وترجع أهمية هذه المنطقة أيضًا إلى إمكان ظهور طرق ملاحية جديدة تربط بين آسيا وأميركا، ما يجعل المنطقة ذات موقع استراتيجي يساعد على السفر بأقصر الطرق. ويصعب استخدام هذا الممر حاليًا بسبب تجمده الدائم، لكن العلماء شهدوا ذوبان مساحات كبيرة من الثلج في العام 2007، ويتوقعون إختفاء الثلج في السنوات المقبلة. وعلى غرار قارة القطب الجنوبي، التي يُحرّم فيها القيام بأي إجراءات ذات طبيعة سياسية أو عسكرية، تطبّق في منطقة القطب الشمالي إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي المعنية بتحديد الحق الاقتصادي في الثروة البحرية لكل دولة مطلة على البحر. ووفق هذا القانون، فإن لكل دولة بحرية الحق في الادعاء بالسيادة لمساحة بحرية تمتد إلى 200 ميل بحري أمام سواحلها. وقد يبدأ النزاع حول ثروات المحيط المتجمد الشمالي بإدعاء روسيا الحق في ملكية سلسلة جبال لومونوسوف الضخمة في قاع القطب الشمالي. وقد حذّرت روسيا من أن البنية الدفاعية، بما فيها المطارات ومنشآت تخزين النفط والاحتياطات النفطية الاستراتيجية، قد تتعرّض للتدمير بالكامل في حال ذوبان الجليد الدائم الذي يغطي أقصى شمال روسيا بحلول العام 2030. ويحاول الدنماركيون إثبات أن الجانب التابع لهم من سلسلة الجبال هذه، والمنفصل حاليًا عن جرفهم القاري، كان في ما مضى جزءًا من جزيرة غرينلاند التي تملكها الدنمارك. وفي هذا السياق المحموم، قد تصدّق الولايات المتحدة على اتفاقية الجرف القاري الممتد شمالاً من ألاسكا. وهذه الاتفاقية تحكم أيضًا حقوق الملاحة، التي هي مثار اهتمام كبير اليوم بعد الانفتاح الكامل لـ«الممرّ الشمالي الغربي» للمرة الأولى في صيف 2007. فمع الاحترار العالمي وذوبان الجليد، قد يصبح هذا الممر قناة ملاحة تجارية تقصّر إلى حد كبير مسافة الإبحار بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ. وتطالب كندا بحقوق في هذا الممر، الذي يتعرج بين جزر أرخبيلها الشمالي. وفي أيار/مايو 2008، تعهدت الحكومة الكندية تعزيز قدرة القوى المسلّحة الكندية من أجل حماية سيادة المنطقة القطبية الشمالية وأمنها. لكن بلدانًا أخرى، وخصوصًا الولايات المتحدة، تُصر على فتح هذا الممر لحركة الملاحة العالمية، كما هي الحال في ممرات مائية استراتيجية أخرى كالتي في جنوب بحر الصين.
وثمة دعوات اليوم للتوصل إلى حل دبلوماسي متعدّد الأطراف لئلا تنزلق منطقة المحيط المتجمد الشمالي إلى نزاع مسلح(30). ويقول الخبير بالأمن، جون بايك، إن السيطرة على ثروات القطب الشمالي قد تكون في يد الأكثر تأهيلاً من حيث امتلاك أدوات الحفر والتنقيب، وهي روسيا في هذه الحالة، التي تمتلك كسارة متقدمة في تكسير الجليد. ويضطلع الوضع الاقتصادي في العالم بدورٍ رئيس في عملية السيطرة على ثروات القطب، في حال ارتفاع سعر النفط إلى 150 دولارًا للبرميل. وذلك، يحدث تغييرًا في دينامية المنطقة الجيواسترتجية، بحيث تتزايد المنافسة بين الدول الصناعية للوصول إلى مصادر الطاقة. وستنعكس النتائج المرافقة لهذا التنافس، سلبًا على الاستقرار العالمي ومصالح أوروبا الأمنية والاقتصادية. وإن وجود العلم الروسي في القطب الشمالي، خير دليل على تبلور مصالح استراتيجية جديدة في المنطقة. وتفاديًا للنزاعات بين البلدان المجاورة للقطب الشمالي والتي لها مصالح إقتصادية مشتركة، من الضروري تناول مسألة أمن طرق الإمداد وسلامتها في إطار مباحثات متعددة الأطراف(31).
2- التغيّر المناخي والصراعات حول الموارد المائية
نظرًا إلى أهمية المياه الاستراتيجية، تُعدّ مسألة الأمن المائي وأهمية الحفاظ على المصادر المائية (المياه الجوفية، مياه الأنهار، المياه المحلاّة، المساقط المائية وغيرها) قضية مهمة في حياة الإنسانية. كما أصبحت الحاجة ملحّة إلى دعم الاستقرار العالمي على جميع الصعد العلمية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية. لقد قدّرت إحصاءات الأمم المتحدة أن الاحتياجات المائية العالمية ستفوق 9,0 مليار دولار في العقود القليلة المقبلة. وتفيد الدراسات الحديثة أن الصراع على المياه سيكون رئيسًا في العقود المقبلة وقد ينشأ عن ذلك خلافات أو توترات بين الدول المجاورة(32).
وتؤكد المصادر العالمية للإحصاء أن الطلب على المياه يزداد سنويًا بمعدلات كبيرة وصلت أخيرًا إلى ثمانية أضعاف مقارنةً بأوائل القرن الماضي. وسيتضاعف هذا الرقم مرتين قبل حلول العام 2050، ما سيؤدي إلى اضطراب مائي في الدول الغنية والفقيرة معًا(33). يستنتج حاليًا، من جراء التغيّرات المناخية في العديد من المناطق في الكرة الأرضية، إنخفاض في مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، شح في المياه، تراجع في المخزون الغذائي ومخزون السمك وتزايد في حدوث الفيضانات. كذلك، بإمكان التغيّرات المناخية تقليل كميات الأمطار الهاطلة سنويًا وإطالة فترة الجفاف، ما يؤدي إلى انخفاض معدل مخزون المياه الصالحة للشرب من 20 إلى 30 % في بعض المناطق. كما يؤدي الجفاف والشح في الأمطار والمياه إلى تراجع في الإنتاج الزراعي، ما يشكّل تهديدًا للأمن الغذائي في البلدان النامية، ويرافق ذلك ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية. كذلك يتسبّب النقص في الموارد المائية في حدوث اضطرابات داخلية بين المواطنين من جهة، والمدنيين والسلطة السياسية من جهة أخرى في البلدان الفقيرة، وخسائر إقتصادية كبيرة حتى في البلدان الصناعية التي تتمتع باقتصادٍ قوي. وتلاحظ هذه المخاطر الأمنية والاقتصادية أيضًا إلى حدٍ كبير في البلدان ذات الكثافة السكانية. وتغذي هذه التغيّرات المناخية عمومًا النزاعات بين الدول حول الموارد المائية.
وفي هذا السياق أيضًا، أشار بعض العلماء إلى أن الطلب على مياه الشرب قد تضاعف في العقدين الأخيرين، ومن المتوقّع أن تزداد الحاجة إلى المياه من اليوم حتى العام 2050. وأضاف الخبراء أن الموارد المائية تتضاءل منذ مدة بسبب التغيّرات المناخية، كما أن تلوّث المياه الحلوة والمالحة قد ازداد، وتسرّب الملح إلى طبقات المياه الجوفية(34). ويؤكّد بعض تقارير برنامج الأمم المتحدة للتنمية، أن ندرة المياه الصالحة للشرب سوف تهدّد ثلث شعوب الأرض حتى العام 2025 (35). وبالتالي، من الضروري أن يعتمد الكائن البشري على نحو كامل، على المياه من أجل دوام صحته وحياته. كذلك، سوف تتضاعف الاضطرابات والتوترات الناجمة عن النقص في كمية مياه الشرب، وفي نوعية المياه بسبب تدفّق سماد المراعي والنبات والتلوث الكيميائي. وعلى الرغم من كل هذه المصاعب، فإن المشكلة الرئيسة التي تطرح حاليًا هي وجود أكثر من مليار شخص لا تصلهم مياه الشرب، كما أن نصف سكان الأرض لا يملكون وسائل لتكرير المياه. وبالنتيجة، فإن المياه غير الصحية هي السبب في 80 % من الأمراض والنزاعات الداخلية والإقليمية في البلدان الفقيرة وخصوصًا في القارة الإفريقية(36). بالإضافة إلى ذلك، فإن ندرة نوعية المياه وتدهورها وتدمير النظام البيئي المائي، سوف تساهم في المستقبل القريب في تهديد التنمية البشرية والاستقرار السياسي في عدد كبير من البلدان في الشرق الأوسط. وستشهد الدول القريبة من مجاري المياه المشتركة وأحواضها أنواعًا جديدة من الاضطرابات والتوترات، ما يبرهن على أهمية المياه على صعيد الأمن البشري كما على صعيد الأمن والسلم الدوليين. كما أدت ظاهرة الإحتباس الحراري وما أحدثته من تغيّر في مناخ كوكب الأرض، وتلوّث مائي، إلى نقصٍ حاد في كميات المياه العذبة في الكثير من مناطق العالم وخصوصًا في الدول النامية والفقيرة، ما يساهم في زعزعة الاستقرار في هذه البلدان. كان للتغير الحاصل في مناخ الكرة الأرضية دور مهم في عدم انتظام معدلات سقوط الأمطار في الكثير من مناطق العالم، إذ ازدادت كميات الأمطار في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية مقابل انخفاض ملحوظ في سقوط الأمطار في الجزء الجنوبي منها.
إن استمرار إرتفاع درجة حرارة كوكب الأرض عن معدلات القرن الماضي، يمكن أن يؤدي في المستقبل القريب إلى نقصٍ في كميات المياه العذبة لأكثر من ملياري نسمة من سكان الأرض وخصوصًا في المناطق المكتظة بالسكان عالميًا مثل الهند والصين. ويتوقّع أن يزداد عدد السكان الذين يعانون نقص المياه العذبة حوالى 200 و300 مليون شخص في غضون العقود القليلة المقبلة إذا استمرت معدلات درجات الحرارة عالميًا بالارتفاع(37). وبالتالي هناك مجموعة من العوامل تضطلع بدورٍ مهم في تناقص كميات المياه العذبة عالميًا. أولاً: تزايد الحاجة إلى المياه العذبة في الأنشطة الزراعية وتربية الحيوانات من أجل توفير الغذاء الكافي من المنتوجات الغذائية النباتية والحيوانية لمليارات من البشر الذين يعيشون في مختلف بلدان العالم.
ثانيًا: تزايد الطلب على المياه العذبة في البلدان النامية والفقيرة نتيجة الزيادة الكبيرة في تعداد السكان في هذه البلدان. تركّز أعداد كبيرة من السكان في المدن الكبيرة، مثل القاهرة ومومباي وجاكارتا وساو باولو، حيث يعيش حوالى ثلثي سكان الكرة الأرضية، يزيد من استهلاك المياه في بعض المناطق من العالم.
ثالثًا: زيادة معدلات التلوث المائي، وزيادة ملوحة المياه في الكثير من الأنهار والبحيرات العذبة في البلدان النامية والفقيرة، نتيجة النقص الكبير في شبكات الصرف الصحي ومحطات معالجة المياه قبل إعادتها إلى الأنهار. إن التلوث الحاصل في الكثير من الأنهار، ومنها نهر البنجاب ونهر الفرات، نتيجة تصريف مخلفات الصناعة والزراعة في مياه هذه الأنهار، جعل المياه العذبة فيها غير صالحة للاستهلاك البشري والحيواني والزراعي، ما يفقد الكثير من البلدان مصادر مهمة للمياه العذبة(38).
ويُعدّ نقص المياه العذبة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى نشوب توترات ونزاعات بين مختلف الدول، وتؤدي في الكثير من الأحيان إلى نشوب حروب بين مختلف البلدان من أجل الحصول على مصادر المياه. إن منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي تهدّدها الحروب على مصادر المياه العذبة. تتنازع كل من سوريا والأردن وإسرائيل وفلسطين على مياه نهري الأردن واليرموك. وتستخدم المياه العذبة في الكثير من الأحيان كعوامل ضغط بغية الحصول على مكتسبات سياسية وإقتصادية، وهي جزء من الصراع بين هذه البلدان. أما في المناطق الأخرى من العالم، فإن هناك الكثير من الصراعات بين الدول على مصادر المياه العذبة وخصوصًا بين البلدان التي تمر بها أنهار مشتركة مثل الصين ولاوس وفيتنام وتايلند التي تتقاسم مياه نهر الميكونغ. كما أن بلدانًا مثل السودان ومصر وإثيوبيا، لا تزال تعاني مشكلات من جراء عدم الاتفاق على تقاسم حصص نهر النيل المائية بين هذه البلدان. كذلك، تتنازع كل من زامبيا وزيمبابوي وموزامبيق على مياه نهر زامبيزي، في حين يهدّد السلام بين كل من الهند وباكستان مشكلة النزاع على نهر البنجاب الذي يغذّي ملايين الهكتارات الزراعية وملايين السكان في كلا البلدين بالمياه العذبة. وتُعد مسألة تقاسم مياه نهري دجلة والفرات بين العراق وسوريا وتركيا من أهم المشكلات التي تهدّد المنطقة، إذا لم يتم الاتفاق على معاهدة دولية عادلة تنصف كل الأطراف وتوفّر المياه العذبة لسكان هذه البلدان. كما أن هناك صراعًا دوليًا بين جمهوريات طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان، وهي من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، على تقاسم مياه نهري سور داريا وأمو داريا. كذلك، يوجد خلاف بين الولايات المتحدة والمكسيك على مياه نهر ريو غراندي، وبين الأرجنتين والبرازيل والباراغواي على تقاسم مياه نهر بارانا المشترك في أميركا الجنوبية. وتختلف المجر- سلوفاكيا حول محطة غابسيكوفو لتوليد الكهرباء الواقعة على نهر الدانوب، وصربيا كرواتيا بسبب نقص المياه محليًا وتحويلات التلوّث إلى نهري الدانوب والساف.
لقد أصبحت مشكلة توفير المياه العذبة للسكان وتقاسم مياه الأنهار المشتركة بين مختلف البلدان قضية مهمة وحساسة باتت تهدّد السلام والاستقرار في الكثير من مناطق العالم وخصوصًا في البلدان النامية والفقيرة التي تعاني، أصلاً، مشكلة نقص المياه العذبة وتضطلع ظاهرة التغيّر المناخي بدورٍ مؤثرًا فيها(39).
وذكر بعض العلماء أن التغيّر في مناخ الكرة الأرضية، بسبب الاحتباس الحراري، سيؤجّج الصراعات في أكثر من مكان في العالم، وخصوصًا بين الدول ذات النمو السكاني الكبير، نظرًا إلى ما سيسببه هذا الاحتباس من نقص في موارد المياه، فضلاً عن سوء توزيع موارد المياه وسوء استخدامها. كما توقعوا أن تقع هذه الصراعات في غضون 20 أو 30 سنةً المقبلة، وأن يتركّز معظمها في دول العالم الثالث والقليل منها في دول العالم المتطور، ذلك بعد ان ساهمت المياه في الشرق الأوسط في حرب 1967. ومن بين الدول المرشحة للصراع حول المياه مصر، أثيوبيا، ناميبيا، أنغولا، سوريا، تركيا، الأردن، فلسطين، الصين، الهند وبنغلادش. وفي آسيا ستتعمّق النزاعات الحدودية بين بعض الدول التي تعاني مشكلات المياه؛ وهو ما سيؤدي إلى تطوير الإمكانات العسكرية في بعضها، وتعميق الاتفاقيات حول حماية مصادر الطاقة وامتداداتها مثل النفط والغاز الطبيعي. ومن المتوقّع في أوروبا، أن ينعكس ازدياد الجفاف على شكل صراعات مسلّحة بين دول الاتحاد الأوروبي حول الغذاء وموارد المياه ومشكلات الهجرة؛ وهو ما سيؤدي بدوره إلى فسخ العلاقات الدبلوماسية بينها(40). أيضًا، أشار مؤتمر اليوم العالمي للمياه في 22 آذار/مارس 2001 إلى أن النزاعات ستزداد حدة بسبب نقص المياه، وأن العطش سيهدّد العالم بكامله في القرن المقبل. ولا يستخدم سكان العالم الستة مليارات حاليًا سوى واحد على مئة ألف من مياه الكوكب التي تمثّل المياه المالحة أو التي يتعذر الوصول إلى 98 % منها. كما أن هذه المياه موزّعة بطريقة غير متساوية على الإطلاق، إذ تتقاسم 23 دولة ثلثي الموارد المائية، فيما يتوزّع الثلث الباقي على نحو غير متوازن على ما تبقى من البلدان.
أما الدول المحظوظة فهي البرازيل وكندا والصين وكولومبيا والولايات المتحدة والهند وإندونيسيا وروسيا، إضافةً إلى الأعضاء الخمسة عشر في الاتحاد الأوروبي. ويحذّر التقرير من أن سوء استخدام الأنهار والمياه الجوفية والتلوّث والتبذير وتزايد السكان ونمو المدن الفوضوي، من شأنه أن يجعل الشح الحالي (أقل من 1000 متر مكعب سنويًا للفرد) الذي يطال 250 مليون نسمة في 26 بلدًا، يتحوّل إلى ظمأ هائل يطال ثلثي سكان الأرض بحلول العام 2050. وإلى مشكلات المياه الاجتماعية والصحية، لا بد من إضافة المشكلات الغذائية، إذ تشكّل الزراعات المروية نسبة 40 % من غذاء العالم، وأيضًا المشكلات المناخية إذ تشكّل الفيضانات والسيول، على سبيل المثال، ثلث الكوارث الطبيعية. وهناك أيضًا المشكلات الجيوسياسية، إذ إن ثلثي الأنهار الكبرى والبحيرات في العالم تشترك فيها أكثر من دولة. كذلك المشكلات البيئية، إذ إن نصف الأنهار والمسطحات المائية ملوثة. وأضاف التقرير الذي نشر لمناسبة اليوم العالمي للمياه العام 2001 أن العديد من الحوادث الحدودية المرتبطة بالمياه قد يتحوّل إلى حروب مفتوحة بسبب النقص المتزايد في هذه الثروة الطبيعية الحيوية. وما يغذي هذه النزاعات الأنهر الحدودية أو تلك العابرة للحدود، وكذلك الآبار الجوفية المشتركة التي ترفض الدول تقاسمها. وأشار التقرير أيضًا إلى أن 15 % من بلدان العالم تتلقى أكثر من 50 % من مياهها من دول أخرى، وإثنين من أصل ثلاثة من الأنهار الكبرى أو الآبار الجوفية، أي أكثر من 300 نهر في العالم، يتم تقاسمها بين عدة دول(41). ورأت مؤسسة الاستشارات الدولية «برايس-ووترهاوس-كوبرز» أن النزاعات ستزداد حدةً بسبب نقص المياه الذي يتوقّع أن يطال «قرابة الثلثين من سكان العالم العام 2050. أما المناطق الأكثر عرضةً للتهديد فهي الشرق الأوسط. وأضافت المؤسسة أن أكثر من 11 منطقة في العالم، وردت أعلاه، تشكّل موضع خلاف حول المياه قابلاً لأن يتحوّل إلى نزاع(42).
لذلك إعتمد برنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) مبدأ التعاون والتنسيق والحوار بين البلدان ذات الموارد المائية المشتركة لتفادي المخاطر والنزاعات. وفي هذا السياق، نجحت جهود برنامج الأمم المتحدة للتنمية في تشجيع 36 دولة على إبرام إتفاقات حول إدارة الأحواض المائية المشتركة بالتعاون مع المنظمات الإقليمية والوطنية. وخير مثالٍ على ذلك، لجنة ميكونغ، مشروع حوض النيل وحوض النيجر. وتوسع دور برنامج الأمم المتحدة للتنمية في المضمار ذاته ليطال أيضًا منطقة آسيا الوسطى، بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المتخصصة، بحيث تم التنسيق بين حكومات دول المنطقة من أجل إدارة مصادر المياه(43).
وعلى الرغم من تلك الإجراءات المتخذة، لا يوجد استراتيجية عالمية موحدة فعالة لمعالجة مخاطر مسألة المياه. لذلك على المجتمع العالمي، وتحديدًا المنظمات الدولية والمنظمات الإقليمية والمنظمات الدولية غير الحكومية، مضاعفة الجهود ووضع خطة عملية للوصول إلى حل دائم للمشكلات المتعلقة بإدارة المياه. وأيضًا، من الضروري تجنب أن يصبح هذا المورد الطبيعي مصدرًا للنزاعات الداخلية والإقليمية في القرن الحادي والعشرين أوعائقًا للتنمية البشرية والنمو الاقتصادي، وذلك من خلال قيام «بنك دولي للمياه» يهتم بمشاريع المياه في العالم ويموّلها ويرشدها(44).
ثالثًا: العوامل البيئية والاستقرار العالمي
ترتبط أسباب النزاعات في البلدان الفقيرة بعوامل بيئية، إلى جانب الدوافع الاجتماعية وغيرها. ويشير بعض الباحثين إلى تأثر خمسة عوامل بالمتغيرات البيئية، التي تشكّل مصدرًا خطيرًا لعدم الاستقرار المحلي والإقليمي والدولي. فالتزايد السكاني، والمستوى المعيشي، والتنمية المستدامة، وتضرّر النظام الإيكولوجي، والتدهور البيئي، والتغيير المناخي والمياه اللذان تم تناولهما في هذا المبحث، تؤدي إلى تفاقم العنف والاضطرابات الداخلية والإقليمية كما تهدد الأمن العالمي(45).
اـ التزايد السكاني
أشارت الإحصاءات الدولية إلى أن عدد سكان العالم، في بداية الثورة الصناعية، وصل إلى مليار نسمة. وقد تخطى العدد 2 مليار نسمة العام 1930. أما في بداية القرن الحالي، فتشير هذه الإحصاءات إلى أن العدد تخطى 6 مليارات نسمة. ومن المتوقع، في منتصف هذا القرن، أن يصبح عدد السكان بين 8 و10 مليارات نسمة. هذا التغيير الديمغرافي جعل أكثر من نصف السكان يعيشون في المدن حيث تتوافر إجمالًا الموارد الاقتصادية والثروات الطبيعية للدول الصناعية والدول في طور النمو. ويقدّر أن تتزايد الهجرة الداخلية إلى المدن كل سنة التي تستوعب أكثر فأكثرالمصانع والمراكز التجارية والتكنولوجيا المتطورة. ففي غضون ثلاثين سنة، سيعيش أكثر من 65 % من السكان في المدن. وبالتالي يؤدّي هذا التزايد الكبير للزحف السكاني من الريف إلى المدينة، بالإضافة إلى تداعيات الكوارث الطبيعية والتدهور البيئي، إلى اضطرابات داخلية في غالبية البلدان الفقيرة على الكرة الأرضية. فالنمو السكاني الكبير في مدن تلك الدول يساهم في إيجاد خلل في التوازن الداخلي، ما يسبّب توترات قوية حول كيفية توزيع الثروات والسيطرة عليها(46). كذلك، ينتج من ازدحام المدن بالسكان حالات نزاعية ناجمة عن التفكّك الاجتماعي والإثني والاقتصادي والبيئي، أو من كوارث طبيعية وكوارث إنسانية مرتبطة بسوء التغذية والأوبئة. فالأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان معرّضة للأمراض، وللنقص في مياه الشرب والعناية الصحية والمساكن اللائقة والبيئة النظيفة. هذا الواقع المأسوي الناجم عن العامل الديمغرافي يشكّل أحد الأسباب الرئيسة للأزمات والحروب الداخلية والإقليمية في الدول الفقيرة. وما تشهده القارة الإفريقية من اضطرابات ونزاعات خير دليل على ذلك. وأيضًا، من الممكن جدًا أن يولّد عامل التزايد السكاني في مختلف البلدان المتطورة في أنحاء العالم أعمال العنف والإرهاب، وهذا ما يحصل حاليًا في معظم عواصم الدول الصناعية(47).
2- تدني المستوى المعيشي والتنمية البشرية المستدامة للدول
يُعد الاكتفاء الذاتي الغذائي وتوفير نظام الضمان الصحي والبيئي والتعليم والشؤون الاجتماعية والاستفادة من التكنولوجيا المتطوّرة، من الركائز الأساسية لتحديد مستوى الحياة في البلدان. بمعنى آخر إن التنمية البشرية المستدامة، بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، تحدّد مستوى رفاه الإنسان الاجتماعي، ويساهم غيابها في زعزعة الاستقرار. عمومًا، إن إنتاج الغذاء في العالم لم يتبع نمط عدد السكان المتزايد، لذلك يفوق عدد الأشخاص الذين يعانون سوء تغذية المليار نسمة. إن النقص في الموارد الغذائية ينعكس سلبًا على نمو حاجات البشر، ما ينتج منه المزيد من التحديات والنزاعات. فالمشكلة الكبيرة تكمن في نظام توزيع الغذاء على المحتاجين. والتوزيع غير العادل للموارد الغذائية والأخطار البيئية سوف يزدادان في القرن الحالي ويؤديان إلى زعزعة الاستقرارفي البلدان الفقيرة(48).
كذلك تتفاقم في هذه الدول المخاطر الصحية والمشاكل الاجتماعية والبيئية وازدياد الأمية والتخلّف، بسبب ضعف الإمكانات المتوافرة من أجل تأمين حاجات شعوبها الأساسية. يضاف إلى ذلك، عدم التزام الدول الغنية تقديم المساعدت المالية ونقل التكنولوجيا المتطوّرة إلى تلك البلدان. لذا، لا يقتصر تأثير التحديات البيئية والأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية على أمن الأشخاص وحسب، بل يطال على نحوٍ رئيس إستقرار الدول. وتُعد هذه المخاطر العالمية الجديدة أيضًا عوامل مهدّدة للأمن العالمي. لذلك، تقتضي الضرورة إجراء تعديل جذري في طرق المعالجة للحدّ من تلك التهديدات. إن التغيير الحقيقي يقوم على عدم حصر الإجراءات المتخذة للحد من المخاطر الأمنية التي تهدّد إستقرار الدولة وأمنها فقط، بل الانتقال إلى الأمن المركّز على إدارة المشكلات الاجتماعية والبيئية في حياة الأشخاص اليومية. إن توليد العنف ليس نتيجة عوامل سياسية فقط، إنما من الممكن أن يكون ناجمًا أيضًا عن عوامل مناخية أو بيئية تخرج جزئيًا عن مسؤولية الأعمال الإنسانية أو النظام الاقتصادي العالمي. كما يجب الأخذ بعين الإعتبار، أن النزاعات يمكن أن تكون أيضًا نتيجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية(49).
وفي هذا السياق، يرى وزير الخارجية الكندي السابق Liyod Axworthy أن مسؤولية إستقرار البلدان الفقيرة تقع على عاتق الحكومات بتأمين مطالب الشعب الاجتماعية والبيئية. كما أن بعض الدراسات قد تبنّت نظرية تأثير العوامل غير العسكريّة، كالفقر والنقص في المياه بسبب الجفاف والهجرة البيئية، في استقرار الدولة، البناء الوطني والشرعية السياسيّة، ولا سيما في الدراسات الخاصة بدول العالم الثالث، التي أظهرت تأثير العوامل البيئية والاجتماعية في الاستقرار والسلام بين الدول المتقدّمة والدول النامية. فالتهديدات لأمن الأخيرة تأتي، أساسًا، من المناطق المحيطة بها، إن لم تأت من داخل هذه الدول نفسها. وهذا نتيجة ضعف الموارد الطبيعية في البلدان الفقيرة في تحقيق التنمية للمواطنين، وعجز في شرعية الأنظمة، ما يؤدي إلى مشكلات أمنية واضطرابات داخلية للدولة التي غالبًا ما تتحوّل إلى صراعات مع الجوار(50).
وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره في 21 آذار/مارس 2005 حول برنامجه الإصلاحي للمنظّمة الدوليّة إلى أن «لا تنمية من دون أمن، ولا أمن من دون تنمية وما من دولة تستطيع أن تقف بمفردها تمامًا في تحديات عالم اليوم(51). وخير مثال على ذلك، ما يشهده العالم العربي من ثورات شعبية، وخصوصًا في تونس ومصر وليبيا واليمن والأردن والبحرين والجزائر، تطالب بإسقاط الأنظمة الدكتاتورية والملكية التي لا تعالج المشكلات الاجتماعية والبيئية لشعوبها. فالمجتمع العالمي يتقاسم المسؤولية عن أمن البلدان وتنميتها. إن كل هذه المعطيات تشير إلى تدني المستوى المعيشي في الدول الأكثر فقرًا، ما يؤدي إلى تنامي الحركات الأصولية والمتطرّفة التي تشكّل عاملاً رئيسًا في تهديد الاستقرار الداخلي لهذه البلدان»(52).
3- تضرّر النظام الإيكولوجي والتدهور البيئي
أشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة /المكتب الإقليمي لغرب آسيا في 22 أيار/مايو2008، في اليوم العالمي للتنوّع البيولوجي، تحت شعار «الزراعة والتنوّع البيولوجي»، إلى أهمية التنوّع البيولوجي على كوكب الأرض. كما حذَّر من الفقدان الهائل للموارد البيولوجية وانقراض العديد من الأنواع والأصناف التي لا تعوّض، بوتيرة غير مسبوقة في تاريخ البشرية. فطوال الخمسين عامًا الماضية بدّل البشر النظم البيئية على نحوٍ أسرع وأكبر من أي وقت مضى. ومما يزيد الوضع سوءًا زيادة عدد سكان العالم المتوقعة، والتي قد تصل إلى 50 % بحلول العام 2050، ما قد يؤدي إلى انتشار مزيد من الجوع وسوء التغذية والفقر والمرض والصراعات على أنواعها(53).
كما أكّد بعض خبراء البيئة على أهمية الحفاظ على التنوّع البيولوجي لما له من منافع طبيعية. وبالتالي، يجب حماية الغابات لأنها تمتص ثاني أوكسيد الكربون، ومنع تلوث البحار والمحيطات، من أجل الحفاظ على الثروة السمكية. كما ينبغي عدم تلوث المياه والتربة منعًا لتضرر الكائنات الحية والمحاصيل الزراعية. وأشاروا أيضًا إلى تدهور النظام الإيكولوجي بنسبة 1/3 في السنوات الثلاثين الأخيرة، بينما الأضرار التي لحقت بالأنظمة البيئية والناجمة عن الأنشطة البشرية، إرتفعت بنسبة 50 % (54). وقد أدت أعمال الإنسان والكوارث الطبيعية إلى تدمير عدد كبير من الأصناف الحية والضرورية لسد حاجات البشر الأساسية. فالنقص في التنوّع البيولوجي يشكّل تهديدًا للأمن الغذائي والأمن الصحي، من جراء تضاؤل الموارد الزراعية والنباتية التي تستخدم في صناعة الأدوية. ومن المؤكّد أن الشعوب الأكثر فقرًا ستتأثر سلبًا بسبب تدهور النظام البيئي ونقص التنوّع الإحيائي البحري والساحلي والتنوّع الإحيائي الزراعي والحرجي. وبالنتيجة، إن الضرر في الأنظمة الإيكولوجية سيولّد توترات ومشاكل في البلدان الفقيرة نظرًا إلى ضعف قدراتها وإمكاناتها لمواجهة هذه التحديات البيئية. ولا بد من الإشارة إلى أن نسبة 90 % من النزاعات الحالية تطال 30 % من الدول الفقيرة ذات النظام البيئي الأكثر تضررًا وتدهورًا. كما أن تصريف المواد الخطيرة والسامة ونقلها إلى بعض الدول، هو من الأعمال غير المشروعة ويشكّل مصدرًا رئيسًا للنزاعات الإقليمية. وقد ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2003 حول تجنب النزاعات العسكرية، أنه على المجتمع الدولي التنبه بشدة للتهديدات الناجمة عن تدهور النظام الأيكولوجي الذي يعد من الأسباب الرئيسة لهذه النزاعات. إن تضرر الأنظمة البيئية يؤدي إلى تزايد التوترات بين الدول في العالم. وفي إطار مواجهة التحديات البيئية وتأثيرها في الأمن والسلم الدوليين، إعتمد برنامج الأمم المتحدة للبيئة (PNUE) سياسة وقائية تقوم على تأمين الحماية والإدارة السليمة للنظام الإيكولوجي، مع إعادة تقييم للأنشطة الإنسانية وتأثيرها في الكرة الأرضية.
تشكّل هذه السياسة، التي ترتكز على التعاون بين المنظمات الدولية والمنظمات الإقليمية والمجتع المدني، الوسيلة الفضلى لتحقيق السلام والأمن في المستقبل(55). وبالتالي، أجرى الـ PNUE العام 2002 تقييمًا للوضع البيئي في أفغانستان، ومن ثم نفّذ مشروعًا حول البيئة والأمن، تضمن تقوية إمكانات مؤسسات الدولة وقدراتها وتزويدها الوسائل التقنية اللازمة لمواجهة المخاطر الناجمة عن تدهور الأنظمة الإيكولوجية التي تؤدي إلى تهديد الاستقرار السياسي. كذلك، واجهت بلدان عديدة في أفريقيا التحديات ذاتها التي عانتها أفغانستان. على سبيل المثال، أدت الحروب الداخلية في السودان وخصوصًا في دارفور وجنوب البلاد إلى تضرّر النظام البيئي، ما دفع الـ PNUE إلى تنفيذ مشروع خاص بالسودان، بالتعاون مع الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، بهدف إصلاح القطاع البيئي والحفاظ على الاستقرار في البلاد. العام 2003، عمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (PNUE) جاهدًا، بالتعاون مع المنظمة الأوروبية للتنمية والأمن (OSCE)، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD)، والحلف الأطلسي (OTAN) من أجل مساعدة بلدان آسيا الوسطى، والقوقاز والجنوب الشرقي من أوروبا، على تخطي المشكلات البيئية التي تسّبب النزاعات الداخلية والإقليمية. كما تعاون برنامج الأمم المتحدة للبيئة مع بعض الوكالات المتخصصة للأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، للتخفيف من حدة التوترات الناجمة عن تضرر النظام الإيكولوجي والمنافسة بين الدول للحصول على الموارد الطبيعية وذلك في المناطق التالية: أبخازيا، أوسيتيا الجنوبية، ناغورنو- كاراباخ، والمناطق المجاورة لأذربجيان.
كذلك يعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة منذ العام 2003 على إعادة ترميم البنية التحتية للأنظمة الإيكولوجية في العراق. فتم فتح العديد من المكاتب بهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتأمين إدارة سليمة وعادلة للثروات الطبيعية، ومعالجة المشكلات البيئية، تجنبًا للنزاعات بين مختلف القوميات في البلاد، ومن أجل حماية الاستقرار السياسي(56). ومنذ العام 2004 قدم PNUE المساعدة التقنية للحكومة العراقية للحصول على مياه صالحة للشرب ونظام غذائي سليم وبنية وتمديدات صحية جيدة. كما قدم، في سياق حماية النظام البيئي العام 2005، الوسائل التقنية للسلطة الفلسطنية، وأنشأ مشاغل عديدة لمعالجة مشكلة النفايات. وأنجز PNUE أيضًا دراسته حول البيئة والأمن في نهاية العام 2005، وقد تضمنت 40 مشروعًا في أوروبا الشرقية (مولدوفيا، أوكرانيا، بيلاروسيا) وذلك بالتعاون مع الحكومات المحلية والمنظمات غير الحكومية. وساهمت ورقة العمل هذه في تمتين الثقة، وتسهيل الحوار بين مختلف الجمعيات الإثنية والقومية في تلك البلدان، لمعالجة جميع المشكلات البيئية المشتركة. وفي أيار/مايو 2005 عقد مؤتمر في رومانيا، بمبادرة من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، حول تقليص الأخطار البيئية والأمنية الناجمة عن استثمار المناجم في أوروبا الشرقية والجنوبية وفي حوض تيسزا، وصدر عنه إعلان كلوج. وقد شدد هذا الإعلان على ضرورة التعاون والتنسيق على جميع المستويات، من أجل تقييم المشاكل البيئية وإزالتها. وهي تشكّل مصدرًا للصراعات الإقليمية(57).
في ظل هذا الواقع البيئي المتفاقم في العالم، فالمشاكل البيئية أصبحت تطال الإنسان في الدول النامية والدول المتقدمة على حد سواء، وتساهم في تهديد الاستقرار في هذه البلدان، وكذلك الأمن والسلم الدوليين، هل بات من الضروري إعلان حالة طوارىء بيئية إقليميًا وعالميًا من أجل معالجة الأخطار البيئية بفعاليّة وجدّية، قبل أن تقضي بصورة نهائية على الإنسان والطبيعة؟
هوامش ومراجع
1- General Vincent Desportes, «La Guerre Probable», Economica, 2° Edition, Paris, 2008, p. 25.
2- Nils Petter Gleditsch, Ragnhild Nordas, and Idean Salehyan, «Climate Change and Conflict: The Migration Link», CWC Working Paper Series, May 2007, p. 125- 135.
3- Hauge Wenche &Tanja Ellingsen, «Beyond Environmental Scarcity: Causal Pathways to Conflict», Journal of Peace Research , 1998, p. 299–317.
4- Voir le document établi par le Haut Représentant et la Commission Européenne, «Changements Climatiques. Sécurité Internationale» , Bruxelles, 14 mars 2008, p. 7.
5- Tanja Ellingsen and Wenche Hauge, «Refugee Flows and the Spread of Civil War», International Organization 60, No. 2, 2006, p. 360-366.
6- Suhrke Astri, «Environmental Degradation, Migration, and the Potentiel for Violent Conflict», Edition Dordrecht: Kluwer Academic, 1997, p. 96-99.
7- Nils Petter Gleditsch, Ragnhild Nordas and Idean salehyan, «Climate Change and Conflict: The Migration Link», CWC Working Paper Series, May 2007, p. 162-170.
8- Thomas,Homer-Dixon, «On the Threshold: Environmental Changes as Causes of Acute Conflict», International Security, 2000, Vol. 16, No. 2, p. 76-80.
9- Shada Islam, «Europe: Crises of Identity», International Peace Academy, New York, March 2007, p. 132-134.
10- Shada Islam, «Europe: Crises of Identity», Op. cit, p. 136-140.
11- Thomas,Homer-Dixon, «On the Threshold: Environmental Changes as Causes of Acute Conflict», Op. cit., p. 82-86.
12- Suhrke Astri, , «Environmental Degradation, Migration, and the Potential for Violent Conflict», Op. cit., p. 120-132.
13- راجع تقرير برنامج الأمم المتحدة للببئة، نيروبي، آذار 2009.
14- Programme des Nations Unies pour l’environnement (PNUE), 24 Septembre 2008, New York, Nations Unies, p. 22- 24.
15- Philippe Le Billon, «Natural Resources and Armed Conflicts», United Nations Headquarters, Vol. 5, Issue 2, New York, June 2007.
16- برتو حسن، «من السودان إلى العراق ولبنان وفلسطين الآثار البيئية للحروب والنزاعات»، مجلة البيئة والتنمية، المجلد 14، العدد 131، 9 شباط/فبراير 2009، ص. 18.
17- حسن برتو، «من السودان إلى العراق ولبنان وفلسطين الآثار البيئية للحروب والنزاعات»، مرجع سبق ذكره، ص. 19ـ 20.
18- See Independent News paper, «Oil War», London, 2006.
19- راجع تقرير «النظرة الاقتصادية الإقليمية: الشرق الأوسط آسيا»، أيلول/سبتمبر 2006 الصادر عن صندوق النقد الدولي.
20- هو القانون الذي وافق عليه أخيرًا مجلس النواب الأميركي ويحمل عنوان (قانون لا تكتلات لإنتاج وتصدير النفط للعام 2007) ويعرف اختصارًا بإسم «النوبك» الذي يعطي الحكومة الأميركية إمكان مقاضاة منظمة «أوبك» والمنظمات المماثلة لها، بدعوى التحكّم في أسعار النفط. وأول الآثار المترتبة على هذا القانون إلغاء حصانة أعضاء «أوبك» السيادية على ثرواتهم النفطية.
21- See Report of International Energy Agency (IEA), 2008, Op. cit., p. 9-14.
22- بوقرة العربي، «غزو العراق»، مجلة بدائل، العدد الأول، ربيع 2004، ص. 24 ـ 26.
23- لوتز كليفمان، «المعركة حول نفط قزوين»، مجلة بدائل، العدد الأول، 2004، ص. 27 ـ 29.
24- «حروب في سبيل النفط في العالم»، مجلة بدائل، العدد الأول، ربيع 2004، ص. 33 ـ 34.
25- المرجع السابق ، ص. 34 - 35
26- «حروب في سبيل النفط في العالم»، مرجع سبق ذكره، ص. 35 - 36.
27- راغدة حداد، «الحرب الباردة الثانية»، مجلة البيئة والتنمية، المجلد 13، العدد 126، أيلول/سبتمبر 2008، ص. 26 - 27.
28- محمد النعماني، «النزاع حول ثروات المحيط المتجمد الشمالي بعد ذوبان الجليد»، 9 كانون الأول/ديسمبر 2008،
متوافر على الموقع: www.arabrenewal.org الإنترنت، الدخول 12 / 1 / 2009
29- أنظر الخريطة رقم 1، النزاع حول ثروات المحيط المتجمد الشمالي.
30- راغدة حداد، «الحرب الباردة الثانية»، مرجع سبق ذكره، ص. 30-28.
31- Voir le Document établi par le Haut Représentant et la Commission Européenne, «Changements Climatiques, Sécurité Internationale», Op.cit., p. 8.
32- وزارة المعارف، «المياه - الحرب القادمة»، مجلة المعرفة، المملكة العربية السعودية، الرياض، 2000، ص. 14 - 20.
33- محمد عبد القادر الفقي، «الأمن المائي في العالم الإسلامي»، مجلة الخفجي، السنة 30، العدد 2، 2000، ص. 10 - 14.
34- Hans Günter Brauch, Antonio Marquina, Paul F. Rogers, P.H Liotta, Mohammad El-Sayed Selim, «Security and Environment in the Mediterranean», Op. cit., p. 927.
35- Programme des Nations Unies pour le Développement (PNUD), Rapport sur «le Développement Humain, Eradiquer la pauvreté», New York, Nations Unies, 1997, p. 3-4.
36- Programme des Nations Unies pour le Développement (PNUD), Rapport sur «le Développement Humain», New York, Nations Unies, 1999, p. 7.
37- Martin Parry, Nigel Arnell, «Millions at Risks Defining Critical Climate Change Threats and Targets», Jackson Environment Institute, University of East Anglia, Norwich NR4 7TJ, UK, 11 Mars 2001, p. 14-19.
38- Schmitt Roschmann, «Environment and Planning», Pion Ltd, Vol. 41, 2009, p. 2299- 2304.
39- Imme Scholz, & Carmen Richerzhagen, Capacities for Mitigating Climate Change in China, India and Brazil, German Development Institute, Bonn, 2007, p. 34-40.
40- Hans Günter Brauch, «Climate Change Scenariosand Possible Impacts for the MENA Region: Hazards, Migration and Conflicts?», Afess-Press, Berlin, 2007, p. 44-48.
41- Journée Mondiale de L'eau, Programme des Nations Unies sur L’environnement, 22 mars 2001.
42- محمد الضبعان، «الظمأ يهدد ثلثي سكان الأرض بحلول عام 2050»، صحيفة الوطن السعودية، 07 / 12 / 2005.
43- Programme des Nations Unies pour le Développement (PNUD), «Rapport pour un Partenariat Mondial pour le Développement», New York, Nations Unies, 2006, p. 6- 7.
44- Raoul Dandurand, «La Sécurité Humaine», Op.cit., p. 108-111.
45- Hans Günter Brauch, Antonio Marquina, Paul F. Rogers, P.H Liotta, Mohammad El-Sayed Selim, «Security and Environment in the Mediterranean», New York, 2003, p. 919.
46- Général Vincent Desportes, «La Guerre Probable», Op.cit., p. 24.
47- Hans Günter Brauch, Antonio Marquina, Paul F. Rogers, Peter Liotta, Mohammad El-Sayed Selim, «Security and Environment in the Mediterranean», Op. cit., p. 920-923.
48- Hans Günter Brauch, Antonio Marquina, Paul F. Rogers, Peter Liotta, Mohammad El-Sayed Selim, «Security and Environment in the Mediterranean», Op. cit., p. 925.
49- Joris Peignot, «La Sécurité Humaine», Op.cit., p. 6.
50- Mohammad Ayoob, «The Third World in the System of States, Acute Schizophrenia or Growing Pains?», International Studies Quarterly, Detroit, Vol. 33, March 1989, p. 71.
51- راجع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة 2005، مرجع سبق ذكره، ص. 75.
52- Général Vincent Desportes, «La Guerre Probable», Op. cit., p. 25.
53- تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة /المكتب الأقليمي لغرب آسيا حول «الزراعة والتنوع البيولوجي»، 22 أيار/مايو 2008.
54- Hans Günter Brauch, Antonio Marquina, Paul F. Rogers, P.H Liotta, Mohammad El-Sayed Selim, «Security and Environment in the Mediterranean», Op. cit., p. 928.
55- Programme des Nations Unies pour l’environnement (PNUE), «Rapport pour un Avenir Sûr», New York, Nations Unies, 2005, p. 15- 16.
56- Programme des Nations Unies pour l’environnement (PNUE), «Rapport sur l'Environnement et Développement», New York, Nations Unies, 2003, p. 13-17.
57- Programme des Nations Unies pour l’environnement (PNUE), 2005, Op.cit., p. 12- 13.
*****************************************************************************
Repercussions of Environmental challenges over World Security
Colonel Elias Abou Jaoude
In light of the world environmental changes resulting from human actions or natural disasters which headed the list of priorities of the International Community and became among other important world issues such as democracy, human rights and fighting terrorism, environmental experts presented many different propositions regarding the connection between climate change and conflicts.
In order to study the initial role of environmental challenges in the absence of human balance and their repercussions on world stability which constitute a source of strong and dangerous competition among States with the aim of attaining fundamental humanitarian needs and analyzing their factors to carefully study the data of these results to clear away any ambiguities in addition to tackling all the aspects of the issue, the study rests on three chapters: the 1st chapter tackles environmental migration and conflicts and studies the link between migration and turmoil in the welcoming regions and the means to deal with the dangers of migration. The 2nd Chapter tackles natural resources and world security in view of the fact that International conflicts revolve around power sources (oil) in the Middle East and around climate change and conflicts over water resources. The 3rd chapter studies the environmental factors and world stability and discusses population growth and the decline in the standard of living, comprehensive humanitarian development of States and the damage of the ecologic system and environmental deterioration.
*****************************************************************************
Les répercussions des défis de l’environnement sur la sécurité mondiale
Colonel Elias Abou Jaoudeh
A l’ombre des changements environnementaux mondiaux résultant des activités humaines ou des catastrophes naturelles, et qui ont occupé la place primordiale des soucis de la communauté internationale, et qui figurent parmi d’autres causes internationales importantes, comme la démocratie, les droits de l’homme, la lutte contre le terrorisme, il existe différentes propositions pour les experts de l’environnement concernant le lien entre le changement climatique et les conflits.
Pour étudier les résultats du rôle principal des défis environnementaux dans l’absence de l’équilibre humanitaire et leurs répercussions sur la stabilité mondiale et qui constituent une source pour la compétition forte et dangereuse entre les pays afin d’obtenir les besoins fondamentaux de l’être humain, et analyser leurs facteurs pour savoir leurs données concernant ces résultats et pour éviter toute ambiguïté, et afin d’étudier tous les aspects du sujet, l’étude repose sur trois chapitres: le premier chapitre évoque l’émigration environnementale et les conflits tout en étudiant le lien entre l’émigration et les troubles dans les régions accueillantes et les moyens visant à traiter les dangers de l’émigration. Le deuxième chapitre évoque les ressources naturelles et la sécurité mondiale citant que dans le conflit mondial, la concentration vise les ressources de l’énergie (le pétrole) au Moyen Orient, et le changement climatique et les conflits sur les ressources hydrauliques. Quant au troisième chapitre, il évoque les phénomènes environnementaux et la stabilité mondiale où seront traités l’augmentation populaire, la baisse du niveau de vie et le développement humanitaire durable des pays, les dégâts visant le système écologique et la détérioration environnementale.