منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة وأثرها على العالم اإسلامى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
bls_raouf
التميز الذهبي
التميز الذهبي
bls_raouf


الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1612
نقاط : 3922
تاريخ التسجيل : 20/11/2012

الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Empty
مُساهمةموضوع: الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة وأثرها على العالم اإسلامى   الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة  وأثرها على العالم اإسلامى Emptyالسبت فبراير 23, 2013 12:52 pm


الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة

وأثرها على العالم اإسلامى

الظروف التي تشكلت فيها الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة:
إن المفهوم الشائع للتكتلات والأحلاف الدولية المعاصرة هو المفهوم الأوربي، حيث كانت الـدول الأوربية تتحالف وتتكتل في مواجهة ضغط المدّ الإسلامي، ثم في مهاجمة المسلمين، والوقوف في وجه الدولة العثمانية بصورة خاصّة عندما طرقت أبواب أوربا وتوّغلت فيها، ثم تحوّلت وجهة الأحلاف والتكتلات إلى التنافس لاقتسام العالم الإسلامي، بعد أن بان ضعف المسلمين وعجـزهم، وقـد قادت الأحلاف والتكتلات الأوربية إلى التنافس الاستعماري وإلى السباق في التسلح، ثم إلى حروب مريرة مدمرة، وهكذا واصلت أوربا التفكير في مفهوم الأحلاف والتكتلات إلى أن وصلت إلى المفهوم المعاصر، وشاع عالمياً في ظل سيطرة وجهة النظر الأوربية على العالم، وإلاّ فالأحلاف والتـكتلات قديمة، قدم التاريخ نفسه، ونجد من الضروري إيضاح هذا المفهوم المعاصر:
إن كلاًّ من التكتل والحلف هو تجمع، يضمّ دولتين أو أكثر ويفترض مصلحة متماثلة وخطاً استراتيجيا معينا. وقد يكون التكتل بداية للتحالف، لكن الفرق بينهما أن الحلف عادة هو تجمع ذو أغراض عسكرية سياسية بالدرجة الأولى، وأما التكتل كقاعدة يستهدف التعاون في الشئون السياسية أو الاقتصادية بالدرجة الأولى.
فكل حلف هو تكتل، وكـل تكتّـل هو تجمُّـع، ولكن العكس ليس صحيحاً. والتحالف لابدّ أن يستند إلى معاهدة دولية بالمعنى الدقيق للتعبير، ولابدّ أن يكون له هيئات تسهر على حسن تنفيذ بنود هذه المعاهدة، بعكس التكتل الذي لا يشرط فيه بالضرورة مثل ذلك .
فالحلف في القانون الدولي والعلاقات الدولية إذاًَ هو علاقة تعاقدية بين دولتن أو أكثـر، يتعهـد بموجبها الفرقاء المعنيون بالمساعدة المتبادلة في حالة الحرب . وقد يكون التحـالف متوازنـاًَ بمعنى أن يكـون توازن المنافع ضمن التحالف متبادلاً تماماً - أي أن الخدمات التي يقدمها الأطراف لبعضهم فيه متعادلة مـع المنافع المتوخاة- وهذا لا يكون إلاّ بين دول متساوية في القوة، وتعمل لمصالح متطابقة. أما الشكل المعاكس لتوازن المنافع فهو الانتفاع الوحيد الطرف- بمعنى أن طرفا واحداً يتلقى المنافع في حين يتحمل الآخرون الأعباء- وهـذا لا يختلف كثيراً عن معاهدات الحماية التي ابتكَرتها السياسة الاستعـمارية الأوربية في إطار عصبة الأمم، ثم في إطار هيئة الأمم.
والواقع أن معظم الأحلاف العسكرية تُبرم بين دولة كبيرة وبعض الدول الصغيرة، بعد أن يدخل في روعها بأنها مهدّدة بخطر خارجي يُلجئها إلى هذه الدولة الكبيرة. فتتمكن الدولة الكبيرة بالتالي من فرض سيطرتها في وقت السلم والحرب، إذ تتضمّن هذه المعاهدات إنشاء تحالف عسكري ونظام للدفاع المشترك، والاحتفاظ بقواعد عسكرية في أراضي الدولة الصغيرة، مع السماح للدولة الكبيرة بحرية استخدام الموانئ والمطارات والمواقع الاستراتيجية ، وبالطبع فإن هذا لا ينطبق بالضرورة على كلّ الأحلاف القائمة، ولكنه هو الأعمّ الأغلب. فقد تتمكن دولة صغيرة من استغلال علاقتها بحليف قوي لدعم مصالحها .
والإسلام كلّف المسلمين بتبعات إنسانية تجاه البشرية، فهو دعوة إلى السلام، يحقّق سلام الفرد في نفسه، وسلام البيت، وسلام المجتمع، وسلام العالم في تناسق واطّراد بسبب نظرتـه الكليـة عـن الحياة . وقد جعل الله سبحانه وتعالى المسلمين أوصياء على البشرية. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} . فكلّفهم سبحانه بتحقيق السلام عن طريق إفراد الله سبحانه وتعالى بالألوهية والربوبية والحاكمية، وإقامة العدل، وتحقيق المساواة بين الناس، وضمانات الحياة القانونية والمعيشية، ومنع البغي وإزالة الظلم، وتحقيق التوازن الاجتماعي والتكافل والتعاون، وإزالة الفرقة والخصام، والنزاع بين الأفراد وبين الجماعات، وسدّ الذرائع التي تدعو إلى قيام الطبقات وتميّزها وصراعها. كما جعل الله سبحانه وتعالى أمة الإسلام، أمة الوسط، أمة العدل والخيرية في كل شيء بين طرفي التفريط والإفراط، والتقصير والغلو في كل اتجاهات الحياة. قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} .
ومن هذا نرى أن التكتلات والأحلاف في الإسلام لا تقوم على أساس من المصلحة الاقتصادية أو السياسية... وإنما تقوم على الأسس التي وضعها الله سبحانه وتعالى، تلك التي ذكرناها، وعلى الوفاء بالعهد (ومنه المعاهدات الدولية) وعدم الغدر، خدمة للبشرية، وتنفيذا لما يأمر به الإسلام لتتحقّق الخيرية، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ، فالمسلمون مطالبون بأن تكون تكتلاتهم وأحلافهم على هذه الأسس التي بيّنها لهم الإسلام، وشرعها الله سبحانه وتعالى لهم، وليس على المصالح الدنيوية الآنية الزائلة.
وقد تميّز الزمن المعاصر بتقارب المسافات بين دول العالم، وشعوبه، وباتصال المجتمعات، وتشابك المصالح، وتعقّدها، وذلك يعود إلى: سهولة المواصلات البرية، والبحرية، والجوية، وتوافر وسائل الإعلام وتقدمها من صحافة، ومذياع، وتلفاز، وخيّالة، وفيديو، واتصالات سلكية ولا سلكية، وأقمار صناعية، وما حصل من تقدم علمي في مجال الفضاء، وسهولة تبادل النقد عن طريق البنوك، والمصارف، والحوالات، والشيكات، كما تميّز بالحرب الباردة بين ما يسمى (بالمعسكر الاشتراكي الذي تتزعمه روسيا)، وما يسمى (بالمعسكر الديمقراطي الغربي الذي تتزعمه أمريكا)، وبأساليب الجاسوسية المبتكرة، والتسابق في التسلح، والتنافس في إنتاج الأسلحة الفتاكة المدمرة وتكديسها، والتفنن في إدخال التعديلات عليها وتطويرها، وبالقلق الناتج عن البحث وراء الماديات، والتسابق في اقتناء الكماليات التي تغرق الأسواق، مع بريق الإعلانات والدعايات، وتسهيل الحصول عليها بالتقسيط !! وبخفوت الفكر الديني، والفراغ العقدي.
كل ذلك وغيره قاد العالم (دولا وشعوبا) إلى البحث عن التكتلات السياسية والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية وإلى التنسيق بين مجموعات الدول التي تلتقي في مصالحها، لتحافظ على نفسها، ونمّي مرافقها، أو لتحافظ على هيمنتها على غيرها، فظهرت بذلك تكتلات وأحلاف مختلفة توصف بالعالمية، والإقليمية، والوطنية، والقومية، والقارية، أسهم في صنع معظمها، وخطط لها القوى المتنفذة في العالم، ملبيّة الرغبة الملحة لدى بعض الدول، ومن أجل المحافظة على نفوذها وهيمنتها على تلك الدول وحتى لا ينفلت حبل النفوذ من يدها، ولما كانت تلك الدول المتنفّذة ذات حضارة غربية اعتمدت معظم التكتلات والأحلاف المصلحة أساسا دون العقيدة، وتوزعت البلاد الإسلامية على هذه الأحلاف والتكتلات، وتشتت بينها، الأمر الذي أضعف جهودها، وربطها بعهود ومواثيق مختلفة، تتناقض في أكثرها مع عقيدتها الإسلامية وشريعتها، حيث ضعف صوت الإسلام، وخفت دوره في مواثيق هذه التكتلات، فسارت الأمور لصالح الدول المتنفّذة، صاحبة القوة والسلطان، وصاحبة التخطيط لمعظم هذه الأحلاف "اللعبة" وأصبح ما يسمى بالعالم الثالث [ والذي يعدّ الإسلام مرشحاً لزعامته] نهباً مقسّماً، موزعا على تلك الأحلاف والتكتلات الدولية.
وفيما يلي نبذة عن أهم هذه التكتلات والأحلاف الدولية، ومن خلال عرضها يظهر جلياًّ أثرها على العالم الإسلامي ومسيرته.

أولاً: هيئة الأمم المتحدة: ( U. N)
مع بداية القرن الرابع عشر الهجري، ظهر ضعف الدولة العثمانية، والعالم الإسلامي للعيان، وفقدت وزنها أمام الدول الأوروبية القومية المتغطرسة، وخاصة روسيا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والنمسا، وإيطاليا. فاتجهت تلك الدول لاقتسام أملاك الدولة العثمانية فيما أسموه: حل المسألة الشرقية ، وقد ازداد الإنتاج الصناعي في تلك الدول، وسيطرت عليها الرأسمالية، واشتدت حركة القوميات ، ورغبة السيطرة، وشهوة التسلّط، فأخذت تتسابق على المستعمرات للحصول على المواد الأوّلية الرخيصة الثمن، السوق الأعظم لاستهلاك المواد المصنّعة، فأدى ذلك إلى اشتداد المنافسة بينهما، فتكونت نتيجة ذلك الأحلاف، إذ تقاربت بريطانيا وفرنسا وروسيا رغم ما بينها من عداء. فانقسمت أوربا إلى كتلتين متنافستين، واشتد سباق التسلّح، ومع وجود الأزمات - وخاصة أزمة البلقان - اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) التي انتهت بانتصار الحلفاء وهم: بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا ( التي انضمت للحلفاء أثناء الحرب) والولايات المتحدة ( التي عادت لعزلتها بعد انتهاء الحرب).
وقامت الدول المنتصرة بإنشاء عصبة الأمم، وقد هيمنت عليها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، واتخذتها ستاراً لاقتسام العالم. واعتبرتها هيئة دائمة، تشدّ أزرها الحكومات القومية.
وتألفت عصبة الأمم من جمعية عمومية مؤلفة من مندوبين يمثلون الدول الأعضاء في العصبة، تنعقد مرة كلّ عام لمدة شهرين في جنيف مقرها الدائم، ومن مجلس كان يتكون أولا من تسعة مندوبين، خمسة منهم ينوبون عن الدول الكبرى التي لها كراسي دائمة في مجلس العصبة وينعقد هذا المجلس أكثر من مرة في العام. وتعدّ سكرتارية العصبة (وهي هيئة دولية من الموظفين المدنيين) أعمال الجمعية والمجلس كما أنها تشرف على تنفيذ أعمالها .
وقد بلغ أكبر عدد لأعضـاء العصبـة (ستـين دولـة)، وانضمت لها روسيا عام 1934م، في حين انسحبت منها اليابان عام 1933م، ورفضت الولايات المتحدة الانضمام إليها مؤثرة العزلة عن مشكلات أوربا، وكان للصهيونية نشاط كبير في تكوينها من أجل تحقيق أهدافها تحت ستار الشرعية الدولية.
وميثاق العصبة حمل بذور فشلها، فقد كانت رابطة دول ذات سيادة، ولم تكن اتحاد دول، وكـانت القرارات يلزمها الإجماع، وهذا أضعف مواقفها ولم تكن تملك القوة الضرورية لغرض احترام مقرراتها،، وانصبّ نشاطها على المحافظة على "الحالة الراهنة"، وبذلك عملت لصالح بعض الدول وخاصة بريطانيا وفرنسا ولم تتفق على شيء كاتفاقها ضد مصالح المسلمين: فقد أقرّت مبدأ الانتداب والوصاية، كـما اعترفت بوعد بلفور، وأصدرت صك الانتداب على فلسطين يتضمّن تكليف بريطانيا بتنفيذ وعد بلفور بمشاركة الوكالة اليهودية.
وعن وضعها العام عبّر المؤرخ الأمريكي ( كاتانو سلفيميني ( GAETANO SALVEMINI الأستاذ في جامعة " هارفرد" عن رأيه فيها وقال: "إن تاريخ عصبة الأمم بين الحربين الأولى والثانية هو تاريخ الغدر، والحيل، والخيانة" فمن الطّبيعي أن تفشل العصبة في محاولاتها منع استخدام القوة في فضّ المنازعات الدولية، وفي الحدّ من التسلُح بين الدول، فعادت حدّة سباق التسلّح، وعادت التكتلات والأحلاف، وانقسمت أوربا ثانية إلى:
أ) الحلفاء من الإنجليز والفرنسيين.
ب) دول المحور: ألمانيا، وإيطاليا. وانضمت إليهما اليابان. وتمثلت فيها الدكتاتوريات.
فعاد التنافس بشكل أشدّ عمّا كان عليه قبل الحرب العالمية الأولى، وأدّى إلى نشوب الحرب العالمية الثانية ( 1939-1945م).
وفي أثناء هذه الحرب الثانية ظهرت فكرة تطوير عصبة الأمم على اسم جديد هو: هيئة الأمم حيث ظهرت أفكار إنشائها عام 1941م بميثاق الأطلسي بين روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وتشرشل رئيس وزراء بريطانيا.
وتلا ذلك مشاورات كثيرة أثناء الحرب بين دول الحلفاء وبشكل خاص: الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وعقدت مؤتمرات بشأن إنشاء هيئة الأمم أهمّهـا:
أ- اجتماع البيت الأبيض عام 1942م الـذي أسفر على تصريح الأمـم المتحدة من قبل ممثـلي (26) دولة. ذكر فيه ميثاق الأطلسي مع إضافة الحرية الدينية .
ب- مؤتمر موسكو عام 1643م الذي ضم: الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي، وبريطانيا، ومثل هذه الدول: روزفلت، وستالين، وتشرشل. وقد اعترفوا بضرورة وضع تنظيم دولي في أول ساعة ممكنة يقوم على: مبدأ المساواة في حقوق السيادة بين جميع الدول المحبة للسلام، وتعهـدوا بفـتح باب العضوية لجميع هذه الأمم صغيرها وكبيرها، كي تعمل على كفالة السلام، والأمن الدوليين .
ج- مؤتمر طهران عام 1944م وضم روزفلت، وستالين، وتشرشل وأكدوا فيه ما سبق.
د- مؤتمر "دمبرتن أوكس": حيث اجتمع ممثلو بريطانيا، وروسيا، والولايات المتحدة، والصين في فندق "دمبرتن أوكس" بواشنطن عام 1944م، وعملوا على وضع مشروعات تمهيدية لمنظمة دولية. ووضعوا خطوطها العريضة .
هـ- مؤتمر يالطا عام 1945م بين روزفلت وتشرشل، وقد بحث فيه أمر المنظمة .
و- مؤتمر سان فرانسيسكو في مارس عام 1945م، وقام بالدعوة إلى هذا المؤتمر كلّ من: روسيا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، والصين. وقد اشتركت فيه فرنسا دون أن تكون داعية إليه باعتبار أنها لم تساهم في مؤتمر "دمبرتن أوكس" ولا في يالطا. وحضره مندوبون عن إحدى وخمسين دولة. حيث تم في 26 يونيو من العام نفسه الموافقة على ميثاق الأمم المتحدة في اليوم نفسه. واتخذت مقرها الدائم في نيويورك (امبراير ستايت).
وقد تضمنت شرعة الأمـم (19) فصلا في (111) مادة، عرّفت أولاً مبادئ المنظمة وأهدافهـا، (الديباجة والفصل الأول)، ثم وصفت مختلف الهيئات، وكيفية سير أعمالها. وقد حدّدت أهدافها في :
1- حفظ السلام والأمن في العالم، وذلك بمقاومة الأخطار التي تهدد السلام العالمي، ومنع الحروب واستعمال القوة في حل المشكلات.
2- تنظيم وتوثيق التعاون الدولي، ومدّ يد المساعدة للدّول المختلفة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والفنية.
3- حل المشكلات الدولية والخلافات الإقليمية بالطرق السلمية عن طريق المفاوضة والتوفيق، أو الوساطة، أو التحكيم.
وتكوّنت الهيئة من الأجهزة الرئيسية التالية:
1- الجمعيـة العموميـة:
وتكـونت من جميع الـدول الأعضاء: التي بلغ عددها عام 1987م (151دولة). ويمثل كل عضو فيها مندوبون لا يزيد عددهم على خمسة لهم جميعاً صوت واحد. وتقوم الجمعية: بتوثيق العلاقات والتعاون الدولي، وبحث المشكلات التي تؤثر في السلم، والأمن العالمي. وتسوية الخلافات بين الدول، والمحافظة على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وزيادة التضامن الدولي في ميادين الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والتربية، والصحة. وإقرار ميزانية الأمم المتحدة، وانتخاب أعضاء وموظفي الأجهزة الأخرى التابعة لهيئة الأمم.
وتصدر الجمعية قراراتها في المسائل الهامة بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين. وتكتفي في المسائل العادية بالأغلبية العادية.
ومما يجدر ذكره أن سلطات الجمعية استشارية محضة، فهي تدرس وتناقش، وتوصي، وتفحص التقارير، ولا تقرر أبداً فيما عدا الموافقة على عضوية دولة من الدول.
2- مجلس الأمـن:
ويتكـون من خمسة أعضاء دائمين هم ممثلو: الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، والصين (الوطنية سابقا، والشعبية حالياً). ومن ستة أعضاء غير دائمين يكون انتخابهم لمدة سنتين. وقد زيد عدد الأعضاء غير الدائمين إلى خمسة عشر عضواً.
وتصـدر القرارات في المسائل الهامة بالأغلبية العددية على أن يكون منها الأعضاء الـدائمـين الخمسة. كما يحق للأعضاء الدائمين استعمال حق الفيتو (النقض) لأي قرار يعرض على المجلس. وهذا أدّى إلى تسلّط الدول الكبرى على هذا المجلس. وضياع أي حق ما لم يوافق هواهم جميعاً.
ويقوم مجلس الأمن: بالمحافظة على الأمن والسلام في العالم بالتعاون مع الجمعية العـامة (طبعـاً بمفهوم الـدول المهيمنة)، واتّخاذ قرارات بتوقيع عقوبات اقتصادية، أو إجراءات لمنع وقوع العدوان، أو لوقفه، واتّخاذ إجراء حربي ضد المعتدي في ظروف خاصة. وقد وافقت جميع الدول الأعضـاء على أن تضع تخت تصرف المجلس أية قوات مسلحة، وتقدم كل تسهيلات عسكرية يطُلب منها أو يتفق عليها .
3- الأمانة العامة: (السكرتاريا):
وتتألف من أمين عام تعينه الجمعية العمومية للهيئة، ومن عدد من الموظفين.
ويمثل الأمـن العام حلقة الوصل بين الجمعية العمومية ومجلس الأمن، وبين الدول الأعضاء ذات المصلحـة، وبين مجلس الأمن والجمعية العمومية. كما تنظم الأمانة أمور اللجان الأخرى.
4- المجلس الاقتصادي والاجتماعي:
ويتألّف من ثمانية عشر عضـواً، تنتخبهم الجمعية العمومية، ومهمته تقديم خدمات اقتصادية، واجتماعية، وصحية، وثقافية للدول الأعضاء، عن طريق وكالات متخصّصة في هذه الميادين، يتعاون بعضها مع الآخر عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي يقوم بدور جهاز التنسيق. ومن أهم هذه الوكالات:
منظمة الأغذية والزراعة: F. A. O ، ومنظمة اليونسكو للثقافة والتعليم U. N. E. S. C. O ومقرها باريس. ومنظمة العمل الدولية L. L. O، ومنظمة الصحة العالمية W. H. O والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ومنظمة اللاجئين الدولية .U. N. R. W. A
5- محكمة العدل الدولية:
وتتألف من قضاة من كبار رجال القانون من مختلف الدول. ومركزها مدينة لاهاي في هولندة. ويعود تأسيسها إلى عام 1921م للنظر في الخلافات بين الدول، والمطالب التي تتقدّم بها على ضوء المعاهدات والاتفاقيات الدولية القائمة .
6- مجلس الوصاية:
وحل محل لجنة الانتدابـات الدائمة القديمة. ويشرف على شئون المستعمرات السابقة لدول المحـور ( ألمانيا، وإيطاليا، واليابان). ويتألف من أعضاء الدول التي تتولى إدارة تلك البلدان.
وقد انضمت الدول الإسلامية المستقلة إلى منظمة هيئة الأمم منذ تأسيسها وتوقيع ميثاقها، فضمت المملكة العربية السعودية، وتركيا. وقبلـت فيها أفغانستان عام 1946م ثم انضمت إليها اليمن والأردن وألبانيا عام 1947م، وإندونيسيا عام 1948م. كما ضمّت هذه المنظمة الكيان الصهـيوني في فلسطين باسم "دولة إسرائيل" التي اعترفت بها أمريكـا والاتحاد السـوفيتي من أول إعلانها عام 1948م . كما انضمت إليها الدول العربية والإسلامية تباعاًَ بعد استقلالها.
وقد عرضت القضية الفلسطينية على الهيئة مراراً ولا تزال، كـما عرضت عليها القضايا الإسلامية المختلفة، والمتتبع للأحداث يجد أن هذه القضايا لا تحل في اجتماعات هيئة الأمم وقاعاتها ومناقشاتها. فهي لا تعدو أن تكون منبراً دولياً تعرض عليه مشكلات الأمم، ومجلس الأمن مجمّد بنظام الفيتو فهو غير قادر على اتخاذ قرارات في الحالات الخطيرة، والجمعية العامة لا تستطيع أن تصدر إلاّ توصيات، كما أنه من الممكن أن يطرح كل بلد مهما كان صغيراً توصيات الجمعية، وأعمال اليهود في فلسطين، وأعـمال الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا ماثلة للعيان .
ثانياً. مجموعـة الدول الـ 77:
ظهرت هذه المجموعة في إطار هيئة الأمم، فقد دعت الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر للتجارة والتنمية من أجل بحث إمكانية توسيع التبادل التجاري بين الدول النامية والدول المتقدمة صناعياً. والتعاون من أجل بناء مجتمع دولي متعاون. وفي نطاق هذا المؤتمر الذي أصبح يعقد بصورة دورية تجمعت سبع وسبعون دولة من الدول النامية في قارات: آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وعقدت أول مؤتمراتها عام 1964م في نيودلهي عاصمة الهند، وعقدت مؤتمرها الثاني في مدينته الجزائر عام 1967م، وانضم عدد من الدول النامية الأخرى إلى هذه المجموعة حتى بلغ مجموع أعضائها عام 1974م خمسا وتسعين دولة. وأما أثرها فضئيل. ومعظم دول العالم الإسلامي أعضاء في هذه المجموعة.
ثالثاً: دول حلف الأطلسي : n. a. t. o
وهذا الاسم نسبة إلى شمال المحيط الأطلسي.
تعـرّض الاتحـاد السـوفييتي في الحرب العالمية الثانية عام 1941م إلى هجوم ألماني صاعق، فدفع ذلك روسيا إلى الانخراط في المعسكر الديمقراطي الغربي ضد ألمانيا النازية، وهذا أدّى إلى إعادة النظر في الوضع السياسي بين لندن وواشنطن. فقابل الرئيس الأمريكي (روزفلت) رئيس وزراء بريطانيا "تشرتشل" في 14 آب (أغسطس) عام 1941م على ظهر الـدارعة الإنجليزية (أمير ويلز) الراسية في جون الأرض الجديدة ووضعا صكاً يُعتبر أول مَعْلم وُضع لتشكيل تضامن شعوب الأطلسي. إذ اتفقت الدولتان على :
ألاّ تُحدثـا أي تغيير أرضي مضاد لأماني الشعوب، ويحقّ لكل شعب اختيار شكل الحكم بحـرية، ولجميع الشعـوب الحق في الـوصول إلى المواد الأولية، وترجوان التعاون الاقتصادي بين جميع الدول. وأنّه بعد تقويض النازية يجب أن يشمل السـلام الأمن الدولي وحرية البحار، وأعلنا عن تخفيض عَام للتسلح!
وأسفرت الحرب العـالمية الثانية (1939-1945) عن ظهور قوتين غربيّتين: روسيا، وأمريكا. تحاول كل منهما فرض أيدلوجيتها على العالم، والحلول محلّ أوربا الغربية في السيطرة على العالم، والهيمنة عليه. وتسابقتـا في التسلح، وتزعمتا العالم في الأبحاث الخاصة بالذّرة واستعرت بينهما الحرب الباردة.
وقـد ظهرت روسيا السوفيتية بمظهر الزعيم المـدافـع عن النظام الاشتراكي (الأيدلوجية الشيوعية)، وظهرت أمريكا بمظهر الزعيم الممثل للنظام الديمقراطي الغربي (الأيدلوجية الرأسمالية الليبرالية). واشتدت الحرب الباردة بين الطرفين، وتمت القطيعة بـين النظامين عام 1947م لتسير كل منهما في تكوين حلف تتزعمه لاقتسام العالم تحت اسم: المعسكر الشرقي، والمعسكـر الغربي. وأحست الدول الأوروبية بالخوف فبحثت عن أحلاف وتكتلات فكان ميثاق بروكسل (عاصمة بلجيكا ) عام 1948 م الذي ضمّ دول البينولوكس الثلاثة وهي: هولندة، وبلجيكا، ولكمسبورج، باقتراح من بريطانيا وفرنسا. وقد وافقت الحكومات الثلاث على معاهدة لمدة خمسين سنة، نصّت على معونة عسكرية آلية في حالة عدوان ضد أحد موقعيها في أوربا، وعلى تبادل المشورة في حالة عدوان في قارة أخرى غير أوربا، أو في حالة تهديد ألمانيا لأيّ منها. كما أكدت على منع وقوع الأقطار الأوروبية تحت النفوذ السوفييتي، ونصت على إنشاء مجلس استشاري ينعقد بناء على طلب أحد الأعضاء. وتضمّنت تقـوية الـروابط الثقافية والتبـادل التجاري بين هذه الأقطار ، كـما ظهرت الرغبة عندهم في التعاون مع الولايات المتحدة التي وضعت شرطاً هو: التنظيم المسبق في أوربـا لسياسة الدفاع ضد كل عدوان من حيث أتى . فبدأ الكلام عن ميثاق أطلسي مُحتمل، يضّم اتحاد بروكسل والولايات المتحدة وكندا.
وفي الوقت نفسه كانت الدول الاسكندنافية وهي: النرويج، والسويد، تفكّر في تحقيق ميثـاق خاص. وفي جنـوب أوربـا اقترح "تسالداريس" وزير خارجية اليونان على "بيفن"- رئيس وزراء بريطانيا اشتراك إنكلترا وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، واليونان للدفاع عن البحر المتوسط .
فتهيأ الأمر لميثاق الأطلسي بزعامة أمريكا، ونقّح النصّ الكامل للميثاق في 8 آذار (مارس) عام 1948م ووصل إلى باريس، ثم إلى لندن، ونوقش من قبل مجلس الخمسة الاستشاري دون إدخال تعديلات. وفي 15 آذار دعا الخمسة والولايات المتحدة وكندا إلى اشتراك النرويج، والدانمارك، وأيسلندا، والبرتغال في الميثاق وفي نيسان (أبريل) عام 1949م تم توقيع الحلف في واشنطن من قبل اثنتي عشرة دولة وهي: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، و بلجيكا، ولكسمبورج، والنرويج، والدانمارك، والـبرتغال، وكندا، وأيسلندا. ثم انضمت تركيا واليونان عام 1952م إلى هذا الحلف. وكذلك ألمانيا الغربية عام 1955م .
وادّعى منشئو هذا الحلف أن طابعه دفاعي، وأنه موجّه ضد خطر العدوان الشيوعي على أوربا الغربية وأعربت دول الحلف عن الثقة بأهداف هيئة الأمم المتحدة ومبادئها، ونصّت مقدمته على رغبة المتعاقدين في السلام، والتصميم على حماية النظام الديمقراطي- النموذج الغربي- بالقوة.
وتعتبر البنود العسكرية هي الأساسية من بين بنوده. ففي المادة الرابعة ميّزوا بين التهديد والعدوان. ففي حالة التهديد تتشاور الأطراف ويكفي لتعريف التهديد أن يصرّح أحدهم أنـه موجود. وأما البند الثامن في المعاهدة فإنه يخضع جميع الاتفاقيات الأخرى الدولية، وبالتالي كل سياسة المشتركين في حلف الناتو في حكام هذه المعاهدة .
ودخـل الميثـاق حيز التنفيذ في 24 آب (أغسطس) عام 1949م وأنشئ مجلس عسكـري لتحقيق أغراضـه، وقيادة عامـة للحلف. كما أنشئت "الوحدة الاستراتيجية الدائمة" لتأمين إدارة العمليات العسكرية وهي تتألف من ممثلين من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا. وتحت أمرها خمس وحدات إقليمية للعمليات: كندا في أمريكا. وشمال الأطلسي، والشمال الأوروبي، والغرب الأوروبي، والجنوب الأوروبي للمتوسـط الغربي. وقد عُينّ الجنـرال (دوايت ايزنهاور) قائداً أعلى في أوربا عام 1950م. كما خوّلت السلطة التنفيذية إلى مكتب دائم دعوه: "مكتب الثلاثة عقلاء" عام 1951م .
وقد تحوّل الحلف إلى أداة كبّلت بواسطتها الدول الداخلة فيه بقيود التبعية العسكرية للولايات المتحدة. كـما حوّلت إلى رؤوس جسور خطيرة لمرابطة القوات الأميركية، وإقامة القواعد النووية، وغيرها من القواعد العسكرية الأميركية بأشكالها المتعدّدة، وإلى مصادر للموارد البشرية، والأسلحة الإضافية المطلوبة للاستراتيجية الأمريكية . فقد تحدث الجنرال الأمريكي (جرونتر) بعد إنشاء الحلف فقال: "يحلو لنا ذلك، أم لا، ولكن رداء قيادة العالم يقع على أكتافنا، ونجاح هذا الحلف وسيتوقف على مقدار ما نستطيع تحقيق هذه القيادة " .
وقد قام الاتحاد السوفيتي بحملات عنيفة على هذا الحلف وهاجمه بشدة بالصحافة والإذاعة . وذلك بهدف ضمّ الدول الأخرى إلى جانبه. الأمر الذي يدعونا إلى القول مطمئنين: أن اتفاقاً سرياً حصل بين ما يسمى بالعملاقين لاقتسام العالم، وكبت القوى التي يمكنها الوقوف أمام كل منها وخاصة الإسلام. وقد تحولت أمريكا بموجب هذا الحلف إلى شرطي يفرض هيمنته على العالم، ويتدخل في كل قضاياه صغيرة أو كبيرة. وأمام ذلك انسحبت فرنسا عام 1966م رسمياً من الجهاز العسكري تبعاً لسياسة ديغول في أن يكون لأوربا وجود مستقل عن أمريكا، والاتحاد السوفيتي، فانتقل مركز الحلف من باريس إلى بروكسل. وألغيت "الإدارة التنفيذية للجنة العسكرية" وأوجدت جهازاً جديداً أطلق عليه اسم: " الهيئة العسكرية الدولية" .
ومن حلف الأطلسي انبثق: "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" e. c. d. o. بقصد ربط دول أوربا الغـربية بعجلة الاقتصاد الأمريكي. ومنافسة للسوق الأوروبية المشتركة. وضمت إلى جانب دول الحلف بعض الدول المحايدة مثل: النمسا، والسويد، وسويسرا، وفنلندا، ويوغسلافيا.
رابعاً: دول حلف وارسو : warso pact
نسبة إلى وارسو عاصمة بولندة (بولونيا).
كان الاتحاد السوفييتي قد سيطر أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها مباشرة على أوربا الشرقـية سيطرة كامـلة. حيث شملت عام 1948 م: ألمانيا الشرقـية، وبـولنـدة، وتشيكوسلوفاكيا، وهونغاريا، ويوغسلافيا، وألبانيا، وبلغاريا، ورومانيا. وربطت روسيا هذه البلدان بها بمعـاهدات ذات طابع سياسي وضعت أولياتها زمن الحرب ، أطلقت عليها اسم: (علاقات الصداقة والمساعدة المتبادلة بين الاتحاد السوفييتي ودول الديمقراطية الشعبية) . واعتمدت على قيام أنظمـة شيوعية مخلصة لموسكو، ترتكز على دكتاتورية البـرولوتاريا (الـطبقـة العاملة) ، واعتمدت في الحكم على القهر، والتضييق، وكبت الحريات على مختلف أشكالها وألوانها.
وبعد القطيعة بين روسيا وأمريكا عام 1947 م أشرفت روسيا على عقد معاهدات بين الدول التي تسير في فلكها، بعضها مع بعض . كما عقدت مع الصين الشيوعية معاهدة للصداقة والتحالف والمساعدة المتبادلة عام 1950م ، وأنشأت جمهورية ألمانيا الشرقية عام1949 م . وأخـذت تصـدر الشعارات الاشتراكية إلى بلاد الإسلام، باسم التقدمية، ومحـاربـة الـرجعية والاستعـمار والـرأسـمالية، فاستهوت كثيراً من الناس، وخفت صوت الإسلام، وضُرب المسلمون ضربات موجعة تحت اسم هذه الشعارات في بلاد الإسلام الـتي في الاتحاد السوفييتي، وفي يوغسلافيا، وأوربا الشرقية، والصين، ومصر، وإندونيسيا، والهند الصينية. ثم في أقطار إسلامية أخرى.
ولما وقع ميثاق حلف الأطلسي حمل الاتحاد السوفييتي مع منظومته الاشتراكية عليه بشدة ونظم مؤتمراً في موسكو عام 1954م يبحث الأمن الأوروبي ودعا إليه البلاد الغربية: بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، فرفضت. وعليه فقد اشتركت منظومة الاتحاد السوفييتي في هذا المؤتمر وحدها. وأعلن التصريح الختامي هذا المؤتمر: "بأن الموقعين في حال تصديق المعاهدات التي تستأنف فيها ألمانيا الحياة العسكرية على استعداد لاتخاذ إجراءات مشتركة تتعلق بتنظيم قواها المسلحـة وقيادتها" .
ثم أخذ الاتحاد السوفييتي بفسخ معاهدات تحالفه مع بريطانيا وفرنسا.
وفي عام 1956 م قام بعقد مؤتمر وارسو للكتلة التي دعاها "الشرقية" بزعامته. وأسفر هذا المؤتمر عن توقيع معاهدة حلف وارسو بين ثمانية بلاد من تلك التي تسير في فلكه، وتأتمر بأمره. وهي بالإضـافة إلى الاتحاد السوفييتي: بولندة (بولونيا)، وتشيكوسلوفاكيا، وألمانيا الشرقية، ورومانيا، وبلغاريا، وألبانيا، وهونغاريا.
وبنود الميثاق نسخة عن ميثاق الأطلسي وتنصّ مادته الخامسة على: "تنظيم قيادة عسكرية موحدة، يُعهد بها إلى الماريشال السوفييتي كومنيف" .
وحلف وارسو لم يغيرّ واقع الكتلة العسكرية الشرقية، ولكنه أعطاها معنى مؤثراً، وكرّس انقسام العالم إلى كتلتين، وألقى الرعب في قلب من كان يحاول أن يقف في وجه الكتلتين. وقد هاجمته أمريكا بالدرجة نفسها التي هاجم بها الاتحاد السوفييتي حلف الناتو، وذلك للعمل على جرّ الدول الأخرى إلى السير في مخططاتها، والارتماء في أحضان إحدى الكتلتين.
خامساً: السوق الأوروبية المشتركة:
) المجموعة الاقتصادية الأوروبية ( E. E. C.
كانت فرنسا قد فقدت دورها الاستعماري، ونفوذها بعد الحرب العالمية الثانية أمام الكتلتـين الشرقية، والغربية، فقامت بمشاريع للعمل على تكتل أوربا لإعادة دورها. فتكـوّنت بجهودها "مجموعة الأسرة الأوروبية للفولاذ والفحم" عام 1951 م، من دول: فرنسـا، وألمـا نيا الغربية، و إيطاليا، وبلجيكـا، ولكسمبـورغ، وهولنـدة . واتخـذت لكسمبورغ مركزاً لها.
وانبثقت من هذه الأسرة فكـرة "الدمج الأوروبي" حيث تكوّنت "جمعية مختصّة"، تألفت من جمعية أسرة الفولاذ والفحم، ومن تسعة أعضاء. وكلّفت عام 1952م بتحضير- دستور سياسي أوروبي. وتبنت هذه الجمعية مشروع معاهدة يتضمّن نظام الأسرة الأوروبية ذات الطابـع "فوق القومي" يكون لها نظام: برلمان من مجلسين نواب وشيوخ، ومجلس تنفيذي مسئول أمـام البرلمان، ومجلس وزراء وطنيين، ومحكمة عدل، ومجلس اقتصادي واجتماعي. ولكن المشروع اصطدم بتحفظات كثيرة فتراجعت عنه فرنسا عام 1954م بعد أن رفضها البرلمان الفرنسي وعادت إلى أسلوب التكتل الاقتصادي. فاجتمع مؤتمر الوزراء الستة في مسينا عام 1955م، وأعقب هذا الاجتماع ثمانية اجتماعات أخرى أسفرت في النهاية عن وضع مشروع "السـوق الأوروبية المشتركـة" في الاجتماع الثامن بروما عام 1957 م. ووقّعت المعاهدة. ووافقت اللجنة على نقطة ركزّت عليها فرنسا وهي: "إدخال ما وراء البحـار في السـوق المشتركة". وقد تولىّ أمرها سلطة عليا هي: مجلس الوزراء، ويساعده لجنة أوروبية تتألف من خبراء تكلّف بتحضير عمل الوزراء. وأصبحت السوق الأوروبية المشـتركة، والأسرة الأوروبية للفولاذ والفحم مؤلفة من (14)، برلمانياً، تعطي آراءهـا بأكثرية الثلثين في مراقبـة اللجنـة الأوروبية وتساعـدهـا: اللجنـة الاقتصادية والاجتماعية، واللجنة النقدية، وتوجد محكمة عدل، وبنك أوروبي للتوظيف برأسمال قدره مليار دولار . وأعلنت المجموعة أهدافها في :
أ- إزالة التعرفة الجمركية بين الدول الأعضاء تدريجياً وعلى مراحل وضّحتها وبيّنتها، وسارت في تطبيقها.
ب- إقامة تجارة فيما بين دول السوق، وفتح الحدود تدريجياً لحركات العمال، ورؤوس الأموال، عبر الحدود الوطنية .
ج- وتخضع بلاد ما وراء البحار التي تُقبل في هذه المجموعة للتجربة لمدة خمس سنوات.
ووقّعت سبـع دول أوروبية على ميثاقها هي: فرنسا، وألمانيا الغربية، وإيطاليا، وهولندة، وبلجيكـا، ولوكسمبورغ، والدانمارك. وانضمت لها ايرلندا عام 1963 م، وبريطانيا عام 1967 م.
وكـانت بريطانيا قد تزعمت منافسة هذا السوق في بداية الأمر وكَوّنت: "الرابطة الأوروبية للمبادلة الحرّة" بزعامتها عام 59 19 م، ووصفت السوق الأوروبية: "بالحصار القاري". وتكونت الرابطة من: بريطانيا، والدانمارك، والنرويج، والسويد، والبرتغال، والنمسا، وسو يسرة. ولكن الرابطة فشلت لعدم تجانسها، وتبعثرها الجغرافي ، ثم لاتجاه زعيمتها "بريطانيا" للسوق الأوروبية المشتركة.
هذا وقد حقّقت السوق الأوروبية النجاح على أكثر من صعيد، وأصبحت واضحة الأثر في الحياة الأوروبية اليومية، رغم ما كان بين دولها من تاريخ دموي حافل بالحروب، والضغائن، والإثارة منذ ما قبل حروب نابليون إلى الحرب العالمية الأولى ثم الثانية . فقد نجحت هذه الدول في تأمين أرضية مشتركة لتنسيق الأهداف والبرامج، ودمج المصالح، ومنـع التعـارض والتضـارب والتنافس فيما بينها. فأدى ذلك إلى تحقيق نوع من التكامل الاقتصادي الأوروبي، الذي أدّى بدوره إلى نوع من التطور السياسي والعسكري بحيـث أصبحت السياسات الدفاعية الخارجية، والداخلية لمختلف دول السوق شبه موحدة .
ونرى في الآونة الأخيرة (ويا للأسف) تهافت أكثر من دولة من دول بلاد الإسلام على طلب الانضمام إلى السوق الأوروبية بهدف الإفادة من عضويتها الآنية، دون النظر إلى أبعاد ذلـك على التأثيرات على عالم الإسلام، واستغلاله لمصالح تلك الدول الصناعية. التي نجحت في التحكم في أسعار المواد الأولية التي في معظمها في بلاد الإسلام، كما نجحت في، رفـع أسعار المـواد المصنّعة المصدّرة إلى بلاد الإسلام. فأثر ذلك كثيراً على أوضاع بلاد المسلمين، وعلى نقدها.
سادساً: حول الكومنولث :common wealth
ابتكرت بريطانيا نظام الكومنولث (رابطة الشعوب التي تتكلّم الإنجليزية) لتحافظ على نوع من السلطة على البلاد التي كانت تسيطر عليها، وبدأت تكوينه مع كندا عام 1867م، بعد أن نجحت في صدّ الولايات المتحدة عنها .
وبعد الحرب العالمية الأولى رسمت سياسة أسمتها: "التفضيل الإمبراطوري" لتحقيق لون من ألوان الاكتفاء الذاتي الاقتصادي والسياسي، بالتضامن مع مستعمرات الدومنيون، ومستعمرات التاج. وقد قبل المؤتمر الإمبراطوري عام 1930م تقرير بلفور الذي أعلن فيه أن بريطانيا وممتلكاتها المستقلة متساوية في حقوقها في الحكم الذاتي داخل نطاق الإمبراطورية البريطانية، ولكنها جميعاً ترتبط بالتاج برباط الولاء المشترك، وقد عبّر عن هذه المبادئ دستور وستمنستر عام 1931م الذي نصّ على قيام الكومنولث البريطاني، المكوّن من أقطار مستقلة مرتبطة ببعضها برباط المواطنة إلى رابطة الشعوب البريطانية . وبيّنت هذه السياسة في مؤتمر رؤساء وزارة الإمبراطورية الذي عقد في أوتاوا (كندا) عام 1932م. وكانت الأراضي الخاضعة للتاج البريطاني تنتمي إلى ثلاثة أقسام وزارية كبيرة حتى عام 1944م وهي:
أ- وزارة الدومنيون، وتشرف على كندا، واستراليا، وزيلندة الجديدة، واتحاد جنوب أفريقيا، ودولة ايرلندا الحرّة. وكان لجنوب أفريقيا وضع خاص، على أساس النظام الذي وضع عام 1926م، على أساس المساواة، والاستقلال الذاتي، والولاء للتاج البريطاني. ولما تحررت الدول تلك من الرقابة البريطانية بقيت تقيم مع بريطانيا علاقات خاصة فتحولت وزارة الدومنيون إلى: وزارة الشئون الخارجية المكلفة بعلاقات مع الأسرة.
ب- وزارة الشئون الهندية ( مع وزارة برمانيا الملحقة بها) وكانت تدير سياسة الهند، ومسئولة أمام برلمان وستمنستر عن حكومة الهند، وتتّخذ القرارات مباشرة دون الرجوع إلى زعماء البلاد، مع أن بريطانيا كانت قد وعدت الهند بنظام الدومنيون منذ عام 1917م.
ج- وزارة المستعمرات: وكانت تشرف على مستعمرات بريطانيا في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وجزر الهند الغربية، والمحيط الهادي، والبحر الأبيض المتوسط. ولم يعرض على بساط البحث تحويل هذه المستعمرات إلى دومنيون.
فالكـومنـولث ضم البلاد التي تشرف عليها وزارة الدومنيون، والتي أصبحت عام 1944م ذات سيادة كاملة.
وقد مرّ الكومنولث بعصره الذهبي بين عامي 1927-1954م، وأطلق عام 1947م على وزارة الـدومنيون اسم: "وزارة العـلاقـات مع الكومنولث". وهي التي ورثت عام 1966م جميع علاقات المملكة المتحدة مع بلاد إمبراطوريتها القديمة، قبل أن تنصهر عام 1968م مع وزارة الخـارجية . فأصبح الكومنولث يدل على رابطة دول حرّة مستقلة ومتسـاوية ضمت عام 1968م: المملكة المتحدة، وكندا، واستراليا، وزيلندة الجديدة، والهند، وباكستان، وسيلان، وغانا، وماليزيا، ونيجيريا، وسيراليون، وقـبرص، ومالطة، وتـانـزانيا، وجامايكا، وترينداد ، وتوغو، وأوغندة، وكينيا، ومالاوي، وزامبيا، وغامبيا، وسنغافورة، وغوايانا، وليسوتو، وبوتشوانا، و بارباد، والمالديف، وناورد، وساموا الغربية، وجزيرة موريشيوش، وسوازيلاند. كـما يدل على توابع المملكة المتحدة، وبعض المستعمرات أو المحميات.
هذا وقد أضيف إلى حق الاشتراك في الكومنولث حق الخروج منه، كـما فعلت بورما (بـرمانيا) عام 1948 م، وأيرلنـدة عام 1949 م. وانضمت الهند وسيلان عام 1949 م، وباكستان عام 1948 م .
ولم يكن للكومنولث سلطة تنفيذية اتحادية، ولا سلطة تشريعية فكانت بريطانيا هي المهيمنة عليه. وشهد ضعفاً شديداً بعد عام 1968م لأسباب نوجزها فيما يلي:
1- التنظيمات الجديدة التي شهدتها أوربا ومواثيقها العسكرية.
2- نفوذ الولايات المتحدة وروسيا ودورهما في محاولات الحلول محال النفوذ البريطاني والفرنسي. والتكتلات الجديدة التي تزعمتها روسيا والولايات المتحدة.
3- ظهور كتل أخرى بمساندة الولايات المتحدة وغيرها مثل: ميثاق دفاع بـين: استراليا، وزيلندة الجديدة، والولايات المتحدة، ومنظمة معاهدة جنوب شرق آسيا التي ضمت: إندونيسيا، وتايلاند، والفليبين، وماليزيا، وبروني.
4- سياسة التمييز العنصري في أفريقية الجنوبية، وموقف بريطانيا الحرج في ذلك أمام دول الكومنولث.
5- الاعتداء الثلاثي على مصر عملية السويس- عام 1956م، حيث اشتركت بريطانيا مع فرنسا ودولة اليهود في مهاجمة مصر. فسبّب ذلك تصادمات عنيفة بين بريطانيا وأعضاء دول الكومنولث.
6- وأخيراً اتجاه بريطانيا للقارة الأوروبية ، وتشابك مصالحها وتناقضها مع كثير من مصـالـح دول الكومنولث. وضعفها الاقتصادي الذي جعلها بحاجة ماسة إلى أمريكا. ففقدت زعامتها وقيادتها، وبالتالي ضعفت أهمية الكومنولث وفقد فعاليته. وخاصة بعد أن أثبتت بريطانيا عجزها عن مسابقة أمريكا والاتحاد السوفييتي في مجال السباق الذري والفضائي .
سابعاً: جامعة الدول العربية
وهي منـظمـة إقليمية أنشئت عام 1945م من أجل مزيد من التعاون السياسي، والاقتصادي، والثقافي بين الدول العربية المستقلة. وأعضاؤها اليوم اثنتان وعشرون دولة هي: المملكة العربية السعودية، والكويت، والبحرين، وقطر، وعُمان، واليمن الشمالية، واليمن الجنـوبية، والإمـارات العـربية، والأردن، وسـوريا، ولبنـان، والعراق، ومصر، والسـودان، والصومـال، وجيبـوتي، وليبيا، وتونس، والجـزائر، والمغرب، وموريتانيا. بالإضافة إلى فلسطين. وكان مقرها القاهرة، وانتقل إلى تونس عام 1979م بعد اعتراف مصر بالكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
كان عقد المسلمين قد انحلّ، وتبعثر بعد الحرب العالمية الأولى [1914- 1918م]، وإلغـاء الخلافة العثمانية رمز الوحدة الإسلامية، وقسمت بلاد الإسلام ومنها العربية إلى مستعمرات حكمها الإنجليز والفرنسيون والإيطاليون، ولم يبق من يتمتع باستقلاله إلاّ: المملكـة العـربية السعودية، واليمن الشمالية، وأفغـانستان وأخذت الاتجاهات الوطنية والإقليمية تجد لها صدى بين شعوب العالم الإسلامي تحت شعارات: الاستقلال، والحرية، ومكافحة الاستعمار، إلى جانب الاتجاهات الإسلامية التي لا يمكن إغفالها.
وبدأ تقارب البلاد العربية على الصعيد الدبلوماسي بمعاهدة الإِخاء والتحالف بين المملكـة العربية السعـودية والعـراق عام 6 193 م، وتنص المـادة السابعة منها: "يتعاون الفريقان المتعاقـدان الساميان على توحيد الثقافة الإسلامية والعربية، والأساليب العسكرية في بلادها، بتبادل بعثات علمية وعسكرية للاطلاع على الأساليب المتبعة في المملكتين، وتوحيد ما يمكن منها، والاستفادة من المعاهد السلمية والعسكرية والتدريب بها..." وتركت المعاهدة الباب مفتوحاً أمام الدول العربية الأخرى، فاشتركت فيها اليمن عام 1937م. كما عقدت معاهدة صداقة بين المملكة العربية السعودية ومصر في عام 1936م في القاهرة وأقامت هذه المعاهدة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لأول مرة، كمّا ألفت خطوة نحو تقارب البلاد العربية.
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية ( 1939 - 1945م ) برزت مشاريع تدعو لوحدة بعض الأقطار العربية قبل مشروع الجامعة العربية ومنها:
أ- مشروع سوريا الكبرى الذي نادى به الأمير عبد الله بن الحسين أمير شرق الأردن.
ب- مشروع الهلال الخصيب: ( وحدة بلاد الشام والعراق ) الذي نادى به نوري السعيد رئيس وزراء العراق عام 1942م.
وكانت بريطانيا قد واجهت أحلك الظروف في الحرب العالمية الثانية، ووقفت وحدها أمام دول المحور بعد استسلام فرنسا لهتلر، وقبل دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانبها. كما كانت ألمانيا تحاول استشارة العرب ضدها بإطلاق الوعود. فخشيت بريطانيا انفلات الأمر من يدها، كما خشيت أن يتجه العرب إلى الاتجاهات الإسلامية، وهم بحكم وضعهم ولغتهم من الممكن أن يسلّم لهم العالم الإسلامي بالزعامة. هذا بالإضافة إلى أن بريطانيا كانت ترغب في إقامة منطقة نفوذ اقتصادية في الشرق الأوسط كله، فرغبت بالتالي في تمهيد الطريق أمام تقارب العرب فيما يشبه الحلف أو التضامن يسهل عليها التعامل معهم، من مركز واحد، كما كانت ترغب في انتزاع لبنان وسوريا من فرنسا ليخلوا لها الجوّ . علاوة على أنّها بتبنيها أماني العرب في الوحدة تحقّق هدفاً غالياً عند العرب طالما تمنوه وعملوا من أجله، ويزيل ما علق بنفوسهم من حقد على بريطانيا لموقفها من فلسطين وتهويدها، وتبنيها للصهيونية. من أجل ذلك كلّه كان تصريح "إيدن" رئيس وزراء بريطانيا عام 1941م في مجلس العموم البريطاني، وجاء فيه:
(لهذه البلاد- بريطانيا تقاليد طويلة من الصداقة مع العرب، وهي صداقة قد أثبتتهـا الأعمال، وليست الأقوال وحدها، ولنا بين العرب عَدد لا يُحصى ممَّن يرجون لنا الخـير، كـما أن لهم هنا أصدقاء كثيرون، وقد قلت منذ أيام في مجلس العموم أن حكومة جلالته تعطف كثيراً على أماني سوريا في الاستقلاَل، وأود أن أكرر ذلك الآن، ولكني سأذهب إلى أبعد من ذلك فأقول: إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمتّ عقب الحرب الماضية. ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من الوحدة أكثر من الدرجة التي يتمتعون بها في الحاضر، وهم إذ يحاولون بلوغ هذه الوحدة، يعتمدون على مساعدتنا. وهذا النداء الصادر عن أصدقائنا يجب ألا يبقى دون جواب ويبـدو لي أن من الطبيعي والعادل معاً أن تقوى الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية، وكذا الروابط السياسية. وإن حكومة صاحب الجلالة من جانبها ستبذل مساعدتها التامة لكل خطة يمليها اتفاق عام) .
وقد أعقب هذا التصريح جهود عربية لم تتعدّ نطاق الاستشارة أو المكاشفة والمداولة التي لم تتّخذ أية صفة رسمية عملية .
وجدّد "إيدن" تصريحه عام 1943م "بعطف بريطانيا على أماني العرب في الاتحاد على أن تكون المبادرة من العرب أنفسهم". وكانت ظروف التصريح الجديد تختلف عن ظروف سابقـه: فدول المحـور ابتدأت بالتراجع، والحلفاء يتقلّبون من نصر إلى نصر، والصهيونية تكيد لفلسطـين وتكشّر عن أنيابها، والفرنسيون يتشبّثون بسوريا ولبنان والجوّ العربي لا يخلو من سوء التفاهم . فبادر النحاس باشا رئيس الوزراء المصري إلى الاتصال بزعـماء العرب عام 1944م، وتمت عدة لقاءات ومشاورات أسفرت عن مشروع وحدوي واسع في بروتوكول الإسكندرية (مؤتمر الإسكندرية) الذي جمع في 7 تشرين الأول عام 1944م الدول العربية: مصر، والمملكة العربية السعودية، وسورية، ولبنان، والأردن، واليمن، والعراق.
ولكن المشروع "شبـه الاتحـادي" الـذي أقره بروتوكـول الإسكندرية اصطدام بالتحفظات فأسفر عن ميثاق من نوع المنتدى الدبلوماسي بروابط مرنة، ورخوة، وهو ميثاق جـامعة الـدول العربية . وقعت عليه الدول العربية في 22 من آذار عام 1945 م. والواقع أن بعض التحفظات كان لا بدّ منها عند بعض الدول، وكمثال على ذلك:
من بين أه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة وأثرها على العالم اإسلامى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: السنة الثانية ماستار ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1