الأنفاق المظلمة

تونس.. وتجربة الأنفاق المظلمة


ماذا يفيد القيادات السياسية في جارتنا تونس عندما تقول للشعب هناك إن ما حدث في الجزائر لن يتكرر في تونس؟ وواقع الحال يقول إن التونسيين دخلوا النفق المظلم، لكن لا أحد يعرف هل هو نفق ''الأخضرية'' أم نفق ''خرّاطة''.
ولتوضيح الصورة لإخواننا التونسيين نقول بداية إن نفقي ''الأخضرية'' و''خرّاطة'' من أطول الأنفاق المشيّدة عبر طرقات الجزائر. أما سياسيا، فالمقصود، هو أن اغتيال المعارض السياسي شكري بلعيد أدخل تونس مرحلة جديدة يتمنى كل جزائري ألا تطول.
وبمقتل شكري بلعيد التونسي، على الطريقة الجزائرية، لا أعتقد أنه يوجد حل إلا على الطريقة الجزائرية أيضا، ولدى التونسيين عقدان من زمن التجربة الدموية في الجزائر، كي يتعلموا ويتجنبوا مطباتها.
ومن الآن، يتوجب على السلطة في تونس أن تقطع الطريق على توظيف الدين في السياسة، خصوصا وأن السلطة الحاكمة الآن ذات لون إسلامي، بل وخصوصا أن شيخ النهضة راشد الغنوشي يعرف الجزائر وعاش بها عند بداية سنوات الفتاوي المجنونة.
... وبرأيي، من حسن الحظ وجود شخص مثل حمادي الجبالي الوزير الأول التونسي، الذي أظهر حسّا بالمسؤولية ووعيا بحقيقة الخطر على تونس ''الخضراء''، فأصرّ على تشكيل حكومة تكنوقراط، رغم رفض ''الصقور'' في حركة النهضة لهذه المبادرة التي تحد من نفوذهم، ورغم اعتراض حزب الرئيس منصف المرزوقي.
وبحثا عن مخرج للنفق التونسي، سواء كان يشبه نفق ''الأخضرية'' أو ''خرّاطة''، فلابد أولا من الكشف عن القاتل الحقيقي لشكري بلعيد، وعدم التستر على القاتل، لأي سبب من الأسباب، كي لا تكون عملية اغتيال بلعيد سجلا تجاريا لأي طرف في تونس.
المطلب الثاني، وهو موجه لحركة النهضة، فيتعين عليها التفكير في حلول لمشاكل المجتمع التونسي ولمعضلاته الاقتصادية، قبل التفكير في فرض ''الأخلاق'' و''الالتزام'' بالشارع.
أما المطلب الأخير فهو موجه للتونسيين عموما، وهو الحفاظ على صورة المجتمع العصري المتحضر، والذي يحتضن أيضا منارة العلم جامع الزيتونة

التوقيع


تَفنى اللَذاذَةُ مِمَّن نالَ صَفوَتَها
مِنَ الحَرامِ وَيَبقى الإِثمُ وَالعارُ

تُبقي عَواقِبَ سوءٍ في مَغَبَّتِها
لا خَيرَ في لَذَةٍ مِن بَعدِها النارُ

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله : (( عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ))