منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدو مخلوف
عضو فعال
عضو فعال
عبدو مخلوف


تاريخ الميلاد : 28/06/1991
العمر : 33
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 153
نقاط : 447
تاريخ التسجيل : 08/11/2012
الموقع : abdouoppj@yahoo.fr
العمل/الترفيه : طالب + ممارسة الفنون القتالية

دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Empty
مُساهمةموضوع: دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية   دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية Emptyالإثنين ديسمبر 03, 2012 10:32 pm




الطالب: زدام يوسف



دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية
مقاربة ثقافية



مداخلة مقدمة في إطار الملتقى الوطني حول:
"التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر : واقع وتحديات"

فرع العلوم السياسيـة
كلية العلوم القانونية والإداريـة - جــامعة حسيبة بن بوعلي الشلف
16-17 ديسمبر 2008

مقدمــة:
تزامنت الفترة الأخيرة من القرن العشرين، بتصاعد موجة المطالبة بالديمقراطية في مختلف دول العالم، وارتبط ذلك بظهور أنماط حكم وفلسفات تسيير دعت إليها المنظمات الدولية، بهدف التقليص من مستويات الفقر ودفع جهود التنمية لتحقيق أهداف تكون أكثر اهتماما بالإنسان.
إن تزايد متطلبات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب السياسية، في ظل ظروف فشل السياسات العامة الفردية المتجاهلة لحقوق المواطنين خاصة في الدول النامية، أذكى شعورا بضرورة المشاركة الشعبية في وضع وتنفيذ هذه السياسات، وتزامن ذلك مع "سياسية المشروطية"() التي تنتهجها الدول والمنظمات المانحة و المتمحورة أساسا حول حقوق الإنسان والحريات الاقتصادية. وكان من ابرز المفاهيم الصادرة في هذا الشأن مفهوم الحكم الراشد وما يتضمنه من دور للفواعل، الذي يعتبر حاليا مطلب هذه الدول والمنظمات من جهة ومطلب المواطنين والمجتمع المدني من جهة ثانية.
كما انتقلت مفاهيم الأمن والتنمية في هذه الفترة، إلى بعدها الإنساني بدل البعد العسكري أو الاقتصادي، فظهرت مفاهيم الأمن الإنساني والتنمية الإنسانية، المرتبطة بحقوق الإنسان خاصة الفئات المهمشة. ما جعل هذه الحقوق مرتبطة بإنسانية الإنسان وبعيدة عن الفوارق التي قد تحدثها الوضعية الاقتصادية والاجتماعية.
بالرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته الجزائر في مجال تكريس الآليات الديمقراطية على المستوى المركزي والمستويات المحلية ) أحزاب سياسية، آلاف جمعيات مجتمع مدني، انتخابات دورية لانتخاب المجالس والهيئات المركزية واللامركزية(، إلا أن السمة العامة للممارسة الديمقراطية هي الاغتراب، والذي يؤكده كل موعد انتخابي خاصة في أوساط الشباب سواء على مستوى الأحزاب أو الجمعيات ما انعكس سلبا على عمليات التقييم القبلي والبعدي للسياسات التنموية.
يعبر عدم توظيف الآليات الديمقراطية عن خلل في المنتظم السياسي، وبما أن الجانب الشكلي تم إلى درجة بعيدة استيفاءه فإن المستهدف للطرح هو طريقة التوظيف. يطرح هذا الوضع موضوع التحدي الثقافي، الذي يوفر الخلفية الثقافية المؤسسة أو المعرقلة للعمل الطوعي في الميدان الاجتماعي أو السياسي. ونظرا لتموضع مؤسسات المجتمع المدني كهياكل بين ما هو رسمي وما هو غير رسمي، فإن دورها يبرز بالأهمية التي يحتله موضوع التنمية الإنسانية القائم على منهج حقوق الإنسان. والذي يوفر البداية المنطقية للفئات المهشمة للمشاركة في إدارة شؤون الدولة والمجتمع والتمتع بمخرجات المنتظم السياسي.
سنحاول في هذه المداخلة دراسة الإشكالية التالية:
ماهي حدود إمكانات المجتمع المدني في خلق ثقافة مجتمعية – تتعدى الاحتياجات اليومية- تكون الخلفية المؤسسة للمشاركة في إدارة شؤون الدولة والمجتمع والتمتع بمخرجات المنتظم السياسي؟
يتم تناول الإشكالية وفق ثلاث محاور؛ بداية بالطرح النظري للمفاهيم، ثم التطرق لواقع المجتمع المدني على ضوء الثقافة السائدة، ليتم التطرق في المحور الأخير للمداخل الممكنة للمجتمع المدني في الجزائر للمساهمة في التنمية الإنسانية مع التركيز على المساهمة في مجال صنع ثقافة المواطنة.

الإطار النظري للمجتمع المدني والتنمية الإنسانية
سأحاول في هذا المحور التطرق إلى التعاريف التي تطرقت إلى المجتمع المدني والتنمية الانسانية والربط بينهما بما يتطلبه الجوهر الديمقراطي للعلاقة الجدلية بينهما.

تعريف المجتمع المدني
يلقى مفهوم المجتمع المدني الكثير من الجدل من حيث طبيعته وخلفيته التاريخية، والكثير يرى بأن الجدل حول تعريف المجتمع المدني هو جدل بين إيديولوجيات تحاول كل منها تعريفه وفق منظومة أفكار خاصة بها. لكن الأكـيد كما يقول محمد الرحلاني أن كل استخدام لمفهوم المجتمع المدني لا يراعي بعده المعرفي، الذي يرتقي به لأن يجعل منه أداة للتحليل، سيسقط لا محالة في تحويل المفهوم إلى عقدة سياسية مغلقة أو إلى شعار إيديولوجي، وبدلا من الاستفادة مما يتيحه المجتمع المدني من إمكانيات يصبح مجالا للهيمنة أو الإقصاء، وبالتالي فإن القول بأن استعمال المجتمع المدني خارج سياقاته التاريخية قد لا يسمح بالاستعمال الأحسن له كأداة تحليل لا يمكن أن تصمد في وجه الحجة القائلة بأنه لن يكون أول ولا آخر مفهوم يأخذ أبعادا عالمية التداول(1).
سأحاول تقديم تعريفات مقتضبة لمفهوم المجتمع المدني بما يوضح فقط طبيعتها وتكوينها وأهدافها دون التطرق إلى جذوره التاريخية. اذ يعرف الدكتور سعد الدين إبراهيم المجتمع المدني بأنه:"مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة غير الحكومية وغير الإرثية، التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، لتحقيق مصالح أفرادها من أجل قضية، أو مصلحة أو للتعبير عن مصالح جماعية، ملتزمـة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف"(2).
ويعرفه مفكر بريطاني:"عالم ذو علاقة وسطية بين الحكومة والعائلة، تشغلها مؤسسات منفصلة عن الحكومة، وتتمتع باستقلالية في علاقاتها مع الحكومة، وأنها تتشكل بشكل تطوعي من أعضاء في المجتمع لحماية أو زيادة اهتماماتهم أو قيمهم. وهذا العالم يختلف بشكل كبير في معظم دول العالم ومجتمعاتها، التي تتكون من جماعات تختلف بين جماعات الاهتمامات الحديثة مثل الاتحادات المهنية والجمعيات المهنية، ومؤسسات تقليدية مبنية على علاقة القرابة أو العرقية أو الحضارية أو الإقليمية. وتختلف بين مؤسسات رسمية وشبكات اجتماعية غير رسمية ترتكز على ولاءات طائفية، دينية، أو للعملاء. وتختلف بين تلك المؤسسات ذات الأدوار السياسية، كجماعات الضغط أو الدعاية لقضايا معينة، وتلك المؤسسات التي يبقى نشاطها خارج النظام السياسي"(3). عموما، إن منظمات المجتمع المدني تتسم بعدة خصائص منها:
- لها هيكل رسمي وتهدف للبقاء.
- غير هادفة للربح بشكل عام.
- ليست لها علاقة هيكلـية مؤسسية مع الحكومـة، وإن كان بإمكانها الحصول على مساعدات مالية من طرفها.
- ذاتـية التسيير.
- قائمة على أساس المشاركة الطوعية.
- لا تباشر نشاطا سياسيا رغم ما قد يكون لها من مواقف بشأن بعض القضايا السياسية وخاصة في التأثير على السياسات العامة
ارتبط مفهوم المجتمع المدني وفعاليته بالأنظمة الديمقراطية، لأن النظام يكتسب شرعيته من المجتمع(في ظل توفر الخصائص السابقة للمجتمع المدني ووضوح أهدافه) الذي يحافظ على مصالحه بتكوين أعمال جماعية تتوفر لها أحيانا فرص الاستغناء عن الدولة ولكن في إطار القانون، وفي ظل حرية هذه المنظمات، التي تعتبر (الحرية) الشرط الحاسم لتحقيق البيئة المساعدة للنشاط الفعال لها.
كما أن الشرط الأهم والواجب التحقيق لكي يصبح المجتمع المدني مساهما، هو وجود وترسخ ثقافة ديمقراطية، وذلك من خلال وضع خطط لتنمية ثقافية مدنية تلتزم بها جميع أطراف المجتمع والفاعلين ومشاركة أساسية من صناع القرار؛ لأن وجود ثقافة ديمقراطية تسمح بانتشار قيم الحوار والتسامح واحترام الرأي الآخر وإدارة الخلافات بطرق سلمية...

تعريف التنمية الإنسانية
هناك عدة تعريفات للتنمية، تختلف باختلاف سياقها التاريخي، وتباين آراء من يوردها. وفي إطار تطور مضامين مفهوم التنمية، استحدث مفهوم التنمية الإنسانية، وجعلت من المفهوم عنوانا لأول تقرير عن التنمية الإنسانية في نطاق البلدان العربية، تبناه برنامج الأمم المتحدة عام 2002. وقام منطق إحلال"إنساني" بدل "بشري" على أساس أن التنمية تتجاوز في جوهرها الأبعاد المادية إلى الأبعاد المعنوية. إذ يرى نادر فرجاني محرر التقرير إلى أن نقطة الانطلاق في مفهوم التنمية الإنسانية هو أن لجميع البشر لمجرد كونهم بشرا حق أصيل في العيش الكريم جسدا ونفسا. وكذلك فإن مفهوم الرفاه الإنساني في التنمية لا يقف عند المعايير الاقتصادية الضيقة، أو حتى عند التنعم المادي، أو إشباع الحاجات الأساسية وما شابه، ولكنه يمتد إلى الأمور المعنوية التي تؤكد سمو الإنسانية مثل التمتع بالمعرفة، بالحرية و احترام وتحقيق الذات(4). كما يرى بأن مصطلح الخيارات الوارد في تقارير التنمية الإنسانية، يعبر عن مفهوم أرقى، يعود للاقتصادي الهندي أمارتياسن A.SEN أطلقه في الثمانينات ألا وهو الأحقيات الذي يعبر عن الحق البشري الجوهري في هذه الخيارات(5).
وقد ورد في تقرير التنمية الإنسانية العربية أنه "يمكن أن تعرف التنمية الإنسانية ببساطة بأنها عملية لتوسيع الخيارات، ففي كل يوم يمارس الإنسان خيارات متعددة، بعضها اقتصادي وبعضها اجتماعي، وبعضها ثقافي، وحيث أن الإنسان هو محور تركيز جهود التنمية، فإنه ينبغي توجيه هذه الجهود لتوسيع نطاق خيارات كل إنسان في جميع ميادين سعي الإنسان. والتنمية الإنسانية عملية ومحصلة في الوقت ذاته، فهي تهتم بالعملية التي يجري من خلالها، وتركز على النتائج التي تم تعزيزها"(6). وأورد التقرير أن هذا التعريف ينطوي على الدلالات التالية:
1- تعزيز الخيارات الإنسانية من خلال إتاحة الفرص والتمكين.
2- اعتبار النمو الاقتصادي وسيلة لتحقيق الأهداف وليس غاية في حد ذاته.
3- تفعيل مشاركة الناس في القرارات والعمليات التي تشكل حياتهم.
هذا التعريف يقودنا إلى التعريف الذي قدمه الباحث في مركز دراسات الوحدة العربية بشير مصيطفى الذي يرى أن" مفهوم التنمية الإنسانية يستند إلى محورين اثنين:
1- بناء القدرات البشرية للتوصل إلى مستوى رفاه إنساني راقي من خلال التمتع بمزايا الحياة الطويلة، الصحة، المعرفة، التعليم، الحرية.
2- توظيف قدرات التسيير في كافة النشاطات الإنسانية الاقتصادية والسياسية والمدنية"(7).
"وفي التحليل النهائي، التنمية الإنسانية هي تنمية الناس، ومن أجل الناس، ومن قبل الناس، وتشمل تنمية الناس بناء القدرات الإنسانية عن طريق تنمية الموارد البشرية، ويعني القول "التنمـية من أجل الناس" أن مردود النمـو يجب أن يظهر في حياة الناس، والقول "التنمية من قبل الناس" يعني تمكـينهم من المشاركة بفعالية في التأثير على العمليات التي تشكل حياتهم"(Cool. فتنمية الإنسان هو جوهر التنمية الشاملة، ولا يمكن تحقيق أبعاد التنمية الأخرى بمعزل عن الإنسان، ولعل هذا ما يؤكد شمولية عملية التنمية وأن التقسيمات الجامدة التي وضعت لها أساءت إلى عمليات التنمية تصورا وتخطيطا وتنفيذا، وأدت إلى غياب إطار تنموي شامل للنمو والتغيير النوعي في بنى المجتمع وعلاقاته.
يرتبط مفهوم التنمية الإنسانية بمفهوم التمكين الذي تبنته الأمم المتحدة في تقاريرها للتنمية البشرية، وذلك للمقارنة بين الجانب النظري والواقع الملموس للحقوق، وبرز هذا المفهوم بالدرجة الأولى لقياس التمكين النسبي للرجل والمرأة في مجالات النشاط الاقتصادي والسياسي وذلك باستخدام عدد من المتغيرات الدالة على التمكين.
ولقياس التنمية الإنسانية أورد تقرير التنمية الإنسانية العربية مجموعة مؤشرات هي: الصحة، التعليم، المعرفة، الحرية وتمكين النوع.
تعبر التنمية الإنسانية بهذا العمق عن سمة جوهرية وشاملة في العملية المجتمعية الهادفة إلى إجراء تحويل عميق في الحياة الإنسانية، بكل مظاهرها بما فيها مواجهة التحديات على أنواعها. إضافة إلى أن تغير الهيكلة الحقوقية العالمية، أدى إلى إعادة النظر في مختلف حاجات المجتمع وخاصة الفئات المهمشة والضعيفة، باعتبارها حقوقا لابد أن يتعاون المجتمع المدني، الدولة والمجتمع الدولي لخلق آليات لتمكينها (الفئات المهمشة والضعيفة).
السياق الوظيفي للجوهر الديمقراطي
إن اعتبار التنمية الإنسانية تشتمل من حيث تعريفها الحد من الفقر وتحرير قدرات البشر، توضح العلاقة بين التنمية الإنسانية وفاعلية المجتمع المدني؛ فالمجتمع المدني يساهم في توفير بيئة اقتصـادية وسياسية واجتماعية وقانونية تمكن الفقراء من تحرير قدراتهم، في حين تمكن تحـرير القدرات والمشاركة الفعالة في اتخاذ القـرار إلى فتح مجال النشاط الفعال للمجتمـع المدني. لكن ترسيخ ثقافة مجتمعية وتحقيق مستويات أحسن من التنمية الإنسانية، تتطلب كشرط أساسي إلغائي توفر قاعدة ديمقراطية.
أدى تطور مفهوم التنمية في كل مستويات النشاط السياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي، و استناده إلى رفع مستوى حياة الناس، والحد من الفقر، وتجسيد مبدأ الخيارات، إلى ارتباطها "بوجود قيادات سياسية منتخبة ديمقراطيا، وقادرة على تنظيم نشاطات اقتصادية، وتنمية الموارد الوطنية بأسلوب فعال ومتوازن من الناحية الاجتماعية"(9). وتعتمد في ذلك على بناء نظام اجتماعي عادل، ورفع القدرات الإنسانية عبر زيادة المشاركة الفعالة للمواطنين، وتمكين الفئات المهمشة وتوسيع الخيارات للمواطنين وإمكانياتهم.
إن ارتباط التنمية الإنسانية بالسياسات العامة التي تهدف إلى تحرير القدرات خاصة للفئات المهمشة، يجعل من آليات الديمقراطية خاصة التداول السلمي، الانتخابات والرقابة البرلمانية، سبلا كفيلة بتوجيه هذه السياسات نحو تنمية هذه الفئات المهمشة.
تتيح الديمقراطية عبر مبادئها وخاصة وجود أحزاب سياسية وفعاليات للمجتمع المدني، شيوع ثقافة الحقوق والواجبات، وتوفير فضاءات من الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما يؤدي إلى بناء القدرات الإنسانية من خلال التعليم، الصحة... ثم تحرير هذه القدرات بناء على تلك الحريات.
كما أن الاتجاه العالمي للتنمية عبر المنظمات الدولية والدول و المنظمات المانحة، تتجه إلى تكريس الديمقراطية كشرط أساسـي وكمقاربة ضرورية للتنمية، ضمن سياسات المشروطية. فضلا على أنها اعتبرت التنمية حقا من الحقوق الإنسانية من خلال إعلان الحق في التنمية.
إن البيئة التفاعلية للمجتمع المدني تبين وجود علاقة جدلية بينه وبين الديمقراطية، بحيث تعتبر شرطا أساسا وعاملا محركا للرشادة السياسية. أما من الناحية العملية فهذه العلاقة ليست فقط تكاملية وترابطية وإنما إجرائية كذلك، فلا يمكن مثلا الحديث عن رشادة سياسية في نظام غير ديمقراطي، لا تحترم فيه المبادئ الأساسية للديمقراطية، ولا توجد فيه صحافة حرة ومستقلة، كما لا يمكن تصور حكم راشد دون وجود فضاء للمشاركة السياسية من جهة، ومشاركة فعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص- والتي استمدت نشاطها من فضاء ديمقراطي- في رسم السياسات العامة واتخاذ القرارات.
إن ما تتيحه الديمقراطية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية تسمح ببناء القدرات الإنسانية من طرف القطاع الخاص والمجتمع المدني وبرعاية وتنظيم من الدولة، وتسمح بالمقابل تحرير هذه القدرات من خلال الحريات المتاحة للمجتمع.

المحور الثاني: واقع المجتمع المدني في ظل المنظومة القيمية في الجزائر
إذا ما اتفقنا على أن مستوى التمكين الذي تعكسه مستويات عليا من التنمية الإنسانية ما هي في النهاية إلا إقرار بحقوق لأصحاب الحقوق، يمكن القول حينها أن ما أوضحته تقارير التنمية الإنسانية العربية من نقائص ثلاث )نقص المعرفة، نقص الحرية ونقص تمكين المرأة( هو عجز تسبب فيه إما أصحاب الحقوق أو حملة الواجب ويربط بين هذه الثنائية المنظمات الطوعية. إن المطالبة بهذه الحقوق هي صلب مهام المجتمع المدني في الجزائر، وتوافرها تمثل البيئة المواتية لنشاطها ما يجعل العلاقة بينهما جدلية. وبالنظر إلى عنوان المداخلة واحتراما للمحاور الواردة فيه، سأحاول في هذا المحور التطرق إلى ما يحكم الجانب الممارساتي من ثقافة في المجتمع المدني الجزائري.
إن اعتبار الثقافة "تلك المنظومة القيمية التي تشكل رؤية الأمة لذاتها وللعالم الذي يحيط بها، وتتحكم في تصرفات الأفراد وسلوكياتهم" يحتم أن تكون الثقافة المواتية للديمقراطية وبناء نسق منظم للمطالبة بالحقوق تتميز بـ:
1. "أن العمليات الثقافية التي تنتجها أفكار ومواقف أو سلوكيات هي التي تشكل ديناميات الديمقراطية.
2. أن الديمقراطية هي ذلك التمثل الخلاق للتنوع والتباين، وهي الإرادة السياسية المتوازنة للاختلاف والتعددية"(10).
هذين الجانبين يبرران إلى أي حد يتمكن فيه المجتمع المدني ممارسة نشاطه في حالة توفر ديمقراطية في ثقافة الأفراد بدل الشكليات البارزة في القواعد القانونية.
لقد كانت للفترة الاستعمارية الفرنسية على مدى المائة والثلاثين عاما وقبلها الخلافة العثمانية أثرها في تكوين صورة لدى الفرد الجزائري على سطوة السلطان والسلطات المركزية ومستويات النفوذ الذي تتمتع به الهيئات التنفيذية لدى باقي الهيئات، لدرجة لا يمكن خلالها استصدار حق أو رد مظلمة. وذلك بالرغم من أن التراث الإسلامي أولى الحرية اهتماما خاصا من خلال القرآن الكريم والسيرة النبوية، ولا أدل على ذلك من العبارة الاستنكارية للخليفة عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" الواردة في صدر تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2004 "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"
كما عرفت الفترة التي تلت الاستقلال مباشرة إلى غاية تبني التعددية الحزبية في دستور 23 فيفري 1989 اندماجا بين الدولة والحزب جسدت فعلا ما يقال عنه أنه ثقب أسود. إلى درجة تكرست فيها في الذهنية الجزائرية أن الحزب هو الدولة والدولة هي الحزب، والدولة هي السلطة، والسلطة كل متكامل لا تنقسم إلى ممثلين للشعب ومنفذين لسياساتهم، هي إذا علبة سوداء كما صورها دافيد ايستون DAVID EASTON في نسقه لاتخاذ القرار. عكس ذلك الإحداث التي عرفتها الجزائر في ثمانينات القرن الماضي أثناء الأزمة الاقتصادية ونتيجة لوضوح الفشل للسياسة الاقتصادية المطبقة آنذاك؛ إذ شملت أعمال التخريب على كل ما يرمز إلى الثنائية )الدولة-الحزب(.
بالرغم من المكانة القانونية التي اكتسبتها الجمعيات ذات الطابع السياسي والاجتماعي من خلال المادتين 39 و40 من دستور 23 فيفري 1989، وبروز ذلك أكثر تنظيما في دستور 28 نوفمبر 1996. إلا أن فرض قانون الطوارئ وقانون محاربة الإرهاب قيدا كثيرا الفعل الطوعي في الجزائر إضافة إلى ما تعلق منها بحرية الرأي والتعبير. لذلك تعد السمة العامة للتشريعات المتعلقة بالجانب السياسي والاجتماعي التقييد؛ فعادة ما يقرن الحصول على حريات وحقوق جديدة بقيود تبطل الأثر الإصلاحي للتشريعات، ما يؤكد انحصار الحريات وطغيان الطابع التسلطي، فما يعطيه الدستور من اليمين تسلبه القوانين والمراسيم من اليسار.
وأدت الأزمة الأمنية -إضافة إلى الخسائر البشرية والمادية- من خلال الاعتقالات العشوائية والاختطافات القصرية للأفراد دون محاكمات والجو العام السائد آنذاك، إلى تعمق التخوف من كل ما يتعلق بالدولة، وتكرست فكرة اعتبار الدولة المحور الثابت والوحيد في العملية التنموية وأنها الوصي على المجتمع مهما كانت وضعيته الاقتصادية والسياسية والثقافية. كانت مهابة الجانب فعلا.
إضافة إلى ما سبق سبب الفساد السياسي خلق نمط من الثقافة السياسية ترى أن لا فائدة من المشاركة لأن القضية في يد الأقوياء. كما قالت ماري روبنسون Mary Robinson مفوض الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان: "إن الفساد السياسي يؤدي إلى العزوف عن المشاركة السياسية واليأس من الحصول على العدالة لأن الأمر يتعلق بتشكل ذهنيات ترى أن لا فائدة من المشاركة ولا الرقابة وأن الأمر يتعلق بالأقوياء"(11).
بصفة عامة، إن طبيعة الأنظمة السياسية العربية المائلة إلى التسلط وخنق الحريات من جهة، والتغني بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تطرحه النخب الحاكمة برجالها ورموزها السياسيين والثقافيين، خلق تناقضا لدى المواطنين العرب انعكس "في إحباط مركب يؤسس بدوره لنوع من الهروب الجماعي أو شبه الجماعي عن عمل مسؤولية التحضير للغد المفعم بالتحديات، حيث تصبح أولوية المجتمع إما التعايش مع الواقع بكل مرارته وخموله وتراجعه... وإما البحث عن وسيلة خارج القانون العام للتغيير، وكل هذا يؤدي إلى الاغتيال المعنوي والمادي لأجيال بكاملها"(12).
من الأسباب التي يجب ذكرها كذلك أن المجتمع المدني العربي يتسم بعدم الثبات والتقلب السريع وغياب المقومات الذاتية والاتساق الداخلي... هذه السمات أدت إلى تدخل الدولة بأجهزتها البيروقراطية والإجهاز على المنظمات باحتوائها أو خلق عراقيل تعطل عملها الفعال، فاقتصر دور منظمات المجتمع المدني (في معظم الحالات) على مساندة القوانين والمواقف الرسمية، وفي أسوأ الحالات الرفض دون خلق آليات تمكنها من العمل الفعال لتغيير مواقف رسمية ما.
كما أن للأسرة أو العائلة دور رئيسي في نشر الثقافة التي تنظر للدولة المركزية المتدخلة على أنها عامل رئيسي في رعاية الصالح العام، وهذا له جذوره في أنماط السلطة الأبوية النابعة من التقاليد العائلية، والتي تعتبر الطاعة بدون مناقشة أحد أركانها.
إن طبيعة المناهج التربوية وطرق التدريس والتقييم تعاني غياب الحرية؛ فالمناهج لا تحتـوي -إلا نادرا ومؤخرا- مادة مبادئ حقوق الإنسان وقيمها. كما أن طريقة التدريس والتعليم تقوم على التلقي السلبي(التلقين) مع غياب التحليل النقدي من أسفل إلى أعلى في معظم مراحل التعليم، وهذا ما يناقض تماما تنمية الشخصية وروح الإبداع والابتكار، و يتوافق مع خنق الحرية. هناك من اختصاصي التعليم من يربط ذلك بالقهر الذي يعانيه المعلمون من طرف الإدارة التعليمية المقهورة كذلك من قبل الإدارة المركزية.
لمّا كانت عملية التعليم داخل الأنساق التعليمية لا تنفصل عن مدى نضج الوعي السائد لدى ممارسي العملية التعليمية لمعنى الحرية والديمقراطية، فإن القول بأن حال الديمقراطية في المجتمع بصفة عامة، لها دورها في التأثير على طريقة التعليم لأن "الديمقراطية هي أسلوب في الحياة، وفي الخبرة المشتركة القابلة للانتقال، وفي حرية الحركة أمام المشاركين فيها، بحيث يصبح الوعي المعرفي بالديمقراطية، الفرصة لقيام أرضية فكرية مشتركة أساسية للجميع على أساس من التكافؤ واليسر"(13).
أكد تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003، أن نوعية التعليم المدرسي مرتبط بثلاث عوامل أساسية هي: وضع المعلمين والمعلمات، طبيعة المناهج وأساليب التعليم، وسياسات التعليم؛ فلقياس مستوى التعليم لابد "من تلمس أوضاع المعلمين والمعلمات وقدرتهم على تحفيز التلاميذ والتفاعل معهم وتشجيعهم على الابتكار والتفكير النقدي الخلاق"(14). ومن أهم العوامل المؤدية إلى ذلك مستوى الثقة بين قطبي العملية التربوية أو التعليمية أي التلاميذ والمعلمين ، يسميها أحمد محمد النكلاوي بـ "الممارسة الديمقراطية في الأنساق التعليمية" ويؤكد في هذا الصدد على وثوقية "العلاقة بين غياب الديمقراطية في مجتمع ما، أو كما أسماها أمين المهدي بسيطرة ثقافة الاستبداد أو الطغيان وصور التخلف الاجتماعي والاقتصادي. فالتوتر السياسي والعسكري من شأنها أن تولد خبرة الإحساس بالاغتراب ومن ثم عدم الثقة بين طرفي عملية التفاعل بين الأنساق المختلفة في المجتمع"(15).
ويرى التقرير أن من الأسباب التي تؤثر سلبا على أداء المعلمين التكدس في الأقسام، نقص الرواتب والحوافز ، نقص الإمكانات المتاحة وسوء المناهج في حد ذاتها التي تعتبر وعاء التنشئة السياسية والاجتماعية للتلاميذ؛ إذ يعتبر التقرير بأن المناهج الدراسية العربية "تكرس الخضوع والطاعة والتبعية ولا تشجع التفكير النقدي الحر، فمحتوى المناهج يتجنب تحفيز التلاميذ على نقد المسلمات الاجتماعية أو السياسية، ويقتل فيهم النزعة الاستقلالية والإبداع"(16).
من السلوكيات التي كرسها الفقر في المجتمعات العربية بصفة عامة، تفضيل تدريس الذكور على حساب الإناث في الأسرة، ما يمنع الفتيات من إتمام الدراسة، ما يعني عدم توفير الفرص للإعداد الكافي لها في المشاركة في الحياة العامة، كالفرص التي أتيحت للرجل من حيث تأهيله لوظائف معينة كالوظائف القيادية مثلا.

المحور الثالث: المداخل الممكنة للمجتمع المدني للمساهمة في التنمية الإنسانية في الجزائر
يمكن لمنظمات المجتمع المدني المساهمة في التنمية الإنسانية وتغطية العجز الثلاثي الوارد في تقارير التنمية الإنسانية من خلال ثلاث مداخل رئيسية هي:
1. المدخل الأول هو محاولة إحداث تغيير في البنية القانونية المتحكمة في مجموع الحقوق خاصة الفئات المهمشة منها.
2. المدخل الثاني يكون على المستوى الشعبي من خلال خلق ثقافة المواطنة خاصة لدى الشباب.
3. أما المدخل الثالث فيمثل هدفا استراتيجيا يتمثل في التنشئة السياسية للتلاميذ والطلاب، ويعد أهم المداخل على الإطلاق.
إن اعتبار التنمية الإنسانية تنمية تقوم على منهج الحقوق، يمثل تحولا عن تركيز التنمية من قبل على تلبية الحاجيات الأساسية إلى تنمية تعتبر الأفراد "حائزي حقوق"، مما يعني ضمنا أن الآخرين هم"حملة واجب". إن ارتباط التنمية الإنسانية بالأمن الإنساني الذي يتمحور حول:" التحرر من الفاقة، والتحرر من الخوف، وحرية المرء في أن يتصرف بنفسه"(17) وباعتبار الفقر يتسم بالاستبعاد وانعدام القدرة على المطالبة بالحقوق المشروعة، واستئصال الفقر المدقع، فإن الحكومات هي حملة الواجب الأساسين، ومن بين واجباتها وضع قوانين ونظم منصفة تمكن الأفراد من أن يمارسوا حقوقهم ويتمتعوا بها، وبذل جهود متفانية إلى جانب المجتمع المدني لتطبيق فكرة أن الجميع معنيون بحقوق الإنسان "وبخاصة أولئك الذين يعانون من حرمان مضاعف أو ثلاثي بسبب الفقر والنوع الاجتماعي وأشكال التمييز الأخرى"(18).
إن اعتبار السياسات العامة للحكومات توزيعا سلطويا للقيم، يمكن المواطنين في حالة عدم الرضى على هذا التوزيع من تغيره من خلال حق التصويت والاقتراع. لذا تكمن إيجابية حق التصويت وحرية الانتخاب بأنه يتعلق بسياسات عامة تتبناها الأحزاب السياسية التي تتبارى من أجل إقناع الرأي العام بالتصور الذي تتبناه في إدارة التنمية ومكافحة الفقر وتمكين المهمشين من الحقوق المخولة دستورا. ويتلخص دور المجتمع المدني في هذا الصدد على محورين أساسين يتلازمان مع وضع السياسات العمة ثم تطبيقها، إضافة إلى توعية المواطنين أثناء الانتخابات بضرورة المشاركة بما يضمن حقوقهم ويخدم مصالحهم بعيدا عن الزخم الانتخابي الذي عادة ما يصاحب هذه الفترة.
ترتبط فعالية الرقابة البعدية على أعمال الحكومة بقوة ممثلي الشعب أعضاء مجلسي الشعب والأمة، إذ تعتبر القناة السلمية للتعبير عن مستويات الأداء الحكومي في كل ما يتصل بمستويات الرفاه الاجتماعي وتحقيق التنمية. يستمد البرلمان شرعية وجوده من رضى أفراد المجتمع، ويرى فيه المواطنون تمثيلا لرغباتهم وطموحاتهم، فإذا ما تحقق ذلك استمد البرلمان قوته وفعاليته من المجتمع ذاته، وبالتالي فإن قوته الدستورية ستصبح مقرونة بقوة مجتمعية، وإذا ما تحققت القوة المجتمعية، تكون مخرجاته قابلة للتطبيق لأنها تمثل المجتمع(19).
إن توفر القوة المجتمعية - التي توفرها الإرادة الشعبية منظمة في منظمات قوية- تعتبر حارسة للإرادة الشعبـية، أي أنها قادرة على حمايتها من الاعتـداء عليـها و تجاوز صلاحياتها، وتتحقق هذه الحماية عن طريق توفر جملة من الشروط سماها السيد علي موسى" الشروط الاجتماعية للديمقراطية" مثل التعليم، ومستوى المعيشة، تعليم الفتيات، ارتفاع ومستوى المشاركة السياسية. فلابد للمجالس التشريعية أن تقدم مجهودا ونتائج فعلية لتوفير هذه الشروط حتى تحصل على هذه القوة المجتمعية، بالمقابل لا يمكن تصور أن يكون أفراد المجتمع في أمية وفقر وظروف اقتصادية سيئة و يصاحب ذلك نصوص تشريعية ذات مضمون ديمقراطي. وما يجب إدراكه من طرف الناخبين -خاصة أثناء الانتخابات التشريعية- هو أن ممثلي الشعب يضطلعون فعلا بمسؤوليات ضخمة فيما يتعلق بتوزيع الموارد والقيم السياسية في المجتمع وذلك من خلال مسؤوليات الرقابة التي يضطلع بها البرلمان.
يضطلع البرلمان بالمصادقة على المطالب التشريعية التي تتقدم بها الحكومة من خلال دراستها ثم الموافقة عليها، ورغم الانقسامات التي قد تحدث بين ممثلي الشعب في هذه الحالات إلا أنها تبقى مؤسسة البرلمان من أهم القنوات التي تنوب عن المواطنين في التعبير عن أرائهم. كما يضطلع البرلمان من خلال مناقشة السياسة العامة للحكومة ثم الموافقة عليها أو رفضها بمسؤولية تحديد التوجهات الوطنية بما تنطوي عليه من أثار على الموطنين ثقافيا و اقتصاديا و اجتماعيا، وذلك من خلال ميزانيات التعليم الصحة الضمان الاجتماعي وكذا برامج التعليم وحظوظ القطاع الخاص في برامج التنمية. إضافة إلى مهمات الموافقة والرفض والتعديل يتولي البرلمان دراسة عرض بيانات السياسات العامة بما يمثل رقابة بعدية لأعمال الحكومات فيما يخص سبب النجاح أو الفشل في تنفيذ السياسات والقوانين المصادق عليها .
إن توفير شرطين مهمين لفعالية البرلمان (برلمان ممثل للشعب عبر انتخابات حرة و نزيهة، برلمان فعال فيما يخص التعامل مع الحكومة) يتطلب شرطا قبليا إلغائيا، وهي ثقافة ديمقراطية لدى كل من المواطن الناخب والمواطن المترشح تؤمن بقيم المواطنة و المصلحة الوطنية بدل المصلحة العشائرية أو القبلية أو صلات القرابة، كما تتطلب مرشحـين يتمتعون بحد أدنـى من التعليم و الخبرة بما يمكنهم من مناقشة قضايا و ملفات معقدة و بما يسمح لهم برفع أيديهم أو الممانعة عن ذلك في التصويت على اتفاقيات و معاهدات دولية أو سياسات وطنية ذات أبعاد عدة بكل مسؤولية.
أما فيما يخص المدخل الثالث فيقول روسو J-Rousseau في الحديث عن العلاقة بين المواطنة وحرية الوطن والفضيلة "لا يمكن للوطن بغير الحرية، والحرية بغير الفضيلة، والفضيلة بغير المواطن، وستبلغون كل هذا إذا أعددتم المواطنين، وبدون هذا الإعداد لن تجدوا إلا عبيدا أشرارا بدء من رئيس الدولة، ولكن إعداد المواطن ليس عمل نهار واحد"(20).
سننتقل في هذا المدخل للحديث عن غرس قيم المواطنة في ذهنية التلميذ والطالب الذي سيكون مواطن المستقبل. وتتطلب المواطنة الفعالة مجموعة سمات تؤهل الفرد ليكون مواطنا فعالا في مجتمعه ومنظماته؛ فالمواطن يفترض فيه المعرفة الكافية –إن لم نقل الشاملة- لمجموع حقوقه وواجباته، وملما بالأفكار والأنظمة السياسية أقلها المسيطرة على المنتظم السياسي الذي يعيش فيه مثل الدستور، التغييرات الني طرأت عليه، نظام الحكم، أهم قنوات المشاركة السياسية التي يتيحها القانون. ويتطلب الاستخدام الأمثل لهذه المعارف وقنوات المشاركة القدرة والمهارة والقيم المتلائمة وطبيعة التفاوض والمطالبة بالحقوق. يجب أن ترتبط منظومة الحقوق والواجبات بالشعور بالانتماء للوطن، وهذا أهم مقوم للمواطنة.
تضطلع بهذه الوظيفة مختلف مؤسسات المجتمع ابتداء بالأسرة ثم المدرسة، المسجد، الجمعيات، جماعة الرفاق، وسائل الإعلام. وإذا كان لمنظمات المجتمع المدني إمكانية ممارسة التنشئة بشكل مباشر عبر الأسرة والمسجد، فإن التأثير على المناهج المدرسية لا يمكن أن يكون إلا بطريقة غير مباشرة.
إن مظاهر الحكم الجيد هي في ذاتها مقومات التشريع الجيد، فالحديث عن المشاركة هو مقدمة الحديث عن عملية تشريعية جيدة تمكن النواب من صنع التشريعات، وتمكن المواطنين ابتداء من الوصول إلى النواب والتأثير فيهم. فما يجب أن يعيه نواب الشعب قبل منظمات المجتمع المدني أن السياسات العامة ليست فقط حسابات الربح و الخسارة في الموارد المادية – إنها التوزيع السلطوي للقيم- وأن أهم مداخل ترسيخ هذه القيم هي المؤسسات التربوية من خلال المنهاج المدرسي الذي يعكس توجهات النظام السياسي وأهدافه الإستراتيجية.
تمثل المناهج التربوية وطريقة التدريس من مداخل تكوين مواطن المستقبل، وقد اختلفت آراء التربويين حول إستراتيجية منهج تربية المواطنة بين طريقة مباشرة تتمثل في فرع واحد من فروع المعرفة يركز على قضايا المواطنة، وبين طريقة غير مباشرة عن طريق عرض الموضوعات داخل المواد المختلفة.
تعرضت الكتب المدرسية الموافقة لإصلاح المنظومة التربية في الجزائر إلى انتقادات من مختلف فعاليات المجتمع المدني، خاصة ما عرف بقضية "بتر جزء من النشيد الوطني" وكتاب الانجليزية للسنة الثانية من التعليم المتوسط، ما عبر عن وعي مجتمعي لأخطار تواجد مواد دراسية منافية لأهداف المجتمع الإستراتيجية خاصة فيما يتعلق بتاريخ الوطن وعلاقته بالتعامل مع المنتظم السياسي والتراث الديني.
وتعد طريقة التدريس كذلك مدخلا من مداخل تربية الموطنة؛ فالطريقة التي يتعامل بها المعلم مع التلاميذ من خلال السماح بالتعبير المنظم عن الرأي والتغاضي عن الفروقات التي قد تحدثها الوضعية الاقتصادية للتلاميذ، إضافة إلى تطبيق الإجراءات بشكل عادل دون تمييز وخلق جماعات بحث تكرس روح الجماعة وتحمل المسؤولية؛ يؤثر ذلك كله على تكوين مواطن المستقبل.
إن "حسن نية المعلم، والكلمات الحسنة، والتي تقال في مكانها والتشجيع، والتقدير العادل للتحصيل ـ وإن كان صارماً ـ، واحترام التلاميذ في التعامل من أي سن كانوا، يشكل ما يسمى بالمناخ السيكولوجي المُرضي في الصف ويهيئ أجواء انفعالية إيجابية تساعد على استيعاب المعارف من قبل التلاميذ على نحو أفضل"(21). لكن وكما ذكر آنفا يرتبط ذلك بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمعلمين والطريقة التي تتعامل بها الوزارة الوصية معهم، لذا تبرز في هذا الصدد الحاجة إلى جمعيات أولياء التلاميذ ونقابات الأساتذة. يبين الشكل رقم 1 حلقة التفاعل بين المنتظم السياسي ومنظومة التعليم وتأثيرها على تكوين مواطن المستقبل.

في الأخير يطرح تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 عشرة مبادئ تكون أساسا لبنيوية تربوية جديدة تلحق الأمة العربية بالقرن الواحد و العشرون وهي(22):
1- مركزية الفرد في العملية التربوية من خلال اعتماد فلسفة تقوم على كرامة الفرد.
2- تربية قوة النقد للمساعدة في اتخاذ مواقف عقلانية من المشاكل الطبيعية والإنسانية.
3- إعلاء قيم الحوار الذي يمكن أن ينتهي بالاختلاف الخلاق بدل الاتفاق المسبق المرتبط بالمواريث الفكرية والاجتماعية، دون المساس بالقيم العليا.
4- التركيز على القيمة الجوهرية للعمل الإنساني المبدع.
5- إثارة روح التحدي في الإنسان العربي وبناء قدرته على صنع مصيره من خلال الاستجابة الخلاقة لمحيطه الطبيعي والبشري.
6- ضرورة تكريس مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام الأطفال العرب.
7- حق المعلم في أن يفهم ككيان إنساني واحد تستهدف التربية نموه الجسدي والوجداني والاجتماعي والمعرفي في تكامل وانسجام.
8- يجب أن تساعد التربية الأطفال والراشدين على فهم أفضل لثقافتهم الخاصة في الحاضر والماضي من الزمان، مع الانفتاح على الثقافات العالمية المختلفة.
9- مواكبة المناهج التربوية للتطورات العالمية في جميع المجالات خاصة التقنية وطبيعة المناهج ما يؤدي إلى فهم سياقات السبب والنتيجة في تحليل الظواهر.
10- التأكيد على ظروف عدم التأكد في التربية، ما يساعد الناشئة على اكتساب قوة التكيف لمواجهة المستقبل.

الخاتمـة:
يستند مفهوم التنمية الإنسانية إلى منظور أساسي مفاده أن للإنسان حق أصيل في العيش الكريم ماديا ومعنويا، جسدا وروحا. ويتفرع عن هذا المنطق نتيجتان هامتان هما: أن التنمية الإنسانية ترفض أي شكل من اشكال التمييز بين البشر سواء من ناحية الجنس، اللون، العقيدة، المستوى المادي...، أما النتيجة الثانية فهي أن مفهوم الرفاه الإنساني لا يقتصر على التمتع المادي وإنما يتسع للجوانب المعنوية في الحياة الإنسانية الكريمة مثل التمتع بالحرية، اكتساب المعرفة والمشاركة.
إن التنمية الإنسانية يجب أن تفهم في الإطار، على أنها عملية وليست حالة، وأنها اختيار وليست قدرا، وأنها ذات أبعاد عديدة وليست أحادية الاتجاه، كما أنها ترتبط بغايات وأهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، ومن ثم فهي تعكس عند حدوثها ديناميكية المجتمع، وتعكس في نفس الوقت القيم السائدة فيه. وما يكرس ضرورة الاقتناع بهذا الإطار للتنمية ما أورده تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2004، من أن التنمية في الوطن العربي من الجسامة والتعقيد والتشابك، بحيث أصبح أي إصلاح لإحدى النواحي المطلوبة لبناء نهضة إنسانية في المنطقة يستلزم أن يمتد إلى جنبات المجتمعات العربية كافة، ويضيف التقرير أن الإصلاح الجزئي لم يعد كافيا مهما تعددت مجالاته، وربما لم يعد ممكنا من الأساس، كما أن الإصلاح الشامل لم يعد يحتمل الإبطاء أو التفاؤل.
بالرغم من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في الجزائر، الذي يتضمن بعض عناصر المشاركة ولو شكليا، فلابد أن نؤمن بالمقولة "من لا يدرك لا يترك بعضه" على فرضية أن التغيير في أي مكان يتطلب زمنا طويلا، خاصة في جانب التغير الثقافي لأنه " لا يمكن تغيير المجتمع بمراسيم".
لذا فعلى منظمات المجتمع المدني قبل المطالبة بالحقوق، تحقيق حد أدنى من الديمقراطية في تنظيمها، يجعلها تخضع لقواعد تشكل منها مؤسسات قوية في مواجهة مختلف التحديات الصادرة عن الدولة وعن المجتمع، الذي يعاني درجات متقدمة من الركود والاغتراب السياسي.
يتطلب تكريس ثقافة المواطنة -بما تعنيه من مطالبة بالحقوق وأداء للواجبات مقرونين بالشعور بالانتماء الوطني- زمنا طويلا وعملا مظنيا من مختلف الفعاليات في المجتمع. وأن الهدف الاستراتيجي يجب أن يكون من خلال التنشئة السياسية للتلاميذ والطلاب على روح المشاركة والمطالبة. والواقع إن عملية استنبات وانضاج القيم الديمقراطية لم ولن تكون عملية سهلة المنال أو محددة الأدوار والمسارات، كما أن المطلوب هو السعي لتكريس ثقافة حقيقية متجذرة في نفوس الأفراد وليست طارئة أو سطحية، يكون ديدنها التعقل وسياق فعلها التجربة والتصحيح لتلافي ما قد تفرزه الذهنيات والقيم التقليدية من مضادات معاكسة للمسار الديمقراطي، وفي هذا المضمار الحساس تبرز أهمية التربية والتعليم لتقليص الفجوة بين الفضاء النظري والواقع التجريبي لعملية الاستنبات الثقافي الديمقراطي.
إن الأزمة في الجزائر هي أزمة ثقافة وليست أزمة شكليات ديمقراطية، وأن مسألة التمكين مطروحة لأن المطالبة بالحقوق تتخذ أشكالا غير منظمة ما يجعلها ضعيفة وخارجة عن القانون.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دور المجتمع المدني في التنمية الإنسانية مقاربة ثقافية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التنمية الإنسانية: مقاربة معرفية
» التنمية الإنسانية: مقاربة معرفية
» * دور المجتمع المدني في تحقيق التنمية الشاملة في الجزائر، بين الثبات والتغير *
» دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز حقوق الإنسان وعملية التنمية
» التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر واقع وتحديات (المجتمع المدني في الجزائر: دراسة في آلية تفعليه)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: ******** فضاء جامعة 08 مــــــاي 1945 ******* :: قسم خاص بالملتقيات والمنتديات-
انتقل الى:  
1