منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحليم بيقع
عضو فعال
عضو فعال



عدد المساهمات : 102
نقاط : 300
تاريخ التسجيل : 11/11/2012

الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Empty
مُساهمةموضوع: الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط   الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط Emptyالخميس ديسمبر 06, 2012 4:09 pm

الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط
تاريخ تسلم البحث: 11/8/2006م تاريخ قبوله للنشر: 2/7/2007م
علي عواد الشرعة*








المقدمـة:
يرتبط ظهور مفهوم الشرق الأوسط وانتشاره بتطور الفكر الإستراتيجي الإنجليزي، حيث استخدم هذا التعبير أول مرة عام 1902م بواسطة ضابط بحري أمريكي هو (الفريد ماهان) صاحب نظرية القوة البحرية في التاريخ، وتطور استخدام هذا المفهوم حتى جاءت الحرب العالمية الثانية لتؤكده، فأنشأ مركز تموين الشرق الأوسط وقيادة الشرق الأوسط(1). وذاع هذا المفهوم في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، فلا تزال هناك اختلافات عديدة حول تحديد المنطقة التي يشار إليها بهذا المصطلح، ويتضح ذلك من استعراض الكتابات الغربية عن الشرق الأوسط، ويرجع ذلك إلى ما يلي:






* أستاذ مساعد في العلوم السياسية، معهد بيت الحكمة، جامعة آل البيت.

1- إن هذه المنطقة لا تسمى في الكتابات الغربية باسم ينبثق من خصائصها أو طبيعتها، ولكن سميت، دائماً، من حيث علاقتها بالغير.
2- إن هذا المصطلح الشرق الأوسط ليس من المناطق الجغرافية المتعارف عليها، بل هو في المقام الأول تعبير سياسي يترتب عليه، دائماً، إدخال دول غير عربية في المنطقة، وفي اغلب الأحيان خروج دول عربية منها.
3- إن "الشرق الأوسط" يبدو في الكتابات الغربية كمنطقة تضم خليطاً من القوميات، والسلالات، والأديان، والشعوب، واللغات. فالقاعدة فيه هي التعدد والتنوع، وليس الوحدة أو التماثل(2).
4- برز مفهوم (الشرق أوسطية) خلال الخمسين عاماً الماضية كصيغة إقليمية مناقضة للنظام الإقليمي العربي وللمصلحة العربية، ولذلك ارتبط هذا المفهوم بمحاولة تحقيق مصلحة إسرائيل؛ لأن الشرق الأوسط هو المفهوم الذي يمكن أن يحقق لإسرائيل الانتماء إلى المنطقة، فإسرائيل يمكن أن تكون دولة شرق أوسطية، ولكنها لا يمكن أن تكون دولة عربية. فالشرق أوسطية هي فكرة غربية بالأساس، وضعها الغرب، وتابع رعايتها، ووضعت المؤسسات البحثية الغربية معالم مشروعها الحديث.
وتسعى هذه الورقة إلى دراسة مضمون الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط وأهدافها، وأبعادها، وانعكاساتها على المنطقة، وذلك من خلال المباحث الآتية:
أولاً : الرؤية الإسرائيلية.
* الشرق الأوسط: أهدافه وتوجهاته.
* الموقف العربي تجاه النظام الشرق أوسطي.
ثانيـاً : الرؤية التركية.
ثالثـاً : الرؤية الأمريكية (مشروع الشرق الأوسط الكبير).
رابعـاً : الرؤية الأوروبية (المشروع الألماني – الفرنسي).
خامساًً : المشروع العربي للإصلاح السياسي
أولاً: الرؤية الإسرائيلية للشرق الأوسط:
ابتداء من منتصف الثمانينات، بدأ التصور الحديث للمشروع الشرق أوسطي بالظهور في صورة مشروع أعده (شيمون بيريز) رئيس وزراء إسرائيل وقتذاك، وأطلق عليه مشروع (مارشال) للشرق الأوسط، والذي نشره في كتابه: شرق أوسط جديد عام1993م، والذي عرض فيه رؤيته المستلهمة من المشروع الأوروبي في التعاون والوحدة، والمبنية على أولوية المدخل الاقتصادي على السياسي، بحيث يكون التعاون الاقتصادي حلاَّ للصراع السياسي في الإقليم، باعتبار أن التعاون سيؤدي إلى زيادة التفاهم وبالتالي إلى الاستقرار السياسي في المنطقة. ويرى أن سوقاً مشتركة ترتكز على الاستقرار السياسي، وتحسين الظروف المعيشية من خلال تنمية، والديمقراطية فيها المعونات الخارجية، وتكون هذه التنمية حلا لمشكلة الأصولية بتضييق الفجوة بين فئات المجتمع، وبالقضاء على الفقر من خلال الانتقال من اقتصاد الصراع إلى اقتصاد السلام، وذلك بتحويل الأموال التي تنفق على التسلح لتنفق على رفع المستوى المعيشي للمواطنين. ويرى أن الديمقراطية تمثل ضرورة لتحقيق التنمية والأمن، فالأمم الديمقراطية لا تحارب بعضها، والديمقراطية تقضي على العوامل الكامنة خلف الأصولية.
ومن هنا، فإن المشروع الشرق أوسطي قديم قدم الصراع حول هذه المنطقة، وطوال هذا الصراع لم يغب الهدف، وهو التغلغل واختراق المنطقة العربية، حتى تم تمهيد الظروف لبروز هذا المشروع من جديد بعد التداعيات التي أعقبت حرب الخليج الثانية.
وبعد الضربة التي وجهت إلى النظام الإقليمي العربي تأسيساً على ما حدث من غزو دولة عربية لدولة عربية أخرى، أصبح الخطر المحتمل يتوقع قدومه من الجار العربي، خصوصاً أن نمط التحالفات التي شهد تلك الفترة عرف وقوف دول "شرق أوسطية" في تحالف مع دول عربية ضد دولة عربية أخرى، الأمر الذي دعا بعضهم إلى الادعاء بانتهاء دعوى التناقض بين النظام العربي والنظام الشرق أوسطي، وقد زاد من غرابة الأحداث إبان تلك الأزمة أن رأينا إسرائيل والسعودية في وقت واحد هدفاً للصواريخ العراقية. الأمر الذي أدى ببعض الأطراف العربية (وبصفة خاصة دول الخليج) إلى إدارة الظهر للوطن العربي، تمهيداً لتصفية بقايا الالتزامات المعنوية والمالية نحو هذا النظام (العربي)، وتحويلها وإدماجها ضمن "منظومة الشرق الأوسط(3).
أهداف مشروع الشرق الأوسط وتوجهاته:
يرى بعض الباحثين أن مشروع الشرق الأوسط يهدف إلى ما يلي(4):
1- توسيع النطاق الجغرافي للرؤية الأمريكية للنظام الدولي الجديد، ليشمل منطقة واسعة وغنية، تتزاحم على مواردها (خاصة النفط) وأسواقها، الكتل الاقتصادية الثلاث: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان.
2- توسيع النطاق النسقي/ الأيديولوجي لمنظور الولايات المتحدة في ما يختص بإجراء التحولات الآتية:
• من أنظمة اشتراكية تعتمد التخطيط كأداة لتخصيص الموارد إلى أنظمة تعتمد اقتصاد السوق وقواه، كأداة لتخصيص الموارد، مسترشدة بحوافز الربح والمنافسة.
• من اعتماد كثيف على القطاع العام إلى اعتماد شبه كلي على القطاع الخاص(5).
3- محاولة تحويل الاهتمام العربي، من التعاون والتكامل بين الأقطار العربية - مع أنه اهتمام محدود وغير مستقر - إلى الاهتمام بالتعاون والتكامل بين بلدان الشرق الأوسط، انطلاقاً من أن التعاون والاعتماد المتبادل بين هذه البلدان، بفضل السلام العربي الإسرائيلي، يسمح بتنمية اقتصادية يستفيد منها جميع الأطراف، ويجنون منها مكاسب خاصة في مجالات التجارة والاستثمار، والسياحة، وانتقال القوى العاملة عبر الحدود، وإقامة شبكة إقليمية واسعة من المواصلات والاتصالات(6).
4- توسيع قدرة الاقتصاديات العربية وتعميقها على استيعاب الواردات من سلع وخدمات من إنتاج البلدان الصناعية وإسرائيل، على اعتبار أن النظام الشرق أوسطي سيولد مزيداً من الازدهار الاقتصادي، وبالتالي مزيداًُ من القدرة الشرائية، بفضل قيام حالة سلام وتعاون مع إسرائيل.
5- تسريع عملية الإنماء العربي بفضل اتساع نطاق التجارة الخارجية، وزوال الحواجز السياسيـة التي تمنع التجارة والسياحة في ما بين بلـدان المنطقة، وتدفـق
الاستثمارات الخارجية الموعودة.
6- تأكيد السيطرة على الموارد العربية، خاصة النفط للدول الصناعية.
7- فتح أبواب الاقتصاديات العربية بمزيد من الاتساع أمام التكنولوجيا المتقدمة، وبشكل خاص التكنولوجيا التي تتميز بها إسرائيل.
8- تشجيع المشاركة داخل الدول المشرقية في الموارد المائية، والفكرة المركزية هنا استهداف حصول إسرائيل على مياه عربية جديدة، إضافة إلى ما استولت عليه حتى الآن من لبنان، وسوريا، وفلسطين، والأردن.
9- تمكين إسرائيل، التي هي الآن إمبريالية عسكرية إقليمية، من أن تصبح، أيضاً، إمبريالية اقتصادية إقليمية. وفي الوقت ذاته، وإلى المدى الذي تحتل فيه إسرائيل هذا الموقع، تستفيد الولايات المتحدة اقتصادياً وأمنيا وسياسياً. وقد يخفف هذا الأمر العبء المالي عليها تجاه إسرائيل(7).
الموقف العربي تجاه المشروع الشرق أوسطي:
شهد عام 1993م اتساع نطاق الجدل العربي، الذي بدأ عقب انعقاد مؤتمر مدريد حول طبيعة الترتيبات الإقليمية التي ستترتب على تسوية الصراع العربي الإسرائيلي. وأدى التوصل للاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي وتوقيعه في 13 سبتمبر إلى تصعيد هذا الجدل. وتجدر الإشارة إلى الملاحظات الآتية:
الملاحظة الأولى: إن الدوائر الرسمية في الدول العربية ظلت عازفة عن المشاركة فيه أو العناية به. فقد بقى هذا الجدل محصوراً في أوساط جماعات المثقفين والسياسيين المعارضين والمستقلين. وباستثناء القليل من التصريحات والأحاديث المقتضبة أو العامة.
الملاحظة الثانية: إن هذا الجدل افتقد إلى التحديد الدقيق لموضوعه (سوق شرق أوسطية نظام شرق أوسطي). فقد تركز جانب كبير منه على "السوق الشرق أوسطية" اعتقاداً في أنها محور الترتيبات الإقليمية البازغة، فيما دار جانب آخر من الجدل حول "النظام الشرق أوسطي". وعلى الرغم من هذا، تبلور هذا الجدل في اتجاهين رئيسيين: الأول اتجاه الرفض للشرق أوسطية، والثاني اتجاه تأييد وقبول الشرق أوسطية.
1) اتجاه الرفض "للشرق أوسطية":
شنَّ هذا التيار حملة شديدة على "الشرق أوسطية" بكل الصيغ التي جرى الجدل حولها، مستنداً إلى ما يلي:
‌أ. إن "الشرق أوسطية" مشروع ليس نابعاً من العرب، وإنما مفروض عليهم، و أن له أصولاً تاريخية غربية وصهيونية. فيرى القائلون بأصوله الغربية أن هذا المشروع يعود إلى "حلف بغداد"، "وحلف شرق البحر الأبيض المتوسط"، و"مشروع إيزنهاور" وغيرها من المشروعات الغربية التي فشلت بسبب تنامي الوعي القومي العربي، والإصرار على رفض أي ترتيب إقليمي يدعم مركز إسرائيل في المنطقة. لكن سلسلة الإنكسارات التي تعرضت لها الحركة القومية العربية توفر ظروفاً مواتية الآن لمثل هذا الترتيب. ويرى القائلون بالأصول الصهيونية "للشرق أوسطية" أن هذه الأصول تعود إلى "مشروع هرتزل" الذي تطلع إلى تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة سلام وتعايش وتعاون، وطالما أن العرب لا يمكنهم القبول بمشروع يقترن باسم هرتزل، مهما تردت أوضاعهم، فمن الضروري إعادة صياغته تحت مسمى جديد هو "المشروع الشرق الأوسطي"، الذي قامت مؤسسات صهيونية بإعداد دراسات حوله، منذ ما قبل قيام إسرائيل. وفي هذا السياق التاريخي تعود النسخة الراهنة "للمشروع الشرق أوسطي" إلى منتصف الثمانينات، عندما بحث (شيمون بيريز) ومصطفى خليل "مشروع مارشال الشرق الأوسط"، الذي يقوم على برنامج للتنمية، تموله دولة غربية وأخرى عربية نفطية. وقد تواكب ذلك مع عقد اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والتي كانت إحدى وسائل التحايل على المقاطعة العربية، من خلال إتاحة الفرص لتسلل منتجات إسرائيلية إلى الدول العربية، باعتبارها منتجات أمريكية. ويؤكد مدى حاجة إسرائيل للأسواق العربية، مما دفعها للتحايل على المقاطعة باللجوء إلى إيجاد شهادات منشأ مزورة لسلعها.
‌ب. إن هدف "المشروع الشرق أوسطى" هو دمج إسرائيل في المنطقة التي لفظتها، وفي ظروف تتيح لها مركزاً متميزاً على حساب العرب. فتحقيق تسوية سلمية لا يقود بالضرورة إلى علاقات طبيعية وتفاعل إقليمي، ما لم تقترن هذه التسوية بترتيبات معينة. فالتسوية في ذاتها لا تضمن تعاوناً إقليمياً واسعاً، كما ثبت من تجربة السلام المصري الإسرائيلي، لأنها لا تكفل مصالح متبادلة، حيث يظل جوهر المشكلة هو وجود إسرائيل نفسه، بتكوينها العنصري وأهدافها التوسعية وتهديدها للمصالح العربية، وخاصة في ظل تأييد الولايات المتحدة لها في ذلك.
‌ج. إن الحديث عن دور إيجابي لإسرائيل في التنمية الإقليمية، في إطار "المشروع الشرق أوسطي" لا أساس له. فهي ليست رائدة في أي مجال من مجالات الإنتاج، ولا قدمت اختراعات أفادت البشرية، ولا تمتلك من التكنولوجيا إلا ما يسمح لها الغرب بالتعاون فيه. فالتكنولوجيا الإسرائيلية ليست أصيلة، بل مستوردة من الغرب. ولذلك، فإن "المشروع الشرق أوسطي" لا يفيد سوى إسرائيل، لأنه ينعش اقتصادها اعتماداً على السوق العربية الواسعة من ناحية، والتمويل الدولي والإقليمي (وهو عربي أساساً) لمشروعات سيكون لها اليد العليا عليها والنصيب الأكبر فيها بدعوى إسهامها التكنولوجي. وهذا التبشير بفائدة التكنولوجيا الإسرائيلية لا محل له؛ لأن التكنولوجيا المطلوبة هي التي تنسجم مع الظروف والحاجات العربية. فالتكنولوجيا المناسبة لمجتمع صغير ومنظم على مستوى علمي مرتفع تختلف عن تلك الملائمة لمجتمعات كبيرة تفتقر إلى هذا المستوى. وإذا أقحمت عليها تكنولوجيا غير ملائمة ستكون النتيجة اتساع الفجوة بين مكونات هذه المجتمعات، ومن ثم احتدام التناقضات داخلها.
‌د. إن "المشروع الشرق أوسطي" يطمس هوية المنطقة، وينزع عنها خصوصيتها العربية والإسلامية، وبالتالي تصبح محيطاً جغرافياً لا علاقة له بالإنسان أو التاريخ، في صورة خريطة لا تصلح سوى لاستيعاب الحضور الإسرائيلي وطموحاته وأطماعه. كما إنها لا تخلو من افتعال حتى على الصعيد الجغرافي نفسه، حيث تسعى إسرائيل إلى إعادة تركيب المنطقة تبعاً لهواها ومصالحها، فتستبعد دولاً وتضيف أخرى. ومعنى ذلك، أن هذا المشروع لا يبقى على خصوصية تاريخية، ولا جغرافية للمنطقة(Cool. ومن مؤشرات ذلك أن السوق الشرق أوسطية المقترحة سوف تشمل إسرائيل، والضفة الغربية، وغزة، والأردن، قبل أن تدخل فيها مصر، أو لبنان، أو سوريا، وهذه الدول الثلاث الأخيرة قد تدخل في تعاون مع إسرائيل قبل أن تدخل فيها دول المشرق العربي الأخرى. أما دول المغرب العربي فقد تدخل، وقد لا تدخل على الإطلاق، على حسب طبيعة التكامل المزمع تطبيقه بين المغرب العربي وأوروبا، ومدى اتساقه مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية(9).
2) تيار الترحيب "بالشرق أوسطية":
قدَّم المعبرون عن هذا التيار مجادلات عدة، سواء لتبرير ضرورة التعاون الإقليمي في إطار "شرق أوسطي"، أو لتأكيد الحاجة إلى "سوق شرق أوسطية"، أو سعياً لتقليل مخاطر التعاون العربي مع إسرائيل.
وركزوا على فائدة "السوق الشرق أوسطية" التي طرحها معظم المعبرين عن هذا التيار، وتتمثل هذه الفائدة فيما يلي:
‌أ. إنَّ وجود سوق مشتركة واسعة ضرورة للتعامل مع التكتلات الاقتصادية الدولية، ولدعم مركز المنطقة في النظام العالمي الجديد. فالعالم يتجه الآن إلى هذه التكتلات التي تتعدى الأسواق الوطنية، ويقيمها على أساس المصالح والمنافع، وليس من منطلق الحب والكره. فهي تعبير على الاتجاه العالمي الذي يقوم على الأسواق الكبيرة(10). فلنفرض أن التكتل الاقتصادي مفيد ونافع، فلماذا مع إسرائيل بالذات، وما الذي حدث ليحول إسرائيل من العدو التقليدي إلى الصديق القديم المفقود ؟ إن الدعوة إلى سوق شرق أوسطية لا تعنى أكثر من الدعوة إلى تعاون اقتصادي بين بعض الدول العربية وإسرائيل. وإلا فلماذا تغير الاسم من سوق عربية إلى سوق شرق أوسطية ؟ ولماذا لا تذكر هذه الدعوة إلا وتذكر إسرائيل، كمحور لها، أو طرف فيها(11) ؟
‌ب. إنها تحقق تفاعلاً ممتداً بين التكنولوجيا والموارد الاقتصادية والبشرية في المنطقة، بما يتيح التطلع إلى تنمية إقليمية تعد بازدهار للجميع. ويدعم هذا التوجه وجود ثروات بالمنطقة، تتجاوز حدود الدول، وتشكل قواسم مشتركة بين دولتين أو أكثر. ومنها، مثلاً، الموارد المائية، مما يفرض الحاجة إلى تطوير مشاريع مائية وكهربائية مشتركة تستفيد منها عدة دول. كما أن هناك مشكلات إقليمية مستجدة لا يمكن التعامل معها داخل الحدود السياسية، مثل: تلوث البيئة، والأوبئة، وما إلى ذلك.
‌ج. إنها تحقق الكفاءة الاقتصادية في تخصيص الموارد، وتقسيم العمل، واتساع السوق، وحرية التجارة، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة، بما يساعد على رفع معدلات النمو في كل دول المنطقة، التي ستصبح، والحال هكذا، جاذبة للاستثمارات الأجنبية التي تريد الاستفادة من انخفاض تكلفة الإنتاج(12). ولكن، في الحقيقة، الحديث عن مزايا حرية التجارة، واتساع السوق، وتقسيم العمل، والمزايا النسبية، كلام قديم يرجع، كما هو معروف، إلى (ادم سميث وريكاردو). ولكن هناك كلام قديم، أيضاً، يرجع إلى الاقتصادي الألماني (فردريك ليست)، عن أضرار تحرير التجارة بين دولة وأخرى تفصل بينهما فجوة اقتصادية وتقنية واسعة، وعن فوائد الحماية لصناعات معينة وفي ظروف معينة، وإن فتح الأبواب بين اقتصاد متقدم واقتصاد متخلف يؤدى إلى تكريس تقسيم معين للعمل، قد لا يكون له أدنى مبرر في المدى الطويل. ومن ثم فإن السؤال يصبح: هل الانفتاح الاقتصادي بين البلدان العربية وإسرائيل ينطبق عليه (كلام سميث) و(ريكاردو) أم (كلام فردريك ليست)(13)؟
‌د. إن التعاون الاقتصادي هو أفضل ضمان لاستمرار السلام، وإن الحرب أو الاستعداد للحرب كانا يستنفدان جزءاً لا يستهان به من الموارد العربية والإسرائيلية على السواء، مما يمكن الآن توجيهه للتنمية. ويوجد على هذا القول ملاحظتان: الأولى: هي أن الذي قضى على السلام بين العرب وإسرائيل هو شيء ليس له أي علاقة بوجود أو عدم وجود تعاون اقتصادي. وهذا الشيء هو مجرد رغبة مجموعة من الناس في الحصول على أراضى الآخرين. لقد كان هناك تعاون، بل وتكامل اقتصادي بين العرب واليهود في فلسطين قبل الأربعينيات من القرن الماضي. والذي قضى على هذا التكامل، وانفصل بدولة خاصة، لها اقتصاد مستقل، وجيش مستقل، ووضع حداً للسلام، لم يكن العرب، بل اليهود. وكل الحروب التي حدثت، منذ ذلك الحين في 1948م، و1956م، و1967م، لم يكن الدافع إليها رفض العرب الدخول في علاقات اقتصادية مع اليهود، بل كان الدافع إليها هو ضم أراض عربية جديدة. ويترتب على ذلك أن التعاون الاقتصادي بين العرب وإسرائيل ليس شرطاً كافياً للسلام، بل سيظل السلام مهدداً طالما كان لدى إسرائيل من الأهداف ما لا يقبله العرب صاغرين. إن أية رغبة إسرائيلية للتوسع في المستقبل، سوف يستخدم السلاح الإسرائيلي في تنفيذها كلما بدا من العرب ميل إلى المقاومة. والملاحظة الثانية: إن تبديد موارد عربية هائلة على السلاح لم تكن إسرائيل هي السبب في الجزء الأكبر منه إلا بالاسم. وإنما كان السبب الأساسي وراء الجزء الأكبر من الإنفاق العربي على السلاح هو تحقيق مصلحة بائعي الأسلحة. يظهر ذلك، مثلاً، مما أنفقته دول الخليج على أسلحة ظهرت قلة جدواها إبان أزمة الخليج(14).
لكن، الملاحظ أن الجانب الأكبر من أفكار هذا التيار ينصرف إلى محاولة تبديد المخاوف العربية من التعاون مع إسرائيل في الإطار "الشرق أوسطي". والأطروحة الرئيسية في هذا المجال أن إسرائيل ليست ذلك العملاق الذي يستطيع الهيمنة على المنطقة، وبرزت في سياقها مؤشرات عدة، من أهمها:
‌أ. الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد على معونات مباشرة وغير مباشرة، تتجاوز أربعة مليارات دولار سنوياً. ومعنى ذلك أن معظم ما تحتاجه إسرائيل للاستثمار يأتي من معونات أجنبية (أمريكي بالأساس)، وبحساب تأثير المضاعف يصبح جزء مهم من حجم الاقتصاد الإسرائيلي ناتجاً من هذه المعونات.
‌ب. التأكيد على أن الصناعات العسكرية هي التي توفر المجال الأهم لهذا التفوق، إلى جانب الدعم الأمريكي الذي يتجاوز المعونات إلى توفير الخبرات والأسواق. وعندما يتكرس السلام سيقل الاندفاع نحو التسلح، وستعانى الصناعات العسكرية الإسرائيلية بالتالي من انحسار في مواردها وأسواقها، الأمر الذي سيؤثر سلبياً على أحد أهم مجالات التميز الإنتاجي الإسرائيلي. وفضلاً عن ذلك، فالعرب هم الذين يملكون المال، والطاقة، والعمالة، والأسواق، والمساحة، وطرق المواصلات، والممرات المائية، وأنابيب النفط، والغاز. أما التكنولوجيا الإسرائيلية فستواجه منافسة شديدة من التكنولوجيا الغربية واليابانية.
‌ج. التأكيد على أن تحويل الأموال المهدرة في سباق التسلح إلى التنمية التي يفيد منه العرب أكثر من إسرائيل. فالمتوسط العربي العام للإنفاق العسكري يبلغ 14 % من الدخل القومي. فإذا توقف هذا الإنفاق أو تراجعت معدلاته جذرياً، يصبح بالإمكان تحقيق تنمية تدعم مركز العرب الاقتصادي في ظل الترتيبات الإقليمية الجديدة، بل وتجعلهم يضاهون العالم المتقدم نمواً وازدهاراً. وفي هذه الحالة، تكون الدول العربية مؤهلة للتفوق على إسرائيل، خاصة وان العرب يتمتعون، أيضاً، بتقاليد وعلاقات مع العالم تفوق ما لدى الإسرائيليين.
‌د. تسفيه المخاوف من غزو ثقافي إسرائيلي، استنادا إلى اعتبارات، من أهمها: أن المنطقة تضم خليطاً متنوعاً من الحضارات، والثقافات، واللغات، والأقوام، مما دفع إلى التعايش والتفاعل بينهما. كما أن الثقافة الإسرائيلية نفسها تنطوي على تعدد. ويوجد في داخلها مكون ثقافي عربي بحكم أن ما يقرب من خمس سكان إسرائيل عرب فلسطينيون، وأن نسبة كبيرة من يهودها هم عرب أصلاً هاجروا أو هاجر آباؤهم وأجدادهم من الدول العربية. وأخيراً، فالثقافة العربية ثرية، استعصت على كل محاولات الاستيعاب والاحتواء، في الماضي والحاضر.
ه‍. التأكيد على عدم وجود تعارض بين "العروبة" و"الشرق أوسطية" من منظورين: أولها: أن "الشرق أوسطية" ترتيب إقليمي، فيما العروبة فكرة، وانتماء، وشعور، ووجدان. والمشكلات التي تواجه العروبة أسبق من التسوية مع إسرائيل، وما يترتب عليها من ترتيبات "شرق أوسطية" فهي مشكلات ناجمة عن تناقضات العرب أنفسهم بالأساس. ولذلك، فإن طرح العروبة في مواجهة "الشرق أوسطية" هو طرح زائف وخادع. فالعروبة هي أحد مستويات الهوية بالنسبة للإنسان العربي، وجوهرها ثقافي قبل أن يكون سياسياً أو تنظيمياً. وبالتالي، فهي ليست في مواجهة أو تنافس مع "الشرق أوسطية"، ولا ينبغي وضعها في هذا الإطار. وثانيها: أن "الشرق أوسطية" ليست ترتيباً إقليمياً شاملاً يحل محل النظام العربي، وإنما مجموعة ترتيبات تنظيمية يتعلق كل منها بإحدى القضايا التي توجد حاجة للتعاون فيها. ولذلك، سيختلف المشاركون في كل ترتيب منها وفقا لمدى ارتباطهم بموضوعه(15).
ومؤدى هذه المجادلة أن "المشروع الشرق أوسطي" ليس في موضع التضاد مع النظام العربي، حيث يمكن الحديث عن دوائر إقليمية متجاورة. وبالتالي أنصار مشروع السوق الشرق أوسطية لديهم، بالطبع، ردود على كل هذا، يمكن إيجازها فيما يلي:
أولاً : يتساءل هؤلاء عن سرِّ كل هذا الخوف من إسرائيل، التي في نظرهم ليست إلا دولة صغيرة لا يزيد سكانها على خمسة ملايين نسمة، كما إن الصناعة الإسرائيلية ليست متفوقة إلى الحد الذي يتصوره بعض المختصين. وقد كتب "بنت هانسن" في هذا المعنى منذ بضع سنوات مشيراً إلى انخفاض الكفاءة في بعض الصناعات الإسرائيلية مقارنة بمثيلاتها المصرية، بسبب ارتفاع الأجور في إسرائيل، وندرة رأس المال.
ثانياً: أن السوق الشرق أوسطية المقترحة ليست بديلاً عن التكامل العربي، بل هي إضافة وتوسيع له، كما لا يوجد هوية إسرائيلية تهدد الهوية العربية، فحتى في داخل إسرائيل نفسها تمارس العادات العربية في المأكل، والملبس، والبرامج الإذاعية، والتليفزيون ... الخ.
ثالثاً: يوجد مبالغة في تصوير مدى حاجة إسرائيل إلى الدخول في علاقات اقتصادية مع البلدان العربية، فكما نُهَوِّل من الخطر الإسرائيلي نهوِّل، أيضاً، في مدى أهميتنا بالنسبة إلى إسرائيل. من ذلك ما قاله الاقتصادي الأمريكي الشديد التعاطف مع إسرائيل (ستانلي فيشر)، الذي كان حتى وقت قريب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، إذ قال: إن الاقتصاد العربي بأسره هو أصغر من حجم الاقتصاد الكندي، قاصداً بذلك تبديد الظن بأن إسرائيل تتلهف على السلام.
وأخيراً: يتساءل بعض المهتمين عن أسباب رفض مشروع السوق الشرق أوسطية، ما دام قد ثبت مما لا يدع مجالاً للشك، أن العرب غير قادرين على تحقيق وحدتهم والدفاع عن هويتهم(16)؟
ثانياً: تركيا والنظام الإقليمي الشرق أوسطي:
ينطلق التصور التركي، إزاء نظام الشرق الأوسط، من أن الحرب في الخليج قد جاءت بمتغيرات أمنية، وسياسية، واستراتيجية، وثقافية، تدفع نحو إعادة تشكيل المنطقة على نحو كبير، وذلك على أنقاض النظام العربي، وأن دخولها كطرف فاعل ومؤثر في الجغرافيا السياسية والأمنية للمنطقة لن يحدث إلا عبر نظام الشرق الأوسط، وبأساليب تقوم على تبادل المصالح، وتوازنها، والصداقة، وإمكانيات بناء جسور واسعة من الثقة المتبادلة، وليس عبر اللغة الأيديولوجية على النمط الإيراني، ولا باستعراض مظاهر القوة والهيمنة. وينطلق التصور التركي من ضرورة إدخال دول الجوار الجغرافي: تركيا، وإيران، وإسرائيل في إطار النظام الإقليمي الجديد(17).
ويوجد أسباب عديدة تؤيد مشاركة تركيا في التكامل الاقتصادي في الشرق الأوسط، ومن هذه الأسباب الموقع الجغرافي، والمميزات الاقتصادية المرتبطة به، والخبرة التي توافرت لديها، من خلال عدد من خطط التكامل الاقتصادي، والوفرة النسبية للموارد المائية(18).
ويقوم مشروع النظام الجديد على تصور الرئيس (تورجوت أوزال) لما يسمى "بالخيار الآسيوي"، والذي يهدف إلى تشكيل تحالف اقتصادي، وأمنى، واستراتيجي، عبر تركيا، وإيران، وباكستان، لتوسيع إطار الأطراف غير العربية وبعض دول المنطقة الأقل حجماً، وذلك لتحقيق عدة أهداف، الأول: ربط المنطقة الغربية بأوروبا من خلال السياسة المتوسطية لدول السوق، وأن تقوم بدور الوسيط من خلال دورها في مجالات المياه، والغذاء، ونقل النفط. والثاني: أن تستخدم الدور الذي يمكن أن تؤديه، في هذا الإطار، في مواجهة العقبات التي تضعها اليونان أمامها للدخول في السوق المشتركة. وهذا التصور يعنى إمكانية أن تلعب تركيا دور الوسيط الاستراتيجي، إذا جاز التعبير، بين آسيا الوسطي، ودول البحر المتوسط، وأوروبا، وبينها وبين الشرق الأوسط، وبين هؤلاء وبعضهم بعضاً(19).
وفي هذا الإطار، دعا (أوزال) إلى إنشاء صندوق لتمويل المشروعات الاقتصاديـة،
تقوم بتمويله الدول النفطية العربية، وتقدم أوروبا واليابان والولايات المتحدة التكنولوجيا المتطورة، وتقدّم تركيا المشورة، والخبرة الهندسية، والعمالة اللازمة لمشروعات الإنماء والتعاون في المنطقة، مع إقامة مشروعات لاستصلاح الأراضي، وإقامة السدود، والطاقة الكهربائية، وتستثمر فيها الدول الخليجية أموالها.
ولكن تركيا تطرح إقامة مشروع أطلقت عليه "خط أنابيب السلام"، وهو أحد الأفكار التي تمثل أحد عناصر تفكير الرئيس (أوزال) وطرحه إبان رئاسته للوزارة، وعرض هذا المشروع أثناء زيارته للولايات المتحدة في فبراير 1987م(20). ولكن غالبية الدول العربية تخشى أن تكون ورقة المياه الحيوية في أيدي تركيا، فضلاً عن رفضها، أن تكون إسرائيل جزءاً من هذا المشروع، وقدم المشروع بعد ذلك بعد حذف إسرائيل من بين الدول المستفيدة منه. ولكن استبعاد إسرائيل مسألة وقتية وذات طابع تكتيكي؛ لأن (شيمون بيريز) صرح عقب لقائه بالرئيس (أوزال) في 8 إبريل 1991م إن الرئيس (أوزال) مستعد لتنفيذ مشروع أنابيب السلام، وإن تركيا هي الدولة الوحيدة المتمتعة بفائض مياه في المنطقة، وإلى جانب المفاوضات السياسية بخصوص السلام في المنطقة ينبغي، أيضاً، تبنى خطة اقتصادية للتنمية، يمكن لها أن تبدأ بتنمية الموارد المائية(21).
وبالتالي، نجد أن هذا المشروع، الذي يرتكز على طموحات تركيا في التحكم الاستراتيجي في المنطقة تحت شعارات السلام، سوف يؤدى إلى التأثير على أوضاع الموازين المائية في العراق وسوريا (22).
وأخيراً، تكشف تصورات تركيا في قضايا المياه والتعاون الإقليمي عن عدة أمور:
1- أنها تحاول أن تلعب دوراً كبيراً في نظام الشرق الأوسط عبر المياه، والمشروعات المشتركة، والعمالة.
2- أنها تربط النظام الجديد بأشكال مرنة من التعاون الأمني، وقد تتضمن اتفاقات تمس قضايا الأكراد ومشاكلهم السياسية.
3- أن نظام الشرق الأوسط، الذي تدخل فيه إسرائيل مع دول الجوار الجغرافي، يمثل إعادة صياغة لهوية المنطقة كلها، وتداخلها مع مناطق جيوبوليتيكية وإقليمية أخرى.
4- أن تركيا تستهدف الوجود الإقليمي في النظام الجديد، وفي منطقة الخليج على أنقاض النظام العربي، ودعاوى الوحدة والقومية العربية(23).
ثالثاً: المبادرة الأمريكية: مشروع الشرق الأوسط الكبير:
يرجع الجدل السياسي، وراء طرح المبادرات الدولية المختلفة الخاصة بالإصلاح في
منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، إلى طرح الولايات المتحدة مبادرة طموحة في هذا الشأن، تتمشى مع اتجاه السياسة الأمريكية المتزايد نحو جعل قضايا الديمقراطية والحريات السياسية محوراً أساسيا في إستراتيجيتها الخارجية عموماً، وتجاه منطقة الشرق الأوسط بوجه خاص. وتتمثل الدوافع وراء طرح المبادرة الأمريكية الجديدة في عدة اعتبارات، يرتبط أغلبها بالتطورات المتلاحقة في المنطقة، وخاصة تعثر المشروع الأمريكي في العراق، من ناحية تأخر نقل السلطة، واستمرار تدهور الوضع الأمني، واحتدام التنافس بين القوى والتيارات المختلفة في العراق على أساس طائفي بدرجة متزايدة بين الشيعة والأكراد والسنة، وتزامن هذه التطورات مع الاعتبارات المرتبطة بالحملة الانتخابية الأمريكية، وكل هذا على خلفية تكريس النظرة الأمريكية تجاه المنطقة، التي تقوم على الربط بين الإرهاب وإخفاق الدول العربية في جهود الإصلاح السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي.
هذه الاعتبارات المختلفة دفعت الإدارة الأمريكية إلى التقدم بمجموعة أفكار تجمعت في إطار ما يعرف الآن بـ: "مبادرة الشرق الأوسط الكبير"، لطرحها خلال القمم المختلفة، مثل: قمة مجموعة الدول الثمانية في ولاية جورجيا الأمريكية، والقمة الأمريكية الأوروبية في دبلن، وقمة حلف الأطلنطي في اسطنبول. وقد تلي الكشف عن هذه المبادرة تقدم عدد من الدول الأوروبية بمبادرات فردية وجماعية خاصة بالإصلاح في الشرق الأوسط، تُعدُّ، في مجملها، مكملة للتوجه الأمريكي، رغم بعض التحفظات الأوروبية على التوجه الأمريكي، والتي تتمثل في أسلوب تناول القضايا المرتبطة بمسيرة الإصلاح في دول الشرق الأوسط، وترتيب الأولويات السياسية فيما يتعلق بالقضايا الحاكمة للمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث تعطى الدول الأوروبية اهتماماً حقيقياً لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط من منطلق أهميتها في تهيئة المناخ السياسي والأمني اللازم لدفع خطوات الإصلاح في المنطقة، في حين تفضل الولايات المتحدة عدم إبراز هذه القضية (24).
وفي الحقيقة، استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية نتائج التقرير الصادر عن برنامج
التنمية التابع للأمم المتحدة حول الأوضاع السياسية، والاقتصادية، والتنموية في العالم العربي، لتسويق المبادرة الأمريكية وتبرير طرحها في هذا الوقت(25). وخاصة أن تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، يؤدي إلى زيادة في التطرف والإرهاب، والجريمة الدولية، والهجرة غير المشروعة. وبالنظر إلى الوضع الحالي في "الشرق الأوسط الكبير" نجد، وفقاً للإحصائيات، ما يلي:
• مجموع إجمالي الدخل المحلي لبلدان الجامعة العربية ال22 هو أقل من نظيره في إسبانيا.
• حوالي 40 في المائة من العرب البالغين - 65 مليون شخص - أميون، وتشكل النساء ثلثي هذا العدد.
• سيدخل أكثر من 50 مليوناً من الشباب سوق العمل بحلول 2010م، وسيدخلها 100 مليون بحلول 2020م. وهناك حاجة لخلق ما لا يقل عن 6 ملايين وظيفة جديدة لامتصاص هؤلاء الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
• إذا استمرت المعدلات الحالية للبطالة، سيبلغ معدل البطالة في المنطقة 25 مليوناً بحلول 2010م.
• يعيش ثلث المنطقة على أقل من دولارين في اليوم. ولتحسين مستويات المعيشة، يجب أن يزداد النمو الاقتصادي في المنطقة أكثر من الضعف، من مستواه الحالي الذي هو دون 3 في المائة إلى 6 في المائة على الأقل.
• في إمكان 6.1 في المائة فقط من السكان استخدام الإنترنت، وهو رقم أقل مما هو عليه في أي منطقة أخرى في العالم، بما في ذلك بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
• لا تشغل النساء سوى 5.3 في المائة فقط من المقاعد البرلمانية في البلدان العربية، بالمقارنة، على سبيل المثال، مع 4.8 في المائة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
• عبّر 51 في المائة من الشبان العرب الأكبر سناً عن رغبتهم في الهجرة إلى بلدان أخرى، وفقاً لتقرير التنمية البشرية العربية للعام 2002م، والهدف المفضل لديهم هو البلدان الأوروبية(26).
وفي هذا السياق أشارت المبادرة إلى أولويات مشتركة للإصلاح تعالج النواقص التي حددها تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية، والتي تتمثل في: تشجيع الديمقراطية والحكم الصالح، وبناء مجتمع معرفي، وتوسيع الفرص الاقتصادية.
1- تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح:
إن الديموقراطية والحرية ضروريتان لازدهار المبادرة الفردية، لكنهما مفقودتان إلى حد بعيد في أرجاء الشرق الأوسط الكبير. وفي تقرير "فريدوم هاوس" للعام 2003م، كانت إسرائيل البلد الوحيد في الشرق الأوسط الكبير الذي صُنّف بأنه "حر"، ووصفت أربعة بلدان أخرى فقط بأنها "حرة جزئياً".
وأشار تقرير التنمية البشرية العربية إلى أنه من بين سبع مناطق في العالم، حصلت البلدان العربية على أدنى درجة في الحرية في أواخر التسعينات. وأدرجت قواعد البيانات التي تقيس "التعبير عن الرأي والمساءلة" المنطقة العربية في المرتبة الأدنى في العالم. بالإضافة إلى ذلك، لا يتقدم العالم العربي إلا على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على صعيد تمكين النساء.
وأشارت المبادرة الأمريكية إلى إمكانية تأييدها للإصلاح الديموقراطي في المنطقة عبر الالتزام بما يلي:
1- الانتخابات الحرّة، من خلال إنشاء أو تعزيز لجان انتخابية مستقلة لمراقبة الانتخابات، والاستجابة للشكاوى وتسلم التقارير، وتقديم مساعدات تقنية لتسجيل الناخبين والتربية المدنية إلى الحكومات التي تطلب ذلك.
2- الزيارات المتبادلة والتدريب على الصعيد البرلماني، وإنشاء معاهد للتدريب على القيادة خاصة بالنساء، فضلاً عن المساعدة القانونية للناس العاديين.
3- تبني "مبادئ الشفافية ومكافحة الفساد" الخاصة بمجموعة الثماني، وتعزيز خضوع الحكومة للمساءلة.
4- تشجع حكومات المنطقة على السماح لمنظمات المجتمع المدني، ومن ضمنها المنظمات غيـر الحكومية الخاصة بحقوق الإنسان ووسائل الإعلام، على أن تعمـل
بحرية من دون مضايقة أو تقيد، فضلاً عن دعمها بالتمويل المباشر(27).
2- بناء مجتمع معرفي:
تمثل المعرفة الطريق إلى التنمية، خصوصاً في عالم يتسم بعولمة مكثفة، وعلى الرغم من ذلك تشهد منطقة الشرق الأوسط فجوة معرفية. ووفقاً للمبادرة، وبالاستناد على الجهود التي تبذل بالفعل في المنطقة، يمكن لمجموعة الثماني أن تقدم مساعدات لمعالجة تحديات التعليم في المنطقة، ومساعدة الطلاب على اكتساب المهارات الضرورية للنجاح، من خلال محو الأمية، وتوافر الكتب التعليمية، وتنفيذ مدارس الاكتشاف، وإصلاح التعليم، والتواصل مع الإنترنت.
3- توسيع الفرص الاقتصادية:
تتطلب مواجهة الفجوة الاقتصادية للشرق الأوسط الكبير تحولا اقتصاديا يشابه في مداه ذلك الذي عملت به الدول الشيوعية سابقاً في أوروبا الشرقية. وسيكون مفتاح التحول إطلاق قدرات القطاع الخاص في المنطقة، خصوصاً مشاريع الأعمال الصغيرة والمتوسطة. ويمكن لمجموعة الثماني في هذا السياق اتخاذ الخطوات الآتية: تقوية فاعلية القطاع المالي، وإقراض المشاريع الصغيرة، وإنشاء مؤسسة المال للشرق الأوسط الكبير وبنك تنمية الشرق الأوسط الكبير، والمشاركة في عمليات إصلاح النظم المالية في البلدان المتقدمة في المنطقة، فضلاً عن إنشاء مبادرة جديدة لتشجيع التجارة في الشرق الأوسط الكبير، وتشجيع التعاون الإقليمي(38).
وعندما تمَّ طرح هذه المبادرة حدث جدل وتخوف، وأحيانا أخرى، رفض، حيث:
1- هناك من رأى أن المبادرة الأمريكية الجديدة الخاصة بعلاقات الولايات المتحدة مع دول منطقة الشرق الأوسط تمهد للضربة الأمريكية العسكرية المحتملة ضد العراق، مشيراً إلى أن إعلان المبادرة الأمريكية في هذا التوقيت يعني قرب توجيه هذه الضربة. وأوضح هؤلاء أن المبادرة الأمريكية اشتملت على مبادئ تستميل المواطن العربي، مثل: إرساء الديمقراطية، والأخذ بنظام الاقتصاد الحر، وتفعيل دور المرأة، وغيرها من المبادئ، دون الإشارة إلى آلية تنفيذها. كما انه على الرغم من احتواء المبادرة على نوايا طيبة، إلا إنها لم تتعرض لجوهر المشاكل الأخرى التي تواجهها دول المنطقة وشعوبها، وهي: عدم تسوية مشكلة الشرق الأوسط، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإتاحة الفرصة لجميع شعوب المنطقة كي تعيش في أمن وسلام، وتتعاون على بناء الرخاء والمستقبل الأفضل.
2- رأى آخرون أن العالم العربي، بلا شك، يرحب بأي مساعدة لتعزيز التنمية والإصلاح في المجال السياسي، غير أنهم أكدوا على أن تنفيذ ما جاء في المبادرة يتطلب مناخاً سياسياً مستقراً، وبالتالي حل المشاكل التي تؤدي إلى التوتر، وفي مقدمتها المشكلة الفلسطينية، وتحقيق السلام للشعب الفلسطيني. وبالتالي، لكي تحقق هذه المبادرة أثراً إيجابياً، على الولايات المتحدة أن تكون جادة في التعامل مع قضايا المنطقة، حيث لا يريد العالم العربي تدخلاً سياسياً في الشؤون الداخلية له بقدر ما يحتاج إلى المساعدة في مجال التنمية(29).
3- ويرى آخرون أن تلك المنطقة؛ أي الشرق الأوسط، أصبحت بعد 11 سبتمبر مصدر تهديد للأمن القومي الأمريكي، بسبب أوضاعها، ومشكلاتها الاقتصادية والسياسية والثقافية‏. ‏ ومن هذا المنظور يصبح إصلاح أوضاع المنطقة ليس مجرد عمل إنساني أو خيري أمريكي‏، وإنما هو يخدم مباشرة المصلحة القومية الأمريكية. ولسنا في حاجة‏،‏ بالمقابل،‏ ‏ لتأكيـد مصلحتنا المباشرة نحـن في التطوير الاقتصادي والسياسي والتعليمي لبلادنا‏. هي إذن مصلحة مشتركة بيننا وبين الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن القضية ليست، ببساطة، عملية إصلاح وتطوير مجتمع متخلف‏، وإنما هي في الإجابة عن السؤال: لماذا تعثرت محاولات الإصلاح والتطوير المتوالية – لما يقرب من قرنين‏-‏ في العالم العربي؟ وبعبارة أخرى‏، فإن الإصلاح والتطوير ليس فكرة جديدة يطرحها الأمريكيون‏، ولكنها قضايا وضرورات ندركها منذ فترة طويلة‏، ولذلك، فإنّ نقطة الانطلاق هي معرفة أسباب تعثر الإصلاح الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي، مع الإيمان بأن مهمة الإصلاح لا يمكن أن تتم بنجاح إلا بإرادة الشعب، دون أن يعنى ذلك الرفض للمبادرات الخارجية‏.
كما تجدر الإشارة إلى التوقيت الذي أعلنت فيه المبادرة الأمريكية، حيث تأتي في الوقت الذي وصلت فيه شعبية الولايات المتحدة والثقة فيها إلى أدنى درجاتها في العالم العربي. وهذه حقيقة يستطيع المسؤولون الأمريكيون، فضلا عن أجهزة الرأي العام والخابرات، التعرف عليها بسهولة شديدة. ولا شك أن حجر الزاوية في تلك المشاعر السلبية هو موقف الولايات المتحدة المتحيز بشدة لإسرائيل، ولاستخدامها القوة ضدّ العراق(30).
ونتيجة لهذا الجدل، نجد أن بعض الدول العربية، مثل: السعودية ومصر رفضت، بشكل صريح، المشروع الأمريكي، وأكدت هذه الدول عدم قبولها فرض نمط إصلاحي بعينه على الدول العربية والإسلامية من الخارج، مشددين على أن الاهتمام بتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يستلزم إيجاد حلول عادلة ومنصفة لقضايا الأمة العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقضية العراق(31).
وعلى خلاف هذا الموقف المصري السعودي، وفي تطور مفاجئ، أعلن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير خارجية قطر اعتراض بلاده على رفض الدول العربية للمشروع الأمريكي "الشرق الأوسط الكبير"، انطلاقاً من أنه لا يمكن أن نرفض مشروعاً لم نعرفه بعد وكفى ما رفضناه على مدى 50 عاماً مضت، وأثر علينا، وجعلنا غير قادرين على التفاعل مع المجتمع الدولي، ودعى إلى بحث النقاط الإيجابية فيه والأخذ بها، واستبعاد ما هو سلبي. وأكد على ضرورة عدم الربط بين الإصلاحات الداخلية وحل الصراع مع إسرائيل. ونفت قطر وجود أي تحفظات على المبادرات العربية الخاصة بالإصلاحات في الدول العربية والتي طرحت خلال اجتماعات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، وخاصة أن كل المبادرات التي طرحت قد نوقشت واتفق على نص جماعي، وهو الذي سيقدم كمبادرة من جميع الدول العربية(32).
وفي مواجهة هذا الجدل، أكدت واشنطن على إنها لن تفرض شيئاً على دول المنطقة، وإن اقتراحات الإصلاح يجب أن تأتي من داخل دول المنطقة باعتبار أن لكل دولة ظروفها الخاصة. كما أكدت على أن المبادرة ستقتصر، في هذه المرحلة، على الدول الحليفة التي تتلقى مساعدات اقتصادية وعسكرية أمريكية، والتي أظهرت استعدادها لتنفيذ إصلاحات سياسية، وبالتالي، من المنطقي أن نبدأ بالدول الصديقة الأكثر استعدادا للاستجابة لمبادرة الشرق الأوسط الكبير التي ستكون نواة التغيير نحو الديمقراطية في المنطقة.
وتأكيداً لذلك، نفى وزير الخارجية الأمريكي وجود أي نية لدى الإدارة الأمريكية لفرض أي خطة على المنطقة، حيث إن الأفكار الإصلاحية يجب أن تأتي من داخل المنطقة، وأن المبادرة تأتي استجابة لاحتياجات المنطقة، وأيضاً، أعلنت مستشارة الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي أن مبادرة الرئيس (جورج بوش) تستند إلى ثلاث قواعد أساسية هي: الدفاع عن السلام، عبر مواجهة العنف والإرهاب، والأنظمة "الخارجة عن القانون"، وحماية السلام بإقامة علاقات جيدة مع الدول العظمى، ونشر السلام من خلال السعي إلى نشر فوائد الحرية والازدهار في العالم(33).
وبالتالي، يتضح أن التغيير المطلوب هو، بالدرجة الأولى، لتأمين المصالح الأميركية ومواجهة ما تراه واشنطن مصدرا للإرهاب، ولذلك عملت على الترويج للمشروع من خلال طرح أفكار ذات جاذبية، مثل: التنمية الشاملة، والرفاهية الاقتصادية، وتوفير فرص عمل للعاطلين، وتطبيق الديمقراطية، والتحرر، والتخلص من حالات القهر، والقمع السياسي، وتشجيع منظمات المجتمع المدني غير الحكومية على التمرد بشكل أو بأخر على النظم السياسية القائمة، تحت دعاوى الحرية وفق المنظور الأميركي(34).
رابعاً: المشروع الفرنسي الألماني:
وضعت فرنسا وألمانيا مشروعاً للإصلاح في الشرق الأوسط، تحت عنوان: "شراكة استراتيجية لمستقبل مشترك مع الشرق الأوسط". ويركز هذ المشروع على الجهود الأوروبية المبذولة في المنطقة، وضرورة التشاور والتنسيق والتفاهم مع بلدانها التي "عبرت عن حوار جماعي قوي في وجه أي محاولة لفرض نموذج من الخارج"، والتشديد على خصوصية كل دولة، على أن يكون التنسيق كاملاً بين بلدان المنطقة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والحلف الأطلسي. ويشدد المشرووع، أيضًا، على ضرورة التوازي بين تسوية النزاع العربي – الإسرائيلي، وإنشاء حكومة مسؤولة في العراق من جهة، ومسيرة الشراكة المقترحة من جهة أخرى(35).
وتؤكد فرنسا وألمانيا، في هذا النص، أن أي مبادرة للشرق الأوسط ينبغي أن تستجيب لاحتياجات المنطقة وتطلعاتها، والعمل على تغيير أوضاع شعوبها، من خلال شراكة صادقة وتعاون ورؤية مشتركة تعمل على إرسائها الحكومات والمجتمع المدني. ويختلف النص الفرنسي – الألماني عن الخطة الأمريكية من ناحية مبادئ العمل، إذ يؤكد أن جميع الدول والمجتمعات المعنية عبرت عن معارضة مشتركة لمحاولة فرض نموذج من الخارج عليها، ويعدُّ أن حل الصراع العربي الإسرائيلي يحظى بأولوية في إطار الاستراتيجية الأوروبية.
ويشير النص إلى الآليات القائمة لدى الاتحاد الأوروبي لتطبيق مبادئ التحديث وحقوق الإنسان والديموقراطية، وإلى ضرورة تعزيز الحوار السياسي مع دول مجلس التعاون الخليجي، وتسريع المفاوضات من أجل منطقة تبادل تجاري حر. كما يؤكد على أهمية تشجيع مبادرات التعاون الإقليمية بين الدول المتاخمة للخليج، بما فيها العراق وإيران(36).
أهـداف المشروع:
1- دعم بلدان الشرق الأوسط، وتشجيعها في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، في ضوء حقيقة أن كل مبادرة في شأن الشرق الأوسط ينبغي أن تلبي
حاجات المنطقة وتطلعاتها.
2- يوجد مصلحة كبيرة للقارة الأوروبية في التطور الإيجابي للمنطقة. فإلى جانب التحديات الأساسية للأمن، هناك الروابط الجغرافية، والثقافية، والاقتصادية، والبشرية، بين أوروبا والمنطقة، والتي تدفع بوضوح في هذا الاتجاه.
3- يستقبل الاتحاد الأوربي، بإيجابية، إمكانية العمل وتنسيق الجهود مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن مشروع الشرق ال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط
» الرؤى الإقليمية والدولية للشرق الأوسط
» عـودة القوة: الإدارة المسلحة للأزمات الإقليمية والدولية
» الرؤية الصهيونية للشرق الأوسط الجديد
» مشروع أميركي يرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** ماســـــتر (Master) ******* :: السنة الثانية ماستار ( محاضرات ، بحوث ، مساهمات )-
انتقل الى:  
1