منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Empty
مُساهمةموضوع: التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول    التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول  Emptyالسبت أبريل 27, 2013 11:43 pm



التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول الدكتور محمد البزاز

كلية الحقوق - مكناس - المغرب
مقدمة

يعيش العالم اليوم في ظل تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعسكرية متسارعة، ولا تزال هذه التحولات تحمل المزيد من المفاجآت، وقد أعادت هذه الظروف تشكيل وصياغة السياسة الخارجية للدول، على نحو مختلف عما كان عليه الوضع قبل نهاية مرحلة الحرب الباردة. وبالفعل شهد العالم بعد هذه المرحلة عدة متغيرات دولية، كان من أبرز سماتها، انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة معظم القضايا الدولية بشكل احتكاري، وبتحكمها الانفرادي في إدارة أزمات الشرق الأوسط منذ أزمة الخليج، وتزايد حجم ونوع التأثير والتدخل السياسي والعسكري الأجنبي في شؤون العديد من دول العالمين العربي والإسلامي([1]).

وعلى الصعيد الاقتصادي لوحظ ارتفاع وتيرة التدفقات عبر الحدود من سلع وخدمات وأفكار في إطار ما يعرف بظاهرة العولمة. فهذه العولمة عملت على خلق حالة من الارتباط الشديد بين مختلف الوحدات وفق نموذج واحد يفترض الهيمنة ونشر النفوذ وفرض النموذج الليبرالي من طرف القوى المتحكمة في النظام الدولي. وهذه المستجدات الحاصلة في ميدان العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب الباردة، طرحت عدة تساؤلات وأثارت عددا من الإشكاليات حول مدى تأثر السياسة الخارجية لكل دولة بتداعيات النظام الدولي الجديد([2]).

تعتبر منطقة الخليج العربي لأسباب تاريخية وعوامل جغرافية محط اهتمام القوى الكبرى في الشرق والغرب عبر قرون طويلة. وفي العصر الحالي ازدادت الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية للمنطقة، لما تتمتع به من موارد أولية غنية وحيوية للعالم واقتصاده وديمومته كالنفط الخام والغاز الطبيعي. وبالنظر لكون دولة قطر تعتبر من الدول الخليجية التي تنتمي إلى دول العالم الثالث حديثة العهد بالاستقلال، حيث يعود تاريخ إعلان استقلالها عن بريطانيا إلى 3 سبتمبر 1971، إلا أنها منذ ذلك التاريخ تعتبر من الدول النشطة دبلوماسيا في بيئتها الإقليمية والدولية، خصوصا منذ تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحكم عام 1995، حيث أصبح "لدولة قطر وضع متميز ومستقل في المنطقة العربية عامة والمنطقة الخليجية خاصة، رغم حساسية المنطقة وتعرضها لأحداث وعواصف وظواهر عدم استقرار في السنوات القليلة الماضية"([3]).

وبالفعل فخلال الإثني عشر سنة الأخيرة، وفي هذه الظروف الدولية الجديدة برز الدور القطري على المسرح الدولي، لما تتمتع به من ثقل دبلوماسي وقيادة متحمسة لجعل قطر رقما مهما على الصعيد المحلي والإقليمي. وأظهرت دولة قطر في الكثير من المناسبات انتهاجها لسياسة معتدلة وعقلانية، بل لقد أطلقت القيادة القطرية العديد من المبادرات السياسية من أجل تخفيف التوتر في العلاقات الدولية، والتقريب بين وجهات النظر من أجل الحيلولة دون تفاقم الأوضاع في أكثر من قضية وملف سياسي، مثل القضية الفلسطينية والقضية العراقية والحرب الإسرائيلية على لبنان ومشاكل القرن الأفريقي، والملف النووي الإيراني الذي يؤرق بال المجتمع الدولي منذ وصول الرئيس أحمدي نجاد إلى السلطة.

ويلاحظ المحللون أن دولة قطر، بالرغم من صغر حجمها الجغرافي، فقد استطاعت أن تثبت أنها كبيرة من خلال شبكة العلاقات الدولية الواسعة التي نجحت في نسجها طيلة الإثني عشر سنة الماضية، ونجاحها كذلك في ترسيخ مكانتها البارزة بين الدول المتقدمة، حيث يتبين بصورة جلية لكل المتتبع للدبلوماسية القطرية كيف أصبحت التجربة القطرية مصدر اهتمام وتنويه الكثير من الدول والمنظمات والهيئات الدولية، بما تبنته من مبادرات وما طرحته من آراء وتصورات وحلول، بقصد العمل على الحد من النزاعات الدولية التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وذلك تحقيقا للهدف الأسمى الذي يتوخاه ميثاق الأمم المتحدة والمتعلق بالحفاظ على الأمن والسلم العالمي.

وبناء عليه فإن دراسة التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في إطار المتغيرات التي يشهدها العالم اليوم، تحاول بالأساس إلى إدراك وتحليل طبيعة ونوعية هذه العلاقات، وملامسة درجة تفاعلها مع محيطها على كافة الأصعدة. خاصة أن معاينة الجوانب الداخلية والخارجية تسمح بمعرفة نوع وحجم تفاعل دولة قطر مع الدائرتين المحلية والعالمية. وتندرج هذه الدراسة ضمن التوجه الحديث في علم العلاقات الدولية نحو المزيد من التخصص والدقة في توصيف وتحليل التفاعلات الدولية، حيث بدأت مراكز البحث العالمية تولي اهتماما ملحوظا بالدراسات والبحوث التي تنصب على الإلمام بالسياسة الخارجية للدول الصغيرة الحجم من حيث عدد سكانها ومساحتها الجغرافية لدورها المتميز في حل الكثير من الإشكالات الدولية([4]).

وستمكننا هذه الدراسة من معرفة درجة تفاعل دولة قطر مع العالم الخارجي، وكذلك فهم المحددات العامة للسلوك الخارجي، من خلال معاينة مدى تأثير المقومات الداخلية في رسم السلوك الخارجي لدولة قطر، وخاصة بعد وصول الشيخ حمد آل ثاني إلى سدة الحكم، حيث جاء برؤيا جديدة تؤسس لنهج جديد في معالجة القضايا الداخلية، تتجلى في تبني خيار الانفتاح السياسي، والمضي في تحقيق الإنجازات الاقتصادية. هذه الانشغالات ساهمت بشكل ملحوظ في جعل دولة قطر محاور ومفاوض أساسي في أزمات دولية عدة، والتدخل في صياغة مبادرات تتعلق بالقضية الفلسطينية والقضية العراقية والوضع في لبنان والملف النووي الإيراني، وتسجيل حضور رسمي بارز في الملتقيات والمؤتمرات الدولية.

جاء اختيار دراسة السلوك الخارجي لدولة قطر في هذه المرحلة الأساسية التي تشهد فيها العلاقات الدولية تطورات متزايدة، بالنظر للديناميكية التي اتسمت بها الدبلوماسية القطرية في الكثير من الاتجاهات، وبناء على الرغبة في سد النقص في الأبحاث العلمية التي تناولت موضوع السياسة الخارجية القطرية، ندرة المادة العلمية الخاصة بهذا الموضوع([5]). وفي تقديري من شأن هذه الدراسة أن تساهم -ولو بالقدر اليسير- في تحقيق تراكم معرفي من شأنه مد العون للباحثين والمشتغلين في ميدان السياسة الخارجية، من أجل صياغة تصور واضح ومتكامل حول النهج الخارجي لدولة قطر. وأتمنى أن تساهم هذه الدراسة في توجيه المزيد من اهتمام الباحثين العرب عموما والخليجيين خصوصا، من أجل تطوير الأبحاث العلمية حول مختلف أبعاد السياسة الخارجية لدولة قطر([6]).

في هذا البحث سنركز على دراسة السياسة الخارجية القطرية بصفة إجمالية بين عامي 1995 و2007 ومحاولة البحث عن أهم توجهاتها في عالم عرف تحولات هامة. وقبل الوقوف عند أهم التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية، فإنه يجدر بنا رصد الدينامية الداخلية لهذه السياسية.



أولاً: المقومات الداخلية للسياسة الخارجية القطرية
في ظل المتغيرات الدولية الجديدة يتبين بشكل واضح للدارسين وصناع القرار أن صياغة القرارات الخارجية هي نتاج لذلك التداخل الواضح بين الديناميات الداخلية والخارجية، إلى حد أضحى من الصعب إقامة حدود فاصلة بين ما يندرج ضمن السياسة الداخلية، وما يرتبط بالممارسة الخارجية للدولة([7]). وهذا ما يصدق على النموذج القطري، فالإصلاحات التي حققتها دولة قطر على الصعيد الداخلي وسعيها إلى بناء دولة ديمقراطية عصرية، تقوم على أساس دولة القانون والمؤسسات واحترام حقوق الإنسان وتحسين وضعية المرأة وتطوير البنيات الاقتصادية، بما يخدم المواطن القطري وتوسيع نطاق مشاركته واستفادته من التنمية الشاملة التي يعرفها البلد، وهذه كلها عوامل إيجابية ساهمت في نجاح دولة قطر في رسم سياسة خارجية متميزة في منطقة الخليج العربي.
1- الدور البارز للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في تنشيط الدبلوماسية القطرية
يلعب رئيس الدولة دوراً أساسياً ومهماً في صنع السياسة الخارجية، وخصوصاً في بلدان العالم الثالث حيث تعد مؤسسة رئاسة الدولة هي الصانع الحقيقي للسياسة الخارجية لتلك البلدان. إن أهم الصفات الواجب توافرها في القائد الناجح في ممارسته لسياستها الخارجية، هو أسلوب القائد وامتلاك التجارب والقدرات على التخطيط والتطوير والتكييف مع المتغيرات الدولية، والإحاطة بالتعقيدات السياسية الدولية والمتغيرات الدولية. علاوة على ذلك هو تمكن القائد من كسب التأييد الداخلي لتنفيذ قرارات السياسة الخارجية، وأن يعرف إلى أي مدى يستطيع المضي في تنفيذ الأهداف مع الاحتفاظ الدائم بتأييد الرأي العام.

وعلى مستوى نظام الحكم تعتبر دولة قطر إمارة تعتمد النظام الوراثي، ويعتبر الأمير هو رئيس الدولة. وتحكم قطر عائلة آل ثاني، التي يعود تواجدها في شبه الجزيرة القطرية إلى القرن الثامن عشر. ويأتي اسم آل ثاني من اسم عميد الأسرة الشيخ ثاني بن محمد وهو والد الشيخ محمد بن ثاني الذي كان أول من حكم شبه الجزيرة القطرية خلال منتصف القرن التاسع عشر. وتعتبر عائلة آل ثاني فرعاً من قبيلة بني تميم العربية.

شكلت الإصلاحات السياسية التي أقدم عليها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على درب إقامة نظام ديمقراطي حديث، منطلقاً نحو تحول ملموس في السياسة الخارجية القطرية، نتج عنه ترسيخ وتثبيت مكانة دولة قطر في المحافل الدولية، مما أهلها للعب دور فعال ومؤثر عبر انتهاج سياسة واقعية تراعي التوازنات الدولية. وقد نوه الكثير من الملاحظين بطريقة أمير قطر في إدارة بلاده، وكيف أدت هذه السياسة إلى تحقيق الاستقرار السياسي([8]).

وبالفعل أسهم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مساهمة كبيرة في تنشيط الدبلوماسية القطرية وإثراء حضورها السياسي إقليميا ودوليا، وقد أدت هذه الإصلاحات السياسية التي قادها إلى تمكين دولة قطر من "الحضور القوي على الساحة الإقليمية والدولية"([9]). وتتضح إسهاماته في الدفع إلى الأمام بحركة التعاون الاقتصادي والسياسي بين قطر ومحيطها الدولي. ومنذ توليه مقاليد الحكم في البلاد برزت جلية للعيان ديناميكية الدبلوماسية القطرية في استقبال الملتقيات الدولية الهامة، فضلا عن جولات رئيس الدولة العديدة وتحركه السياسي اللافت في القارات الثلاث القديمة إضافة إلى الأمريكتين الشمالية والجنوبية. وانعكس ذلك كله إيجابا على وضع دولة قطر ومكانتها بين الدول، وأهَّلَها للعب دور فاعل ومؤثر، مستندة على دبلوماسية براغماتية، تقوم على تفضيل لغة الحوار، واحترام الشرعية الدولية([10]).

وفي خطاب لأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال انعقاد الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس الشورى القطري، جدد الشيخ حمد الالتزام بمبادئ التعايش السلمي والتعاون الدولي على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والانفتاح على الحضارات والتفاعل معها، والإيمان بضرورة احترام حقوق الإنسان والالتزام بتسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية. وأشار إلى دعوات قطر المستمرة لتعزيز مكانة ودور الأمم المتحدة في العلاقات الدولية باعتبارها تمثل الشرعية الدولية. وأوضح أن تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية لقطر سعيا إلى تحقيق التكامل بين دوله وخاصة في المجال الاقتصادي تلبية لآمال وطموحات المواطن الخليجي([11]).

وعند رصد مسار الدبلوماسية القطرية خلال العشر سنوات الأخيرة، يلاحظ كيف تحولت قطر من بلد حديث العهد بالاستقلال يبحث عن تثبيت أقدامه على الساحة الدولية، إلى بلد يقوم بدور ريادي على الصعيدين الإقليمي والدولي. وبالطبع يعود الفضل بالدرجة الأولى، في إشعاع الدبلوماسية القطرية في عدة محافل دولية وعلى مختلف المستويات، إلى حكمة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وبعد نظره. كما يعود الفضل إلى النشاط الدؤوب لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي دأب على تكثيف الاتصالات بالعالم من خلال زياراته الخارجية المستمرة واتصالاته بالمسؤولين في مختلف دول العالم، وتركيزه على توسيع العلاقات مع دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية إلى جانب تعميق العلاقات مع الدول العربية ودول أوروبا والولايات المتحدة([12]).
2- الإصلاحات السياسية في اتجاه الديمقراطية
شهدت دول مجلس التعاون في السنوات القليلة الماضية تطورات سياسية مهمة على صعيد الإصلاح السياسي، توضحها العديد من المؤشرات، منها: إجراء انتخابات برلمانية وبلدية، والتطور النسبي في اختصاصات المجالس النيابية بها، وازدياد الاهتمام الشعبي بنشاط هذه المجالس، وبمواقف الحكومات الخليجية تجاه القضايا المطروحة عليها، وهو الأمر الذي يتضح من خلال مستوى المشاركة في العمليات الانتخابية، ومن خلال ما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة حول هذه المجالس وآراء المواطنين والمحللين بصددها([13]).
وفيما يخص التجربة القطرية، يمثل بناء الدولة العصرية المحور الأساسي للمشروع الإصلاحي للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والدولة العصرية هي الدولة القادرة على توفير المتطلبات اللازمة للتعامل مع متغيرات العصر الداخلية والإقليمية والعالمية السريعة والمتلاحقة بالكفاءة والفعالية اللازمة، لتحقيق أهداف المجتمع في الحرية والديمقراطية والتنمية والأمن والاستقرار، ومن ثم تتطلب عملية بناء الدولة العصرية مجموعة من المتطلبات التي تتكامل فيما بينها لتشكيل المنظومة التي تقوم عليها الدولة العصرية. وأبرز هذه المتطلبات هو ووضع دستور يكون القانون الأسمى في البلاد ومصدر التشريعات والأنظمة، وهو مقياس أساسي لرقي الدول وتقدمها.
وهكذا في الثامن من يونيو 2004 أصدر الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الدستور الدائم لدولة قطر، ليشكل بداية لمرحلة جديدة في تاريخ قطر الحديث، مستجيبا لسلسلة من التحولات السياسية والاجتماعية والتنموية التي تشهدها البلاد. وقد جاء الدستور في خمسة أبواب تتناول نظام الدولة وأسس الحكم، والمقومات الأساسية للمجتمع، والحقوق والواجبات العامة، وتنظيم السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتضمن الدستور الدائم عدة مبادئ أساسية تكرس الفصل بين السلطات ويقنن الحقوق والحريات والممارسة السياسية. وبالفعل فإن تبني قطر لنظام دستوري دائم، يكفل الحقوق لجميع المواطنين ويجسد توسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار، اعتبره الكثير "إنجازا حضاريا وتاريخيا"([14]).
وبناء على استفتاء شعبي حر، عبر القطريون عن تأييدهم لمشروع الدستور، الذي جسد آمال القيادة والشعب في وضع أسس دولة المؤسسات، تضمن الاستقرار والديمقراطية والمشاركة الشعبية الواسعة. فدخلت قطر مرحلة تاريخية جديدة، بعدما خطت خطوات مدروسة منذ أعوام على طريق بناء مؤسسات تمثيلية عصرية، تمكن الشعب من المشاركة في اتخاذ القرار. وهذا التطور وضع دولة قطر في موقعها الملائم والمناسب بين دول العالم التي تحترم حقوق الإنسان وحرياته وتطلعاته لحياة كريمة([15]).

إلى جانب ارتقاء قطر إلى مصاف الدول التي تتبنى النهج الدستوري، فإن دولة قطر ستعرف العديد من الخطوات على طريق التحول الديمقراطي، مثل إطلاق حرية الإعلام والصحافة وإجراء الانتخابات البلدية بمشاركة المرأة القطرية، بالإضافة إلى العديد من القرارات والإجراءات التي تعكس التوجه الحقيقي نحو الانفتاح والتحول الديمقراطي، وبدأت دولة قطر عملية الإصلاح منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي بخطى ثابتة ومتدرجة. كما أن سعي دولة قطر في اتجاه الانفتاح الديمقراطي هو نابع من الإرادة السياسية للقيادة القطرية والطموح المشروع للشعب القطري، وهذا ما جعل البعض يعتبر أن "مستقبل الإصلاح السياسي في قطر يبشر بأنها تسعى إلى خلق صورة سياسية دولية بأنها دولة عصرية"([16]).

وهكذا فإن عملية التحول الديمقراطي والتحديث السياسي التي تشهدها قطر تشكل جزءً رئيسا من التنمية الشاملة التي تتبناها القيادة السياسية([17]).

وفي سياق نهج الانفتاح والإصلاح الذي يقوده الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والذي جعل السياسة الخارجية تقوم على التفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي، وتبحث عن حلول للمشاكل الجوهرية التي تؤرق بال المجتمع الدولي. فقد أطلقت دولة قطر عدة مبادرات إيجابية خلال السنوات القليلة الماضية وخاصة فيما يتعلق باستضافة الكثير من المؤتمرات والندوات الدولية حول التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز ثقافة السلام. وهكذا فقد استضافت قطر المؤتمر السادس حول الديمقراطيات الجديدة أو المستعادة، بالإضافة إلى استضافتها بصفة سنوية منتدى الديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة، كما استضافت في شهر مايو 2007 المنتدى الثاني للديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي، والذي توجت أشغاله بإنشاء المؤسسة العربية للديمقراطية وهي الأولى من نوعها في العالم العربي، والتي اتخذت مدينة الدوحة مقرا لها([18]).
3- التطورات الاقتصادية بفضل الثروات النفطية وسياسة الانفتاح

يشهد العالم تحولات اقتصادية متسارعة في مجال التجارة الحرة وإزالة الحواجز أمام انتقال رؤوس الأموال والاستثمارات والعمالة والتكنولوجيا، بعد أن تحول العالم إلي قرية صغيرة بفضل ما أفرزته العولمة من آليات اتصال حديثة وعلاقات تعاون غير مسبوقة بين الدول. في ظل هذه الظرفية العالمية، انتهجت القيادة السياسية في قطر سبيل الانفتاح الاقتصادي كخيار استراتيجي، من أجل ضمان حرية النشاط الاقتصادي على أساس العدالة الاجتماعية والتعاون المتوازن بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وزيادة الإنتاج وتحقيق الرخاء للمواطنين ورفع مستوى معيشتهم.

ولبلوغ أعلى المستويات وضعت دولة قطر خططاً طموحة وعملت منذ سنوات على تطوير البنيات التحتية الحديثة، ووضعت حزمة من القوانين المنظمة للاستثمار والرامية إلى جذب رأس المال وتشجيع القطاعات الإنتاجية. وقد تميز القطاع الخاص بالحيوية حيث عمل على تكثيف نشاطه الاقتصادي ليكون شريكا كاملا للدولة في خططها من أجل تحقيق التنمية الشاملة في دولة قطر وتوفير شروط الأمن الاقتصادي للمواطن القطري([19]).

وقد كشفت التقارير الاقتصادية الدولية أن دولة قطر تتبوء موقعا متقدما في قائمة أفضل الدول الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر مما يعزز مناخ الاستثمار والأعمال الإيجابي في الدولة وبيئة الاقتصاد الكلي القوية ومستوي القدرة التنافسية بين قطاعات العمل المختلفة في السوق المحلي. ولما كانت المشاركة الشعبية في الشأن السياسي هدفا تسعى إليه الدولة، فقد حرصت أيضا على مبدأ المشاركة الشعبية في الشأن الاقتصادي، وقد تمثل هذا التوجه في تخصيص جزء من المشروعات القومية الاقتصادية الحكومية للمواطنين من خلال تحويل هذه المشروعات إلي شركات مساهمة، وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام([20]).

وبطبيعة الحال، تعزى أسباب تحقيق تلك الإنجازات في قطر كذلك إلى الإستراتيجيات التي تبنتها الدولة لتطوير إنتاج النفط والاستغلال الأمثل لثروة البلاد الطبيعية من الغاز، وما تبنته من سياسات طموحة في إقامة مشروعات عملاقة في مجالات النفط والغاز والبتروكيمياويات. حيث تعد قطر الدولة الثالثة في العالم من حيث احتياطي الغاز الطبيعي بعد روسيا وإيران، ويوجد في قطر الحقل الأكبر في العالم من حيث المخزون، وهو حقل الشمال الذي يقدر احتياطي الغاز المتركز فيه بما يزيد على 900 تريليون قدم مترية مكعبة، ومن ثم فإن الاستغلال الصناعي والتجاري للغاز الطبيعي هو المحور الأساسي للسياسة القطرية منذ عقد الثمانينيات، حيث بدأت في وضع وتطبيق استراتيجية متكاملة لتطوير صناعة الغاز الطبيعي القطري، وذلك بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية([21]).

وتقوم الاستراتيجية القطرية على أساس تحقيق التأمين طويل الأمد لاحتياجات الأسواق الخارجية من الغاز الطبيعي، وأن تصبح قطر المنتج الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم بحلول 2010، ومن ثم فقد ركزت الحكومة القطرية جهودها لاستغلال مخزونها الهائل من الغاز لأقصي حد ممكن، وتنويع أسواق تصديرها للغاز الطبيعي المسال، بحيث تكون موردا أساسيا في كل مناطق الطلب على الغاز الطبيعي المسال. وتخطط شركة قطر للغاز لزيادة إنتاجها من 10 ملايين طن سنويا إلى 41 مليون طن سنويا بحلول عام 2014، وتصل تكلفة خطوط التوسع إلى 20 مليار دولار سنويا.

والجدير بالذكر أن قيمة صادرات الغاز الطبيعي القطري المسال قد بلغت عام 2006 ثمانية مليارات دولار. والمواد البتروكيماوية 1.2 مليار دولار. وقد ذكر وزير الطاقة والصناعة القطري أن صادرات قطر من الغاز المسال والجاف ستصل عام 2010 إلى خمسة ملايين برميل نفط مكافئ، وأن صادرات الغاز المسال سوف تصل حينها إلى مليون طن سنويا([22]).

وفي قرار يعكس الحرص على التوظيف السليم لأموال الدولة وفق خطط مدروسة، أنشئ المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار في عام 2000. ويختص المجلس بجميع الأمور المتعلقة بإدارة واستثمار احتياطي الدولة، وبوجه خاص الأمور المتعلقة بتحديد أهداف استثمار احتياطي الدولة ضمن استراتيجياتها العامة، ووضع سياسة طويلة الأجل لاستثمار الاحتياطي وبرامج سنوية لهذا الاستثمار، ومتابعة وتنفيذ برامجه وتقييم النتائج بصورة دورية، وتحديد البنوك والمؤسسات التي يجوز استثمار الاحتياطي لديها أو عن طريقها.

وبفضل هذه السياسة الطموحة حقق الاقتصاد القطري إنجازات مهمة في السنوات العشر الماضية حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من نحو 29.5 مليار ريال عام 1995 إلى ما يقرب من 103.5 مليار ريال عام 2004 محققا بذلك معدل نمو سنوي يزيد على 13%. وعلى الصعيد الخارجي أصبحت دولة قطر عضوا ملتزما في منظمة التجارة العالمية وهي مندمجة اندماجاً كاملا في نظام التجارة والاقتصاد الدولي الحر، كما أن قطر عضو في الهيئات الدولية التمويلية.
4 - التحولات الاجتماعية وتحسين وضعية المرأة

على المستوى الاجتماعي، حققت دولة قطر إنجازات ملموسة أشادت بها مختلف المنظمات الدولية والإقليمية، وقد صنفها تقرير التنمية البشرية لعام 2005 الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ضمن مجموعة الدول ذات الدخل المرتفع والتي تعرف تنمية بشرية عالية. ولعل أبرز هذه النتائج هو حصول دولة قطر على المركز الأول عربيا وال 40 عالميا عام 2005، بعدما كانت تحتل المركز الثالث عربيا والمرتبة 47 عالميا في تقرير التنمية البشرية لعام 2004([23]). إن وصول دولة قطر إلى تحقيق هذه المستويات العالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعتبر دليلا واضحا على تمتعها بأسس الديمقراطية ومبدأ سيادة القانون، كما أنه مؤشر على وجود بنية تشريعية وقانونية متقدمة مشجعة على نمو الاقتصاد وتنمية الاستثمار، والتي بفضل أدائها الجيد تمكنت من رسم سياسات تنمية فعالة واقتصاد منفتح ومن جذب الاستثمارات سواء كانت عربية أو أجنبية.

ولكي نعطي مثالا حيا على نجاح التجربة القطرية، سنشير بالخصوص هنا إلى الوضع المتميز الذي أضحت تتمتع به المرأة القطرية في المجتمع، فقد عملت دولة قطر على تعزيز دور الأسرة القطرية باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع، وعملت على الحفاظ على ترابطها وجعلها قائمة على أساس المودة والتعاطف، وتبنت عدة مبادرات وسنت لآليات الكفيلة لتحقيق هذه الأهداف.

كما عبرت الدولة عن إيمانها العميق بمكانة المرأة القطرية وقدرتها على تبوؤ أعلى المناصب وأداء الدور المنوط بها بكل حيوية وفاعلية ومسؤولية، وهو الدور الذي لا يقل شأنا عن مكانة ودور الرجل فكانت قضايا المرأة وشؤونها من أهم أولويات العمل التي نص عليها القرار الأميري بإنشاء المجلس الأعلى لشؤون الأسرة. وترجمة لهذا التوجه الإيجابي، فقد عمل المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، تحت رئاسة الشيخة موزة بنت ناصر المسند على تطوير واقع المرأة تشريعياً وإدارياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً وصحياً وإعلامياً وتعليمياً، وتوجت جهود المجلس بإصدار مسودة الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة([24]).

وحرصت المرأة خلال الأعوام الماضية على مواصلة دورها الريادي بالعمل في شتى ميادين الإنتاج من أجل الانطلاق والعمل والمشاركة الفاعلة وانخراطها بقوة في كافة مجالات العمل العام والمهني والمجتمعي لبناء وطنها في إطار القيم الدينية والتقاليد المحلية الراسخة، حيث "حققت نجاحات كبيرة فهي تحظى بالدعم غير المألوف خليجيا"([25]). والأمثلة على ذلك عديدة؛ فكثير من النساء القطريات يشغلن مناصب عليا في الدولة، ويقمن بإدارتها بكل اقتدار، ومن هذه النماذج توليها منصب وزيرة ورئيسة جامعة وعميدة كلية.
ثانياً: التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عصر العولمة

تغيرت موازين القوى في النظام العالمي وتعاظمت آثار العولمة التي قلصت المسافات وأزالت الحواجز الأيديولوجية والجغرافية والسياسية، وسادت العلاقات الدولية نظرة جديدة، تزايد فيها الاتجاه لترسيخ مكانة الأمم المتحدة، وتعزيز قوتها وقراراتها. وفي عصر العولمة لم تعد باستطاعة أية دولة أن تعيش بمعزل عن قضايا العالم، فما يحدث خارج حدود الدول ينعكس سلباً أو إيجابا على ما يقع داخلها([26]). وهكذا أصبحت البيئة السياسية الدولية أكثر تعقيداً وتداخلاً، وكان طبيعيا أن تتطور السياسة الخارجية القطرية لتنسجم مع هذه المتغيرات الدولية.

وبالفعل ظهرت قضايا جديدة وعديدة لم تكن مطروحة على جدول العمل الدبلوماسي القطري، وهي قضايا تستحق التوقف عندها والمساهمة في إيجاد الحلول لها. وهذا ما أبرزه الشيخ حمد بن جاسم عند افتتاحه لمؤتمر حول دور الناتو في أمن الخليج المنعقد في الدوحة عام 2005 حيث يقول أن: "التحديات على الصعيد العالمي التي تتمثل في صراعات مزمنة وحديثة تنتظر الحل، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والنزاع في الشرق الأوسط، فضلا عن تحقيق استقرار الوضع في العراق بتوافق جميع الأطراف وحل مشكلة أسلحة الدمار الشامل بنزعها وإخلاء المنطقة منها. مؤكداً انه في هذا الخصوص ينبغي أن ينصب الجهد الدولي على توخي الحلول التي تستند على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ومبادئ العدل والإنصاف"([27]).

إن قطر بتحولاتها السياسية الداخلية أصبحت أكثر تفاعلاً وتداخلاً مع العالم الخارجي ومؤسساته الدولية المتنوعة، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، ولهذا يأتي التحرك الدبلوماسي القطري للعب دور أساسي في الساحة الدولية، انطلاقاً من الترابط القائم بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، فهما وجهان لعملة واحدة. وفي إطار هذه السياسة الواقعية، تحركت الدبلوماسية القطرية في اتجاهات جديدة ومتنوعة، بدءا من العمل على تخفيف حدة التوتر في عدة مناطق وإيجاد الحل السلمي للنزاعات الدولية، وانتهاء بدعم وتفعيل العمل الإنساني على أرض الواقع الدولي.



1- الدور الفاعل لقطر في التسوية السلمية للخلافات الدولية

لقد اكتسبت الدبلوماسية القطرية التجربة مع مرور الوقت، وتكون لها كادر دبلوماسي قادر على التكيف والعطاء والتفاعل مع كافة المستجدات على الساحة الدولية، الأمر الذي أعطى ويعطي هذه الدبلوماسية الحافز الأكبر نحو تحقيق المزيد من الإسهامات في المجال الدولي. ولا شك أن دولة قطر بما تتمتع به من مكانة على النطاق الإقليمي الخليجي والعربي والدولي وحضورها الفاعل في الكثير من المؤتمرات والمنتديات، جعل سياستها الخارجية تقوم على دعم فرص السلام واعتماد الوسائل السلمية لحل النزاعات الدولية، وهو النهج التي اختطته دولة قطر منذ تولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مقاليد الحكم. ويعتبر عبد الحميد الأنصاري (الأستاذ بجامعة قطر) "أن السياسة القطرية الخارجية قائمة على الشفافية بما يسمح لدولة قطر بأن تلعب دور الوسيط النزيه في العديد من قضايا النزاع، حيث حققت نجاحات مشهوداً لها على هذا الصعيد"([28]).

وقد أكد الأمير حمد بن خليفة آل ثاني في خطاب موجه لمجلس الشورى عام 2005، التزام قطر بمبادئ التعايش السلمي والتعاون الدولي على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والانفتاح على الحضارات والتفاعل معها والإيمان بضرورة احترام حقوق الإنسان والالتزام بتسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية. وأشار إلى دعوات قطر المستمرة لتعزيز مكانة ودور الأمم المتحدة في العلاقات الدولية باعتبارها تمثل الشرعية الدولية. وأوضح أن تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي يأتي في مقدمة أولويات السياسة الخارجية لقطر سعيا إلى تحقيق التكامل بين دوله وخاصة في المجال الاقتصادي تلبية لآمال وطموحات المواطن الخليجي([29]).

وقد التزمت قطر بهذا المبدأ أولا في حل الخلافات التي تنشب بينها وبين الدول المجاورة، وتمكنت من تسويتها بالطرق السلمية وعن طريق المفاوضات وغيرها من الطرق الودية([30]).

تتمسك دولة قطر دائما بالتضامن العربي والدفاع عن مصالح الدول العربية والإسلامية وشعوبها، ولخير ومصلحة منطقة الشرق الأوسط ككل. وتحرص على اللقاءات المستمرة والتشاور والتباحث حول كل جديد يطرأ على الساحة الخليجية خاصة، والعربية عامة مع دول المنطقة. تمثلت سياسة قطر الخارجية بدرء الأخطار عن البلاد وعن الخليج وعن الدول العربية، وقدمت قطر العديد من المبادرات العربية والدولية لتجنب الكثير من الحروب والويلات التي أصابت المنطقة، ومن هذه المبادرات ما عرف بالمبادرة القطرية عشية العدوان الأمريكي على العراق عام 2003، كما قامت بمبادرات بناءة لتطويق قضية البرنامج النووي الإيراني، وما يشكله من تهديد خطير على أمن الدول العربية عامة وأمن دول الخليج خاصة.

وفيما يخص النزاعات التي تهم الدول العربية، فقد حركت قطر دبلوماسيتها بشكل فاعل ووظفتها لخدمة قضايا الأمة العربية وبخاصة قضايا فلسطين والعراق ولبنان والسودان، في وقت تزداد فيه التدخلات العسكرية وغيرها في هذه البلدان، الأمر الذي يتطلب علاج ذلك بالحكمة والعقلانية والسعي للحيلولة دون اتخاذ القرارات المتسرعة، وضرورة استنفاد كل الوسائل والعمل قدر الإمكان على اتباع أسلوب المفاوضات والحوار([31]).

وقد حرصت قطر أشد الحرص على تعزيز علاقاتها الوطيدة مع جميع الدول العربية وتدعو قطر إلى توحيد الصف العربي وتقريب المواقف، وتعميق تضامن الدول العربية لمواجهة ما تتعرض له من تحديات ومخاطر وللتغلب على حالة الضعف والتفكك والعجز التي تعاني منها، بسبب الأطماع والتدخلات الأجنبية. وبالتأكيد يأتي دعم القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال تحركات دبلوماسية الدول العربية، ومن بينها دولة قطر.

وفيما يتعلق بدعم القضية الفلسطينية، أكدت دولة قطر دائما على دعمها للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع للحصول على حقوقه الوطنية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وتعتبر أن ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني تشكل تصعيدا خطيرا وتهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة، يهدف إلى تنفيذ المخططات الإسرائيلية الرامية إلى القضاء على أية فرصة لتحقيق السلام وإجهاض خارطة الطريق والتهرب من استحقاقات عملية السلام. وقامت قطر بمطالبة المجتمع الدولي واللجنة الدولية الرباعية بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتمكينه من ممارسه حقوقه الوطنية الثابتة ووقف كل ما من شأنه عرقلة الجهود المبذولة لإقرار السلام العادل والشامل وفقا لقرارات الشرعية الدولية وخطة خارطة الطريق وإلزام إسرائيل بالوفاء بتعهداتها والانسحاب من الأراضي السورية في الجولان وبقية الأراضي اللبنانية المحتلة([32]).

وفيما يخص القضية اللبنانية لعبت قطر دورا كبيرا في الحد من تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان (حرب يوليو/ تموز 2006)، حيث كان لدولة قطر دورٌ حيويٌ ومهم على الساحة الإقليمية والدولية وقد برز ذلك إبان ترؤس قطر لوفد جامعة الدول العربية الذي توجه إلى نيويورك ونجح في تعديل القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بوقف القتال في لبنان، وما كان لهذا النجاح أن يتأتى بدون الجهود الكبيرة التي بذلتها قطر في هذا الصدد. وقد ترأس وفد الجامعة العربية آنذاك الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والذي أكد أن تعديل القرار الدولي المذكور يمثل انتصاراً للبنان، وهو ما أكد عليه أمير دولة قطر عند زيارته إلى لبنان بعد توقف الحرب وتفقده الضاحية الجنوبية لبيروت التي كانت الأكثر تضررا من العدوان الإسرائيلي([33]).

وفيما يخص الملف النووي الإيراني، فإن انتخاب الرئيس المحافظ أحمدي نجاد في إيران، والذي جعل من تطوير البرنامج النووي أحد أهدافه الرئيسية، قد خلق أوضاعا قلقة في الخليج العربي والشرق الأوسط والمنطقة العربية ككل، وزاد من درجة الاحتقان الذي تعانيه المنطقة([34]). كما واجه هذا الطموح الإيراني رفضا قويا من قبل الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ذلك أن التيار الرئيسي في الإدارة الأمريكية لديه قناعة بأن هناك احتمالات قوية لامتلاك إيران أسلحة نووية، وأن تلك المسألة تمثل في ظل وجود ما يعتبر نظاما مارقا مصدر تهديد ملحا للأمن القومي الأمريكي([35]).

وفي مقابل الأصوات التي تدعو إلى استخدام الوسائل العسكرية لحل هذه الأزمة، فإن دول الخليج العربي فضلت الخيار السلمي، وقد تميز دور قطر في هذا الصدد، حيث دعت الدبلوماسية القطرية إلى ضرورة التهدئة لتجنيب المنطقة أية حروب، وأن حل الملف النووي الإيراني لن يتم إلا من خلال المفاوضات واستنفاذ جميع القنوات الدبلوماسية. وفي هذا الإطار جاءت الدعوة التي وجهتها القيادة القطرية إلى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في الدوحة أواخر عام 2007، حيث كانت مبادرة شجاعة وسابقة مهمة على الصعيد الخليجي، تلقاها الجميع بترحيب كبير، ومكنت من تخفيف الأجواء في المنطقة، ومن إبراز نوع من استقلال القرار الخليجي عن المواقف الأمريكية.



2- قطر والعضوية النشطة في عدة منظمات دولية

من يتأمل في العلاقات الدولية لقطر خلال الاثنَى عشر سنوات الأخيرة، يدرك حجم الإنجاز الذي تحقق، ويتوقف أمام الطفرة النوعية إلى الأمام التي حققتها دولة قطر في اتجاه ترسيخ مكانتها على خريطة السياسة العالمية. وبالفعل انتقلت قطر إلى وضع جديد تشهد فيه دبلوماسيتها ديناميكية واضحة على الساحة العالمية، في إطار رؤية كلية لحركية السياسة الخارجية القطرية وتأقلمها مع المتغيرات الدولية، والمساهمة بإيجابية في أنشطة المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة.

إن سعي دولة قطر للعب أدوار طلائعية في المنظومة الدولية، جعل صناع القرار يدركون ضرورة العمل من خلال المنظمات الدولية وتنشيط العضوية فيها، والمشاركة في مختلف المحافل الدولية وتقديم الدعم لها. لهذا اكتسبت قطر قاعدة قوية من الفعل الدبلوماسي الناجح، والعمل السياسي الناجع، والخبرة الكبيرة في استضافة وتنظيم المؤتمرات العالمية الهامة، ومن بينها قمة الجنوب الثانية لدعم التنمية في جنوب الكرة الأرضية، التي احتضنتها الدوحة خلال عام 2006، وهي أكبر قمة عالمية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى كل هذا الرصيد الهائل من الخبرة التنظيمية هناك الوعي القطري الكامل بكل المتغيرات الدولية([36]).

ونتيجة للثقة العالمية والمكانة التي تتمتع بها قطر إقليمياً ودولياً فقد حصلت دولة قطر على أحد المقاعد الأربعة المخصصة للقارة الآسيوية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في عام 2001. كما تم اختيار قطر عضوا في اللجنة الإعلامية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك وفقاً لقرار الجمعية الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 2004. وأيضا تسلمت قطر في يوم 17 يناير عام 2004 رئاسة مجموعة السبعة والسبعين والصين، واحتضنت الدوحة يومي 15 و16 يونيو 2005 للقمة الثانية لمجموعة ال77 زائد الصين([37]).

حققت الدبلوماسية القطرية نجاحاتٍ على مختلف الأصعدة الخليجية والعربية والإسلامية، وتعمل دولة قطر على تعميق روابط التعاون بينها وبين الشعوب والدول الإسلامية وعلى تقديم كافة أشكال المساعدة والدعم المادي والمعنوي لخدمة القضايا المشتركة للأمة العربية والإسلامية. على طريق نهجها الداعم لقضايا الأمة الإسلامية استضافت قطر في نوفمبر 2000 مؤتمر القمة الإسلامي التاسع الذي توصل إلى نتائج هامة على صعيد دعم قضايا الأمة وتكاملها ووحدتها في مواجهة التحديات.

وخلال هذا المؤتمر تسلمت رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي لمدة ثلاث سنوات في الفترة من 2000-2003، وقد سجلت رئاسة قطر للقمة الإسلامية التاسعة نجاحا مميزاً للدبلوماسية القطرية، التي تؤكد وجودها الديناميكي على الساحة الإقليمية والدولية. وقد عبرت قطر عن بالغ اهتمامها بتعميق روابط التعاون بينها وبين الشعوب والدول الإسلامية وتقديم المساعدة والدعم المادي والسياسي لخدمة القضايا المشتركة للأمة العربية والإسلامية. كما شاركت دولة قطر في حضور فاعل في اجتماعات مؤتمر القمة الإسلامي العاشر الذي عقد بكوالالمبور بماليزيا في الفترة من 16-18 أكتوبر عام 2003([38]).

وعلى الصعيد الدولي، كان الإنجاز الأهم للدبلوماسية القطرية هو الخطوة القطرية للحصول على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن في سياق رؤية استراتيجية لتفعيل الدور القطري داخل المنظومة الدولية، وإعطاء دفعة قوية للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في سبيل مواجهة الأزمات وحل المشكلات في العالم، في ضوء الفهم القطري الموضوعي للواقع الدولي الراهن الذي تزايدت فيه مكانة هذه المنظمة الدولية، وأجهزتها المختلفة، ومن بينها مجلس الأمن الدولي الذي تصاعد دوره، بعد تلاشي ظروف الاستقطاب الدولي الحاد التي كانت سائدة في منتصف القرن الماضي، وأدت إلى انقسام العالم إلى معسكرين متناقضين يتقاسمان مناطق النفوذ في ظل الحرب الباردة.

وخلال عام 2005 كثفت الدبلوماسية القطرية -سواء من المركز بالدوحة أو في الأمم المتحدة بنيويورك- اتصالاتها مع ممثلي المجموعتين حتى تحظى بالدعم الكامل لدخول عضوية مجلس الأمن. يعكس ترشيح قطر للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن لمدة عامين، هو نوع من تقدير المجتمع الدولي لقطر ومكانتها ودورها المتنامي على الساحة الدولية. وبدون شك فإن التأييد الدولي الذي حصلت عليه قطر منذ البداية، يعطي مشروعها الدبلوماسي دفعة قوية على طريق الوصول إلى العضوية غير الدائمة في المجلس الدولي([39]).

وقد تم انتخاب دولة قطر عضواً غير دائم في مجلس الأمن لفترة العامين 2006-2007 في الانتخابات التي أجرتها الجمعية العامة بتاريخ 10 أكتوبر 2005. وقد تمكنت دولة قطر بفضل دبلوماسيتها النشطة من الوصول إلى هذا الهدف الرئيسي وتحقيقه، ويعتبر أحمد عبد الملك الإعلامي القطري، أن عضوية دولة قطر تأتي بعد قيامها بسلسلة من المبادرات الناجحة سواء على الصعيد العربي أو الصعيد الدولي وبالتالي، فإن وجودها في المجلس لم يأت من فراغ، وأن ما حققته قطر على الصعيد الدبلوماسي الدولي وتمسكها بقيم السلام والحوار مع الآخر، ونبذ العنف أهلها لأن تحصل على هذه العضوية. ومن جانبه يرى يوسف عبيدان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، أن هذا الحدث الذي أدى إلى انتخاب قطر عضوا غير دائم بمجلس الأمن "يعتبر انتصارا للدبلوماسية القطرية وتجسيدا لمكانة دولة قطر بين الدول"([40]).

إن دولة قطر التي قدرت المسؤولية الجسيمة التي تتطلبها عضوية مجلس الأمن تجاه الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وقد لقيت ممارستها لمسؤوليتها الدولية خلال مدة انتدابها داخل مجلس الأمن استحسانا لدى المجتمع الدولي ولدى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة([41]). وتعد قضايا العالم العربي من أولويات دولة قطر بوصفها جزءا من تلك المنطقة وباعتبارها العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، وقد أشار الكثير من الملاحظين أن مواقف قطر في المجلس كانت الأقرب إلى الرأي العام العربي. ففي حالة لبنان انسجمت السياسة القطرية مع الموقف الكلّي للحكومة اللبنانية بتبنيها الملاحظات اللبنانية على مشروع القرار الفرنسي الأمريكي، وفي الموضوع الفلسطيني كانت السباقة إلى طرح مشاريع لوقف العدوان الإسرائيلي، وفي موضوع دارفور رفضت تخطي القرار السيادي لدولة عضو في مجلس الجامعة العربية هي السودان، التي تعارض إرسال قوة دولية إلى الإقليم الذي تتنازعه ليس فقط الحروب الأهلية بل مصالح الدول العظمى.

وهكذا تشكل ممارسة قطر لعضويتها في مجلس الأمن إضافة نوعية لنجاحات الدبلوماسية القطرية في السنوات الماضية، في ظل ظروف دولية تعرف تقلبات سريعة. فكانت عضوية قطر في هذا المجلس خطوة دبلوماسية إيجابية وفعالة مكنتها من احتلال مكانها المناسب في عالم اليوم والمشاركة في صنع القرار الدولي. وهو الحدث الذي جاء نتيجة عمل دؤوب ودبلوماسية نشطة وفعالة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أكدت للمتتبعين رجاحة الرؤيا القطرية للسياسة الدولية، والتي تستند إلى الدعوة إلى السلم ونبذ العنف في حل النزاعات والمشكلات العالقة بين الشعوب، وهو إنجاز أشاد به الكثير من الدبلوماسيين والسياسيين في مختلف المنتديات الفكرية والمحافل الدبلوماسية.
3- السياسة الخارجية القطرية وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية

على الصعيد الثنائي، تبذل قطر جهودا كثيرة سعياً وراء تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والإسلامية وتحقيق التعاون الكثيف في مختلف الميادين الاقتصادية سواء تعلق الأمر بالجانب التجاري أو تشجيع الاستثمارات. وعلى سبيل المثال شهدت العلاقات الاقتصادية القطرية المغربية تطورا نوعيا في السنوات الأخيرة. ففي شهر أكتوبر من عام 2003 انعقدت بالدوحة الدورة الثانية للجنة المغربية القطرية، كما تميزت سنة 2005 بالزيارة الرسمية التي قام بها أمير دولة قطر إلى المغرب يومي 7 و8 يوليو من نفس السنة، حيث استقبل من طرف العاهل المغربي وأجريا مباحثات في القصر الملكي بمدينة طنجة (شمال المغرب)، وترأسا معا حفل التوقيع على اتفاقية إطار تتعلق بإنجاز مشروع سياحي هام بضواحي مدينة طنجة التي لا تفصلها عن الشواطئ الأوربية سوى مسافة أربعة عشر كيلومتر. وبالفعل تقدمت شركة "الديار القطرية للاستثمار العقاري" بمشروع سياحي ضخم على مساحة 230 هكتار تبلغ تكلفته 170 مليون دولار، ويعد هذا المشروع خطوة أولى ضمن برنامج أوسع تعتزم الشركة القطرية المذكورة إنجازه في المغرب.

وعلى الصعيد الخليجي، ساهمت قطر في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الخامس والعشرين من مايو 1981، وقد سعى المجلس -منذ ذلك الحين- بجهود جميع أعضائه لخدمة مصالح دول المنطقة وتعزيز التعاون الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة([42]). ويأتي تعزيز علاقات دولة قطر بكافة أعضاء مجلس التعاون الخليجي العربية وتعميق أواصر الأخوة والتكامل الاقتصادي معها في مقدمة الأولويات في السياسة الخارجية. وتسعى قطر إلى الإسهام في تحقيق التعاون والتضامن بين دول المجلس بما فيه تلبية طموحات وتطلعات شعوب المنطقة بما يعزز الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة.

ومنذ وصول الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى سدة الحكم في عام 1995، تولي دولة قطر أهمية كبرى لدعم مسيرة مجلس التعاون دول الخليج العربية، وتحرص قطر على المشاركة الفاعلة في اجتماعات المجلس ودراسة القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة الخليجية. كما تدعو قطر إلى تعزيز مكانة مجلس التعاون الخليجي باعتباره نموذجا للتنسيق وللتكامل الإقليمي. وقد تمخضت مؤتمرات القمة لقادة مجلس التعاون، عن العديد من القرارات الاستراتيجية المهمة، والكثير من القواعد التنفيذية في مجالات التعاون السياسي والتنسيق العسكري والدفاعي والتكامل الاقتصادي([43]).

ونظرا لأهمية التجارة الخارجية بالنسبة للاقتصاد القطري، فقد انضمت دولة قطر عام 1994 م للاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة الجمركية (الغات GATT) التي حلت محلها فيما بعد منظمة التجارة العالمية (WTO/OMC)، وقد نجحت دولة قطر في استضافة وتنظيم حدثٍ كبير وبالغ الأهمية هو المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية في شهر نوفمبر من عام 2001([44])، والذي أصبح آنذاك حديث الأوساط الاقتصادية والاجتماعية على امتداد العالم، يستوي في ذلك الدول الصناعية الكبرى والدول النامية، لما مثله هذا الاجتماع بالذات من منعطف مهم في مسار ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية القطرية في عالم متحول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التغطية الاعلامية للنزاعات - التوجهات الجديدة لاعلام السلام -
» مقومات السياسة الخارجية القطرية: دراسة في السلوك السياسي
» السياسة الخارجية القطرية: الديناميات المتغيرة لدور استثنائي
» دور السياسة الخارجية القطرية في الأزمات
»  فهم أهداف السياسة الخارجية القطرية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1