النظرية الواقعية في الحرب
الفلسفة >>>> الفلسفة السياسية والاجتماعية
2) الواقعية:
بالرجوع إلى الحرب بشكل خاص يؤمن الواقعيون بأنها جزء لا مرد منه من نظام العالم الفوضوي، وأنه يتم اللجوء إليها فقط حين يكون لوجودها معنىً بالنسبة للمصلحة الوطنية، وأنه في الوقت الذي تبدأ به الحرب، فعلى الدولة أن تفعل كل ما بوسعها لتنتصر. بمعنى آخر، "كل شيء عادلٌ في الحب والحرب."
من الضروري أن نفرق بين الواقعية التصويرية والتوجيهية. أما التصويرية فهي الادعاء أن الدول في واقع الأمر إما لا تتصرف بشكل أخلاقي (لأسباب تتعلق بالتحفيز) وإما لا تستطيع ذلك (لأسباب تتعلق بالتنافس)، وببساطة ليست الدول مهتمة بشكل أساسي بالنسبة للأخلاقية والعدالة، فكل الأمر يتعلق بالقوة والأمن والمصلحة الوطنية بالنسبة لهم.
وأما الواقعية التوجيهية فهي الادعاء بأنه على الدولة أن تتصرف بشكل غير أخلاقي في الميدان الدولي. وعلى الدولة أن تتقيد بسياسة غير أخلاقية من احترام الذات المتغطرسة في الشؤون الدولية. فالدولة المتغطرسة ستدع أخلاقيتها خلفها حين تتطرق لما عليها أن تفعله في النطاق الدولي. والسبب في ذلك أنه حين تكون أخلاقية جداً سيستغلها باقي الدول بشكل قاسٍ أكثر.
ومن المهم أن ننوه بإمكانية سن قواعد من قبل الواقعي التوجيهي لتنظيم حالة الحرب، كتلك القواعد التي عرضها أصحاب نظرية الحرب. وتضم تلك القواعد أنه: "يجب أن تشن الحروب كرد على العدوان"، و "لايجوز استهداف غير المقاتلين مباشرة خلال الحرب بالعنف القاتل." وطبعاً، السبب وراء سن مثل هذه القواعد يختلف عن الأسباب التي عرضها أصحاب نظرية الحرب؛ فالأخير يتحدث عن إقامة قيم أخلاقية، بينما الأول يعزو إلى قواعد مفيدة تساهم في وضع توقعات للسلوك وحل مشاكل التنسيق والتي إليها يستجيب المقايضون الواعون. ومع ذلك، فلابد من وجود مجالٌ للتداخل بين هذا النوع من الواقعية ونظرية الحرب المتكافئة.
3) السلمية:
يعرف جيني تيتشمان السلمية بأنها "مناهضة الحرب". حرفياً وببساطة، يرفض السلميُّ الحرب مناصرةً للسلام.
الحركة النقدية الشائعة التي تناصر الحرب المتكافئة تقول أن السلمية تتساوى مع "سياسة الأيدي النظيفة" التي يصعب إلغاؤها. ويزعَمُ أن السلميَّ يرفض أن يتخذ القرارات الضرورية للدفاع عن نفسه أو عن بلده.
وكاعتراضٍ آخر للسلمية، فإن الفشل في مقاومة عدوان دولي بالوسائل الفعالة، ينتهي بتشجيع الاعتداء والفشل في حماية الناس. لكن رد السلميين لهذه الفرضية هو بالمجادلة التي تقول: "نحن لا نحتاج إلى اللجوء إلى الحرب من أجل حماية للشعب ولا معاقبةٍ فعالةٍ للعدوان". وبعد كل ذلك، فيمكن للسلميين أن يقولوا أنه لا يمكن لغازٍ أن يحكم قبضته على الأمة المعتدى عليها بضوء عزلة منهجيَّةٍ وعدم تعاون ومقاومةٍ غيرِ عنيفةٍ من قبل السكان.
وعلى الرغم من عدم إمكانية إثبات بطلان موضوع السلمية (باعتبارها فرضيةً جاريةً بعكس الحقائق المطروحة)، فهناك أسباب قوية تجعلنا نتفق مع جون راولز الذي يراها نظرةً ساذجة للتمسك بها.
ويرد أصحاب هذه النظرية على هذا الاتهام باستشهادهم بأن ما يعتقدون به هي أمثلة من الواقع الحقيقي للمقاومة الفعالة وغير العنيفة للاعتداء. وتشتمل هذه الأمثلة على حملة مهاتما غاندي لإخراج حكم الامبراطور البريطاني من الهند في أواخر الأربعينيات، وكذلك حملة الحقوق المدنية في الستينيات للأمريكيين الأفارقة.
وبشكل عام، هناك نوعان من السلمية العلمانية يمكن أخذها في عين الاعتبار:
1- نوع أكثر ترابطاً منطقياً من السلمية (CP) والذي يؤكد أن لا يمكن أبداً للفوائد المترتبة من الحرب أن تفوق تكاليف شنها ومساوءها.
2- ونوع أكثر أخلاقية من السلمية (DP)
ماهي الجدلات التي يمكن أن يوظفها مفكرو نظرية الحرب المتكافئة للرد على هذين النوعين من السلمية؟
الخاتمة:
توفر هذا النظريات عيِّنَةً من المناظرات الغنية والمثيرة للجدل التي تحيط الخطاب الفلسفي المتعلق بالحرب، والذي هيمنت عليه ثلاثة اصطلاحات: نظرية الحرب المتكافئة، والواقعية، والسلمية. وبينما تشغل نظرية الحرب المتكافئة خاصةً مساحةً كبيرة ومؤثرة من الخطاب فتبقى بدائلها الواقعية والسلمية تحديات مثيرةً للاتجاه الفلسفي السائد الذي تمثله.
نظرية الحرب العادلة
هنا