صناعة القرار الاستراتيجى والمتدخلين فيه صناعة القرار الاستراتيجى والمتدخلين فيه
اعداد الطلبة
نعيمة الزاكي
بهيجة الغنامي
ليلى الادريسي العزوزي
تحت اشراف الدكتور محمد بن حمو
مركز راشيل كوري- تعد الإستراتيجية من المصطلحات التي كثر استعمالها وتداولها في العديد من مجالات الحياة، وهي من المفاهيم المتداولة في العلوم الاجتماعية المختلفة، وتستخدم للدلالة على أكثر من معنى واحد. وبالرغم من منشئها العسكري إلا أنها تطورت مع متطلبات بناء الدولة، ولا يقتصر وجودها على القاعدة المادية العسكرية فقط، وإنما امتدت إلى مجالات متعددة أخرى، لتشمل النهج والتخطيط الذي يتناسب في ضوء احتياجات ومتطلبات الواقع العلمي والعملي، وبمختلف معطياته السياسية، والاقتصادية، والتقنية، والاجتماعية، والعسكرية.ويعتبر القرار الاستراتيجي إحدى الحلقات المهمة في عملية صياغة الإستراتيجية، فعملية صناعة القرار مسألة أساسية في كل دولة اد يعد القرار عنصر حتمي في كافة صور ومراحل النشاط السياسي أو الاقتصادي، وترتبط عملية صنع و اتخاذ القرار ارتباطا وثيقا بالقيادة العليا بحيث يلعب القادة والمدراء دورا رئيسيا في هده العملية من جهة ومساهمة القرارات المتخذة في تحقيق مهام القيادة السياسية والعسكرية والإدارية نحو انجازأهدافها المحددة من جهة أخرى، وليس من المدهش القول أن القرارات الإستراتيجية هي من أصعب القرارات وأيضا من اعقدها ،ويشكل اتخاذ القرار المرحلة النهائية و الحاسمة في عملية صنعه، اد تمر بعدة مراحل تنتهي باتخاذ القرار المناسب، فالقرار هو الكيفية التي يمكن من خلالها التوصل إلى صيغة عمل معقول من بين عدة بدائل متنافسة وكل القرارات تهدف إلى تحقيق أهداف معينة، فاختيار القرار يرتبط بوجود معايير ترشيدية يمكن الاستناد إليها ، وتعتبر صناعة القرار بمثابة نظرية ظهرت في أوائل الخمسينات وقدم رتشارد سناد،روكراهام السون، أول إطار نظري لهده الدراسة، ويعتبر منهج صنع القرار decision making approach من بين اكثر المناهج التي تلاقي اهتماما في دراسة العلاقات السياسية الدولية،وتهتم بتحليل كل العوامل والمؤثرات التي تحيط بواضعي السياسة الخارجية عند إصدارهم قرارات معينة،وفي دراسته لعملية اتخاذ القرار السياسي الخارجي. وقد اعتمدنا في هدا البحث على المنهج التحليلي والوصفي.
وعليه ارتأينا تقسيم هدا الموضوع على الشكل التالي:
التصميم المعتمد
مقدمةالمبحث الأول : الإطار المفاهيمي والنظري للصناعة القرار الاستراتيجي
المطلب الأول : مفهوم القرار الاستراتيجي
المطلب الثاني : أهم رواد نظرية صناعة القرار الاستراتيجي
المبحث الثاني : مراحل صناعة القرار الاستراتيجي والمتدخلين فيه
المطلب الأول : مراحل صناعة القرار الاستراتيجي
المطلب الثاني : المتدخلين في صناعته
خاتمة المبحث الأول : الإطار ألمفاهيمي والنظري لنظرية صناعة القرار
المطلب الأول : مفهوم القرار الاستراتيجي
يعد القرار الاستراتيجي أحد الحلقات المهمة في عملية صياغة الإستراتيجية، ويستند إلى نتائج عملية التحليل الاستراتيجي التي تقوم بها المنظمة، إذ يتم تكوين مجموعة بدائل متاحة، ويكون القرار الاستراتيجي أفضلها من وجهه نظر الإدارة، ويتم انتقائه والعمل بموجبه للفترة المستقبلية لتحقيق ما تصبوا إليه من أهداف، بوصفه سيؤدي إلى انتقال المنظمة نحو وضع أفضل مما هي عليه الآن.
حظي مفهوم القرار الاستراتيجي باهتمام الكثير من المفكرين والباحثين من أدباء الفكر الإداري، وقد تباينت المفاهيم الخاصة به بسبب اختلاف مداخل دراسته من قبل كتاب الإدارة وباحثيهم.
يتفق الكثير من الكتاب أمثال "
Jauch&Glueck" على أن مفهوم القرار الاستراتيجي هو " ذلك القرار الذي تم اختياره من مجموعة من البدائل الإستراتيجية، والذي يمثل أفضل طريقة للوصول إلى أهداف المنظمة"(2 لكن "
Johnson&Others" يعرف القرارات الإستراتيجية بأنها" تلك القرارات التي تؤثر بعمق في قدر ومستقبل المنظمة من خلال التجاوب والتوافق بين هذه القرارات ومتطلبات البيئة"، فيما يرى غراب بأن القرار الاستراتيجي" هو ذلك القرار الذي يتناول المتغيرات الطويلة الأجل، ذات العلاقة بأداء المنظمة أو ذات التأثير المركزي المهم في استمرار ونجاح المنظمة، ويمثل نوعا خاصا لاتخاذ القرارات الإدارية في ظل عدم التأكيد"(
[1])، القرارات التي تهتم بدراسة المشكلات المعقدة، وتتعامل مع
فيما يعتبر باغي وخاشقجي القرارات الإستراتيجية بأنها " هي القرارات التي تهتم بدراسة المشكلات المعقدة، وتتعامل مع أهداف المنظمة، وأن قيمتها وتأثيرها يختلف بحسب المستويات الإدارية التي تتخذها، فعند الإدارة العليا تكون عالية الأهمية وتتطلب جهدا ذهنيا كبيرا ومتميزا، وتستعين بالخبراء والمستشارين في حل المشكلة لضمان صنع القرار السليم والفاعل، ويصفها العزاوي بأنها " قرارات بعيده المدى في محتواها، وتعتمد على الخطط الإستراتيجية الموضوعية وتحقيق الأهداف المحددة، وتأخذ في الاعتبار كل احتمالات الموقف وعواقبه". أما "
Mintzberg&Quinn" فيعرفا القرارات الإستراتيجية بأنها" القرارات التي تحدد مسيرة المنظمة الأساسية واتجاهها العام في ضوء المتغيرات المتوقعة وغير المتوقعة، والتي تحدث في البيئة المحيطة، وهي في النهاية تشكل أهداف حقيقية للمنظمة، وتساعد في رسم الخطوط العريضة التي من خلالها تمارس المنظمة عملها، وتوجه توزيع المصادر وتحدد فاعلية المنظمة".
أما ألعبيدي فيعرفها بأنها" قرارات استثنائية يتم صناعتها في المدة الزمنية الحالية ذات الدرجة العالية من الأهمية، من ناحية تأثيرها في المنظمة خلال المراحل الزمنية المقبلة، وتنصب على تحقيق هدف المنظمة من خلال فهم كيفية انسياب عملية صنع القرار خلالها، وتتطلب مهارات إبداعية للإحاطة بمتغيرات البيئة الداخلية والخارجية".
وتأسيسا على ما ورد آنفا، يتضح أن القرارات الإستراتيجية هي قرارات استثنائية يتم صنعها في الوقت الذي تحتاجها المنظمة، وتكون ضرورية لتفعيل نشاطها، وينتج عنها آثار إيجابية كبيرة ومؤثرة في الفترات المقبلة. فهي تركز على تحقيق هدف المنظمة من خلال الإجراءات والخطوات اللازمة لصناعتها، وتتطلب مهارات إبداعية للإحاطة بمتغيرات البيئة الداخلية والخارجية،ويعرف القرار الاستراتيجي بأنه القرار الذي يتناول السياسات العامة ، ويكون استراتيجيا إذا كان نابعا من أعلى مركز في الدولة كرئيس الدولة أو قائد عام للقوات المسلحة ونحو ذلك.[2]
و لاشك أن القرار الاستراتيجي عملية مفاضلة دقيقة بين بديلين استراتيجيين على الأقل يتمتعان بقيمة واحدة أو متشابهة وقد يكون القرار حركة واثقة نحو القضاء على من حالات لتوتر لتصفية مصادر ذلك التوتر بصورة أو بأخرى ،و يلعب القرار الاستراتيجي دورا كبيرا لتحقيق الأهداف الإستراتيجية و السياسية التي يسعى صناع القرار نحو تحقيقها بمستوياتها المختلفة القريبة المدى والمتوسطة و البعيدة،فالقرار يتم اختياره من مجموعة البدائل الإستراتيجية الذي يمثل أفضل طريقة للوصول إلى الأهداف المرجوة ، ولاشك أن القرار له ثلاث دوائر مهمة وهي موقع القيادة و مسؤوليتها و مصلحة الشعب.
إن عملية صنع القرار تعد من السمات التي تﻼزم اﻹنسان في ماضيه و حاضره و مستقبله،ﻷن اﷲ خلــق اﻹنســان و معــه كــم هائــل مــن الخلق
المتنوع الــذي بمثابة بــدائل متعــددة ﰲ كافــة شؤون الحياة ﳑا يفرض عليه لضمان نجاح أهدافه إجراء مفاضـلة و تقـوﱘ هذه البـدائل قبـل اعتماد أحــدها و بـــذلك فــإن عمليـــة صــنع القـــرار عمليــة ﻻ يمكن لﻺنســان تجنبها ســواء على المستوى الفـردي أو علـى مسـتوى اﳌمؤسسات اﳌمختلفة أو علـى مسـتوى النظـام بشـكل عـام. و عمليـة صـنع القرار هي الفيصل بﲔ الفكر و اﳌممارسة ، و تتطلب شرطﲔ أساسيﲔ لنجاحها على اﻷقـل ﳘـا : توافر أكثر من بديل واحد متعلق بالموقف ﳏل القرار، و الثاني هو اﻹاختيار الرشيد للبدائل من مجموع البدائل المتاحة. وبالرغم من الاختلافات الظاهرية في تحديد مفهوم القرارات الإستراتيجية فقد استنتجنا تعريفا للقرار الاستراتيجي: فهو قرار ذو أهمية كبيرة يبنى على أساس التنبؤ والاستشراف لمستقبل المنظمة وتوقع متطلباتها بتفعيل كافة المعطيات والموارد الإدارية والعلمية والتقنية، ويتطلب قيادة كفاءة مهنية وإدارية مدركة تماما ماذا سيؤدي عملها وحدسها في المستقبل ومتحسبة لكافة المتغيرات المحيطة بها لتساعد المنظمة في التكييف مع البيئة الخارجية من خلال تحليلها واستنباطها وفق المعلومات المستحدثة لديها، ويمتاز بالحيوية والتطور وتحقيق الأهداف المرجوة منه.
". أما
"Müntzer&Quinn" فيعرف القرارات الإستراتيجية بأنها" القرارات التي تحدد مسيرة المنظمة الأساسية واتجاهها العام في ضوء المتغيرات المتوقعة وغير المتوقعة، والتي تحدث في البيئة المحيطة، وهي في النهاية تشكل أهداف حقيقية للمنظمة، وتساعد في رسم الخطوط العريضة التي من خلالها تمارس المنظمة عملها، وتوجه توزيع المصادر وتحدد فاعلية المنظمة أما ألعبيدي فيعرفها بأنها" قرارات استثنائية يتم صناعتها في المدة الزمنية الحالية ذات الدرجة العالية من الأهمية، من ناحية تأثيرها في المنظمة خلال المراحل الزمنية المقبلة، وتنصب على تحقيق هدف المنظمة من خلال فهم كيفية انسياب عملية صنع القرار خلالها، وتتطلب مهارات إبداعية للإحاطة بمتغيرات البيئة الداخلية والخارجية.
المطلب الثاني : أهم رواد نظرية صناعة القرار الاستراتيجي
يعتبر ريتشارد سنا يدر من بين المنظرين لنظرية صناعة القرار الاستراتيجي حيث يبني هذا الأخير نموذجه الخاص بعملية صناعة القرار على مسامة أولية مفادها أن أفضل وسيلة لاستيعاب السياسية الدولية و عوامل التأثير في سلوكية الدولة تكمن في التحليل على مستوى الدولة , ويعتبر سنا يدر أن الفعل الصادر عن الدولة يقوم به في الواقع أشخاص و بتالي فان فهم و استيعاب هذا الفعل يتطلب النظر إلى محيط صناعة القرار من خلالا إدراك صناع القرار لمحيطهم وليس من خلال موقع المراقب الحيادي والموضوعي,فالكيفية التي يحددها صناع القرار الوضع الذي يواجهونه هي التي تتصنع سلوكية الدولة تجاه الوضع .
و يشمل الإطار النظري الذي قدمه سنا يدر مايلي :
أ) المحيط الخارجي وهو دراسة ردود أفعال الدول التي يؤثر عليها القرار
ب) المحيط الداخلي يشمل ما يعرف بالسياسات الداخلية و الرأي العام و الموقع الجغرافي وكذلك الثقافة العامة و السمات الرئيسية التي يتطبع بها السكان و طريقة تنظيم المجتمع
و أداءه لوظائفه.
ج.)عملية صناعة القرار فيكون عبر معرفة دور المؤسسات الرسمية و غير الرسمية
ويؤكد سنايدر ان صانع القرار في اتخاذه لقراراته داخل وحدة اتخاذ القرار،لا يتأثر بكيفية إدراكه(أو تعريفه الذاتي)للموقف حسب،وإنما كذلك بمتغيرات منظماتي هي الاختصاص والاتصالات،والمعلومات و الدافعية.
وقصد بالاختصاص مجموعة الأدوار التي تنجز من قبل صانعي القرار والخصائص التي تتميز بها كل وحدة اتخاذ القرار،وسبل نقل المعلومات إليهم من خارجها وأخيرا ربط الدافعية بالأهداف التي تسعى وحدة اتخاذ القرارالى انجازها،وبالحوافز النفسية والاجتماعية الخاصة والعامة المؤثرة في سلوك أعضائها.
وبصدد هدا المنهج،يؤكد فرا نكل Fränkel بأنه اكثرقدرة وفاعلية لوصف السياسة الخارجية وتفسيرها من مناهج :القوة،او توازن القوة.بينما يرى فيه روسناو"rosnenau«"بمثابة الابتعاد الجدري عن التطبيق التقليدي في السياسة الخارجية.
أما غرا هام ا فقد اشتهر في نهاية الستينات و بداية السبعينات بدراسة البيروقراطية وصناعة القرار خصوصا أوقات الأزمات , بحيث قدم غرا هام ثلاث نماذج لفهم و استيعاب عملية صناعة القرار الخارجي وهي نموذج الفاعل العقلاني و يقوم على محاولة تفسير سلوكية الدولة تجاه حدث أو دولة أخرى عبر تحليل عقلاني للأهداف التي تعمل الدولة لها فيقدم شرحا منطقيا للحسابات الدقيقة التي تكون الدولة قد قامت بها لاختيار سياسة معينة ,فصناع القرار حسب هذا النوع يضعون في الميزان مختلف العوامل الموضوعية الايجابية والسلبية التي تؤثر في دولتهم و يقومون حساباتهم على هذا الأساس.
أما النموذج الثاني فهو نموذج العملية التنظيمية ونظام صناعة القرار حسب هذا النموذج ليس موحدا بل يتكون من عدة و حدات و إدارة مرتبطة يبعضها البعض و لكل منها حد معين من الاستقلالية و المصالح الخاصة به.
أما النموذج الثالث و الأخير و المتمثل في السياسة الحكومية و يتناول التحليل على مستوى الفئة الأعلى في نظام صناعة القرار ,إذن لا لايوجد فاعل واحد هو الدولة بقل فاعلون عديدين في إطار القيادة لكل منهم أهدافه الوطنية و الشخصية و إدراكه لمختلف القضايا.
يفيد مما تقدم بان صانع القرار وضع تحليله لمجمل عملية صنع واتخاذ القرار من رؤية خاصة لحركة وادوار صانعي القرار،اد رأى أن هده الحركة وما يرتبط بها من ادوار تعكس حالة(اللاعب في موقف)،وان هدا الموقف يعكس تأثيرات نوعين من البيئة،بيئة داخلية وأخرى خارجية،وبينما تمثل الأولى خصائص ومدة اتخاذ القرار والبيان الحكومي الشامل والعوامل والمتغيرات الموضوعية والمعنوية والاجتماعية الداخلية،تمثل البيئة الخارجية سمات وتأثيرات النظام السياسي الدولي السائد في وقت معين .
وفي اثر سنايدر توالت البحوث والتعقيبات التي أسهمت في رفض هدا المنهج برؤى متعددة الجوانب،ولأجل تحديد هده الرؤى والاتجاهات ومدى إسهامها في دعم هده النظرية. وسيتم استعراض القضايا التي شدد عليها تجاه دون أخر وكما يلي :
ا)الصور والمعتقدات الذهنية للواقع :
اد يرى هدا الاتجاه أن العلاقات الدولية تتأثر بانطباعات السياسيين أصحاب القرار في الدولة والجماعات الأخرى المؤثرة في صنع القرار عن الدول التي يتعاملون معها عن طريق تصريف شؤونهم الخارجية.هدا فضلا عن أن بعض الدراسات قد أكدت على إن الإدراك الحسي لدور دولة ما أو امة ما من قبل المؤثرين في سياستها له صلة بمحصلة تلك السياسة.فادا كانت حالة الإدراك الحسي اقرب إلى الواقع الموضوعي فانه بالإمكان تفهمه والتجاوب مع متطلباته،أما ادا كانت هناك فجوة فانه يصعب التعامل معه من دون عناء وكلف باهظة للدولة في علاقاتها.
ب)التأكيد على الموقف أو الحالة :
يرى أنصار هدا الموقف بأنه يصعب فهم صنع القرار في السياسة الخارجية من غير تحديد الموقف أو الحالة كمتغير في العملية برمتها.بمعنى أن لكل موقف أو حالة فيها قرارا معينا جوانب قاهرة تتحكم في طبيعة القرار .ويشار عادة إلى ثلاثة جوانب في الموقف أولها حدة التهديد الذي يحف بالموقف ومدى تحسس وإدراك المقرر له،ثانيها مستوى التوقع الذي يمكن حسابه من معطيات الموقف،وثالثها،أمد الزمن المتاح للوصول إلى قرار.
ج)دور الشخصية في اتخاذ القرار
يقوم هدا الاتجاه على ضرورة الربط بين صانع القرار وبين عملية اتخاذ القرار،ويعتقد بأنه من السهولة بمكان معرفة سلوك المقرر في المستقبل ادا استطعنا التثبت من شخصيته.ويعتمد هدا الاتجاه على أساليب بحث وافتراضات في حقول المعرفة الأخرى السيكولوجية وعلم النفس،كما انه يدعو إلى مراقبة سلوك صاحب القرار في الماضي ورسم حالات احتمال
إن تشخيص طبيعة الدوافع والمستوى الذي تكون عنده تكشف عن مستويات :
احدهما في نطاق النظام الدولي ويستثنى منه دوافع الأفراد والمؤسسات الاجتماعية والسياسية.بمعنى أن هناك عدة غايات بهدفها صناع القرار السياسي من وراء قراراتهم كالحفاظ على ترتيب العناصر الأساسية في النظام الدولي وصيانة الاستقرار واستتباب الأمن وتحسين سبل ووسائط النظام الدولي في معالجة قضايا السياسة الدولية وفسح المجال أمام الدبلوماسية.أما المستوى الثاني فهو مستولى دوافع وغايات الأفراد والإداريون،ويرى البعض آن التنافس بين المستوى الأول وهو الشامل والأعم،والمستوى الثاني وهو الأخص والأضيق قد ليحسم لصالح الأول،أي أن القرار يجسد طموحات صناع القرار.سلوكه بشكل مشابه في مواقف تتصف ينفس الاعتبارات التي أحاطت به في السابق.
د)تحليل دوافع وغايات صنع القرار :
إن تشخيص طبيعة الدوافع والمستوى الذي تكون عنده تكشف عن مستويات :
احدهما في نطاق النظام الدولي ويستثنى منه دوافع الأفراد والمؤسسات الاجتماعية والسياسية.بمعنى أن هناك عدة غايات بهدفها صناع القرار السياسي من وراء قراراتهم كالحفاظ على ترتيب العناصر الأساسية في النظام الدولي وصيانة الاستقرار واستتباب الأمن وتحسين سبل ووسائط النظام الدولي في معالجة قضايا السياسة الدولية وفسح المجال أمام الدبلوماسية.أما المستوى الثاني فهو مستولى دوافع وغايات الأفراد والإداريون،ويرى البعض آن التنافس بين المستوى الأول وهو الشامل والأعم،والمستوى الثاني وهو الأخص والأضيق قد ليحسم لصالح الأول،أي أن القرار يجسد طموحات صناع القرار.
المبحث الثاني : مراحل صناعة القرار والمتدخلين فيهالمطلب الأول: مراحل صناعة القرار الاستراتيجيإن عملية صنع وتحليل القرار الاستراتيجي يشمل كافة الإجراءات والقواعد والأساليب التي يستعملها المشاركون في هيكل اتخاذ وصنع القرار لتفضيل خيار أو خيارات معينة لحل مشكلة معينة, ويقصد بها كيفية تقويم الخيارات وتوفيق بين اختلاف الآراء بين مجموعة اتخاذ القرار"(
[3]).
لكي يكسب القرار الاستراتيجي أو غيره من القرارات مشروعية لابد أن يخضع لقانون العام للدولة، والذي يهتم أساسا بالبحث عن مشروعية القرار واحترامه للقواعد القانونية العليا، فالقرار وفق القانون العام هو: "إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ذلك ممكنا عملا وجائزا قانونا وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة "(
[4]).
تغطي القرارات الإستراتيجية الاهتمامات الأساسية للعلوم السياسية والاقتصادية والعسكرية، لذا وجب الاهتمام الكبير بعملية صنعها واتخاذها. ومن التعريف آنفا يتضح لنا: "أن القرار في علم الإدارة يتألف من ثلاثة عناصر أساسية لابد من اجتماعها لكي تكون قرار بالمعنى الحقيقي، وتشمل: الاختيار المدرك، وجود هدف أو أهداف محددة، تعيين إجراءات التنفيذ".
تكتسب القرارات الإستراتيجية نوعا من الصعوبة لكونها معقدة، وليس في وسع أحد أن يقضي على هذا التعقيد. "وتستطيع القيادة أن تواجه هذا التعقيد بالمنطق وبنفس الكيفية التي تتسلق بها جبلا، خطوة واحدة في الوقت الواحد. فالقرارات يمكن تحليلها والوصول إلى حل لها".
تزداد حرية التصرف كلما ارتقى مستوى صانع القرار الاستراتيجي. ونجد غالبية زعماء دول العالم الثالث لديهم دور كبير في صنع القرارات الإستراتيجية المهمة، وبالأخص تلك التي تتطلب الدعم السياسي والعسكري، بالرغم من وجود المؤسسات الاختصاصية التي لها علاقة رئيسية بهيكلية صنع القرار. "أما في النظم الديمقراطية الغربية، كأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، فإن عملية صنع القرار قد لا تكون بيد الرئيس، أو الملك، أو رئيس الوزراء إلا من خلال مؤسسات اختصاصية (سياسية، مخابراتي، عسكرية،.....)، لها دور أساسي في صنع القرار".
تسعى عملية تحليل وصنع واتخاذ القرارات الإستراتيجية في المنظمة إلى الحد من ثلاثة جوانب أساسية للواقع، "والتي يطلق عليها ريتشارد باسكال معطيات الوجود، وتشمل": الغموض بشأن ما يعنيه شخص أو شيء ما، والشك في نتائج الأحداث، والنقص وعدم الاكتمال في أنفسنا وفي الآخرين وفي الموقف المبدئي والنتائج. تتطلب اتخاذ القرارات الإستراتيجية المعاصرة مراجعة تصورنا الفكري التقليدي للقرارات، فالواقع التنظيمي غامض ومشكوك فيه ومعقد وغير كامل في معظم الأحيان، بمعنى أن اتخاذ القرار وخاصة الإستراتيجية منها على أساس إزالة هذه العوامل من تفكيرنا، قد يكون إجراء غير مفيد لا سيما عندما يتضمن القرار الاستراتيجي أو يؤثر على أشخاص آخرين.
يجمع علماء الإدارة والسياسة والباحثين على وجود مراحل منهجية في علمية تحليل وصناعة القرار واتخاذه، ولابد من المرور عليها قبل أن يصدر القرار، فالدكتور درويش يحددها بمرحلتين رئيسيتين تضم كل مرحلة منهما على عدة خطوات فرعية وكما ياتي-
أولا: مرحلة تكوين المشكلة.
ثانياً: مرحلة إيضاح المشكلة وربطها بغيرها من المشاكل التي تواجه التنظيم والبحث عن الأسلوب المعالج لها.
ومنهم من يوصلها إلى تسع مراحل كالدكتور عبد الهادي وكما يأتي:
أولا: تقرير المشكلة.
ثانياً: جمع المعلومات.
ثالثاً. الترتيب والتحليل.
رابعاً. تحديد الوسائل.
خامساً. وضع قائمة بالبدائل.
سادساً. تقيم البدائل.
سابعاً. القرار.
ثامناً. التنفيذ.
تاسعاً. المتابعة.
يبين الملحق (ب) المرفق ملخصاً لخطوات الأسلوب العلمي التحليلي لصنع واتخاذ القرارات كما يعرضها العلماء والمؤلفون.
وتأسيسا على ما تقدم، فقد انقسم علماء فقه الإدارة والباحثون بشأن تحليل وصنع واتخاذ القرار انقساماً كبيراً، فمنهم من جعله يصنع ويتخذ بمرحلتين، ومنهم من أوصله إلى تسع مراحل وكما وردَ آنفاً. ومن خلال استعراض الملحق (ب) المذكور، فإن الباحث يعتقد أن خطوات تحليل وصنع القرار الاستراتيجي واتخاذه تنحصر في سبع مراحل أساسية من الناحية العلمية، تبدأ بتحديد الموقف، تحديد المشكلة، تحديد الأهداف الإستراتيجية، جمع المعلومات، توليد البديل الاستراتيجي، اختيار البديل الاستراتيجي، تنفيذ القرار الاستراتيجي ومتابعته وتقويمه.
توجد داخل كل مرحله من هذه المراحل الأساسية خطوات فرعية يختلف عددها وأهميتها حسب طبيعة كل مرحلة، وعلى هذا الأساس سنقوم بالبحث في طبيعة ومتطلبات كل مرحلة من المراحل السبع السابقة وكما يأتي:
المرحلة الأولى : تحديد الموقف الاستراتيجي
يعد من الأهمية تحديد الموقف الذي على أساسه يتخذ القرار الاستراتيجي، وكما يعتقد صانع القرار فقط، وهذا ما يراه "سنا يدر" في حين يهتم "فرا نكل" بضرورة أخذ البيئة الموضوعية في الاعتبار من وجهة نظره"(
[5]).
يجب الحصول على كل المعلومات والمعطيات والحقائق الوثيقة الصلة بالمشكلة وتحليلها. مع ضرورة دراسة العوامل التوصل إلى الاستنتاجات المؤثرة على المشكلة والأهداف والواجبات المنبثقة منها.
يرى أبو دية في تحديد الموقف ضرورة دراسة العوامل الخارجية والداخلية والمتمثلة: "العامل الاجتماعي، والاقتصادي، والعسكري، والإعلامي، والسياسي". وتحليلها وبيان تأثيرها على المشكلة، وبين أبو دية تأثير عوامل البيئة العلمية والنفسية كضوابط أو مقومات على عملية تحليل وصنع واتخاذ القرار".
تتعرض عملية تحليل صنع واتخاذ القرار الاستراتيجي إلى ضغوط خارجية كبيرة, نتيجة لتأثير النظام الدولي ووحداته، وتُعدُّ الموضوعات التي لا ترد في ذهن صانع القرار غير مؤثرة في طبيعة القرار، لكنها تؤثر في نتيجة القرار بعد صدوره وانفصاله عن صانعه، ويصبح محكوما بالبيئة الموضوعية. يجب على صانع القرار أن يجعل من قراره متناسبا ومتوافقا مع الموقف.
أوضح العالمان فكثور فروم وزميله فيليب يوتون في نموذجهما، الذي "يوضح الأسلوب الموقفي والقدرة التي تمكن صانع القرار الاستراتيجي ومتخذه على تفهم الظروف أو الموقف المحيط به، مما يدفعه نحو تحديد نوعية القرار الذي سيقوم بصناعته واتخاذه، وهذا يعتمد على دقة المعلومات وجدوى الهدف، والتجاوز على الغموض وخلق الاستجابة التنفيذية".
برزت خلال خمسينيات القرن الماضي الحاجة إلى دراسة القرارات، وخاصة في الجانب السياسي، والتي تتضمن قيما وأساليب محددة إزاء التعامل مع المواقف، مثل التدخل البريطاني في قناة السويس عام 1956، وغير ذلك مما سيتم دراسته مستقبلا، وقد استنتج الباحثون أن للقيم الموقفية مجموعة فرضيات، يمكن أن تكون بمثابة ترجمة سلوكية مؤثرة على متخذي وصانعي القرارات الإستراتيجية، والتي تشمل:
أولاً: أن القرارات المتعلقة بالموقف توجه وتتخذ في إطار هذا الموقف تحديدا.
ثانياً: كلما كان الموقف يجسد أزمة كبيرة، كلما سعى متخذو القرار نحو التقارب فيما بينهم وتفعيل دور الاستشارة الجماعية الداخلية والخارجية.
ثالثا: كلما طال الموقف، كلما زادت كمية المعلومات المتوفرة عنه.
رابعا: كلما ازدادت تكلفه التعامل مع الموقف، كلما زاد التراجع عن القيم التي ارتبطت به.
خامساً: كلما ازداد الموقف خطورة ازدادت جهود متخذ القرار نحو تطمين القلق العام والبحث عن معونات خارجية، والقيام باتصالات دولية، ودراسات مقارنة لمواجهة الموقف.
وتعليقا على ذلك، يرى الباحث وجود حالة من التطابق والموائمة ما بين موقف الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 مع النقاط الواردة آنفا. بعد إطالة أمد الحرب وكثرة الخسائر لدى القوات الأمريكية، والتكاليف المادية الباهظة المصروفة على الحرب، والتي لم يعد يطيقها معظم الشعب الأمريكي، دفع القيادة الأمريكية برئاسة جورج بوش الابن في عام 2007، تشكيل لجنة يرأسها عضو مجلس النواب الأمريكي لي هاملتون وجيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق ومجموعة من الشخصيات الأخرى بإعداد دراسة بخصوص الموقف في العراق ودور الدول المحيطة به، وتأثيرها على الوجود الأمريكي، وقد قامت اللجنة بزيارة العراق والدول المحيطة به وتقديم توصيات لأجل تفعيلها من قبل القيادة الأمريكية.
تتميز بعض المنظمات "كالمنظمات العسكرية بإدراج فقرة الموقف في مقدمة قراراتها الإستراتيجية أو العملياتية أو التكتيكية منها".
تعد عملية استعراض عوامل الموقف من الأمور الأساسية لفهم جوهر القرار والتي من خلالها يتم الحصول على كل المعطيات والحقائق الوثيقة الصلة بالمشكلة التي يجب تحليلها.
تستهدف دراسة كل العوامل التوصل إلى الاستنتاجات المؤثرة على المشكلة والأهداف والواجبات المنبثقة منها والتي من خلالها يمكن رسم الصورة الخاصة بالقرار.
تعد عملية استكمال دراسة عوامل الموقف وتحديد مسالك العمل وإظهار البدائل من خلال التمعن في البيئة الموضوعية التي تأخذ من وجهة نظر متخذ القرار من العوامل الرئيسية لكون القرار بعد صدوره ينفصل عن صانعه ويصبح محكوماً بتلك البيئة ولذلك تظهر كثير من التحديدات والمعا ضل التي تواجه القرار في عملية التنفيذ.
يعتمد تعريف موقف معين أو تحديد مشكلة في كثير من الأحيان على حجم المعرفة، لذلك تعدا لمعلومات ومخرجاتها ذات أثر كبير على ترشيد القرار، كما إن إدراك صانع القرار للموقف يتأثر بقيم ومعتقدات والتكوين الشخصي لمتخذ القرار والتي تعد جزءاً من قيم الدولة ومعتقداتها وشخصيتها، والتي يعبر عنها من خلال موقعه الرسمي في رده على الموقف الناشئ، ويستند فهم صانع القرار للموقف إلى إدراكه له، وإلى المعلومات المتوفرة عنه لكي تمنح الفرصة بتحديد المشكلة والهدف اللاحق.
ينبغي ان يتعامل صانع القرار مع أفضل مايمكن الحصول عليه في ضوء المتغيرات الدولية المختلفة، وليس على أفضل مايتمناه، أي أن تكون نظرته واقعية للموقف والأهداف التي يسعى إليها ولقدرته على المواجه، وقد تتطلب في بعض الأحيان ضرورة التضحية ببعض الأهداف ليس لعدم أهميتها بل لان تحقيقها قد يرتب أضرارا كبيرة على الموقف مما يحرم من الحصول على المكاسب المتوقعة، وان التضحية في بعض الأهداف مرحلياً قد يؤدي إلى خلق موقف ملائم أفضل لانجاز أهداف أخرى أكثر أهمية. لذلك يعد تحديد الموقف أولى مراحل عملية صنع القرار ويجب التأني في دراسته واستخلاص مافيه وتحديد صورته للاستمرار والتقدم إلى المرحلة الثانية، "وعليه فإن التعريف الموضوعي الدقيق للموقف واستيضاح معالمه يؤثر في النتيجة النهائية للقرار الاستراتيجي".
المرحلة الثانية :تحديد المشكلة
يعد تحديد المشكلة الحالة المستقبلية التي يرمي صانع القرار الاستراتيجي عبر نشاطه إلى ترتيبها وتصنيفها لتشكل الإطار العام للقرار. فهي تحدد البدائل التي يبحثها، وطريقه التقييم لها.
تؤثر الطريقة التي تعرض بها المشكلة تأثيرا عميقا على المسار الذي تم اختياره، وسيؤدي التحديد السليم لها من خلال بحثها وجمع البيانات والإحصائيات
المتعلق بها، "وكلما كانت البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشكلة صحيحة ودقيقة ومتكاملة، كان تعريف المشكلة وبيان حدودها وإيضاح أبعادها أكثر يسرا وسهولة، ويمكن الوصول إلى القرار الاستراتيجي السليم في النهاية"(
[6]).
يجب أن يكون التحرك الأول لصانع القرار منصبا على خلق صورة أولية للمشكلة في أذهان منظومة هيكلية صناعة القرار، من خلال وضع قائمة تفقد أولية تشمل: (ماذا، لماذا، متى، كيف، أين، من )، حاول أن تصوغ جملة مشكلة.
تعرف المشكلة "بأكبر قدر ممكن من الدقة، وهل المشكلة مثيرة للاهتمام العام للقرار الاستراتيجي أم فيها بعد خاص؟ وهل لها بعد يتعدى من حيث التأثير والنتائج حدود الأشخاص المباشرين المعنيين بها كمشكلة".
يحدد لنا بيتر دركر ثلاثة أجزاء أساسية لكيفية التعامل مع المشكلة، في سبيل التعرف عليها ودراسة أبعادها من خلال ما يأتي(
[7]):
أولاً: تصنيف المشكلة: هل هي مشكلة عامة متكررة يمكن مواجهتها، أم نوع جديد من المشاكل لا يمكن معالجتها.
ثانياً: التعرف على المشكلة: وهذا يعني تحديد المشكلة ومنحها التفسيرات المناسبة، وما هو جوهر مفتاحها.
ثالثا: تحديد الجواب للمشكلة: ينبغي تعريض المشكلة إلى مجموعة من المعايير الواضحة، وكيفية جمع المعلومات عنها، وما هو الهدف الذي يجب أن يصل القرار إليه و تحديداته. الشكل يوضح كيفية جمع المعلومات
وتحديد العناصر الجوهرية والنطاق الكافي لمعالجتها، بالاستفادة من مشورة الآخرين. تجري إعادة النظر في تحديد المشكلة بمرور الوقت والتمسك بالرأي الذي يعتقد أنه صالح لحل هذه المشكلة، وتحدد الأولويات بموجب مجموعة من الجمل مع بيان الهدف، وكيفية ربط الأهداف الفرعية المباشرة بالأهداف العامة، ولمن تعطى الأولوية لهذين النوعين من الأهداف، وكيف سيعمل حل هذه المشكلة على تحقيقهما؟ وما هي القدرات والموارد، لمواجهة هذه المشكلة؟ ينبغي على صانع القرار أن يتذكر في نهاية الخطوة الأولى من تحديد المشكلة أن الهدف هو "جملة كيف" التي سوف تثير أفكارا جديدة للعمل عليها.
المرحلة الثالثة :تحديد الأهداف الإستراتيجية
تعد عملية تحديد الأهداف الإستراتيجية من الأمور الأساسية في فن وتحليل وصناعة واتخاذ القرارات السليمة. تكون عملية التفكير في الأهداف وكتابتها على الورق في بعض الأحيان كافية لتقود إلى الخيار الاستراتيجي، دون القيام بمزيد من البحث.
تساعد عملية تحديد الأهداف في توجيه عملية صنع واتخاذ القرار بكاملها، بدءا من تحديد البدائل وتحليلها، والتي ستقود إلى تبرير الخيار النهائي.
حدد جون هاموند ثلاثة نقاط رئيسية للتركيز على الأهداف للوصول إلى المسار الصحيح في صنع واتخاذ القرار:
أولاً: تساعد الأهداف في تحديد المعلومات التي تسعى للحصول عليها. فعند تحديد الهدف يجري جمع المعلومات وتفسيرها وصولا لاستنتاجات منطقية تساعد في تحقيق القرار السليم. والشكل آنفا يوضح كيفية الحصول على المعلومات.
ثانياً: إن أهدافك تساعدك في تفسير اختيارك للآخرين. يطلب منك حينما تشرع لاتخاذ القرار بيان أسباب القرار الذي اتخذته، فعندما تكون مسلحا بقائمة من الأهداف، فإنك تعرض مسار تفكيرك، وتبين كيف أن قرارك يحقق الأهداف الأساسية أكثر مما تحققها البدائل الأخرى.
ثالثا: تحدد الأهداف أهمية القرار وما يحتاج إليه من وقت وجهد والأمور غير المتوقعة. قد ينصب اهتمام متخذ القرار على مجال أضيق مما يجب، وتستبعد اعتبارات مهمة لا تظهر إلا بعد أن يكون القرار قد أخذ. يجري التركيز على الأمور الملموسة والقابلة للتقدير الكمي " كالتكاليف، مدى التوافر"، وينسى العوامل غير الملموسة كالجوانب الذاتية "السمات، سهولة الاستعمال"، والاهتمامات الأساسية.
يفكر صانع القرار الاستراتيجي عند تحديد الأهداف لمجموعة من التساؤلات التي تساعده في الوصول إلى تحقيق الهدف، وتشمل: "الغاية والرغبة من القرار والتفكير بأسوأ الاحتمالات، و الأثر المحتمل للقرار على الآخرين، والاستئناس بالآخرين للاستفادة من تجاربهم، والتفكير بنوع العمل، والبحث في عملية تفسير القرارات للآخرين".
وباستخدام هذه الأساليب وغيرها سيتم الحصول على الكثير من الملاحظات التي تصنف الأشياء المهمة والمتعلقة بالقرار الذي يراد اتخاذه.
المرحلة الرابعة :جمع المعلومات
تعد عملية جمع المعلومات من الأمور الأساسية التي يستند عليها في عملية تحليل وصنع القرار الاستراتيجي واتخاذه، وعند تحديد المشكلة وتفرعاتها تهيأ الوسائل لتقليل العناصر الأساسية المجهولة من خلال الحصول على المعلومات، وهنالك ثلاثة أمور أساسية يسترشد بها صانع القرار ليجمع المعلومات عن المشكلة وهي(7):
أولاً: التفكير الدقيق بالمشكلة لضمان دقة تحديد مصادر المعلومات المرتبطة بتلك المشكلة وبأبعادها المؤثرة.
ثانياً: تفعيل دور الاستشارة مع الاختصاص وذوي الخبرات، من أجل الحصول على معلومات إضافية، تعزز فهم حدود المشكلة وظاهرتها مع الظرف الطبيعي والاعتيادي.
ثالثا: حسن استخدام المعالجات الإحصائية، وتوظيف المعلومات ذات الدلالات الواضحة بالاستناد إلى مقاييس الموضوعية والصدق والثبات، بما يضمن فعاليتها في إعطاء القرارات والتقييمات الجيدة للخيارات والتفصيلات.
تعد المعلومات من المقومات الأساسية لترشيد القرار الاستراتيجي، ولأهميتها لابد من إعطاء تعريف محدد لها، فالمعلومات بالمعنى العام، وكما عرفها (د.مازن الرمضاني) هي: "الأداة التي من خلالها يتم تحويل البيئة الحركية إلى بيئة نفسية، والتي تتم في ضوء إدراك الموقف، وبالتالي صنع واتخاذ القرار"....، وهناك من يروي أنها: "عبارة عني سيل من الإشارات ورسائل التي تحفز صانع القرار للتعامل مع الموقف"(
[8]).
تصبح القرارات الإستراتيجية وغيرها من القرارات بلا أساس عندما لا توجد معلومات لإدامتها. إن توافر المعلومات المتكاملة يعتبر الركيزة الأساسية الهامة في استمرارية المنهجية التحليلية للقرار الاستراتيجي ولمشكلاته، ضمن مراحل الاستدلال، والاستنتاج، والتقويم، والاختيار للبديل الأحسن، ومن أجل تحقيق الفائدة في المعلومات يجب أن تتوافر فيها الخصائص التالية(
[9]):
أولاً: الموضوعية والدقة.
ثانياً: الشمولية: وتعني القدرة للمعلوماتية على الاتصال بطبيعة المشكلة والعناصر المؤثرة فيها والمتأثرة بها.
ثالثا: الملائمة: وتعني قدرة المعلومات على إعطاء الدلالات والآثار التي تسهم في الإحاطة بأبعاد المشكلة، وتحديد أفضلية البدائل الممكنة على الحلول.
يتطلب البحث ضمن نطاق مشاريع القرارات البديلة الحصول على أكبر قدر من المعلومات في أقصر وقت ممكن ضمن وحدة صنع واتخاذ القرار نظرا لوجود العقبات الكثيرة. تمر عملية تحليل المعلومات وتقيمها بثلاثة مراحل أساسية لينتج عنها مايسمى (المعلومات الدقيقة أو الاستخبارات). وتشمل المراحل ما يأتي:
أولاً: الإدراك: ويعني فيه الصورة التي تتكون في ذهن صانع القرار بسبب الظروف غير الطبيعية المسببة للإرباك في وظيفة الإدراك لدى وحدة صنع واتخاذ القرار، بالإضافة إلى ضيق الوقت وقصر المدة الكافية للحصول على المعلومات الصحيحة والمصنفة في الحالات الطارئة، والتغير السريع في الموقف مما يسبب في محصلته النهائية الإجهاد والتعب والقلق، ويدفع إلى القصور في الإدراك وسوء التقدير، مما يؤثر على موقف المنظمة. والإدراك عملية متشعبة ومعقدة.
يرى روبرت جيرفيس "أن المنظومة العقائدية لصانع القرار والتجارب السابقة هي من أهم العوامل المؤثرة فيه، ويضاف إليها تكرار الأفعال المباشرة والوثيقة الصلة بالقرار في علاقة المنظمة، كالتاريخ الذي يصبح اعتباره مقياس لدراسة الموقف.
ثانياً: التصور: يمثل مجموعة الأفكار والمعلومات التي تحكم تصرف الإنسان، وهي الانطباع الأول الذي يتولد لدى الفرد نتيجة حافز معين. وفي سياسة المنظمة الخارجية يستجيب صنع القرار لأفكار عن البيئة الخارجية ومؤثراتها على التصور، والتي تشمل المعلومات بكافة أشكالها وتدفقها بما يشبه وسائل تصل الإنسان عن طريق حواسه، فتؤثر في التصور، وقد تحدث تغيرات جذرية فيه.
وقد وصف (فرانكل) صانع القرار على رأس قمة الهرم في المنظمة، "بأنه بعيد عن المعلومات التفصيلية التي تصف البيئة الخارجية، وأنه أسير المستشارين والإجراءات البيروقراطية"(
[10]).
ثالثا: التقويم: إن تقويم صانع القرار للمعلومات من حيث جودتها، أو رداءتها، يكوِّن لديه فكرة عن ذلك التصور، وهذا يعرف بـ (تقويم التصور). تلعب القيم الاجتماعية السائدة في المجتمع لصانع القرار دورا عاطفيا في التأثير بكيفية إدراكه على سلوك الآخرين، وبالتالي يفسر المواقف التي تواجه بالشكل الذي لا يعارض ما تعلمه، وإن اختلفت البيئة الواقعية للموقف مع تلك القيم. وكلما كان صانع القرار يمتلك معلومات دقيقة حول ما يواجهه كان أقرب إلى فهم الموقف.
وخلاصة الأمر أن مسألة الإحاطة بالموقف تتطلب ثلاثة مراحل مترابطة هي: (الإدراك، والتصور، والتقويم). فالإدراك يؤدي إلى خلق صورة ذاتية عن طبيعة ومعنى المواقف، وهذه الصورة تستخدم كأساس لبناء التقييم ومدى القدرة الذاتية للمنظمة للرد على مطالب بيئتها الخارجية، أي إنها تستخدم لتقديم المواقف واستقراء أمنيات الحقيقية، ومحصلة التقييم تؤثر أخيرا في نوعية التصرف اللاحق لصنع القرار.10