منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Empty
مُساهمةموضوع: الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي   الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي Emptyالإثنين نوفمبر 12, 2012 10:33 am

الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي
الأسـتاذ: محمـد عـدار
- جامعـة بومرداس -
تقديم عام
بالرغم من القوة المادية و التكنولوجية التي يتميز بها الغرب عن بقية المجتمعات الإنسانية، إلا أنه يواجه اليوم إشكالية نفسية –فكرية و تتمثل في "الغيرية" ، بمعنى تأسيس ثنائية الاختلاف بين الأنا أو الذات المكونة للهوية و مختلف المضامين التي تحملها الذات و تدساهم في تشكيلها : الدين، الثقافة، القيم، منظومة العادات ... من جهة ، و الآخر المعبر عنه بالغرب ، من جهة أخرى و المزود بصور قبلية عن العالم الإسلامي ذات أبعاد صراعية-إقصائية في إطار العلاقات الدولية .
لقد أنشأت هذه السلوكيات الغربية المعادية للإسلام ، سلوكيات في نفس الاتجاه ، وذلك تحت مسميات "التطرف" و "الأصولية" و غلبة التصور النظري ألصراعي ممن خلال أطروحات "صمويل هنتغتون " ، "برنارد لويس" ... و تهميش بالمقابل التصور النظري الحواري ، فغاب التواصل ، وإمكانية فهم الطرفين لبعضهما البعض ، فأضحت السياسة الدولية في مجملها ذات طابع نمطي .
إشكالية الدراسة: تناقش الدراسة إشكالية، تتمثل في:
ماهي المحددات التاريخية و الاجتماعية المفسرة لأسباب العداء بين العالم الغربي و العالم الإسلامي ؟
لماذا يتم اعتبار الإسلام بمثابة العدو المستقبلي للعالم الغربي ؟
هل يحمل الإسلام قيم المعاداة للغرب ؟
فرضيات الدراسة :
 يتضمن الإسلام مجموعة من القيم ذات الأبعاد الإنسانية الخالية من العداء للعالم الغربي.
 يبين المسار التاريخي للعلاقات بين العالم الغربي و العالم الإسلامي على وجود حالة من الخوف النفسي المبني على الكراهية و السلبية و الإقصائية للدين الإسلامي و المسلمين .
 تتطلب العلاقات الحضارية بين الغرب و العالم الإسلامي تفعيل مجموعة من الآليات القيمية المشتركة للوصول إلى علاقات دولية مبنية على المقاربة التعاونية منها على الصراع و العنف.

مناهج الدراسة :
لقد وظفت الدراسة ، مجموعة من المناهج ، لعل أهمها مايلي :
 المنهج التاريخي:لقد استعملت التاريخي، لتبيان المسار التطوري لحالة عداء العالم الغربي للعالم الإسلامي، ولتحصيل التطور التاريخي، يستوجب الاستعانة بالمنهج التاريخي لأنه أحسن أداة لضمان الحقيقة العلمية.

يوضح تاريخ العلاقات و التفاعلات بين الغرب و العالم الإسلامي مجموعة من الرواسب التاريخية ، المتحكمة في منطلقات كل طرف ، وذلك من خلال التصورات الغربية التي تدعي أن الإسلام في بدايته انتشر بحد السيف ،و يحمل في محتواه آيات تدعو إلى العنف(إشارة إلى الدعوة المحمدية) ،ثم انتقل الصراع –في إطار الحروب الصليبية- ليأخذ منحى آخر ، ففضلا عن المواجهة المادية الاستعمارية التي استهدفت العالم الإسلامي ، ظهرت حملة تشويه لقيم و تعاليم الدين الإسلامي من قيل السلطة الدينية –البابوية ذات السلطة السياسية في أوروبا.
يمكن ذكر في هذا الإطار، الأفكار الدينية المسيحية، التي استهدفت شخصية الرسول «ص" من جهة ، والدين الإسلامي الذي نعن بأقبح الصفات و النعوت ، مما يوحي أن الإستراتيجية السياسية –العسكرية والإعلامية- لمحاصرة العالم الإسلامي اليوم باعتباره " العدو الجديد"- تستمد مشروعيتها من السيرورة التاريخية المفسرة لطبيعة العداء بين المنظومتين .


لم تقتصر فكرة العداء ، الإقصاء و التهميش للدين الإسلامي على القرون الوسطى ، التي عرفت فيها أوروبا حالة من الركود الجمود الفكريين ، بل حتى في عصر الأنوار ، اتجه فلاسفة ذلك العصر إلى تأسيس ازدواجية تعامل مع الدين الإسلامي ، بمعنى أخذ المعاني الدينية الإسلامية المتفقة مع تعاليمهم ،و ازدراء ما يخالف شريعتهم ، مما يدل على تواصل صفة العداء بالرغم من اعتبار الحضارة الغربية أن عصر الأنوار يمثل اللإنطلاقة النهضوية الغربية للعالم كله .
وعلى الرغم من الدراسات الإستشراقية التي قام بها مجموعة من المفكرين الأوروبيين ، إلا أنها في مجملها لا تخلوا من التحيز الفكري ذي البعد ألتهميشي –الإحتقاري ليس فقط للدين الإسلامي ، بل وصف كل ما يتعلق بالشرق أو مصدره شرقي ، بأنه متخلف ، و غير مناسب ، وبذلك تكونت النزعة المركزية الغربية التي تجعل من أوروبا أو الغرب بصفة عامة مصدر كل حقيقة و تطور.
يتضمن التطور التاريخي وجود تكريس غربي لفكرة العداء و الإقصاء لمنظومة التعاليم الإسلامية ،وذلك منذ التاريخ الإنساني الأول ، مما يؤكد على اعتبار "نظرية المؤامرة "بمثابة الإطار النظري المفسر لأسباب العداء بين العالم الغربي و العالم الإسلامي ، و إن كان هناك من ينفي عليها روح العلمية .
يمكن القول ، أن الاستعمار و بمختلف أشكاله التقليدية و الحديثة ، مسئول بصفة مباشرة على عملية تخلف العالم الإسلامي و ترمي كل السياسات الاستعمارية إلى القضاء على المقومات الحضارية الأساسية للعالم الإسلامي ، بعدما قضت على بنيته التحتية و السبب يتمثل في وجود التناقض بين القيم الغربية المادية التي تحاول احتلال الصدارة و التفوق ،و القيم الإسلامية ذات الأبعاد العالمية التي تحمل الرخاء للإنسانية جمعاء.
وأمام ذلك ، اعتمد الغرب على اعتبار الإسلام - بعد نهاية الحرب الباردة و بعد القضاء على النازية ، الفاشية و الشيوعية بأنه العدو المستقبلي للعالم الغربي ، فبدأ الخوف من" أسلمة أوروبا" من خلال بداية فرض الحجاب في فرنسا ، الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول "ص" في الدانمارك ، و حظر المآذن في سويسرا..
لقد اعتمد الغرب مجموعة من الآليات عبر التاريخ ، فانتهج سياسة التفتيت ، و عمل بسياسة التغريب و الاستيطان ، كما صاغ سياسة مكافحة الإرهاب تدعو إلى الترادف بين الإرهاب و الإسلام ، ودعا إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني ، الذي يقوم –حسب اعتقاد الغرب- على ضرورة مراجعة محتوى القرآن و حذف بعض آياته حتى يتناسب مع العصر .

لا تشتمل المراجعة و التجديد للخطاب الديني –كما يتوهم الغرب –بل يتعلق الأمر بتأسيس آليات تجاوز حالة "المأزق الفكري و الحضاري الذي وقع فيه الغرب ، و الاعتماد على الحوار كآلية لمناقشة كل الاهتمامات الدولية .
يشكل الحوار العالمي الشامل المخرج لحالة الخوف و الرهاب الذي يعاني منه الغرب اليوم ، كما لتفعيل الهيئة الأممية نفس التأثير ، لأنها أحسن تعبير عن الإرادة الكونية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية .
أولا/في تحديد المفاهيم و المصطلحات
يستوجب البحث تحديد مفاهيم الدراسة ، و المتمثلة في :مفهوم الغرب، ، مفهوم الإسلاموفوبيا و مفهوم العنصرية و الهيمنة .
1/ مفهوم الغرب :
يرى "محمد عابد الجابري " أن كلمة 'غرب"لم تكن في المرجعية العربية الإسلامية تعني في يوم من الأيام وجود "آخر" يقع بالتحديد خارج بلاد الإسلام ، وإنما صارت هذه الكلمة بصورة ما هذه المعاني جميعها من خلال الترجمة من اللغات الأوروبية ، و عليه فاصطلاح الغرب : أي الدول الغربية ، و الشرق : أي الدول الشرقية هما معا ترجمة من اللغات الأوروبية التي ميزت في هذا الأخير (الشرق) بين الشرق الأدنى و الشرق الأوسط و الشرق الأقصى ، وذلك حسب البعد و القرب من أوروبا (1).
وأغلب الظن ، أن المقصود بالغرب اليوم غرب جغرافي و إيديولوجي ...فهو يشمل قارة أوروبا كلها ، و أمريكا الشمالية و استراليا و نيوزلندة حيث يسود السكان المهاجرون من أوروبا ، و في هذه الجغرافيا ، تسود قيم مشتركة تجمعها نزعة موجهة هي "النزعة الغربية".
تشير النزعة المركزية الغربية إلى أن الغرب و في قلبه أوروبا هو مركز العالم ، و المنتج الأوحد للقيم الإنسانية ، و الحكم المطلق في وضع و تقنين معيي التقدم و التخلف ، و المرجع الأوحد في تسجيل انتقال شعب ما أو ثقافة محددة من البربرية و الهمجية إلى المدنية(2).
إن النزعة الغربية الأوروبية هي حاصل منظومة من تقاليد ثلاثة سادت في الغرب ، وهي : التقليد الإغريقي (في حقلي الفكر و الفنون) و القانون الروماني (في الحقوق و السياسة و الدولة ) و المسيحية في حقل الأخلاق (3). و قد أدت تلك التقاليد ، على الطريقة الغربية ن في شقها الإغريقي إلى العنصرية والهيمنة، و في شقها الروماني إلى الاستعباد و الاستغلال، و في شقها المسيحي إلى التنصير .


2/مفهوم الإسلام :
يعرف" الجرجاني"الإسلام على أنه "الخضوع و الانقياد لما أخبر به الرسول "محمد (ص)(4)، والإسلام حسب "أبي حنيفة النعمان" هو التسليم و الانقياد لأوامر الله تعالى (5).
وعليه فالإسلام هو التسليم و الخضوع و الانقياد لما جاء في الوحي الإلهي ، من عقائد (الإيمان بالله، ملائكته، كتبه، رسله ،اليوم الأخر و القضاء و القدر خيره و شره ) وعبادات شعائرية كالصلاة و الصوم، ومعاملات تتضمن القيم و الأحكام و التكاليف الشرعية التي تحكم سلوك الفرد و الجماعة و المجتمع .
يرى أهل العلم في الدين أن العقائد تقوم على الإقناع، و العبارات على الإتباع، و المعاملات على العدل في كل حال حتى مع الأعداء.
يقوم الإسلام على مجموعة من الخصائص هي: الوسطية و الواقعية، الجمع بين الثبات و المرونة و الإنسانية.
الوسطية: تعني الوسطية في الإسلام العدل، و الاستقامة على المنهج السليم، وهي دليل الخيرية، ودليل القوة. و من مظاهر الوسطية في الإسلام : الوسطية في الاعتقاد ، و في الشعائر ، و في الأخلاق ، زو في التشريع ، و التوازن بين الروحي و المادي و التوازن بين الفردية و الجماعية .
الواقعية: معناها في الإسلام مراعاة: واقع الكون، واقع الحياة وواقع الإنسان، ومن دلائل هذه الواقعية: التيسير و رفع الحرج، مراعاة سنة التدرج، النزول من المثل الأعلى إلى الواقع الأدنى.
تشمل واقعية الإسلام المجالات التالية:العقيدة، العبادات، التربية و الأخلاق، التحليل و التحريم، تشريعات الزواج و الأسرة، و الحدود و القصاص...
الجمع بين الثبات و المرونة: تتجلى مظاهر الثبات و المرونة في الإسلام من خلال مصادر الإسلام و شريعته و تاريخه.فيظهر الثبات في المصادر الأصلية القطعية للتشريع من كتاب الله و سنة رسوله (ص) بينما تظهر المرونة في المصادر الاجتهادية التي اختلف فقهاء الأمة في مدى الاحتجاج بها ، وعليه ، فنجد في أحكام الشريعة الثبات في العقائد الأساسية و في الأركان العملية الخمسة ، و في المحرمات اليقينية كالسحر و الزنا ، و في أمهات الفضائل كالصدق و الأمانة ، و في شرائع الإسلام القطعية في الميراث و الحدود ، و بالمقابل ، نجد المرونة فيما يتعلق بجزئيات الأحكام و فروعها العملية و خصوصا في السياسة الشرعية .

الإنسانية: لقد أعطى الإسلام لمبادئ الإنسان الأساسية -مثل مبدأ الأخوة و مبدأ المساواة الإنسانية -أهمية كبرى ، ففيما يتعلق بالإخاء ، ينطلق الإسلام من أن البشر جميعا أبناء رجل واحد و امرأة واحدة ضمتهم بنوة واحدة مشتركة ، ولقد طبق المسلمون مبدأ الأخوة ، وأقاموا على أساسه مجتمعا إنسانيا متميزا ، أما المساواة ، فأساسها أن الإسلام يخدم الإنسان ، ويكرمه من حيث هو إنسان ،من غير تفرقة بين عنصر و عنصر وقوم وقوم ، لاغيا كل أنواع التفرقة القبلية و العنصرية و القومية و اللونية .
كما اعتبر الإسلام أن الاعتداء على نفس أي إنسان هو اعتداء على الإنسانية كلها، كما جعل إنقاذ أي نفس هو بمثابة إنقاذ للجميع. و من المساواة الفعلية التي أقرها الإسلام ما يتعلق بالمساواة أمام قانون الشرع و أحكام الإسلام.
3/مفهوم الإسلاموفوبيا:
يشير مصطلح الإسلاموفوبيا إلى صورة من الهلع الثقافي قد يحدث إثر شيوع موجات من الحذر العام تجاه دولة أو حركة سياسية أو دعوة دينية أو حضارة موازية أو معاصرة لحضارة من الحضارات ، وذلك مثلما حدث إزاء الهلع من النازية قبل و خلال حرب العالمية الثانية ، وتخوف العالم الرأسمالي الغربي من الاشتراكية خلال فترة صعود الإتحاد السوفيتي السابق و تمكن النظام الشيوعي في الصين و شرق أوروبا و كوبا ، و منها التخوف من الإسلام .
الرهاب أو الفوبيا مرض نفسي ، يعني الخوف الشديد و المتواصل من مواقف و نشاطات صادرة عن الآخرين .
الفوبيا بين الفرد و المجتمع :
يصيب الفوبيا أو الرهاب- كما أشرنا –إلى مرض يصيب الفرد في الأساس ، وله أعراض كالشعور بالاختناق و سرعة خفقان القلب و تقلب المعدة و الارتعاش الشديد ، فهو إذن مرض نفسي له أعراض عضوية مما يدخل في نطاق أمراض "السيكوسوماتيك" أي المرض النفسي العضوي . و إذا كان ذلك المرض يصيب الأفراد، فهل قياسا على ذلك يمكن أن يصيب الجماعات و الدول ؟و هل يمكن لشعب ما أو أمة ما أن تصطنع أسبابا وهمية أو خرافية تشيعها بين عموم الشعوب حتى تبرر لنفسها أية إجراءات عدوانية ؟
من الملاحظ أنه قد لا تجوز المقارنة المنهجية على خلفية تباين الخصائص و السمات بالنسبة للفرد والمجتمع ، فالمكونات البنائية مختلفة في الشخص عن وحدة المجتمع ، رغم اندماج الفرد في جماعته ، لكن يمكن التشبيه بين صور الكراهية و الاستعلاء و الهيمنة المرتبطة بالأفراد على الحالة العامة للمجتمع ، على اعتبار أن تفاعل الأفراد هو نتيجة لتكوين المجتمع بمعنى الاتجاه العام للمجتمع إما سلبا أو إيجابا ، يمكن رصده من خلال سلوكيات أفراده .
وعلى هذا الأساس ، فعلاقة الفرد بالمجتمع هي علاقة الجزء بالكل ، و لايمكن تصور انفصال الكل عن أجزاءه ، فالرابط نسقي-نظمي ، و بإسقاط حالة الخوف من الإسلام على الفرد في الغرب ، فإنها تنعكس على الحالة العامة للمجتمع .
تتأسس الفوبيا في المجتمع الغربي من خلال وجود "اتجاه" سلبي داخل الغرب في نظرته للإسلام ، وبالتالي تعامله مع المسلمين ، و"الاتجاه " في علم النفس هو "حالة استعداد عقلي و عصبي تنتظم عن طريق الخبرة ، وتؤثر بصورة موجهة على استجابة الفرد لكل المواضيع و المواقف المرتبطة بها "(6) و قوام ذلك الاتجاه أو (الاستعداد ) لدى أهل الغرب في تعاملهم مع المسلمين : العداء/الإسلاموفوبيا /الكراهية .
4/ في العنصرية و الهيمنة :
إن القول بإدعاء الغرب الحديث للإغريق يفسر اصطناع الغرب "نظرية الطبائع" و هي نظرية عنصرية و متعصبة ، ومؤداها أن للشعوب طبائع تتوارثها ، وقد دعمت هذه النظرية مقولاتها بكشوفات علم الأجناس الحيوانية كما ظهر عند "داروين" ، ثم عممت النتائج على الأجناس البشرية اعتمادا على فرضية تقول بوجود سلالات بشرية ترث سمات تتجاوز مراحل التطور التاريخي للمجتمع ، وأن السمات الوراثية هي المسئولة عن اختلاف التطورات الاجتماعية .و قد لعب علم اللغة الذي كان حديث النشأة دورا هاما في تأكيد هذا الحكم المسبق. و ترجع "نظرية الطبائع" في أصولها إلى الفيلسوف أرسطو ، الذي وضع للبشر تقسيما تراتبيا يتضمن تقسيم الأفراد إلى "حر بالطبيعة" و "عبد بالطبيعة"(7).
و قد انتهى الأمر بالغرب إلى تمجيد التفاوت التراتبي بين المجتمعات ، مع وضع أوروبا في أعلى درجة ، ومنحها الحق في الامتداد نحو بقية العالم –إما في إطار اكتشافات ، أو تبشيرا أو احتلالا-لبناء هوية أوروبا.
في قاموس "تريفو" فقد ورد على سبيل المثال عام 1777 تعريفا للأوروبيين من خلال :"الأوروبيون هم شعوب الأرض الأكثر تهذيبا ، والأكثر تمدنا ، والأحسن صنعا ، وهم يفقون جميع شعوب الأرض منزلة في العلوم ، الفنون ، التجارة ، الملاحة ، الحرب ، و في الفضائل العسكرية و المدنية ، إنهم أكثر بسالة ، وأكثر كرما ، وأكثر نعومة ، وأكثر اجتماعية ، و أكثر إنسانية (Cool.
لقد صنف" غوستاف لوبون "(1841م -1931 م) الأمم إلى أربع طبقات نفسية ، حسب عناصر اعتبرها ثابتة (منها ماهو راجع للأخلاق ، ومنها ماهو راجع إلى الذكاء ) و اعتبر أن الأمم الراقية –وهي أعلى طبقة-لا يندرج فيها إلا الأمم الهندوسية الأوروبية ، فهي وحدها التي أظهرت مقدرة على الاختراعات في الفنون ، العلوم و الصناعة ، سواء كان ذلك في زمن اليونان ، الرومان أو في عصرنا هذا ، وهي التي أوصلت الحضارة إلى درجة ارتقائها الحالي (9).
وفي عام 1991 ، أصدر المؤرخ الفرنسي "كريستوف روفان" كتابا ، تحت عنوان :"الإمبراطورية والبرابرة الجدد" و اعتبر فيه أن الإمبراطورية هي حضارة الشمال ، وأن البرابرة هم شعوب الجنوب في إشارة إلى الدول النامية .التي يتزايد عدد سكانها بوتيرة تخيف دول الشمال . و أن أشد ما يرعب "روفان " النمو السكاني الحاصل في دول الجنوب ، حيث يرى في كتابه أن الطريق الوحيد للحد من هدا النمو هو :"أن تتكفل الحرب ، المجاعة ، الفيضانات ، الزلازل و الأوبئة ، بإقصاء قسم من فائض السكان (10) ويقصد هنا التعداد السكاني الفائض عن مليار السكان أو ما يسمى في الغرب ب"المليار الذهبي " في أوروبا ، أمريكا، استراليا و نيوزلندة .
وأن المتتبع لمسار التاريخ الأوروبي ، يكتشف حالة العنصرية و الهيمنة من خلال ما يذهب إليه "عبد الله إبراهيم " مكرسة في الأدبيات الغربية من خلال فكرة"السمو الأوروبي "و فكرة "امتدادية أوروبا" وفكرة "أوروبا مركز العالم" ، حيث أن مظاهر الهيمنة مكرسة منذ القرن 18 م و تصبح أوروبا ، حسب" ميشال ديفيز" الوسيط للتقدم الكوني " و "السيد المعطاء" الذي ينبغي على العالم أن يعتمد عليه سياسيا وتكنولوجيا ، و ستحقق أوروبا –حسب "أرنو لد توينبي " –في كتابه "الإسلام و الغرب و المستقبل –"جمع العالم الإنساني كله في مجتمع كبير واحد ، و السيطرة على كل شيء فوق الأرض ، و في البحار الأجواء التي ستصل إليها الإنسانية عن طريق التقنية الغربية الحديثة (11).
ثانيا /الإطار التاريخي و السوسيولوجي للإسلاموفوبيا :
بعدما تطرقن إلى شرح أهم المصطلحات التي تخدم الدراسة يقود التحليل التاريخي و الاجتماعي إلى أن الرهاب من الإسلام في الغرب أو ما بعبر عليه بالإسلاموفوبيا ، مرده إلى هبوط الرسالة المحمدية ، حيث يمكن رصد محاولات الأحبار سواء في مكة أو في المدينة تشويه الإسلام و الحنث بالعهود و حربهم للرسول (ص) فضلا عن تسريب تحريفات يهودية في الثقافة الإسلامية .
تدل المحاولات الأولى على رؤية تبسيطية –إقصائية لرسالة الإسلام باعتبارها موجهة للعالمين. كما تمثل الحروب الصليبية المقدمات التجريبية الأولى لكراهية الإسلام و الحاملة لبذور الإسلاموفوبيا التي عبر عنها الجنرال الفرنسي "غورو" عندما دخل دمشق و سأل عن قبر "صلاح الدين الأيوبي " ثم ذهب إليه وركله بقدمه و قال :"قم يا صلاح الدين ها قد عاد الصليبيون من جديد.
كما أنتجت المؤسسة الدينية "سلطة الكنيسة"في أوروبا العصر الوسيط ، مجموعة من الصفات والأسماء التي أطلقت على المسلمين "شرقيون ، هاجريون : نسبة لهاجر ، إسماعليون نسبة لإسماعيل، سراقون "، وهم أيضا" أمة اللؤم والخداع" ،"شعب هدام و مدمر" ، "أناس قبيحي المنظر "، "برابرة"(12).
تعبر هذه التسميات و الصفات عن الصورة الوصفية للإسلام في القرون الوسطى في أوروبا ، حيث أظهرت الكنيسة الإسلام و المسلمين بمظهر :"الكارثة الطبيعية المدمرة"(13 ) حيث أن هذه العبارة موجودة في إحدى الرسائل البابوية .
لقد اتجهت الأغاني الشعبية التي طبعت الثقافة الأوروبية إلى تمجيد المسيحية و المقاتلين المسيحيين وتصور بطولاتهم و انتصاراتهم و هم يردون العدو الإسلامي ،وإن كان التاريخ الأوروبي قد أثبت ضعف هذا التصور (14) ، إلا أن الإسلام كدين لم يسلم من التشويه و التحقير ، فقد صور على أنه "دين ضلال" مبني على ثلاثية : "محمد" ، "أبولان" و"ترفجون " بمعنى الشر . كما وصف الإسلام بأنه:"بدعة اختلقها محمد لضرب المسيحية و تحطيمها ".
لم يسلم الرسول (ص) من الذم و القدح و ألصقت به كل أنواع الصفات التي لا يمنكن أن نجد لها تبريرا إلا في طبيعة العصور نفسها و طرائق تفكيرها و نظرتها إلى الآخر المختلف.فقد قدم على أنه "الدجال" و اعتبر صورة عكسية للمسيح ، كما صورته بعض الكتابات على أنه راهب مغضوب عليه "إيروس الجديد " و لكي ينتقم من المسيحية ، فقد إختلق دينا جديدا ،و قيل عنه أنه "عالم بفنون السحر " و تم التركيز خاصة على تعدد زوجاته(و هو موضوع عادة ما يختصر فيه الإسلام ).
تعد" فلسفة الأنوار " ركن أساسي للفكر الغربي ، وعلى الرغم من أسبقيتها و فضلها في إخراج الغرب من قبضة اللاهوت و تحجره ، لم تستطع التخلص من عقلية قرون الوسطى اللاهوتية و الإقصائية لكل ما يرمز للإسلام و المسلمين .، لقد أنتجت فلسفة الأنوار نوع من الثنائية و التذبذب في الخطاب: إعجاب و استهجان، انبهار و سخرية...
فمثلا ، يعد "فولتير" رمزا من رموز فلسفة عصر الأنوار ، إل أنه يمثل قمة التناقض ، ففي كتابه عام 1763 يرى :"أن الإسلام ، أروع دين جاء من الإله"(15).و يؤكد في كتاب آخر على أن النبوغ العربي وانجازاته الثقافية قد تمت تحت راية الإسلام ، ويدحض أن يكون الإسلام قد انتشر بالسيف (16).
لقد أهدى "فولتير " في نفس الوقت كتابا إلى "البابا " يحمل عنوان :"محمد أو المتعصب" ، و الذي حول إلى مسرحية لاقت نجاحا كبيرا ، حيث أعتبر محمد (ص) "متمردا ،"خائنا" ، مجرما" و "دجالا" ، ولم يكون أمة إلا من أجل الصلاة و التكاثر و القتال(17 ).
كما وصف "مونتسكيو" ميلاد الرسول "ص" بلهجة كلها سخرية و ازدراء ، و من الأفكار التي ذهبت في هذا الاتجاه كتاب "كوندورسي" الذي وصف الإسلام بقوله :"بالنظر إلى كل الأنظمة السياسية و الدينية التي يرزح تحتها الجنس البشري ، فإن النظام الإسلامي هو أكثر هذه النظم التي لا تترك مجالا للحرية "(18 ).
يمكن تفسير التناقض الذي غلب على كتابات فلاسفة الأنوار من خلال برجماتية هؤلاء و توظيفهم للإسلام لخدمة أفكارهم في مرحلة كانت تحت قبضة الفكر الكنسي التسلطي .، بمعنى أن فلاسفة عصر الأنوار استخدموا الإسلام و الشرق في حربهم ضد التعصب و ظلامية الكنيسة، فكلما توافق الإسلام مع أفكارهم و تعارض مع أفكار الكنيسة مدحوه ، أما إذا تعارض مع رؤاهم ، هاجموه بأكثر حدة و ألصقوا به كل التهم و الشوائب .
توضح فلسفة عصر الأنوار في أوروبا تجاه الإسلام و المسلمين ، توضح تحكم سلطة الكنيسة في رسم التصور العام للإنتاج الفكري في ذلك العصر، حتى و إن كانت بعض تصورات فلاسفة عصر الأنوار و خاصة في فرنسا موضوعية ، إلا أنها في الواقع لم تكن حصيلة اقتناع و دراسة وافيين ، و يغلب عليها التناقض في المحتوى أكثر من الموضوعية و المصداقية العلمية لحقيقة الإسلام .
أما الإستشراق كرؤية أكاديمية علمية للإسلام ، فقد خضعت العديد من كتابات الإستشراق للدراسة والنقد من بعض المفكرين العرب و المسلمين و بعض الغربيين أنفسهم ، و يعد كتاب "الإستشراق " لمؤلفه "إدوارد سعيد" المرجعية التاريخية لتفكيك الرؤية الإستشراقية ، إذ ينفي "سعيد" عن المشروع الإستشراقي أية علمية ، و يعتبره مؤسسا لنظام "رؤياتي " إيديولوجي" "عنصري " و "متعالي" في مقاربته للإسلام (19 ).
يعتبر "حسن حنفي " أن الإستشراق هو :"نتاج ثقافة غربية استعمارية ذات صبغة إيديولوجية بحتة، وهو تعبير عن الإثنية الأوروبية حيث تسود التسلطية و حب الهيمنة (20)، في حين يقسم "الطيب تيزيني " المستشرقين إلى :استعماريين و متعالين ، و إنسانيون منفتحون على الثقافة الإسلامية .(21).
لم يسلم الإستشراق من النقد ، حتى من الدائرة الغربية ، ف"ماكسيم روندسون" يرى أن الإستشراق لم يعط إلا نتائج معرفية هزيلة في دراسته للإسلام ، و السبب في ذلك هو عجزه عن التخلص من المعايير الإثنية الغربية عند تناوله للإسلام (22) و يعتبر "خوان غويتسلو" أن الإستشراق ظهر لخدمة المصالح الاستعمارية الغربية ، و تسهيل عملية السيطرة على الشعوب الإسلامية (23).
والواقع ، أن المشروع الإستشراقي في مجمل أفكاره ، لم يكن مهيأ-في نشأته-لمقاربة الإسلام كعقيدة و حضارة مقاربة تبتعد عن الاستعلاء ، وذلك لعدة عوامل منها :
لقد تأسس الإستشراق كعلم لدراسة الشرق مع بداية التوسع الاستعماري الغربي ، مما جعله وسيلة في يد السياسيين الغربيين من أجل تحكم أكبر في الشعوب الإسلامية المستعمرة .أو من كان الاستعمار يطلق عليهم مصطلح "الأهالي" .

وعليه ، فالدراسات التي قام بها المستشرقون حول ثقافة تلك الشعوب الإسلامية و أنماط حياتها في جميع الميادين ، وظفت في قمع ذات الشعوب و السيطرة عليها ن باستثناء القليل من المستشرقين ، كان جلهم مطبوعين بالإثنية الغربية المتعالية التي لم تر في الشعوب الإسلامية إلا تجمعات تحتاج إلى التحضر والخروج من البربرية .
تمثل هذه العوائق السياسية و السيكولوجية الموروثة عن حقب التاريخ السابقة، عقبات تحول دون مقاربة الإسلام كواقع ثقافي يمكن دراسته دون تدخل اعتبارات الانتماء، حيث تبين العديد من كتابات المستشرقين المعاصرين اعتمادها على عنصرين هما:
 يكمن العنصر الأول في العاهات الفطرية و حتى الأنطولوجية للشعوب التي تدين بالإسلام .
 تميز الإسلام كدين –بحسب المستشرقين –بأنه "دين مطبوع بطابع التخلف" و "عدم الحركية" و الثنائية المعروفة ب"التعصب-التوكل" .
لقد ذهب "إرنست رينان" لذي تخلى عن أبسط القيم الأكاديمية ، إلى اعتبار الإسلام بمثابة :"السلسلة الأكثر ثقلا و التي لم تحمل البشرية مثلها من قبل "، كما أوضح في محاضرة له بعنوان :"دور الشعوب السامية في الحضارة "أن الإسلام هو "التعصب" هو "احتقار العلم" "إلغاء للمجتمع المدني " .
كما وصف "لويس ما سينيو" الرسول "ص" بأنه صاحب أفكار ضحلة ، يرجع في التدبير إلى قلبه وليس عقله (24).
في حين اتخذ "جاك بيرك" موقفا متعاطفا من الإسلام ، عندما صرح في إحدى المقابلات أنه :"كاثوليكي روماني و لكنه يحب الإسلام".
أما في العصر الحديث ، فإننا نلاحظ تعدد الكتابات و تنوعها بحسب تعدد المرجعيات الفكرية لأصحابها، خاصة المدرسة الأمريكية التي تهتم بدراسة المجتمع الإنساني انطلاقا من حركيته و تفاعله .
لقد ركز الجيل الجديد من المستشرقين في دراسته للظاهرة الإسلامية معتمدا منهجيات العلوم الإنسانية و الاجتماعية ، مما قد يخلص الدراسات التي تتناول الإسلام من التصورات القديمة و يخلق "قطيعة إبستمولوجية" مع عقلية الإقصاء.


يغلب على هذه الدراسات أنها تلغي الممارسات الحضارية المتعددة داخل الفضاء الإسلامي ، وذلك باعتماد "إستراتجية التحاشي " و اقتصر الاهتمام فقط بالحركات ذات الماهية السياسية أو ما يعرف حاليا بالإسلام السياسي . غير أن تلك المعرفة المتعلقة بالإسلام السياسي ، تمت مقاربتها بطريقة استخداميه براغماتية تبتعد كل البعد عن المعايير العلمية من أجا إعادة إنتاج الصورة الكنسية التي كانت مكرسة في القرون الوسطى ، فمعظم ما تم تناوله ، تعلق ب"الإسلام الراديكالي ""الإسلام المتعصب" "الإسلام المتطرف" و"الإسلام الظلامي" ،" إسلام تعدد الزوجات " و "إسلام الحرب المقدسة ".
تمتلك الكتابات الإستشراقية الجديدة ، وسيلة جديدة ، لم تكن لدى الجيل القديم ، وتتمثل في وسائل الإعلام التي لعبت دورا هاما في "شيطنة "الإسلام وز المسلمين .
فبدل أن تكون الدراسات الإستشراقية عنصر توازن و مصدر معرفة متوازنة ووسيلة للتواصل الحضاري بين الإسلام ،والغرب ، تستعين هذه الكتابات بالإعلام و يتم ترويجها على أساس أنها دراسات "أكاديمية و علمية ".
وما يمكن ملاحظته عند قراءة الإنتاج الإستشراقي الجديد ، هو استعمال لغة إعلامية درامية أكثر منها أكاديمية عقلانية ، و تمثل كتابات "جيل كيبل " نموذج للتحليل الذي لم يستطع التخلص من ذاتية الانتماء و تحويل القطيعة المعرفية المنشودة إلى ممارسة .
ويمكن إضافة تناول الفكر الإستشراقي لمقاربة "إسلام الهجرة " ، فإذا سلمنا جوازا أن الدراسة الإستشراقية للمجتمعات الإسلامية كانت ناتجة عن قوالب ذهنية جاهزة و مشوهة ، وقبلنا في نفس الوقت الصفة المتعالية للمجتمع الغربي على باقي المجتمعات ، فكيف نفسر تحامل الغرب على المسلمين في دار المهجر ؟ فعلى الرغم –إذن-من تواجد الإسلام داخل الفضاء الثقافي و الجغرافي الغربي ، إلا أن ذلك لم يشفع له من أن يدرس بطريقة موضوعية ، ف"خبراء الإسلام" و هم يكتبون عن الضواحي الفرنسية (باريس و ليون و مرسيليا تحديدا )التي تقطنها جالية عربية و مسلمة كبيرة ، لم يهتموا بتشريح أسباب الواقع الاجتماعي و الثقافي البائس لهذه الجالية حيث الإقصاء و العنصرية ، على الرغم من استخدام خطاب سياسي قائم على العدالة و حقوق المواطنة ،في حين الممارسات تحيل إلى واقع آخر ، بل تؤدي هذه السلوكيات إلى توسيع فجوة اللاتفاهم بين المجتمع الفرنسي و الجالية العربية الإسلامية (محاولات الأحزاب اليمينية خاصة في فرنسا الهادفة لطرد كل المهاجرين من أصل عربي –إسلامي .


تؤدي هذه السياسات إلى إحياء القوالب الذهنية السابقة ، و التي سادت منذ البدايات الأولى للتفاعل الاجتماعي –الحضاري بين العالم الغربي و العالم الإسلامي ، فالإستشراق الجديد لا يخرج عن المسار الإختصاري –التبسيطي و التحيزي الذي ينبئنا به تاريخ العلاقات بين العالمين، بل أن عصرنا يتميز في استعمال وسائل البث و التكنولوجيا الرقمية بهدف تمرير أفكار أو صور بهدف تشويه الرسالة الحضارية للعالم الإسلامي .
ثالثا /الإطار النظري و الفكري المحدد لأسباب الخوف الغربي من الإسلام:
ينم المسار التاريخي و السوسيولوجي و الحضاري- الذي يربط العالم الغربي بالعالم الإسلامي –على وجود مقاربة نظرية و فكرية شارحة لأسباب العداء بين المنظومتين، ومختلف الآليات الغربية المستخدمة لتكريس الصورة السلبية للإسلام و المسلمين .
يتناول الإطار الفكري و النظري نظرية المؤامرة و محاولة إثبات استعمالها في التعامل الدولي مع العالم الإسلامي، على الرغم من ذهاب بعض مفكري العالم الإسلامي من أمثال "أحمد زويل " الذي ينفي نظرية المؤامرة و يعتبرها "كلام فارغ"(25) ، ثم يتم استعراض الأسباب المؤدية لنشء الكراهية بين العالمين و إنتهاءا بذكر آليات تنفيذ إستراتجية الكراهية و المواجهة .
1-مفهوم نظرية المؤامرة :
يرى "حسن حنفي " أن:"التآمر موجود في كل مكان...القوى الكبرى تتآمر فيما بينها ، وتتآمر على القوى الصغرى ، وهو شيء وارد و جزء من اللعبة السياسية .(26).
يقرر "إبراهيم أبراش " أن:"كل مطلع و ملم بعلم السياسة، يعرف أن السياسة هي سعي لتحقيق المصالح..فالمصلحة هي الهدف الأول الذي تسعى إليه الدول و الأنظمة في سلوكها الداخلي و الخارجي، وأن تحقيق المصلحة الوطنية لدولة ما يتم بإحدى الطريقتين: إما بالسلم حسب قواعد القانون و الأعراف الدولية، أو بالحرب و الصراع و ما يصاحبهما من خداع و مناورة و تآمر. و القول أن السياسة لا تعرف الصراع والتآمر هو قول لا يستقيم مع فهم السياسة على حقيقتها.
ففي كتابه "حرب الخليج دفعتني إلى الاستقالة " يرى "جان بيير شوفنمان" الذي استقال احتجاجا على الحرب ضد العراق عام 1991 ، أنه :"في كل مرة أراد العرب استدراك تخلفهم و لأسباب وجيهة أن يصنعوا وحدتهم ، كانوا يجدون الغرب على طريقهم يمنعهم من تحقيق أهدافهم ، كما حصل غداة الحرب العالمية الأولى (مؤامرة سايكس –بيكو) ، وأن يبقوهم داخل حدودهم المصطنعة ، أو ليردوهم نحو الماضي ، بما في ذلك استخدام قوة السلاح .. و في كل مرة أراد نظام عربي أو مسلم الانفتاح على الحداثة ، كان الغرب يسد الطريق عليه ..فبالأمس كان ذلك مع محمد علي باشا و خديوية مصر ، و بعد ذلك مع جمال عبد الناصر ، و محمد مصدق في إيران ..و كان من بين النتائج المباشرة لحرب الخليج الثانية (1991) "بطح "بلد عربي واحد هو العراق، وهو الوحيد في المنطقة الذي بدأ ينزع عن نفسه رداء التخلف (27).
يمكن ذكر من الأمثلة التآمرية ،عبر استطلاع التاريخ ، من خلال تآمر بريطانيا ، فرنسا و إسرائيل في مدينة "سيفر" الفرنسية لشن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، وتآمر أمريكا مع إسرائيل على الأمة العربية في جوان 1967 .
وبالنتيجة ، يمكن القول أن نظرية المؤامرة على الإسلام موجودة ، وليست مرتبطة بأحداث اا/09 ، كما يذهب البعض ، بل مردها إلى البدايات الأولى لعلاقة العالم الغربي بالعالم الإسلامي .
2-أسباب العداء و الخوف من الإسلام :
لاحظ المؤرخ الفرنسي "كلود كاهين " في رده عن تساؤل عن أسباب الخوف من الإسلام ، أن :"أحد عوامل الإقبال الكبير على كتابة تاريخ الحروب الصليبية ، يرجع إلى أن ثمة رغبة متواصلة لدى الغرب في تأكيد ذاته في مواجهة الشرق و العرب و المسلمين ، و أن عودة الغرب إلى هوية العصور الوسطى و منطقها أقوى مما هو الحال في بعض بلدان الشرق الإسلامي ، وقد تزايدت هذه العودة بعد زوال المعسكر الاشتراكي ، وبروز حاجة دول الحضارة الغربية إلى خصم جديد تتهرب من خلاله من حل مشاكلها المزمنة ، وهذا الخصم الجديد هو العرب و المسلمون عامة .(28).
يقول "غراهم فولر" و أيان ليسر " في كتابهما "الإسلام و الغرب ..بين الشرق و الغرب " ، وفي مجال عرضهما لأصل المشكلة بين الغرب و الإسلام :"أنه بعد انتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب، شاع بين الناس اعتقاد بأن الصراع الإيديولوجي العالمي القادم قد يكون بين الإسلام و الغرب ، وذلك تأسيسا على محاولة الغرب (بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ) فرض هيمنته المطلقة على العالم ثقافيا ، سياسيا، اقتصاديا و عسكريا ، وبكل وسيلة أخرى ممكنة ، وأن هذه المحاولة لابد و أن تولد رد فعل –على هيئة ما –تتخذ موقف التحدي من الحضارة الغربية ، والمرشح الأرجح للقيام بذلك الدور المتحدي هو الإسلام ، لأنه يشكل المنافس السياسي و الفكري (الإيديولوجي ) الرئيسي للغرب (29).
ويرصد "إبراهيم نافع " التهم التي ترتكز عليها ألة الدعاية في الغرب لتشويه الإسلام (ضمن نطاق الحرب ضد الخطر الأخضر الذي هو الإسلام ) و يبرز منها التهم التالية :
 إنه يقوم على القهر و الغلبة، و يريد أن يفرض نفسه غصبا على جميع الأجناس و الأديان، وأنه توسع بحد السيف، وغزا البلاد الأخرى.
 إنه يحرم حرية الرأي و العقيدة، ويحجر على أبناء الديانات الأخرى في ممارسة عقائدهم، و المقارنة بين ما يحدث في البلاد الإسلامية و البلاد الغربية في هذا الصدد ليست في مصلحة الأخيرة.
 إن الإسلام في سبيل نشر دعوته، أعلن الحرب ضد جميع الشعوب و مختلف الأديان، بل و يذهبون إلى أن الحرب من أسس العقيدة الإسلامية.
 إن الحرب هي وسيلة تعامل المسلمين مع الغير، و أنهم لا يجنحون إلى السلم أبدا، إلا إذا تم قهرهم.
 إن الإسلام لا يرعى العهد و لا يحترم المواثيق و المعاهدات، وفي هذا الصدد، يكثر حديثهم عن الجهاد باعتباره إعلانا للحرب كسياسة ثابتة للمسلمين تجاه الغير (30).
يمكن تحديد مجموعة من الأسباب المؤدية لنشوء الكراهية زو المواجهة بين الغرب و المسلمين ، حيث يمكن ذكر :
تناقض القيم السائدة بين المنظومة الغربية و المنظومة الإسلامية :
يمكن القول أن هناك تناقضا بين القيم التي تشكل ثقافة الإسلام و القيم التي تشكل ثقافة الغرب ، فمثلا ، تسود في الإسلام قيمة "الإنسانية " و من ثمارها الإخاء و المساواة ، بينما تسود في الغرب "العنصرية" وجوهرها النزعة المركزية الغربية ، وتسود في الإسلام "الجماعية" و جوهرها العمل الصالح لمنفعة أكبر عدد ممكن من البشر ، بينما تسود في الغرب "الفردانية " و جوهرها طلب النجاح الفردي و لو على حساب الآخرين ، و تسود في الإسلام "العدالة " في كل مجال حتى مع الأعداء ، بينما يسود في الغرب الجري وراء" الربح "بأي ثمن ، و عليه ، تتميز ثقافة الإسلام "بالتعاونية " أما ثقافة الغرب فهي ثقافة "العداء" ، و نستدل على ذلك من خلال مقولة "برنارد لويس" :"إننا نواجه مزاجا و تحكا سيرفعان إلى حد كبير من وتيرة القضايا و السياسات التي تنتهجها الحكومات ، وهذا ليس صدام حضارات ، قد يكون ذلك هو رد فعل اللاعقلاني بل التاريخي لخصم قديم ، على تراثنا اليهودي –المسيحي ، وحاضرنا العلماني ، و انتشارهما على نطاق عالمي (31).
الإسلام عامل توحيد:
يمثل الإحساس بالأمة الإسلامية الواحدة جزءا من التكوين النفسي للمسلم، بينما اختفى هذا الإحساس عند المسيحيين إلا في حالة لجوء دولة غربية إليه ،كما حدث مع كل من أرثوذكس الصرب وكاثوليك الكروات في حروب البلقان الأخيرة ، ..
يدرك المسلمون ، أن الغرب تآمر و يتآمر للحيلولة دون توحد الدولة الإسلامية في كيان واحد يناظر التكتلات الغربية ، و يرى الغرب أنه في الوقت الذي حلت فيه القومية محل الدين ، فإن الإسلام لايزال يؤدي دوره كقوة دينية و سياسية عاطفية تجمع أمة الإسلام –على تباين أعراقها-في نسيج واحد يسمو على كل صور الخلافات العرقية و القبلية و الإقليمية .

يقرر كل من "فولرو ليسر" إن إحساس المسلمين بانتمائهم إلى أمة واحدة لا يزال يمثل إلى يومنا هذا صورة مميزة للتكوين النفسي عند غالبية المسلمين ، وأن هذا الإحساس بالانتماء إلى الأمة الإسلامية الواحدة يشكل أعظم مخاوف الغرب من الإسلام ، و لذلك يعمل الغربيون باستمرار على تفتيت الأمة الإسلامية ، وعلى الحيلولة دون توحدها ، وهذه واحدة من أخطر القضايا بين الغرب رو المسلمين ، وخاصة في هذه الأيام التي يحاول فيها الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق المزيد من التوحد بين مختلف كياناته ، مع تحقيق المزيد من التفتت في العالم الإسلامي (32).
الإسلام عامل مقاومة:
يرى "مارسيل بوازار" :"لقد ثبت أن الإسلام روح كل مقاومة يبديها شعب مغلوب سياسيا ، ومحك كل مقاومة" ففي إفريقيا ، ساهم الدين في إقامة مجتمع جديد خارج النطاق القبلي أكثر جدارة بمقاومة التأثير الأجنبي .
وفي آسيا تماسك الإسلام المرن ، ونما في وجه النفوذ الاستعماري ، وقد حمل الإسلام في أكثر الأحيان راية الصراع مع الإستعمار .
ويضيف "بوازار "أيضا :"لقد تأكد أن جميع الانتفاضات التي سادت البلاد الإسلامية في عشرات السنين الأخيرة كانت إسلامية بصورة حقيقية ، مهما كانت صبغة الأزياء التي ألبستها "(33).
يرجع المستشار "طارق البشري " :"المقصود من الهجوم على الإسلام و الشريعة الإسلامية ، هو تفكيك قوى التماسك في هذه الأمة ، فالقوى المعادية الإسلام في الخارج تعلم أن أفضل العناصر التي تستحث المقاومة ضد الغزو الأجنبي و السيطرة الأجنبية ،وأنه أفضل العناصر التي تمكن من الاستقلال لذلك ، فهم يهاجمون الإسلام و المسلمين لهذا السبب (34).
3- آليات عداء الغرب للإسلام :
يستخدم الغرب في عدائه للإسلام عدة آليات ، و أبرزها : التفتيت ، التغريب ، الاستيطان ، مكافحة الإرهاب و الدعوة إلى التجديد الديني ،....
التفتيت: يرى المستشرق "برنارد لويس" :"أن الإمبراطورية العثمانية كانت منذ تأسيسها ، وحتى زمن سقوطها تكرس قواها في سبيل تقدم شوكة الإسلام و حمايته ضد أي إعتداء خارجي ، وقد ظل العثمانيون طوال أربعة قرون تقريبا في حرب مستمرة ضد الغرب المسيحي ، أولا لمحاولة فرض حكم إسلامي على جزء كبير من أوروبا و هي محاولة رافقها النجاح، وثانيا لشن حرب دفاعية تأخيرية مديدة في وجه الهجوم المعاكس (35).
لذلك كله ، فقد كان هدف الغرب "دحر الإمبراطورية العثمانية و تدميرها (36)، ولم يكن القضاء على الدولة العثمانية ، إلا مظهرا من مظاهر الهجوم العام الذي يشنه الأوروبيون على الإسلام (37)، وقد أحصى أحد الباحثين "مئة مشروع لتقسيم الدولة العثمانية" خلال فترة : 1281-1914 ، تقدم بها سياسيون ، مفكرون ، قساوسة ، يقترحون فيها طرائق لتفتيت بلاد الشام ، لأن الجميع في الغرب كانوا على اتفاق على إضعاف الدولة العثمانية ذات التوجه الإسلامي و تفكيكها و بالتالي إزالتها من الوجود.
التغريب: لقد عملت حملة الغرب ضد الإسلام على تصفية و قتل عوامل نهضة الأمة الإسلامية من الداخل، بمعنى من داخل الإنسان والمجتمع و ضرب عوامل المناعة و المقاومة في النفس الإسلامية .
تقوم الحملة التغريبية المعاصرة على القضاء –و بصورة نهائية –على الهوية الذاتية التاريخية للأمة من خلال عملية تغريب شاملة للأمة ثقافيا ، اقتصاديا ، سياسيا و اجتماعيا ، و إلحاقها تهائيا بالمركز الغربي الإمبريالي تحت شعار :"إلغاء الذات و الهوية الخاصة لحساب هوية الغرب و تماهي المغلوب على الغالب ، حتى تصبح جزءا هامشيا متطفلا لا يملك حتى شرف المشاركة في إعادة إنتاجه ، فليس أمامنا إلا استهلاكا دائما و أبدا من جهة ، وتسخيرنا و استخدامنا و استعبادنا لحسابه دائما و أبدا من جهة أخرى ، و كأن بالغرب يحدث نفسه بأن حملته المعاصرة هي الرد المضاد و التصفية الشاملة لكل المكاسب التاريخية للفتح الإسلامي منذ 1500 عام (38).
يحفل التاريخ العربي و الإسلامي بأبجديات لأفراد من صلب الحضارة الإسلامية ، لكنهم يؤازرون الغرب في حملته ضد الإسلام ، فينعتهم "جلال أمين " ب"المفتونين بالحضارة الغربية "(39) و يسميهم "أنور عبد الملك ""بالعملاء الحضاريين" (40) و قد سماهم "جمال الدين الأفغاني " قديما ب"طلائع جيوش الغالبين "(41) ، في حين عرفهم "روجيه غارودي" حديثا ب"جيوش الاستعمار الجديد(42).

الاستيطان: لقد أوصى مؤتمر "كامبل بنرمان" (المنعقد سرا في لندن عام 1905-1907) و من أجل ضمان مصالح الغرب في منطقتنا بعد إسقاط الدولة العثمانية الإسلامية ب:
 على الدول ذات المصالح المشتركة أن تعمل على استمرار تجزئة هذه المنطقة و تأخرها، وإبقاء شعبها على ما هو عليه من تفكك و جهل و تأخر.
 ضرورة العمل على فصل الجزء الإفريقي في هذه المنطقة على الجزء الأسيوي ، ويقترح المؤتمر لذلك إقامة حاجز بشري ، قوي و غريب ، يحتل الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم و يربطهما معا بالبحر الأبيض المتوسط ، بحيث ، يشكل في هذه المنطقة و على مقربة من قناة السويس ، قوة صديقة للاستعمار ، و عدوة لسكان المنطقة (43).
مكافحة الإرهاب: يرى المستشرق الأمريكي "برنارد لويس" في دراسة له حديثة "أن الإرهاب يكمن في صميم العقيدة الإسلامية "(41) ويلاحظ "محمد عابد الجابري " أن :"المقصود بالإرهاب في الخطاب الأمريكي، وبالدرجة الأولى ، هو ما تقوم به جماعات ترفع شعار الإسلام بهدف التشويش على الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط " (44).
كما أكد "عبد الله أحمد بدوي ":" أن العديد من المسلمين في العالم يشعرون أن الحرب ضد الإرهاب هي حرب ضد الإسلام ، فيما لايقدم الغرب أية ضمانات تقنعهم بعكس ذلك ."(45).
و لقد تم استغلال هجمات 11/09 ، لتعميق الهوة الفكرية و تكريس الصراع بين العالم الإسلامي و العالم الغربي ، إذ حذر رئيس باكستان السابق في عام 2004 من :"احتمال ظهور "ستار حديدي بين العالم الإسلامي و الغربي ، إدا لم يتحقق العدل للمسلمين في النزاعات الدولية ، وخاصة في الشرق الأوسط "(46).
الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني: يعرف التجديد على إعادة الشيء لما كان عليه في الأصل، فتجديد" الفكرة " معناه إزالة ما لحق بها من انحرافات و شوائب لتكشف عن جوهرها أو أصلها الذي هو الحق.
يرى "عبد الله الدائم " إن هذه القيم ، أصابها بعض الركود و الجمود ، حتى في النفوس ، في عصور التخلف فقدت بريقها و إشعاعها ، وتراكمت فوقه قيم دنيا –إن صح أن نسميها قيما –كادت تطفئها و تقضي عليها بثقلها (طغيان القيم الزائفة على القيم الأصلية ).

ينسى الناس –في عصور التخلف-المعنى و الجوهر، ويستمسكون بالمظهر و الشكل و الطقوس. (47) فحالة المجتمعات العربية و الإسلامية بحاجة إلى تجديد أصيل يقوم على إعادة إحياء القيم النوعية ، مثلما يرى "جاك بيرك" :أعتقد أنه من المستحيل أن يصل شعب من الشعوب إلى مستقبل سليم ، بدون احترام و إحياء القيم ، سواء سميتها خالدة أو طبيعية ، فلا مجتمع بدون قيم ، و إننا نشاهد كل يوم الكوارث المخيفة الناتجة تهافت القيم في المجتمعات "(48).
تتطلب عملية بناء المجتمعات من الناحية العملية ن إصدار أحكام فقهية تلاءم التغيرات في الزمان والمكان والعادات ، باتجاه العصرنة و التيسير في الدين، مع الالتزام بالكتاب والسنة ، ونقصد الالتزام بالثوابت والقطعيان الدينية و ماهو معلوم من الدين بالضرورة .
ولعل من أخطر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي ، تلك المتعلقة بتجديد الخطاب الديني، فقد صدر كتابا حديثا في الولايات المتحدة الأمريكية ،ووزع في فلسطين ، يحمل عنوان :"الفرقان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإسلاموفوبيا: تحليل نظـري معـرفي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ظاهرة "الإسلاموفوبيا" تتصاعد في أوروبا
» الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف في أوروبا
» انعكاسات الإسلاموفوبيا على العلاقات المتوسطية بعد 11 سبتمبر 2001م
»  تحليل النزاعات sylabus
» الإسلاموفوبيا كمحدد للسياسة الخارجية الأمريكية في الساحل الإفريقي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** لسا نـــــــــــــــــــــــس ******** :: السنة الثالثة علوم سياسية ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات ) :: عـــلاقــــــــات دولــــيــــــة ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1