أزمة الرهائن الأمريكان في ايران 1979 "الجزء الثالث"

الفصل الثاني"
أطراف الأزمة "قريب – بعيد"


المبحث الأول:الولايات المتحدة الأمريكية:
- إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تشكل قوة عظمى في ذلك الحين وكانت تتربص للاتحاد السوفيتي لتحول دون توسعه بالمنطقة وخاصة بعد أن توسع ووصل إلى أميركا اللاتينية‘ وبعض الدول الإفريقية من خلال الأنظمة اليسارية الموالية له ‘ كان يحكم أميركا الديمقراطيين في هذا الفصل من الزمان، برز الدور الأمريكي في إيران بجلاء منذ عام 1953‘ إثر تدخلها في إيران لتدبير انقلابا ضد رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق ‘ الذي قام بتأميم النفط وأعلن قطع العلاقات السياسية مع إيران في ذلك الوقت.
ومن ثم يعود الشاه للحكم ،فتعاظم النفوذ الأميركي ،واعتبر الشاه أن حكومته مدينة للولايات المتحدة ‘ ولذا توثقت العلاقات الإيرانية – الأمريكية.
وخلال الفترة ما بين 1962- 1978 لعبت إيران دور شرطي المنطقة بدعم من أميركا ‘ وتبادل نظام الشاه محمد رضا والحكومة الأميركية المصالح ‘التي رافقها تزايد عائدات النفط وتعزيز القوات المسلحة الإيرانية وحزب المعارضين في الداخل من خلال مظلة دعم أميركية .
ومن ثم جاء إعصار الثورة الإسلامية في إيران ‘ وبدت مقدماته في تظاهرات حاشدة للمعارضة في بداية عام 1978 . وبسقوط نظام الشاه ‘ واقتحام الطلبة الايرانين مقر السفارة الأميركية بطهران واحتجاز أعضاء السفارة رهائن لمدة 444 يوما ‘ تأزمت العلاقات الأميركية الإيرانية وعلى اثر فشل عدة عمليات عسكرية أميركية لتحرير الرهائن‘ بدأت الولايات المتحدة الإعداد مع العراق لشن هجوم على إيران ‘ في حرب كان التوافق على استمرارها هو مسارها الاستراتيجي.



المبحث الثاني: العراق:
- هنا يظهر لنا طرف أخر يمكن أن نسميه كان بعيدا فاقترب نتيجة لان الظروف قد استدعته وهو كان طرف فاعل في نهاية الأزمة ،ألا وهو العراق ، حيث وقعت الحرب بين العراق وإيران (حرب الخليج الأولى) واستمرت من أيلول /سبتمبر 1980 إلى أب /أغسطس 1988 . واعتبرت هذه الحرب من أطول الحروب التقليدية في القرن العشرين ، ترجع أصول الخلافات الإيرانية - العراقية إلى قرون عدة من الزمن حيث كانت هناك باستمرار نزاعات وخلافات حول الهيمنة على المنطقة بين الممالك المتعاقبة في بلاد ما بين النهرين (العراق) والإمبراطورية الفارسية _ قبل هيمنة الإمبراطورية العثمانية على العراق - كان العراق جزءا من الإمبراطورية الفارسية ‘ وقبل ذلك كانت مساحات شاسعة من إيران تحت سيطرة البابليين والاشورين ‘ ونذكر بان داريوس الأول الذي جاء حكمه على أنقاض امبراطرية بابل الثانية كان فارسي أي كان يحكم العرق تلك الفترة فارسيين ، ولكن الوضع تغير في عهد مراد الرابع حيث اغتنم فرصة ضعف الصفريين واستطاع أن يضم العراق إلى حكم العثمانيين ولكن الخلافات على ترسيم الحدود بقيت مشكلة عالقة بين عامي 1555- 1975، حيث تم التوقيع على ما لا يقل عن 18 اتفاقية لترسيم الحدود بين البلدين.ولكن جذر الخلافات هنا كان حول السيطرة على إقليم الأهواز الذي يقطنه ايرانين عرب من إقليم عربستان/ الاهواز منطقة غنية بالنفط ولكت عند مجيء عبد الكريم قاسم إلى السلطة قام بدعم الحركات المطالبة بالاستقلال وعرض هذا المشروع في الجامعة العربية ولكن لم يحالفه النجاح حيث قتل عبد الكريم قاسم في انقلاب قاده حزب البعث الاشتراكي عام 1963.
وفي عام 1969أعلنحزب البعث الاشتراكي صاحب السلطة في العراق آنذاك أن الأهواز عربستان هو جزء من العراق وبدأت الإذاعة العراقية بنشر بيانات تحث الشعب العربي الاهوازي للقيام بثورة ضد نظام الشاه في إيران.
في عام 1971 قطع العراق علاقاته الدبلوماسية مع إيران .
ومن الأسباب الرئيسية أيضا في الخلاف هو موضوع السيطرة على شط العرب الذي كان تحت السيادة العراقية الكاملة للعراق قبل عام 1975‘ ولكن في هذا العام اقتسمت الدولتان السيدة عليه بعد اتفاقية الجزائر والتي تكف الشاه في إيران على إثرها عن مساعدة الثوار الأكراد في العراق وبخاصة مصطفى البارزاني، في مقابل تنازل العراق عن بعض حقوقه في شط العرب.
- عند مجيء صدام حسين إلى السلطة في العراق عام 1979 كان الجيش الإيراني جيشا ضعيفا فبعد أن كان مصنفا كرابع جيش في العالم وبسبب إعادة الهيكلة وتعرض القياديين السابقين في الجيش إلى حملة اعتقالات على يد صالح خلخالي حاكم شرع إيران بعد الثورة الإيرانية وعندما بدأت بوادر تصدير الثورة الإسلامية إلى الشرق الأوسط وخوف دول ذات أقلية شيعية من امتداد الثورة إليها وعوامل أخرى لعبت دورا في إشعال فتيل الحرب.
بدأت العلاقات تتدهور بين البلدين وبخاصة عندما قام صدام حسين في 17 سبتمبر 1980 بتمزيق اتفاقية الجزائر لعام 1975. وكان من المقومات التي دفعت صدام حسين إلى القيام بالحرب هو تسهيل وتزين طريقه إليها من قبل الولايات المتحدة الأميركية بعد عملية احتجاز الرهائن .



المبحث الثالث:إيران:
- إن إيران في هذا الوقت قد شهدت ثورة إسلامية حولت إيران من نظام ملكي دستوري، إلى جمهورية إسلامية عن طريق الاستفتاء . أية الله أو الإمام الخميني ، ويعد الخميني مؤسس الثورة . الذي تمكن من إحداث تغييرات جذرية في النظام الإيراني ما زالت متعذرة حتى بعد أكثر من عشرين سنة بعد موته وذلك لأنه أستطاع إن يشكل نقطة التقاء بين كثير من القوى المكونة للمجتمع الإيراني . فهو أستطاع أن يكتسب الشارع الإيراني من خلال كثير من كتاباته ككاشف الأسرار والحكومة الإسلامية عن فساد الحكومات الإيرانية المتعاقبة ومطالبة المراجع الشيعية بترك العزلة وولوج السياسة لإقامة دولة إسلامية.
ولقد بدأت عملية ترسيخ جذور الدولة الإسلامية بتغييرات دستورية جعلت من المستحيل على التيارات الليبرالية والعلمانية أن يكون لها موطئ قدم تنطلق منه وذلك بإيجاد مجالس غير منتخبة كمجلس الأوصياء الذي لديه صلاحيات لرفض قرارات المجلس التشريعي وقرارات الرئيس ‘ أي أن إيران ستكون لها مؤسسات منتخبة تتم من خلالها مشاركة المجتمع في القرار ولكن في ظل وصاية العلماء وكل هذه المؤسسات ستكون خاصة للرجل الذي يملا منصب ولاية الفقيه وهو الخميني نفسه ومن يتبعه في هذا المنصب طبعا .
وتعاقب على السلطة ثلاث تيارات في إيران منذ الثورة وهي تتمثل في " التيار ألمحافظي الذي يمثله مرشد الثورة الخامنائي والذي خلف الخميني والتيار البرغماتي أو الواقعي ويمثله رافسنجاني ‘ والتيار الإصلاحي الذي يمثله خاتمي والذي تجرأ على المؤسسات الدينية وهو جزء منها.
ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الإيراني الحالي محمود احمدي نجاد هو احد الطلبة من حرس الثورة الإيرانية الذين اقتحموا السفارة الأميركية واحتجزوا من فيها.



المبحث الرابع:الاتحاد السوفيتي:
- يوجد طرفا يفرض نفسه بنفسه وهو الاتحاد السوفيتي فنحن نتكلم عن زمن ثنائي القطبية الذي يمثل فيه الاتحاد السوفيتي قوة عظمى من هذه الثنائية ولكن هنا لابد من أن نؤكد على أن خوف أميركا من امتداد نفوذه هو السبب الذي كان وراء استدعائه كطرف في الأزمة .
ولكن العلاقات الإيرانية الروسية الفعلية كانت جامدة تماما حيث اكتسبت قوة دفع عقب قيام موسكو في منتصف شهر ديسمبر / كانون الأول من عام 2000 بإلغاء اتفاقية وقعتها روسيا مع الولايات المتحدة تقضي بمنع بيع موسكو لطهران أية أسلحة غير تقليدية ، وهذا ما فتح الباب أمام التعاون بين البلدين في مجال تطوير الصواريخ البالستية والطاقة النووية.
ويمثل التعاون النووي بين إيران والاتحاد السوفيتي السابق الذي بدا في أواخر الثمانينات نقلة نوعية بدت آثارها منذ أواخر عام 1992‘ حيث وفرت لإيران احتياجاتها من المفاعلات النووية الكبيرة الحجم .
ووقعت إيران وروسيا اتفاقيتين عام 1992‘ الأولى تختص بالتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية ‘ والثانية تتعلق ببناء محطة نووية في إيران لتوليد الطاقة الكهربائية.
الطرفين الفاعلين المباشرين في الأزمة هم أميركا وإيران