منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 السبت مايو 27, 2023 1:33 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

» امتحان تاريخ العلاقات الدولية جانفي 2023
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الجمعة يناير 20, 2023 10:10 pm

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2023
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء يناير 11, 2023 9:15 pm

» كتاب : المؤسسات السياسية والقانون الدستورى
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف ammar64 الثلاثاء نوفمبر 08, 2022 10:47 pm

» الفكر السياسي عند الرومان
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:32 am

» الفكر السياسي الاغريقي بعد أفلاطون
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:31 am

» الفكر السياسي الاغريقي
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyمن طرف salim 1979 الأحد أكتوبر 16, 2022 7:29 am

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 44
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5278
نقاط : 100012160
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Empty
مُساهمةموضوع: مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها    مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها  Emptyالجمعة يناير 11, 2013 1:24 am

مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها

مقدمـــة :
إذا كان تفكير الإنسان القديم أسطوريا ينبني على الميتوس في تفسير الظواهر الكونية والوجودية وتفكيرا شاعريا يعتمد على الخيال والمجاز الإحيائي، فإن تفسير الإنسان اليوناني كان تفكيرا عقلانيا يعتمد على البرهان الذهني والمنطق الاستدلالي واللوغوس في فهم الوجود وتفسيره. وإذا كان فيتاغوراس هو أول من أطلق كلمة فيلسوف على المشتغل بالحكمة فإن سقراط هو أول من أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض. وقد ظهرت الفلسفة في اليونان وبالضبط في عاصمتها أثينا ما بين القرنين: السادس والرابع قبل الميلاد مكتوبة باللغة الإغريقية مستهدفة فهم الكون والطبيعة والإنسان وسلوكه الأخلاقي والمجتمعي والسياسي وإرساء مقومات المنهج العلمي والبحث الفلسفي والمنطقي.
إذن، ما هي مميزات الفلسفة اليونانية؟ وما هي أهم الاتجاهات والمدارس الفلسفية التي عرفتها الفكر اليوناني؟ وما هو السياق المرجعي الذي نشأت فيه هذه الفلسفة ؟

1- نشأة الفلسفة اليونانية:
أ‌- العوامل التاريخية:
ظهرت الحضارة الإغريقية في بلاد اليونان الكبرى مكتملة الوجود ما بين القرنين الخامس عشر والتاسع قبل الميلاد بعد أن توحدت كثير من القبائل و المدن داخل كيان الأمة اليونانية بعد أن كانت متفرقة في جزر بحر الإيجه وآسيا الصغرى ومنطقة البلقان وشبه جزيرة المورة وجنوب إيطاليا وصقلية. وقد أطلق على اليونانيين تسمية الإغريق من قبل الرومان لأنهم كانوا يتكلمون الإغريقية، أما هم فقد كانوا يسمون أنفسهم الآخيين ثم الهلينيين.
وقد مرت الحضارة الإغريقية بثلاث مراجل كبرى: العصر الهلنستي ابتداء من 300 ق.م مرورا بالعصر الكلاسيكي الذي يعد أزهى العصور اليونانية في عهد الديمقراطي بركليس ،ويمتد هذا العصر من القرن 350 إلى 500 ق.م ليعقبه العصر الأرخي وهو عصر الطغاة والمستبدين الذين حكموا أثينا بالاستبداد ناهيك عن الحكم الإسبرطي العسكري الذي سن سياسة التوسع والهيمنة على جميع مناطق اليونان ومد السلطة على أثينا.
وإذا كانت إسبرطة دولة عسكرية منغلقة على نفسها تهتم بتطوير قدرات جيشها وقوتها العسكرية فإن أثينا كانت هي المعجزة الإغريقية تهتم بالجاني الفكري والثقافي والاقتصادي. وفي عهد بريكليس ستعرف أثينا نظاما ديمقراطيا مهما أساسه احترام الدستور وحقوق المواطن اليوناني. وغليكم نصل لبركليس يشرح فيه سياسته في الحكم:" إن دستورنا مثال يحتذى ذلك، أن إدارة دولتنا توجد في خدمة الجمهور وليست في صالح الأقلية كما هو الحال لدى جيراننا، لقد اختار نظامنا الديمقراطية. فبخصوص الخلافات التي تنشأ بين الأفراد فغن العدالة مضمونة بالنسبة للجميع، ويضمنها القانون، وفيما يخص المساهمة في تسيير الشأن العام، فلكل مواطن الاعتبار الذي يناله حسب الاستحقاق، ولانتمائه الطبقي أهمية اقل من قيمته الشخصية، ولا يمكن أن يضايق احد بسبب فقره أو غموض وضعيته الاجتماعية"[1].
وكانت المدن اليونانية دولا لها أنظمتها السياسية والاقتصادية وقوانينها الخاصة في التديير والتسيير والتنظيم، ومن أهم هذه المدن الدول أثينا وإسبرطة.

ب‌- العوامل الاقتصادية:
عرفت اليونان بالنهضة الكبرى في المجال الاقتصادي لكونها حلقة وصل بين الشرق والغرب، وكانت لأثينا أسطول تجاري بحري يساعدها على الانفتاح والتبادل التجاري بين شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد ساهم اكتشاف المعادن في تطوير دواليب الاقتصاد اليوناني وخاصة الحديد الذي يتم صهره وتحويله إلى أداة للتصنيع كما نشطت صناعة النسيج والتعدين وازدهرت الفلاحة التي كان يهتم بها العبيد والأقنان وقد ساعد هذا الاقتصاد على ظهور طبقات اجتماعية جديدة إلى جانب طبقة النبلاء كالتجار وأصحاب الصناعات وأرباب الحرف والتجار الكبار. ونتج عن الازدهار الاقتصادي رخاء مالي واجتماعي وتبلورت طبقة الأغنياء الذين سيتنافسون على مراتب الحكم والسلطة وتسيير مؤسسات الدولة التمثيلية لتسيير شؤون البلاد.

ج‌- العوامل السياسية:
لم تصل اليونان إلى حضارتها المزدهرة إلا في جو سياسي ملائم لانبثاق مقومات هذه الحضارة. فقد تخلصت الدولة المدينة وخاصة أثينا من النظام السياسي الأوليغارشي القائم على حكم الأقلية من النبلاء ورؤساء وشيوخ القبائل والعشائر الذين يملكون الأراضي الواسعة ويشغلون فيها العبيد الأجانب وتم تجاوز الأنظمة السياسية المستبدة كالنظام الوراثي والحكم القائم على الحق الإلهي أو الحق الأسري . ومع انفتاح اليونان على شعوب البحر الأبيض المتوسط وازدهار التجارة البحرية ونمو الفلاحة والصناعة والحرف ظهرت طبقات جديدة كأرباب الصناعات والتجار الكبار والحرفيون ساهموا في ظهور النظام الديمقراطي وخاصة في عهد بريكليس وكليستين الذي يستند على الدستور وحرية التعبير والتمثيل والمشاركة في الانتخابات على أساس المساواة الاجتماعية وكان تخصص أجرة لكل من يتولى شؤون البلاد والسهر على حل مشاكل المجتمع اليوناني.

د ‌- العوامل الجغرافية:
كانت اليونان في القديم من أهم دول البحر الأبيض المتوسط لكونها مهد المدنية والحضارة والحكمة. وإذا استعدنا جغرافيا اليونان إبان ازدهارها فكانت اليونان تطل جنوبا على جزيرة كريت العظيمة ويحيطها شرقا بحر إيجة وآسيا الوسطى التي كانت تخفق في تلك الفترة بالصناعة والتجارة والفكر. وفي الغرب عبر أيونيا تقع إيطاليا وصقلية وإسبانيا وفي الشمال تقع مقدونيا وهي عبارة عن شعوب غير متحضرة.[2]
وتتشكل اليونان تضاريسيا في جبال شاهقة وهضاب مرتفعة وسواحل متقطعة ووديان متقعرة . وقد قسمت هذه التضاريس بلاد اليونان إلى أجزاء منعزلة وقطع مستقلة ساهمت في تبلور المدن التي كانت لها أنظمة حكمها الخاصة و أساليبها الخاصة في التسيير وتنظيم دواليب الإدارة والمجتمع. وتحيط بكل مدينة سفوح الجبال والأراضي الزراعية وكانت من أشهر المدن اليونانية أثينا وإسبارطة.[3]
وكانت أثينا مهد الفلسفة اليونانية وتقع في شرق إسبارطة ، وموقعها متميز واستراتيجي لها الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى. وعبر هذه المدن كانت تنقل حضارة الشرق إلى بلاد اليونان. ومن أهم ركائز أثينا اعتمادها على مينائها و أسطولها البحري. وبين عامي470-490 قبل المسيح صراعاتهما ووحدت جيوشهما لمحاربة الفرس تنحت حكم داريوس الذي كان يستهدف استعمار اليونان وتحويلها إلى مملكة تابعة للإمبراطورية الفارسية. ولكن اليونان المتحدة والفتية استطاعت أن تلحق الهزيمة بالجيش الفارسي وقد قدمت أثينا أسطولها البحري بينما قدمت إسبارطة جيشها القوي. وبعد انتهاء الحرب سرحت إسبارطة جيوشها وحولت أثينا أسطولها العسكري على أسطول تجاري ومن ثم أصبحت أثينا من أهم المدن التجارية في حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد عرفت أثينا نشاطا فكريا وفلسفيا كبيرا بفضل الموقع الجغرافي والنشاط التجاري ونظامها السياسي الديمقراطي وتمتع الأثيني بالحرية . وفي هذا يقول ول ديورانت:" كانت أثينا الباب الذي يخرج منه اليونانيون إلى مدن آسيا الصغرى، فأصبحت أثينا إحدى المدن التجارية العظيمة في العالم القديم، وتحولت على سوق كبيرة وميناء ومكان اجتماع الرجال من مختلف الأجناس والعادات والمذاهب وحملت خلافاتهم واتصالاتهم ومنافساتهم إلى أثينا التحلل والتفكير... وبالتدريج تطور التجار بالعلم، وتطور الحساب بتعقيد التبادل التجاري، وتطور الفلك بزيادة مخاطر الملاحة، وقدمت الثروة المتزايدة والفراغ والراحة والأمن الشروط اللازمة في البحث والتأمل والفكر".[4]

هـ ‌- العوامل الفكرية:
ومع ازدهار الاقتصاد ودمقرطة الحكم السياسي وانفتاح الدولة على شعوب البحر الأبيض المتوسط وانصهار الثقافات انتعشت اليونان ثقافيا وفكريا وتطورت الآداب والفنون و العلوم. ففي مجال الأدب نستحضر الشاعر هوميروس الذي كتب ملحمتين خالدتين الإلياذة و الأوديسا وأرسطو الذي نظر لفن الشعر والبلاغة والدراما التراجيدية في كتابيه فن الشعر وفن الخطابة. وتطور المسرح مع سوفكلوس ويوربيديس واسخيلوس واريستوفان، وانتعاش التشريع مع الحكيم سولون وتطور الطب مع ابقراط والرياضيات مع المدرسة الفتاغورية وطاليس على سبيل التمثيل دون أن ننسى ظهور الألعاب الأولمبية مع البطل الأسطوري هرقل وانتعاش الفلسفة مع الحكماء السبعة والفلاسفة الكبار كسقراط وأفلاطون وأرسطو.

2 ‌- ظهور الفلسفة اليونانية:
لم تظهر الفلسفة اليونانية إلا في مدينة "ملطية" الواقعة على ضفاف آسيا الصغرى حيث أقام الايونيون مستعمرات غنية مزدهرة. وفي هذه المدينة ظهر كل من طاليس وأنكسمندر وانكسمانس. وشكلوا مدرسة واحدة في الفلسفة وهي المدرسة الطبيعية أو الكسمولوجية،[5] وكانت هذه الفلسفة مادية ترجع أصل العالم إلى مبدأ مادي ولا تعترف بوجود الإله الرباني كما سنعرف ذلك في الفكر الإسلامي الذي يعتبر أن العالم خلق من عدم وان الله هو الذي خلق هذا الكون لاستخلاف الإنسان فيه.
ولقد قطعت الفلسفة اليونانية ثلاث مراحل أساسية:
1- طور النشأة أو ما يسمى بفلسفة ما قبل سقراط،؛
2 - طور النضج والازدهار ويمتد هذا الطور من سقراط حتى أرسطو؛
3 - طور الجمود والانحطاط و قد ظهر هذا الطور بعد أرسطو وأفلاطون وامتد حتى بداية العصور الوسطى.[6]
إن الفكر اليوناني حاول –على العموم- الإجابة عن أسئلة ثلاثة كبرى هي: ماذا فوق الأشياء؟ و ماذا وراء الأشياء؟ كيف نعيش مع الأشياء؟


I - ماذا فوق الأشياء؟
- المرحلة الأولى من مراحل التفكير اليوناني و هي مرحلة التفكير الخرافي ( الفكر اليوناني اللاهوتي ) ، حيث حاول الإنسان أن يجيب عن هذا السؤال : ماذا فوق الأشياء؟ ، حيث كان يسند إلى الكائنات الطبيعية حياة روحية شبيهة بحياة الإنسان، و يعزوا إلى هذه الأرواح ، جميع ما يحدث في هذا الكون من ظواهر .مثال : أسطورة "عقب أخيلوس أو أشيل" ( حرب طروادة ).
II - ماذا وراء الأشياء؟
أولا: المدرسة الطبيعية أو الكوسمولوجية:
1) أصل الأشياء في مستواها المادي :
ظهرت الفلسفة اليونانية أول ما ظهرت مع الحكماء الطبيعيين الذين بحثوا عن العلة الحقيقية للوجود الذي أرجعوه إلى أصل مادي وكان ذلك في القرن السابع والسادس قبل الميلاد. وكانت فلسفتهم خارجية وكونية أساسها مادي أنطولوجي تهتم بفهم الكون وتفسيره تفسيرا طبيعيا وكوسمولوجيا باحثين عن أصل الوجود بما هو موجود.
يعد طاليس( 621-550 ق.م )، أول فيلسوف يوناني مارس الاشتغال الفلسفي ، وهو من الحكماء السبعة ومن رواد المدرسة المالطية. وقد جمع بين النظر العلمي والرؤية الفلسفية، وقد وضع طريقة لقياس الزمن وتبنى دراسة الأشكال المتشابهة في الهندسة وخاصة دراسته للمثلثات المتشابهة . ولقد اكتشف البرهان الرياضي. وإذا كان هناك من ينسب ظهور الرياضيات إلى فيتاعوراس ففي نظر كانط يعد طاليس أول رياضي. في كتابه" نقد العقل النظري".[7]
وعليه، فطاليس يرجع أصل العالم في كتابه عن الطبيعة إلى الماء باعتباره العلة المادية الأولى التي كانت وراء خلق العالم:
- لقد انطلق من الفرضية التالية، و هي أن الأشياء على رغم من تغيرها و تنوعها ،و اختلافها ، تشكل عالما معقولا ، و ترتد إلى مبدأ واحد هو الماء . و من الحجج التي يؤكدون بها صدق هذه الفرضية، هي أن الحياة تدور مع الماء، وجودا و عدما، فتكون الحياة حيث يكون الماء، و تنعدم حيث تنعدم؛ و أن الماء يأخذ صورا عديدة حيث يكون غازا .. و سائلا.. و صلبا . و كل ما يقع في الوجود، لا يخرج عن إحدى هذه الصور الثلاث؛ فلا فرق بين الإنسان و الحيوان و النبات و مختلف الأشياء إلا الاختلاف في كمية الماء الذي يتركب منها ، هذا أو ذاك؛ هذه حقيقة مطلقة، يؤمن بها طاليس، إلى درجة أنه خيُّل إليه، أن الأرض قرص متجمّد، يسبح فوق لجاج مائية ليس لأبعادها نهاية.
وفي المقابل ذهب أنكسمانس ( 588- 524 ق.م ) في كتابه عن الطبيعة إلى أن الهواء هو أصل الكون وعلة الوجود الأولى: إن الشتات الذي تتقدم به الأشياء المتنوعة في الاختلاف، ليس سوى قرص مسطوح يسبح في الهواء. و من الأدلة التي يستند إليها ، أن الهواء يشيع في أنحاء الوجود ..
وإذا انتقلنا إلى هرقليطس، فهو من مواليد ( 540 – 480 ق.م ) ومن مؤلفاته كتاب" عن الطبيعة"، فهو من مدينة افسوس مدينة في آسيا الصغرى تبعد قليلا عن ملطية. وفلسفته مبنية على التغير والتحول، أي أن الكون أساسيه التغير والصيرورة والتحول المستمر فنحن لا نسبح في النهر مرتين كما أثبت أن النار هي أساس الكون وعلة الوجود :
إن الأشياء تتغير باستمرار و مصدر ذلك النار؛ لأن طبيعة النار، أن تحترق، و الاحتراق تغير . مكل الأشياء في العالم ، ظواهر لا تكف عن الاحتراق؛ و بهذه العملية يتحول الشيء باستمرار إلى الآخر؛ و ليست هذه الحياة التي تدب في الأحياء، و هذا النشاط العقلي الذي يميز الإنسان، إلا قسما من تلك النار؛ فكلما كثرت النار في الجسم، ازدادت حيويته، و اشتد نشاطه؛ و كلما أظلم الشيء – قل ما فيه من نار – كان أقرب إلى الموت و اللاوجود .

2) أصل الأشياء في مستواها التجريدي :
أ- ألا يمكن رد أصل الكون إلى نسبة الامتزاج فيما بين العناصر الأربعة التي يحدّدها الحب و النفور؟
يرى أمبادوقليس ( حوالي 490 ق.م ) يثبت أمبادوقليس أن الكون أصله العناصر الأربعة: النار والهواء والماء و التراب وقد أضاف العنصر الخامس وهو أميل إلى اللطف والسرعة وهو الأثير. وكل عنصر من هذه العناصر تعبر عن آلهة أسطورية خاصة.و هي عناصر لا تنقطع فيما بينها، الاتصال و الانفصال و الاختلاف ؛ و ذلك تبعا لتفاوت نسبة المزج فيما بينهم. و محرك هاته العناصر، قوتان متضادتان هما الحب و النفور.
ب- ألا يمكن رد أصل الأشياء إلى الجوهر الفرد؟
يرى ديمقريطس ( 460-370 ق.م ) أن أصل الأشياء هو عنصر واحد متجانس، يدعونه الجوهر الفرد أو الذرة . و دليلهم في ذلك، أنه لو فككّنا الأشياء إلى جزئياتها، لانتهينا إلى وحدات لا تقبل التقسيم، هي لانهائية العدد، و تبلغ من الدقة، حدا يتعذر معه إدراكها بالحواس، و هي خالية من الصفات. أما الصفات التي ندركها في الأشياء، فهي ناشئة عن كيفية ائتلاف الذرات في تكوينها للأجسام.
ج- ألا يمكن رد أصل الأشياء إلى العقل؟
يعتقد انكساغوراس ( 500 ق.م ) أن أصل الكون هو عدد لا نهاية له من العناصر أو البذور يحركها عقل رشيد بصير: وراء الأشياء قوة عاقلة مجردة ذكية و بصيرة، تدبّّر شؤونها، فتولد الحركة في الأشياء، فتتكون منها العوالم.
و أساس هذا الاعتقاد، انبهاره من نظام الكون و جماله و تناسقه، و كذا استنتاجه بأنه يستحيل على قوة عمياء، أن تخرج هذا هذا العالم في هذه الدقة و التناغم و الجمال. إلا أن العقل لم يخلق المادة من العدم، بل هما عنصران قديمان أزليان، نشأ كل منهما بذاته، ثم طرأ العقل على المادة، فبعث فيها الحركة و النظام.

ثانيا: المدرسة الفيتاغورية:
تنسب المدرسة الفيتاغورية إلى العالم الرياضي اليوناني الكبير فيتاغورس الذي يعد أول من أطلق كلمة فيلسوف وكانت بمعنى حب الحكمة أما الحكمة فكانت لا تنسب سوى للآلهة. ويذهب فيتاغورس على أن العالم عبارة عن أعداد رياضية كما أن الموجودات عبارة عن أعداد وبالتالي فالعالم الأنطولوجي عنده عدد و نغم : أصل الأشياء هو العدد / الواحد أصل الوجود، دليله في ذلك، هو أنه كل ما تقع عليه العين ، مركب من أعداد . و لما كانت الأعداد كلها متفرعة عن الواحد، لأنها مهما بلغت من الكثرة، فهي واحد متكرر، كان الواحد أصل الوجود .
وتتسم الفيتاغورية بأنها مذهب ديني عميق الرؤية والشعور كما أنها مدرسة علمية تعنى بالرياضيات والطب والموسيقا والفك وقد طرحت كثيرا من القضايا الحسابية والهندسية موضع نقاش وتحليلل كما أن الفيتاغورية هيئة سياسية تستهدف وضع النظام في المدينة على أيدي الفلاسفة الذين يحتكمون على العقل والمنهج العلمي.
- هل الإنسان هو مصدر الحقيقة ؟
ثالثا : المدرسة السوفسطائية أو مدرسة الشكاك:
ظهرت المدرسة السوفسطائية في القرن الخامس قبل الميلاد بعدما أن انتقل المجتمع الأثيني من طابع زراعي إقطاعي مرتبط بالقبيلة إلى مجتمع تجاري يهتم بتطوير الصناعات وتنمية الحرف والاعتماد على الكفاءة الفردية والمبادرة الحرة. وأصبح المجتمع في ظل صعود هذه الطبقة الاجتماعية الجديدة (رجال التجارة وأرباب الصناعات) مجتمعا ديمقراطيا يستند على حرية التعبير والاحتكام على المجالس الانتخابية والتصويت بالأغلبية ولم يعد هناك ما يسمى بالحكم الوراثي أو التفويض الإلهي بل كان كل مواطن حر له الحق في الوصول إلى أعالي مراتب السلطة. لذلك سارع أبناء الأغنياء لتعلم فن الخطابة والجدل السياسي لإفحام خصومهم السياسيين الآخرين وهنا ظهر السوفسطائيون ليزودوا هؤلاء باسلحة الجدل والخطابة واستعمال بلاغة الكلمة في المرافعات والمناظرات الحجاج و الخطابية. وقد تحولت الفلسفة إلى وسيلة لكسب الأرباح المادية ولاسيما أن اغلب المتعلمين من طبقة الأغنياء. ومن أهم الفلاسفة السوفسطائيين نذكر جورجياس وكاليكيس وبروتاغوراس. وقد كان هؤلاء يعلمون الناس فن الخطابة والفصاحة وطرائق الجدل والبرهان المغالطي الذي كان ينطلق من مقدمات خاطئة ويصل إلى نتائج خاطئة. ولقد استغل هؤلاء سذاجة الناس وكانوا يزرعون الشك في كثير من المسلمات والقضايا ويستعملون التلاعب اللفظي واللغوي في إفحام الخصوم المعارضين ومحاجاتهم إذ كانوا قادرين على تأييد القول الواحد ونقيضه على حد سواء. وكان الهدف من زرع الشك في صفوف الناس هو الكسب المادي . وقد سبب هذا التيار الفلسفي في ظهور سقراط الذي كان يرى أن الحقيقة يتم الوصول إليها ليس بالظن والشك والفكر السوفسطائي المغالطي بل بالعقل والحوار الجدلي التوليدي واستخدام اللوغوس والمنطق.
يعتقد السوفسطائيون أن الحواس هي مصدر المعرفة، لا توجد حقيقة مطلقة، بل حقائق لأن الحواس هي مصدر المعرفة و ميزان الحقيقة تظهر لنا العالم الحسي متغيرا و متكثرا ، و هم بذلك شكوا في إمكان قيام الحقيقة، يقول بروتاغوراس: " الإنسان مقياس كل شيء "

رابعا : المدرسة السقراطية:
يعد سقراط ( 486-399م) أب الفلاسفة في اليونان، وقد انزل الفلسفة من السماء إلى الأرض. ويعني هذا أن الحكماء الطبيعيين ناقشوا كثيرا من القضايا التي تتعلق بالكون واصل الوجود وعلته الحقيقية التي كانت وراء انبثاق هذا العالم وهذا الوجود الكوني. وعندما ظهر سقراط غير مجرى الفلسفة فحصرها في أمور الأرض وقضايا الإنسان والذات البشرية فاهتم بالأخلاق والسياسة . وقد ثار ضد السوفسطائيين الذين زرعوا الشك والظن ودافع عن الفلسفة باعتبارها تصل إلى الحقيقة عن طريق العقل والجدل التوليدي والبرهان المنطقي. والهدف من الفلسفة هو تحقيق الحكمة وخدمة الحقيقة لذاتها وليس لهدف آخر خارجي كما عند السوفسطائيين الذين ربطوا الفلسفة بالمكاسب المادية والمنافع الذاتية والعملية. وكانت الحقيقة عند سقراط في ذات الإنسان وليست في العالم الخارجي وما على الإنسان إلا أن يتأمل ذاته ليدرك الحقيقة لذا، قال عبارته المشهورة:" أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك".
يعتقد سقراط أن العقل هو مصدر المعرفة: - توجد حقيقة واحدة لا متعددة أو مختلفة؛ - الحواس تخدعنا، و لا تدرك الموجودات كما هي في حقيقتها، و هي قاصرة لا تدرك الحقيقة؛ - وجود حقائق ثابتة تتجاوز حواسنا؛ الشك أساس التفلسف ..

خامسا: المدرسة المثالية الأفلاطونية:
جاء افلاطون بعد سقراط ليقدم تصورا فلسفيا عقلانيا مجردا ولكنه تصور مثالي ؛ لأنه أعطى الأولوية للفكر والعقل والمثال بينما المحسوس لا وجود له في فلسفته المفارقة لكل ما هو حسي وملموس. ولأفلاطون نسق فلسفي متكامل يضم تصورات متماسكة حول الوجود والمعرفة والقيم.
قسم أفلاطون العالم الأنطولوجي إلى قسمين: العالم المثالي والعالم المادي، فالعالم المادي هو عالم متغير ونسبي ومحسوس. وقد استشهد أفلاطون بأسطورة الكهف لتبين بان العالم الذي يعيش فيه الإنسان هو عالم غير حقيقي وأن العالم الحقيقي هو عالم المثل الذي يوجد فوقه الخير الأسمى والذي يمكن إدراكه عن طريق التأمل العقلي والتفلسف.. فالطاولة الحقيقية غير حقيقية في عالمنا المادي الذي أساسه الهيولى أو المادة أما الطاولة الحقيقية فتوجد في العالم المثالي. كما أن المعرفة الحقيقية هي معرفة عالم المثل فكل الحقائق المعرفية الموجودة في العالم المادي نسبية تقريبية وجزئية وسطحية. أما المعرفة في العالم المثالي فهي مطلقة وكونية وصادقة ويقينية. كما أن المعرفة مرتبطة بعالم المثل عن طريق التفلسف العقلاني ومن هنا فالمعرفة حسب أفلاطون تذكر والجهل نسيان. ويعني هذا أننا كلما ابتعدنا عن العالم المثالي إلا و أصبنا الجهل لذا فالمعرفة الحقيقية أساسها إدراك عالم المثل وتمثل مبادئه المطلقة الكونية التي تتعالى عن الزمان والمكان. ومن هنا فاصل المعرفة هو العقل وليس التجربة أو الواقع المادي الحسي الذي يحاكي عالم المثال محاكاة مشوهة.
وعلى مستوى الأكسيولوجيا فجميع القيم الأخلاقية من خير وجمال وعدالة نسبية في عالمنا المادي وهي مطلقة في عالم المثل المطلق والأزلي.
وفي جمهورية أفلاطون يؤسس أفلاطون مجتمعا متفاوتا وطبقيا إذ وضع في الطبقة الأولى الفلاسفة والملوك واعتبرهم من طبقة الذهب بينما في الطبقة الثانية وضع الجنود وجعلهم من طبقة الفضة أما في الطبقة السفلى فخصصها للعبيد وجعلهم من طبقة الحديد؛ لأنهم أدوات الإنتاج والممارسة الميدانية. ويعني هذا أن أفلاطون كان ينفر من ممارسة الشغل والعمل اليدوي والممارسة المنفعية وكان يفضل إنتاج النظريات وممارسة الفكر المجرد. كما أن أفلاطون طرد الشعراء من جمهوريته الفاضلة لأنهم يحاكون العالم النسبي محاكاة مشوهة وكان عليهم أن يحاكوا عالم المثل الذي هو أساس الوجود الحقيقي.
وهكذا يتبين لنا أن فلسفة أفلاطون فلسفة مثالية مفارقة للمادة والحس. تعتبر عالم المثل العالم الأصل بينما العالم المادي هو عالم زائف ومشوه وغير حقيقي. كما تجاوز أفلاطون المعطى النظري الفلسفي المجرد ليقدم لنا تصورات فلسفية واجتماعية وسياسية في كتابه" جمهورية أفلاطون"[8]. كما يلاحظ أن التصور الأفلاطوني يقوم على عدة ثنائيات: العالم المادي في مقابل العالم المثالي، انشطار الإنسان على روح من أصل سماوي وجسد من جوهر مادي، ومعرفة ظنية محسوسة ومعرفة يقينية مطلقة. وعلى المستوى الاجتماعي هناك عامة الناس وهم سجناء الحواس الظنية و الفلاسفة الذين ينتمون على العالم المثالي بتجردهم من إسار الحس والظن. لقد وضع أفلاطون

سادسا: المدرسة أرسطية المادية:
يعد أرسطو فيلسوفا موسوعيا شاملا كانت تعني الفلسفة عنده كل ضروب المعرفة والبحث العلمي، وكان يبحث في الطبيعة والميتافيزيقا والنفس وعلم الحياة والسياسة والشعر وفن الخطابة والمسرح. وقد وضع المنطق الصوري الذي كان له تأثير كبير على كثير من الفلاسفة حتى حل محله المنطق الرمزي مع برتراند راسل خاصة.
يذهب أرسطو أن العالم الحقيقي هو العالم الواقعي المادي أما العالم المثالي فهو غير موجود. وان الحقيقة لا توجد سوى في العالم الذي نعيش فيه وخاصة في الجواهر التي تدرك عقلانيا وليس في الأعراض التي تتغير بتغير الأشكال. أي أن الحقيقي هو الثابت المادي أما غير الحقيقي فهو المتغير الظاهري. ولقد أعطى أرسطو الأولوية لما هو واقعي ومادي على ما هو عقلي وفكري. ومن هنا عُدّ أرسطو فيلسوفا ماديا و هو قائل بالعلل الأربع: العلة الفاعلة والعلة الغائية والعلة الصورية الشكلية والعلة المادية. إذا أخذنا الطاولة مثالا لهذه العلل الأربع، فالنجار يحيل على العلة الفاعلة والصانعة، أما الخشب ماهية الطاولة فهي العلة المادية، أما صورة الطاولة فهي العلة الصورية الشكلية أما العلة الغائية فالطاولة نستعين بها لتناول الغذاء.


III - كيف نعيش مع الأشياء؟
بعد أن يصل الفكر إلى أوجه ، ما عسى الإنسان أن يصنع به؟
سابعا: المدرسة الرواقية :
تذهب المدرسة الرواقية التي ظهرت بعد فلسفة أرسطو التي استنفذت إمكانياتها النظرية إلى أن الفلسفة هي فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية، ولم تعد الفلسفة تبحث عن الحقيقة في ذاتها بل أصبحت معيارا خارجيا تتجه على ربط الفلسفة بالمقوم الأخلاقي وركز الكثيرون دراساتهم الفلسفية على خاصية الأخلاق كما فعل سنيكا الذي قال:" إن الفلسفة هي البحث عن الفضيلة نفسها، وبهذا تتحقق السعادة التي تمثلت في الزهد في اللذات ومزاولة التقشف والحرمان".[9] ويعني هذا أنه بعد موت أرسطو وتغير الظروف الاجتماعية والسياسية انتقل التفكير من الوجود إلى البحث في السلوك الأخلاقي للإنسان. ولقد ارتبطت المدرسة الرواقية بالفيلسوف زينون (336-264ق.م) الذي اقترنت الفلسفة عنده بالفضيلة واستعمال العقل من اجل الوصول إلى السعادة الحقيقية.وتعد الفلسفة عند الرواقيين مدخل المنطق والأخلاق والطبيعة. وقد كان المنطق الرواقي مختلفا عن المنطق الأرسطي الصوري. وقد اثر منطقهم في الكثير من الفلاسفة والعلماء.
ثامنا: المدرسة الابيقورية:
تنسب الفلسفة الأبيقورية إلى أبيقور(270-341 ق.م)، وتتميز فلسفته بصبغة أخلاقية عملية. في النظرية الأبيقورية إلى اللذة وان الفلسفة تسعى إلى الحصول على السعادة باستعمال العقل التي هي غاية الفلسفة يخدمها المنطق وعلم الطبيعة. إن المنطق هو الذي يسلم الإنسان على اليقين الذي به يطمئن العقل والذي بدوره يؤدي على تحقيق السعادة. ويهدف علم الطبيعة على تحرير الإنسان من مخاوفه وأحاسيسه التي تثير فيه الرعب. ويعني هذا ان لابد للفلسفة ان تحرر الإنسان من مخاوفه وقلقه والرعب الذي يعيشه في الطبيعة بسبب الظواهر الجوية والموت وغير ذلك.[10]
تاسعا: مدرسة الإسكندرية:
انتقلت الفلسفة إلى مدينة الإسكندرية المصرية التي بناها الإسكندر المقدوني إبان العصر الهيليني وكانت معروفة بمكتبتها العامرة بالكتب النفيسة في مختلف العلوم والفنون والآداب. ومن أشهر علماء هذه المدرسة اقليديس وارخميديس واللغوي الفيلولوجي إيراتوستن. وقد انتعشت هذه المدرسة في القرون الميلادية الأولى وامتزجت بالحضارة الشرقية وامتداد الفكر الديني والوثني وانتشار الأفكار الأسطورية والخرافية والنزعات الصوفية.
ومن مميزات هذه المدرسة التوفيق بين أراء أفلاطون المثالية و أرسطو المادية، والتشبع بالمعتقدات الدينية المسيحية واليهودية و الأفكار الوثنية من زرادشتية ومانوية وبوذية وبدء الانفصال بين العلم والفلسفة بعد ظهور فكرة التخصص المعرفي.كما انتشرت المبادىء الصوفية والعرفانية والغنوصية والاهتمام بالسحر والتنجيم والغيبيات والإيمان بالخوارق. وقد تشبعت الفلسفة الأفلاطونية بهذا المزيج الفكري من المعتقدات الدينية والمنازع الصوفية وأراء الوثنية فنتج عنها فلسفة غربية امتزجت بالطابع الروحاني الشرقي وذلك من أجل التوفيق بين الدين و الفلسفة بيد أن الذين كانوا يمارسون عملية التوفيق كانوا يعتقدون أنهم يوفقون بين أرسطو و أفلاطون ولكنهم كانوا في الحقيقة يوفقون بين أفلاطون و أفلوطين مما أعطى مزيجا فكريا يعرف بالأفلوطينية الجديدة، ومن أشهر فلاسفة المدرسة الإسكندرية نستحضر كلا من فيلون و أفلوطين الذين كانت تغلب عليهما النزعة الدينية والتصور المثالي في عملية التوفيق ففلسفة أفلوطين هي" مزيج رائع فيه قوة و أصالة بين أراء أفلاطون والرواقيين وبين الأفكار الهندية والنسك الشرقي والديانات الشعبية المنتشرة أنذاك.
والطابع العام لفلسفته هو غلبة الناحية الذاتية فيها على الناحية الموضوعية، فهي فلسفة تمتاز بعمق الشعور الصوفي والمثالية الأفلاطونية ووحدة الوجود الرواقية، وكلها عناصر يقوي بعضها بعضا ، حتى لتخال و أنت تقراها كأنك أمام شخص لا خبر له بالعالم الموضوعي أو يكاد. فالمعرفة عنده وعند شيعته تبدأ من الذات وتنتهي إلى الله دون أن تمر بالعالم المحسوس؛ هذه المعرفة الذاتية الباطنية هي كل شيء عندهم".[11]
خاتمـــة:
هكذا إذن، لم يكتف الفكر اليوناني في تفسيره للأشياء بالانتقال من مرحلة لاهوتية، إلى مرحلة العقل الفلسفي، بل تحول أيضا، من هذا التفسير للأشياء إلى حكمة التعامل معها، حيث يمارس الاستقامة و السعادة. لقد كان اليونانيون يعتقدون في أول أمرهم، و مدة قرون، أن العالم تحكمه قوى خارقة مستقلة عنه، و ما أن تحررت عقولهم من سلطة هذه الذهنية السحرية، حتى فتحوا أبواب التفلسف الراقي، و هو الأمر الذي مكنهم من التأمل في الأشياء _ في ظاهرها و في باطنها_ و ما تكتنفه من حقائق في ذاتها. و ما أن أدرك هذا التفلسف أوجه، حتى كان بعضهم _ من اليونانيين و من غيرهم _ قد اتخذ منه، النور الذي به يهتدي و به ينظم حياته. و بهذا، يكون النظر الفلسفي، قد ساعده على التعايش مع مختلف الأشياء في أحضان عالم منسجم وجميل.
وساهمت الفلسفة الإغريقية في عقلنة الفكر الإنساني بعد أن كان تفكيرا أسطوريا خرافيا وتخييلا شاعريا مجازيا وفكرا لاهوتيا يؤمن بالأفكار الوثنية والمعتقدات الدينية والنحل العرفانية الصوفية. ونلاحظ كذلك أن الفلسفة لم تنشا إلا في جو سياسي ديمقراطي ، وتعايشت مع العلوم والفنون والآداب وانصهرت في بوتقة فكرية واحدة كانت فيها الفلسفة أم العلوم والمعارف .
وقد تأثرت في ذلك بالحضارات الشرقية السابقة وبحضارات الشعوب المجاورة. ويعني هذا أن إرث الفلسفة لم يكن يونانيا محضا، بل ساهمت فيه الشعوب الشرقية بقسط وافر. كما أن تأثير الفلسفة اليونانية في الشعوب اللاحقة سيكون له أثر كبير في تطوير حضاراتها . ________________________________________
[1]- روبير فرانك: التاريخ، سلسلة بولان، باريس، ص:11
2- ول ديورانت: قصة الفلسفة، مكتبة المعارف، بيروت، لبنان، بيروت، ط3 ، 1975،ص:5؛
[3] - نفس المرجع، ص:5-6؛
[4] - نفسه، ص:6-7؛
[5] - جون بيير فرنان: من دفاتر فلسفية، ترجمة: عبد السلام بنعبد العالي ومحمد سبيلا، الجزء1، دار توبقال، الدار البيضاء، ط1، ص:14؛
[6] - د. محمد عبد الرحمن مرحبا: من الفلسفة اليونانية على الفلسفة الإسلامية، منشورات عويدات بيروت، باريس،ط2 ، 1981،ص:85؛
[7] - د. نجيب بلدي: دروس في تاريخ الفلسفة، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء ، ط 1، 1987، ص:13؛
[8] - أفلاطون: جمهورية أفلاطون، ترجمة حنا خباز، دار القلم، بيروت،لبنان،بدون تاريخ للطبعة؛
[9] - د. توفيق الطويل: الفلسفة في مسارها التاريخي، دار المعارف القاهرة، مصرط1 ، 1977، ص:14؛
[10] - نفسه، ص: 14-15؛
[11] د. محمد عبد الرحمن مرحبا: نفس المرجع، ص: 228؛
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مدارس الفلسفة اليونانية و اتجاهاتها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: جسور العلوم السياسية :: قسم العلوم الإنسانية-
انتقل الى:  
1