فان التوقيع على مجموعة الاتفاقيات السياسية­الاقتصادية­العسكرية­الأمنية بين البلدين والتي صيغت خلال زيارة “سليمان ديميرل” الرئيس التركي الأسبق لإسرائيل, شكلت حجر الزاوية في العلاقات بين البلدين, ومدخلاً لتعزيز الوجود السياسي والاقتصادي والاستخباري الإسرائيلي في منطقة “الغاب”.
فالحرب الاميركية على العراق واتخاذ تركيا موقفاً تساوى فيه العسكر والسلطة السياسية واقتربا خلاله من نبض الشارع التركي(26), كان يقوم في الأساس على خشية تركيا رد فعل أميركا ورجوعها عن ضمانات وتعويضات اقتصادية ضخمة عن الخسائر التي قد تلحق بتركيا كما جرى خلال حرب الخليج عام 1991, وهو ما كان ترك آثاره السلبية على العلاقات التركية بإسرائيل إذ اصابها الفتور طوال الفترة التي سبقت الغزو الاميركي للعراق, كما أن مجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا ساهم إلى حد بعيد في توتر العلاقة مع اسرائيل رغم عدم حدوث أي تغيير في جوهر العلاقة بين الطرفين. وفي هذا الاطار يقول شاجري ارهان استاذ العلوم السياسية في جامعة انقرة أن النظرة الصحيحة للاهتمام الإسرائيلي سياسياً في مشروع “الغاب” وللعلاقات التركية­ الإسرائيلية بشكل عام يتطلب التعرف على المحاور الثلاثة للسياسة الخارجية التركية, وهي علاقتها بالولايات المتحدة وعلاقاتها باوروبا وعلاقاتها بالعالم الإسلامي(27). وبقدر ما أربك أميركا القرار التركي بعدم المشاركة في الحرب وفي الخطط العسكرية, أثار أيضاً قلق وخشية اسرائيل, اذ أن القلق والبرودة اللذين اصابا العلاقات التركية­الاميركية, معطوفين على القاعدة الإسلامية لحزب العدالة والتنمية الحاكم, كانتا كفيلتان بتهديد العلاقات التركية مع اسرائيل.
ومهما يكن من امر, فان التعاون التركي­الإسرائيلي يقع في هذه المرحلة ضمن دائرتين, الأولى ثنائية والاخرى إقليمية استراتيجية. فقد جاءت زيارة الرئيس الإسرائيلي “موشيه قصاب” إلى تركيا مؤخراً ضمن الدائرة الأولى, وهدفت إلى بث الحرارة في العلاقات بعد الفتور الذي اصابها من جهة, والتأكيد على الاتفاقيات الاستراتيجية مع تركيا ومن ضمنها الاتفاقيات الاقتصادية المتعلقة بمشروع “الغاب” من جهة اخرى, وهي تأتي أيضاً ضمن الدارة الإقليمية الاخرى, كنوع من إحداث توازن في العلاقات الإقليمية التركية, بعد زيارة “أوردغان” العربية ومؤتمر اسطنبول الإقليمي بشان تداعيات الحرب الاميركية على المنطقة برمتها.

ب­ اقتصادياً:
تتعدى أهمية مشروع “الغاب” موضوع التنمية الزراعية وانتاج الكهرباء لتطال تغيير البنى الاجتماعية والاقتصادية في الجنوب الشرقي التركي ورفع مستوى الرفاه ومعالجة بعض العوامل التي كانت تغذي الصراع مع الحركة الكردية وفي طليعتها البطالة, وبالتالي خلق فرص عمل للسكان في منطقة المشروع والذين ينحدر معظمهم من اصول عربية وكردية(28). الى ذلك فإن أهمية البعد الاقتصادي للمشروع هي في انه يوازن بين جميع مشاريع التنمية الاقتصادية محلياً واقليمياً, وهذا ما راح يلفت نظر بعض دول المحيط وخصوصاً سوريا والعراق بعد مرحلة سوداء من العلاقات العربية­التركية, إلى جانب اهتمام بعض الاسواق العربية بكثير من منتوجات المشروع نفسه. وهكذا فان نتائج المشروع الاقتصادية الضخمة هي التي جاءت تعطيه قيمته الحقيقة, فالامكانات الزراعية والصناعية المترتبة على المشروع ستزيد من الناتج الاقتصادي للمنطقة بمعدل 4.5% وتوفر فرص عمل لـ 3.8 ملايين عامل.
ويتأثر مشروع “الغاب” بالوضع الاقتصادي التركي بشكل مباشر خصوصاً وقد كان للأزمة التي اصابت الاقتصاد التركي في النصف الاخير من العقد السابق, الاثر السلبي الكبير على الكثير من خطط وبرامج المشروع, الأمر الذي أوجد ازمة تمويل دفعت بعض الخبراء. الاقتصاديين الاتراك الى اعتبار ذلك مدخلاً لبعض الجهات الاستثمارية الاجنبية عامة والاسرائيلة خاصة, إلى جانب أن حاجة تركيا إلى تغطية نفقات هذا المشروع واستكمال العديد من المشاريع الاقتصادية التركية دفعها الى اتباع سياسة شدّ الأحزمة لمدة سنتين نتيجة للاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول خطة الاصلاح الاقتصادي.
ويشير “أي دوغ” مدير مشروع “الغاب” إلى أن التوجه يتركز الآن على تنويع الانتاج الزراعي في منطقة “الغاب” بحيث تبلغ نسبة زراعة القطن رقماً مخيفاًوهو 80% من انتاج المشروع. والتوجه الآخر هو نحو زراعة الحبوب من القمح والعدس والفول. ومن ثم الخضار على أنواعها بحيث يكون هناك توازن مثلث بين القطن والحبوب والخضار. ويذهب انتاج مشروع “الغاب” كله الآن إلى السوق التركية المحلية مع بعض التصدير المحدود من المنتجات ال الخارج.
وقد بدات ادارة المشروع بابحاث واسعة حول احتياجات الدول الاجنبية وخصوصاً دول الشرق الاوسط وآسيا الوسطى والدول الأوروبية لتطوير انتاج المشروع على هذا الاساس, ووجد الخبراء أن الاسواق العربية تحتاج إلى الحبوب والخضار, بينما تحتاج اسواق آسيا الوسطى إلى الزيوت ومنتجات الألبان, فيما تحتاج الاسواق الأوروبية إلى القطن(29).
ويلاحظ بعض الخبراء الاقتصادييين الاتراك أن متوسط دخل الفرد في منطقة الغاب قد ارتفع من خمسائة دولار سنوياً إلى 1800 دولار, كما أن الثروات الصغيرة والمتوسطة بدأت بالظهور في المنطقة على نحو ملموس, وشرع الفلاحون الاتراك يستثمرون أموالهم التي يكسبونها من الانتاج الزراعي في القطاع الصناعي, اضافة إلى تراجع نسبة النزوح من منطقة “الغاب” إلى كل من انقرة واستنبول في مقابل هجرة جديدة من مناطق تركية لاسيما الشرقية والشمالية باتجاه منطقة المشروع.
وعلى صعيد الاستثمارات الخارجية يقول مدير المشروع أن معظم الاستثمارات في منطقة “الغاب” لا تزال حتى الآن في معظمها محلية, ولا يزال الاستثمار الاجنبي ضعيفاً ويرتبط بتجاوز تركيا أزمتها الاقتصادية ودخولها السوق الأوروبية كعضو كامل العضوية ونيلها المساعدات الاميريكية, رغم أن شروط الاستثمار الاجنبي شبيهة بشروط الاستثمار المحلي. وتبقى الاستثمارات الإسرائيلية في المشروع اكثر المواضيع عرضة للجدل في الحلبة السياسية الداخلية التركية. ففي وقت يؤكد فيه “اولغاي نمير” مدير عام المشروع(30) أن الاستثمثارات الإسرائيلية في منطقة “الغاب” تقتصر على تركيب أجهزة ري وبعض المشروعات الزراعية الصغيرة, تقول أوساط تركية نافذة بان الحضور الاستثماري الإسرائيلي في المشروع يفوق في بعض المناطق الاستثمار المحلي, في حين يشير كثير من الخبراء الاقتصاديين الاتراك إلى غياب الاستثمار العربي عن هذا المشروع. ويعزو البعض ذلك إلى ضعف الاهتمام الرسمي العربي بالمشروع وطبيعة العلاقات التحالفية التركية ­ الإسرائيلية بشكل عام.
وفي كل الأحوال فان مشروع “الغاب” التركي وتداعياته الاقتصادية تأتي في سياق الرؤى الاستراتيجية التركية لدور تركيا ومكانتها الإقليمية وقيمتها الاستراتيجية على صيعد علاقاتها مع الولايات المتحدة وسعيها لدخول السوق الأوروبية المشتركة والمحافظة في الوقت نفسه على علاقتها مع محيطها العربي­ الإسلامي.

ج­ مائياً:
من البديهي أن تنعكس المشاريع المائية التركية سلباً على سوريا والعراق بصفة خاصة بعد بناء 17 سداً على الفرات واربعة على دجلة, الأمر الذي يجعل كمية المياه التي تعبر الحدود التركية لا تتجاوز 13 مليار متر مكعب, مقابل 28 مليار متر مكعب كانت تعبر الحدود قبل بلوغ المشروع التركي مرحلته الأخيرة, ولكن مشكلة نهر الفرات لا تكمن في زيادة كمية المياه أو نقصانها, بل وبسبب عدم التعاون التركي مع دول المحيط العربية وخصوصاً سوريا والعراق (قبل وصول العلاقات التركية ­ لسورية إلى مرحلة النضج والتعاون في تقاسم الدور الإقليمي) وعدم تجسيد التعاون باتفاق مكتوب وثابت كما عبّر عنه فاروق الشرع وزير خارجية سورية خلال إحدى زياراته الرسمية لتركيا(31) إن ما يقلقنا ليس كمية المياه التي تتدفق إلى سوريا, بل عدم التوصل إلى اتفاق ثابت بشان تقسيم المياه فما تريده سوريا هو طلب مشروع جداً ويتفق مع القوانين الدولية ويساعد على الاستقرار في المنطقة وبعد انتهاء الازمة التي نشبت بين انقرة ودمشق عام 1998 وكادت أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين قبل ان تنتهي بالاتفاق المعروف باتفاق “أضنة” الشهير, حيث راحت العلاقات منذ ذلك الحين تسير باتجاه إيجابي , ومن ثم فقد تشكل تشكل واقع جديد تأتّى عن تبادل الزيارات بين أنقرة ودمشق. وقد جاءت زيارة وزير الدولة التركي “مصطفى يلمناظ” إلى دمشق في حزيران 2002 لتكون أول زيارة يقوم بها وزير تركي معني بالشؤن المائية الى سورية منذ أكثر من عشرين عاماً, في حين أكد وزير الري السوري محمد رضوان مارتيني, أن لقاءه مع يلمناظ في دمشق “مهّد الطريق لفتح ملف المياه بين البلدين بشكل إيجابي”. وتعهّد وزير الدولة التركي بإقامة ثلاث محطات لمعالجة المياه ومنع تدفق المياه الملوثة الى الأراضي السورية, إضافة الى منع حفر الآبار الجوفية التي أدت الى تجفيف عدد من الأنهار السورية.
لكن المؤكد هو حديث كثير من الأوساط التركية الرسمية والشعبية. عن دور “إسرائيل” في تجفيف بعض الأنهار السورية التي تغدي الأراضي السورية الزراعية في شمال شرق سورية, وخصوصاً الشركات الإسرائيلية التي تدير بعض المشاريع الزراعية في مدينة “الرها” على الجانب الغربي من الفرات, والتي تأتي في سياق الإهتمام الإسرائيلي المتزايد بالمشاريع الزراعية والمائية في مدن دجلة والفرات في إطار مشروع جنوب الأناضول “الغاب” إذ اختارت الشركات الإسرائيلية طريق الإستثمار في المجالات المائية والزراعية والري وهو مايسهل على الإسرائيليين وحدهم من الناحية الإستراتيجية”. وكانت الشركات الإسرائيلية قد استأجرت من الحكومة التركية مزارع “بينار جيلان” على الحدود السورية لمدة 49 عاماً, والتي تفوق مساحتها مساحة قبرص. والأهم من ذلك, فإن هذه المزارع تمتد على بحيرة مائية تحتوي على 90% من مخزون المياه الجوفية في جنوب تركيا وشمال سوريا, إذ جرى إنشاء هذه المزارع على نقطة الصفر مع الحدود السورية, وحفروا فيها الآبار التي تضخ 9 ليترات في الثانية من المياه الجوفية منذ سنتين, الأمر الذي أدى الى تجفيف منابع المياه الجوفية في منطقة رأس العين السورية التي كانت إحدى ست مناطق رشحتها الأمم المتحدة للإعتماد عليها لإنقاذ البشرية في حالة تعرض العالم الى مجاعة جماعية.
فإذا كان صحيحاً أن إسرائيل تعاني من أزمة مائية طاحنة, (المعدل الوسطي لحصة الفرد من المياه في إسرائيل هو 2000 ليتر في السنة) إلا أن الصحيح أين هو أن إسرائيل تسعى الى حل أزمتها في هذا المجال على حساب غيرها, والمقصود بغيرها هنا هم العرب , لأنه ليس هناك من يشاطئها سوى العرب ويشاركها جميع الموارد المائية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشراكة التركية – الاسرئلية في مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) : الآلية والتداعيات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جنوب آسيا . . تصاعد الصراعات الإثنية
» التأثيرات المحتملة لتنظيم الدولة على المجال الأوراسي: الأبعاد والتداعيات الإقليمية
» جنوب شرقي آسيا
» علاقات شمال جنوب في ظل تنامي التهديدات البيئية: رؤية مستقبلية
» الشراكة الاورومتوسطة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1