الفكر الاجتماعي في العصر الحديث
الحلقة الثانية عشر :
مدرسة فلسفة الفكر السياسي
يوسف حجازي
يعتقد معظم الفلاسفة السياسيين ان ميكافيلليي وهوبز وبودان ولوثر هم أول المفكرين الذين نظروا للتغيير في الحياة السياسية في أوروبا ، وأول من مهدوا الطريق للدراسات السياسية في أوروبا ، وأول من أدركوا حقيقة القوى الفاعلة في ايطاليا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا ، وأول من فسروا السياسية تفسيرا جدليا يختلف عن تفسير العصور القديمة والعصور الوسطى ، وأول من قالوا ان ميدان السياسة هو ميدان القوة الأنانية والسيطرة ، ولكنهم وفي نفس الوقت اعترفوا بدور السلطة في حفظ الأمن والنظام ، ميكافيللي الذي وضع حجر الأساس في الفكر السياسي الحديث ، وهوبز الذي طور فلسفة ميكافيللي السياسية الى الدرجة الذي خرج منها الفكر الليبرالي ، وذلك بالإضافة الى نظريات عصر التنوير وخاصة نظرية جان جاك روسو في العقد الاجتماعي ، ونظرية مونتسكيو في الفصل بين السلطات ، وقد أدت هذه النظريات وخاصة نظرية العقد الاجتماعي ونظرية الفصل بين السلطات الى قيام الثورة الفرنسية ، وأدت الثورة الفرنسية بالإضافة الى الثورة الصناعية والحركة الاستعمارية والتوسع العمراني الى ظهور الرأسمالية ، وادي ظهور الرأسمالية الى التغيير في تركيبة المجتمعات الأوروبية بنائيا وهيكليا ، وقد أدى ذلك كله الى بداية تكوين الفكر الاشتراكي والشيوعي ، والحركات السياسية الأخرى وخاصة الحركات اللاسلطوية والحركات النقابية والحركات التي تدعو الى تعدد الأحزاب وسيطرة الطبقات العاملة على الحكم ، وفي ذلك الوقت الذي كانت قارة أوروبا تشهد قيام اكبر ثورة ديمقراطية أوروبية وهي الثورة الفرنسية ، وأميركا الشمالية تشهد قيام اكبر ثورة ديمقراطية في العالم الجديد وهي الثورة الأميركية ، كان الكاتب السياسي المفكر البريطاني المحافظ ادموند بيرك ( 1729 – 1797 ) يصدر في عام 1870 كتابه تأملات في الثورة الفرنسية الذي يهاجم فيه الثورة الفرنسية ، لأنه لم يكن يؤمن بدور الثورة على تطوير المجتمعات ، لأن المجتمعات لا تستسيغ التغيرات السريعة بسهولة ، ولكنه كان يؤمن بالتطور الطبيعي للمجتمعات ، لأن التطور الطبيعي للمجتمعات كما يقول بيرك هو التطور الوحيد الذي يمكن ان تستسيغه المجتمعات ، ولأن التطور الطبيعي هو التطور الوحيد الذي يمكن أن يسير بالمجتمعات نحو الكمال ، ولأن الطبقة الوحيدة الذي يمكن ان تكتشف هذا التطور هي الطبقة الارستقراطية ، خاصة وان أوروبا في ذلك الوقت كانت حديثة عهد بالأحزاب السياسية ، لأن الأحزاب السياسية ظاهرة حديثة برزت بعد القضاء على النظام الإقطاعي وبروز النظام الرأسمالي ، ولذلك تشكلت الأحزاب في قارة أوروبا بعد عام 1850 كما يقول المفكر الفرنسي موريس دو فيرجيه ، وبالإضافة الى الهجوم على الثورة الفرنسية وأسبابها كان بيرك يرفض فكرة الحقوق الطبيعية لأنها كما كان يقول فكرة مجردة لا تقوم على حقيقة ، لأن العلاقات الاجتماعية وجدت مع وجود الإنسان وليس بعد وجود الإنسان ، ولذلك كان بيرك يعتبر أن فكرة حقوق الإنسان هي مجرد فكرة من اختراع جان جاك روسو وجون لوك ، ولكن ومع ذلك كان بيرك يرى أن العلاقات في المجتمعات علاقات متغيرة تتغير مع حاجات المجتمعات ، ولذلك كان بيرك يعترف بأهمية الرأي العام ويعتبره السند الأول للدولة ، ولذلك كان لا يتردد في الدفاع عن شعوب المستعمرات الأميركية وحقوق الهنود الحمر وضرورة حمايتهم من استغلال الشركات التجارية البريطانية الكبرى ، ولكنه من جهة ثانية كان يرى ان السيادة في بريطانيا ليست ملكا للشعب ولا يمكن ان تكون ملكا للشعب ، لأن الشعب لا يستطيع ان يقوم بأعباء الحكم ، ولكنه كان يرى أن مطالب الشعب إذا توافقت مع استمرار الحكم والدستور والقانون ومبادئ العدالة والعقل تصبح بمثابة قوانين تقيد الطبقة الحاكمة ، وهكذا تكون السيادة هي سيادة البرلمان الذي يمثل دور الشعب في السيادة ، وكان بيرك هو الذي ابتكر مصطلح السلطة الرابعة في القرن الثامن عشر عندما كان نائبا عن حزب اللويج وهو حزب من تأسيس كبار ملاك الأراضي الذين كان لعبوا دورا بارزا في تطوير الرأسمالية الوطنية من خلال التوسع في الصناعة والتجارة وهو( أصل الليبرالية الحديثة ) وهو اسم يطلق على الأحزاب السياسية في بريطانيا واسكتلندا والولايات المتحدة الأميركية ، وكلمة ويج كلمة اسكتلندية كانت تطلق على سكان غربي اسكتلندا الذين كانوا يعارضون سياسة الملك تشارلس الأول قي عام 1648، ولكن بداية لا بد من الإشارة إلى الفرق بين العلم والفلسفة ، فالعلم هو الحقائق المعملية الثابتة التي تقاس بمقياس المادة ، والفلسفة هي الفرضيات العقلية في مجال النفس والمجتمع ولا تقاس بمقياس المادة ، كما انه من الضروري أيضا الإشارة إلى قول ديكارت ( ليس في نطاق الفلسفة امرأ واحدا ليس موضع خلاف ) والى قول ج . و . برمسون ( أن قول ديكارت يصدق في القرن العشرين صدقه في القرن السابع عشر ) وقول هايدين ( أن الحقيقة التي طفق الإنسان يبحث عنها دهورا هي روحانية في وجودها والروح لا يدركها العقل ) واستنادا إلى ذلك كله نستطيع أن نقول أن الفلسفة في الأصل والنهاية رد فعل لنفس الفيلسوف ومجتمعه وعصره ، ولذلك نرى أن النظريات الفلسفية تختلف من فيلسوف إلى آخر ، ومن عصر إلى آخر ، ومن بيئة إلى أخرى ، وهو ما أدى إلى تبلور الفكر الاجتماعي في عدد من المدارس ولاتجاهات التي حاولت ولا تزال تحاول أن تبحث في نشأة المجتمعات والتغيرات التي طرأت عليها ، والقواعد والمبادئ والقيم التي يجب أن تقوم عليها ، والنظم التي تنظم العلاقات بين أفراد المجتمع من جهة ، وبين أفراد المجتمع والسلطات الحاكمة من جهة أخرى منذ بدء ظهور الحضارة الإنسانية قبل ستة آلاف عام ، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما سبق أن أشرت إليه في مقالي السابق ( الفكر الاجتماعي في عصر النهضة ) من أن الفكر الاجتماعي لا ينفصل عن غيره من القضايا الفكرية ، ولكنه رافد من روافدها ويمتزج فيها كما يمتزج ماء الجدول الصغير في مياه النهر الكبير ، وانه أيضا يتكون من فكرة وبناء ، الفكرة رأي ومبدأ والبناء جهاز يساعد الفكرة ويزودها بالوسائل التي تنقلها من نطاق الفكرة إلى نطاق الفعل بالطريقة التي تخدم المصالح الإنسانية ، وذلك بالإضافة إلى أن نسبة الفكر الاجتماعي إلى عصر من العصور ليست أكثر من محاولة لوضع العناصر الأساسية للفكر الاجتماعي في عصر محدد في إطار زمني محدد يميزها إلى حد ما عن غيرها من العناصر التي تنسب إلى عصر آخر ، لكن ذلك لا يجوز أن يكون سدا يفصل بين عناصر الفكر الاجتماعي في كل العصور في الاتصال والتفاعل ، كما انه لا يجب أن يعني أن ما جاء به فلاسفة العصر الحديث من نظريات في موضوع نشأة المجتمع وتطوره والعلاقة بين الحاكم والمحكومين اكتشافات جديدة غير مسبوقة ، ولكنها كانت حلقة في سلسلة حلقات مترابطة ومتصلة ترجع إلى بداية ظهور الحضارة الإنسانية ، ولكن من الإنصاف لا بد أن نشير إلى أن الفكر الاجتماعي الحديث الذي بدأ مع سقوط حصن الباستيل في باريس في 14 تموز 1789 قد اتخذ طابعا أكثر اتساعا وخاصة فيما يتعلق بالنظريات التعاقدية والأساس الاجتماعي وشكل الحكم والمعرفة والأخلاق والكون والإنسان والحياة ، وذلك بالإضافة إلى تعدد وجهات النظر التي تتخذ سمات الإيديولوجيات المتناقضة ، والتي لا تعدو عن كونها وجهات نظر شخصية قابلة للتعديل والتغيير لأنها تتسم برد الفعل وتأثير البيئة والظروف ، خاصة وان هذا العصر غنى بالأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثورات والأحلاف والقواعد العسكرية والحروب الإقليمية والعالمية والنظريات الإيديولوجية والمفكرين والفلاسفة والمدارس الفكرية والاتجاهات والمذاهب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ومن أهم هذه المدارس مدرسة الثورة الفرنسية الذي كان من ابرز مذاهبها ، مذهب التطور الطبيعي للفيلسوف ادمون بيرك ، ومن الجدير بالذكر أن ادمون بيرك هو الذي ابتكر مصطلح السلطة الرابعة في القرن الثامن عشر عندما كان نائبا لحزب اللويج أصل الليبرالية الحديثة الذي أسسه أصحاب الأراضي ومتطوروا الرأسمالية الوطنية بتوسعهم في الصناعة والتجارة ، ومذهب السعادة للفيلسوف جرمي بنثام ( 1748 – 1832 ) الذي كان محور فلسفته يقوم على قاعدة أن الطبيعة الحرة للإنسان وضعته تحت سلطة حاكمين سيدين هما الألم والمتعة ، ولذلك كان يرى أن المبدأ الذي يتحكم في سلوك الإنسان هو تجنب الألم والبحث عن اللذة ، وأن الأخلاق والقوانين هي نتاج سعي الإنسان لإنتاج اكبر طاقة من السعادة ، وأن عمل الحكومة لا يتحقق إلا بتحقيق التوازن بين سعادة الفرد وسعادة المجتمع ، ولكن في ظل حكومة جمهورية تحقق اكبر سعادة لأكبر عدد من المواطنين ، وقد كتب في الاقتصاد والربا والمنفعة والقانون والعدالة والسجون وفكر في إصلاح كل شيء ، وتذمر من العملاقين الغولين المنطق والقانون وكره التجريدات الوقعة ، والمجردات كالواجب والشرف والسلطة والحق وأراد أن يحولها إلى حقائق شخصية محددة وان يفحص كل شيء ليعرضه على الحقيقة من خلال وجهة نظر موضوعية ولذلك نجده يسأل
ما هو الحق ؟
هل هو حق طبيعي مرتبط بنا منذ الميلاد كما افترض إعلان حقوق الإنسان الذي أصدرته الثورة الفرنسية ؟
هل هو مجرد حرية فردية تابعة للصالح العام أو في إطار الصالح العام ؟
وما هي المساواة ؟
وهل يوجد شيء اسمه مساواة خارج نطاق المفاهيم الرياضية المجردة ؟
وهل التفاوت في المساواة في القدرات والممتلكات والسلطة قدر لا فكاك منه لكل كائن حي ؟
وما هو القانون الطبيعي ؟
وما هي الحصافة ؟
وما هي الفطرة السليمة ؟
كل هذه المجردات في رأى بنثام مجرد كلام لا معنى له وهي مجردات تضلل الجامعات والبرلمان والمحاكم ، ومذهب الكفاية والعمل للفيلسوف هنري سيمون ( 1760 – 1825 ) الذي اشترك في الثورتين الأمريكية والفرنسية ، وقد كان محور فكره السياسي والإصلاحي والاجتماعي يقوم على قاعدة إقامة نظام اجتماعي قوامه الكفاية والعمل عن طريق التقدم في وعي المعرفة ، وإحلال النظام الصناعي العلمي محل النظام الإقطاعي الديني ، وملكية الدولة لأدوات الإنتاج وتأميم الأرض وإلغاء الميراث وحصر الملكية الخاصة بالسلع الاستهلاكية ، وتحويل الصراع من صراع بين الطبقات إلى صراع ضد الطبقة ، وهنا يجب الإشارة إلى أن أفكار سيمون كان لها الأثر الأكبر في الفكر السياسي ، لأن سان سيمون كان يرى أن التاريخ وحدة مستمرة ، وأن دراسة الحاضر لا تكون إلا على ضوء دراسة الماضي ، ولأنه كان يؤمن بالتطور المطرد للإنسانية ، ولأنه دعا إلى دراسة أسباب الثورات ، ولأنه كان يرفض التفسيرات التقليدية للتاريخ ، ولأنه كان يؤكد على دور السببية في تطور مسار التاريخ ، ولأنه كان يؤكد على إمكانية استشراف المستقبل على ضوء الحاضر ، ولأنه كان يعتقد بأن التغيير في النظام الاجتماعي يجب أن يؤدي إلى التغيير في نظام الملكية ، ولأنه كان يعتقد في ازدواجية المعرفة والصناعة وعدم قيام هذه الازدواجية إلا في ظل السلام ، ولأنه كان يعتقد أن الإنسان حين يعمل على تنمية مصلحته الشخصية فإنه غالبا ما ينمي وبفعل بيد خفية – مصالح المجتمع ، ذلك أنه لو أزيلت النظم كلها فإن نظام الحرية الطبيعية الواضح والبسيط يثبت وجوده بمحض إرادته ، ولذلك كله اقترح إنشاء برلمان أوروبي يمثل فيه زعماء الدول شعوبها ، وإنشاء جمعية عامة تعمل على ضمان العمل للقادرين على العمل ، ولذلك اقترح أن يحكم العلماء الدولة وأن الوسيلة إلى تحقيق ذلك هي الإقناع عن طريق الكتابة والحديث ، وقد أدت به أفكاره هذه إلى السجن في فرنسا ، وقد كتب ماركيوز ( 1898 – 1979 ) في كتابه العقل والثورة أن كتابات سان سيمون تتضمن أفكار تسير في طريق عكس طريق الرأسمالية الصناعية لأنه كان يعتقد أن الصراع بين الطبقات يجب أن يتحول إلى صراع ضد الطبقة الحاكمة ، وان شكل الحكومة الذي كان يدعو إليها سان سيمون لم يكن هو الشكل الذي يسيطر فيه الحكام على رعاياهم ، ولكنه كان شكلا تمارس فيه الحكومة إدارة تكتيكية على العمل الذي يجب على الحكومة أن تقوم به ، ومذهب المساواة المطلقة للفيلسوف فرنسيس باييف ( 1764 – 1797 ) الذي اشترك أيضا في الثورة الفرنسية فكريا وعمليا مثل هنري سان سيمون ولكن الأمر بالنسبة له لم يقف عند حد السجن كما حدث مع هنري سان سيمون فحسب ولكنه تجاوزه إلى حد الإعدام في المقصلة ، لأنه شكل حركة سرية كانت تهدف إلى قلب نظام حكومة الإدارة ، وقد كان محور مذهبه يقوم على قاعدة المساواة المطلقة التدريجية ، لأن السعادة لا يمكن أن تتحقق إلا بالمساواة المطلقة التدريجية التي تبدأ بتأميم المؤسسات والشركات التجارية والعقارية وتركات المتوفين ، أما بخصوص الدولة التي اقترحها فرنسيس باييف فهي دولة الإنتاج والعمل التي يديرها موظفون منتجون يتمتعون بالحقوق السياسية التي تفرض على كل المواطنين المنتجين الوحدة في الزى والطعام ، ومذهب الاجتذاب العام للفيلسوف شارل فرنسوا فورييه ( 1772 – 1837 ) الذي كان محور مذهبه يقوم على افتراض أن الإنسان حتى ولو كان سيئا إلا انه يخضع لنظام طبيعي يتناسق مع نظام النجوم والكواكب وهو ما أطلق عليه اسم قوة الاجتذاب العام الذي هو عبارة عن طاقة كامنة في العالم تجذب الناس وتوحدهم ، ولذلك دعا إلى البحث عن نظام اجتماعي يتكيف مع طبيعة الأفراد ويتيح لهم التعبير عن انفعالاتهم حتى يظلوا متجانسين متناسقين ، وقد صنف هذه الانفعالات إلى اثني عشر نوعا من الانفعالات وهي الحواس الخمس ، الصداقة ، الحب ، العطف العائلي ، الطموح ، التخطيط ، التغيير ، الوحدة ، وهذه الثلاثة سماها الانفعالات التوزيعية ، وتمتزج هذه الانفعالات جميعا في نضال واحد هو حب الآخرين ووحدة المجتمع ، ولذلك افترض قلة حاجة المجتمع إلى حكومة لأن الإنتاج يمكن أن تشرف عليه جماعة من الموظفين ينتخبهم الشعب ، لكن من الجدير بالذكر أن " فورييه " اعتبر أن التفاوت الطبقي ليس من شأنه أن يخل بانسجام المجتمع وذلك بسبب التناسق والتجانس بين الأفراد الناتج عن قوة الاجتذاب العام ، لكن ولأن الفكر الاجتماعي وتطوره يرتبط بأحداث تاريخية إستراتيجية ومفصلية تشكل حدا فاصلا بين عصرين لذلك أدت الثورة الصناعية في بريطانيا إلى ظهور طائفة من المفكرين الاجتماعيين الذين نادوا بالاشتراكية ومن أبرزهم المفكر الاجتماعي سبنس الذي نادي بإعادة الاشتراكية في ملكية العقارات لأن ملكية الأرض كانت مشتركة في الدولة الطبيعية ، ولأن أسباب النزاع بين الأفراد لا ترجع إلى أشكال الحكم ولكن إلى الفقر والبؤس الاقتصادي ، والمفكر الاجتماعي اوجيفلي الذي استنتج من القانون الطبيعي أن لكل فرد نصيب من الأرض ، واعتبر أن ازدياد قيمة الأرض بفضل عمل الفرد يمنحه حق التصرف فيها ، والمفكر الاجتماعي توماس باين ( 1737 – 1809 ) وهو أبو الفكر الوسطى الذي لم يتحول إلى حزب والشخص الذي اقترح اسم الولايات المتحدة الأمريكية ، كما انه هو الذي فرق بين حقوق الفرد في الأرض والحقوق الناتجة عن تحسينها فاعتبر أن الأرض ملكا للجماعة والتحسينات ملكا للأفراد ، واقترح أن تعطي الدولة إلى من لا يملكون ارض تعويضا تستوفيه من ضرائب التركات ، والمفكر الاجتماعي البريطاني وليم غودوين ( 1756 – 1836 ) الذي اعتبر أن الحكومة هي نتاج رذائل البشر وانه يمكن الاستغناء عنها بالعدل والإنصاف والتعليم على الخير العام الذي هو قانون العقل ، كما دعا إلى إزالة نظام الملكية الخاصة وتشكيل مجتمع حر ينال فيه كل إنسان نصيبه العادل من الثروة العامة ، وإقامة عدالة سياسية علمانية صريحة ، والمفكر الاجتماعي تشارلس هال الذي اعتبره الكثير من المفكرين جسر الاتصال بين الفكر الطبيعي والفكر البروليتاري لأنه انتقد توزيع الثروة والاستغلال ، وارجع أسباب الحروب إلى العوامل الاقتصادية التي تهدف إلى زيادة حجم التجارة وكسب الأراضي وصرف الفقراء عن مشاكلهم ، والمفكر الاجتماعي لورد ايتون الذي تنبأ بالتقدم التكنولوجي وصنع القنبلة الذرية ولكن في صورة إيتوبية خيالية ، والمفكر ادوار بيلامي الذي دعا إلى التأميم وإلغاء التجارة والأجور والنقود لتمكين الأفراد من الحصول على حاجاتهم بالتساوي من الإنتاج الوطني ، ولذلك انتقد الثورة الصناعية التي أدت إلى توجيه العمال إلى العمل في الصناعة دون سواها من القطاعات الإنتاجية الأخرى مما أدى إلى تضخم عدد الأيدي العاملة عن حاجة العمل مما أدى إلى ضيق مجال العمل واستغلال العمال ، ولذلك دعا إلى حرية الأفراد والى تمكينهم من التمتع بالحرية بالتساوي باعتبار أن ذلك يوفر السعادة والزيادة في الإنتاج ، والمفكر روبرت اوين ( 1771 – 1858 ) الذي دعا انطلاقا من تأثره بنظرية جرمي بنثام ( السعادة غاية المجتمع ) إلى إعادة تكوين المجتمع عن طريق المشاركة والتعاون بين الأعضاء للنهوض في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية ، ولكن في نطاق تأثير المحيط الاجتماعي على الفرد والتشريع كأداة للتقدم الاجتماعي ، وقد كان اوين يرى أن شخصية الفرد تعكس بيئته الاجتماعية ، ولذلك كان يعتقد أن البشر لا يختلفون عن البيئة التي يعيشون فيها وإذا ما تم تغيير هذه البيئة ستظهر جنة حقيقة على سطح الأرض ، لأن تطور البيئة الاجتماعية هي الوسيلة الأساسية للارتقاء بالوجود الإنساني ، وكان من شأن هذا المنطق أن يؤدي بأفكار اوين المبنية على نظريات أخلاقية ميتافيزيقية إلى الإشارة إلى مفهوم الصراع الطبقي ، والى الاستغلال في العمل والى ظروف العمل الصعبة وارتفاع عدد ساعات العمل ، وانخفاض الأجور وغياب الضمان الصحي والضمان الاجتماعي ، كما تضمنت هذه الأفكار الإشارة إلى دور العامل ، وقوة اليد العاملة ، وارتباط قيمة الأشياء بما تستغرقه من جهد ووقت وساعات عمل ، وقد حاول أوين أن يبرهن أن الحياة بدون قيود يمكن أن تستقيم وأنه يمكن تحقيق الشيوعية بصفة أنار كية لاسلطوية طوباوية ، ولذلك أسس مجتمع منتج يتكون من ألف شخص على مساحة ثلاثون ألف هكتار ، ولكن بدون ملكية أو زواج أو أديان ، وكانت النتيجة انتشار الفساد وأسوأ العادات في هذا المجتمع ، وهكذا استنتج اوين بعد فشل تجربته وضياع ثروته أنه لا يمكن تطبيق الاشتراكية إلا في ظل دولة قاهرة ، ولذلك دعا اوين الدولة بوصفها مؤسسة قائمة إلى تحقيق التنظيم الجديد للمجتمع والتشكيل النموذجي المنشود للشخصية الفردية ، وتعليقا على مشروع الجدول التاريخي في تقدم الروح الإنسانية الذي نشره وليم غودوين وكوندرسيه واستشرفا فيه رؤيا مستقبل حافل بالأخلاق والإبداع في ميادين الفكر والعلم يؤدي الى كشف ثروات جديدة ومجتمع منتج حر ينال فيه كل إنسان نصيبه العادل من الثروة كتب مالتس ( 1766 – 1834 ) كتاب ( مقال في قواعد ازدياد السكان ) في عام 1798 الذي نبه فيه الى خطورة الآثار الناجمة عن الزيادة المستمرة في عدد السكان ، وقال أن عدد السكان يجب أن يتحدد حسب كميات السلع الغذائية الضرورية لاستمرار الحياة ، كما أشار مالتس الى انه يجب الأخذ في الاعتبار الى أن كميات الغذاء تتزايد في شكل متوالية عددية ( 1 – 2 – 3 4 – 6 وهكذا ) وأن عدد السكان موجود دائما وفي جميع الظروف ، وأن السكان يتزايدون في شكل متوالية هندسية ( 1 – 2 – 4 – 8 – 16 – 32 وهكذا ) كما أشار الى انه يوجد نوعين من الموانع التي تعمل على الحد من الزيادة السكانية ، موانع موجبة ( قهرية ) تؤثر بشكل مباشر في تزايد عدد السكان وهي المجاعات والفقر والإمراض والحروب وهي تنتشر في الدول الفقيرة ( العالم الثالث ) وهي تقضي على جزء من السكان ويعود بعدها التوازن بين عدد السكان وكمية الغذاء ، وموانع وقائية ( إرادية ) وهي الامتناع عن الزواج أو تأجيله أو التعقيم الجنسي وتسود في الدول المتقدمة ( الدول الصناعية ) وينتج عنها في النهاية التوازن بين عدد السكان وكميات الغذاء ، وقد تعرضت نظرية مالتس الى الكثير من الانتقادات ومن أهمها أن مالتس لم يأخذ في الاعتبار المستوى الفني والاكتشافات العلمية التي أدت الى زيادة الانناج وبمعدلات اكبر بكثير من تلك التي توقعها ، كما انه لم يأخذ في الاعتبار الانتشار في المعرفة والوعي الثقافي والاكتشافات العلمية التي أدت الى تحديد النسل ( حبوب منع الحمل والوسائل العلمية الحديثة الأخرى ) ، وذلك بالإضافة الى القول أن معدل الزيادة في عدد السكان يفوق معدل الزيادة في المواد الغذائية ليس صحيحا دائما حيث نرى الآن وخاصة في الدول المتقدمة أن معدل الزيادة في إنتاج المواد الغذائية يفوق معدل الزيادة السكانية ، لكن ورغم أن سميث كان أبو الرأسمالية وريكاردو قائد الاقتصاديين الكلاسيكيين إلا أن سميث لم يكن محامي الرأسمالية ، وقد كان هذا الدور هو دور المفكر الاجتماعي الفرنسي مالتس الذي كان صاحب نزعة تشاؤمية ، ولذلك لم ترق له نظريات كونورسيه وغدوين وتوماس بين الذين شكلوا المدرسة الاجتماعية الطبيعية التي تؤمن بأنه إذا تمتع كل فرد بما أسموه حقوق الإنسان وأزيلت الحواجز الاصطناعية التي تعوق ذلك فإن عصرا مزدهرا أو يوتوبيا حقيقية تنتظر البشرية ، لأن الطبيعة حسب تعبيرهم وفرت لوازم السعادة لكل الناس وما عليهم الا أن يحسنوا اقتسامها ، ولكن لم ترق هذه النظريات إلى مالتس ، وقد قال المفكر الاجتماعي سول ( إن مذهب مالتس بسيط في جوهره ، فالتكاثر السكاني إن لم يحده قيد فإنه يؤدي إلى تزايد السكان وفقا لمتوالية هندسية في حين تكون الزيادة في المواد الغذائية ليست بهذه السرعة أو أنها بعبارة أخرى تسير حسب متوالية عددية ) ولذلك دعا مالتس إلى التعقيم الجنسي للحد من الزيادة السكانية بنسبة تفوق الزيادة في الإنتاج ، خاصة وان الأنظمة السياسية المعاصرة نظم استقلالية لا تقوم بأي عمل لسد احتياجات السكان ، كما أن مالتس لم يخف اعتراضه على حقوق الإنسان التي أعلنها توماس بين وقد رد عليه قائلا ( إن رجلا يولد في دنيا قد استولى عليها الناس من قبله وتملكوا خيراتها ولم يجد العون الطبيعي من والديه ، وما دام المجتمع في غنى عن خدماته فهذا رجل لا يستطيع أن يدعي لنفسه حقا في كسرة خبز ، ولا حق له في الوجود في هذا العالم ) كما انه انتقد البرنامج الذي وضعته الحكومة البريطانية لإعانة الفقراء وقال ( أن قوانين الفقراء في انجلترا تؤدي إلى تفاقم حالة الفقر من ناحيتين ، الأولى أنها تعمل على زيادة عدد السكان دون زيادة المواد الغذائية لإعانتهم ، والثانية أن كميات الحاجيات التي تستهلك في ملاجئ الفقراء وهم طبقة غير منتجة تقلل من الأنصبة التي كان يجب أن تعطى كاملة للطبقة العاملة ) وهكذا حرم مالتس الإحسان تحريما قاطعا سواء كان من الدولة أو من الأفراد وذهب الا أن كل مشروع لتحسين حالة المجتمع سينتهي إلى كارثة وقال ( إن على المجتمع أن يرفض تقديم الإحسان أو الإعانات إلى الأسر التي تعجز عن تدبير وسائل معيشتها ) والمصيبة أن الذي يطرح هذه الأفكار ويطالب المجتمعات بتطبيقها ويبرر سلوك طواغيت الرأسمالية ويحرم الإحسان للمنكوبين ويقول ( أن ذلك هو قانون الطبيعة الذي يعبر عن إرادة الله ) ليس رجلا علمانيا ولكنه رجل دين بمرتبة قسيس ، لكن مالتس تراجع عن وجهة نظره هذه ودعا إلى زيادة عدد السكان عن طريق زيادة المساعدات الاجتماعية للأسر الكبيرة ، وبالإضافة الى النظرية الطبيعية ونظرية التعقيم الجنسي ظهرت نظريات اجتماعية أخرى ومنها نظرية الدولة المغلقة للمفكر الاجتماعي جوهان غوتليب فيخته ( 1762 – 1814 ) الذي كانت أفكاره السياسية والاجتماعية تقوم على الفلسفة الأخلاقية التي تدعوا الى إعطاء كل إنسان الفرصة في التعبير عن نفسه في العمل المشترك واختيار المهنة التي تتناسب مع ميوله ، وعلى أن يقتصر دور الدولة في إنشاء التعاونيات الاجتماعية التي تتمتع بالاستقلال الذاتي وحرية الإنتاج والتبادل الإنتاجي ، ولكن بعد أن تنغلق على نفسها وتتوقف عن التجارة الدولية ، لأن الدولة أي دولة لا تستطيع أن تقوم بدورها الا بعد أن تنغلق على نفسها ، كان فيخته في بدايته كانتيا ولكنه تطور حتى استطاع أن يكتشف خطه الخاص في الفلسفة ، وكانت فلسفة فيخته تقوم على فكرة معرفة الذات لأن معرفة الذات بداية كل معرفة ، ولكن لا يمكن معرفة الذات إلا من خلال سلسلة متدرجة من التنبيهات ، ألتنبيه الأول تنبيه الذات إلى الذات ، والتنبيه الثاني هو تنبيه الذات إلى نقيض الذات ، والتنبيه الثالث هو ملاحظة العلاقة بين الذات ونقيض الذات ، ومن اجل شرح هذه النظرية اضطر فيخته إلى التمسك بأفكار مثالية من أبرزها وحدة العلم والمعلوم ، ولذلك قال أن ما يحد الذات هو الذات نفسها ، كما انه طرح على نفسه السؤال التالي
لماذا لا يمكن معرفة النفس بدون مقابلتها مع أشياء أخرى ؟
وأجاب على نفسه قائلا
لأن النفس كالماء لا ترى إلا من خلال مكان معين ، وتحديد النفس بالمقابلة يعتبر كالمكان الذي يحدد الماء فيجعل رؤيته ممكنة ، وهكذا نرى أن مجمل نظرية فيخته في منهج المعرفة تعتمد على فكرة أن حقيقة المعرفة هي وعي الذات على نفسها ، ولأن هذا الوعي لا يتم بغير تحديد النفس بالأشياء ، لذلك تتحقق المقارنة ثم تتحقق المعرفة بالأشياء من خلال هذه المقارنة ، وهذا يثبت صحة المبدأ الذي يقول بنقيضها تفسر الأشياء ، ولكن ورغم أن النفس البشرية هي الوسيلة التي تدرك الأشياء ألا أنها لا يمكن أن تدرك شيئا بدون توعيتها على ذاتها ومعرفتها لإمكانياتها ، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال مقارنة بين الذات ونقيض الذات أي بين النفس والخارج ، كما انه لا يمكن أن يتحقق ذلك دون اعتماد الذات على مقاييسها التي فطرت عليها والإيمان بها والثقة بإمكانية استثمارها في سبيل التعرف على الأشياء ، ولكن هذا الإيمان لا يأتي إلا من وعي الذات لما فيه من إمكانيات والثقة بقدرة هذه الإمكانيات على تحقيق الأهداف ، ولذلك يكون وعي الذات بداية كل معرفة ، وتكون فائدة الجدل ناشئة من قدرته على تنبيه الفكر بذاته ، وتكون فائدة المقارنة التي تتحقق في الجدل توضيح مراحل التفكير الثلاثة ، مرحلة الرؤية المنبسطة حيث يبصر الإنسان جانبا واحدا وجامدا من الأشياء ، ومرحلة الرؤية المركبة حيث يبصر الإنسان جوانب جديدة يعتقد أنها متناقضة كليا لرؤيته الأولى ، والرؤية المحللة حيث تتحقق المعرفة الناضجة نسبيا وفيها يعرف الإنسان إمكانية جمع الرؤية الأولى مع الثانية ، ويعرف أن كل رؤية كانت من زاوية مختلفة ومثال ذلك كما قال فيخته رجل رأى عمودا احمرا من زاوية واحدة فقال أن كل العمود احمر
( مرحلة الرؤية المنبسطة )
ولكنه لما دار حول العمود رأى أن لون جوانبه الأخرى بيضاء وهنا نشأ عنده تناقض وقال
كيف صار العمود كله احمر وكله ابيض ؟
( مرحلة الرؤية المركبة )
ولكنه تنبأ فجأة إلى إمكانية الجمع في القول أن جانب من العمود احمر وجانب ابيض
( مرحلة الرؤية المحللة )
وهذا يميز الفكر البشري بٍأدواره الثلاثة ، دور التفكير الحاد الايجابي ، ودور التفكير الحاد السلبي ، ودور التفكير اللين المحلل وهو دور المعرفة ، والجدل هو إحدى الوسائل التي تنقلنا من دور إلى آخر إذا استطعنا استخدامه بشكل جيد ، وهكذا نرى أن فلسفة فيخته السياسية والاجتماعية فلسفة أخلاقية تعلق أهمية كبيرة على نشاط الفرد وشخصية الفرد ، وقد عرض فيخته فلسفته في مجموعة من مؤلفاته ومنها كتاب نظرية العلم وكتاب مصير الإنسان وكتاب أساس القانون الطبيعي وكتاب مساهمة في تقديم أحكام الجمهور على الثورة الفرنسية ، وقد كان يرى وجوب إعطاء الفرصة لكل إنسان في التعبير عن نفسه وعن شخصيته في العمل واختيار المهنة التي تتفق مع ميوله ، كما كان يضع على عاتق الدولة مسؤولية تأمين وتحقيق ذلك باعتبار أن للدولة وظيفة اقتصادية بالنظر لكونها تعبير عن الحياة واستجابة لمطالبها ، ولكي تقوم الدولة بذلك يجب أن تنغلق على نفسها وتوقف تجارتها الدولية وتنقطع عن أي علاقات مع غيرها ، وقد كانت المبادئ المثالية التي بني فيخته عليها فلسفته سببا في رفض بعض الفلاسفة لفلسفته وان كانوا قد قبلوا بعض أرائه في المنهج ، كما انه اصطدم مع رجال الأكليروس المسيحي الذين ضايقوه واتهموه بنشر الإلحاد مما أدى إلى فصله من الجامعة والتهديد باغتياله لأنهم كانوا يعتقدون أن عقيدة العلم تطعن في العقيدة المسيحية ، وأن المعرفة العلمية التي تقوم على المحاججة المنطقية والبراهين العقلية غير المعرفة الدينية التي تقوم على هيبة الأقدمين ورجال الدين ، كما اصطدم أيضا مع الثورة الفرنسية الذي كان قد تحمس لها في أول الأمر مثل كانت وهيغل وشيلنغ ثم هاجمها بعد أن تحولت إلى قوة استعمارية امبريالية وحاولت السيطرة على ألمانيا ، وقد كان فيخته واحد من ابرز مؤسسي الحركة الفلسفية المعروفة بالمثالية الألمانية التي تطورت من الكتابات النظرية والأخلاقية للفيلسوف الألماني ايمانويل كانت ، وكثيرا ما كان يقدم على أنه الشخص الذي كانت فلسفته جسرا بين فلسفة كانت المثالية وفلسفة هيغل المثالية ، وقد نشر مقالين في عام 1793 الأول بعنوان ملوك أوروبا وأمراؤها يعيدون حرية الفكر ، وقد مدح فيه الحكام المتنورين ووجه اللوم الى الملوك الذين يعوقون حرية الفكر، كما ابدي حزنه لموجة المع التي أعقبت وفاة الإمبراطور فردريك الأكبر ، وقال أنه يفضل الإصلاح على الثورة لأن الثورة قد تقذف الإنسان الى الخلف وقد ترده الى عصور البربرية ، ولكنه وفي نفس الوقت قال أن الثورة الناجحة قد تحقق تقدما للبشرية في نصف قرن أكثر مما يحققه الإصلاح في ألف عام ، وحاطب قراءه في الوقت الذي كان فيه الإقطاع راسخا في كل المناطق الألمانية قائلا ( لا تكرهوا حكامكم بل اكرهوا أنفسكم ، إن احد كصادر بؤسكم هو تقديركم المفرط لهؤلاء الحكام الذين ضلت عقولهم لنقص التعليم والانغماس في اللذات والخرافات ، هؤلاء هم الذين يبذلون كل جهدهم لقمع حرية الفكر ، اصرخوا في وجوههم قائلين لهم إنكم لن تسمحوا لأحد أن يسلبكم حرية فكركم ، لقد انتهت عصور الظلام ، عندما يقولون لكم باسم الرب إنكم قطيع من المواشي خلق ليستغل وليخدم حفنة من الأشخاص الفانين ، أي أنهم بشر مثلكم بوئوا مكانا عليا ليتلكونكم وتصبحون ملكا لهم ، لا ، إنكم لستم ملكا لهم ولا حتى انتم ملكا للرب ، إنكم ملك أنفسكم ، ستسألون ألان الأمير أو الملك الذي يريد أن يحكمكم بأي حق ستحكمنا ، فان قال بحق الوراثة ، فتسألوه وكيف حصل جدك الأول ( مؤسس الأسرة الحاكمة ) على هذا الحق ، إن الحاكم يستمد سلطاته من الشعب ، أما المقال الثاني فقد كان عن تصحيح الأحكام العامة عن الثورة الفرنسية ، وقد كان أكثر راديكالية ، وقد قال فيه أن المزايا الإقطاعية لا يجب أن تكون متوارثة ، لأنها وجدت بموافقة الدولة ولذلك يمكن إلغائها بما يتفق مع حاجة الأمة وإرادتها ومصالح الدولة وتحت حمايتها كما يمكن تأميمها ، والأمر نفسه بالنسبة الى ممتلكات الكنيسة ، ولم تقتصر الدعوة الى الحد من تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية على سميث ومالتس وفيخته ،
ولكن الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت ميل الذي اعتقد في صحة نظرية مالتس في السكان ، ويقصدبالسكان السكان الذين يؤدون إعمالا إنتاجية ، واعتقد أن التحكم في النمو السكانييعتبر امرأ ضروريا للتنمية الاقتصادية ، وكان ينظر إلى التنمية الاقتصادية كوظيفةللأرض والعمل ورأس المال حيث يمثل العمل والأرض عنصرين أساسيين للإنتاج في حين يعدرأس المال تراكمات سابقة لناتج عمل سابق ، وقد كان ميل من أنصار سياسة الحريةالاقتصادية التي يجب أن تكون القاعدة العامة ، ولذلك حدد دور الدولة في النشاطالاقتصادي عند حده الأدنى وفي حالات الضرورة فقط مثل إعادة توزيع ملكية ووسائلالإنتاج ، وبالإضافة إلى النظريات السابقة ظهرت نظريات أخرى ومنها النظرية الذرية للفيلسوف البريطاني جون ستيورات ميل ( 1806 – 1873 ) منظر وفيلسوف الليبرالية وهو من أكثر الفلاسفة تحمسا لقضية المرأة ، ومن الفلاسفة الذين كرسوا جزء من فلسفتهم من اجل قضايا النساء ، وذلك على عكس بعض المفكرين الذين كانوا لا يرون في مساواة الرجل والمرأة ضرورة لتقدم البشرية ، وبعض الثوار والمتمردين على التقاليد الاجتماعية الذين كانوا أعداء للنساء ، وقد تابعت الكاتبة الأميركية سوزان موللر اوكيه الموقف من النساء في الفكر الغربي منذ نشأة هذا الفكر في بلاد اليونان واكتشفت نغمة الكراهية للنساء التي تتسم بها كتابات الفلاسفة والشعراء الإغريق وفي مقدمتهم أفلاطون وسقراط ، فالمرأة في وجهة نظرهم أول البلاء في البشرية ، وحتى أن صفات الإلهة المؤنثة في التراث اليوناني كانت صفات رجولية ، كما كانت حقوق المواطنة في أثينا تطبق وفق المراتبية الاجتماعية التي لا توفر للنساء والعبيد الامتيازات التي تمنح للرجال الأحرار ، ولذلك بقي تراث الفكر الإنساني يتراوح بين القبول والرفض لحقوق المرأة ، وفي عصر النهضة الذي بدأ فيه الفلاسفة في البحث عن مفهوم المواطنة التي يتساوى فيها البشر أمام القانون ، لم يكن هذا العصر عصر الاهتمام بقضية المرأة رغم دور المرأة في الثقافة والحياة الاجتماعية والسياسية ، لأن الفلاسفة في ذلك العصر وخاصة جان جاك روسو كان يرون في المرأة قصور عن الوصول إلى مواهب الرجل ، وكانوا يرون فيها موضوعا جنسيا يجب أن يحجز في البيت ، لأن وظيفة الرجل هي التفكير والإبداع وهو يملك قدرة غير محدودة على التفكير والإبداع ، ولكن وظيفة المرأة هي وظيفة حسية وفيزيقية وهي لا تملك القدرة على التفكير المجرد ، ولذلك كانوا يرون أن المرأة هي مصدر الشر وعقابها ولادة الأطفال بالوجع ، لكن وللحقيقة يجب أن نقول أن جان جاك روسو كان يخاف النساء لأنه كان يعاني من مرض الزهري الذي ساهم في تعكير مزاجه إزاء النساء ، وهذا الأمر يشير إلى الرابطة الوثيقة بين التجربة الشخصية والمواقف الفكرية ، لكن جون ستيوارت ميل فيلسوف الليبرالية والمدرسة الذرية والذي كان محاطا بمجموعة من النساء الذكيات الموهوبات وفي مقدمتهن حبيبته وزوجته هاريت تايلور وهي كاتبة في مجال حقوق المرأة كان من أكثر الفلاسفة تحمسا لقضية المرأة وأول المفكرين الذين نادوا بحق المرأة في التصويت الانتخابي ، وأول من قال أن استعباد النساء ليس ألا مبدأ شريعة الغاب الذي كان الرجل فيها يعتمد على قوته البدنية ، ويعتقد أن كتابه منح حرية الانتخاب للنساء كان نتيجة مساهمة مشتركة بينه وبين هاريت تايلور ، ولكن من النادر أن ينسب إبداع الرجل إلى امرأة رغم القول الشائع خلف كل رجل عظيم امرأة حتى ولو كانت هذه المرأة هاريت تايلور التي كانت تملك من الذكاء وقوة التأثير ما يمكنها من أن تجعل منظر وفيلسوف من وزن جون ستيوارت ميل على تطابق مع أفكاره التي كتبها في كتابه الحرية والمذهب الليبرالي ، والى جانب قضية المرأة كان جون ستيوارت ميل يشارك في المناقشات البرلمانية حول المسألة الايرلندية ويبدي تعاطفا مع قضية السود في جمايكا وتنقد سياسة الأحزاب البريطانية ، ولذلك سقط في الانتخابات البرلمانية في عام 1868 وعاد إلى عزلته في منزله الصغير في سانت فيران يعاني من مرض الانهيار العصبي بسبب اختلافه مع والده الذي كان يعتقد بصحة معتقداته الفلسفية واختلافه مع بنثام الذي كان أيضا يحبه ويعتقد بصحة معتقداته الفلسفية ، وبسبب وفاة هاريت حبيبته وزوجته الذي تعرف عليها في عام 1830 وهام بها وأراد أن يثبت لها انه فارسها ولذلك تزوجها في عام 1851 بعد عشرون عاما من الحب والغرام ، وقد بادلته الحب والغرام ووجد عندها رقة عاطفية مميزة توخي من خلالها أن يجد نافذة فكرية يطل منها على القضايا الفكرية والإنسانية التي كانت مثار اهتمامه ، وقلب الرجل لا يخلو من المرأة ، قد تكون امرأة حية أو امرأة ميتة ، وقد تكون زوجة أو صديقة ، وقد تكون شيئا آخرا ، لذلك أصيب جون بالانهيار العصبي أو الجنون ، والجنون هو الرفيق السري للعبقرية ، ولذلك أطلقوا عليه اسم العبقري المجنون ، ولو كان بالإمكان أن نجري فحصا نفسيا على أولئك الذين ماتوا والذين ما زالوا أحياء من الفلاسفة والعلماء ربما لوجدنا أن الكثيرون جدا منهم مرضى بالانهيار العصبي أو الجنون ، ولكن ذلك لا يمكن أن يقف في وجه المؤرخين في الحكم على الكثيرين منهم بالانهيار العصبي أو الجنون ، ولم يقتصر دور هاريت على حقوق المرأة ولكن وبتأثير منها دافع جون ستيوارت ميل عن الاشتراكية في كتابه الاقتصاد السياسي وقال أن الاشتراكية ليست خطرا على حرية الفرد ، ولكن ورغم ذلك لم يعترف به القادة الاشتراكيون لويس بلانك وبوردون ورفيق دربه سالن ، وكان في نظرهم يمثل التجسيد الحي لإصلاحي ليبرالي راديكالي برجوازي وديع ، وقد اقر ذلك أيضا الاشتراكيون الفابيون الذين كانوا يعتبرونه الأب الروحي لهم ، وكان هو نفسه يقول أن كل ما يقيد المنافسة الحرة شر مطلق وكل ما يطلقها خير مطلق ، كما كان جون أول من دافع عن حرية التعبير عن طريق الكلام أو الكتابة أو العبادة أو الصحافة أو التظاهر السلمي أو أي عمل فني وبدون رقابة أو قيود حكومية بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار والآراء خرقا للقانون مهما كان هذا الرأي غير أخلاقي في نظر البعض ، ومن أقواله في ذلك ( أن البشر جميعا لو اجتمعوا على رأي واحد ، وخالفهم في هذا الرأي شخص واحد ، لما كان لهم أن يسكتوه ، بنفس القدر الذي لا يجوز لهذا الشخص أن يسكتهم حتى لو كانت له السلطة والقوة ، لأننا إذا أسكتنا صوتا واحدا فربما نكون قد أسكتنا الحقيقة ، وأن الرأي المجمع عليه لا يمكن قبوله على أسس عقلية إلا إذا دخل واقع التجربة ، وأن هذا الرأي ما لم يواجه تحديا من وقت إلى آخر سيفقد أهميته وتأثيره ) وكان الحد الوحيد الذي وضعه جون لحدود حرية التعبير هو إلحاق ضرر بشخص آخر ، ولكن هذا الحد ما يزال مثار جدل حتى اليوم ، وخاصة في موضوع ماهية الضرر ، فقد يختلف ما يعتبره الإنسان ضرر الحق به من مجتمع لآخر ، وفي حين كان جون من الداعين إلى النظرية الفلسفية التي تنص على آن النتائج الجيدة لأكبر عدد من الناس هي الفيصل في تحديد اعتبار العمل أو الفكرة عمل أخلاقي أم لا أو فكرة أخلاقية أم لا ، كانت هذه الأفكار تتناقض مع المدرسة الفلسفية التي تعتبر العمل اللااخلاقي سيئا حتى ولو كانت نتائجه جيدة ، وقد استندت هذه المدرسة على الدين الذي يصنف الأعمال والأفكار إلى جيدة أو سيئة ، واقوي برهان على ذلك الكذب ، لأن جون يعتبر الكذب مقبولا إذا كان فيه فائدة لأكبر عدد من الأشخاص في مجموعة معينة على عكس الدين الذي يعتبر الكذب تصرفا سيئا حتى ولو كانت نتائجه جيدة ، كما انه يمكن لأي شخص أن يسبب الأذى للآخرين ليس فقط بالفعل ولكن أيضا بالامتناع عن الفعل ، وبالإضافة إلى قضية المرأة والاشتراكية والحرية كتب جون في موضوع المجتمع المجزأ وقال أن تحقيق وحدة أي مجتمع مجزأ يشترط وجود سلطة مركزة تعلو على سلطة القادة والأنظمة المحلية وتستقطب ولاء الشعب ضد سلطة القادة والأنظمة المحلية وقد كتب في ذلك يقول ( ليس من المحتمل لشعب تمرس على الشجاعة بصراعات مع الطبيعة وجيرانه ، ولكن دون أن يعرف الطاعة المستقرة الثابتة لسلطة عليا ، أن يحصل على هذه العادة ( أي الطاعة لسلطة عليا ) في ظل حكومة جماعية تمثله ، أن جمعية تمثيلية تمثل أجزائه المختلفة تعكس فقط تمرده المتقلب ، المجتمع المجزأ يعجز عن تحقيق وحدته بطريقة ديمقراطية حتى وان كانت الوحدات التي ينقسم فيها تمارس ديمقراطية محلية فعالة ، أنني لا اعلم بأي حقل تاريخي استطاعت فيه هذه الذرات أو الخلايا السياسية أن تتحد في كيان واحد ، أو تتعلم بأن تكون شعبا واحدا دون خضوع سابق لسلطة مركزة تشملها جميعها ، ولم يكن جون مفكرا متخصصا في دراسة المنطق ولكن التطور الاقتصادي الذي عاشته بريطانيا خلال الثورة الصناعية والإفرازات الاجتماعية والسياسية استقطبت نشاطه ، كما أن الإشكاليات الجديدة التي برزت بعد نشوء المجتمع الصناعي أثارت مسألة الحرية ومفهوم حقوق الفردية في الحياة المدنية السياسية ، وقد كتب جون موقفه في مسألة الحرية في كتابه بحث في الحرية في عام 1859 وكتابه أفكار حول الحكم التمثيلي في عام 1861 ودعا إلى توسيع مساحة الحرية العامة المدنية ، ولكنه ورغم انه قد أبدى تخوفه من نتائج بعض المبادئ الديمقراطية كالمساواة في حق الانتخاب إلا انه نادى بحق الرأي في الانتخاب ، وعارض الانتخاب السري الذي كان مقترحا في بريطانيا لأول مرة بحجة انه يجب أن يكون لدى المواطنين الرغبة في أن يتركوا جيرانهم يعرفون كيف أدلوا بأصواتهم ، وعارض التوسع في التوظيف الحكومي وقال انه إذا أصبحت نسبة كبيرة من المواطنين موظفين حكوميين أو منتفعين فإن حرية الصحافة ودستور التشريع العام لا يستطيعان الحفاظ على حرية البلد إلا بالاسم فقط ، ولذلك كان ينظر إلى الحكام وكأنهم بالضرورة في وضع معادي للشعب لأن سلطتهم كانت أما عن طريق الإرث أو عن طريق الاحتلال ، وفي الحالتين لم يكونوا يمارسوا سلطتهم برضي المحكومين ، ولذلك كان يبرر الثورة على الحكام أو إقامة ضوابط دستورية تؤمن نوع من الحماية ضد استبداد الحكام ، أو أن يكون الحكام الذين يستلمون شؤون الدولة وكلاء آو مندوبين عن المحكومين ويعزلونهم متى أرادوا ، وهذا هو الطريق الوحيد الذي يعطي المحكومين الضمانة في أن لا يساء استعمال سلطة الحاكم في غير صالح المحكومين ، وفي تنظيم العلاقة بين الفرد والمجتمع وضع جون ستيوارت ميل حدا شرعيا لسيادة الإنسان على نفسه بحيث يكون للفردية جزء الحياة الذي يهم الفرد ، وأن يكون للمجتمع جزء الحياة الذي يهم المجتمع ، وذلك على قاعدة أن من ينال حماية المجتمع يكون مدينا للمجتمع وأن العيش في مجتمع يقتضي حتما أن يتقيد كل فرد بخطة من السلوك تجاه الآخرين ، وعدم الإضرار بالمصالح التي يجب أن تعتبر حقوقا أما بموجب القانون أو بموجب تفاهم ضمني وأن يتحمل كل فرد نصيبه الذي تقرر وفق مبدأ منصف ، وكان ميل يرى في الأخلاق خيرا قد لا يرتبط بالدين في بعض الأحيان لأنه كان يرى أن الحرية هي قدرة الإنسان على السعي وراء مصلحته التي يراها بحسب منظوره شريطة إلا تكون مفضية إلى إضرار الآخرين ، وان السبب الوحيد الذي يجعل الإنسانية أو جزء منها تتدخل في حرية أو تصرف أحد أعضائها هو حماية النفس فقط ، وأن السبب الوحيد الذي يعطي الحق لمجتمع حضاري في التدخل في إرادة عضو من أعضائه هو حماية الآخرين من أضرار ذلك التصرف ، كما كان جون ستيوارت ميل يقدر تقديرا كبيرا القوة العسكرية رغم انه كان يقول أن الحرب شيء قبيح إلا أنها ليست أقبح الأشياء ، فالوضع الأخلاقي المنحط والمنحل والشعور بالوطنية الذي يشك بأن لا شيء يستحق الحرب هو أسوأ بكثير من الحرب نفسها ، فالشخص الذي ليس لديه شيء يرغب في القتال من اجله وليس لديه شيء أهم من سلامته الشخصية هو مخلوق بائس ، والشخص الذي ليس لديه فرصه في أن يكون حرا إلا إذا جعل حرا وحوفظ عليه حرا من قبل رجال افصل منه مخلوق يائس ، ولذلك كان يقول ( لا تنحني لأحد مهما كان الأمر ضروريا فقد لا تأتي لك فرصة للوقوف مرة أخرى . لكن أرسطو العصر الحديث جورج هيغل ( 1770 – 1838 ) الذي شكل ما يعرف باسم نسق العلم الذي شمل علوم المنطق والطبيعة والروح والحياة والأخلاق والسياسة والدولة والمجتمع المدني والفيزيقا والميتافيزيقا والبلاغة والشعر والجمال والفن ، ولذلك استحق بجدارة لقب آخر فيلسوف شمولي في التاريخ ولقب أرسطو العصر الحديث ، وقد تأثر هيغل بالفيلسوف ايمانويل كانت أستاذ المثقفين الألمان وقمة الفلسفة المثالية الألمانية ، والثورة الفرنسية ونابليون بونابرت والثورة الصناعية التي غيرت وجه العالم وميكافيلي وخاصة في موضوع الاهتمام بتوحيد ايطاليا لأن هذا أيضا كان الهدف الذي يرمي إليه هيغل بالنسبة لألمانيا ، ولذلك كان يسأل
كيف يمكن تحقيق هذه الوحدة ؟
وما هي الوسائل التي يمكن أن تستخدم في تحقيق هذه الوحدة ؟