رابعا: الهوية والاثنية واشكالية بناء الدولة:
1_ تأثير الهوية على العلاقات الدولية: لا تزال التطورات التي تحدث في الإقليم، بعد ربيع الثورات العربية، من القضايا الضاغطة على مراكز الفكر في العالم، فهناك اهتمام كبير بمستقبل النظم في الدول التي انتصر فيها الثوار، مثل تونس، ومصر ، وليبيا مؤخرا وكيف سيؤثر شكل النظام الجديد في علاقاتها الخارجية(41) خاصة علاقاتها مع الولايات المتحدة، وغيرها من الدول الغربية حيث هناك قناعة لدى المهتمين بالمنطقة بأن ربيع الثورات قد أحدث تحولا كبيرا في المنطقة، وأنهى أزمة الهوية التي عانت منها لعقود طويلة. ولكن هناك حالة عدم يقين بما سيئول إليه هذا التحول، ونوع الهوية التي ستتبناها هذه الدول وكيف ستؤثر فى سياستها الخارجية.والحديث عن الهوية وتأثيرها في علاقات الدول الخارجية، لا يرتبط فقط بالهوية الدينية أو الهوية، فقد شهد العالم خلال العقد الماضي على سبيل المثال،الكثير من التطورات التي أفادت بمحورية تأثيرا لهوية فمثلا، أكد إصرار الحكومة الإسرائيلية على الاعتراف بإسرائيل ك ”دولة يهودية“، مدى محورية الهوية الدينية في السياسات الإسرائيلية. إلى جانب ذلك، تكشف متابعة السياسات الأمريكية خلال عهد حكومة جورج بوش، عن حجم النفوذ الذي تمتع به، المحافظون الجدد والذين عكست مواقفهم تأثرا كبيرا بالمسيحية – الصهيونية،.إلى جانب ذلك، أعادت ذكرى أحداث 11 سبتمبر أهمية فهم تأثير الهوية في العلاقات الدولية. فعدد من المتابعين للأوضاع في الشرق الأوسط رأوا بأن أحداث 11 سبتمبر أدت إلى تعزيز الهوية الإسلامية والعربية خاصة لدى من يعيشون داخل الولايات المتحدة، وباتوا أكثر انخراطا في الحياة السياسية بهدف الدفاع عن هويتهم، والرد على أي اتهامات توجه لهم بسبب انتمائهم للعرب وللإسلام.
2_الهوية وإشكالية بناء الدولة:أصبحت الهُوية شأنا من شؤون الدولة التي تدير قضية الهُوية وتضع القواعد والضوابط حيث يقول منطق الدولة أن تكون صارمة اتجاه موضوع الهُوية، لان الدولة الحديثة تسعى إلى توحيد الهُوية، فإما أنها لا تعترف إلا بهوية ثقافية، واحدة لتحديد الهُوية الوطنية، أو أنها بعد قبولها لنوع معين من التعددية الثقافية في كنف الدولة، تقوم بتحديد هوية مرجعية تكون الهُوية الوحيدة، والهُوية الوطنية المتعصبة هي دولة أيديولوجية تقوم على استبعاد الاختلافات الثقافية ويقوم منطقها المتطرف على منطق التطهير الاثني(42). كما أن عمل الدولة لا يستجلب أي رد فعل من قبل الأقليات التي أنكرت هويتها أو تم التقليل من شأنها, وتنامي المطالبة بالهُوية الذي نلاحظه في كثير من الدول المعاصرة هو نتيجة لبيروقراطية السلطة ومركزيتها ولا يمكن لتمجيد الهُوية الوطنية إلا أن يجر إلى محاولة تخريب رمزية ضد تلقين الهُوية ولقد اتجهت الدولة منذ نشأتها إلى التصلب في إدارة الهوية و هي في الغالب لا تعترف إلا بصورة أحادية للهوية تصفها بالوطنية ، و حتى الدول التي تتظاهر بقبول التعددية الثقافية فإنها تحدد ضمنيا خصائص طاردة لغيرها، و حاصر للهوية، و إن تطلب الأمر أحيانا اللجوء إلى عمليات التصفية و التطهير الاثني، كما حدث للمسلمين في يوغوسلافيا و عمليات الطرد و التهجير كما يحدث للفلسطنيين و عمليات التهميش التي تتعرض لها بعض الثقافات الفرعية في دول مختلفة من العالم.
خامسا:الهوية والإثنية من منظور المقاربات النفسية
1 مفهوم الهوية من منظور النظرية النفسية التحليلية ومحاولة استنباط تأثير ذلك على الاثنية:
يطرح مفهوم الهوية لدى النظرية النفسية التحليلية بعدين أساسيين هما:
_ معيار التكيف مع الواقع والبيئة المحيطة كأحد المعطيات الواجب اعتمادها.
_ لا يمكن إنكار الانتماء للماضي والمستقبل، لأنه يبنى عليهما الانتماء لحقبة زمنية معينة.
ومنه يبرز دور البيئة المحيطة لا سيما بانفتاح المجتمع الدولي، حيث أصبح هذا الانفتاح هو معيار التكيف، عدم العزلة لذلك تطرح جدلية الانتماء لبلد معين، لا سيما حين اصطبحت العولمة تهدد الهوية نتيجة تأثيراتها على الثقافة والتقاليد التي تعتبر من أهم سمات الهوية، الأمر الذي أدى الى خلط المفهوم الحضاري بالمفهوم الثقافي، لا سيما لدى الدول المتخلفة، مما يخلق نوعا من الاغتراب النفسي، وهو اغتراب عن الاختيارات العلمية، ويبدأ حين يبدأ الفشل في تكوين الهوية، وهو ما يترتب عنه ضعف الشعور بالقيمة والإحساس بالأمن، ولعل هذا ما يبرر النزاعات التي تقوم على أساس اثني، حيث تعاني الجماعات الاثنية من عدم الارتياح والأمن النفسي والاندماج والتوحد والتالف مع الغير(43).
2 النظريات النفسية المفسرة للهوية والإثنية:
1_1 نظرية التصنيف إلى فئات:
تفترض هذه النظرية أن العمليات الإدراكية للعالم الفيزيقي يمكن تطبيقها على إدراك الفئات الاجتماعية وأعضائها ، بحيث نضفي مجموعة من القوالب النمطية على كل فئة من هذه الفئات، أي أن القوالب النمطية تنشأ أثناء قيامنا بعملية التصنيف إلى فئات. وهي تساعدنا على مواجهة مواقف التفاعل الاجتماعي مع الجماعات الأخرى. و إذا تحولت الفروق الغامضة في الخصائص بين الجماعات إلى فروق واضحة ، أو برزت فروق جديدة لم يكن لها وجود مسبق. فهي تمثل ميولا نحو نحو التبسيط أكثر من كونها مجرد تقسيمات دقيقة للصفات المميزة لكل جماعة.
إن من أثار التصنيف الى فئات هو وجود علاقات متمايزة بين الجماعات فوجود جماعة متمايزة منفصلة عن بقية الجماعات يقلل من وجود التمايز بين أفرادها، حيث تنطلق هذه النظرية من خلال فروض تالية:
_ السمات الشخصية يتعامل معها على أنها أبعاد ننظر من خلالها الى الشخص كالطول، اللون.
_ هذه الأبعاد ترتبط بالخبرات الثقافية للشخص، والتي على أساسها يصنف الأشخاص الى جماعات.
_ حينما يرتبط التصنيف ببعد متصل لدى الأفراد، تبرز المبالغة في الفروق بين الموضوعات، وهذا له العديد من الآثار لان الفروق التي تنتج تمثل قيمة، حين تكون مواجهة بين الجماعات الأخرى، وتتمثل المشكلة في أن الأشخاص الذين يتم إدراكهم يقومون بتقويمات سلبية ومتطرفة، مما يساهم في بروز الاتجاهات التعصبية.
1 2 نظرية الهوية الاجتماعية:
تفترض إن الهوية الاجتماعية للأشخاص تستمد من عضويتهم في المجتمع، وتضع الجماعة ادراكات تفسير ادراكات الجماعة بناء على العمليات المعرفية والدافعية، حيث انطلاقا من هذا التصنيف يتحدد الشكل للاتجاهات بين الجماعات بالايجابية والسلبية، ويساعد تمثل القيم الاجتماعية، والمعايير السائدة على إعطاء المضمون، لكنه لا يوضح أسلوب تعامل الأشخاص في المواقف النوعية بين الجماعات التي تواجه بعضها، وكذلك الطريقة التي يستوعب بها هؤلاء التغيرات المستمرة، وهنا يكون من الواجب البحث عن الاتساق الذي بإمكانه تفسير ذلك(44).
قائمة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
1_ آلان تورين، نقد الحداثة: مجلة المنطلق، ترجمة :.عقيل الشيخ حسين، العدد 115 سنة 1996.
2_ الأقداحي هشام محمود ، معالم الدولة القومية الحديثة : رؤية معاصرة مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية، 2008.
3_ إزيفيدو ماريو ، الإثنية والتحول الديمقراطي:الكاميرون والجابون، ترجمة: اد جوهر، مجلد الحكم والسياسة في إفريقيا، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2003
4_ بيتر وويد، العرق والطبيعة الثقافية، من منظور انتربولوجي، بلوتو، لندن، 2002.
5_ حسن حنفي،المشروع الحضاري الجديد، الماضي، الحاضر، المستقبل. مجلة الوحدة، عدد يناير، فبراير، مارس 1995
6_ حجاج أحمد ، الديمقراطية والتعددية الحزبية والانتخابات في إفريقيا،في كتاب الإصلاح البرلماني.
7_ حسن حمدي عبد الرحمان ، التعددية وأزمة بناء الدولة في أفريقيا الإسلامية، مركز دراسات المستقبل الإفريقي، القاهرة، 1996.
8_ خليفة فهمي الفهداوي، السياسة العامة منظور كلي في البنية والتحليل، دار المسيرة للنشر، الاردن، 2002.
9_ ناصيف يوسف حتى، النظرية في العلاقات الدولية، دار الكتاب، لبنان، 1985.
10_ عمر منصور، اللاجئون في العالم، مأساة طبيعية نهاية القرن، مجلة الجيش، العدد 45، مارس، 2001.
11_ محمد العربي ولد خليفة ، المسألة الثقافية و قضايا اللسان و الهوية منشورات ثالة و الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية ، الجزائر
المراجع باللغة الفرنسية:
A-Les livres:
1-Joseph yacoub , les minorités dans le monde : fait et analyses , dexlée de
brouwer , paris , 1998.
2- Proton Ronald, les ethnies, puf, paris, 128
3- Rémod Cristophe, la sécurité humaine et le rapport entre humanitaires et
militaires :perspctive historique depuis 1990-2008 ,2008.
4- Rosenberg Dominique, Les minorités nationales et le défi de la Sécurité en
Europe,UNNY,1993.
5_ J.M G lodgier , and P.E I ehock, Psychology, and International Relations Theory, Annu Rev, Polit,Sc,2001
6- Amelie Constant,Lilya Gattolina,Kalus,F Zimmerman, G ender , Ethnic Identity and Work,Discussion paper,N O ,2420
7- Rodrigo, Romo,José ,M .g ;L .Ethnic Identity and Dietary Haits,among, Hisparix, immigrants in spain,copinight,2009 ;