د- زايد مراد جامعة الجزائر
عنوان المداخلة: المسؤولية الإجتماعية للشركات في ظل المتغيرات العالمية – حالة الجزائر-
بعد تفاقم المشكلات الاجتماعية و الاقتصادية و البيئية في دول العالم، و التي كانت الشركات الدولية السبب في ظهور بعض منها، ظهرت ضغوطات كبيرة على هذه الشركات في سبيل مواجهة التزاماتها و مسؤولياتها و تصحيح الممارسات غير المسئولة الصادرة عنها، من هنا بدأت تتبلور ثقافة المسؤولية الاجتماعية، و أصبحت منظمات الأعمال تغير من نظرتها للمجتمع و البيئة، في محاولة منها لتحسين صورتها من جهة و للعب دور فعال و ايجابي في المجتمع من جهة أخرى.
حيث كثرت في الآونة الأخيرة الدراسات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال من منظور الأفكار الاقتصادية الوضعية، مما أثرى هذا المفهوم بشكل واسع، و أدى إلى ترسيخ المسؤولية الاجتماعية ثقافة و قناعة و تطبيقا خصوصا في كبريات الشركات العالمية، في المقابل نجد تقصيرا من جانب مفكري الاقتصاد و الإدارة في الدول النامية بصفة عامة و الجزائر بصفة خاصة. و بالتالي يتعين على المؤسسات أن تضع المسؤولية الإجتماعية في صلب إستراتيجيتها، إذ أصبحت المسؤولية الإجتماعية تهدف إلى تحسين حياة الأفراد و المجتمع من خلال تناول مشكلات معينة و إيجاد حلول عملية لها من أجل ضمان التنمية المستدامة التي أصبحت أمرا واقعا ، و في ضوء ذلك تطرح الورقة الإشكالية التالية : ماهي الدوافع التي تشجع الشركات على الإضطلاع بمسؤوليتها الإجتماعية و كذلك التحديات التي تواجهها للقيام بدورها الإجتماعي؟
1-المفهوم العالمي للمسؤولية الإجتماعية : ظلت المشاركة الاجتماعية على مستوى العالم إلى وقت قريب والمرتبطة بخدمة المجتمع ولسنوات طويلة، تعتمد على المبادرات والجهود الفردية، التي لا تخضع في معظم الأحيان إلى خطط، أو تستند إلى استراتيجيات علمية وعملية واضحة ومدروسة، ما قلل من شأنها، وأضعف من قيمتها الاقتصادية، ولا سيما أن معظمها كان يعتمد على المبادرات الفردية، المتمثلة في التبرع بالأموال ومنح الهبات وغير ذلك، دون النظر إلى مردودها التنموي على أفراد المجتمع.
ففي عام 1999 طالب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بميثاق اجتماعي جديد بين رجال الأعمال والمجتمع. والذي أدى إلى تطوير ميثاق الأمم المتحدة العالمي، والذي اشتمل على 10 مبادئ عالمية لتلتزم بها الشركات المؤيدة. وفي عام 2006 حاز الميثاق العالمي على نحو 3000 توقيع، منها 2500 توقيع من شركات تجارية من 90 دولة. وبعد تنامي أنشطته فإن الميثاق العالمي ركز على دور القطاع المالي في كيف يمكنه القيام بدمج مبادئ الميثاق التسعة لأداء الشركات ورجال الأعمال في مجال حقوق الإنسان، والعمال والبيئة، من خلال البحوث الاستثمارية وقائمة معايير العمل بالبورصة. في ماي 2006 قام نحو 50 من المستثمرين المؤسساتيين، والذين قدموا ما يمثل تقريبا 4 بليون دولار من الأصول، بالموافقة على دعم مجموعة جديدة من ستة مبادئ للاستثمار المسئول/الرشيد .
هذه المبادئ تم تطويرها بوساطة مجموعة اختيرت من قبل ميثاق الأمم المتحدة العالمي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتتكون من 20 مستثمر من 12 دولة. في البداية كان هناك 32 توقيعا؛ وقد ارتفع هذا الرقم إلى 231 ، متضمًنا 91 من ملاَّك الأصول، 89 مدير للاستثمارات، و 51 من شركاء الخدمات المهنية. وهذه المبادئ تطوعية ولا تحمل أية تهديدات أو عقوبات قانونية لمن لا يعمل على تنفيذها.
2-المسؤولية الاجتماعية للشركات في البلدان النامية : إن مؤسسات الأعمال التجارية في جميع أنحاء العالم، في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء، وبصرف النظر عن حجمها وتخصصها، تترك أثراً كبيراً من النواحي الاجتماعية والبيئية والاقتصادية على اﻟﻤﺠتمعات المحلية التي تعمل فيها . بيد أن أهمية "التأثير الإيجابي" في الأسواق المعاصرة التي تتسم بالتنافس الشديد قد تكون جوهرية بالنسبة لسمعة الشركة ولنجاح الأعمال التجارية على حد سواء.
وتتصدى البلدان النامية للأبعاد المتعددة للفقر : الافتقار إلى الحاجات الأساسية مثل التعليم والخدمات الصحية، والصحة العامة، والإصحاح و مياه الشرب . ويرتفع معدل الفقر في كثير من البلدان نظراً لاستحالة إيجاد فرص عمل كافية في ظل تدني النمو الاقتصادي . كما أن نوعية الحياة رديئة حتى بالنسبة للموظفين . ومن أجل التصدي للفقر والبطالة وتحسين نوعية الحياة، كثيراً ما تضطلع الشركات المتعددة الجنسيات ومؤ سسات الأعمال التجارية المحلية في البلدان النامية بالمسؤولية الاجتماعية للشركات بدرجات متفاوتة في إطار عملياﺗﻬا التجارية المحلية في اﻟﻤﺠالات التالية:
حماية البيئة ، مثل خفض انبعاثات الغازات وكمية النفايات، وإعادة تدوير المواد وبرامج إعادة .
تشجير الغابات؛ الأعمال الخيرية، مثل التبرع للمؤسسات الخيرية؛ والمشاركة في القضايا الاجتماعية، مثل التوعية بحقوق الإنسان والتثقيف بشأن مرض الإيدز؛
وتنمية المناطق الحضرية من خلال الشراكة مع الحكومة المحلية لإنعاش مؤسسات الأعمال .
التجارية الصغيرة وتحسين البيئة في المدن الداخلية؛
والاستثمار في مؤسسات الأعمال التجارية المحلية من خلال إقامة شراكات مع المنظمات غير
الحكومية في مجال التخفيف من وطأة الفقر وبرامج التنمية الاجتماعية، والمؤسسات الدينية
والأندية الاجتماعية؛
ومشاريع الموظفين، مثل توفير معايير أعلى للصحة والسلامة المهنيين، وفرص التوظيف المتساوية، واقتسام الوظائف وساعات العمل المرنة.
3-تعريف المسئولية الاجتماعية: هناك عدة تعريفات للمسؤولية الاجتماعية للشركات، تختلف باختلاف وجهات النظر في تحديد شكل هذه المسؤولية. فالبعض يراها بمثابة تذكير للشركات بمسؤولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه، بينما يرى البعض الآخر أن مقتضى هذه المسؤولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية تقوم بها الشركات صاحبة الشأن بإرادتها المنفردة تجاه المجتمع. ويرى آخرون أنها صورة من صور الملاءمة الاجتماعية الواجبة على الشركات. إلا أن كل هذه الآراء تتفق من حيث مضمون هذا المفهوم .
وخلاصة القول أن المسئولية الاجتماعية للشركات تعنى التصرف على نحو يتسم بالمسئولية الاجتماعية والمساءلة.ليس فقط أمام أصحاب حقوق الملكية ولكن أمام أصحاب المصلحة الأخرى بمن فيهم الموظفين والعملاء والحكومة والشركاء والمجتمعات المحلية والأجيال القادمة.
4-الأسباب التي تدعو الشركات الدولية للقيام بمسؤولياتها الاجتماعية : وقد أشارت العديد من الدراسات إلى ان بروز وتنامي مفهوم المسؤولية الاجتماعية جاء نتيجة العديد من التحديات كان من أهمها:
1-العولمة: وتعد من أهم القوى الدافعة لتبني المنظمات لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، حيث أضحت العديد من الشركات متعددة الجنسية Multinational Companies (MNCs) ترفع شعار المسؤولية الاجتماعية، و أصبحت تركز في حملاتها الترويجية على أنها تهتم بحقوق الإنسان، وأنها تلتزم بتوفير ظروف عمل آمنة للعاملين، وبأنها لا تسمح بتشغيل الأطفال، كما أنها تهتم بقضايا البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
2-تزايد الضغوط الحكومية والشعبية: من خلال التشريعات التي تنادي بضرورة حماية المستهلك والعاملين والبيئة، الأمر الذي قد يكلف المنظمة أموالاً طائلة إذا ما رغبت في الالتزام بتلك التشريعات، وبخلاف ذلك قد تتعرض للمقاطعة والخروج من السوق بشكل عام.
3- الكوارث والفضائح الأخلاقية: حيث تعرضت الكثير من المنظمات العالمية لقضايا أخلاقية، مما جعلها تتكبد أموالاً طائلة كتعويضات للضحايا أو خسائر نتيجة المنتجات المعابة، كما حدث في كارثة التلوث النفطي للمياه في ساحل ألا سكا والتي تسببت فيها شركة (Exxon Valdez) النفطية،أو كما حدث في فضيحتي الرشوة في شركتي(IBM & Banco Nacion) فى الأرجنتين، وفضيحة رشوة(Lockheed) فى عام 1970 في أمريكا ،الأمر الذي دعا السلطات الأمريكية إلى سن قانون ينظم التعامل مع قضايا الرشوة.
4- التطورات التكنولوجية المتسارعة: والتي صاحبتها تحديات عديدة أمام منظمات الأعمال فرضت عليها ضرورة الالتزام بتطوير المنتجات، وتطوير مهارات العاملين، وضرورة الاهتمام بالتغيرات في أذواق المستهلكين و تنمية مهارات متخذي القرار. خاصة في ظل التحول من الاقتصاد الصناعي إلى اقتصاد قائم على المعلومات والمعرفة، وزيادة الاهتمام برأس المال البشري بدرجة اكبر من راس المال المادي.
وبالتالي نجد انه مع تغير بيئة العمل العالمية، فان متطلبات النجاح والمنافسة تغيرت أيضا. إذ أصبح لزاماً على منظمات الأعمال أن تضاعف جهودها، وان تسعى نحو بناء علاقات استراتيجية اكثرعمقاً مع المستهلكين والعاملين وشركاء العمل ودعاة حماية البيئة والمجتمعات المحلية والمستثمرين،حتى تتمكن من المنافسة والبقاء في السوق. حيث ان بناء هذه العلاقات من شأنه أن يعمل على تكوين أساس لاستراتيجية جديدة تركز على أفراد المجتمع، وبالتالي تتمكن منظمات الأعمال من مواجهة التحديات التي تتعرض لها في عصرنا الراهن.
5-أهمية المسؤلية الإجتماعية : إن قيام الشركات بدورها تجاه المسؤولية الاجتماعية يضمن إلى حد ما دعم جميع أفراد المجتمع لأهدافها ورسالتها التنموية والاعتراف بوجودها، والمساهمة في إنجاح أهدافها وفق ما خطط له مسبقاً، علاوة على المساهمة في سدّ احتياجات المجتمع ومتطلباته الحياتية والمعيشية الضرورية، إضافةً إلى خلق فرص عمل جديدة من خلال إقامة مشاريع خيرية واجتماعية ذات طابع تنموي.
1- يعتمد نجاح أى شركة على قدرتها على جدب وتحفيز وإستبقاء مجموعة من الموهوبين من العمال .
2- تشجيع الموظفين على المشاركة فى المسؤلية الإجتماعية للشركات باعتبارها ضرورة إستراتيجية .
3- تصميم منتجات تسهم فى تحقيق الرضا الوظيفى .
4- خلق فرص لتعزيز الموظفين .
5- التكامل بين العمل والحياة الشخصية .
6- تثقيف الجمهور الخارجى حول القيم الأساسية والأخلاق للشركة .
7- المسؤلية الإجتماعية تساعد الموظفين على الشعور بالفخر والإرتياح فى وظائفهم .
8- المسؤلية الإجتماعية تساعد على خفض التغيب عن العمل .
9- إلتزام صاحب العمل بالمسؤلية الإجتماعية تساعد الموظفين على العمل بجدية لزيادة الإنتاج والتركيز على الجودة .
10- يجب أن تسعى الشركات إلى إشتراك الموظفين فى تصميم وتخطيط وتنفيد برامج المسؤلية الإجتماعية .
11- مشاركة العاملين فى المسؤلية الإجتماعية فى الوقت المحدد للعمل .
12- تحسين الإتصال مع العاملين .
ويمكن تطبيق المسؤلية الإجتماعية من خلال :
1- العمل على تحسين وضع الشركة وتحسين مركزها التنافسى .
2- تنمية روح المشاركة والعمل الجماعى بين الأفراد فى المنظمة .
3- العمل بمبدأ المكافأة والعقاب , لأن هدا يحفز العاملين على زيادة الإنتاجية , والتركيز على الجودة .
4- الإهتمام بالجوانب الإجتماعية للأفراد .
5- تحسين عملية الإتصال بين الرئيس والمرؤس فى العمل .
6- خلق فرص عمل وتعزيز الموظف وتشجيعية على الإبتكار .
7- تطبيق مبدأ التخصص الوظيفى بمعنى توزيع الأعمال والمهام على الأفراد تبعا لوظيفة كل فرد لأن هدا يساعد على زيادة الإنتاجية .
إذن فمفهوم المسؤولية الإجتماعية هو وليد لمتطلبات التنمية المستدامة والشراكة في التنمية الاقتصادية بين الدولة والقطاع الخاص لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة بهدف إيجاد ودعم برامج اجتماعية واقتصادية وثقافية مستدامة مستقاة من الاحتياجات والأولويات الوطنية وهذا المفهوم يقوم على الاستثمار في الموارد البشرية وخلق فرص عمل وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة جنباً إلى جنب مع حل المشكلات الاجتماعية والبيئية وتعزيز التنمية المستدامة.
7.المسؤولية الاجتماعية بين مؤيد و معارض: يمكن حصر حجج المؤيدين لتبني المسؤولية الاجتماعية فيما يلي :
المنظمة جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي تتواجد فيه لذا عليها أن تلعب دورا كبيرا في تحقيق أهدافه المختلفة.
تزداد الأرباح على المدى البعيد إذا تبنت المنظمة دورا اجتماعيا.
الدور الاجتماعي هو رد فعل على النقد الموجه للمنظمة و هو اهتمامها بالأرباح و إهمال المتطلبات الاجتماعية.
الصورة العامة للمنظمة ستكون أفضل حينما تلعب دورا اجتماعيا (تحين السمعة).
التقليل من إجراءات الحكومة و قوانينها المتعلقة بالتدخل في شؤون المنظمات.
المسؤولية الاجتماعية شكل من التدابير الوقائية لتجنب المشاكل الاجتماعية المعقدة التي ستحدث عاجلا أم آجلا.
تنطلق الحجج المعارضة من اعتبار أن الالتزام الاجتماعي يتعارض مع الهدف الرئيسي للمنظمة و هو تحقيق الربح، أما الحجج الأخرى فهي كالتالي :
الالتزام بمهام المسؤولية الاجتماعية يحول المنظمة إلى شكل لا يختلف عما هو سائد في المنظمات الحكومية.
إذا انفردت المنظمة بإنفاق المبالغ على تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية، فان ذلك يعني تحملها كلفا إضافية تنعكس على زيادة أسعار السلع التي تتعامل بها، و بالتالي تنعكس سلبا على موقفها و قوتها التنافسية في السوق.
محدودية الخبرة و المهارة المتاحة لدى منظمات الأعمال في معالجة المشكلات الاجتماعية التي تعترض عملها.
تضعف الأهداف الرئيسية الأخرى لمنظمة الأعمال لكونها تستنزف طاقة ليست بالقليلة من جهد المنظمة،كما أن المشكلات الاجتماعية هي من مسؤولية الدولة فقط.
8-الدوافع التي تشجع الشركات في الجزائر على الاهتمام بمفهوم المسئولية الاجتماعية : تتمثل الدوافع التي تشجع الشركات المحلية على الالتزام بمسئولياتها الاجتماعية فيما يلي :
-الحاجة إلى توفير مناخ أفضل لممارسة الأعمال، ومستوى أفضل من الحوكمة والشفافية والمصارحة
الطوعية، واحترام القوانين.
-إرساء بعض القيم الهامة لدى العاملين بالشركات لحفزهم على احترام قيم العمل والتميز، ويشجع ذلك
على اجتذاب أفضل العناصر البشرية والعمالة المؤهلة والمدربة.
-الاهتمام برفع مستوى الإنتاجية لمواجهة زيادة حدة المنافسة عالميا ومحليا.
-الالتزام بتطبيق المواصفات العالمية، خاصة عند التصدير للخارج والتأهيل لشروط المشتريات
الحكومية.
-تحسين العلاقة بين الشركات ومختلف أصحاب المصالح من مستهلكين وموردين والشركات عابرة
القارات من خلال سلاسل التوريد العالمية.
-استخدام برامج المسئولية الاجتماعية كأداة للمتابعة والتقييم داخل الشركات.
-الالتزام بالاتفاقيات الدولية خاصة في ضوء انضمام الجزائر للميثاق العالمي للأمم المتحدة واستجابة
لمبادرات البنك الدولي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
-الوفاء بالالتزامات المترتبة على إقامة علاقات تجارية واقتصادية مع الاتحاد الأوروبي وما يترتب على ذلك من ضرورة تطبيق برامج المسئولية الاجتماعية
9-التحديات التي تواجه الشركات المحلية عند التزامها بتنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية : تواجه الشركات المحلية وخاصة الشركات الكبرى، عددا من التحديات التي قد تؤثر سلبا على مدى التزامها بهذه
البرامج والتي يتعين تضافر الجهود لمواجهتها. وتتمثل هذه التحديات فيما يلي:
-التعرض للنقد من الجهات المختلفة بسبب ما تفرضه برامج المسئولية الاجتماعية الشركات من الالتزام بالشفافية مما قد يؤثر سلبا على استعداد الشركات للمشاركة في رسم وتنفيذ هذه البرامج.
-عدم توافر الخبرات اللازمة برامج المسئولية الاجتماعية على نحو فعال وما يرتبط بها من إعداد التقارير والمتابعة والتقييم
-ارتفاع تكلفة تنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية وعدم توافر الموارد المالية الكافية لتغطيتها .
10-مظاهر المسؤولية الإجتماعية في المؤسسات الجزائرية حالة شركة سوناطراك : تعتبر سوناطراك أهم شركة محروقات في الجزائر و في أفريقيا. فهي تشتغل في التنقيب و الانتاج و النقل عن طريق الأنابيب و التحويل و تسويق المحروقات و مشتقاتها.بتبنيها لإستراتيجية متنوعة، تتوسع سوناطراك في نشاطات توليد الطاقة الكهربائية، الطاقات الجديدة و المتجددة، تحلية مياه البحر، البحث و التعدين. مواصلة منها لإستراتيجيتها في التدويل، تعمل سوناطراك في الجزائر و في عدة مناطق من العالم: في أفريقيا (مالي، النيجر، ليبيا، مصر) و في أوربا (إسبانيا، إيطاليا، البرتغال، بريطانيا العظمى) و في أمريكا اللاتينية (البيرو) و في الولايات المتحدة الأمريكية. برقم أعمال يقارب 64،975 مليار دولار أمريكي تم تحقيقه سنة 2008، تم ترتيب سوناطراك الشركة الأولى إفريقيا و الثانية عشر عالميا. و هي أيضا رابع مصدر عالمي للغاز الطبيعي المميع GNL، ثالث مصدر عالمي لغاز البترول المميع GPL، و خامس مصدر للغاز الطبيعي .
10-1-التضامن و المسؤولية المؤسساتية : فضلا عن دورها الاقتصادي و التجاري، تعتبر سوناطراك مؤسسة مواطنة تعمل في عدة مناطق من البلاد على مساعدة السكان المعوزين و على ترقية النشاطات العلمية و الثقافية و الرياضية. و تشارك سوناطراك أيضا في النشاطات التي تهدف إلى المحافظة على الطبيعة و حفظ التراث الثقافي و التاريخي الوطنيين.
إن الاستثمار الاجتماعي لسوناطراك موجه لسكان المناطق المحرومة. كما أن المحافظة على الموروث الثقافي الوطني المادي و غير المادي تشغل مرتبة هامة في تترجم لاسيما بتثمين المواقع المعمارية و الأثرية. تتم نشاطات تسيير الاستثمار الاجتماعي حسب مقاربة تساهمية تهدف إلى ما يلي:
يرمي هذا البرنامج إلى ثلاثة أهداف:
• تحسين ظروف المعيشة للسكان المحرومين عن طريق امتصاص فوارق التنمية و ترقية التآزر و التعاون المحلي.
• المشاركة الفعالة في البرامج التي تهدف إلى تطوير و خلق الثروات، بتفضيل البرامج الخلاقة لمناصب الشغل.
• تعزيز ثقافة التضامن في وسط سوناطراك بالتحرك في آن واحد على الحالات الاستعجالية و العمل على المدى البعيد
10-2-محاور تدخل الاستثمار الاجتماعي:
• التكوين المهني
• محو الأمية و /أو التربية
• فك العزلة
• الري
• الصحة
• البيئة
• الصناعة التقليدية
• الرياضة و الثقاف
10-3- الالتزام و الأخلاقيات :
• تلتزم سوناطراك باحترام موظفيها و تكن لهم التقدير و تحافظ على صحتهم و تضمن أمنهم.
• تحرص سوناطراك على ضمان أمن منشآتها و الحفاظ على أمن السكان المجاورين.
فهي تعمل على المحافظة على المحيط و الأنظمة البيئية و المشاركة في حماية الموروث الطبيعي و الثقافي.
• تشارك سوناطراك في إنجاز نشاطات اجتماعية و خيرية و التنمية الاجتماعية الاقتصادية المحلية و التضامن الوطني و الدولي توافقا مع قيمها كمؤسسة مواطنة
• و هي تتمسك بمبادئ التنمية المستدامة، تجمع سوناطراك النمو الاقتصادي للمجمع و الالتزامات لصالح أمن الأشخاص و الممتلكات. و هي تبقى أيضا ملتزمة بتخفيض آثار نشاطاتها على صحة مستخدميها و صحة السكان المجاورين لمركباتها.
تم القيام بنشاطات كثيرة قصد تحديد و حتى القضاء على آثار نشاطات سوناطراك على البيئة، و على وجه الخصوص بتخفيض انبعاثات غاز الاحتباس الحراري و أي ملوث آخر للغلاف الجوي. و كذلك، فقد تم منح استثمارات معتبرة من أجل تخفيض الغازات المحروقة. حيث أن حجم الغازات المصاحبة المنتجة قد ارتفع بأربعة أضعاف في خضم 30 سنة الأخيرة، نسبة حرق الغاز المصاحب على منتجات الغاز قد انتقلت من 80 % سنة 1970 إلى 7 % سنة 2007. إن هدف سوناطراك هو تحقيق القضاء على أغلبية الحرق ابتداء من 2010.
أما فيما يتعلق بتخفيض انبعاث CO2 ، فتعمل سوناطراك بالشراكة مع BP و ستاتوإيل هيدرو على إعادة حقن CO2 على مستوى حقل كرشبة بحقل عين صالح.
تشكل التنمية المستدامة بالنسبة لسوناطراك التزاما مسؤولا و ملموسا و على وجه الخصوص اتجاه أجيال المستقبل، باعتبارها و منذ أمد بعيد، مبدأ توجيهيا و هدفا استراتيجيا لنشاطاتها.
إن رغبة سوناطراك في رفع مجالات الصحة لمستخدميها و رفع أمن منشآتها و حماية المحيط إلى مصف الانشغالات الكبرى للمؤسسة، قد ترجمت بوضع مديرية مركزية للصحة و السلامة سنة 2001 حيث يصل مداها إلى حد الاندماج في صنع القرارات الإستراتيجية لمجمع سوناطراك.
ترتكز استراتيجية سوناطراك فيما يتعلق بالصحة و السلامة و التنمية المستدامة إجمالا على التحكم في المخاطر الصحية و الأمنية و حماية المحيط و التنمية، و كذا تقييم الكفاءات في مجال الصحة و السلامة. و تتمحور أيضا حول مساهمة سوناطراك في الرعاية الاجتماعية للسكان المجاورين و النشاطات ذات الطابع الوطني في مجال حماية البيئة.
10-4-مؤسسة سوناطراك طاسيلي: ان مؤسسة سوناطراك طاسيلي هي التقاء لشركة بترولية كبرى بقيم انسانية و بيئية و الطاسلي مصنف ارث عالمي ، حيث تسير المؤسسة عن طريق قانون 04 ديسمبر 1990 المتعلق بالجمعيات.
أوكلت إلى سوناطراك طاسيلي مهمة حماية الطبيعة من أجل الإبقاء عليها و مكافحة التلوث بجميع أشكاله و المحافظة على الحيوانات و النباتات و المحافظة على الموروث الثقافي المادي و غير المادي و المساعدة في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية للسكان المعزولين و /أو المحرومين.
تتدخل مؤسسة سوناطراك طاسيلي في كامل التراب الوطني، في المناطق الصحراوية الواسعة و بصفة خاصة في مناطق أقصى الجنوب و بالتحديد في مناطق الطاسيلي.
تتشرف سوناطراك بربط اسمها عبر مؤسستها بالطاسيلي الذي يتوفر على موروث ثقافي عن طريق نقوشه و رسوماته الصخرية و الطبيعية، و ثرواته الحيوانية و النباتية. و يمثل الطاسيلي محور الجهد الرئيسي لمؤسسة سوناطراك طاسيلي.
10-5-نظرة سوناطراك تجاه الموارد البشرية: تولي سوناطراك أولوية كبرى لتنمية و تكوين و تطوير الموارد البشرية،حيث أن حوالي 55% منهم معنيون بالتكوين سنة 2009، أي بزيادة تفوق 07% مقارنة بسنة 2008، فقد ارتفعت الميزانية المخصصة للتكوين التي تقارب 10 ملايين دولار بنسبة 20% مقارنة بالسنة الماضية.
و تتم وظيفة رفع المستوى و التخصص للمستخدمين عن طريق الثلاث وسائل للتكوين بسوناطراك: المعهد الجزائري للبترول (IAP)، مركز تطوير المؤسسة (CPE) ، و نفطوغاز.
• مركز تطوير المؤسسة (CPE) :يتركز دور هذا المركز على التدريب على التكنولوجيات و تقنيات التسيير، إدارة الأعمال، اللغات، تكوين المكونين، المالية و الشؤون القانونية، الإعلام الآلي و أنظمة الإعلام و الصحة و السلامة و البيئة.
• المعهد الجزائري للبترول (IAP) :يقع المعهد الجزائري للبترول (IAP) ببومرداس، و هو يوفر تكوينات عملية ذات مستوى دولي في مجالات الطاقة و المناجم تتعلق بنشاطات المنبع للمحروقات، نقل المحروقات، نشاطات المصب للمحروقات، الاقتصاد البترولي، إدارة الأعمال، الصحة و السلامة و البيئة، هندسة البيئة، المالية، الموارد البشرية، الاتصال في الشركة.
• معهد التكوين نفطوغاز (NAFTOGAZ) :يقع مركز التطوير و تطبيق التقنيات البترولية و الغازية (نفطوغاز) بحاسي مسعود، و تتمثل مهامه فيما يلي:
• تكوين التقنيين السامين و أعوان التحكم العملياتي.
• إعادة تأهيل و تحسين أداء إطارات الشركة.
• المساعدة و الاستشارة و البحث التطبيقي.
10-6-مدونة سلوك لشركة سوناطراك: في سنة 2010 تم الإعلان عن إصدار مدونة سلوك لشركة سوناطراك، تم التذكير في هذه الوثيقة الجديدة بأن مجمع سوناطراك يرتكز "على محورين تكميليين لقيمه" من أجل تطوره و هما "القيم الجوهرية و مبادئ المؤسسة"، تتعلق القيم الجوهرية بالالتزام لمصلحة البلاد و روح المؤسسة و الأخلاقيات و المهنية و الثقة و روح الجماعة و الحكامة المثالية و البحث عن الجودة و التكافؤ، وتنص قيم المؤسسة على التكوين و تحسين كفاءات المستخدمين و السهر و التحكم في التكنولوجيا و تحسين و نوعية المحيط الاجتماعي وإرضاء الزبائن و التحلي بحس التسويق و احترام الشركاء و نقل المهارات نحو المؤسسات الجزائرية الأخرى و احترام البيئة و كذا مسعى تنمية مستدامة، كما تم تزويد مجمع سوناطراك بلجنة أخلاقيات مهمتها السهر على تعزيز الممارسات الأخلاقية على مستوى الشركة و احترام أحكام مدونة السلوك
و من أهم البنود الواردة في هذه المدونة :
• اعتبار الرشوة عملا خطيرا يعاقب عليه القانون وتترتب عنه متابعات قضائية وإنهاء علاقة العمل مع المؤسسة.
• إنجاز أي مهام أو أهداف لا يمكن أن يكون بإتباع طرق غير شرعية وغير أخلاقية من طرف الموظفين والشركاء أومن زبائن سوناطراك.
• جاء في المدونة أنه يمنع منعا باتا على الموظفين تلقي أي عمولات أو هدايا من أشخاص أو هيئات مقابل منح مزايا معينة، مادية أو غيرها.
• ضرورة التبليغ بأي محاولة لرشوة الموظفين إلى لجنة أخلاقيات المؤسسة، وفي حالة ثبوت الرشوة على أي موظف، فإن هذا الأخير قد يتعرض إلى عقوبة الفصل من العمل، فيما يحرم الطرف الراشي من إقامة علاقات تجارية مع المؤسسة مع إمكانية المتابعة القضائية.
توضح المدونة أنه لا يسمح لموظفي سوناطراك بمنح أو تلقي إلا الهدايا الرمزية التي لا تمثل قيمة تجارية كبيرة، كما لا يسمح بدعوات المجاملة لغذاء عمل أو غير ذلك إلا في حدود الأخلاق، ويتعين على أي موظف أن يرفض أي هدية أو دعوة مجاملة خارجة عن الضوابط الأخلاقية، وذلك في عمليات المناقصة أو خلال المفاوضات التجارية، وعندما لا تسمح له الظروف بذلك يتعين عليه أن يسارع لإخطار مسئوليه، أو اللجنة المسئولة عن الصفقات في المؤسسة.
• يمنع منعا باتا التكفل بالنفقات من طرف الزبائن أو هيئات أجنبية لأي موظف إلا إذا كان في إطار التزامات واضحة داخل العقود أو مرخصا من الجهات المسئولة.
درجة الإلتزام الإجتماعي لشركة سوناطراك :
تعمل شركة سوناطراك منذ 2002 على استحداث وظيفة HSE "الصحة الأمن و البيئة" ، و ذلك بهدف انتهاج طريق المسؤولية الإجتماعية ، من أجل المحافظة على حياة الإنسان و البيئة، محاولة استحداث نظام تنبيه من اجل تخفيض اخطار الحوادث، تحسين خدماتها في مجال الصحة ، الأمن و البيئة و بذلك تتحقق لها المساهمة في التنمية المستدامة.
وقعت شركة سوناطراك و شركات اجنبية بترولية في عام 2007 على اتفاقية تقضي بانشاء شركة بيئية متعددة الجنسيات من اجل مكافحة تلوث مياه البحر بالمواد النفطية .
التوصيات : على الرغم من تفاوت مستوى المسئولية الاجتماعية من بلد لآخر، إلا أن المؤشرات تؤكد على تزايد الدور الاجتماعي الذي تلعبه الشركات في المجالات الاجتماعية ، إلا أن هذا الدور مازال محدودا ولا تشعر به سوى نسبة ضئيلة من أفراد المجتمع. كما أن هناك مجالات كثيرة تساهم الشركات فيها بشكل بسيط، مثل تحسين أحوال العاملين بها، أو تلبية احتياجات المستهلكين أو حماية البيئة. وعلى الرغم من زيادة حدة التيار الذي يؤكد على أهمية المسئولية الاجتماعية لرأس المال، إلا أن الحقائق والمؤشرات تؤكد عدم اضطلاع الشركات بهذه المسئولية على النحو المرغوب أو المتوقع.
و يمكن تقديم التوصيات التالية:
1- مضاعفة الاهتمام من قبل الشركات الجزائرية بمسؤولياتها الاجتماعية, لاسيما في ظل تنامي متطلبات وحاجات المجتمع المحلي من جهة, والمسؤوليات الأخرى التي أصبحت تشكل التزاما أخلاقيا وقانونيا يقع على عاتق منظمات الأعمال من جهة أخرى, من خلال التنويع في طرق وأساليب أعمالها بهذا الخصوص.
2- ضرورة بلورة رؤية واضحة فيما يخص المسؤولية الاجتماعية فضلا عن إدراجها ضمن أهدافها الإستراتيجية.
3- عقد مؤتمرات وورش عمل من قبل الشركات كوسيلة تتصل من خلالها مع الناس, لبيان ما تقوم به الشركات من أنشطة ومشاريع خيرية استثمارية, والاستماع إلى آراءهم, لان أنشطة المسؤوليات الاجتماعية يجب أن تنسجم مع ما يتوافق وحاجات المجتمع, وليس العكس.
4- يتطلب من الشركات بناء نظام تقييم متقدم, وذلك لتعتمد عليه في تقييم أداءها المتعلق بأنشطة المسؤوليات الاجتماعية بشكل دوري, الأمر الذي سيعزز لديها إمكانية التحسين المستمر في التزاماتها الاجتماعية.
5- إنشاء قسم متخصص يعنى بإدارة المسؤولية الاجتماعية , لاسيما في ظل احتدام حدة التنافس بين الشركات فيما يخص أنشطة المسؤولية الاجتماعية, وما يمكن أن يؤثر ذلك على الصورة الذهنية, ويزيد من فرص التميز.
المراجع :
1. الأخضر عزي و غالم جلطي ، قياس قوة الدولة من خلال الحكم الراشد " اسقاط على التجربة الجزائرية"، مجلة علوم انسانية ، عدد 21/ 2005
2. طاهرمحسن منصور الغالبي و صالح مهدي محسن العامري، المسؤولية الإجتماعية و أخلاقيات الأعمال، ط3، دار وائل ، الأردن، 2005
3. محمد الصيرفي، المسؤولية الاجتماعية للإدارة، دار الوفاء لدنيا الطباعة و النشر،مصر ، 2007
4. ثامر ياسر البكري، التسويق و المسؤولية الاجتماعية، دار وائل للنشر و التوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2001
5. http://www.sonatrach-dz.com/arabe/presentation.html, le 30 / 12 / 2011
6. موقع جزايرس، مجمع سوناطراك ينشر مدونة سلوكه، (20/10/2011)، http://www.djazairess.com/aps/95987
7. موقع جزايرس، سوناطراك تصدر مدونة سلوك لمكافحة الرشوة بين موظفيها، (1/11/2011)، http://www.djazairess.com/annasr/7948