12 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 27 أكتوبر 1995 - Commune de Morsang-sur-Orge
التعليق :
بموجب هذا القرار اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن احترام كرامة الإنسان يجب أن ينظر إليها كإحدى مكونات النظام العام .
بيان الوقائع و الإجراءات :
رئيس بلدية Morsang-sur-Orge قرر منع مشاهد " رمي الأقزام" التي كانت ستجرى في ملاهي المدينة ، و لم يعتمد في قراره هذا على سلطات الشرطة الخاصة التي تعود إليه بموجب أمر 13 أكتوبر 1945 المتعلق بالحفلات ، بل اعتمد على صلاحيات الشرطة العامة المستمدة من أحكام قانون البلديات.
فرئيس البلدية لم يهدف إلى ضمان الأمن العام أو تفادي اضطرابات محتملة تمس النظام العام، بل منع هذه المشاهد لأنها تمس بكرامة الإنسان.
فعند ممارستهم لصلاحيات الشرطة البلدية يتعين على رؤساء البلديات اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على النظام العام الذي يتمحور تقليديا حول : الأمن و السكينة و الصحة العامة ، غير أن الإجتهاد القضائي قد توسع في ذلك بعض الشيء لتشمل فكرة النظام العام في بعض الأحيان جانبا من الأخلاق العامة ؛ و من ذلك قرارات غلق محلات الفجور و الدعارة ( 17 ديسمبر 1909 ) و تنظيم لباس المستحمين في الشواطئ ( 30 مايو 1930 ) و الكتابات المحتشمة على القبور ( 04 فبراير 1949 ) و مطابقة تسمية الشوارع البلدية للأخلاق العامة ( 19 جوان 1974 ) و منع عرض بعض الأفلام بسبب طابعها غير الأخلاقي حسب الظروف المحلية ( 18 ديسمبر 1959).
- - - - - - - - - - - -
13 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 27 مارس 1949 - Véron-Réville .
التعليق :
بموجب هذا القرار أعطى مجلس الدولة الفرنسي القوة الكاملة للقرار القضائي القاضي بإلغاء القرار الإداري المتضمن تسريح موظف من عمله ، موضحا أن هذا الإلغاء يستوجب إعادة إدماج المعني بالأمر في منصب عمله الذي كان يشغله قبل عزله ، ما دام ذلك المنصب لا يوجد له مقابل ، أو أنه لم يكن من المستطاع تحويل الموظف منه دون موافقته.
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيد Véron-Réville كان قاضي حكم في بوردو قبل أن يحال على التقاعد التلقائي بموجب قرار تم إلغاؤه من طرف مجلس الدولة.
و على إثر ذلك قام الوزير بإعادة إدماج المعني في منصب مماثل في ليموج ، و لكن السيد فيرون ريفيل طعن من جديد ضد هذا القرار و قد أيده مجلس الدولة في ذلك موضحا أن قرار الإلغاء يوجب حتما على الإدارة أن تعيده إلى منصب العمل الذي طرد منه بصفة غير شرعية ؛ و في حالة ما إذا كان هذا المنصب غير شاغر فإن على الإدارة أن تعمل على إخلائه من الموظف الذي عُين فيه و ذلك بتعليق المرسوم الذي عين خلفه.
و بهذا القرار فإن مجلس الدولة الفرنسي قد أعطى كافة النتائج المنطقية المترتبة على الأثر الرجعي لقرار الإلغاء.
- - - - - - - - - - - - - -
14 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 26 جويلية 1918 - Epoux Lemonnier .
التعليق :
في هذا القرار توسع مجلس الدولة في تقرير مسؤولية الإدارة بسبب الأخطاء التي يرتكبها أعوانها.
بيان الوقائع و الإجراءات :
أقامت بلدية روك كورب Roquecourbe عيدها السنوي و كان يتضمن ألعاب القنص على أهداف عائمة في النهر. أثناء ذلك كانت السيدة لومونيي تتجول على الحافة المقابلة للنهر فأصيبت برصاصة أحد القناصة .
فرافع الزوجان رئيس البلدية أمام القضاء العادي الذي قرر مسؤوليته الشخصية و حكم عليه بتعويضهما. ثم رفعا دعوى ثانية أمام مجلس الدولة مطالبين هذه المرة بالحكم على البلدية بالتعويض.
إن مجلس الدولة الفرنسي اعتبر بأن كون الحادث ناجم عن خطأ عون عمومي مكلف بتسيير مرفق عمومي ، و كون الخطأ ذا طابع شخصي و يمكن أن يؤدي إلى الحكم على العون بالتعويض أمام المحاكم العادية لا يحرم الضحية من حقه في المتابعة المباشرة ضد الشخص المعنوي الذي يسير المرفق لتعويض ذلك الضرر، و على القاضي الإداري أن يتأكد فقط من وجود خطأ مرفقي يؤدي إلى قيام مسؤولية الإدارة.
في هذه القضية اعتبر المجلس بأن السماح بالقنص دون التأكد من توافر الضمانات الكافية لأمن الطريق في المكان يعتبر خطأ جسيما و بالتالي تكون البلدية مسؤولة عن الحادث، و قد أخذ المجلس بعين الاعتبار المبلغ المحكوم به من طرف القضاء العادي و جعل البلدية تحل محل الضحايا لتحصيل المبالغ المحكوم بها على رئيس البلدية حتى لا يكون هناك إثراء غير مبرر للضحايا حول الحادث نفسه.
و قد كان مجلس الدولة منذ قرار بيليتيي Pelletier بتاريخ 30/7/1873 يفرق بين الخطأ المرفقي الذي يقيم مسؤولية الإدارة و يكون من اختصاص القاضي الإداري ، و الخطأ الشخصي الذي يقيم مسؤولية العون و يكون من اختصاص القاضي العادي. غير أنه بموجب قرار أنقي Anguet بتاريخ 03/02/1911 قد اعتبر بأن الخطأ الشخصي يمكن في بعض الحالات أن يندمج مع الخطأ المصلحي و يسمح بمساءلة الإدارة .
أما في القضية الراهنة قضية Lemonnier فقد ذهب المجلس أبعد من ذلك و اعتبر أن الخطأ الواحد يمكن أن يقيم في الوقت نفسه مسؤولية العون و مسؤولية الإدارة فوصل بذلك إلى الجمع بين المسؤوليتين .
و حسب تعبير محافظ الحكومة ليون بلوم إذا كان الخطأ الشخصي قد وقع في الرفق ، أو بمناسبة عمل الرفق ، إذا كانت الوسائل و الأدوات التي وقع بها الخطأ قد وُضعت تحت يد الفاعل من طرف الرفق ، إذا كان الضحية لم يجد نفسه أمام الفاعل إلا بسبب الرفق ، و بكلمة واحدة إذا كان المرفق قد تسبب في حدوث الخطأ أو حدوث نتائجه الضارة في مواجهة فرد ما فإن القاضي الإداري يمكنه بل ويجب عليه القول : إن الخطأ من الممكن أن ينفصل على المرفق -- و هي مسألة يهم القاضي العادي أن يفصل فيها -- و لكن المرفق لا ينفصل عن الخطأ . و حتى إذا كان للمتضرر أن يرفع دعواه ضد العون المذنب ، و حتى إذا كان قد رفع هذه الدعوى ، فإن بإمكانه أن يرفع دعوى ضد المرفق .
لقد أصبح من المتعين التمييز بين ثلاثة أنواع من الأخطاء الشخصية :
النوع الأول هو الأخطاء المرتكبة أثناء ممارسة العمل بحد ذاته و لكنها تنفصل عنه لأنها ناجمة عن اهتمامات ذات طابع شخصي أو إفراط و إسراف في التصرف أو يشكل خطورة غير مقبولة.
النوع الثاني هو الأخطاء المرتكبة خارج ممارسة المهام و لكنها ارتكبت مثلا بالوسائل التي وفرتها المصلحة للعون ( مثل استعمال سيارة المصلحة لأغراض شخصية ) .
النوع الثالث هو الأخطاء الشخصية البحتة أي المنفصلة تماما عن المصلحة. و في هذه الفئة فقط تقوم مسؤولية العون بمفرده. و أما في الحالتين الأوليين فيمكن للضحية أن يختار بين أن يثير مسؤولية العون العمومي أمام القاضي العادي ، أو مسؤولية الإدارة أمام القاضي الإداري و لو كان من حق الإدارة أن تقيم دعوى رجوع ضد العون المخطئ.
- - - - - - - - - - - - - - - - -
15 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 26 ديسمبر 1925 روديار- Rodière .
التعليق :
في هذا القرار استخلص مجلس الدولة كافة نتائج الأثر الرجعي المترتبة على القرار القضائي القاضي بالإلغاء و ذلك بالحكم بأن إلغاء جدول الترقيات في أحد أسلاك الموظفين يترتب عليه أن تقوم الإدارة بإعادة ترتيب المسار الوظيفي بصفة رجعية لكل الموظفين المعنيين و كأن ذلك الجدول الملغى لم يوجد أصلا.
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيد روديار كان رئيس مكتب من الدرجة الأولى بوزارة المناطق المحررة الفرنسية ، و قد نازع أمام مجلس الدولة تسجيل بعض زملائه في العمل في قائمة الترقيات لعام 1921 . و بموجب قرار صادر يوم 13 مارس 1925 استجاب المجلس لطلبه و ألغى تسجيل الموظفين المعنيين في القائمة ، و بالتبعية القرارات اللاحقة التي نصت على ترقيتهم . و بناء على ذلك قام الوزير من أجل تنفيذ هذا القرار بإعادة تشكيل المسار الوظيفي لهؤلاء الموظفين على أساس عدم تسجيلهم في قائمة الترقيات لتلك السنة . عندئذ اعتبر السيد روديار أن الوزير لم ينفذ قرار الإلغاء على الوجه الصحيح و خصوصا أنه لا يستطيع إعادة تشكيل المسار الوظيفي للمعنيين و طرح الأمر على مجلس الدولة الذي لم يوافقه على هذا الطرح و اعتبر أن القرارات الإدارية حقيقة ليس لها أثر رجعي مبدئيا غير أن لهذه القاعدة استثناء و ذلك إذا كانت هذه القرارات ناجمة عن تنفيذ قرار لمجلس الدولة الذي عندما يقضي بإلغاء قرار ما فإن ذلك يترتب عليه حتما أثر في الماضي على أساس أن القرار الملغى يعتبر أنه لم يصدر أصلا ، و بالتالي فإن الوزير في القضية الحالية قد نفذ قرار الإلغاء بصفة صحيحة.
و فيما بعد هذا التاريخ أكد مجلس الدولة هذا الاتجاه الذي يلزم الإدارة باتخاذ قرارات ذات أثر رجعي يتطلبها قرار الإلغاء. وقد كان المجال الرحب لهذا الاجتهاد هو باب الوظيف العمومي .
- - - - - - - - - - - -
16 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 25 جوان 1948 جريدة لورور - "L’Aurore" .
التعليق :
هذا القرار يكرس المبدأ القاضي بأن القرارات التنظيمية لا يجب أن تتضمن أثرا رجعيا، و إذا كان مجلس الدولة الفرنسي طوال القرن التاسع عشر يقضي بإلغاء القرارات الفردية ذات الأثر الرجعي فإنه لأول مرة بمناسبة هذه القضية يضع مبدأ : أن القرارات التنظيمية لا تقرر إلاّ بالنسبة للمستقبل.
بيان الوقائع و الإجراءات :
بتاريخ 30 ديسمبر 1947 صدر قرار تنظيمي يقضي برفع أسعار الكهرباء ابتداء من أول كشف يأتي بعد الفاتح يناير 1948، أي أنه يترتب عليه رفع أسعار الكميات المستهلكة قبل 30 ديسمبر 1947 تاريخ صدوره، و بالتالي فهو يتضمن أثرا رجعيا.
و بناء على طعن من شركة جريدة " لورور" قضى مجلس الدولة بإلغاء هذا القرار لأنه يتضمن أثرا رجعيا غير شرعي ، و بمناسبة هذا القرار أكد مجلس الدولة صراحة منع القرارات التنظيمية من تسيير الماضي.
و قد كان مجلس الدولة ساهرا دوما على ضمان احترام هذا المبدأ من طرف السلطة التنظيمية، مع وجود بعض الاستثناءات التي نص عليها الاجتهاد القضائي : و هي حالة الفراغ الناجم عن إلغاء قرار من طرف القاضي الإداري أو عندما تقرر الإدارة سحب قرار غير شرعي ؛ أو إذا كانت الوضعية الواقعية التي ينظمها القرار التنظيمي تتطلب ذلك ؛ أو إذا كان القرار الأول ينص بأن القرارات التي ستتخذ لتنفيذه تدخل حيز التنفيذ معه في نفس تاريخ نفاذه.
- - - - - - - - - - - - - - -
17 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 21 جوان 1895 قضية " كام " - " Cames " .
التعليق :
بموجب هذا القرار تقبل مجلس الدولة لأول مرة إمكانية قيام مسؤولية بدون خطأ ، على أساس المخاطر.
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيد كام كان عاملا بمصنع حربي تابع للدولة و تعرض لجروح ناجمة عن تطاير شظايا الحديد مما نتج عنه ضمور يده اليسرى و بالتالي عجزه عن العمل ( و لم يكن هناك في ذلك الوقت ضمان اجتماعي ) ، فقرر وزير الحرب منحه تعويضا وجده العامل غير كاف فرفع أمره إلى مجلس الدولة مطالبا بتعويض أكبر.
في هذه الحالة لم يرتكب العامل أي خطأ ، و لكن مستخدمه أيضا - أي الدولة - لا يمكن أن ينسب له أي خطأ.
و اعتمادا على خصوصية القانون الإداري في باب المسؤولية التي أكدها قرار بلانكو بتاريخ 08 فبراير 1873 اقترح محافظ الدولة روميو Romieu تقرير مسؤولية الدولة على أساس أنه يجب عليها ضمان عمالها ضد المخاطر الناجمة عن الأعمال التي تطلب منهم أداءها في إطار المرافق العامة ، و باعتماد هذا التحليل فإن مجلس الدولة أقر بوجود مسؤولية من أجل المخاطر لم تكن المحاكم العادية قد قبلت بها بعد.
و بعد مدة وجيزة تابع المشرع الفرنسي هذا التحليل بإصداره قانون 09 أبريل 1898 المتعلق بحوادث الشغل ، الذي تم تعويضه حاليا بأحكام قانون الضمان الاجتماعي.
إن نظرية المسؤولية بناء على المخاطر قد عرفت توسعا هاما و أصبحت تطبق خصوصا عندما يولد نشاط الإدارة مخاطر خاصة بسبب اللجوء إلى الآليات أو المواد أو الأساليب الخطرة ، و كذا عندما يكون هناك ضحايا للأشغال العامة من الغير ، فجاءت هذه النظرية لتأسيس مسؤولية الدولة اعتمادا على فكرة انقطاع المساواة أمام الأعباء العامة.
- - - - - - - - - - - - - - - - -
18 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 18 فبراير 1950 قضية وزير الفلاحة ضد السيدة لاموت Ministre de l’agriculture c/ Dame Lamotte
التعليق :
بموجب هذا القرار قضى مجلس الدولة بأنه يوجد مبدأ قانوني عام مفاده أن كل قرار صادر عن الإدارة يمكن أن يكون موضوع طعن من أجل تجاوز السلطة حتى و لو لم يكن هناك نص بذلك.
بيان الوقائع و الإجراءات :
قانون 17 غشت 1940 أعطى لمحافظي المحافظات سلطة منح المستثمرات الفلاحية المهجورة منذ أكثر من عامين للغير من أجل استثمارها فورا، و تطبيقا لهذا القانون صدر مرّتان قرار من المحافظ بمنح أراضي السيدة لاموت و لكن مجلس الدولة ألغاهما ؛ و لكن في تلك الفترة صدر قانون 23 ماي 1943 - أساسا في مواجهة موقف القضاة - و نص بأن منح الأراضي في ظل هذا القانون لا يمكن أن يخضع لأيّ طعن إداري أو قضائين ، و على أساسه أصدر المحافظ قرارا جديدا بمنح أراضي السيدة لاموت من جديد.
و كان من المفروض أن يصرح مجلس الدولة في هذه المرة عدم قبول الطعن، و لكنه عوض ذلك اتخذ موقفا جريئا و ضروريا لحماية الأفراد من تعسف الإدارة و صرح بأنه يوجد مبدأ قانوني عام مفاده أن كل قرار إداري يمكن أن يكون محل طعن من أجل تجاوز السلطة ولو بدون نص يقضي بذلك.
و قد تأكد هذا الإجتهاد القضائي فيما بعد عدة مرات ، و تطبيقا له أصبح من المستحيل على السلطة التنفيذية أن تمنع الطعن في قراراتها من أجل تجاوز السلطة .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
19 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 14 يناير 1938 / قضية شركة المنتجات الحليبية لافلوريت " La Fleurette "
التعليق :
بموجب هذا القرار اعترف مجلس الدولة الفرنسي لأول مرة بقيام مسؤولية الدولة بناء على صدور القوانين.
بيان الوقائع و الإجراءات :
قانون 29 جوان 1934 المتعلق بحماية المنتجات الحليبية قد منع صنع و بيع كل منتجات الزبدة غير المشتقة من الحليب، و هكذا اضطرت شركة لافلوريت إلى وقف نشاطها المتمثل في إنتاج مادة تسمى " قرادين " .
و قد كان الإجتهاد القضائي القديم يقضي بأن الدولة لا يمكن أن تكون مسؤولة عن نتائج صدور قوانين تمنع نشاطات ما ، غير أنه بالرجوع إلى نشاط شركة لافلوريت فإنه لا يشكل أية مخاطر ، و لا يظهر من الأعمال التحضيرية للبرلمان أن المشرع كان يستهدف هذه الشركة بالذات ، و بالتالي رأى مجلس الدولة بأن هذا العبء الذي وقع على الشركة - من أجل المصلحة العامة - يجب أن تتحمله المجموعة الوطنية .
إن مسؤولية الدولة في رحاب اختلال المساواة أمام الأعباء العامة ، يمكن حينئذ أن تكون في حالة صدور قرارات إدارية مشروعة ( قضية كويتياس Couitéas 30/11/1923 ) ، و أيضا بسبب صدور القوانين ، و لكن بشرط : أن لا تكون نية المشرع متجهة إلى منع التعويض و أن يكون الضرر خاصا و استثنائيا.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
20 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 13 ديسمبر 1889 / قضية كــــادو " Cadot "
التعليق :
بموجب هذا القرار أكد مجلس الدولة الفرنسي لأول مرة بأنه مختص للنظر في كل الطعون بالإلغاء الموجهة ضد القرارات الإدارية إلا إذا كان هناك نص صريح يقضي بخلاف ذلك ، بينما في السابق لم يكن المجلس مختصا إلا بناء على نص فإن لم يكن هناك نص كان الإختصاص يعود إلى الوزراء .
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيد كادو كان مديرًا للطرقات و المياه بمدينة مرسيليا عندما تقرر إنهاء هذه الوظيفة ، و لما طالب البلدية بالتعويض رفضت له ذلك فطعن في قرار الرفض أمام مجلس الدولة رغم عدم جود أي نص يسمح بهذا و مع ذلك صرح المجلس باختصاصه بالفصل في الطعن دون توضيح السند أو المبدأ الذي يعتمد عليه ، و لكن يبدو أنه اعتمد على فكرة أن كل قرار إداري يجب أن يكون قابلا للمنازعة أمام قاض.
ففي السابق كان قانون 16-24 غشت 1790 يتضمن بأن المنازعات الموجهة ضد القرارات الإدارية تقدم أمام الوزراء المختصين اعتمادا على نظرية الوزير القاضي ، ثم بعد سنوات تم تأسيس مجلس الدولة بناء على دستور السنة الثامنة ليتولى الفصل في الطعون بالنقض الموجهة ضد القرارات الإدارية في بعض الميادين فقط ، و هذا الإختصاص كان محدودا و لكن مجاله بدأ يتوسع شيئا فشيئا خلال القرن التاسع عشر إلى غاية صدور قرار كادو الذي نص على أن كل قرار إداري يجب أن يكون قابلا للمنازعة أمام القضاء فأصبح هذا من أسس القانون الإداري و مبدأ من مبادئه.
- - - - - - - - - - - - - - -
21 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 20 يناير 1902 / قضية الشركة الجديدة للغاز Compagnie nouvelle du gaz de Deville-lès-Rouen
التعليق :
بموجب هذا القرار خطا مجلس الدولة الفرنسي أول خطوة نحو قبول فكرة تحول العقود الإدارية.
بيان الوقائع و الإجراءات :
في عام 1874 حصلت الشركة الجديدة للغاز على الإمتياز المانع من طرف بلدية ديفيل ليروان لإنارة المدينة عن طريق الغاز ، و أمام تطور الإنارة الكهربائية فإن البلدية حاولت إقناع الشركة باستعمال هذه التقنية الجديدة لكن دون جدوى.
و أمام رفض الشركة توجهت البلدية نحو شركة كهرباء فطالبت شركة الغاز بالتعويض مقابل الضرر الحاصل لها جراء خرق البلدية للإحتكار الممنوح سابقا للشركة ، و وصل الأمر إلى القضاء.
مجلس الدولة فسر العقد الرابط بين البلدية و شركة الغاز بأنه يعطي احتكار الإنارة و لكن بأية وسيلة من الوسائل لأن بعض البلديات كانت تستعمل الكهرباء ، و في المقابل اعتبر أن من حق البلدية أن تضمن هذه الخدمة عن طريق الكهرباء و لو بتسليمه إلى شركة أخرى إذا رفضت شركة الغاز ذلك رغم إنذارها ، و بذلك أقر مجلس الدولة أن من حق الإدارة تعديل العقد من جانب واحد ، و هي الإمكانية التي أكدها فيما بعد بكل وضوح قرار الشركة الفرنسية العامة للترام في 21 مارس 1910 إذ أكد بأن من حق الإدارة أن تفرض على الملتزم بأن يزيد من عدد العربات من أجل المصلحة العامة رغم أن العدد محدد في دفتر الشروط ، و هذا لكي تضمن السير العادي للمرفق من أجل الصالح العام.
و حسب محافظ الحكومة ليون بلوم فإن الإحتياجات التي يتعين على المرفق العام من هذا القبيل توفيرها ليس لها طابعا جامدا ، و الدولة لا تستطيع أن تتخلى عن المرفق العام للنقل بمجرد إمضاء عقد الإلتزام ... بل يجب عليها أن تتدخل لتفرض على الملتزم خدمات أكثر مما وقع الإتفاق عليه في البداية و لكن ليس بناء على صلاحياتها المستمدة من العقد بل من صلاحياتها كسلطة عامة.
إن التعديلات لا تطال إلا شروط الخدمة دون الشروط المالية للعقد ، بل إن سلطة التعديل من جانب واحد في مصلحة المرفق يتضمن في المقابل تعويضا للملتزم إذا كانت الإلتزامات الجديدة تتجاوز التوقعات الأولية للعقد و ذلك من أجل المحافظة على التوازن المالي العقد ، بل من الممكن أن يتم فسخ العقد لفائدة الملتزم إذا كانت التعديلات المدخلة على العقد تؤدي إلى الإنقلاب الكلي لموازين العقد.
و إذا أصبح العقد لا يتلاءم مع احتياجات المرفق العام فيمكن للإدارة أن تقرر إنهاء العقد من جانب واحد من أجل الصالح العام ، و قد أكد مجلس الدولة هذا الإتجاه من خلال قرار صادر بتاريخ 02 فبراير 1987 في مادة السمعي البصري، و بطبيعة الحال مع ضمان حق المتعاقد في التعويض.
- - - - - - - - - - - - - - -
22 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 10 فبراير 1905 / قضية توماسو قريكو Tomaso Grecco
التعليق :
بموجب هذا القرار مدد مجلس الدولة الفرنسي إلى مصالح الشرطة المبدأ القاضي بأن الإدارة مسؤولة ماليا عن الأخطاء المصلحية التي يرتكبها أعوانها .
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيد قريكو و هو داخل بيته أصابته جروح بسبب طلقة نارية تم إطلاقها بينما كانت جمهرة من الناس تلاحق ثورا هائجا في الشارع ، فطلب التعويض من الدولة على أساس أن الطلقة صدرت عن دركي و أن مصلحة الشرطة ارتكبت خطأ لأنها لم تضمن النظام بطريقة تسمح بتحاشي مثل هذه الحوادث.
و قد رفض المجلس هذا الطلب على أساس أن الحادث لا يمكن أن ينسب إلى خطأ مصلحي ، و بهذا الموقف يكون مجلس الدولة قد تخلى عن المبدأ السائد إلى غاية هذا الوقت و هو مبدأ عدم مسؤولية الدولة عن أنشطة مصالح الشرطة، ذلك أنه كان من المستقر عليه أن مسؤولية الدولة قد تقوم إذا حدث خطأ أثناء تصرفات التسيير العادي دون ما قد يحدث أثناء تصرفاتها كسلطة عامة. فجاء هذا القرار ليضع حدا لهذا التمييز و أصبحت تصرفات السلطة العامة تخضع شيئا فشيئا لمبدأ المسؤولية ن ما عدا النشاط القضائي الذي حافظ لمدة أطول على مبدأ عدم المسؤولية إلى غاية صدور قوانين 17 جويلية 1970 و 5 جويلية 1972 بالنسبة للقضاء العادي ، و إلى غاية قرار دارمونت غي 29 ديسمبر 1978 بالنسبة للقضاء الإداري.
و ليس معنى ذلك أن كل خطأ من مصالح الشرطة يرتب مسؤولية الإدارة ، لأن بعض مهام هذه المصالح يتضمن صعوبات خاصة و لا يجب أن يشل نشاطها بفعل التهديد المستمر للمسؤولية المالية عن كل خطأ مهما كان يسيراً .
و في الوقت الحالي يجب التمييز بين الحالات التي تقوم فيها مصالح الشرطة بمهامها في ظروف صعبة تبرر بأن الخطأ الجسيم وحده يرتب مسؤوليتها ، و بين الحالات التي تغيب فيها تلك الظروف الصعبة و بالتالي يؤدي كل خطأ إلى قيام المسؤولية ، فالقاضي الإداري يقوم بتقدير ظروف كل حالة .
و هناك حالات قرر فيها القضاء مسؤولية الإدارة دون خطأ ، فاعتمد على فكرة المخاطر مثل حالة إصابة شخص بواسطة استعمال سلاح ناري أثناء عملية للشرطة. كما يمكن أن تكون المسؤولية بناء على اختلال التوازن أمام الأعباء العامة إذا كانت هناك تدابير للشرطة تؤدي إلى حصول أضرار متميزة و استثنائية بالنسبة لبعض الأفراد ( قرار بلدية قافارني في 22/02/1963 ).
- - - - - - - - - - - - -
23 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 10 أفريل 1992 / قضية Epoux V.-
التعليق :
بموجب هذا القرار تخلى مجلس الدولة الفرنسي عن اشتراط الخطأ الجسيم لقيام مسؤولية المرافق العامة الصحية في حالة العمل الطبي.
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيدة ف بمناسبة إجراء عملية قيصرية تم إجراؤها عليها تحت تخدير موضعي في الحوض قد تعرضت لسلسلة من الأخطا من طرف مختلف المتدخلين الطبيين ، و خصوصا إعطاؤها مواد متضادة الإستعمال.
و بعد سكتة قلبية لمدة نصف ساعة فإنها بقيت عدة أيام في حالة غيبوبة ثم أصبحت تعاني من شلل نصفي أيسر. و نجمت عن ذلك اضطرابات هامة عصبية و جسمانية.
على مستوى الدرجة الأولى قضت المحكمة الإدارية برفض طلب التعويض لعدم وجود الخطأ الجسيم وفقا للإجتهاد القضائي السابق ، و بموجب القرار الحالي ليوم 10 /04 / 1992 فإن مجلس الدولة قد تخلى عن ذلك الإجتهاد .
إن اشتراط الخطأ الجسيم كانت تقتضيه صعوبة العمليات الطبية سواء تعلقت بتشخيص المرض أو وصف العلاج أو العمليات الجراحية، و القاضي الإداري كان يميز بين العمليات غير الطبية ، مثل تنظيم المصلحة ، التي يكفي لقيام المسؤولية بشأنها وجود خطأ بسيط ؛ و العمليات الطبية بالمعنى الضيق التي تستوجب الخطأ الجسيم.
- - - - - - - - - - - - -
24 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 08 ديسمبر 1978 - G.I.S.T.I., C.F.D.T. et C.G.T .-
التعليق :
بموجب هذا القرار اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن الحق في إقامة حياة عائلية عادية يعتبر من المبادئ العامة للقانون .
بيان الوقائع و الإجراءات :
بموجب مرسوم صادر بتاريخ 10 نوفمبر 1977 قررت الحكومة الفرنسية تعليق تطبيق المرسوم الصادر في 29 أبريل 1976، الذي يسمح للعامل الأجنبي المقيم بالتراب الفرنسي بصفة نظامية أن يلتحق به أفراد أسرته ، لمدة ثلاث سنوات .
ولما عرضت مسألة مشروعية هذا المرسوم على مجلس الدولة فإنه استخرج مبدأ قانونيا جديدا و هو الحق في العيش في كنف جو عائلي عادي.
- - - - - - - - - - - - -
25 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 5 ماي 1944 – أرملة ترومبيي قرافيي Dame veuve Trompier-Gravier
التعليق :
بموجب هذا القرار أكد مجلس الدولة وجود مبدإ عام يتمثل في احترام حقوق الدفاع عندما يكون القرار الإداري ذا طابع تأديبي في مواجهة الشخص المعني.
بيان الوقائع و الإجراءات :
السيدة ترومبيي- قرافيي كانت صاحبة رخصة لبيع الجرائد في كشك بباريس، و قد قامت الإدارة بسحب رخصتها بحجة أن المعنية أرادت ابتزاز أموال من المسير . و عندما عرض الأمر على مجلس الدولة بناء على طعن من المعنية فإنه استجاب للطعن على أساس أنه بالنظر إلى خطورة العقوبة كان يجب الاستماع إلى توضيحات المعنية بالأمر حول الشكاية الموجهة ضدها قبل اتخاذ القرار المطعون فيه.
و مجلس الدولة لم يناقش صلب الموضوع و لكنه اكتفى بإثبات أن الإدارة لم تحترم مبدأ احترام حقوق الدفاع عندما لم تسمح للمعنية بالأمر بان تعبر عن موقفها بشأن الأفعال المنسوبة إليها.
و هذا القرار يؤكد استمرار تطور الاجتهاد القضائي بشأن هذا المبدأ و وضع شرطين اثنين يجب توافرهما لتطبيقه ، و هما :
• أن يعتبر الإجراء المتخذ عقوبة في مواجهة الشخص المعني؛
• و أن يكون على درجة من الخطورة بالنسبة لهذا الشخص.
و المثل على ذلك : قرار إداري بمنع مزاولة نشاط مهني ، أو بسحب اعتماد جمعية ، أو بفسخ عقد ، أو برفض طلب ممارسة مهنة منظمة اعتمادا على أسباب غير مذكورة في طلب المعني.
و قد جاء مرسوم 28/11/1983 ليوسع من دائرة مجال هذا المبدإ خصوصا في مجال الضبطية الإدارية ( ما عدا حالة الاستعجال أو الظروف الاستثنائية أو ضرورة النظام العام Sous l’empire de l’urgence, en cas de circonstances exceptionnelles ou les mesures prises en vertu d’une nécessité d’ordre public ) .
و احترام حقوق الدفاع يتطلب ما يلي :
• أن يخطر المعني بالأمر مسبقا و بمدة زمنية كافية بأن إجراء سيتخذ في مواجهته؛
• و بأن يخطر بالأفعال المنسوبة إليه ؛
و ذلك حتى يتمكن من تحضير دفاعه ؛ و إذا تطلبت النصوص تمكين المعني من الإطلاع على ملفه فإن هذا الإطلاع يجب أن يكون كاملا ؛ و زيادة على ذلك فإن من حق المعني بالأمر في المادة التأديبية أن يستعين بمحام إلا إذا قضت النصوص صراحة بخلاف ذلك.
- - - - - - - - - - - - -
26 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 4 أبريل 1914 Gomel
التعليق :
بموجب هذا القرار توسع القاضي الإداري في مراقبة الإدارة : فلأول مرة يقبل مجلس الدولة أن يراقب ليس فقط سلامة التفكير القانوني الذي تتبعه الإدارة بل أيضا صحة التكييف القانوني للأحداث و الوقائع التي اعتمدت عليها لاتخاذ قرارها .
بيان الوقائع و الإجراءات :
الإدارة رفضت تسليم رخصة البناء للسيد قوميل بحجة أن ساحة بوفو ببــــــاريس L a place Beauvau à Paris أين بقع العقار الذي يريد المعني إنجاز أشغال به يعتبر موقعا محتملا لإنجاز نصب تذكاري وفقا لأحكام المادة 118 من قانون 31 / 7 / 1911 التي تسمح للإدارة برفض تسليم رخصة البناء في مثل هذه الحالة.
و قبل قرار 4 أفريل 1914 كان مجلس الدولة يمتنع عن مراقبة التكييف القانوني للوقائع من طرف الإدارة ، و كان يكتفي يتأكد فقط من سلمة التحليل القانوني الذي تقوم به الإدارة . و في قضية الحال فإن الإدارة قد فكرت بطريقة سليمة : إذ أنه بإمكانها أن ترفض تسليم الرخصة المطلوبة بحجة أن الأشغال المطلوبة قد تؤدي إلى عرقلة إقامة النصب التذكاري المحتمل و هو سبب مذكور في قانون 1911 ، و لكن السؤال الذي طرح هو : هل هذه الساحة كانت مكانا يحتمل إقامة نصب به ؟ و قد أجاب مجلس الدولة عن ذلك بالنفي و ألغى قرار الرفض .
و بالتالي فإن القاضي أصبح يراقب ما إذا كانت الوقائع موضوع الدعوى تبرر اتخاذ القرار المطعون فيه ، أي ما إذا كانت الإدارة قد فكرت بطريقة سليمة في مواجهة الوقائع المعروضة .
و بعد عامين من صدور هذا القرار مدد المجلس رقابته إلى مادية الوقائع موضوع النزاع بموجب قرار كامينو في 14 / 01 / 1916 ، و بذلك أصبح المجال الوحيد الذي يخرج عن رقابة قاضي تجاوز السلطة هو الملاءمة . فإذا كانت نصوص القانون تعطي للإدارة مجالا للتقدير فإن القاضي لا يمكنه مراقبة دواعي الملاءمة التي حملت الإدارة على اتخاذ قرارها.
- - - - - - - - - - - - -
27 - قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 03 نوفمبر 1922 Dame Cachet
التعليق :
الإدارة لا يمكنها أن تسحب قرارا فرديا منشئا لحقوق ما إلاّ إذا كان غير شرعــــي - و - خلال مدة الطعن فيه من أجل تجاوز السلطة ، أي خلال الشهرين التابعين لتبليغه أو نشره .
بيان الوقائع و الإجراءات :
بتاريخ 9 مارس 1918 صدر قانون يعفي فقراء المستأجرين من دفع مستحقات الإيجار بشروط معينة و يتم تعويض المؤجرين من طرف الدولة، و في هذا الإطار طالبت السيدة كاشي دفع التعويضات المستحقة لها لأن المستأجر لديها قد تم إعفاؤه من التسديد و لكن الإدارة استجابت لها جزئيا فقط فرفعت المعنية تظلما رئاسيا أمام الوزير ، غير أن هذا الأخير رأى أن الطاعنة لا يشملها قانون 9 مارس 1918 فرفض منحها النسبة الكاملة التي تطالب بها بل و زيادة على ذلك قرر حرمانها كليا من التعويض الجزئي الذي منح لها سابقا .
السيدة كاشي طعنت ضد هذا القرار أمام مجلس الدولة الذي ألغى القرار الوزاري المطعون فيه ليس لأن الطاعنة ذات حق من ناحية الموضوع ، و لكن لأن القرار الوزاري يمس بصفة غير شرعية بالحقوق التي اكتسبتها الطاعنة من القرار الابتدائي المطعون فيه .
و بمناسبة هذه القضية اتخذ مجلس الدولة موقفا مبدئيا من مسألة سحب القرارات المنشئة للحقوق ، و هو الموقف الذي لا يزال صالحا إلى اليوم.
فقد ذكر المجلس في حيثيات القرار أنه : إذا كان من حق الوزير أن يلغي تلقائيا قرارا إداريا أنشأ حقوقا و هو مشوب بعيب يؤدي إلى الإلغاء عن طريق الطعن فيه ، فإن ذلك لا يكون جائزا إلا إذا كانت آجال الطعن النزاعي مفتوحة أو كان هناك طعن مرفوع أمام القضاء و قبل أن يفصل مجلس الدولة فيه ، و في هذه الحالة الأخيرة لا يكون الإلغاء إلا في حدود ما طلبه الطاعن و دون المساس بالحقوق المكتسبة نهائيا .
و مسألة سحب القرارات المنشئة للحقوق مسألة صعبة لأنها تخضع لعاملين متناقضين و هما : ضرورة السماح للإدارة عندما تكتشف مخالفتها للقانون في قرار ما أن تسحب ذلك القرار ، و من جهة ثانية ضرورة ضمان استقرار القرارات الفردية