منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الاقتصـــــاد السيـــاســي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الاقتصـــــاد السيـــاســي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 8:53 am

الاقتصـــــاد السيـــاســي





الفصل الأول: تعريف الاقتصاد السياسي



كثيرا ما يستخدم عامة الناس كلمة اقتصاد في أحاديثهم أو مقالاتهم إلى الحد الذي يوحي بأن لهذه الكلمة مفهوما واضحا ، و لكن ليس هذا هو المعنى الذي تحمله كلمة "اقتصادي" في جميع الأحوال .

و رغم أن التعريف ضروري لأي علم ، إلا أن تعريف علم الاقتصاد السياسي أكثر صعوبة من سواه، لان كثيرا من أوجه الاختلاف بين الاقتصاديين في اتجاهاتهم الفكرية ينشأ من اختلافهم حول تعريف علم الاقتصاد السياسي، و قد يرجع هذا إلى:

1- اختلاف مناهج الاقتصادببن في التحليل من جهة و لاختلافهم حول طبيعة علم الاقتصاد من جهة ثانية .

2- أن علم الاقتصاد السياسي علم حديث النشأة فهو من أحد العلوم الاجتماعية التي استقلت عن غيرها منذ أكثر من قرنين من الزمن، و هو من العلوم الحديثة التي ما تزال توسع آفاقها و تحدد معالمها، إلا أن البحث فيه قد جرى قبل ذلك بكثير. و ترجع كلمة "الاقتصاد السياسي"" Economie politique" تاريخيا إلى أرسطو و تعني " علم قوانين الاقتصاد المنزلي" أو "علم مبادئ تدبير المنزل" أو "قوانين الذمة المالية المنزلية" ، حيث يوجد الأصل اللغوي لاصطلاح الاقتصاد السياسي في الكلمات الإغريقية "oikos "" nomos"" politikos" و التي تعني على التوالي "منزل"،"قانون"،"اجتماعي".

و لقد استخدم تعبير الاقتصاد السياسي ،Economie politique لأول مرة عام 1615 من قبل الكاتب الفرنســي *أنطوان دي مونكريستيان* Antoine de Montchrestien (1575-1621)، في كتـــابه

" بحث في الاقتصاد السياسي" "Traite d’économie politique" قاصدا بصفة "السياسي" أن الأمر يتعلق "بقوانين اقتصاد الدولة" ، وهو بذلك يدخل في نطاق علم المالية العامة أكثر من الاقتصاد السياسي حيث كان يقصد به البحث في الإجراءات السياسية المختلفة التي من شأنها توفير الرفاهية المادية للمجتمع، و مهمة الاقتصاد كانت النصح للأمير في إدارة الأموال العامة بما يتفق و تأمين الرفاه المذكور.

و بذلك فان السياسة الاقتصادية قد سبقت في نشأتها علم الاقتصاد .و يمكن إرجاع تسمية "سياسي" لدى مونكريستيان إلى الأمرين التاليين:

- أحدهما أنه أراد أن يميزه عن البحوث التي كان يطلق عليها قدماء الإغريق اسم "الاقتصاد" مجردا من كل وصف ، و التي كان موضوعها قواعد التدبير المنزلي و اقتصاديات الأسرة ، كما أشرنا سابقا.

ففي وصف الاقتصاد بالسياسي إشارة إلى أن موضوعه دراسة الظواهر الاقتصادية المتعلقة بثروات الدول لا بثروات الأسر و لا بتدبير المنزل .

- و ثانيهما أن معظم مواضيع كتابه تدور حول البحث عن الوسائل التي تستطيع بفضلها الدول المحرومة من مناجم الذهب و الفضة أن تحصل على كميات وفيرة من هذين المعدنين، فتحفظ بذلك منزلتها في ميدان السياسة الدولية. فالغرض الذي قصد إليه من وراء بحوثه كان إذن سياسيا قبل كل شيء، و قد وصف الاقتصاد بالسياسي في عنوان كتابه لتوضيح هدا الغرض.

أما الآن فإن كلمة اقتصاد ذاتها تشير إلى أية صورة تنظيمية معينة لإدارة عمليات إنتاج و توزيع و استهلاك السلع و الخدمات بغية تحقيق مستوى معيشي معين.

و لقد انتشر في الفترة الأخيرة اصطلاح "الاقتصادي"" L’économique" حيث يرى D.H.Robertson روبرتسون و هو اقتصادي إنجليزي ، أن هذا المصطلح الجديد Economics يأتينا بشيئين جديدين :

- أن النهاية ics تشير إلى أن دراستنا تأمل في أن تكون علما مثل الطبيعة physics ، الديناميك dynamics ،........الخ.

- أن عدم استعمال صفة " السياسي Political " توضح أننا نهتم في النهاية بالفرد و ليس بالدولة.

و نظرا لتعدد تعاريف الاقتصاد السياسي مما يتعذر علينا جمعها و تبويبها و سوف نستعرض مجموعة من التعاريف لبيان مضمون الأفكار التي تقوم عليها، و ما يوجه لها من انتقادات . و غالبا ما يختلف العلماء حول التسمية التي يطلقونها على هذا العلم فمنهم من يقول "علم الاقتصاد" مثل Guitton,Bousquet,Pigou,Barre ، أو الاقتصاد مثل P.Samuelson الأمريكي، أو الإقتصاد السياسي مثل السوفياتي Nikitine .





1- التعريف على أساس فكرتي إشباع الحاجات و تكوين الثروات:

أ‌- فكرة إشباع الحاجات:

يحدد أصحاب هذا الرأي موضوع الاقتصاد السياسي بالنظر إلى الغاية التي يستهدفها الإنسان من مزاولة نشاطه الاقتصادي ، و بالتالي فإنهم يروا أن إشباع الحاجات على أنه الغاية الأساسية المحددة لما يدخل في نطاق الاقتصاد.

و يؤخذ على هذا التعريف بأنه يعطي للاقتصاد نطاقا أوسع من حقيقته، إذ أن كل نشاط إنساني يهدف الى إشباع حاجة أو رغبة ، فزيارة متحف أو قراءة صحيفة لا يمكن القول بأن هذه التصرفات تدخل في نطاق الاقتصاد . و لذا فإن أصحاب هذا الرأي يروا بأن الحاجة من الحاجات المادية حتى يصبح النشاط الإنساني المتعلق بإشباعها داخلا في حيز الاقتصاد . إلا أن هدا التعريف السابق يعتبر أيضا تعريف ضيق النطاق باعتبار أننا نتطلع في الواقع إلى تعريف شامل لكل ما هو مادي أو غير مادي من الأشياء التي يتعلق بها النشاط الاقتصادي ، تعريف يفسح مجالا لكل الدوافع التي يمكن أن توحي بهذا النشاط.

و يمكننا القول بأن تعريف الاقتصاد بإشباع الحاجات هو تعريف واسع إذا أخذنا في الاعتبار جميع الحاجات ، و هو ضيق جدا إذا حددنا الحاجات في الحاجات المادية فقط دون سواه .

ب- فكرة تكوين الثروة:

يرى أصحاب هذا الرأي و منهم آدم سميث و جون ستيوارت ميل بأن علم الاقتصاد "هو العلم الذي يدرس قوانين زيادة الثروة". أما الاقتصادي الإنجليزي Alfred Marshall ألفريد مارشال فيعرف الاقتصاد بأنه " دراسة للبشرية في شؤون حياتها العادية" ، حيث يرى بأن الاقتصاد يدرس ذلك الجزء من النشاط الفردي و الاجتماعي الذي يكرس لتحقيق و استخدام الشروط المادية للرفاهية.

الاقتصاد لدى مارشال هو من ناحية دراسة للثروة و من ناحية أخرى هو جزء من دراسات الإنسان .

أما ســاي J.P.Say فيعرف الاقتصاد "بأنه مجرد معرفة بالقوانين المتعلقة بإنتاج الثروة و توزيعها و استهلاكها". إلا أن هذا التعريف وجه له نقد على أساس أن الثروة تعني الأموال المادية فقط، في حين أنه توجد الى جانب هذه الأموال الخدمات التي لا تنسجم في شيء مادي ، و لها مع ذلك منفعتها و قيمتها كالخدمات التي يقدمها الأساتذة و الأطباء و غيرهم ، فمن غير المعقول ألا تدخل هذه الخدمات في دائرة اهتمامات الاقتصاد .

- إن التعاريف السابقة اعتمدت المعيار المادي كأساس لها ، و هنا يبدو تأثير الفيزوقراط (الطبيعيين) على الاقتصاديين التقليديين: مثال آدم سميث حيث أن الفيزوقراط حددوا النشاط الاقتصادي على خلق المادة و ليس خلق المنفعة، في حين أن الإنتاج حاليا ، و كما هو متعارف عليه يعني خلق المنفعة و ليس خلق المادة . من هذا كان النقاش حول تحديد مفهوم الثروة و هل هو محدد في الثروة المادية أم يشمل الخدمات أي الثروة الغير مادية. فالتركيز على الإنتاج و وسائله ثم طرق زيادة الإنتاج و توزيعه ...الـــخ، من شأنه أن يضيف الى مجال الاقتصاد أو يخرج منه موضوعات استقر الرأي على إعطائها الصفة الاقتصادية ، لأن لهذه الخدمات دور فعال في حياة الإنسان و رفاهيته و على علم الاقتصاد الاهتمام بها إذا أريد لهذا العلم أن لا يكون منقوصا و يشمل الفعاليات البشرية المتداخلة في نشاطه الاقتصادي .
- التعريـــف على أســاس فكرة التبادل:

لقد تزعم G.Pirou ك.بيرو هذا التيار الذي مفاده أن غرض علم الإقتصاد هو فعل التبادل القائم بين الأفراد في المجتمعات ، لذلك فإنه يعرف الإقتصاد السياسي بأنه "دراسة عمليات التبادل التي يتخلى الفرد بموجبها عن ما هو في حوزته ليحصل بالمقابل و من فرد آخر على ما يحتاجه، و ان عمليا ت التبادل هذه هي التي تسمح بقيام جسر بين إنتاج الأموال و السلع و سداد الحاجات". و من هذا التعريف نستخلص بعض النتائج التي تدلنا على طبيعة الإقتصاد السياسي :

· أن الإقتصاد السياسي هو علم خاص بالمجتمعات البشرية .

· أن الإقتصاد السياسي هو علم إجتماعي ، حيث لا يوجد اقتصاد فردي فالعلاقة التي تتشكل بين الفرد و السلع المادية ليست بعلاقة اقتصادية حسب أصحاب هذه النظرة . ففعل المبادلة لا يتم الا في المجتمع و بين الوحدات في هذا المجتمع ، فأثناء تخلي الفرد عن حاجة ما للحصول على حاجة أخرى لا يملكها تتجلى العلاقة الإقتصادية و يبرز الفعل الإقتصادي .

· أن قيمة السلع و الخدمات لا يمكن لها أن تحدد الا أثناء عملية التبادل ، فقيمة السلعة تبقى كامنة داخلها الى أن تتم عليها عملية التبادل فتنتقل القيمة حينها من الصعيد الكامن الى الصعيد الموضوعي و الواقعي.

· ان "الفعل الاقتصادي" يختلف عن الفعل المجاني ، أي ان العملية الاقتصادية تتعلق و ترتبط بالأخذ و العطاء بالمقابل بينما الفعل المجاني يتم دون مقابل ، علما بأنه يمكن القول بأن الواهب لشيء ما ينتظر الاعتراف بالجميل . الا أن هذا التعويض معنوي لا مادي .

· ان عملية التبادل تتم بواسطة النقد الذي هو مقياس الأسعار لذلك فهناك من عرف الاقتصاد بأنه العلم الذي يبحث في الظواهر الاجتماعية من وجهة نظر الأسعار ، و لهذا الراي أهمية كبيرة من حيث إدخال النقود في الدراسة الاقتصادية لما لها من دور كبير في الحياة الاقتصادية إلا أن التبادل يمكن أن يتم بشكل عيني (نظام المقايضة) بدون حاجة الى النقود.

الا أن هذا التعريف وجهت له عدة انتقادات ناتجة عن عدم شمول علم الاقتصاد للعديد من التصرفات الاقتصادية و التي لا تأخذ شكل المبادلة مثل:

- الاقتصاد المعيشي للفلاح الذي ينتج لاستهلاكه الشخصي دون المبادلة فهو يزاول نشاطا زراعيا و على علم الاقتصاد الاهتمام به.

- الأخذ بهذا التعريف يستبعد الاقتصاد العائلي من الدورة الاقتصادية ، حيث أن النشاط في العائلة يتم بين الأفراد دون مقابل أو مبادلة.

- نشاط المرافق العامة التي تقدم خدماتها مجانا للمجتمع .

2- التعريف على أســاس الندرة:

إن الغرض الأساسي لعلم الاقتصاد برأي أصحاب هذا الاتجاه هو الكفاح ضد الندرة ، و من أبرز التعاريف في هذا المجال هو للاقتصادي روبنز L.Robinz حيث يبين بأن علم الاقتصاد هو "العلم الذي يدرس سلوك الانسان كعلاقة بين غايات و وسائل نادرة ذات استعمالات متعددة". و حسب هذا التعريف فان علم الاقتصاد يقوم بدراسة نشاط الأفراد الناتج عن ندرة الوسائل التي تضعها الطبيعة تحت تصرفهم لتحقيق الغايات التي يسعون اليها ، مع الإشارة الى أن حاجات الانسان متعددة و تحدها ندرة الأشياء و عدم كفايتها لاشباع حاجاته و تحقيق غاياته اضافة الى القيود الثلاثة التالية :

· القيود (الحدود) العضوية و البسيكولوجية ، اذ لا يمكن للانسان ان يستفيد من كل شيء في آن واحد.

· الحدود التي تقيمها في وجه الانسان الوسائل القليلة التي يملكها فهو غالبا لا يملك كافة الوسائل التي تسهل له عملية سد احتياجاته .

· حدود الزمن، فالحياة قصيرة نسبيا و الوقت سلعة ثمينة لانه نادر ، فعلى الانسان ان يكيف احتياجاته بحدود الزمن الضيق الذي يعيشه .

من خلال هذا التحليل يمكننا الاشارة انه لا يمكن للأفراد ان يشبعوا كامل حاجاتهم و ذلك نظرا للقيود الثلاث التالية :

1- ندرة الوسائل لتحقيق كامل الغايات .

2- الاختيار بين بدائل عديدة لأهداف كثيرة.

3- الكلفة التي على الفرد ان يدفعها لتحقيق غاية واحدة من غاياته.

إن هذه القيود هي التي تفرض على الفرد أن يقوم بعملية المفاضلة بين الغايات المتعددة و القيام بالتقديرات التي توصله لاستخدام الموارد المتاحة بطريقة مثالية ليتمكن من تحقيق أكبر اشباع. و تجدر الاشارة الى ان هنري فيتون H.Guitton يضيف الى عامل الندرة عاملا آخر هو عامل عدم التلاؤم . فقد توجد السلع و الحاجات بكثرة في مكان معين فتفيض عن الحاجة مما يستوجب نقلها الى مكان آخر بحيث نتمكن من سد احتياجات غير مشبعة . ان هذه العملية تدعى " بتكييف" توزيع السلع حسب الحاجة اليها في المكان و الزمان. ثم ان الندرة في السلع تفرض على الانسان نوعا من الاختبار ، فهو كي يحصل على هدف معين واحد عليه ان يضحي بأهداف أخرى، فالاختيار يوجب التضحية والتضحية ثمن و كلفة.

4- التعريف الماركسي للاقتصاد السياسي:

لقد طور مــاركس مفهوم الاقتصاد السياسي في كتابه نقد الاقتصاد السياسي ليحوله الى علم دراسة قوانين تطور المجتمع ، ذلك أنه بتطبيق قوانين المادية الجدلية على حركة التاريخ صاغ قانونيه تطور المجتمعات من نظام اقتصادي الى آخر فيكون علم الاقتصاد السياسي قد انتقل على يدي ماركس الى علم القوانين الاجتماعية التي تحكم انتاج السلع و الخدمات و توزيعها على المستهلكين أي اولئك الذين يستخدمون السلع لإشباع حاجياتهم الفردية او الجماعية . أما اوسكــار لانجه O.Lange فانه يعرف الاقتصاد السياسي عن طريق توضيح غرضه فيقول "يعنى الاقتصاد السياسي بقوانين الانتاج و الاستهلاك الاجتماعية فيعالج القوانين الاجتماعية التي تحكم انتاج السلع و توزيعها على المستهلكين أي على الذين يستخدمون السلع لإشباع حاجاتهم الفردية و الجماعية ، و اذا أطلقنا على انتاج السلع و توزيعها تعبير النشاط الاقتصادي لأمكننا القول بان الاقتصاد السياسي هو علم قوانين النشاط الاقتصادي الاجتماعية".

بعد أن تعرضنا للتعاريف السابقة نورد تعريف للاقتصادي الفرنسي R.Barre باعتباره تعريفا فيه نوع من الشمولية ، حيث يعرف الاقتصاد بانه "هو علم ادارة الموارد النادرة في المجتمع البشري و دراسة طرق التكيف التي على البشر اتباعها لكي يعادلوا بين رغباتهم غير المحددة و بين وسائل تحقيق هذه الحاجات المحددة و النادرة". من التعريف السابق يمكننا استنتاج مايلي :

1- الاقتصاد هو تصوير لطرق ادارة و تنظيم الطرق النادرة التي تظهر للواقع الاقتصادي .

2- البحث في فكرة الانسجام في ادارة الموارد النادرة هذه، فالوقائع الاقتصادية تبدو أثناء التدقيق و كأن فيها بعض النمطية و التشابه و التكرار الذي يغلب على سلوك البشر ، فمهمة الاقتصاد هي البحث عن قوانين دائمة و صحيحة لتصرفات البشر.

3- يتضمن الاقتصاد توجيها للسياسة الاقتصادية التي يجب ان تتبع وفقا لبعض الأهداف السياسية و الاجتماعية ، فالاقتصاد يقوم باقتراح سياسة اقتصادية تكون الرابطة بين الوسائل الموجودة و الاهداف المرجوة.

4- الاقتصادي يقوم بوضع قواعد الاستعمال الامثل للموارد المتاحة في البلد.

أما نيكيتين P.Nikitine فيعرف الاقتصاد السياسي بانه "علم تطور العلاقات الاجتماعية للانتاج ، أي العلاقات الاقتصادية بين البشر . و ان هذا العلم يكشف القوانين المهيمنة على انتاج و توزيع السلع المادية في المجتمع البشري في مختلف مراحل نمو هذا المجتمع".

و حسب اصحاب هذه المدرسة فان الاقتصاد السياسي "يعنى بالقوانين الاجتماعية للانتاج و التوزيع ، فهو يعالج القوانين الاجتماعية لانتاج السلع و توزيعها على المستهلكين".أو هو "العلم الذي يدرس تلك العلاقات الاجتماعية التي تتشكل بين الناس بخصوص انتاج و توزيع و تبادل و استهلاك الخيرات المادية ، هذه العلاقات هي ما يطلق عليها علاقات الانتاج".
تعريف الاقتصاد السياسي من الناحية الابستمولوجية L’épistémologie :

يمكن تعريف الاقتصاد السياسي حسب وجهة النظر هذه بانه "علم القوانين التي تحكم العلاقات الاقتصادية ، أي العلاقات الاجتماعية التي تنشا بين افراد المجتمع بواسطة الأشياء المادية و الخدمات . و هي العلاقات التي تتعلق بانتاج و توزيع الأشياء المادية و الخدمات التي تشبع حاجات الانسان في المجتمع ، أي اللازمة لمعيشة افراد المجتمع ، معيشتهم المادية و الثقافة".

و حتى يكتمل تعريفنا لعلم الاقتصاد السياسي و يصبح واضحا يتعين علينا:

- تحديد موضوع الاقتصاد السياسي ، أي مجموع الظواهر التي يمكن ملاحظتها و التي تمثل المعرفة المتعلقة بها و موضوع البحث الاقتصادي.

- ابراز العلاقة بين علم الاقتصاد السياسي و العلوم الاخرى .

فتعريف علم الاقتصاد السياسي لا يكتمل الا بمعالجة هذه الموضوعات الثلاث و هذا ما سنقوم به في الفصول التالية:

1- موضوع علم الاقتصاد السياسي:

موضوع الاقتصاد السياسي هو المعرفة المتعلقة بمجموع الظواهر المكونة للنشاط الاقتصادي للانسان في المجتمع ، أي النشاط المتعلق بانتاج و توزيع المنتجات و الخدمات اللازمة لمعيشة الأفراد.

- الحاجات الانسانية و وسائل اشباعهـــــا:

يعيش الانسان وسط الجماعة و هو يحتاج الى اشياء مختلفة و ذلك حسب كل مرحلة معينة من التطور التاريخي ، فهو يحتاج الى الأكل و الملبس ......الخ.

و الانسان ككائن مضاد للطبيعة له حاجات لا يمكن اشباعها من ذاته ، وانما لكي يتم ذلك يتعين عليه ان يتوجه الى الطبيعة و بعض هذه الحاجات حياتي (بيولوجي)،لا بد من اشباعها للمحافظة على الحياة ، امابعضها الاخر فينتج عن كون ان الفرد يعيش ضمن الجماعة و تقررها مجموعة العوامل المعقدة التي تشكل ما يسمى بثقافة المجتمع كما هو الحال في الغذاء مثلا. و قد تكون حاجات الانسان فردية او جماعية و هذه الاخيرة ناجمة عن حقيقة كون الناس يعيشون معا في جماعة ، كالحاجة الى الامن و بعض انواع التسلية بالرغم من ان الحاجات الانسانية مستمدة اصلا من الضرورة الحياتية ، فانها ناتجة عن وجود المجتمع و متكيفة حسب مراحل التطور التي بلغها كل المجتمع.فالاشياء المادية كالخبز و الملابس ....الخ الضرورية لاشباع الحاجات الانسانية تسمى بالسلع و ما هي الا وسائل مادية لاشباع الحاجات الانسلنية و هذه الوسائل مستمدة من الطبيعة. توجد وسائل اخرى لا تقتضي نشاطا انسانيا لاعدادها للاستعمال الانساني كالهواء اللازم للتنفس مثلا و هذه لا يهتم بها علم الاقتصاد السياسي .الا ان معظم وسائل اشباع الحاجات الانسانية مستمدة من الطبيعة عن طريق استخراجها و تحضيرها ، او عن طريق تحضير خصائصها الطبيعية و الكيمياوية او عن طريق نقلها عبر المكان و المحافظة عليها عبر الزمان .

الانتاج –العمل- تتضمن العملية الاقتصادية نشاطات انسانية مستمرة التكرار و يقصد بها عملية الانتاج و التوزيع و هذا ما يوضح اصطلاح العملية الاقتصادية ، ( اذ تعني كلمة عملية هنا نشاطا بشريا مستمر التكرار.و لا يمكن ان نشاهد نمطا من الضوابط الا في مثل هذه العملية فقط ، أي في النشاط البشري مستمر التكرار . و على وجه الدقة، ينصب اهتمام الاقتصاد السياسي على دراسة قوانين هذه العملية ، أي دراسة القوانين الاجنماعية التي تهيمن على العملية الاقتصادية ).و هذا يعني ان انتاج السلع و توزيعها.و يسمى النشاط الذي يكيف الموارد الطبيعية و يجعلها سلعا بالانتاج.كما ان السلع الناجمة عن هذا النشاط تسمى منتوجات.فالاشياء المادية بوصفها وسائل لاشباع الحاجات الانسانية تسمى سلعا ، اما حين اعتبارها ناجمة عن نشاط انتاجي انساني تسمى منتوجات.

و يقصد بالانتاج العملية التي يتم من خلالها خلق المنفعة التي لم تكن موجودة من قبل .و الناس خلال عملية الانتاج و في اطار العلاقات التي تربطهم (علاقات الانتاج) ينتجون الخيرات المادية (اموال الانتاج و اموال الاستهلاك)،و كذلك الخدمات الضرورية في معيشتهم فاثناء عملية الانتاج يقوم الافراد بتكييف المواد الطبيعية و تغيير اشكالها و خصائصها من اجل اشباع حاجاتهم.و هناك خلاف بين الاقتصاديين كالتالي:

1- يقصر الماركسيو ن مفهوم الانتاج عن السلع المادية فقط بينما يرى الاقتصاديون البورجوازيون ان الانتاج يشمل السلع المادية و الخدمات و لذا يعرفون الانتاج بانه خلق المنفعة.
- العمل: العمل هو فعل و نشاط ، اضافة الى كونه علاقة مزدوجة بين الانسان و الطبيعة من جهة و بين الانسان و الانسان و يمكننا التمييز بين نوعين من العمل :



العمل العضلي : و يتم من خلال الاتصال المباشر بين العامل و موضوع العمل المطلوب تحويله و تكييفه اثناء عملية الانتاج.

العمل الفكري : الذي يتناول عموما المفاهيم و الابداع و التوقع.

و العمل احد الشروط الضرورية لاستمرار الحياة الانسانية.و هو عبارة عن مؤهل و قدرة يختص بها الانسان وحده و يتصف بميزتين رئيستين:

* انه نشاط هادف و موجه نحو تحقيق هدف وضع مسبقا.

* مرتبط بانتاج السلع و الخيرات.

و العمل عبارة عن عملية يترابط الناس بواسطتها فيما بينهم ترابطا موضوعيا في جماعات محددة تدعى المجتمعات و يشكل العمل اساس الروابط الاجتماعية .لذلك يعتبر العمل الاساس الذي يقوم عليه المجتمع البشري.

- وسائل الانتاج :

و هي عبارة عن ادوات (وسائل) و مواد العمل التي يستخدمها الناس في عملية انتاج الخيرات المادية و بالتالي فان وسائل الانتاج تتشكل من وسائل (ادوات) العمل ، و مواد (موضوع) العمل.

- وسائل العمل :

و تمثل الوسائل المادية التي بمساعدها يقوم الناس بالتاثير على مواد العمل بقصد تحويلها الى الشكل الذي يشبع حاجاتهم و يلبي رغباتهم و تضم وسائل العمل (الالات و التجهيزات.....الخ) و المباني و الطرقات و وسائل النقل أي كل ادوات العمل التي تستخدم في تحضير مواد العمل و كل ما من شانه ان يستخدم لتسهيل عملية الانتاج و الزيادة من القدرة المنتجة للقوى العاملة أي من انتاجية العمل .

- مواد ( موضوع) العمل :

أي المواد التي يجري تحويلها بواسطة العمل الانساني باستخدام ادوات العمل .و يمكن القول بان شروط عملية الانتاج في أي مجتمع تتمثل في ادوات العمل و موضوع العمل و القوى العاملة هذه الاخيرة تتمثل في مجموع الافراد الذين يساهمون في النشاط الاقتصادي.

-أسلوب الانتاج:

و هو الاسلوب الذي نتمكن بموجبه الحصول على السلع المادية الضرورية لحياة و تطور المجتمع و هي تتشكل من القوى المنتجة و علاقات الانتاج في توافق معين بينهما.

- القوى المنتجة:

و هي عبارة عن وسائل الانتاج و الناس ذووا الخبرة في الانتاج و القدرة على العمل الذين يستخدمون وسائل الانتاج من اجل انتاج السلع المادية أي ان القوى المنتجة تجمع وسائل الانتاج و قوة العمل و الانسان هو القوة المنتجة الاولى لانه هو الذي يسعى للسيطرة على الطبيعة و اختراع الالات و اكتشاف المواد....الخ.لهذا فان الاهتمام بالانسان بحد ذاته (من ناحية الصحة،التكوين،...) يعتبر نشاطا اقتصاديا هاما، كما ان تحسين ادوات العمل و الرفع من مستوى كل من العاملين و تاهيلهم تؤدي كلها الى رفع مستوى تطور القوى المنتجة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 8:53 am

علاقات الإنتاج:

وهي العلاقات التى تنشأ بين الناس خلال عملية إنتاج السلع و الخدمات الضرورية لمعيشتهم ، وتظهر هذه العلاقات بين الإنسان لإعتبارها الرباط بين العمل المبذول وكمية المنتجات الناشئة وكذلك في العلاقات التى تنشأ بين الأفراد أثناء عملية الإنتاج وتبادل المنتجات .
'' وتنشأ علاقات الإنتاج بكل بساطة نتيجة للطبيعة الإجتماعية للعمل ، نتيجة لحقيقة كون عملية الإنتاج تتضمن التعاون وتقسيم العمل .وعليه تتوقف علاقات الإنتاج على العلاقة بين الإنسان والأشياء التى تتطور خلال عملية الإنتاج ،أي أنها تعتمد على طريقة تأثير الإنسان في الطبيعة ،وعلى طريقة نشأة الإنسان نفسه أثناء ذلك النشاط ".


ونشير هنا بأنه هناك نوعين من العلاقات الإقتصادية ،الأول يظهر في عملية الإنتاج ويسمى بعلاقات الإنتاج ،والثاني يظهر في عملية التوزيع ويسمى بعلاقات التوزيع ،فبينما تتكون علاقات الإنتاج حسب المرحلة التاريخية التى تبلغها قوى الإنتاج إي حسب طريق تطور تأثير الإنسان في الطبيعة ،تتوقف علاقات التوزيع على علاقات الإنتاج ،فتقرر شكل توزيع المنتجات في المجتمع طريقة إشتراك الناس في عملية الإنتاج الإجتماعية وهكذا تصبح علاقات الإنتاج أساس العلاقات الإقتصادية كلها ،فأثناء عملية الإنتاج الأجتماعية يقرر موقف الإنسان الفعال من العالم المادي المحدق به علاقات الإنتاج وهذه بدورها تقرر علاقات التوزيع.وبتعرضنا للعملية الإقتصادية في أشكالها الإجتماعية المختلفة يتحدد لنا موضوع علم الإقتصاد السياسي هذا الموضوع هو الأفكار المتعلقة بالقوانين الإجتماعية التي تحكم مجموع الظواهر التى يمكن ملاحظتها التى تكون النشاط الإقتصادي في المجتمع وهو نشاط يأخذ شكل عملية ذات بعد زمني ومتكررة عبر الزمن. هذه القوانين الإقتصادية ،أي العلاقات التى تتكرر بإستمرار بين عناصر العملية الاقتصادية ،القوانين الإجتماعية الخاصة بإنتاج المنتجات وبالكيفية التى تجد بها المنتجات سبيلها إلى أيدي الأفراد لإشباع رغباتهم. وهو ما يحدث بأشكال تختلف من مرحلة إلى أخرى من مراحل تطور المجتمع الإنساني.


1- منهج علم الإقتصاد السياسي:


يشير الحديث عن طرق البحث في الإقتصاد السياسي عموما مشكلة المنهج في العلوم الطبيعية والإجتماعية بإعتبارها من المسائل التى تهم الباحثين في جميع فروع المعرفة الإنسانية الداخلة في نطاق كل منهما وذلك بسبب الإرتباط الوثيق بين منهج البحث وتقدم المعرفة.


ولما كان الاقتصاد السياسي يهتم بدراسة العلاقات الاقتصادية في اطارها الاجتماعي فانه بهذا الوصف لا يمكن ان يتجنب المشكلات المنهجية التي تشهدها العلوم الاجتماعية باعتباره احد فروع المعرفة الداخلة فيها . ولقد عانى اكثر من غيره من العلوم. و بما ان الخلاف موجود بين الاقتصاديين حول تعريف و حدود علم الاقتصاد فلا غرابة ان اختلفوا على طريقة البحث و التحليل الاقتصادي .فالتفكير و التامل في محاسن و مساوئ كل من المناهج المختلفة المتبعة في الاقتصاد السياسي يكفي للاقتناع بضرورة استخدام كافة هذه المناهج معا و بصورة متكاملة .ان هذا التامل يظهر لنا ايضا الى أي مدى كانت المنازعات حول طريقة البحث متطرفة و مغالية .



1- التنازع التقليدي بين المناهج : اعتمد البحث العلمي في سعيه للوصول الى الحقيقة على طرق عديدة كان اهمها :

ا- الطريقة الاستنباطية (الاستنتاجية): و هي عملية استخلاص منطقي بمقتضاها ينتقل الباحث من العام الى الخاص ، اذ يبدا بوضع مقدمات عامة و يهبط منها متدرجا الى افراد تندرج تحت هذه المقدمات ، أي ان النتيجة متضمنة في المقدمات .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 8:57 am

فنتائج الاستنباط تستخلص من مقدماته و معيار الصدق فيه هو انسجام نتائجه مع مقدماته . و المعروف ان الرياضيات تكون العلم الذي يعتمد بالاساس على الطريقة الاستنباطية مثال ان تبدا من المقدمة (الحكم العام) ان كل انسان فان و بما ان سقراط انسان اذن فهو فان (حكم خاص).

ب-الطريقة الاستقرائية:

و هي تعتبر بمثابة استدلال صاعد الذي يرتقي فيه الباحث من الحالات الجزئية الى القواعد العامة ، فهو انتقال من جزئيات الى حكم عام فنتائج الاستقراء اهم من مقدماته و معيار الصدق في الاستقراء هو اتساق نتائجه مع خبرتنا في العالم الحسي .

2- موقف المدارس الاقتصادية :

ا- لقد كانت المدرسة الكلاسيكية و من اعلامها :آدم سميث ، دافيد ريكاردو ، جون ستيوارت ميل ، مالتوس، و كذلك المدرسة الحدية تمضي في بحثها الاقتصادي على اساس الطريقة الاستنباطية. فالمدرسة الكلاسيكية تعيد بناء و فهم الاقتصاد بكامله و بجزيئاته الصغيرة على اساس قانونين عامين يقودان "الانسان الاقتصادي"وهما قانون المنفعة الشخصية و قانون حرية المنافسة ، فمن غير الضروري لدى اتباع هذه المدرسة العودة الى ملاحظة الواقع اولا لتحليل التصرفات الاقتصادية للفرد . فهم يكتفون بالتطبيق المجرد لهذين المبداين على كل تصرف فردي للوصول الى تحليل و فهم آلية الحياة الاقتصادية العامة الا ان هذه الطريقة لم تسلم من النقد و الجدل حول مدى امكانية الوثوق بها لاعطاء نتائج صحيحة في مجال البحث الاقتصادي كان اهمها:

- انها تاخذ كبديهية (كمسلمة) بان الفرد لا يعمل و لا يتصرف الا بدافع منفعته الشخصية فقط.

- انها تاخذ كبديهية الاطار الذي تجري فيه الفعاليات الاقتصادية بدون اعطاء اهمية للتطور و التغير الذي قد يطرا على العلاقات بين الافراد بحكم تغير المؤسسات التي تحكم هذه العلاقات او بحكم التغير الذي يطرا على خصوصية المجتمع ذاته.

فسلوك الافراد يتاثر بما يوجد من مؤسسات في المجتمع الذي يعيش فيه سواءا كانت اجتماعية او اقتصادية او سياسية كالدولة. و لقد تم توضيح اثر هذه المنظمات مفكرون اطلق عليهم (المؤسساتيين) Institutionalistes الذين نادوا بوجوب دراستها في واقع النظم التي يوجد فيها الانسان وذلك حتى تصبح دراسة الاقتصاد دراسة واقعية .

- انها تهمل الدور الذي تلعبه الدولة او الوحدات الاقتصادية الكبرى خاصة الشركات الاحتكارية الاقتصادية للحد من نتائج هذين المبداين العامين.

ب - يرجع الفضل في استخدام الطريقة الاستقرائية للمدرسة التاريخية الالمانية و بعض المدارس الحديثة كالمدرسة الاحصائية ، حيث حاولت المدرسة التاريخية عن طريق تجميعها و تبويبها للحوادث و الوقائع التاريخية ان تثبت بان هناك اختلاف بين النظرية و الواقع . و هي تعترض على فكرة "الانسان الاقتصادي" الذي يجري وراء منفعته الشخصية فقط و تبين عن طريق دراسة الوقائع التاريخية ، بان الشكل الواقعي للانسان بكامل عيوبه و قوته يتمرد على الحصر في قانون المنفعة الشخصية ، و هي ترفض ان تجعل من الاقتصاد السياسي " التاريخ الطبيعي للانانية الفردية".

فالتاريخيون يروا ان كل مرحلة من مراحل التطور الاقتصادي للدول تخضع لقوانين خاصة بها وحدها و مختلفة عن القوانين التي تخضع لها مراحل اخرى ، و لما كانت المجتمعات في تغير مستمر فان القوانين الاقتصادية تتغير هي ايضا بالضرورة تبعا للمراحل التي تمر بها المجتمعات ، لذلك فانه لا يمكن الاعتماد في البحث على المنهج الذي اتبعه الكلاسيك ، فلكي نتمكن من الكشف عن القوانين الاقتصادية المتغيرة يجب ان نبدا بدراسة التاريخ الاقتصادي للامم، و ان نستنتج من ذلك القوانين الاقتصادية التي تحكم التطور ، و التي يخضع لها الاقتصاد في كل مرحلة .و لقد وجه لهذه الطريقة عدة انتقادات اهمها:

1- اذا كانت هذه الطريقة تفيد في تفسير ما هو كائن ، و تتوقع ما سيكون على اساس من الحقيقة الواقعية، الا انها تؤدي في بعض الاحيان الى نتائج غير سليمة نتيجة الاعتقاد بوجود ارتباط بين وضعين تاريخيين متغايرين لم يجمع بينهما سوى التلاحق الزمني ، و لذا فان الباحثين التاريخيين يتحرجون كثيرا من تقرير او استخلاص احكام و قواعد من الوقائع و الوثائق التاريخية التي يحققونها .

2- ان تفسير الوقائع التاريخية كثيرا ما يخضع للاحكام و الاعتبارات التقديرية الخاصة الذي يشكك في صفة الموضوعية الواجب توافرها في البحث و ينتهي بالباحث في كثير من الأحيان الى نتائج غير سليمة .

3- كان من نتيجة انتشار هذه الطريقة ( في ألمانيا على وجه الخصوص ) ان نسي او تناسي الذين اخذوا بها هدف علم الاقتصاد السياسي و راحوا ينقبون عن الحوادث التاريخية الاقتصادية و يجمعونها دون نظرية مسبقة او فكرة مهيمنة أو يحاولون اثباته .

4- ان معظم الذين اتبعوا هذه الطريقة تحولوا الى متخصصين بعلم التاريخ و حوادثه و اهملوا الدراسات الاقتصادية البحتة ، لذلك لم تستطع المدرسة التاريخية ان تفيد اصحابها من اطنان الوقائع و الأحداث التاريخية – الاقتصادية التي جمعتها .

2- الاقتصاد و طرائق العلوم الأخرى:

هناك العديد من الأسباب التي ادت بالاقتصاديين للتوجه نحو العلوم الأخرى محاولين الاقتباس من طريقتها لتطبيقها على علم الاقتصاد و من اهم هذه الأسباب :

1- علاقة علم الاقتصاد بالعلوم الاجتماعية و حداثة استقلاله عنها .

2- ان الهدف الأساسي لعلم الاقتصاد هو الانسان و المجتمع مما دفع بهذا العلم الى الاتصال الوثيق بالعلوم الأخرى التي تبحث في أمر الانسان و المجتمع بغرض التوصل الى الفهم الكامل و المتعدد الجوانب للهدف المدروس.

أ‌- الطريقة الاحصائية :

و هي تعتمد اساسا على الدراسات العددية للظواهر العلمية و الاجتماعية القابلة للعد و الترقيم ، و ترتكز هذه الدراسات اساسا على عدد من العمليات اهمها اثبات الوقائع المتعلقة بالظواهر التي تكون محلا للبحث و استخراج النتائج و تدوينها في جداول و رسوم بيانية بطريقة تسهل تتبع سيرها و معرفة العلاقات القائمة فيما بينها .و تتصف هذه الطريقة عن غيرها بالواقعية بالنظر الى انها تحصل على بياناتها من واقع المجتمع دون الاعتماد على فروض تبعد الباحث عن الحقيقة بتاثير المؤثرات القيمية التي يخضع لها. كما انها تفيد في تسهيل الدراسات الاقتصادية المتعلقة بالمجاميع الكلية كالدخل، الاستثمار، الاستهلاك ،...الخ.

و اهم ما يوجه الى هذه الطريقة ما يلي :

* بالرغم من عدم انكار ما للاحصاء من دور كبير في تطوير و توضيح الرؤية الى الأمور الاقتصادية فانه يستحيل علينا القول بان الاقتصاد هو الاحصاء او العكس.

* ان القوانين التي يتوصل اليها الاحصاء لا تتميز بالتعميم -لان المجموعات و الأرقام الاحصائية تخضع لقانون المحيط و المجتمع الذي اخذت منه – و لا تتمتع بالديمومة لأنه ما من شيء يسمح لنا بالتأكيد بان العلاقة الإحصائية التي ظهرت لنا نتيجة دراستنا لمتغيرين اقتصاديين سوف تعود الى الظهور في فترة زمنية أخرى.

و الإحصاء بمفرده عاجز عن اظهار العلاقة بين السبب و المسبب فهو اداة فقط للاقتصادي الذي يطمح الى اكتشاف القوانين الناظمة للنشاطات الاقتصادية.

ب- الطريقة النفسانية و الطريقة الرياضية :

لقد راى البعض ان ممثلي الطريقة الاولى هم انصار مدرسة فيينا في فرعها النفساني (بوهم- بافرك،ماير،هايك،...الخ) و الثانية هم انصار مدرسة لوزان في التوازن العام (فالراس- باريتو) فالمدرسة النفسانية تتجاهل الانسان الحقيقي و لا تعترف الا بالانسان الاقتصادي الذي اقامته فرضياتها المبدئية . و هي لم تتوصل الى نتائجها عن طريق التحليل النفساني للدوافع الاقتصادية انما اكتفت باعتبار فرضيتها الاساسية صحيحة و راحت تحلل كامل آلية الحياة الاقتصادية على ضوئها . و هكذا فعلت المدرسة الرياضية و لكن بفرضية اساسية مغايرة . فالواحدة اعتبرت ان المنفعة الهامشية هي محور الحياة الاقتصادية و الثانية اعتبرت ان مبدا التوازن العام هو اساس تحليل الفعالية الاقتصادية.

و تستخدم الرياضيات كشكل للاستدلال الاقتصادي ، و بما ان هذه هي اداة التعبير الكمي ، فان الاستعانة بالتقنيات الرياضية في التحليل الاقتصادي لا يكون الا بالنسبة للتعرف على المظاهر الكمية للظاهرة الاقتصادية ، و بما ان دراسة المظاهر لا تكون ممكنة الا على اساس المعرفة الكيفية للظاهرة فانه يجب ان يكون التحليل الكمي الذي تستخدم فيه التقنيات (الأدوات) الرياضية مسبوقا بتحليل كيفي للظاهرة الاقتصادية ، و مهما كان الأمر فانه يتعين علينا الا ننسى باننا نهتم باستدلال اقتصادي في شكل رياضي ، اذ يتعين ألا يحل الاستدلال الرياضي محل الاستدلال الاقتصادي ، و إلا أدى الى خطا في التحليل و عرقلة في تطور المعرفة الاقتصادية ، و تظهر فائدة الأدوات الرياضية بالخصوص عند استخدام النماذج الاقتصادية.
و يرى البعض انه لا يجب المبالغة في استخدام التحليل الرياضي و ذلك للاسباب التالية: 1- لان ذلك يؤدي الى نسيان العنصر الأساسي للحياة الاقتصادية و هو الانسان ذلك العنصر المعقد و المتاثر بعدة عوامل اجتماعية بحيث يصعب كثيرا ادخال نشاطه باستمرار في قوانين فكرية ثابتة. 2- لان ذلك من شانه ان يبعد الاقتصادي عن الواقع الذي كان عليه ان يدرسه ، حيث يبقى في اطار مدرسي بحت و بعيدا عن النشاط اليومي للعناصر الاقتصادية.

3- تطور طرق البحث في الاقتصاد السياسي :

ان طرق البحث في الاقتصاد السياسي لم تقف عند حد التنازع التقليدي بين مختلف الطرق المنتمية الى الطريقتين الاستنباطية و الاستقرائية بقصد بيان مزايا و عيوب كل طريقة تمهيدا للاخذ بها او التخلي عنها . فقد شهدت هذه الطرق تطورا كبيرا بفضل التطورات المتلاحقة التي طرات على معظم الأوضاع الاقتصادية في مختلف دول العالم و ادت الى ضرورة اعادة النظر في اساليب البحث في الاقتصاد مما يتفق و طبيعة التحولات التي طرات على دور الدولة و نقلت هذا الدور من الحياد الى التدخل في كثير من المجالات الحياة الاقتصادية . ان هذه النظرة الجديدة للاقتصاد نقلت جو النزاع و المناقشة من صعيد اختيار طريقة من طرق العلوم الأخرى الى صعيد جديد فلقد راح علم الاقتصاد الحديث يحاول ايجاد نظريات لا تكتفي بفهم و شرح الواقع فحسب انما يسعى لاقتراح سياسة اقتصادية عملية التي تواجه الظواهر الكلية اضافة الى الظواهر الجزئية.

أ‌- التحليل الجزئي و التحليل الكلي :

بعكس العلوم الطبيعية التي تطورت من الكلي (المادة) الى الجزئي (الذرة) فان الاقتصاد قد تطور من الجزئي (الفرد) الى الكلي (الجماعة،الأمة) النظرة التي كانت تعتمد حتى عهد قريب على التحليل الجزئي (الوحدوي) Microéconomique ، اصبحت تفسح مجالا متزايدا للتحليل الكلي Macroéconomique للفعالية الاقتصادية و لم يعد الفرد – كما كان- محور الحياة الاقتصادية و مركز اشعاعها.و فيما يتعلق بالتحليل الاقتصادي الجزئي (الوحدوي) فان موضوع البحث هو التصرف الاقتصادي للافراد و تاثيره على الواقع الاقتصادي ، بمعنى ان السلوك الفردي يكون مهيمنا على طريقة التحليل باعتبار ان الحياة الاقتصادية هي مجموعة من التصرفات الفردية على الصعيد الاقتصادي.

و لقد كانت هذه نظرة الاقتصاديين قبل 1936 اذ كانوا ينطلقون من المصلحة الشخصية للافراد في تحليلهم للنشاط الاقتصادي ، و كانت اهتماماتهم مختصرة على مشاكل محدودة كمشكل القيمة و تحديد الأسعار و كانت هذه الطريقة تطابق الواقع الاقتصادي و الذي كان من صفاته صغر حجم المؤسسات و عدم وجود منظمات اجتماعية مهيكلة و انعدام تدخل الدولة ، فلم تكن هناك عناصر قادرة على التاثير بفعل مبادراتها على التوازن العام و كان هذا الأخير ناتجا عن مجموع تصرفات الأفراد .

فكل الدراسات المرتبطة بالسلوك الفردي انطلاقا من المصلحة الفردية كدراسة تسيير المشاريع و تحديد الأسعار في السوق هي من اختصاص الاقتصاد الجزئي و انتشار هذه الدراسات الكلاسيكية القديمة .اما التحليل الكلي أي المتعلق بالاقتصاد التجميعي فيعتمد على نظرة جديدة للاشياء فهو يهتم بالجماعة اكثر من الأفراد ، و البحث يرتكز على الأمة ككل عوض ان يتعلق بالمؤسسات الفردية فقط. والمصلحة العامة لا تعتبر مجموعة من المصالح الخاصة بقدر ما هي مفهوم جديد يستمد معناه من نظرة شاملة و لقد بدات هذه النظرة اثر ازمة 1929 على صعيد الاقتصاد التطبيقي ، و صدور كتاب اللورد كينز Keynes سنة 1936 و المدرسة الكينزية فيما بعد فترة الثلاثينيات من القرن العشرين على صعيد الاقتصاد النظري.و هو كذلك اتجاه يطابق الواقع التاريخي الذي نعيشه و الذي يتسم بتزايد تدخل الدولة و كبر حجم الوحدات و التاثير الفعلي للنقابات و الجماعات الشىء الذي ادى بالاقتصاديين لتغيير رؤيتهم للاحداث و تغيير تفسيرهم كذلك لها ، فاخذ يهتم بالمجاميع الكلية من دخل وطني و استهلاك وطني و استثمار وطني و ادخار وطني ....الخ. على أساس ان هذه الكميات هي قاعدة التوازن الاقتصادي العام. و لقد كانت النتائج المباشرة لهذه الطريقة في البحث ان انتشرت في اغلب البلدان المحاسبة الوطنية Comptabilité Nationale التي تختلف عن المحاسبة الخاصة و عن الميزانية المعروفة للدولة.

كما ان اغلب الدول قامت بوضع حسابات لمعرفة دخلها الوطني و ثروتها الوطنية و منها من قام بانشاء ميزانيات اقتصادية وطنية عامة هدفها تحقيق التوازن او القضاء على الخلل بين الناتج الوطني الكلي المتوقع من جهة و بين طريقة انفاقه المتوقعة من جهة اخرى.

و تجدر الاشارة هنا الى ان تطور طريقة التحليل الاقتصادي على النحو السابق الذكر لم يمر دون ان يترك آثارا و يخلق مشاكل لعل اهمها قضية الانتقال من التحليل الجزئي الى التحليل الكلي الا ان نتيجة الأبحاث في هذا المجال لا تزال ادنى من ان تصل الى اقامة الجسر الذي يعبر عليه التحليل الاقتصادي من الجزئي الى الكلي فتصرف الجماعة لا يمكن ان يكون ابدا جمعا لتصرفات الأفراد الذين يشكلونها كما تصور ذلك الاقتصادي السويدي ليندال E.Lindahl ، و ان الكلي في الاقتصاد ليس معادلا لمجموع الجزئيات كما اقترح ذلك WALRAS و هذه هي احدى المشكلات النظرية الكبرى التي يواجهها اليوم علم الاقتصاد.

ب- التحليل الساكن (ستاتيكي) و التحليل الديناميكي (الحركي) :

ان الدراسات و الأبحاث التي قام بها الفرد مارشال A.Marshall لم تدع حالا للشك في ضرورة ربط الإقتصاد كعلم ،بالواقع الحي والمتطور وبأن هذا الربط لا يمكن الاستغناء عنه لاقتراح سياسة اقتصادية للدولة التي اتسع دورها ليشمل معظم جوانب الحياة الاقتصادية . من خلال هذا التطور لدور الاقتصاد في الحياة العملية و لدور الدولة في الحياة الاقتصادية اخذت طرق البحث الاقتصادي تعرف تنازعا جديدا بين نوعين من التحليل الاقتصادي ، التحليل الساكن (الجامد) Statique و التحليل الحركي Dynamique للفعالية الاقتصادية .

1- التحليل الساكن : هو التحليل الذي يقترح نماذج نظرية تخرج عامل الزمن و التطور من حسابها ، فهو اشبه ما يكون بالتصوير الفوتوغرافي الذي يعطينا صورة من وضع معين في لحظة معينة من زمن محدد و لذلك فهذا النوع من التحليل يعتبر تحليلا ساكنا.

2- التحليل الديناميكي : و هو عكس سابقه يحاول –رغبة منه في فهم الواقع الملموس – ادخال عامل الزمن و عنصر النقد الى التحليل الاقتصادي و هو الأقرب الى الحقيقة و لكنه الأصعب مثالا و تحقيقا . و ان هذه الصعوبة منعت الاقتصاد من الوصول الى نظرية ديناميكية متكاملة لتحليل الحياة الاقتصادية رغم انشغال البحث العلمي بهذا الهدف .

و التحليل الديناميكي كما يقول فريش Frisch " ان تاخذ بعين الاعتبار الأحجام و القيم المختلفة للتحولات الاقتصادية في فترات مختلفة من الزمن و ذلك عن طريق استخدام بعض المعادلات التي تضم في طياتها في وقت واحد ، قيما و احجاما تعود الى فترات زمنية مختلفة".

غير ان وضوح المنطلقات لا يعني قيام التحليل و صحة نتائجه ، فما زال التحليل الديناميكي لم يعط الثمار المرجوة منه .

4- طريقة النماذج :

بعد الحرب العالمية الثانية تطورت طريق جديدة للتحليل الاقتصادي تدعى طريقة "النموذج Modèle" و هي تسعى لتحقيق ارتباط اقوى و امتن بين النظرية الاقتصادية بشكلها الحديث (أي النظرية الكمية،الكلية والديناميكية) و بين الاحصاء بطرقه المختلفة و ذلك عن طريق استخدام اللغة الرياضية ، وهي تسعى ايضا لتسجيل التطور المستمر الذي يلحق بالمؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية و بالمحيط العام من جهة و بين آلية الحياة الاقتصادية من جهة اخرى .ان هذه الطريقة الجديدة تفسح المجال لالتقاء الباحث الاقتصادي و الاحصائي مع رجل الدولة او المسؤول عن السياسة الاقتصادية فيها . و بهذه الطريقة يخرج الاقتصاد السياسي عن كونه مجرد علم نظري ليلتقي بالحياة العملية الفكر البحت يلتحم بالعمل و السياسة الاقتصادية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 8:59 am

- ما هو النموذج؟ النموذج بحسب التعريف التقليدي لفانسان Vincent هو " الشكل المبسط و لكن الكامل للتطور الاقتصادي لمجتمع ما خلال فترة معينة بمظهره الكمي و الرقمي ". و حسب H.Guitton "فالنموذج هو مخطط مبسط يقصد به شرح الواقع او التاثير عليه على ان يستخدم الباحث في ذلك المعطيات و المتحولات الكمية او القابلة لان تحول الى كمية". فكل نموذج اذن يفترض التبسيط ، و من وجهة النظر التقنية يرسم لنا سير نظام اقتصادي معين بمساعدة مجموعة من المعادلات الرياضية التي توضح العلاقة القائمة بين احجام و كميات اقتصادية يستطاع قياسها و تاخذ كمعبرة و دالة على خط سير هذا النظام الاقتصادي .

2- النموذج و النظرية الاقتصادية : ان المبدا الأساسي في بناء النموذج هو الاعتماد على نظرية اقتصادية حديثة . بمعنى ان تدخل في صلبها و كمنطلق اساسي لها قضية المرور من الفكر البحت الى الملاحظة و العمل فالنظرية التي يعتمدها النموذج كاساس له يجب ان تجمع التجربة الى الواقع ، ان تكون كلية و ديناميكية معا.

أ‌- ان المرور من المجرد الى الواقع من أعمال المدرسة التاريخية الألمانية و مدرسة المؤسسات الأمريكية فما فهاتين المدرستين بينتا اختلاف البنية الاقتصادية بين الأنظمة المتعددة مما يجعل إطلاق التعميمات و القوانين العامة شيئا صعبا. لذلك اقترحت تخصيص نموذج لكل مجتمع أو شريحة اجتماعية فيه. و من دراسة مجموعة هذه النماذج و مقارنتها ببعضها البعض يمكن التوصل حسب رأي هاتان المدرستان الى أحسن المعلومات عن تطور البنية الاقتصادية للمجتمع بأكمله.

ب‌- يرجع الفضل الى كينز في قضية المرور من الجزئي الى الكلي، مما أدى بأغلب الاقتصاديين الى الاعتماد على الأسلوب الكلي للتحليل ، و كذلك فان النماذج تعتمد من الأساس على المجاميع الكلية و العامة.

ت‌- أن محاولة المرور من التحليل الساكن (الستاتيكي) الى التحليل الحركي (الديناميكي) تعتبر من أهم أعمال المدرسة السويدية المعاصرة التي سعت الى ادخال عنصري الزمن و النقد في التحليل الاقتصادي و ذلك باعتبارهما يتدخلان في صلب الحياة الاقتصادية.

3- انواع النماذج : جرت العادة بالتمييز بين نوعين من النماذج : النماذج النظرية و النماذج الاحصائية، مع ان النموذج الكامل هو النموذج النظري و الاحصائي معا ، فلا معنى للواحد دون الآخر .
أ‌- النموذج النظري : يعتمد هذا النموذج على علاقات رياضية يفترض انها تصور تصرفات الأفراد و العلاقات القائمة في المجتمعات الاقتصادية . و لا مجال لحصر هذه النماذج النظرية لانها تخضع لرغبة الباحث و ما يعتبره صحيحا . لهذا فان مقارنة هذه النماذج المتعددة بالواقع الاحصائي هو وحدة الذي يبرهن اما عن صحتها او خطئها .



ب‌- النموذج الاحصائي : و هو النموذج الذي يعتمد على المجموعات الاحصائية الرقمية في محاولة الوصول الى شرح و تفسير الواقع دون الاستعانة بنموذج مسبق .

4- مراحل تكوين النموذج: ان وضع أي نموذج يتطلب من الباحث القيام بعمليات متعاقبة و متتالية حتى يصل الى تكوين النموذج المراد بحثه و يمكن تلخيص هذه العمليات المتتابعة كما يلي : اختيار المتغيرات و الثوابت ثم دراسة العلاقات بين المتغيرات وصولا الى الصيغة النهائية للنموذج المقترح .

1- اختيار التغيرات و الثوابت: في بداية عملية انشاء النموذج يجب على الباحث ان يقوم بتحديد شروط بحثه و هدف هذه الشروط ، حيث يقوم بحصر النظام التطبيقي للنموذج و تبسيطه للدرجة التي يراها اكثر ملائمة للغاية المتبناة من وضعه.و هذه الشروط تتعلق اما :

- بالبنية الاقتصادية للمجتمع ، حيث بامكان الباحث ان يفترض بان البنية الاقتصادية للمجتمع هي بنية مغلقة (اقتصاد مغلق) او ان يفترض مجتمع يتصف بعدم تدخل الدولة فيه بالحياة الاقتصادية.

- بآلية الحياة الاقتصادية حيث بامكان الباحث ان يفترض عدم وجود خلل في ميزانية الدولة و بالتالي عدم اصدار اوراق نقدية اضافية من قبل الدولة لتغطية هذا العجز . او ان يفترض بان التغيرات في معدل الفائدة لا اثر لها على الفعالية الاقتصادية.

2- العلاقات بين المتغيرات : بعد الانتهاء من عملية اختيار المتغيرات نوعا وكما يتعين على الباحث دراسة العلاقات التي تربط حاليا او بامكانها ان تربط هذه المتغيرات بعضها مع بعض و غالبا ما تكون هذه العلاقات على الشكل التالي :

ا- العلاقات المحاسبية: و هي علاقات اجبارية لاعتمادها على المنطق الحسابي و الرياضي . فعلى سبيل المثال اذا اخترنا لنموذج معين المتحولات التالية :رقم الأعمال لقطاع صناعي معين ، كمية السلع المباعة في هذا القطاع ، فانه لا مجال للتردد في القول بان قيمة رقم الأعمال يجب ان يساوي بالتاكيد حاصل ضرب كمية السلع المباعة بالسعر المتوسطي للسلعة ، الأمر الذي يدلنا على ان العلاقة القائمة بين هذه المتغيرات المختارة هي علاقة اجبارية و منطقية.

ب- العلاقات التنظيمية: ان هذا النوع من العلاقات يعتمد في آخر المطاف على العوامل النفسية الفردية و العامة التي تسود المجتمع و هي مهمة غاية في الصعوبة و الدقة وتحتاج الى فهم عميق للدوافع الاقتصادية . فاذا اعتبرنا ان العلاقة التي تم اثباتها في السابق سوف يتم اثباتها في اللاحق لامكننا ان نقول مثلا بان هناك علاقة بين زيادة الاستثمارات من جهة و زيادة الانفاق من جهة ثانية.

ج- العلاقات التقنية: و ابرز مثال لها هو العلاقات الفنية القائمة بين كمية عناصر الانتاج و انواعها من جهة و بين كميات السلع المنتجة من جهة ثانية.

د- العلاقات السلوكية: و هي تشير الى ردود فعل المجموعات البشرية على بعض المحرضات الاقتصادية كأن تقول مثلا بان الادخار(s) تابع للدخل y و لمعدل الفائدة (i) و لمتحول آخر هو عامل الصدفة (H) فيمكننا صياغة العلاقة على الشكل التالي :

(i ,H y, f( s=

2- حدود استعمال طريقة النموذج:

يرجع الفضل في انتشار طريقة النموذج الى ابحاث اللورد كينز و على الأخص كتابه الأساسي "النظرية العامة" الذي اعتمد فيه طريقة التحليل الكلي و على التفرقة بين المتغيرات الاقتصادية التابعة و المستقلة و كذلك على بعض الغلاقات الشبه رياضية كالميل نحو الاستهلاك و تفضيل السيولة .....الخ. و يمكن ان نفرق بين شكلين من النماذج :

أ‌- النماذج الشارحة: و تستخدم في تحليل سير و عمل المجموعات الاقتصادية و من اهم امثلتها النموذج الذي وضعه الاقتصادي ليونتييف Wassily.Leontief و هو خاص بتحليل الترابط بين القطاعات و الذي يعرف بتحليل المدخلات – المخرجات Input-output و لقد توسع في استخدام هذا النموذج منذ الخمسينيات من القرن العشرين في مختلف النظم الاقتصادية .نماذج السياسة الاقتصادية : و هي تلك التي تهدف الى تبيان الآثار المختلفة لسياسة اقتصادية معينة و في فترة زمنية معينة . و ابرز مثال لهذا النوع من النماذج هو النموذج الذي وضعه الاقتصادي تنبرغن J.Tinbergen لدراسة آثار السياسات الاقتصادية في هولندا فيبين فيه ما هو اثر سياسة الأجور و الضرائب و الأسعار و الانتاجية على العمالة و على ميزان المدفوعات و تسمى ايضا علاقات التصرف. و تعتبر طريقة النماذج اكثر فعالية بالمقارنة مع غيرها من الطرق السابقة عليها و ذلك بالنظر الى انها تجمع بين الطريقتين الاستنباطية و الاستقرائية في البحث ، كما انها تهتم بالتحليل الكلي و اعتمادها على البيانات الاحصائية. و تتبع اثار الظواهر المختلفة في الفترات المختلفة الزمنية المتتالية أي انها تقوم بتحليل ديناميكي.
أ‌- . الا انه رغم اهمية طريقة النموذج فانها تعترضها حدود ثلاثة :

1- عدم اجماع الباحثين و اختلافهم و اختيار نوعية و عدد المتغيرات التي تكون محلا للبحث ، و هذا لاختلاف راجع الى ان هذه الطريقة تترك للباحث حرية اختيار المتغيرات و التصرف فيها .

2- صعوبة الاتفاق مسبقا على مدلول الأرقام الاحصائية العامة . فهل ناخذ بالاحصاءات السنوية ام الشهرية ....الخ.

3- ان معظم الاقتصاديين يعتبرون العلاقات القائمة بين العناصر الاقتصادية و كانها ثابتة بينما نجد بان الواقع يخالف غالبا هذه الفرضية.

5- طرق البحث في الفكر الاقتصادي المعاصر :

يسود الفكر الاقتصادي المعاصر حول طرق البحث في علم الاقتصاد اتجاهان رئيسيان هما الاتجاه التجريدي و الاتجاه التجريبي .

1- الاتجاه التجريدي: و من ابرز مؤيدي هذا الاتجاه الاقتصادي" ليونيل روبنز" Lionel" Robbins " حيث يرى ان النظريات و القضايا التي يتضمنها الفكر الاقتصادي ليست سوى استدلالات و استنتاجات من مجموعة من المسلمات ، و ان اهم هذه المسلمات ليست سوى مجموعة من الفروض التي تتضمن حقائق لا خلاف عليها ، و ان هذه الحقائق تتعلق بالكيفية التي تعكس مشكلة الندرة و هي الموضوع الأساسي لعلم الاقتصاد و اثرها في الواقع الاقتصادي .

و من امثلة ذلك حسب روبنز ان اهم المسلمات في نظرية القيمة هي انه باستطاعة الفرد ان يقوم بترتيب تفضيلاته حسب نظام معين و انه يقوم بذلك فعلا. و ان اهم المسلمات في نظرية الانتاج وجود اكثر من عنصر واحد من عناصر الانتاج ، و ان اهم المسلمات في نظرية الحركة انه لا يمكن التيقن من درجة الندرة في المستقبل .و احيانا تدخل عوامل عرضية كحالة الحرب مثلا "في زيادة الطلب على السلعة" ففي هذه الحالة يصبح التجريد اكثر ضرورة لان العوامل العرضية لا تتكرر و بالتالي ينبغي عزلها حتى لا نقع في اخطاء التحليل. و يعتقد روبنز ان صحة النظريات تتوقف على مدى الالتزام بقواعد المنطق الشكلي في استنتاجها من الفروض العامة التي تقوم عليها او على المسلمات التي تستنبط هذه النظريات منها. كما يعتقد ايضا انه لا بد حتى يكون في استطاعة الاقتصاديين ان يقدموا تفسيرا سليما للمسائل التي تدخل في نطاق علمهم ، ان يراعوا الاعتبارات النفسية في هذه التفسيرات.

2- الاتجاه التجريبي : و من ابرز مؤيدي هذا الاتجاه الأستاذ فريدمان Friedman حيث يرى بان علم الاقتصاد علما وضعيا ، او انه يمكن ان يكون كذلك ، كما انه يرى انه مستقل من حيث المبدا عن الاحكام التقديرية للباحث ، و يمكن القول ان منهج فريدمان يعتبر امتداد منطقيا لرايه في طبيعة هذا العلم ، فهو يهدف الى تطبيق منهج العلوم الطبيعية في دراسة الظواهر الاقتصادية و ذلك بقصد الوصول الى نظريات او افتراضات تتميز بقدرتها على اعطاء تنبؤات صحيحة عن ظاهرة موضوع البحث . و لما كان من المتعذر اجراء التجارب في معامل الاختبار في دراسة الظواهر الاقتصادية فلا بد من الاعتماد على الأدلة و الحقائق التي يتصادف حدوثها في دنيا الواقع في اختيار النظريات الاقتصادية . و يعتقد فريدمان ان تعذر اجراء التجارب المعملية في الدراسات الاقتصادية.لا يترتب عليه اختلافا جوهريا بين علم الاقتصاد من ناحية و العلوم الطبيعية من ناحية أخرى. و يرى فريدمان ان انتقاد النظرية الاقتصادية الحديثة على اساس عدم واقعية فروضها انما كان نتيجة الربط الخاطىء بين دقة النظرية في وصف الظاهرة وصفا واقعيا امينا و بين القوة التحليلية لهذه النظرية أي قدرتها على تفسير و فهم الظاهرة.

و قد ترتب على هذا الخلط اضاعة الكثير من الجهد في محاولة بناء نظريات تهتم اساسا بالدقة في وصف الواقع دون ان تهتم بالهدف الأساسي للنظرية ، أي قدرتها على تحليل الظاهرة و اعطاء تنبؤات صادقة.





الفصــل الثاني: الاقتصــاد السياســي و علاقته بالعلــوم الاجتماعية

ان العلوم الاجتماعية التي تعتبر الانسان موضوعا لها تتقارب فيما بينها سواء بالنسبة لمحتواها او بالنسبة لطرق البحث التي تتبعها . و هذا لا ينفي ان لكل علم خاصيته و مهامه.

و النشاط الاقتصادي لا يكون مستقلا تماما عن الجوانب الاجتماعية الأخرى ، فالاقتصادي يجمع بين التجريد النظري الذي تقوم عليه الدراسة الاقتصادية كاداة فكرية و بين المعرفة بالسلوكات الانسانية الأخرى ، فيجمع بذلك بين دوره كعالم اقتصادي و بين دوره كباحث اجتماعي . و حيث ان الاقتصاد السياسي علم حديث نسبيا و في تطور مستمر فان حدوده ما تزال غير واضحة و هو يسعى دائما الى توسيع دائرة موضوعاته و هذا يستدعي منا البحث في حقيقة علاقته بالعلوم الاجتماعية الأخرى.

1- الاقتصاد السياسي و الفلسفة: الاقتصاد السياسي هو علم فلسفي لأن مناهج التحليل التي يعتمدها تخضع لقواعد المنطق و الاستنباط و الاستقراء كما اشرنا سابقا و كلها مناهج فلسفية يعتمدها الاقتصاديون لأن الخيارات الاقتصادية على الرغم من كونها مادية في غالبيتها فانها تعتمد ايضا على عوامل فكرية و نفسية.

2- الاقتصاد السياسي و علم الاجتماع : لقد بين شومبيتر J.Schumpeter العلاقة القائمة بين الاقتصاد السياسي و علم الاجتماع فقال: "ان التحليل الاقتصادي يهتم بمعرفة كيفية تصرف البشر و ما هي الآثار المترتبة على تصرفهم هذا ، بينما يهتم علم الاجتماع بمعرفة السبب الذي يدفع الأفراد الى التصرف على الشكل الذي اختارونه".

فالاقتصاد يتولى دراسة الناس كجماعات و لهذا يهتم عالم الاقتصاد بمعرفة انماط التجمعات البشرية (مهن،طبقات،امم) لأن الظواهر الاقتصادية تنشا و تتطور في اوساط محددة.

و تظهر العلاقة بين النواحي الاقتصادية و الاجتماعية أكثر ما تظهر في "علم الاجتماع الاقتصادي" و هو فرع خاص من علم الاجتماع ، فاذا كان التحليل الاقتصادي ينشغل وفقا لكــولم G.Colm بمعرفة الكيفية التي يسلك بها الأفراد و الطبقات في كل لحظة و الآثار التي تترتب على هذا السلوك فان علم الاجتماع الاقتصادي يحاول الاجابة على السؤال الخاص بمعرفة كيف انتهى هؤلاء الأفراد الى أن يسلكوا على النحو الذي اختارونه.و تجدر الاشارة الى انه نشا علم جديد و هو "علم القياس الاجتماعي" Sociométrie" مهمته قياس ظواهر كانت تبدو غير قابلة للقياس الكلي مثل تأثير العلاقات الانسانية على انتاجية العمل ، أو تأثير العلاقات الموضوعية على زيادة فعالية العمل بالنسبة للشخص ...الخ.

3- الاقتصاد السياسي و الديموغرافيــا: الديموغرافيا هي فرع من فروع المعرفة يهتم بدراسة السكان حالتها و حركتها عبر الزمن.

و انطلاقا من التعاريف السابقة لعلم الاقتصاد السياسي راينا ان الانسان هو العامل الأساسي في النشاط الاقتصادي ، فالعوامل الديموغرافبة تؤثر على النشاط الاقتصادي اذ هي تحدد له شروطه الأساسية: اليد العاملة كما و كيفا و كذلك مدى الحاجات التي يمثل اشباعها الهدف النهائي للنشاط الاقتصادي.كذلك فان العوامل الاقتصادية تؤثر هي الأخرى على كيفية التوزيع الجغرافي للسكان كميا و كيفيا سواءا بالنسبة للكثافة السكانية او على أشكال التجمعات البشرية .و هي تؤثر كذلك على معدلات الانجاب و تحديد الشروط المادية للحياة بالنسبة للمواليد و الوفيات و متوسط العمر.

4- الاقتصاد السياسي و الجغرافيــــا: إن النقطة التي يلتقي عندها الاقتصاد السياسي بالجغرافيا هي تلك الخاصة بتوطن النشاط الاقتصادي حيث يزودنا علم الجغرافيا بالمعلومات المتعلقة بالشروط الطبيعية (مصادر الطاقة،مصادر المواد الأولية) و البشرية (التجمعات السكانية مصدر اليد العاملة) للنشاط الاقتصادي ، و يمكن للجغرافي أن يهتم بالحياة الاقتصادية من خلال ما يسمى "بالجغرافيا الاقتصادية" و لكن يبقى في مستوى وصف الأحجام و الواقع و لا يهتم بدراسة أسرار التطور الاقتصادي .

5- الاقتصاد السياسي و التاريخ : تقدم البحوث التاريخية خدمات هامة للاقتصادي لأنها تساعده على معرفة الوقائع و الفعاليات الاقتصادية ، فلا يمكن للاقتصادي أن يستغنى عن التاريخ الذي يعينه في فهم التطور و تعاقب الأنظمة الاقتصادية المختلفة و بالتالي تساعده في فهم الحاضر . فبالعودة الى التاريخ يمكننا معرفة عوامل ولادة و نمو و تطور و فناء الأنظمة الاقتصادية المتعاقبة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 9:00 am

يمكننا ربط تطور الأفكار الاقتصادية مع تطور الوقائع و تجدر الاشارة هنا الى ان أهمية علم التاريخ هي التي أدت بالمدرسة التاريخية الألمانية الى بناء كامل نظريتها على تاريخ الوقائع الاقتصادية ، و بعملها هذا بينت مدى العلاقة القائمة بين التاريخ و الاقتصاد.

و التحليل الاقتصادي لعصر من العصور يستوجب العودة الى ذلك العصر لدراسة مؤسساته السياسية و تاريخه الاجتماعي،....الخ.

6- علاقة الاقتصاد السياسي بعلم النفس: يهتم علم النفس بالدوافع التي تحدد سلوك الأشخاص و تدفعهم الى تصرف معين . و هناك علاقة وثيقة بين علم الاقتصاد و علم النفس ، فالاقتصاديون الكلاسيك يعتمدون على التحليل النفسي بشكل أساسي في فهم التصرفات الاقتصادية و فهم سلوك الأفراد لأنهم يعتقدون أن المنفعة الشخصية هي الدافع و المحرك الأساسي لسلوك الفرد . كما أن لعدة ظواهر اقتصادية مثل الظواهر النقدية أو ظاهرة القيمة أو ظواهر التقلبات الوقتية ارضية نفسية . يضاف الى ذلك تاثير الدعاية و وسائل الاعلام في توجيه المستهلكين و هكذا نشا علم خاص هو علم التسويق يقوم بالاصل على التحليل النفسي.

7- الاقتصاد السياسي و القانون : ان العلاقة بين القانون و الاقتصاد علاقة وطيدة اذ أن القانون يدرس القوانين التي اختارها مجتمع ما لنفسه ، و هذه القوانين ما هي الا ترجمة لواقع البنيات الاقتصادية التي تفرضها على المجتمع و العلاقة بين القانون و الاقتصاد لا تجري في كافة المجتمعات على وتيرة واحدة . فلكل مجتمع تنظيمه الخاص به و الذي يعكس الى حد معين الضرورات الاقتصادية و الاجتماعية السائدة فيه بغرض الوصول الى تحقيق أهداف النظام الاقتصادي الذي يأخذ به ، و من هنا أعتبر القانون عنصرا من العناصر المكزنة للنظام الاقتصادي .و نشير هنا الى أن هناك منهجان لمعالجة العلاقة بين الحقوق و الاقتصاد .

* المنهج الأول : يرى باخضاع الظواهر الاقتصادية للحقوق ، فحسب البعض فان تعديل النظام الحقوقي للملكية و الميراث و الأحوال الشخصية (الزواج،الطلاق،..) يمكن أن يجر وراءه تعديلات واسعة على النشاط الاقتصادي (انتاج،تراكم،...الخ) ، و حتى التاثير في السكان.

* أما أصحاب المنهج الثاني فانهم يروا أن القانون و المؤسسات الحقوقية ما هي الا انتاج التطور الاقتصادي و لكنهم لا ينكرون التاثير العكسي للمؤسسات الحقوقية على النشاط الاقتصادي .

و الحقيقة أن التشريع يعكس مصلحة الطبقة السائدة في المجتمع و بالتالي فانه ياتي انعكاسا لمستوى و تطور طبيعة النشاط الاقتصادي (حماية الملكية،نظام الارث،..الخ) ، و لكنه في نفس الوقت يؤثر في تطور و مستوى هذا النشاط .

و لا يمكن أن نتصور اليوم رجال القانون يقومون بمهامهم دون الاستعانة بالمعلومات الاقتصادية ، كما انه من غير المعقول التعرض الى الحياة الاقتصادية بدون تحديد الاطار القانوني ، كما أن هناك مواد قانونية متعلقة بالتصرفات الاقتصادية كالقانون التجاري و تسيير المشاريع و قانون النقد و القرض.

8- الاقتصاد السياســي و السياسة: تبحث العلوم السياسية في طبيعة السلطات العامة و وظائفها و العلاقات بينها و طرق الحكم المختلفة ، و رغم هذا الاختلاف الظاهر بين الموضوعات التي تدرسها هذه العلوم و الموضوعات التي يدرسها الاقتصاد ، الا أن الواقع و التاريخ يوضحان لنا مدى ارتباط السياسة بالاقتصاد ، لأن كل قرار سياسي يحمل في طياته نتائج اقتصادية معينة بل أن القرار السياسي ليس الا تركيزا لمصالح اقتصادية معينة .

فقرار الحرب و السلم لهما حساباتهما الاقتصادية و اقامة علاقة خارجية مع دولة أجنبية لها حساباتها الاقتصادية أيضا.
الفصـــل الثالث: الاقتصاد السياسي و علاقته بالتقنيات الكمية



1- الاقتصاد السياسي و الرياضيات:

لقد شاع استخدام الرياضيات في التحليل الاقتصادي حيث أنها تزود الاقتصادي بطريقة استنتاجية للمحاكمة العقلانية منذ القرن التاسع عشر على يدي كورنو و فالرايس و اتخذت أهمية كبرى في أبحاث الاقتصاد الرياضي ، حيث أصبحت الدراسات الاقتصادية غير ممكنة بدون حسابات التفاضل و التكامل و المحاسبة بكل أنواعها ......الخ. و الرياضيات طريقة هامة من طرق البحث و البرهنة على صحة الفرضيات الأساسية التي يختارها الباحث الاقتصادي و يحتاجها الاقتصادي عند وضع و تحليل النماذج الرياضية و بالأخص عند دخول التخطيط و البرمجة في الدراسات الاقتصادية الجزئية و الكلية. فالاقتصادي لا يمكنه أن يساير التطور الحديث الذي طرأ على علم الاقتصاد خاصة و أن معظم فروع الاقتصاد التطبيقي أصبحت تعتمد على الرياضيات.

2- الاقتصاد السياسي و الاحصاء:

إن الدراسات الإحصائية لا غنى عنها للاقتصادي لأنها تزوده بالمعلومات الرقمية التي يحتاجها الى حين مقارنة النظريات التي توصل اليها بالواقع العملي ، فدراسة أي ظاهرة اقتصادية يتطلب جمع المعلومات عنها و تبويبها في شكل جداول و منحنيات بيانية بصورة تمكن الاقتصادي أن يستقرىء النتائج من ذلك و يحلل الظاهرة بشكل علمي و دقيق يقوم على مدى تكرارها و العلاقة بين النتائج و الأسباب فالاقتصادي المعاصر لا يمكنه الاستغناء عن الاحصاء و الرياضيات باعتبارها أدوات ضرورية لاتخاذ القرار الاقتصادي العقلاني .

3- الاقتصاد السياسي و الاعلامياء: (الإعلام الآلي)

لقد أدى ظهور الحاسوب بعد الحرب العالمية الثانية الى تطور معالجة المعلومات باستخدام الحاسوب و نظام البرامج المتعددة أحدث تغبير فعلي في إدارة المؤسسات الاقتصادية ، كما زود الاقتصادي بإمكانيات هائلة على التنبؤ من خلال توفير المعلومات . و كذلك توفير قوة العمل باستخدام البرامج المعلوماتية في المحاسبة و تسيير المخزون و تسيير الأفراد.........الخ.

إن استخدام الحاسوب ساعد على تطوير الاقتصاد النظري و التطبيقي على حد سواء.

4- الاقتصاد السياسي و التكنولوجيا : (فن الإنتاج)

للاقتصاد علاقة بعلوم التكنولوجيا تتعلق بالمادة بسبب دراسته لعلاقة الإنسان بالمادة ، فالتكنولوجيا تهتم بالمادة بينما الاقتصاد يدرس العلاقة بين البشر و المادة من جهة و بين البشر بعضهم مع بعض حينما تكون المادة وسيطة بينهم من جهة ثانية.

فرجل التكنولوجيا يدلنا على المردود الكمي الذي بإمكاننا أن نحصل عليه من تطبيقنا لفن معين في قطاع اقتصادي معين ، أما الاقتصادي فانه يدلنا على مردودية هذا التطبيق.فالاقتصادي لا يمكن أن يدرس تكاليف الآلات و إنتاجها اذا ما أهمل التعرف على دور هذه الآلات و خصائصها التكنولوجية.

5- الاقتصاد السياسي و العلوم الحيوية:

لقد أشرنا سابقا الى أن الاقتصاد يهتم بإشباع الحاجات المتعددة بواسطة السلع النادرة ذات الاحتمالات البديلة ، من هنا تظهر أهمية العلوم الحيوية بالنسبة للاقتصادي حيث تعرفه بالقوانين الفيزيولوجية التي تحدد حاجات الإنسان ، و هذه المعرفة ضرورية و خاصة من أجل حساب الحد الادنى لمستوى المعيشة للاستهلاك الذي لا يمكن تقليصه ، و كذلك لحساب تكاليف تكوين الرأسمال البشري (الثروة البشرية) و كذلك لحساب تكاليف التغيرات الإنسانية (مستوى الخصوبة-معدل الوفيات....الخ) .

ان المعلومات الخاصة بالعلوم الحيوية تعتبر ضرورة لكل اقتصادي و ذلك من أجل إجراء الحسابات على المستوى الجزئي (المؤسسة) تقدير الطلب أو على مستوى الاقتصاد الكلي من اجل تحديد المجاميع الكلية اللازمة للتوازن الاقتصادي الكلي.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 9:05 am

الاقتصاد السياسي و الطب:

لقد اعتمد الاقتصاد على بعض مناهج البحث و بعض الصور من الطب ، و هنا يجب التذكير بان الدكتور كيني ((QUESNEY صاحب كتاب "الجداول الاقتصادية "Tableau Economique "

1715 كان طبيبا و شبه توزيع المداخيل في المجتمع الاقتصادي بتوزيع الدم بين أعضاء الجسم البشري .

لقد تعرفنا الى أهمية العلاقة بين الاقتصاد السياسي بالعلوم الأخرى و هذا ما يؤكده الاقتصادي جون ستيوارت ميل "أنه من العسير أن يكون الانسان اقتصاديا جيدا ان اذا لم يكن سوى ذلك".و يتضح من علاقة الاقتصاد السياسي بالعلوم الاخرى بان تطور علم الاقتصاد يتنازعه اتجاهان ، التخصص و الشمولية.

1- تخصص علم الاقتصاد: ان مبررات تخصص علم الاقتصاد نلخصها فيما يلي:

أ- تعقد مجال علم الاقتصاد مع تطوره: ان التعقيد هي صفة كل العلوم في الوقت الحاضر ، فالباحث لا يستطيع الإلمام بكل جوانبها و بالتالي يصبح من الضرورة تطور فروع داخل كل علم و في ميدان علم الاقتصاد تصبح بروز اختصاصات ضرورية جدا مثل الاقتصاد القياسي،الإدارة،المصارف،المحاسبة،......الخ. و كذلك التعمق في بعض جوانب الاختصاص الواحد كالمحاسبة المعمقة،التحليلية،....الخ.

ب- التخصص أحد مستلزمات زيادة الإنتاجية: ان التعمق في التخصص يسمح للاقتصادي بمعرفة دقائق الأشياء و اكتشاف العلاقات بين الظواهر فالتقدم العلمي يرتبط كأي انتاج آخر بتوزيع الأنشطة و المهارات بين عدد متزايد من الفنيين ذوي التخصص الضيق .

2- شمولية الاقتصاد: يرى البعض بأن شمولية علم الاقتصاد تعطي مردودا أكبر لأن:

أ- النظرة العامة للظاهرة من كل جوانبها هي النظرة الصحيحة ذلك أن النظرة الضيقة و من جانب واحد فقط قد تخفي على الباحث حقائق كثيرة. و باعتبار أن علم الاقتصاد من العلوم الاجتماعية المهتمة بالإنسان بكامل سلوكه و أحاسيسه فمن غير المعقول التوصل الى استنتاجات كلية و صحيحة بالنظر إليه من جانب واحد . و لهذا يرى البعض ضرورة توسيع أفق علم الاقتصاد و عدم التشدد في التخصص.

ب- تقدم علم الاقتصاد مرتبط بتقدم العلوم الأخرى ، فتطور التكنولوجيا و علم النفس ينعكس بدوره على تطور علم الاقتصاد.

فلا يمكن عزل السلوك الاقتصادي للإنسان عن جوانب سلوكه الأخرى و محاولة كهذه تعني بالضرورة الحكم على الاقتصاد السياسي بقصوره عن الإحاطة بحقائق سلوك الإنسان ذلك ان العمل الاقتصادي ما هو الا نشاط الانسان في ظل الجماعة.و الخلاصة هو أن الباحث الاقتصادي يحتاج الى مجال واسع و إلمام كبير بمدي تقدم العلوم الأخرى و هو بالضرورة بحاجة الى الاستفادة من مجهودات كل الاختصاصيين في المجالات المختلفة . انه منسق لجهود كبيرة يقوم بها المحاسبون الاحصائيون ....الخ. و عليه أن يستفيد من كل العلوم الأخرى حتى يستطيع الإلمام بكل جوانب الظاهرة الاقتصادية و يتمكن من ايجاد حلول و اقتراحات رشيدة.
- الأفكار الاقتصادية في العالم الإسلامي:





يعتبر ظهور الإسلام ثورة كبرى من الناحية الاقتصادية و الاجتماعية خاصة و أنه انطلق من قبيلة عربية، قبيلة قريش، اشتهرت بالتجارة و تنظيم أسواق موسمية كبرى، فقد نادى الإسلام بالمساواة بين الأفراد المسلمين أمام القانون و سعى إلى القضاء على الرق و حارب الاستغلال الاقتصادي و الأرباح الغير ناتجة عن اجتهاد، و حرم الربا و فرض الزكاة على المالكين.

و يعتبر موقف الإسلام من النشاط الاقتصادي من المواقف الصريحة التي لا يمكن مناقشتها ، فهو دين يشجع هذا النشاط و يحث على السعي المادي للأفراد و يدفع بالتجارة و يعتبر انه من حق المسلمين أن يهتموا بالمعطيات المادية قدر اهتمامهم بالواجبات الدينية ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لأخرتك كأنك تموت غدا)،و نجد عدة آيات قرآنية و أحاديث نبوية تشيد بالنشاط الاقتصادي .

إلا أن الأفكار الاقتصادية لم تأخذ باهتمامات رجال المعرفة بسبب خضوع الحياة الاجتماعية للتعاليم الدينية لذلك كان القرآن و كانت السنة و اجتهادات العلماء المصدر الأساسي للفلسفة الاقتصادية عند الإسلام.

و لم تظهر عطاءات بعض الاقتصاديين إلا في فترات الاضمحلال الحضاري الذي مس العالم العربي أي في القرن الرابع عشر.

1_ مبادئ الفكر الاقتصادي الإسلامي:

يقوم اقتصاد الفكر الإسلامي على أسس يمكن تلخيصها فيما يلي:

1 _ الحرية الاقتصادية المقيدة:

الإسلام نظام اقتصادي أيضا،يؤمن بالحرية الاقتصادية للفرد، حيث سمح للأفراد بحرية ممارسة النشاط الاقتصادي بحدود من القيم المعنوية و الخلقية التي جاء بها الإسلام. إلا أن هذه الحرية مقيدة و ليست مطلقة و ذلك لأنه في حين سماحه بحرية ممارسة النشاط الاقتصادي الذي يرغب فيه ،إلا أنه يشترط أن يكون هذا النشاط الاقتصادي مشروعا،و إقرار مبدأ إشراف ولي الأمر على النشاط العام و تدخل الدولة لحماية المصالح العامة و حراستها.

و قد منعت الشريعة بعض الأنشطة الاقتصادية كالربا و الاحتكار و الغش لأنها ليست من القيم و المثل العليا التي نادى بها الإسلام و الذي يسمح للنشاط الاقتصادي الذي يسعى إلى تحقيق التكافل و العدل و الصدق و التراحم و يحرم النشاط الذي يؤدي إلى جمع الثروات عن طريق الكسب غير المشروع و إلى اكتناز الثروة.

2 _ الملكية:

يعترف الإسلام بالملكية بنوعيها الملكية الخاصة و الملكية العامة.

أ_ الملكية الفردية:

الملكية الفردية يقرها الإسلام إلا أنها محدودة في إطار المصلحة الاجتماعية العامة و مقيدة بمجموعة من المبادئ التي تحفظ حقوق المجتمع و يكون الانتفاع بها حصرا للفرد دون أن يضر بمصلحة الجماعة و تعتبر من الملكية الفردية بشكل أساسي كل ما يمكن امتلاكه بالعمل الفردي من مصادر محللة بالشرع. و هي خالية من كل تعسف في استعمال هذا الحق و قد وضع الإسلام عدة أحكام موسعة في هذا المجال.

ب_ الملكية العامة:

و هي الأموال المخصصة للمنفعة العامة ،و هي تشكل في الإسلام جميع الوسائل المادية التي تهم المجتمع من حيث المنفعة التي تقدمها أو من الضرورة لحياة الناس يشكل عام ( المسلمون شركاء في ثلاثة الماء و الكلأ و النار)،لكن إمكانية القياس مع هذه الموارد لها مكان في الاسلام بحيث يمكن تعميم الملكية الجماعية على ثروات الغابات و باطن الأرض و ما فيها من معادن ثمينة.

3 _ العمل:

يربط الإسلام بين العمل و الإيمان ،فالله سخر الأرض للإنسان ليعمل عليها و يستفيد منها ،و الإسلام يعتبر العمل فرض يضاهي الفروض الأخرى و يؤكد على كرامة العامل مكانته عند الله. و يمكن تلخيص المبادئ الأساسية للإسلام في العمل فيما يلي:

1_ تقديس العمل :و لهذا فهو يقر حق العامل في الأجر المتناسب مع حاجات الإنسان المادية.

2_ يبين الإسلام الحد الأدنى للأجر الذي يكون كافيا للملبس و المأكل و السكن.

3_ العمل أساس الملكية .

4_ مبدأ العدالة الاجتماعية :

تقوم العدالة الاجتماعية من وجهة نظر الفكر الاقتصادي الإسلامي على مبدأين عامين،الأول مبدأ التكافل العام و الثاني مبدأ التوازن الاجتماعي . و في التكافل الاجتماعي و التوازن في توزيع الثروة في المجتمع تحقيق العدالة الاجتماعية.

فالعدالة الاجتماعية تأتي من دوافع فردية و اجتماعية .

_ الدوافع الفردية: الصرفات و الهبات و الهدايا التي يتقدم بها المتسولون إلى رضاء الله بالعطف على المعوزين ، فالإسلام يشجع على تقديم المساعدة لفئات عديدة ( المحتاجين ،ذوي القربى،اليتامى،أبناء السبيل،.....) و يركز على الجانب الصالح من النفس الإنسانية لكي يأتي ألاحسان طواعية.

_ الدوافع الاجتماعية:

الإسلام يفرض على الجماعة حفظ حياة الفرد و بقائه ،و من هنا جاءت مؤسسات الزكاة و خمس الغنائم و الخراج و الوقف و الخراج و عشور التجارة. و الإسلام أخضع الحياة الاقتصادية للقواعد الأخلاقية بما يكفل ازدهار الفرد في مجتمع عادل.

1 - الأفكار الاقتصادية لابن خلدون(1332-1406):



حياته: ولد ابن خلدون في تونس و توفي في القاهرة و هو من عائلة تنحدر أصولها من جنوب الجزيرة العربية ،تقلبت في مناصب الحكم و القضاء في تونس و الأندلس تحدرت من جدها خالد بن عثمان الذي كان دخل الأندلس مع جند اليمنية في عهد الفتوحات الإسلامية و تحول اسمه إلى "خلدون" وفقا للتقاليد السائدة في الأندلس.

تتلمذ ابن خلدون على أيدي عدد من العلماء و المفكرين بجامع الزيتونة بتونس حيث درس تعاليم الدين من خلال القرآن و الشريعة و الفلسفة،و تابع دراسته في فاس بالمغرب حيث اطلع على الفلسفة و العلوم و الرياضيات و الفلك و الطب و التاريخ.

و منذ أن بلغ ابن خلدون الثامنة عشر من عمره بدأ بالمشاركة في الحياة السياسية حيث تقلد عدة مناصب من كتابة السر إلى القضاء و السفارة و الوزارة في بلاط الأندلس و فاس و غرناطة و أدت النزاعات و الألعاب السياسية في المغرب العربي بابن خلدون إلى ترك الحياة العامة سنة 1374 متجها إلى التأمل و التأليف حيث أنجز بين سنوات 1375_1378 الجزء الأكبر من مؤلفه الكبير "مقدمة ابن خلدون " و ذلك أثناء إقامته في قلعة ابن سلامة حيث يصفها قائلا :" و أقمت فيها أربعة أعوام متخليا عن الشواغل ،و شرعت في تأليف هذا الكتاب و أنا مقيم بها، و أكملت المقدمة على ذلك النحو الغريب الذي اهتديت إليه في تلك الخلوة ،فسالت فيها شآبيب الكلام و المعاني على الفكر ، حتى امتخضت زبدتها و تألقت نتائجها".

في عام 1379 عاد إلى تونس مسقط رأسه ليهجرها سنة 1383 بسبب أفكاره إلى مصر و هناك اشتغل قاضيا ثم معلما في الأزهر و من خلال إقامته في مصر زار لفترات قصيرة الحجاز و القدس و دمشق حيث شهد إحراقها على يد تيمور لنك عام 1401 و قد عرض عليه تيمور لنك منصبا كبيرا فرفضه.
إن مجمل الأبيات التي خصصت لابن خلدون قد حاولت أن توضح أهمية تفكيره الشخصي بالنسبة لمواضيع اجتماعية و اقتصادية ،فان هذه الأبحاث قد أدت إلى خدمات جليلة للعلم ،إذ عرفتنا بمرحلة ممتازة في تطور الفكر الإنساني. و كلما زدنا الموضوع بحثا و تدقيقا إلا و زدنا توصلا إلى اكتشافات لها أهميتها لأن مرحلة بروز علم جديد مثل علم العمران إلى الوجود،لا يمكن المرور عليها بسرعة و تفاعل.

و يمكن تلخيص الأفكار الاقتصادية لابن خلدون في النقاط التالية:

1- تداخل الظواهر الاقتصادية و الاجتماعية:

يرى ابن خلدون أن القاعدة الاقتصادية تكون أساس وضعية المجتمعات وانه في نفس الوقت جزء لا يتجزأ من كيان اجتماعي يؤثر فيها بدوره و يعتبر واقع الحكم السياسي النتيجة الحتمية لهذا التداخل و هو واقع له كذلك تأثيره على الكيان الاجتماعي و على العلاقات الاقتصادية.

في إطار المجتمع في حركته التاريخية يهتم ابن خلدون بالظواهر الاقتصادية و هي تكون نشاطا يعد أساس العمران إذ أن " العيش الذي هو الحياة لا يحصل إلا بهذا" حيث يخصص لهذا النشاط الباب الخامس من الكتاب الأول " في المعاش ووجه من الكسب و الصنائع و ما يعرض في ذلك كله من الأحوال و فيه مسائل".

و ابن خلدون فهم أن دراسة تاريخ البشر يجب أن لا يقتصر على دراسة أخبارهم و إنما يجب أن يبحث في طرق كسبهم و معاشهم أ أي أن دراسة التاريخ ليست فقط دراسة عادات و طباع البشر و أخبارهم و إنما حياتهم المادية و سلوكهم الاقتصادي.

2- في العمل و تقسيم العمل ،و التعاون و القيمة :

يقصد بالعمل لدى ابن خلدون "ابتغاء الرزق " و تعريف الرزق هو " الحاصل أو المقتني من الأحوال بعد العمل و السعي ، إذا عادت على صاحبها بالمنفعة و حصلت له ثمرتها من الإنفاق في حاجاته".

فابن خلدون يعتبر العمل البشري هو مصدر الثروة ،فمصدر كل مملوك و ممول و كسب هو حتما عمل الإنسان إنما المكاسب إنما هي قيم الأعمال فإذا كثرت الأعمال كثرت قيمتها بينهم فكثرت مكاسبهم.

فتنفق أسواق الأعمال و الصنائع ويكثر دخل المصدر و خروجه و يحصل اليسار لمنتحلي ذلك من قبل أعمالهم و متى زاد العمران زادت الأعمال ثانية ثم زاد الترف تابعا لكسب و زادت عوائده و حاجاته و استنبطت الصنائع لتحصيلها فزادت قيمها و تضاعف الكسب في المدينة لذلك ثانية و نفقت الأعمال بها أكثر من الأول و كذا في الزيادة الثانية و الثالثة".

هكذا يبين ابن خلدون أن مصدر الثروة هو العمل فلا بد من العمل الإنساني في كل مكسب أو متمول ( رأس مال) فإذا كان مصدر الكسب هو العمل أي الصنائع فإن ذلك بالغ الوضوح أما إن كان مصدر الكسب من الحيوانات أو النباتات أو المناجم فإن العمل الإنساني المتضمن فيها حتما ، و بدونه لا يمكن الحصول على ذلك كله و استعماله.

و من هذا المنطلق فإن ابن خلدون يرى بأن زياد ثروة أي دولة هي بزيادة سكانها " إن عظمة الدولة و اتساع نطاقها و طول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة و الكثرة".و كذلك " إن اتساع الأحوال و كثرة النعم في العمران تابع لكثرته". " و أما الأمصار الصغيرة و القليلة الساكن فأقواتهم قليلة لقلة العمل فيها".

و لاحظ ابن خلدون أن زيادة قيمة العمل تزداد بتقسيم العمل الذي يغير ضرورة تفرضها الحياة فتحصيل الرزق يتألف من مجموعة من الأفعال و كل واحد منها يحتاج إلى أدوات و صنائع مختلفة حيث يقول " إنه قد عرف و ثبت أن الواحد من البشر غير مستقل بتحصيل حاجاته في معاشه و أنهم يتعاونون جميعا في عمرانهم على ذلك".

فالقوت من الحنطة مثلا " لا يستقل الواحد بتحصيل حصته منه و إذا امتدت لتحصيله الستة أو العشرة من حداد و نجار للآلاف و قائم على البقر و إثارة الأرض و حصاد السنبل و سائر المؤن و الفلح و توزعوا على تلك الأعمال أو اجتمعوا و حصل بعملهم ذلك مقدار من القوت فإنه حينئذ قوت لأضعافهم مرات فالأعمال بعد اجتماع زائدة على حاجات العاملين و ضروراتهم".

هكذا فهم ابن خلدون أهمية تقسيم العمل الناتج من كن الرزق و الكسب متكون من مجموعة من الأعمال التي يحتاج كل عمل بها إلى أدوات و صنائع مختلفة ، و أن ذلك التقسيم يضاعف الرزق و الكسب.

فالنشاط الاقتصادي يقوم على تقسيم العمل حيث يتعلق الأمر أيضا بالتقسيم الحرفي للعمل. " اعلم أن الصنائع في النوع الإنساني كثيرة لكثرة الأعمال المتداولة في العمران، فهي بحيث تشذ عن الحصر و لا يأخذها الغد"،و أهم الصنائع هي المتمثلة في الفلاحة و صناعة البناء و التجارة و صناعة الحياكة و الخياطة و التولد و الطب و صناعة الخط و الكتابة و الوراقة و الغناء". و لاحظ أن أهمية التعاون في تحصيل الرزق " إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفي له بمادة حياته منه و لا قرضا منه أقل ما يمكن فرضه و هو قوت يوم من الحنطة مثلا " فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن و العجن و الطبخ و كل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين و آلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد و نجار و فاخورى وهب أنه يأكله حبا من غير علاج فهو أيضا يحتاج في تحصيله أيضا حبا إلى أعمال أخرى أكثر من هذه من الزراعة و الحصاد و الدراس الذي يخرج الحب . و يستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد .فلا بد من اجتماع القدر الكثيرة من أبناء جنسه ليحصل القوت له و لهم فيحصل بالتعاون قد الكفاية من الحاجة لأكثر منهم بأضعاف".

و أهمية التعاون ليست في تأمين الرزق و الكسب و إنما أيضا في الدفاع عن النفس " كذلك يحتاج كل واحد منهم أيضا في الدفاع عن نفسه إلى الاستعانة بأبناء جنسه ".

و أهم أفكار ابن خلدون في موضوع العمل هو طرحه لمقولة أن العمل هو مصدر القيمة فالعمل البشري أساس قيمة الخيرات، أي أن ما يحدد قيمة سلعة ما هو العمل المبذول في صنعه " إذ لا بد من الأعمال الإنسانية في كل مكسوب و متحول لأنه إن كان عملا بنفسه مثل الصنائع مظاهر و إن كان منقي من الحيوان و النبات و المعدن فلا بد فيه من العمل الإنساني ". و بذلك يعتبر إبن خلدون أول من تطرق إلى نظرية القيمة - العمل و التي أصبحت أساس الاقتصاد السياسي عند آدم سميث و كارل ماكس.

و لقد أنكر دور الطبيعة في خلق القيمة حتى عندما تساعد في خلق القيمة حيث يقول " و قد يكون له ذلك ( أي الرزق) بغير سعر كالمطر المصلح للزراعة و أمثاله إلا أنها تكون معينة و لا بد من سعيه معها" أي لا بد من العمل لكي تتحقق القيمة. و لقد ميز ابن خلدون في السلعة بين خاصتين ، القيمة الاستعمالية و القيمة التبادلية.

يقول ابن خلدون " ثم إن الحاصل أو المقتني إن عادت منفعته على العبد و حصلت له ثمرته من إنفاقه في مصالحه و حاجاته سمي رزقا" و مصطلح الرزق هنا يعبر عن القيمة الاستعمالية .

فالرزق هو المواد الاستهلاكية التي تستخدم و تستهلك في إشباع حاجات الإنسان أي"ما أكلت فاقتنيت أو ألبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت و إن لم ينتفع به من شيء من مصالحه و لا حاجاته فلا يسمى بالنسبة إلى المالك رزقا".

و يقول ابن خلدون " ثم أن الحاصل أو المقتني إن عادت منفعته على العبد و حصلت له ثمرته من إنفاقه في مصالحه و حاجاته سمي رزقا و إن لم ينتفع به من شيء من مصالحه و حاجاته فسمي كسبا".

فالكسب يعبر هنا عن القيمة التبادلية فالأشياء المقتناة التي لا يكون القصد من اقتنائها هو الاستعمال الشخصي المباشر ،و إنما يقصد مبادلتها بغيرها ، حيث يمكن للإنسان الحصول على سلعة مقابل بذل ما " و ما حصل عليه يد هذا أمتنع عن الآخر إلا يعوض فالإنسان متى أقتدر على نفسه و تجاوز الضعف سعى إلى اقتناء المكاسب لينفق ما آتاه الله منها من تحصيل حاجاته و ضروراته بدفع الأعواض عنها".

و يؤكد ابن خلدون على أهمية العمل الإنساني في تشكيل قيم الأشياء " و المتملك منه حينئذ بسعي العبد و قدرته يسمى كسبا". و يضيف " ثم اعلم أن الكسب إنما يكون بالسعي في الاقتناء و القصد إلى التحصيل لا بد في الرزق من سعي و عمل و لو في تناوله و ابتغائه من وجوهه".

و يعارض ابن خلدون إدخال الدوافع الأخلاقية في مفهوم القيمة الاستعمالية و يعارض القول بأن القيم الاستعمالية يمكن الحصول عليها بالعدل و يرد عن ذلك " إنما الله يرزق الغاضب و الظالم والمؤمن و الكافر"،و هكذا فجميع القيم الاستعمالية مصدرها العمل " فلا بد من الأعمال الإنسانية في كل مكسوب و متمول". و لم يكتف ابن خلدون بالتأكيد على أن العمل البشري هو المحدد الرئيسي للقيمة بل ميز بين أنواع العمل المحددة للقيمة حيث فرق بين نوعين أساسيين من هذا العمل و هما العمل الظاهر (الحي) و العمل المخزون "المتراكم".

و القيمة لدى ابن خلدون لا تقتصر في تكوينها على العمل المبذول مباشرة في إنتاج السلع و إنما تشمل أيضا عوامل الإنتاج ز بالأخص المواد الأولية المستخدمة في عملية الإنتاج " وقد يكون من الصنائع فى بعضها غيرها مثل التجارة الحياكة معها الخشب و الغزل إلا أن العمل فيهما أكثر و إن كان من غير الصنائع فلا بد من قيمة ذلك المفاد و القنية من دخول قيمة الذي حصلت به إذ لولا العمل لم تحصل قيمتها".

و يضيف قائلا " إن كان عملا بنفسه مثل الصنائع فظاهر ، و ان كان مقتني من الحيوان و النبات و المعدن ،فلا بد فيه من العمل الإنساني ......و إلا لم يحصل و لم يقع به الانتفاع".

3- في التجارة و الاحتكار:

اعتبر ابن خلدون التجارة من الأوجه الطبيعية للنشاط الاقتصادي ، و هي من ضمن الطرق العديد ة لتحصيل الرزق و كسبه ،و فيها يقول ابن خلدون " إما بأخذه من يد الغير و انتزاعه بالاقتدار عليه....و إما أن يكون من الحيوان الوحشي و يسمى اصطيادا ....و إما أن يكون من الحيوان الداجن....و إما أن يكون من النبات و الزرع و الشجر بالقيام عليه و إعداده ....و يسمى كل هذا فلحا ...و إنما أن يكون الكسب في الأعمال الإنسانية ....و إما أن يكون الكسب من البضائع و إعدادها للأعراض".

و لقد سمي الدخل الناجم عن التجارة بالربح، و لتعظيم هذا الربح هناك طريقتان ، إما التخزين أو النقل حيث يقول ابن خلدون " اعلم أن التجارة محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص و بيعها بالغلاء ،أينما كانت السلعة من دقيق أو زرع أو حيوان أو قماش و ذلك القدر النامي يسمى ربحا .فالمحاول لذلك الربح إما أن يختزن السلعة و يتحين بها حوالة الأسواق من الرخص إلى الغلاء فيعظم ربحه، و إما أن ينقله إلى بلد تنفق فيه تلك السلعة أكثر من بلده الذي اشتراها فيه فيعظم ربحه....أنا اعلمها ( التجارة ) في كلمتين اشتراء الرخيص و بيع الغالي".

و على الرغم أن ابن خلدون اعتبر التجارة إحدى الوسائل لتحصيل الرزق و الكسب و تحقيق الربح إلا أنه اعتبر الزراعة و الصناعة أكثر منها أهمية.فيقول ابن خلدون " الفلاحة و الصناعة و التجارة هي وجوه طبيعة للمعاش، أما الفلاحة فهي متقدمة عليها كلها،بالذات إذ هي بسيطة و طبيعية و فطرية لا تحتاج إلى نظر و لا علم....أما الصنائع فهي ثانيتها و متأخرة عنها لأنها مركبة و علمية تصرف فيها الأفكار و الأنظار و لهذا لا يوجد غالبا إلا في أهل الحضر....و أما التجارة و إن كانت طبيعية في الكسب فالأكثر من طرقها و مذاهبها إنما هي تحليلا تفي الحصول على ما بين القيمتين في الشراء و البيع لتحصل فائدة الكسب من تلك الفضلة".

فالتجارة لدى ابن خلدون تأتي بعد الزراعة و الصناعة و هي لا تخلق قيمة جديدة.
يقف ابن خلدون في وجه الاحتكار و التلاعب بالأسعار فيقول إلا أن احتكار الزرع لتحين أوقات الغلاء مشئوم...و لعله اعتبر الشارع في أخذ أموال الناس بالباطل ".

كما أنه يعارض تجارة المضاربات و بالأخص المضاربة على الحنطة.

و أما بخصوص سلوكات التجار فيقول ابن خلدون "خلق التجار نازلة عن خلق الرؤساء و بعيدة من المروءة ذلك أن التاجر مدفوع إلى معاناة البيع و الشراء و جلب الفوائد و الأرباح،و لا بد في ذلك من المكايسة و المماحكة و التحذلق و ممارسة الخصومات و اللجاج ،و هي عوارض هذه الحرفة و هذه الأوصاف تغض من الذكاء و المروءة و تخدج فيها لأن الأفعال لا بد من عود آثارها على النفس".
- تدخل الدولة في التجارة:

يرى ابن خلدون أن دخول السلطان السوق و تعاطي التجارة رغبة منه في الحصول على مداخيل جديدة يؤدي إلى إلحاق الضرر بالناس حيث يقول " التجارة من السلطان مضرة بالرعايا مفسدة للجباية".

فتدخل الدولة و الحكام بالتجارة يضر كثيرا بالحياة الاقتصادية و يؤدي إلى إلحاق الضرر بالتجار الآخرين لأن احتكار السلطان الذي يمثل الدولة يفقدهم كل مبادرة و كل تحكم في الأسعار ،و في هذا يقول ابن خلدون "إن تدخل السلطان يوقف كل مظاهر التوازن في السوق ،لأن الرعايا متقاربون في اليسار ،و المزاحمة بعضهم بعضا فتنتهي إلى غاية وجودهم أو تقرب،و إذا رافقهم في ذلك السلطان و ماله أعظم كثيرا منه فلا يكاد أحد يحصل على غرضه".

5- دور الدولة في تنشيط الاقتصاد:

يرى ابن خلدون أن للدولة دور كبير في تنشيط الحياة الاقتصادية و ذلك عن طريق خلق الطلب الفعال ،و هو أن الطلب يزداد بازدياد طلب الدولة، و هي المستهلك الكبير للإنتاج ،فأصبحت هذه الحقيقة تشكل المحور الأساسي للنظرية الكينزية ،قول ابن خلدون " الصنائع إنما تستجد و تكثر إذا كثر طالبها...." و هنا سر آخر و هو أن الصنائع و إجادتهما إنما تطلبها الدولة فهي التي تنفق سوقها و توجه الطلبات إليها...لأن الدولة هي السوق الأعظم و فيها نفاق كل شيء و القليل و الكثير فيها على نسبة واحدة فما نفق منها كان أكثر بالضرورة ....و السوق و إن طلبوا الصناعة فليس طلبهم بعام و لا سوقهم بنافقه".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 9:06 am

- الأسعار و تأثرها بالعرض و الطلب:

لاحظ ابن خلدون أنه يمكن تحديد السعر بسهولة إذا كانت كمية العمل المبذول ظاهرة سواء كانت هذه الكمية كبيرة أو صغيرة ،إلا أنه لا يمكن تحديده بسهولة إذا كانت كمية العمل المبذول غير ظاهرة أو أثرت فيها عوامل أخرى (الطبيعة) إضافة إلى العمل ،فيقول " و قد تكون ملاحظة العمل المبذول ظاهرة في الكثير منها فتجعل له حصة من القيمة عظمت أو صغرت و قد تختفي ملاحظة العمل كما في أسعار الأقوات بين الناس ، فان اعتبار الأعمال و النفقات فيها ملاحظ في أسعار الحبوب ".

كما لاحظ الدور الكبير لتأثير العرض و الطلب لسلعة ما على سعرها، فالأسعار ترتفع عندما يزيد الطلب و تنخفض عندما يقل,فأسعار السلع الضرورية غالبا ما تكون منخفضة و ذلك لزيادة عرضها و الناتج من أن معظم الناس تعمل على إنتاجها لضرورياتها حيث يقول " الحبوب من ضرورات القوت فتتوفر الدواعي على اتخاذها إذ كل أحد لا يهمل قوت نفسه و لا قوت منزله لشهر أو سنة فيعم اتخاذها أهل المصر أجمع أو الأكثر منهم في ذلك السع أو فيها قرب منه لا بد من ذلك و كل متخذ لقوته فتفضل عنه و عن أهل بيته فضلة كبيرة تسد خلة الكثيرين من أهل ذلك المصر فتفضل الأقوات عن أهل المصر من غير شك فترخص أسعارها في الغالب".

أما أسعار السلع الكمالية فإنها مرتفعة و ذلك لقلة عرضها ،لأنها سلع ذات خصائص فنية معينة و محترفيها عادة ما يكونون من أصحاب الحرف الموهوبين و هم قلة و يقول ابن خلدون " يقتصر الموجود منها على الحاجات قصورا بالغا و يكثر المستامون لها و هي قليلة في نفسها فتزحم أهم الأغراض و يبذل أهل الرفه و الترف أثمانها بإسراف في الغلاء لحاجتهم إليها أكثر من غيرهم فيقع فيها الغلاء".

إن الزيادة في أسعار السلع الكمالية و زيادة الطلب عليها سوف تؤدي إلى زيادة العاملين في انتاج هذه السلع المطلوبة " و إن كانت الصناعة مطلوبة و توجه إليها النفاق كانت حينئذ الصناعة بمثابة السلعة التي تنفق سوقها و تجلب للبيع فتجتهد الناس في المدينة لتعلم تلك الصناعة ليكون منها معاشهم و إذا لم تكن الصناعة مطلوبة لم تنفق سوقها و لا يوجد قصر إلى تعلمها".

7_ المالية العامة:

يرى ابن خلدون أن الجباية تتأثر بتأثر الدولة فهي تكون قليلة في المراحل الأولى لنشوء الدولة ،و لكن مداخيلها وفيرة عكس الوضع الذي تكون عليه في نهاية تطورها. يقول ابن خلدون " اعلم أن الدولة تكون في بدايتها بدوية فتكون بذلك قليلة الحاجات،عدم الترف و عوائده فيكون إخراجها و إنفاقها قليلا، فيكون في الجباية حينئذ وفاء بأزيد منها بل بفضل كثير عن حاجاتهم ثم لا تلبث أن تأخذ بدين الحضارة و الترف و عوائدها و تجري على نهج الدولة السابقة قبلها، فيكثر لذلك خراج السلطان خصوصا كثرة بالغة بنفقته في خاصته و كثرة عطاءه و لا تفي بذلك الجباية فتحتاج الدولة إلى الزيادة في الجباية فتزيد الوظائف ثم يزيد الخراج و الحاجات و التدريج في عوائد الترف ....و يدرك الدولة الهرم و تضعف عصابتها عن جباية الأموال...فتقل الجباية و تكثر العوائد و يكثر بكثرتها رزاق الجند....فيستحدث صاحب الدولة أنواعا من الجباية يضر بها على البياعات و يفرض لها قدرا معلوما على الأثمان في الأسواق و على أعيان السلع في أموال المدينة ....و ربما يزيد ذلك في أواخر الدولة ....فتكسد الأسواق لفساد الآمال و يؤذن ذلك باختلال العمران و يعود على الدولة و لا يزال ذلك يتزايد إلى أن يضمحل".و يرى ابن خلدون بأن تخفيض الضرائب عملية ضرورية تساعد في حركية النشاط الاقتصادي و زيادة الرغبة في العمل فيقول" فاذا تدرجت عوائد الدولة في الترف و كثرة الحاجات و الإنفاق بسببه تثقل المغارم على الرعايا و تهضمهم فيذهب الأمل من نفوسهم بقلة النفع اذا قابل بين نفعه و مغارمه و بين ثمرته و فائدته....فتنقص جملة الجباية ...و هكذا...إلى أن ينقص العمران بذهاب الآمال و يعود وبال ذلك على الدولة لأن فائدة الاعتماد عائدة إليها...".

و حسب ابن خلدون فان نفقات الدولة لها تأثير كبير على النفقات حيث يقول " و إذا افاظ السلطان عطاءه و امواله في أهل دولته أنبتت فيهم و رجعت إليه ثم إليهم...فعلى نسبة حال الدولة يكون يسارا الرعايا و على نسبة يسار الرعايا و كثرتهم يكون ما ل الدولة".

إما في حالة عدم إنفاق الدولة فان ذلك يؤدي إلى الكساد و في ذلك يقول " إن الدولة و السلطان مادة العمران فإذا اختزن السلطان الأموال و الجبايات أو فقدت فلم يصرفها في مصارفها، قل حينئذ ما بأيدي الحاشية و الخاصة ....و قلت نفقاتهم جملة و هم معظم السواد و نفقاتهم أكثر مادة للأسواق ....فيقع الكساد حينئذ في الأسواق".

8_ النقود:

تتضمن فكرة النقود لدى ابن خلدون بأن الذهب و الفضة مقياس كل ثروة " ان الله تعالى خلق المعدنين من الذهب و الفضة قيمة لكل متمول و هما الذخيرة و القنية لأهل العالم في الغالب،و ان اقتنى سواهما في بعض الأحيان فإنما هم بقصد تحصيلهما بما يقع في غيرهما من حوالة الأسواق التي هما عنها بمعزل ، فهي أصل المكاسب و القنية و الذخيرة".

فالنقود لدى ابن خلدون هي الذهب و الفضة كمقياس قيمة كل متمول و هما الذخيرة و القنية ( الملكية) لأهل العالم في الغالب،و ان اقتناء شيء آخر غير الذهب و الفضة لا يكون الا بغرض التمكن في النهاية من مبادلته في السوق بالذهب و الفضة . في هذه الأفكار نرى بأن ابن خلدون قد حدد وظائف النقود الرئيسية و هي :

1-النقود مقياس للقيمة:

و في هذا يقول ابن خلدون "أن الله خلق ا لحجريين المعدنين من الذهب و الفضة قيمة لكل متمول ".

2_ النقود وسيلة للاكتناز و الادخار:

و في ذلك يقول "هما أصل المكاسب و القنية و الذخيرة.

3_ النقود وسيلة للتبادل:

يقول ابن خلدون " و القنية لأهل العالم في الغالب".

9_ نظرية السكان:

اعتبر ابن خلدون أن عدد السكان عامل أساسي في النمو الاقتصادي ، و إن قوة الدولة بكثرة سكانها حيث يقول " إن عظم الدولة و اتساع نطاقها و طول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة و الكثرة".

و لكي يزداد عدد السكان فلا بد من تحسين مستوى المعيشي حيث يقول " و السبب في ذلك أن القبيل إذا حصل لهم الملك و الترف كثر التناسل و الولد و العمومية فكثرت العصابة فازدادوا عددا إلى عددهم و قوة إلى قوتهم".

و يقول متى عظم الدخل عظم الخراج و بالعكس ، و متى عظم الدخل و الخراج اتسعت أحوال الساكن ،ووسع المصر كل شيء".

و يقول " ألا ترى إلى الأمصار القليلة الساكن كيف يقل الرزق و الكسب فيها أو يفقد لقلة الأعمال الإنسانية".

كما أن ابن خلدون يرى بأن تزايد السكان يؤدي الى زيادة الإنتاج و انخفاض في اسعار المواد الضرورية للمعيشة حيث يقول " فاذا كثر سكان المصر رخصت اسعار الضروري من القوت و غلت أسعار الكمالي و ما يتبعها...و اذا قل ساكن المصر و ضعف عمرانه كان الأمر بالعكس.

ان تسليط الضوء على الأفكار الاقتصادية لابن خلدون ليس فقط فهمها بل لمقارنتها مع الأفكار التي جاءت بها المدارس الفكرية الاقتصادية التي جاءت بعده مثل الميركانتيلية و الفيزوقراط و الكلاسيك...الخ.

و يمكن تلخيص الأفكار الاقتصادية الأمة لابن خلدون فيما يلي:

1_ العمل كخالق للقيمة ،و ادراك فكرة مكونات القيمة بكونها مؤلفة من العمل ووسائل الانتاج ،و ان الطبيعة و ان كانت تساعد في خلق القيمة فانها لا تشكل العنصر الأساسي في عملية الخلق ،فحصر عملية الخلق في العمل الإنساني فكان ابن خلدون بذلك متقدم على الفيزوقراط.

2_ ان السعر هو الشكل الظاهري لقيمة السلعة ، أي انه المعبر عن كمية العمل المبذولة في انتاج السلعة ،و ان هذا السعر يعبر عنه بالنقد ،و ان النقد ليس الثروة بحد ذاتها و انما هو اداة للتعبير عن الثروة و مقياس للقيمة و وسيلة للتبادل.

3_ كان متقدم عن المركانتيليين الذين اعتبروا التجارة أساس الثروة حيث وضعها ابن خلدون في المرتبة الثالثة بعد الزراعة و الصناعة،كما تقدم على الفيزوقراط في عدم اعتبار الزراعة المنتج الوحيد ، و يعود له الفضل في اعتبار العمران مرتكز الأنشطة الاقتصادية الثلاث : الزراعة و الصناعة و التجارة.

4_ اعتبر أن قوة الدولة بكثرة سكانها و أن زيادة السكان سوف تزيد من إنتاج السلع الضرورية و تنخفض أسعارها بينما تخفض من إنتاج السلع الكمالية و تزيد أسعارها مؤكدا على تحسين مستوى المعيشة للأفراد مع تزايد السكان ،متجاوزا في ذلك مفكري المدرسة الكلاسيكية و خصوصا مالتوس الذي اعتبر أن تزاد السكان يؤدي الى الكوارث البشرية و فنائها .

5_ أبدع في تحليل طبيعة العمل و بالأخص في توضيح مزايا تقاسم العمل و التعاون تلك الأفكار التي طرحها آدم سميث في القرن الثامن عشر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 9:09 am

_ لاحظ ابن خلدون تأثير العرض و الطلب على السعر و ذلك ما ذهبت اليه المدرسة الكلاسيكية كما لاحظ ان للدولة دور هام في الحياة الاقتصادية باعتبارها المستهلك الأكبر للإنتاج و بالتالي تحدد حجم و شكل الطلب و هذا ما ذهبت اليه النظرية الكينزية في القرن العشرين.

تلك هي أهم مساهمات ابن خلدون في الفكر الاقتصادي و هي مساهمات قيمة لكنها لم تطرح الاقتصاد كعلم مستقل و لم تقدم كنظريات اقتصادية متكاملة.

2- الأفكار الاقتصادية عند تقي الدين علي المقريزي: (1364_1442)





حياته:

هو تقي الدين بن علي المقريزي، ولد في القاهرة سنة 1364 و توفي بها سنة 1442 ،و عرف بالمقريزي نسبة لحارة في بعلبك بلبنان تعرف بتجارة المقارزة فقد كان أجداده في بعلبك و حضر والده الى القاهرة و ولى بها بعض الوظائف .

كان المقريزي مؤرخا و اشتغل في عدة مناصب بالدولة ،حيث ولي فيها الحسبة و الخطابة و الإمامة عدة مرات. له عدة كتب و رسالتان تبحثان في الاقتصاد النقدي.

1_ شذوذ العقود في ذكر النقود.

2_ اغاثة الأمة بكشف الغمة.

و يعتبر المفكر العربي الوحيد الذي اهتم بمشاكل النقود ،و تميز فكره الاقتصادي بالروح العلمية حيث يأخذ مبدأ السببية و يتنكر لمبدأ القدرية " فالأمور كلها، قلها و جلها، اذا عرفت أسبابها ،سهل على الخبير إصلاحها"."فالمجاعات و أمثالها ،ليست شيئا مفروضا على الإنسان من عل، ينزل بأمر، و يرتفع بأمر ،كما أنها ليست ناجمة عن جهل الطبيعة و عماها،دون أن يكون للإنسان نصيب بها هي ظاهرة مادية اجتماعية ، لم تلازم دائما،و لكنها تقع آنا ،و تنقطع آنا آخر،تقع عندما تجتمع أسبابها و دواعيها، و تنقطع عندما تنتهي تلك المسببات و الدواعي، ان كل شيء خاضع للتطور،يولد و ينمو و يموت".

أ - ظاهرة المجاعة في مصر:

تعرض المقريزي في كتابه "اغاثة الأمة بكشف الغمة" أو " تاريخ المجاعات في مصر" الى ا لأزمات الاقتصادية و المجاعات التي عرفتها مصر.

و يرى المقريزي بأن الأسباب المجاعات بصفة عامة راجع إلى أسباب طبيعية و آخرى غير طبيعية .

فالأسباب الطبيعية "كقصور جري النيل في مصر،و عدم نزول المطر بالشام و العراق و الحجاز و غيره".

أما فيما يخص المجاعات العصر الذي عاش فيه المقريزي فيرجع أسبابها لغير الأسباب الطبيعية ،و هي اسباب سياسية و اقتصادية.

1- اسباب سياسية:

و تتمثل هذه الأسباب أساسا في فساد الإدارة خاصة في مجتمع لعبت فيه الدولة دورا هاما حيث يؤثرهذا الفساد على الانتاج مباشرة،إضافة الى ممارسة أهل الدولة لسياسة احتكارية. فأثناء المجاعة تواجدت كميات كبيرة من الغلال تحت أيدي "أهل الدولة" بفضل ما تفرضه من ضرائب مرتفعة جدا يجري تحصيلها عينا. و لم يكن في استطاعة الناس الوصول اليها الا بدفع الأسعار التي تفرضها "أهل الدولة" .

2- اسباب اقتصادية:

و تتمثل في الزيادة الكبيرة في الريع العقاري في الزراعة،كما ارتفعت اسعار البذور و اجور العمال مما ادى الى تزايد كلفة الحرث و البذر و الحصاد و غيره.اضافة الى ذلك فان الدولة زادت من ساعات عمل السخرة الذي يقوم به (اهل الفلح) في بناء الجسور و حفر قنوات الري.

و ادت هذه العوامل الى نقص في الانتاج الزراعي ،و بالأخص في جو من الظلم مارسته الادارة في مواجهة أهل الريف مما دفع بالفلاحين الى هجرة الارض ، ان هذه العوامل السابقة اثرت على الانتاج بالنقصان مع تقلب اسعار المنتجات الزراعية نحو الارتفاع.

ب- الظواهر النقدية:

اهتم المقريزي بالمشكلات الاقتصادية و قدم بعض الظواهر النقدية فهو يرى بأن النقود قد تسبب ازمات اقتصادية للدولة فالنقود بحد ذاتها لها تاثير خاص على النشاط الاقتصادي ،و لقد توصل الى ذلك أثناء تحليله للأزمة الاقتصادية التي حلت بمصر سنة 1406 م فأرجعها إضافة الى الأسباب السابق ذكرها (اسباب اقتصادية) الى فساد النظام النقدي ، و قد اقترح آنذاك على السلطان اصلاح النقد كطريقة من طرق معالجة الأزمة.

فالمقريزي يرى بأن لزيادة كمية النقود المطروحة في التداول خاصة كمية نوع معين من النقود المعدنية تؤدي الى ارتفاع المستوى العام للأسعار فيقول في النقود " ان النقود (الفلوس) التي تكون أثمانا للمبيعات و قيما للأعمال انما هي الذهب و الفضة فقط و لا يعلم في خبر صحيح و لا يقيم عن أمة من الأمم و لا طائفة من طوائف البشر ،انهم اتخذوا ابدا في قديم الزمان و لا حديثه نقدا غيرهما ،الا انه لما كانت في المبيعات محضرات نقل عن ان تباع بدرهم او بجزء منه احتاج من اجل هذا في القديم و الحديث الى شيء سوى الذهب و الفضة يكون بازاء تلك المحقرات و لم يتم ابدا ذلك الشيء الذي جعل للمحقرات نقدا البتة فيما عرف من اخبار الخليفة ،و لا اقيم قط بمنزلة احد النقدين ، واختلفت مذاهب البشر و آراؤهم فيما يجعلونه بازاء تلك المحقرات ،و لم تزل مصر و الشام و عراقي العرب و العجم و فارس و الروم في أول الدهر و آخره ملوك هذه الأقاليم لعظمهم و شدة باسهم و لعزة شأنهم و خزانة سلطانهم يجعلون بإزاء هذه المحقرات نحاسا يضربون منه اليسير قطعا صغارا تسمى فلوسا لشراء ذلك،و لا يكاد يأخذ منه الا اليسير و مع ذلك فإنها لم تقم أبدا في شيء من هذه الأقاليم بمنزلة أحد النقدين".

مما سبق نستنتج بان المقريزي ابرز اثر كمية النقود على النشاط الاقتصادي من خلال أثرها على المستوى العام للأسعار.من ناحية أخرى فان المقريزي لاحظ أثناء المجاعة بان النقود الفضية تركت المجال للنقود النحاسية تتداول بعد أن كان النوعان من النقود يوجدان معا في التداول. ففي وضع يتميز بارتفاع الأسعار و باستخدام عمليتين في بلد واحد يؤدي الى طرد العملة الجيدة من التداول من طرف العملة الرديئة لان الناس تفضل تحويل القطع النقدية الفضية لاستخدامها كمعدن أي في صناعة الحلي و الأواني ،و هكذا نجد في فكر المقريزي جوهر ما يسمى بقانون غريشام.

الفكر المركانتيلي ( التجارين): les Mercantiliste



1-الأفكار و المبادئ الميركانتيلية:

إن التحولات الكبرى التي سادت في اوروبا منذ بداية القرن السادس عشر الى القرن الثامن عشر من اكتشافات جغرافية و حركة إصلاح دينية و الاعتقاد بأن قوة الدولة تتحدد بما تملكه من الرجال و السفن و المال. كل هذه التحولات أثرت على الفكر الاقتصادي فظهر المذهب المركانتيلي Mercantiliste و هي مشتقة من كلمة mercante الايطالية و تعني التاجر.

و هذه الأخيرة بدورها تعود الى الاصل اللاتيني Mercator.

و يشبه المركانتليين ادارة المالية العامة بادارة الملكية الخاصة ،حيث يعتقدون بأن اثراء الدولة يمكن ان يتم بنفس أسلوب اثراء الفرد عن طريق التجارة بشكل أساسي ،بواسطة دخول المعادن الثمينة و بالأخص الذهب و الفضة الى الوطن، و من هذا المنطلق فانه يجب تشجيع الصادرات و وضع الحواجز الجمركية أمام الواردات.

فالمركانتيلية تعمل على تركيز السلطة الملكية و قوة الدولة في ظروف استطاع فيها الأوروبيون الاستيلاء على اولى المستعمرات و استغلال ثرواتها و إقامة علاقات تجارية واسعة للهيمنة على الامكانيات الاقتصادية للمستعمرات.

و يرى مؤرخو الفكر الاقتصادي بأن المذهب المركانتيلي قد تضمن من الأفكار ما لا يمكن أن يعتبر تحليلا اقتصاديا بالمعنى المتعارف عليه في الفكر الحديث و إنما كان عبارة عن محاولة لتحديد طبيعة بعض الظواهر، الاقتصادية التي تعرض لها مفكرو هذا المذهب . و بالرغم من أن المذهب المركانتيلي لم تكن له نفس الصورة في البلدان التي انتشر فيها غير أنه يتفق في عدة أفكار و مبادئ أهمها:

1 – ثروة الأمة تعتمد على ما يمتلكه من معادن ثمينة (ذهب و فضة): ان الفكرة السائدة لدى التجاريين هي تلك الخاصة بطبيعة الثروة و محتوى هذه الفكرة أن النقود (في صورة المعادن الثمينة و خاصة الذهب و الفضة) تعتبر لدى التجارين عنصر جوهري في تكوين الثروة ان لم تكن مرادفا لها، فالثروة هي الدعامة الأساسية لتحقيق قوة الأمة ،فثراء الدولة يعتمد على مقدار ما تملكه من معادن ثمينة و لا يمكن زيادة هذه الثروة الا بزيادة ما تحصل عليه الدولة من معادن في شكل نقود معدنية ،حيث يعتقد التجاريين أن الزيادة في المعادن الثمينة تؤدي الى ارتفاع الأسعار و هذا بدوره دافع هام لتطوير الفعالية الاقتصادية و زيادة الإنتاج و يمكن أن يفسر رأي المركانتيليين هنا على أساسين:

أ_ خلال القرن السادس عشر ارتفعت الأسعار في أوروبا ارتفاعا ملحوظا و تزامن هذا مع الزيادة الضخمة في كميات المعادن الثمينة التي تدفقت على أوروبا إضافة الى تطور النشاط الاقتصادي ناتجة عن الارتفاع في الأسعار و زيادة الكميات من المعادن الثمينة لدى الدولة،و لم يكن هذا التفسير معتمدا على أي تحليل علمي متماسك بل حدوث ظاهرتين في آن واحد .

2_ اعتبر المركانتيليين أن مستوى سعر الفائدة يتوقف على كمية المعادن الثمينة الموجودة لدى الدولة ،فاذا زادت كمية المعادن الثمينة و انخفض سعر الفائدة فإن هذا يشجع على تطور النشاط الاقتصادي .

2_ الاهتمام بالتجارة الخارجية:

يرى المركانتيليين بان الميزة الرئيسية للتجارة الخارجية تتمثل في جذب المعادن الثمينة ،و الطريق الى زيادة ثروة الأمة هو التجارة الخارجية باعتبارها الوسيلة الوحيدة لانتقال المعادن الثمينة فيما بين الدول ،و ان الفائض الذي يتكون من هذه التجارة يزيد ثراء الأمة و يعوضها عن افتقارها الى مناجم الفضة و الذهب ، فالفائض المتحقق في الميزان التجاري يزيد من ثروة الأمة من المعادن الثمينة و هذه الأخيرة ضرورية لتقوية الدولة و إنعاش الأسعار و الإنتاج،و قد اهتم المركانتيليين بمشكلة الطلب الفعال مدركين بأن العجز في الميزان التجاري يكون على العموم سيئا للإنتاج . و يكون للعجز تأثير كابح على الطلب الفعال، في حين تمثل المستوردات عرضا بلا طلب و تصرف الدخول المحلية عليها، إلا ان إنتاجها لا يولد دخلا محليا . و من الجهة ألأخرى تمثل الصادرات طلبا بلا عرض مقابل له. و تنفق مجمل الدخول المكتسبة في إنتاج سلع التصدير داخل السوق المحلية لتحفز الطلب المحلي بذلك، و قد كان المركانتيليون على صواب في نظرتهم بأن فائض الصادرات يميل الى تنشيط الاقتصاد المحلى فى حين يميل فائضا الاستيرادات لجعله خاملا.

و للمركانتيليون عقيدة واضحة جدا بأن الصادرات تجلب الثروة للأمة ،فأكدوا على ضرورة تدخل الدولة في التجارة مع العالم الخارجي ،بغرض تحقيق فائض في ميزانها التجاري يعبر عن زيادة دائنة الدولة للخارج على مديونيتها للخارج فتحصل بذلك على قيمة هذا الفائض بالذهب و الفضة من الدول المدينة لها طالما أن ميزانها التجاري مع هذه الدول هو في صالحها.

فحسب المركانتليين فالتجارة الخارجية وحدها هي النشاط الذي يحقق فائضا من ا لمعادن الثمينة أما الصناعة فهي تساهم في تحقيق ثراء الأمة و لكن عن طريق التجارة لذلك فهي تأتي بعدها في الترتيب.
تدخل الدولة في الاقتصاد:

لقد كان المركانتيليون ينظرون الى التجارة الخارجية كمصدر لزيادة الثروة الوطنية للدولة ، من هذا المنطلق فانه لا يمكن للسياسة الميركانتيلية أن تنجح الا بتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ،أي أن السياسة المركانتيلية تستلزم تدخل الدولة لتنظيم التجارة الخارجية كاتخاذ اجراءات حمائية لحماية الانتاج الوطني و ذلك بتقييد الواردات ( سواء بفرض ضرائب كثيرة عليها أو منعها من الدخول) و اتخاذ اجراءات تضمن اكتساب الأسواق الخارجية للصادرات الوطنية حيث كان للمركانتليين عقيدة واضحة واحدة بأن الصادرات تجلب الثروة. للامة و أيدوا الوسائل التي يمكن للدولة من خلالها حماية الميزان التجاري فهم اذن يطالبون بتدخل الدولة لتنظيم الحياة الاقتصادية ، و من أهم الأساليب الرئيسية للتحكم في التجارة الخارجية تنظيم احتكار الدولة لها فقامت الدولة بمنع الأجانب من التجارة في سلع معينة كما قامت بتنظيم و ادارة تجارة الصادرات الوطنية بطرق مباشرة .

-_ محاربة السلع و الخدمات الأجنبية لأنها تتسبب في تسرب المعادن الثمينة خارج الدولة و ذلك بفرض ضرائب جمركية مرتفعة أو التنفيذ و المنع المباشر أو عن طريق قوانين الملاحة البحرية و المراقبة الموانئ.

2- السياسات الميركانتيلية:

إن الاختلاف حول الطرق المؤدية الى زيادة الثروة هو الذي يفسر قيام سياسات ميركانتيلية مختلفة ،سياسة نقدية في اسبانيا و سياسة صناعية في فرنسا و سياسة تجارية في انجلترا. و ان ذلك يفسر أيضا بأن الميركانتيلية لم تكن فكرة اقتصادية بقدر ما كانت سياسة اقتصادية يقترحها رجل الادارة أو الدولة على الأمير زاعما أن تطبيقها يؤدى الى النتيجة التي لا خلاف عليها و هي: أن ثروة الأمة كثروة الأفراد تقدر بكميات النقد التي تملكها.

أ- الميركانتيلية النقدية في اسبانيا:



اعتبر الميركانتليين أن تراكم الدهب و الفضة لدى الدولة ليس فقط دليل إثراء و انما مصدر الثراء ايضا، و الطريقة الوحيدة لتقوية الدولة الاسبانية حسبهم و بالأخص لدى ORTIZ و OLIVAREZ جمع أكبر كمية ممكنة من المعادن الثمينة لذلك سميت السياسة الميركانتيلية المطبقة في اسبانيا يالسياسة النقدية.

ان السياسة الاسبانية لم تكن مبنية على اى نظرية اقتصادية و انما من واقع سيطرتها و استغلالها لمناجم الذهب و الفضة في القارة الأمريكية مما مكنها من الحصول على كميات كبيرة من المعادن الثمينة ،و حتى تتمكن من تحقيق هذه السياسة النقدية فانها اتخذت عدة تدابير أهمها:

1_ سنت قوانين تهدف الى تجريم تصدير المعادن الثمينة الى الخارج.

2_ تنظيم التجارة الخارجية بما يسمح بعدم خروج المعادن الثمينة من اسبانيا عن طريق الأساليب التالية:

أ_ اجبار السفن التي تحمل البضائع الاسبانية المصدرة الى الخارج أن تعيد الى اسبانيا من المعادن الثمينة ما يعادل حمولتها.

ب_ التزام الموردين لسلع أجنبية الى اسبانيا بعدم اخراج قيمة مبيعاتهم من اسبانيا،و انفاق هذه القيمة على شراء سلع اسبانية. اضافة الى التدخل الحكومي القوي الذي منع دخول أي سلعة أجنبية الى اسبانيا أو عرقلة هذا الدخول عن طريق فرض ضرائب جمركية عالية جدا. و كان الاعتقاد بأن وجو دالمعادن الثمينة بوفرة يسهل انتاج الثروات ، لذا فقط بذل الميركانتليين كل جهودهم للبحث عن وسائل منع خروج المعادن الثمينة من اسبانيا الى الخارج.

ان هذه السياسة النقدية أدت الى ارتفاع الأسعار و هبوط في القدرة الشرائية للنقود و هذا ما شجع على قيام الصناعات كتلبية حاجيات السوق الاسباني و املا للحصول على كميات كبيرة من المعادن الثمينة الناجمة عن ارتفاع المستمر للأسعار ،غير أن هذه الحركة الصناعية لم تكن قادرة عل اعادة التوازرن بين النقود و السلع فبقيت الأسعار على ارتفاعها،و كان بعض الاقتصاديين الاسبان اهتموا بهذه الظاهرة (تاثير المعادن الثمينة على الأسعار) و منهم Jean Bodin حيث تساءل عن الفائدة من جمع المعادن الثمينة في بلد ما اذا كان هذا سيؤذي الى تخفيض الصادرات و زيادة الواردات ثم الى اختلال في الميزان التجاري و هذا لن يصلح الا بالطرق النقدية مما سيؤدي من جديد الىارتفاع الاسعار من جديد.

لقد بين Jean Bodin بان سياسة جمع المعادن الثمينة في دولة ما التي يعتمدها الميركانتيليون الاسبان ليست الأسلوب الناجح نحو تحقيق ثروة الدولة فكانت لهذه عدة تأثيرات سلبية من جوانب عدة في اسبانيا و بالرغم ما اتخذته من تدابير عديدة الا أنها عجزت من منع خروج المعادن الثمينة الى خارج اسبانيا عن طريق تهريبها و تصديرها خفية الى الدول الأخرى وأهملت العمل الصناعي و التجاري و الزراعي معتمدة على ما يدخل البلد من ذهب و فضة.

3_ان ارتفاع الاسعار الناتج عن الزيادة في كميات الذهب و الفضة ساعد في خفض الصادرات الوطنية في وقت زادت نسبة حاجات اسبانيا للاستيراد ، مقابل خروج كميات كبيرة من المعادن الثمينة، و استفاد الفرنسيون و الانجليز و الهولنديون من هذا الوضع فراحوا يصدرون بضائعهم لاسبانيا و لو بدفع الضرائب المرتفعة لأنهم مقتنعون بلن الذي سوف يدفع كل هذه الضرائب هو المستهلك الاسباني.

و هكذا بدأ يظهر الاختلال في الميزان الاسباني و تنتقل المعادن الثمينة من اسبانيا الى البلدان الأخرى المنتجة و المصدرة للسلع و الخدمات.

و لقد تأثرت ايطاليا في بداية القرن السابع عشر بالمركانتلية الاسبانية إلا أن الايطاليين اهتموا بمشاكل تسيير المالية العامة حيث كتب Duc Cafara في ايرادات ميزانية الدولة و نفقاتها ،كما أن هناك بعض الايطاليين سايروا الاتجاه الفرنسي حيث درس Antonio Serra وسائل التصنيع لأنه اعتبر التصنيع اداة للتنمية.

ب- الميركانتيلية الصناعية في فرنسا:

على عكس اسبانيا فان فرنسا لم يكن لديها مناجم غنية بالمعادن الثمينة في مستعمراتها ،مع اعتقادها بأهمية المعادن الثمينة في الحياة الاقتصادية و بانها مصدر للثروةفبدا الاقتصاديون يفكرون في الطرق و الاساليب اللازم اتباعها للحصول على أكبر كمية من المعادن الثمينة.

و يعتبر القرن السابع عشر مرحلة التميز الفعلية بين المعادن الثمينة و الثروة و من أشهر المركانتليين الفرنسيين: Antoine de Montchrestien الذي نشر كتاب تحت عنوان" بحث في الاقتصاد السياسي" و أهداه الى الملك لويس الثالث عشر ، حيث يقول فيه " لا يصنع قوة الدولة غزارة تدفق الذهب و الفضة و انما وجود الأشياء الضرورية للحياة،لقد بدأنا نملك أكثر من آبائنا من المعادن الثمينة لكننا لسنا أكثر ثروة منهم .ان دولة ما تصبح إغنى من دولة أخرى عندما تنتج أكثر منها".

و اعتبر Montchrestien الصناعة بالنسبة للدولة " بمثابة الدم للقلب" و ان الانتاجية هي الأداة الوحيدة لضمان جميع الثروات و ان العمل هو سر السعادة،و استنادا الى ذلك فان تطور الانتاج الوطني أصبح هدف السياسة الوطنية و اعتبرت الصناعة النشاط الاقتصادي الأكثر انتاجية و أنها تمكن من الحصول على ميزان تجاري رابح و ذلك بزيادة الصادرات من المنتجات الصناعية مع تخفيض الواردات منها.

و قد تبنت فرنسا هذه السياسة و كان Colbert الوزير الفرنسيمن أكبر المركانتليين و هو الذي وضع السياسة الصناعية في فرنسا و قام بتنفيذ هذه السياسة أثناء فترة ولايتة للوزارة (1660_1683).

أما اهم التدابير التي اتخذت في عهد Colbert لتطبيق السياسة التي اتبعتها فرنسا فيمكن تلخيصها فيما يلي:

1_ انشاء صناعات حكومية و حمايتها من المنافسة الأجنبية،و لقد اختارت فرنسا الصناعة على الزراعة استنادا الى أن قيمة المنتوجات الصناعية أكبر من قيمة المنتوجات الزراعية كما أنها لا تخضع للتقلبات الموسمية و المنتوجات الزراعية أثمانها متدنية بالنسبة لوزنها . و هكذا قامت الحكومة الفرنسية بانشاء ما يسمى "الصناعات الملكية" كي تكون رمزا و قدوة من قبل المصانع الأخرى و سهرت على اتقان العمل فيها.

2_ مراقبة الدولة للمشروعات الصناعية الخاصة و ذلك من أجل ضمان جودة منتجاتها حتى تكون أكثر تنافسية لمنتوجات الدول الأجنبية ،اضافة الى وضع قوانين تهدف الى تطبيق أحدث الطرق الإنتاجية في هذه المشروعات الخاصة.

3_ تقديم كل الامتيازات و التشجيع على انشاء شركات كبرى تكون مهمتها الرئيسية تسويق منتجات الصناعة الفرنسية في الأسواق الخارجية و دعوة المواطنين الى المساهمة في رؤوس أموال هذه الشركات.

4_ تشجيع الأجانب و السماح لهم بالاستيطان في فرنسا اذ كانوا من المخترعين الصناعيين أو العمال المهرة ،مما.ساعدها على أن تشتري براءات الاختراع الأجنبية و ان تتمكن من معرفة أساليب صنع السلع المختلفة مع منع بيع أي براءة اختراع و أسلوب صناعي لدولة أخرى.

5_ فرض ضرائب على السلع الجاهزة و المستوردة و تقديم مكافآت لمصدري السلع المصنعة وطنيا،و منع تصدير المواد الأولية الوطنية مع تشجيع الاستيراد لأكبر كمية من الخارج.

6_ تطوير الأسطول التجاري الوطني و احتكار الاتصال بين الوطن و المستعمرات بغرض تطوير التجارة مع العالم الخارجي.,

7_ تخفيض تكاليف الانتاج في الصناعة الفرنسية و بالأخص ا سعار المواد الأولية و اجور العمال و منع ارتفاع تكاليف الحياة ،و مراقبة السلع المصدرة للخارج.

جـ _ الميركانتيلية التجارية في انجلترا:

على عكس الفرنسيين الذين كانوا يعتقدون بضرورة الصناعة لاقتصاد الوطنى فان المركانتليين الانجليز كان هدفهم الحصول على المعادن الثمينة عن طريق التبادل التجاري .فحسبهم أن التجارة الخارجية تزيد في ثروة الأمة أكثر من الصناعة،و لم يهتموا بالسعي وراء التصنع بل كان هدفهم هو زيادة الصادرات من السلع الب ريطانية و بيع الخدمات الخارجية للدول الأجنبية بغض ادخال المعادن الثمينة الى انجلترا.

و هم يروا بأن تدخل الدولة التي دعا اليه Colbert يعيق الصناعة، لذا دعوا الى الغاء الرقابة بشكل كامل على الصناعة و على التجارة الدولية و تشجيع المشاريع الخاصة و الانتاج و زيادة التداول التجاري ،حتى أنهم بدؤا في الاعتقاد بامكانية قيام آلية للتوازن على أساس السوق .

و من اشهر الميركانتليين الانجليز Thomas Mun،Josias Child،W.Petty،James Stewart.

و يعتبر Thomas Mun أول من وضع ميزان للتجارة الخارجية الذي يسجل عمليات التصدير و الاستيراد للاقتصاد الوطني و دعا الدولة لتشجيع الصادرات و زيادة الرسوم الجمركية على الواردات واعتقد أن كل تطور في الانتاج بحاجة الى رؤوس أموال يمكن تأمينها عندما تكون نسبة الفائدة مرتفعة حيث يرى بأن " التجارة و الفائدة ترتفع معا".

و على العكس منه فان Josias Child يرى بأنه يجب تخفيض سعر الفائدة حتى يكون الصناعي أو التاجر الانجليزي في وضعية أحسن من رفاقه الأجانب مما يساعده على المنافسة الدولية و تسويق منتجاته.

أما W.Petty فقد نادى بالحرية الاقتصادية و اعتبر أن هناك قواعد طبيعية تخضع لها كل المعطيات الاقتصادية.و يعتقد بأن الثروة تعتمد على أساسين اثنين الأرض و العمل و ذلك حسب عبارته الشهيرة "ان العمل هو الأب و الأساس الفاعل للثروة بينما أن الأرض هي الأم".

و اتبع James Stewart خطا تجاريا نوعا ما حول موضوع التجارة الخارجية خففه باشارات عن الاعتقاد بمنافع التخصص،و قد كانت احدى المشاكل التي عالجها هي مشكلة بلد يجد نفسه منافسا في البيع بسعر أرخص و ذلك في خط معين للانتاج.
و لنجاح هذه السياسة التجارية التي اتبعتها انجلترا حتى يكون الميزان التجاري رابحا عن طريق التجارة الخارجية فإنها اعتمدت تدابير أهمها:
حماية التجارة الانجليزية باصدار عدة قوانين و من أهمها "قانون الملاحة الذي اصدره كرومبل سنة 1651 و الذي ينص على مايلي:

أ_ أن تكون البواخر العاملة في مجال التجارة بين انجلترا و مستعمراتها مملوكة بكاملها لمواطنين انجليز.

ب_ ان تكون ثلاثة ارباع طاقم هده السفن من فنيين و اداريين.....الخ. من الرعايا الانجليز.

جــ _ ان يتم نقل السلع المستوردة من الخارج الى انجلترا على سفن انجليزية او على سفن مملوكة للدول المنتجة لتلك السلع . و بما أن الملاحة البحرية التجارية كانت بيد الهولنديون و كانت اغلب الدول المصدرة لا تملك أسطولا تجاريا فانها لكسب السوق البريطانية كانت تقبل بهذا الشرط في التعامل و كان الخاسر الوحيد هنا هم الهولنديين حيث اثرت هذه القوانين على ملاحتهم التجارية.

2_ اعفاء من الضرائب الجمركية لكل البضائع المصدرة من انجلترا نحو الخارج أو تلك البضائع التي تدخل الى انجلترا لتجري عليها بعض التحويلات ثم يعاد تصديرها و فرض ضرائب جمركية مرتفعة على جميع السلع المستوردة.

3_ تطبيق ما يسمى بالميثاق الاستعماري و من أهم مبادئ هذا الميثاق:

أ_ تمنع على المستعمرات اقامة صناعات تحويلية على اراضيها بل يجب تصدير هذه المواد الأولية الى انجلترا كي تقوم هذه الأخيرة بتصنيعها و اعادة تصديرها الى المستعمرات كسلع نهائية.

ب_ ان التجار المنتمون الى انجلترا ملتزمون بشراء منتجات المستعمرات التي تتبع انجلترا و لا يسمح لهم بشرائها من مستعمرات دول أخرى.

جـ _ ان جميع السلع التي تصدر الى المستعمرات لا بد ان ترد اليها من الدول الاستعمارية أو عن طريقها ، و لا بد أن تكون مشحونة على سفن تابعة لهذه الدول.

و لقد تميزت الميركانتيلية الانجليزية بعدة خصائص أهمها:

1_ اتجاه واضح نحو الحرية في تنظيم الاقتصاد.

2_ هناك اعتقاد بأن زيادة السيولة النقدية سوف تؤدي الى انخفاض نسبة الفائدة و بالتالي تشجيع الأعمال و زيادة الانتاج و هي الأفكار التي طرحها Josias Child .

3_ قناعة الاقتصاديين الانجليز بان حركة انتقال المعادن الثمينة تخضع الى قانون طبيعي.





3 - خصائص المذهب الميركانتيلي:

ان العرض البسيط للمذهب الميركانتيلي يوضح لنا بأن هذا التيار لم يتكون دفعة واحدة و ان حدوده لم تتضح في وقت واحد حيث أنه خضع لتطورات طويلة ،كما جاءت افكار كل اقتصادي في تلك الفترة انعكاسا لمصالح البلد الذي ينتمي إليه.

و بغض النظر عن أوجه الاختلاف بين الكتاب الميركانتليين في آراءهم حول الموضوعات الاقتصادية الا أنه ثمة أفكار مشتركة بينهم. و هي تشكل خصائص عامة للمذهب الميركانتيلي يمكن تلخيصها فيما يلي:

1_ هو مذهب نقدي:

فالمذهب الميركانتيلي يرى بان المعادن الثمينة (الذهب و الفضة) هما عماد الثروة ، و ان هدف النشاط الاقتصادي هو الحصول على أكبر كمية من هذه الثروة التي تتخذ شكل النقود المصنوعة من المعادن الثمينة ،و حسب الميركانتليين فان النقود هي مستودع للقيمة و ليست أداة مبادلة.

2_ مذهب وطني:

فالمذهب الميركانتيلي كان مهتما بمصلحة الوطن قبل الأفراد مع الاعتراف بالتضارب بين مصالح الدول المختلفة.

3_ هو مذهب تدخلي:

فالميركانتلييون ياكدون على ضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد بهدف زيادة الثروة عن طريق التجارة الخارجية و لتحقيق هذه السياسة فانه يجب على الدولة أن تتخذ كل التدابير و الاجراءات اللازمة لتشجيع صادراتها نحو الدول الأجنبية مع وضع كافة العراقيل لمنع دخول الواردات و هذا ما يحقق فائض في الميزان التجاري.

4_ هو مذهب شمولي:

ان المذهب الميركانتيلي مذهب شمولي لانه لا يعني بتصرفات الأفراد او المشاكل الاقتصادية على صعيد الوحدات و لكنه يهتم بواقع الأمة و بالاقتصاد الكلي، أي أنه نظرة كلية للاقتصاد (Macroeconomique) .

5_ هو مذهب حركي:

فالمركانتلييون اتجاه حركي يبحث عن الطرق لزياد ثروة الأمة و يعبر في الواقع عن سياسة معينة أكثر مما يعبر عن نظرية و لا يرى الاشياء في سكونها بل في حركيتها الدائمة،فالتصنيع و التجارة و عدد السكان كلها عناصر مرتبطة بالتغير الدائم للاقتصاد الوطني.

4_ الانتقادات الموجهة للمركانتليين :

لقد كان النقد الموجه الى الميركانتليين منذ بداية تطبيقها كسياسات اقتصادية و ظهرت منذ ذلك التاريخ ثغراتها العديدة و ما وصلت اليه سياستها على الوضع في اوروبا و في العالم و يمكن ايجاز أهم الانتقادات فيما يلي:

1_ لم يتطرق الميركانتليون الى دراسة موضوعية لمسألة القيمة ،لذلك أخطئوا في تفسير قيمة النقود نفسها التي وجدها في الخصائص الطبيعية للذهب و الفضة.حيث ضبطوا الثروة بالنقد و اولوا الأهمية الخاصة للذهب و الفضة و اعتبروا النقود مقياسا للثروة في البداية و أداة للتبادل فيما بعد و لكنهم لم يدركوا وظيفة النقد كمقياس للقيمة.

ان هذ النظرة الى النقود نظرة خاطئة لان ثروة الأمة تشتمل في قدراتها الإنتاجية لا فيما تمتلكه من معادن ثمينة و يرى البعض أنه من الممكن أن تكون لبلد ما ثروة كبيرة ناتجة عن ضخامة قدرتها الانتاجية و تزايد مستوى انتاجها الحقيقي بالرغم من أنها لا تكون مالكة لكمية كبيرة من الذهب و الفضة.

2_ اثبت نقاد المذهب الميركانتيلي خطأ السياسة المتبعة من طرفهم و المتعلقة بمبدأ تحقيق الفائض في الميزان التجاري على وجه الاستمرار و ما يعنيه ذلك من إمكانية الاستمرار في الحصول على الذهب و الفضة من الخارج فحسب دافيد هيوم David Hume ان تكوين الفائض في الميزان التجاري و الحفاظ عليه دوما لن يؤدي الى زيادة في القدرة على تعظيمه بل الى تقليصه بالضرورة ،اما الذي يدعو الى ذلك فهو أن الزيادة الكبيرة في المعادن الثمينة المتدفقة من العالم الخارجي الى داخل الدولة سوف تؤدي الى ارتفاع مستويات الاسعار فيها، و هذا ما يضعف قدراتها التصديرية مما ينجز عنه تناقص الفائض المحقق فعلا بدلا من تزايده.

3_ ان التطبيق العملي للسياسة الاقتصادية للمركانتليين في دول اوربا كشف عن العديد من السلبيات أهمها:

أ_ تفشي ظاهرة التضخم النقدي:

لقد اهتمت اسبانيا باستيراد الذهب من مناجم المستعمرات التابعة لها و لكنها لم تبذل اي محاولة لتدعيم النشاط الاقتصادي و زيادة المنتجات حتى يمكنها ان تحقق التوازن بين التدفقات النقدية و التدفقات السلعية الى السوق لكي تحول دون بروز ظاهرة التضخم النقدي.

فالوضع السائد في اسبانيا كان يتصف بزيادة في كمية النقود الذهبية فى التداول لا تصاحبها زيادة في كميات السلع المتدفقة الى السوق مما انجر عليه ارتفاع كبير في الأسعار و انخفاض في القدرة الشراءية للنقود ،و تدهور المستويات المعيشية لذوي الدخل المحدود.

ب_ تدهور الأحوال المعيشية للمزارعين في فرنسا حيث كانت تسعى الى تدعيم قدراتها التصديربة للسلع الصناعية عن طريق المحافظة على اسعار منخفضة للمنتجات الزراعية،مما أدى الى تدني دخول المزارعين و تدهور أحوالهم المعيشية ،و هذه كانت سياسة Colbert الداعي الى جعل الصناعة في خدمة التجارة عرضة للنقد حيث أنها اثرت على المزارعين في سبيل تدعيم الصناعيين ،كما أن هذه السياسة ادت الى افتقار الفلاحين و إهمال الزراعة و هذا ما يفسر ردة فعل الفيزوقراط و اهتمامهم بالزراعة و المزارعين و اعتبارهم القطاع الزراعي وحده المصدر المنتج الصافي.

جـ _ استغلال المستعمرات:

بالنسبة للدول المستعمرة التي كان شعارها "التجارة تتبع الحكم" فان الميثاق الاستعماري الذي اتبعته هذه الدول كان السبب المباشر لإلحاق أضرارا اقتصادية و اجتماعية بسكان المستعمرات،اذ كانت هذه الدول المستعمرة تشتري المنتجات بأسعار رخيصة ثم تعيد بيعها لسكان المستعمرات بأسعار مرتفعة محققة من وراء ذلك أرباحا طائلة نتيجة استغلال هؤلاء السكان،مما دفعهم في النهاية الثورة ضد تلك الأوضاع و لعل حرب الاستقلال الأمريكية ضد الاستعمار الانجليزي و الثورات في بعض دول أمريكا اللاتينية خير مثال على ذلك.

4_ ان سياسة الميركانتليين في تركيزها على زيادة التصدير و تقييد الاستيراد بهدف الحصول على المعادن الثمينة من الخارج هي سياسة غير ممكنة التطبيق اذا تطلعت كل الدول الى تطبيقها في نفس الوقت و يرجع السبب في ذلك أنه اذا كانت كل دولة تسعى الى تقييد الاستيراد من الخارج فلن يكون في وسع تلك الدول أن تحقق أية زيادة في التصدير.

5_ و لقد حلت الكارثة الكبرى عندما انتقلت الأفكار النقدية الميركانتيلية التي تعتمد على الذهب و الفضة الى النقد الورقي الذي اصدره الصيرفي الاسكتلندي John Law في فرنسا بموافقة الملك لويس الرابع عشر.

و لقد اعتمد John Law على بعض المبادئ الميركانتيلية فكان يقول " النقد في الدول كالدم في الجسم البشري كلما كانت غزيرة خلقت ثروة و كلما كانت قليلة ولدت فقر الدم في الأعمال بزيادة العملة لا حاجة للمعدن الثمين لأن الأوراق المصرفية هي أكثر عملية و اقل كلفة و لكن كيف نضمن لها قيمتها؟". الدولة هي التي تضمن قيمة العملة يجيب John Law معتمدا في ذلك على مبدأ الدولة القوية الذي هو من صميم النظام الميركانتيلي.

و لكن ثقته بالدولة اطاحت بنظامه ، ذلك أنه عندما حول سنة 1717 مصرفه الخاص " الذي كان يصدر نقدا ورقيا مكفولا و مضمونا" الى مصرف ملكي يصدر نقدا ورقيا لا ضمانة له " كي يسهل الاكتتاب لمساهمي شركات الهند" كان ذلك نهاية النظام لأن اصدار هذا النقد و فقدان ثقة الناس به و التهافت على المصرف و استبداله بالنقود المعدنية أنهت التجربة عام 1723 تاركة وراءها آثار سلبية على الائتمان في فرنسا.

و على الرغم من الانتقادات الموجهة للمذهب الميركانتيلي فان بعض الأفكار التي نادوا بها و السياسات التي سعوا الى تطبيقها اعطي لها اهتمام خاصة على يدي Keynes في استناده على الأفكار المتعلقة بسعر الفائدة في تحليلاته و اتفاقه في هذا الصدد مع Josias Child الى ضرورة تخفيض سعر الفائدة من أجل توفير الأموال اللازمة لدفع الأنشطة الاقتصادية و منع الكساد و الوصول الى الاستخدام الكامل.

و عندما اجتاحت العالم أزمة 1929 (أزمة الكساد العظيم) أخذت دول العالم تتعامل بمعطيات تلك الفترة بالأخذ بأسلوب تخفيض أسعار الصرف لعملاتها في أعقاب خروجها على نظام الذهب في أوائل الثلاثينيات و ذلك بغية تحقيق الفوائض في موازينها التجارية عن طريق زيادة الصادرات لتقييد الواردات و هو أسلوب نادى به الميركانتليون من أجل جمع المعادن الثمينة. مع الاشارة الى أن الافكار الميركانتيلية تطورت من الدعوة الى سيطرة الدولة الى الدعوة الى القانون الطبيعي الذي يحكم الفعاليات الاقتصادية ، و في نهاية المرحلة الميركانتيلية اتجه الفكر من الاهتمام بأمور الدولة الى الاهتمام بالفرد و ضرورة اعطاء الحرية للفرد الذي يعرف مصلحته أكثر مما تعرفها له الدولة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الاقتصـــــاد السيـــاســي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصـــــاد السيـــاســي   الاقتصـــــاد السيـــاســي Emptyالخميس نوفمبر 07, 2013 9:10 am

الفكر الفيزوقراطي "Les Physiocrates"



لقد تميز القرن الثامن عشر بانتشار الروح العلمية في دراسة المجتمع البشري مثله مثل الدراسة المتعلقة بالفيزياء و الكيمياء و العلوم الطبيعية و نشأ اعتقاد بأن نشاط المجتمعات الإنسانية و آالية هذا النشاط تشبه ألية علوم الفضاء. أو كما يعتقد Petty William و François Quesnay بأن هناك تشابه بين جسم الانسان و الجسم الاجتماعي حتى أنهم ذهبوا الى القول بأن هناك " فيزيولوجيا اجتماعية" و حاولا دراسة دوران الدخل بين الطبقات الاجتماعية على طريقة دوران الدم بين أعضاء جسم الانسان اضافة الى أن هناك آخرون حاولوا ايجاد التشابه بين ميكانزمات علم الفلك و الميكانيك و بين " الآليات " الاجتماعية.

و رغم أن البحث عن التشابه بهذا الشكل بعيد عن المنطق و أنه اهمل فيما بعد الا أنه برهان على نية الفيزوقراط Les Physiocrates في تحليل الظواهر الاجتماعية بالاستناد الى قوانين علمية.

و سادت في ذلك الوقت بعض الاتجاهات الفلسفية الحرة في مجال الفكر،فكانت الإشادة بفكرة الحرية على أيدي العديد من الكتاب و المفكرين الذين نادوا بالخضوع الى حكم العقل و المنطق، و نقلوا الى الناس إيمانهم بطبيعة الانسان الخيرة و قدسوا الفرد مجردا من العلاقات الاجتماعية و قد نقل الفيزوقراط هذه الأفكار الفلسفية الى دراستهم الاقتصادية، و لكن الطابع الأساسي الذي تتصف به هذه الأفكار و الذي جعلها متناقضة مع الأفكار التجارية و الطابع الليبرالي ( الحرية) فهي تعتمد على المصلحة الفردية كقاعدة لكن لكل التصرفات الاقتصادية،مما يستدعي الدفاع عن الحرية الفردية و الحيلولة دون تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية. فالحرية الاقتصادية (liberalisme) هي الضمان الأساسي و الوحيد لتوازن القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية.

على أن اتفاق دعاة الحرية الاقتصادية حول تقديس الفلسفة الفردية و عدم تدخل الدولة في الاقتصاد لا يعني أنهم متفقون في كل شيء و خاصة في طريقة التحليل و في النتائج المستخلصة منه،فالحرية الاقتصادية كانت أول الأمر شعارا للفيزوقراط الفرنسيين ثم انتقلت بعد ذلك الى الكلاسيكيين خاصة في انجلترا.

و الفيزوقراطية La physiocratie مدرسة أسسها François Quesnay طبيب لويس الخامس " 1694_1774" و بعده واصل أتباعه توضيح و تعميق أفكار المدرسة الفيزوقراطية خصوصا Le père morabeau "1715_1789" Dupont de Nemours 1739 و le Mercier de la Riviére (1721_1793) و labbe Boudeau الأب بودو (1730_1792) . و من أهم مبادئ و نظريات المدرسة الفيزيزقراطية :

1_ النظام الطبيعي:

الفيزيوقراطية هي علم النظام الطبيعي،ان الفيزيوقراط هم أول من قال بفكرة وجود قوانين طبيعية تحكم الشؤون الاقتصادية،و هذه القوانين لا دخل لارادة الانسان في ايجادها و ارجعت هذه القوانين الى القدرة الالهية .

فالاهتمام الكلي للفيزوقراط حول فكرة وجود قوانين طبيعية تنظم الشؤون الاقتصادية صرفهم من ايجاد تعريف جامع و موحد لهذا" النظام" فالبعض منهم يقول بأنه " النظام الذي يؤمن الملكية و الأمن و الحرية" أو بصورة أدق " هو النظام الذي اراده الله لسعادة البشر هو النظام الالهي". و في هذا يقول M. de la riviére " النظام الطبيعي أو النظام الأساسي هو ذلك النظام الذي لا تستطيع المجتمعات الانسانية الا الأخذ به و هي تسعى لتحقيق مصالحها الحقيقية " ، كما يضيف " أن مصالحنا المختلفة و اراداتنا المتضاربة تجتمع و تتكامل كي تؤمن لكل فرد منا السعادة المنشودة .و ان هذه الاختلافات المبدئية التي تؤدي الى تناغم نهائي تعمه السعادة و البشر هو من ارادة و عمل العناية الالهية التي تود ان يسود الهناء و السعادة، كل فرد من البشر يحيا على الأرض" .

و يمكن تلخيص النظام الطبيعي بأنه :

1_ نظام أساسي:

أي ان كل المجتمعات لابد أن تخضع له حتى تتحقق مصالحها،و ان القوانين الطبيعية الأبدية لن تكون عرضة لاي تغيير أو تبديل.

2_ انه الهي أي النظام الدي أوجدتنه العناية الالهية لسعادة البشر و هذا الطرح هو محاولة من طرف الفيزوقراطية للملائمة بين النزعة الميتافيزيقية باعتبار الإرادة الإلهية و النزعة العلمية باعتبار الضرورة الطبيعية في تحليل الواقع و تطوره.

3_ ان النظام الطبيعي لا يطبق اعتمادا على النصوص الإلهية ، بل يجب معرفة قوانينه بصورة مسبقة حتى لا يقوم الأفراد بمخالفتها و يرى الفيزوقراط بأن هذا النظام و قوانينه يكتشفن بالبداهة و لكن التوصل الى هذه " البديهيات" يتم عن طريق العقل ،فبأعمال العقل نصل إلى الحقيقة و بالتعليم و التثقيف ننشر هذه الحقيقة على الملأ.

و هذا النظام لا يكشف أسراره الا لذوي العقول و الأفكار النيرة و المتفتحة، و هؤلاء هم النبلاء و المالكون و رجال الدين و العلم حسب الفيزوقراط.

4_ ان تطبيق النظام الطبيعي يستدعي بالضرورة وجود سيادة و هذه متمثلة بالملك الذي يجب عليه حماية النظام الطبيعي،و يساعده في هذا العمل النخبة المثقفة المستنيرة.

ان المحتوى الاقتصادي للنظام الطبيعي يمكن تلخيصه في نقطتين:

1_ احترام حق الملكية الفردية كحق أساسي لابد منه لانتاج الثروة.

2_ احترام الحرية الفردية، حيث يترك للانسان الحرية في استعمال ملكياته كيف يشاء و اختبار العمل الذي يريد القيام به. و الفيزوقراط هم الذين وضعوا الشعار الشائع " دعه يعمل،دعه يمر" " laisser faire , laisser passer" أي دعوا الانسان يعمل ما يريد فانه بذلك يحقق المنفعة العامة عن طريق تحقيق منفعته الشخصية،

3-المنتج الصافي: انطلق الفيزوقراط في تحديد مفهوم الثروة من رفضهم للمفهوم الميركانتيلي الذي يخلو من المعادن الثمينة و الثروة،في ذلك يقول quesnay " ان النقود ليست بحد ذاتها سوى ثروة عقيمة و لا يمكنها أن تخلق دخل الا بواسطة البضائع التي تنتجها".

و الثروة حسب الفيزوقراط هي " كمية من المنتجات التي بإمكانها ان نستهلك منها ما يطيب لنا و يدون حساب دون أن يؤدي هذا الاستهلاك الى شح المنبع الرئيسي لهذه المنتجات".

و فيها هذا يضيف M.de la Riviére عن الثروة بانها كتلة القيم التي نستطيع استهلاكها دون ان نفتقر او نعجز عن إعادة إنتاجها باستمرار". فالزراعة هي النشاط الاقتصادي الوحيد حسب الفيزوقراط القادر على خلق الثروة، اما الصناعة و التجارة لا يخلقان شيئا اذ أن كلا منهما نشاط اقتصادي ينحصر دورهما الى تحويل قسم من هذه الثروة و نقلها.

و الثروة اثناء تشكلها تتطلب مصاريف ضرورية " شراء المواد الأولية" السلعة، حصة المزارعين،....الخ.فاذا طرحنا من المحصول المصاريف الضرورية بقي فرق يعادل الزيادة التي تحققت في الثروة و يسمى هذا الفرق المنتج الصافي. و بصورة أخرى فهو يساوي " الفرق بين ما ينفق للحصول على سلعة ما و بين نتيجة العملية الانتاجية التي هي السلعة نفسها" هذا المنتج الصافي هو هبة من هبات الطبيعة، حيث يعتقد الفيزوقراط أن عمل الله الخلاق لا يظهر الا بالزراعة. و قسم الفيزوقراط عوامل الانتاج الى ثلاثة أقسام تدور كلها حول محور واحد هو الأرض:

1_ الأرض: و هي معطاة تقدم الخيرات بصفة عفوية.

2_ العمل: و يعتبر من عوامل الإنتاج اذا انصب على الفلاحة، لأن تلاقي عنصر العمل مع الطبيعة يؤدي الى تحقيق المنتج الصافي اما العمل في القطاعات ألأخرى غير منتج.

3_ راس المال: و يتمثل في الاستثمارات التي يقوم بها المنتجون و حسب الفيزوقراط فانه لا يعتبر من عوامل الإنتاج الا اذا كان على شكل رؤوس أموال عقارية أي متعلقة بالأرض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاقتصـــــاد السيـــاســي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الأولى علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1