________________________________________
الصين أكبر دول العالم في عدد السكان، وثالث دولة في المساحة. تقع الصين في شرقي آسيا، ويعيش فيها حوالي 20% من سكان العالم. تزيد مساحتها على 20% من مساحة آسيا، ولا يفوقها مساحة إلا روسيا وكندا. وتضم الأراضي الصينية بعضًا من أكثر الصحاري جفافًا وأعلى القمم ارتفاعًا، وأكثر الأراضي خصوبة في العالم.
يطلق الصينيون على بلادهم اسم تسونغوا، ويعني البلد الأوسط. تعود هذه التسمية لاعتقاد أهل الصين قديمًا أن بلادهم تتوسط الكرة الأرضية، وأنهم الشعب الوحيد الذي يملك حضارة.
يكتظ الجزء الشرقي من الصين بالسكان، لوجود أكثر المدن الرئيسية فيه، ولصلاحية أرضه للزراعة. وتشكل الزراعة في الصين عنصرًا اقتصاديًا هامًا؛ إذ يعيش 74% من السكان في قرى ريفية. كما يعمل قرابة 70% من القوى العاملة في مجال الزراعة. ورغم قلة عدد سكان المدن ـ قياسًا إلى عدد السكان ـ إلا أن الصين تضم أكبر مدن العالم، مثل شنغهاي وبكين العاصمة.
يعود تاريخ الحضارة الصينية لأكثر من 3,500 سنة، وهي من أعرق الحضارات في العالم. ويتحيز الصينيون لحضارتهم بشكل كبير؛ إذ يعتبرون أنفسهم أول من طور البوصلة وورق الكتابة والخزف الصيني والملابس الحريرية.
للفن واللغة والأدب والدين والمعرفة الصينية أثر بارز في حياة اليابان وكوريا وبلدان آسيوية أخرى.
أسست بعض الأسر الصينية الحاكمة إمبراطورية قوية استمر حكمها أكثر من ألفي عام، طور خلالها الصينيون نظام حكم فاعلاً وقويًّا، مما ساعد على بناء مدن مزدهرة وإيجاد أدب قوي.
بدأ تراجع الإمبراطورية الصينية في القرن العشرين الميلادي؛ إذ تمكن الثوريون من الإطاحة بالإمبراطورية عام 1911م، وتحولت بعدها الصين إلى جمهورية في العام الذي تلاه. ولكن الحزب الوطني الذي حكم الجمهورية لم يتمكن من بسط نفوذه على كل الصين. وفي سنة 1949م هزم الشيوعيون الوطنيين وكونوا الحكومة الحالية.
على إثر ذلك، فر أتباع الحزب الوطني الكومنتانج إلى جزيرة تايوان وأسسوا حكومتهم فيها. لكن الصين الشعبية تطالب اليوم بضم تايوان إليها. مرت الصين إبان الحكم الشيوعي بعدة تغيرات، إذ استولت السلطة على المصانع، وتولت إدارتها، وسيطرت على المرافق التجارية والمالية. واستطاع الشيوعيون زيادة الإنتاج الصناعي وأحدثوا نقلة نوعية في نظام التعليم والعناية الطبية. وعلى الرغم من قلة الموارد، إلا أن الصين تحقق اكتفاءً ذاتيًا في الغذاء. وهي تعتبر دولة فقيرة رغم المحاولات الجادة للتغلب على الفقر. عمدت الدولة إلى إجراء إصلاحات، واستعانت بشركات أجنبية للعمل فيها إلا أن الإصلاح السياسي كان بطيئًا. قامت ثورة الطلبة عام 1989م تطالب بمزيد من الديمقراطية إلا أن الدولة استخدمت العنف لوقف احتجاج الطلبة.
نظام الحكم
يسيطر على الحكومة الصينية ثلاث مؤسسات هي: الحزب الشيوعي الصيني والجيش ومجلس الدولة. يحظى الحزب الشيوعي الصيني بالنفوذ الأشمل، ويُطلق على أعضاء الحزب من غير القياديين كوادر (أُطُر).
الحزب الشيوعي. يُعدّ من أكبر الأحزاب الشيوعية في العالم؛ إذ يبلغ عدد أعضائه (40,000,000) عضو، أي ما نسبته 4% من مجموع سكان الصين. للحزب أربع مجموعات قيادية، وهي: مجلس الشيوخ الوطني ويمثله 1,900 عضو، واللجنة المركزية، ويمثلها 300 عضو، والدائرة السياسية ويمثلها 20 عضوًا وسكرتارية الحزب ويمثلها خمسة أو ستة أفراد. وينص القانون على أن أعضاء مجلس الشيوخ الوطني وأعضاء اللجنة المركزية هم أهم الأعضاء جميعًا.
الحكومة الوطنية. يعتبر القانون الصيني مجلس الشيوخ أعلى سلطة في البلاد. يؤثر الحزب الشيوعي بشكل واضح على الانتخابات التي يتم بموجبها اختيار أعضاء مجلس الشيوخ والانتخابات الأخرى. وتمتد فترة حكم مجلس الشيوخ لمدة خمس سنوات ويتولى مجلس الدولة تصريف الشؤون اليومية، ويشرف على مجلس الدولة رئيس الوزراء الذي يمثل أعلى سلطة فيها.
تُعيِّن اللجنة المركزية رئيس الوزراء، ويوافق رئيس الدولة على هذا التعيين وتكون موافقته عليه مجرد إجراء شكلي.
يساعد رئيس الوزراء ثلاثة نواب وأربعون وزيرًا ورؤساء أكثر من 40 هيئة خاصة.
التقسيمات السياسية. يوجد في الصين حوالي31 تقسيمًا سياسيًا موزعًا على عدد من المناطق بعضها ذاتي الحكم. وعلى الرغم من أن بعض المناطق ذاتية الحكم، إلا أنها تُدار تمامًا بالطريقة نفسها التي تُدار بها بقية المناطق. تتكون كل منطقة من مركز مدني ومنطقة ريفية واسعة. يوجد في الصين أربعة مستويات من الحكومات المحلية: 22 محافظة، 5 مناطق ذاتية الحكم، 3 بلديات خاصة ومنطقة إدارية خاصة.
توزع الأقسام السياسية (31 قسماً) على حوالي 2,100 مقاطعة، وتقسم هذه المقاطعات إلى 100,000 مدينة صغيرة وكبيرة. وتضم كل وحدة سياسية مجلس شيوخ وجهازًا تنفيذيًا.
المحاكم. لا تعمل المحاكم في الصين على نحو كامل الاستقلال، كما هو الحال في معظم بلدان العالم. وبدلاً من ذلك، فإن المحاكم تبني أحكامها في كثير من القضايا على لوائح الحزب الشيوعي.
إن أعلى محكمة في الصين هي المحكمة الشعبية العليا، وتنظر هذه المحكمة في قضايا تخص الأمن القومي والمخالفات التي يرتكبها كبار الموظفين، كما تقوم بالإشراف على باقي المحاكم في الأقاليم والمقاطعات الأخرى.
القوات المسلحة. يتولى قيادة القوات المسلحة الصينية هيئة عسكرية. تضم الجيش البري والبحرية الصينية والقوات الجوية. يبلغ عدد القوات الصينية حوالي ثلاثة ملايين مجند ومجندة، يساندهم حوالي مليون وربع المليون من قوات الاحتياط الرجال والنساء مسجلين في ميليشيات الجيش الشعبي.
السكان
عدد السكان. يعيش قرابة 20% من سكان الكرة الأرضية في الصين؛ إذ بلغ عدد السكان فيها عام 2000م 1,284,597,000 نسمة.
يعيش حوالي 8,25 مليون نسمة في مدينة شنغهاي التي تُعدّ بين المدن الكبرى في العالم من حيث الكثافة السكانية. ويبلغ عدد سكان العاصمة بكين حوالي 7,5 مليون نسمة. يوجد في الصين أكثر من ثلاثين مدينة يفوق عدد سكان الواحدة منها مليون نسمة.
تولي الحكومة مشكلة الانفجار السكاني عناية خاصة؛ إذ عمدت لوضع حد أدنى لسن الزواج قدرته بـ22 عامًا للرجال وعشرين عامًا للنساء، هذا بالإضافة للإغراءات الممنوحة لقصر الإنجاب على طفل أو طفلين على الأكثر.
الجنسيات. يعود حوالي 92% من سكان الصين لأصل هان، وهي المجموعة السكانية الكبرى في الصين. ويتكون بقية المجتمع الصيني من خمس وخمسين أقلية، منها القزق أو الكازاخستانيون والمغول والتيبتيون واليغوريون، ويعود معظم أفراد المجتمع الصيني لأصل آسيوي. ويمكن تحديد الفئات السكانية من خلال اللغة والثقافة. يعمل بعض السكان في رعي الأغنام والماعز التي يتنقلون بها من مكان إلى آخر طلبًا للماء والكلأ.
اللغات. يتحدث شعب الهان اللغة الصينية ذات اللهجات المتعددة. ولشدة اختلاف النُطق بين اللهجات، تحسب أن هذه اللهجات لغات مختلفة. يطلق بعض الناس من غير الصينيين على اللغة الصينية اسم ماندرين، إلا أن الصينيين يفضلون تسميتها بوتونغوا أي اللغة العامة.
يتحدث قرابة 70% من السكان اللغة الصينية الشمالية التي تُدرس في المدارس الصينية. ومن الغريب أن الصينيين يكتبون اللغة بطريقة واحدة على الرغم من اختلاف النُطق في اللهجات. تتحدث الأقليات الصينية لغات عدة منها الكورية والمغولية واليوغورية، وتستخدم كل أقلية لغتها الخاصة في مدارسها ومطبوعاتها. تتعلم بعض الأقليات اللغة الصينية على أنها لغة ثانية.
أنماط المعيشة
حياة الأسرة. للحياة الأسرية في الثقافة الصينية شأن عظيم؛ فقد عاش بعض الصينيين في أسر كبيرة ممتدة قبل عام 1949م، إذ بلغ عدد أفراد الأسرة الواحدة ما يربو على مائة فرد. وكان يحكم الأسر آنذاك أكبر أفرادها سنًا من الرجال. وقد يوجد في الأسرة الواحدة أفراد من خمسة أجيال. لقد كان معظم أفراد الأسر الممتدة من الإقطاعيين والتجار وكبار رجال الدولة. أما أسر الفقراء فلم تتعد الأحفاد والأجداد. أما أسر اليوم فتمتاز بأنها صغيرة ومحدودة.
كان العمل في الماضي خارج البيت مقصورًا على الرجال دون النساء. أما اليوم، فيعمل جميع البالغين رجالاً ونساءً خارج البيت، إذ يتولى الأجداد تدبير شؤون المنزل ورعاية الأطفال.
يشهد المجتمع الصيني تفككًا؛ وارتدادًا على القيم والعادات القديمة. أما الزواج، فما تزال الأسرة تؤدي دورًا مهمًا في إتمامه. تولي الأسرة الصينية الذكور عناية أكثر من الإناث، ولكن رجال اليوم بدأوا في المساهمة في عمليات التسوق ورعاية الأبناء وتنظيف البيوت، تأكيدًا منهم على مساواة المرأة لهم في الحقوق والواجبات، حسب المفهوم الغربي وقد أخذت فكرة المساواة بين الجنسين تلقى قبولاً لدى مجتمع المدينة أكثر من مجتمع الريف.
الحياة الريفية. عاش معظم الصينيين في قرى يتراوح عدد بيوتها بين 100 و200 بيت. وكانت بعض العائلات تمتلك الأرض والبيوت، وآخرون يعملون بالأجرة لدى الفلاحين الأغنياء. يدفع المستأجرون قرابة 30 ـ 60% من عائد مواسم الحصاد أُجورًا لأصحاب الأرض. وبلغ الفقر ببعض الأسر إلى حد الاستجداء. وبعد أن تولى الشيوعيون السلطة أعادوا النظر في توزيع الأرض على المواطنين، إذ أصبح بمقدور كثير من الأسر امتلاك بيت وقطعة أرض زراعية تستثمرها لزراعة الخضار وتربية الطيور والماشية.
تبيع الأسرة فائض إنتاجها في أسواق محلية، وهناك طريقة عمل بين الأسر والحكومة في مجال الزراعة، إذ توقع الأسرة عقدًا مع الدولة تحدَّد بموجبه حصة المزارع والدولة وطريقة إدارة المشروع. تمكنت بعض الأسر من تحقيق ثروة نسبية من خلال هذه المشاريع. لقد ارتفع دخل الفرد بعد وصول الشيوعيين إلى السلطة لكن معدل الدخل في الأرياف ما زال دون المتوسط.
تملك معظم الأسر بيتًا وبعض الأجهزة كالمذياع وآلة الخياطة والدراجة، كما تملك بعض الأسر جهاز تلفاز وبيوتًا أفضل من بيوت الطين واللَّبِن.
يعمل الريفيون ساعات طويلة بالزراعة والحصاد، ويبقى لديهم متسع من الوقت للترويح، وحضور الدراسات المسائية والندوات السياسية، ومشاهدة الأفلام في مراكز الترويح الخاصة.
حياة المدينة. يعيش أهل المدن في بيوت قديمة تشبه بيوت الريف. ويعيش قسم من السكان في شقق سكنية تجهز الحكومة قسمًا منها، وتجهز المصانع قسمًا آخر. تخصص الدولة أو المصنع بيتًا للأسرة يكون في بعض الأحيان أصغر من بيوت الريف. وبسبب الكثافة السكانية، تضطر أسرتان في بعض الأحيان لتقاسم شقة واحدة، وغالبًا ما تكون هذه المساكن مزودة بالتمديدات الصحية والتدفئة. يختار كل حي سكني لجنة تُعنى بشؤون المساكن من مختلف جوانبها. ويلاحظ أن مستوى المعيشة في المدن أفضل منه في الريف؛ إذ يتمكن سكان المدينة من توفير بعض الأموال التي تُصرف لشراء حاجات شخصية وأخرى للمنزل.
يتمتع سكان المدينة بفرص حياة أفضل؛ إذ بوسعهم حضور الندوات العامة وزيارة المتنزهات وزيارة المحال التجارية المتطورة التي تقيمها الدولة، ومحال الخدمات. وأما المحال التجارية الصغيرة فغالبًا ما تكون ملكًا للأفراد.
الطعام. يفضل صينيو الجنوب الأرز، بينما يفضل صينيو الشمال القمح. وتشكل هذه الحبوب العنصر الرئيسي في الغذاء لدى شعب الصين. كما تشكل الخضراوات وخاصة الملفوف وفول الصويا العنصر الغذائي الثاني في الصين، ويفضل كثيرون منهم لحم الخنزير ولحم الدجاج. كما تؤدي الأسماك والبيض والفواكه والأصداف البحرية دورًا كبيرًا في الغذاء الصيني.
تتكون الوجبة الصينية من الشوربة والأرز والخضار والفواكه، وتخلو المائدة الصينية من أية أدوات إلا ملعقة الحساء وعودين خشبيين. الشاي هو الشراب المفضل لدى الشعب كافة. ويتناول الصينيون مشروبات أخرى مثل الحليب والبوظة التي تحظى بشعبية عالية في الشارع الصيني.
يختلف الطعام الصيني من منطقة لأخرى، ويأكل الصينيون أطعمة نادرًا ما تؤكل في أماكن أخرى في العالم، مثل براعم زنابق النمر وحيوانات بحرية، تُعرف باسم خيار البحر ولحوم الأفاعي. ويعتبر حساء زعانف القرش من أفضل الوجبات.
اللباس. يصنع معظم الصينيين ملابسهم من القطن أو من خيوط مواد اصطناعية. كما تصنع بعض النساء التنورات أو الثياب. ويرتدي غالبية الرجال والنساء قمصانًا غربية وسراويل واسعة. يفضل البالغون اللون الغامق في لباسهم، بينما يفضل الأطفال والفتيات اللون الفاتح. يبتاع كبار رجال الدولة والفنيون ملابسهم من محلات راقية. وليس سهلاً أن تحكم على شخص ما من لباسه أنه موظف أو عامل، بيد أن اللباس كان يحدِّد قديمًا الطبقة التي ينتمي إليها الفرد خلافًا لما هو عليه اليوم.
الرعاية الصحية. تقوم الرعاية الصحية في الصين على اعتماد العلاج الغربي، والعلاج الصيني التقليدي الذي غالبًا ما يدور حول استخدام الأعشاب الطبية والوخز بالإبر. كما تنتشر المستشفيات الصحية في أنحاء كثيرة من الصين. وتقوم فرق طبية بزيارات للقرى بشكل دوري. ويوجد في بعض القرى عيادات يشرف عليها أطباء يُطلق عليهم اسم الطبيب الحافي كناية عن أنهم يشاطرون أهل القرى شظف العيش وبساطته. وغالبًا ما يكون هؤلاء نسوة يتلقين تدريبهن لمدة يعملن بعدها على علاج حالات مرضية بسيطة، أو يساعدن الحوامل على الولادة، ويشرفن على مياه الشرب، ويتابعن عمليات التخلص من النفايات والتطعيم ضد الأمراض وقتل الحشرات الضارة ويشجعن السكان على تحديد النسل.
أسهمت هذه البرامج في رفع المستوى الصحي لدى الشعب، وأصبح الوعي أفضل مما كان عليه قبل عام 1950م. وقد تمكن الصينيون من القضاء على أمراض الكوليرا والتيفوئيد وأمراض أخرى كانت سببًا في وفاة الملايين منهم كل عام.
الدين. لا تحبذ حكومة الصين تشجيع الأديان التي أدّت دورًا مهمًا في حياة الشعب منذ القدم. ومن أهم الديانات التي انتشرت في الصين على مر العصور: الكونفوشية والطاوية والبوذية.
تقوم الديانة الكونفوشية التي أنشأها الفيلسوف الصيني كونفوشيوس المولود عام 550ق.م على أساس احترام كبار السن والوالدين، وحكم الرجال للنساء وحكم المتعلم للعامة. وتركز هذه الديانة على النواحي الروحية بشكل عام.
الديانة الطاوية هي أيضًا ديانة صينية تدعو الإنسان للانسحاب من معترك الحياة العامة والاعتزال مع نفسه وفكره. بدأت هذه الديانة في القرن الرابع قبل الميلاد.
الديانة البوذية هي ديانة هندية الأصل، تم نقلها للصين في القرن الثاني الميلادي. وانتشرت في البلاد بشكل كبير. أثرت مبادئ الديانتين الكونفوشية والطاوية كثيرًا على مبادئ البوذية.
تنظر الحكومة الصينية للأديان على أنها شعوذة. وهي تشجع السكان على دراسة السياسة والعلوم ليتمكنوا من حل مشاكلهم.
ومن أهم أسباب معارضة الحكومة للديانة الكونفوشية أن الأخيرة تنفي مبدأ المساواة بين أفراد المجتمع الواحد. عمدت الحكومة الشيوعية إلى تحويل المساجد والمعابد الطاوية والبوذية إلى متاحف ومدارس وقاعات اجتماعات عامة. وبدأت الحكومة منذ السبعينيات من القرن العشرين باستخدام سياسة مرنة مع الأديان لاقتناعها بضرورة النمو العاطفي والوجداني لدى الشعوب. ولذلك قامت بفتح بعض المساجد والمعابد أمام الشعب لممارسة النشاطات الدينية فيها.
يشكل المسلمون ما نسبته 2,4% من مجموع السكان الكلي وغالبيتهم أقلية في الجزء الشمالي الغربي من البلاد. وتسمح الحكومة للمسلمين بممارسة العبادات لكنها لا تشجعهم عليها. لوحظ نشاط البعثات التنصيرية في الصين قبل وصول الشيوعيين إلى سُدَّة الحكم، وبعد تسلمهم السلطة أغلقوا الكنائس وطردوا المنصِّرين من البلاد. وعادت الدولة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين وسمحت للنصارى بممارسة طقوسهم الدينية؛ إذ اعتنق ما نسبته 0,2% من مجموع السكان الديانة النصرانية.
التعليم. حظى التعليم على مر العصور بعناية خاصة لدى الصينيين، فلقي المتعلمون تقديرًا كبيرًا في المجتمع الصيني. وكان التقدير العالي للعلم قبل تسلم الشيوعيين السلطة في البلاد عام 1949م يُعزى إلى سببين هما:
1- التعاليم الكونفوشية التي أكدت أن العلم يهذب النفوس، إذ لم يكن هناك فصل بين العلوم الروحية والطبيعية.
2- أن القدرة على القراءة والكتابة ومعرفة التعاليم الكونفوشية مهدت الطريق إلى حياة آمنة ومركز اجتماعي مرموق. فقد اقتضت شروط الوظيفة الحكومية أن يجتاز المتقدم لها اختبارًا يقوم أساسًا على معرفة تعاليم كونفوشيوس. يركز الشيوعيون على العلم باعتباره وسيلة لتحقيق أهدافهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فباشروا منذ توليهم السلطة تطبيق برامج تعليمية تعلم الشعب القراءة والكتابة. إن ما نسبته 70% من مجموع الشعب من سن الخامسة عشرة فما فوق يتقنون القراءة والكتابة.
نشطت الحكومة منذ منتصف القرن العشرين في نشر التعليم، فأقبل الأطفال على الدراسة، وسُجِّلت زيادة كبيرة في عدد التلاميذ. فقد ألزمت الحكومة أفراد المجتمع بإتمام الصفوف الدراسية الستة الأولى على الأقل. وتُطبق هذه السياسات التعليمية الإلزامية على أهل المدن أولاً، ومن ثم تُنقل إلى الريف. تركز الحكومة على التعليم الروحي بشكل كبير بالإضافة إلى العلوم الطبيعية. فتضم المناهج الدراسية الصينية الحقائق العلمية والقيم السياسية من منظور شيوعي.
إن المشكلة التي تطفو على سطح نظام التعليم الصيني تكمن في الصراع بين القيم الأساسية لقادة الحزب الشيوعي، ورغبتهم في تحديث النظام الاقتصادي في البلاد بشكل سريع.
فتحديث النظام يتطلب برامج تعليمية متطورة. ويحبذ أصحاب هذا الرأي نشر العلوم بين الفلاحين والعمال على حساب المجموعات الأكثر أهمية كالعلماء ورجال الدولة.
ركز الشيوعيون منذ عام 1949م على حق التعليم للجميع، وعلى تعليم نوعي جيد من أجل بناء مجتمع حديث؛ فاهتمت القيادة بالمتفوقين من الطلاب وأولتهم عناية خاصة، إذ تنقل المبدعين إلى مدارس خاصة متميزة تتوافر فيها الكفاءات والمرافق التعليمية المتطورة. وتوزع هذه المدارس على مراحل التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي. ويلتحق الطلاب الصينيون بالمدرسة الابتدائية عند سن السادسة، ويتعلمون اللغة الصينية والجغرافيا والرياضيات والفن والرياضة والتاريخ والعلوم الطبيعية والعلوم السياسية. يلتحق الطلاب بعد إتمامهم المرحلة الأساسية بالمرحلة الثانوية ثم المرحلة الجامعية، ويترك بعض الطلاب الدراسة بعد إتمامهم المرحلة الثانوية أو الجامعية.
التعليم العالي. يشترط لكل من يرغب في متابعة الدراسة الجامعية أن يجتاز فحص قبول عامًا. ويلتحق بالدراسة كل من يجتاز الفحص العام لمتابعة دراسة الاقتصاد أو اللغات أو الرياضيات أو العلوم الطبيعية أو العلوم الإنسانية. يلتحق عدد من الذين يجتازون اختبار القبول بكليات مهنية يدرسون فيها الزراعة أو علم الجراحة أو الطب أو التعدين أو تدريب المعلمين. ومن خلال هذه المعاهد، تتمكن الدولة من تحديد أعداد الفنيين في كل مجال ثم توزعهم حسب حاجة البلاد لهم. يوجد في الصين ما يقارب 1000 معهد فني، بما في ذلك الجامعات والكليات الفنية. ويتزايد عدد الطلاب في الصين بشكل مطرد لدرجة أن استيعاب الكليات يضيق عن عدد الراغبين بالدراسة سنويًا.
الفنون
إن أقدم الفنون الصينية المعروفة هي الأعمال الفخارية والأحجار الكريمة المنحوتة والأوعية البرونزية الجميلة التي استخدمت قديمًا في الاحتفالات الدينية، والتي تعود إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد تم العثور على كثير من هذه الآثار أثناء عمليات حفر المدافن القديمة.
ما زالت الحفريات مستمرة حاليًا بحثًا عن التحف الفنية التي تمثل العصور، ابتداءً من القرن الثالث قبل الميلاد حتى الوقت الحاضر بدعم السلطة الحاكمة لإيمانها بأن الشعب هو مبعث الفن ومصدره. فالمزارع والعامل والجندي وباقي الأقليات جميعها مصدر إلهام فني. يطالب الحكام الفن بالتعبير عن حاجات المجتمع وأهدافه. نشط الفن في معالجة الموضوعات اليومية لحياة العمال والفلاحين بين الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، كما عكس الأهداف الشعبية والأفكار المستوحاة من بلدان أخرى.
الأدب
. الأدب الصيني من أعرق الآداب العالمية وأجملها. ومن أفضل الأعمال الأدبية القديمة في الأدب الصيني مجموعة أشعار أطلق عليها أغنيات كلاسيكية، ويرجع تاريخ بعض هذه القصائد إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد
فن الرسم. منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، زخرف الفنانون الصينيون أعمالهم الفنية من الفخار والخزف بتصاميم متطورة. وأوجد الصينيون زخرفة الرسم على الحرير منذ عام 400ق.م. بعد هذا التاريخ، شاع الرسم على الورق. ومن أهم الموضوعات التي رسموها: الإنسان والآلهة والأرواح. أما الطبيعة فلم تحظ لدى الفنانين الصينيين بأهمية إلا بعد الميلاد.
ارتبط الفن لدى الصينيين بالخط والخزف، إذ بدأ الصينيون استخدام ريشة الخط عام 1122ق.م. واستخدموا الريشة نفسها للرسم والكتابة في آن واحد. واستخدم الفنانون الصينيون اللون الأسود الذي حضَّروه من سناج الصنوبر والصمغ، كما استخدموا الأصباغ النباتية والمعدنية لتلوين لوحاتهم.
فن النحت والخزف. كانت أول أعمال النحت الصيني تماثيل صغيرة وضعت في المقابر. واستخدم النحاتون أحجار اليشم والبرونز في أعمالهم الفنية. استخدم بعض الفنانين البرونز في صناعة الأواني التي ظنوا أن الموتى سيستخدمونها في احتفالاتهم بعد الموت. وكان معظم هذه الأواني مقولبًا على عدة أشكال من أهمها أشكال الحيوانات. لقد عثر عام 1974م على آلاف الأشكال الآدمية والخيول قرب مقبرة أول إمبراطور في مدفن زيان، ويعود تاريخ هذه التحف إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
نقلت الديانة البوذية إلى الصين من الهند وبعد انتشارها وظَّف الفنانون أعمالهم لخدمتها. فأقيمت المعابد داخل المدن الكبيرة أو قريبًا منها. وقام بعض النحاتين بعمل تماثيل لبوذا بصحبة أتباعه. وعمل آخرون تماثيل من الفخار وقوالب من البرونز، ثم طُلي بعض هذه التماثيل بالألوان، وطلي بعضها بالذهب. واستخدم الصينيون الخزف منذ عصور ما قبل التاريخ، وبرعوا في هذا المضمار الفني. ويُعَدُّ الخزف من روائع الفن الصيني والعالمي.
الفن المعماري. شُيدت معظم البيوت الصينية من الأخشاب على أساس من الصخر. من أبرز معالم الفن المعماري الصيني سقف مجنَّح الأطراف بشكل جذاب إلى أعلى، يحمل هذا السقف أعمدة خشبية. أما الجدران فلم تكن تشكل دعمًا لهذه السقوف بل كانت مجرد حواجز ساترة. كما بنى الصينيون أبراجًا متعددة الأدوار أطلقوا عليها اسم الباجودة.
الموسيقى. تختلف الموسيقى الصينية عن الموسيقى الغربية اختلافًا كبيرًا؛ لأنها تستخدم سُلَّمًا موسيقيًا مختلفًا، إذ يوجد في سلم الموسيقى الصينية خمس نغمات. أهم ما في الموسيقى الصينية هو اللحن. إذ تختلف آلات العزف الصينية عن آلات العزف الأخرى. ويوجد لدى الصينيين آلة تشبه العود تُدعى بيبا ونوعان من الناي هما أكسيو وداي، ويستخدم العازفون الصينيون اليوم آلات الموسيقى الغربية، ويعزفون معظم ألحان الملحنين الأوروبيين.
المسرح. بدأ تقديم المسرحيات الصينية رسميًا منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي. وكان مسرح بكين أكثر المسارح شهرة. وقُدِّم على المسرح حوار وأغان يرافقهما رقص وحركات رمزية. وقدمت عروض بأزياء شعبية زاهية الألوان. تقوم العروض المسرحية على أساس القصة والتاريخ والفولكلور الصيني.
السطح
تعتبر الصين ثالثة دول العالم من حيث المساحة بعد روسيا وكندا. تتنوع الأقاليم المناخية بسبب اتساع رقعتها من أقاليم شبه قطبية في الشمال إلى أقاليم استوائية في الجنوب، ومن مناطق سهلية خصبة في الشرق إلى صحارٍ قاحلة في الغرب. تُقسم الصين إلى ثماني مناطق جغرافية. وتزدحم معظم أراضيها بالسكان. تحمي غاباتها الجبلية ما تبقى من الحياة البرية في الجهة الشرقية من مرتفعات التيبت التي تضم دب الباندا والقردة الذهبية وحيوان الطاكني.
مرتفعات التيبت. تقع هذه المرتفعات في جنوب غربي الصين، وتحيط بها مجموعة جبال الهملايا من الجنوب وجبال البامير من الغرب وجبال كونلون من الشمال. وقمة إيفرست أعلى قمم العالم، ويبلغ ارتفاعها 8,848 م فوق سطح البحر جنوبي التيبت. تعاني التيبت من القحط والبرد القارس. ومعظم أراضي المنطقة صخور قاحلة ما عدا مساحة ضيقة تصلح للرعي في الأراضي المنخفضة.
مرتفعات زنجيانج ـ منغوليا. تحتل هذه المرتفعات المناطق الصحراوية من شمال غربي الصين، وهي غنية بالأملاح المعدنية، ويقل فيها عدد السكان لبعدها ووعورة أراضيها. وتوجد فيها قمم جبلية يزيد ارتفاعها على 6,100م فوق سطح البحر، وفيها أكثر الصحاري جفافًا. كما يوجد فيها أكثر البقع انخفاضًا عن مستوى سطح البحر في الصين.
مرتفعات الحدود المنغولية. تقع هذه المرتفعات بين صحراء جوبي والأراضي المنخفضة الشرقية. تُمارس فيها زراعات بسيطة لوجود رقعة زراعية غنية. وقد أحدثت مسيلات المياه في سفوحها انحدارات شديدة ووديانًا سحيقة بسبب نعومة تربتها.
المرتفعات الشرقية. تتألف هذه المرتفعات من شبه جزيرة شاندونج ومنشوريا الشرقية. ويوجد في شبه الجزيرة مرافئ جيدة ومخزون فحم كبير، وتوجد فيها أجود الغابات الصينية التي تزود البلاد بكميات كبيرة من الأخشاب، وهي تحاذي الحدود الروسية.
الأراضي الشرقية المنخفضة. تقع هذه الأراضي بين الحدود المنغولية والمرتفعات الشرقية، وتمتد جنوبًا إلى المرتفعات الجنوبية. ويتكون الإقليم من الشمال إلى الجنوب من السهل المنشوري وسهل الصين الشمالي. توجد في هذا الإقليم أفضل الأراضي الزراعية ومعظم المدن الكبيرة، كما توجد في السهل المنشوري الخصب كميات كبيرة من الفحم وخام الحديد. ومن أهم الحاصلات الزراعية لهذا الإقليم، القمح. سبق لهذه المنطقة أن تعرضت لعدة فيضانات مدمرة مما حدا بالناس إطلاق اسم أحزان الصين عليها. بسبب هذه الفيضانات قامت الدولة ببناء عدة سدود لتحول دون استمرار الفيضانات المدمرة في المنطقة.
المرتفعات الوسطى. هي منطقة جبلية تقع بين الأراضي الشرقية المنخفضة ومرتفعات التيبت. ترتفع قمم تلالها أكثر من 3,700م فوق سطح البحر قرب مدينة زيان. تزرع في هذا الإقليم حبوب القمح، وتمتاز مناطق أخرى من الإقليم نفسه بالرطوبة حيث يزرع الأرز الذي يشكل المحصول الرئيسي في البلاد.
حوض ستشوان. يقع هذا الحوض جنوبي المرتفعات الوسطى وهو منطقة جبال ووديان محاطة بقمم عالية. ويعتبر هذا الإقليم من أفضل المناطق الزراعية في الصين بسبب مناخه اللطيف وفصل النمو الطويل. وتعني كلمة ستشوان الأنهار الأربعة.
المرتفعات الجنوبية. تشمل المنطقة الجنوبية الشرقية من الصين، بما في ذلك جزيرة هاينان وسلسلة الجبال الجنوبية التي هي سلسلة خضراء. لا يوجد في هذا الإقليم منطقة سهلية سوى منطقة دلتا نهر زي جيانج (نهر الغرب)، الذي يشكل مع روافده خط المواصلات الجنوبي الرئيسي للصين. ويساعد المناخ الاستوائي والتربة العميقة على جعل الدلتا منطقة زراعية مناسبة. ولا توجد مناطق زراعية شاسعة لأن معظم أراضي الإقليم جبلية.
المناخ
تضم الصين عدة أقاليم مناخية بسبب اتساعها وتنوع تضاريسها. وتظهر أكثر الظروف المناخية تطرفًا في صحراء جوبي وصحراء تاكلمكان، إذ يمكن أن تجاوز درجة الحرارة فيها 38°م أيام الصيف. وتنخفض إلى -34°م ليلاً في فصل الشتاء. تهب على الصين في فصل الشتاء رياح جافة باردة تثير زوابع محملة بالغبار. تسقط معظم أمطار الصين صيفًا. وتسقط نسبة 80% من الأمطار بين شهري مايو وأكتوبر. أما الصيف فهو حار رطب في النصف الشرقي من الصين، إذ يبلغ معدل درجات الحرارة 27°م في معظم أجزاء الصين.
أما نسبة سقوط الأمطار فإنها تقل عمومًا عن 100سم سنويًا، بمعظم الأنحاء الشمالية، و114سم في شنغهاي. لا تشهد الصين تساقط ثلوج إلا في الشمال، وعلى فترات متقطعة وبشكل خفيف.
الاقتصاد
تُعَدُّ الصين اقتصاديًا من بين الدول الكبرى من حيث الإنتاج، فهي من أكبر عشر دول من حيث الناتج الوطني الإجمالي. أما إذا قيس الإنتاج بعدد السكان، فتعتبر الصين متخلفة، ويتفوق عليها أكثر من نصف دول العالم، من حيث متوسط الدخل الفردي، ولهذا السبب فهي تُعَدُّ من الدول النامية.
تفرض الحكومة الوطنية سيطرتها على معظم المصالح الاقتصادية؛ فهي تدير المصانع وشركات النقل والمصارف والتجارة الخارجية. يعتمد دخل الدولة على جباية الضرائب من الأرباح التي تحققها المصالح الحكومية. وتُستخدم هذه الضرائب عادة في تطوير الصناعات. حققت الصين تقدمًا ملموسًا في النمو الاقتصادي ووفر الشيوعيون فرص عمل كثيرة، مما ضمن للسكان حياة أفضل.
كما تتوافر في الصين مصادر الوقود والمعادن المختلفة مما يهيئ الفرصة للصين لتصبح في مصاف الدول المتقدمة، والأهم من ذلك شعبها النشيط المجدّ الذي يتمتع بخبرات فنية عالية. من أجل رفع مستوى اقتصادها، تضع الصين خطط تنمية خمسية، وتوزع المبالغ المستثمرة على القطاعات المختلفة بشكل مدروس.
الزراعة. تعتبر الزراعة العمود الفقري للاقتصاد الصيني؛ إذ يعمل 60% من العمال الصينيين في الزراعة، وتنتج الصين: الأرز والبطاطا الحلوة والشاي في المنطقة الجنوبية. والقمح هو المحصول الأساسي في منطقة الشمال. ويأتي محصول الذرة بالدرجة الثانية بعد القمح، كما تنتج الصين كميات تفوق بمعدلها إنتاج أي دولة أخرى من القطن والبطاطس والكمثرى والأرز والتبغ. وعلى سبيل المثال، يبلغ إنتاجها من البطاطا الحلوة 85% من الإنتاج العالمي. بالإضافة للمحاصيل السابقة، تُعتبر الصين رائدة في إنتاج التفاح والكرنب والجزر والذرة الشامية والبطيخ والمطاط وبنجر السكر وقصب السكر والشاي والطماطم وفول الصويا، ومنتجات أخرى عديدة.
لا يصلح للإنتاج الزراعي من الأراضي الصينية سوى 13% فقط. وبناء على ذلك، فإن مهمة المزارعين لتأمين الغذاء لكل السكان تعتبر مهمة صعبة، مما يضطر الدولة أحيانًا لاستيراد كميات قليلة من الغذاء من خارج البلاد لسد النقص. وتوجد في الصين مناطق تساعد على إنتاج محصولين أو أكثر في العام الواحد بسبب طول فصل النمو، كما في جنوبي الصين، ويساعد على ذلك توافر الري اللازم والأسمدة العضوية.
اعتمدت الدولة منذ مطلع الخمسينيات من القرن العشرين فكرة المزارع الجماعية التي ثبت عدم جدواها مما اضطرها إلى التحول لسياسة المزارع الفردية في الثمانينيات من القرن نفسه.
زاد إنتاج البيض منذ الخمسينيات من القرن العشرين بشكل كبير؛ إذ يربي الفلاحون الدجاج والبط في بيوتهم بالإضافة إلى الخنازير التي تُستخدم لحومها للأكل وروثها لتسميد الأرض. ويوجد في الصين قرابة 250 مليون خنزير، ويعادل هذا العدد ثلث خنازير العالم. كما يوجد في الصين أعداد كبيرة من قطعان الماشية والخيول والأبقار.
التصنيع. تعتبر شنغهاي أحد مراكز التصنيع العالمية. ويفوق إنتاجها أي إنتاج في الصين، وتأتي بكين بعدها في الأهمية الصناعية. تمكن الصينيون من تطوير صناعات ثقيلة يتركز معظمها في جنوبي الصين ووسطها.
نشط الشيوعيون بعد توليهم السلطة، في مجالات التنمية فبنوا المصانع لتحويل الصين إلى دولة صناعية. انصب التركيز على الصناعات الثقيلة وصناعة المعدات. وقد بلغت نسبة النمو الصناعي منذ عام 1949م ما معدله 12% سنويًا. تنتج الصين حاليًا الأسمنت والأسمدة والمواد الكيميائية ومعدات الري ووسائل النقل والمعدات العسكرية والبواخر والجرارات الزراعية وسيارات النقل الكبيرة. لم تتطور الصناعات الاستهلاكية بالمستوى الكبير نفسه الذي شهدته الصناعات الثقيلة.
يواجه التطور الصناعي في الصين بعض المشكلات التي من أهمها عدم تطور التكنولوجيا وعدم توافر مهندسين وفنيين مهرة.
وللتغلب على هذه العقبات بادرت الحكومة بإرسال طلاب للتدريب في الخارج، وتعاقدت مع شركات غربية لتطوير الصناعة وتحديثها.
التعدين. تُعَدُّ الصين من أهم البلدان المنتجة للفحم الحجري؛ إذ توجد مناجم الفحم الحجري في كل أرجاء الصين. وأفضل أنواع الفحم الحجري ذلك المستخرج من مناجم الشمال.
خلال أوائل الخمسينيات من القرن العشرين استُخدم الفحم الحجري لتوليد أكثر من 90% من الطاقة للبلاد. وبعد ذلك نجح الصينيون في اكتشاف النفط المتوافر لديهم بكميات كبيرة واستغلوه بشكل جيد. يُستخدم النفط لتوليد 25% من الطاقة للبلاد ويُستخدم الغاز لتوليد 3% من الطاقة. طوَّر الصينيون طرق التنقيب عن خام الحديد لسد احتياجاتهم التصنيعية المتزايدة. واليوم تُعدُّ الصين من الدول الرائدة في إنتاج الحديد، ويفوق إنتاج الصين من مادة التنجستن إنتاج أي دولة أخرى، كما تنتج الذهب والقصدير والرصاص والمنجنيز والملح واليورانيوم والزنك.
صناعة صيد الأسماك. تمتلك الصين أكبر مؤسسة لصناعة الصيد البحري؛ إذ يصطاد الصينيون قرابة 15 مليون طن من الأسماك والأصداف البحرية سنويًا.
تأتي نسبة 40% من هذا الصيد من المياه العذبة، وتأتي البقية من مياه البحار. يربي بعض مزارعي الأسماك أنواعًا تصلح غذاء للإنسان وأخرى لصناعات الأسمدة.
التجارة. تعتبر التجارة عملية حيوية لتطور الصين، فمعظم معدات التصنيع تم استيرادها من الاتحاد السوفييتي (السابق). ولما انهارت العلاقة التي ربطت بينهما في بداية الستينيات من القرن العشرين، عمد قادة الصين إلى سياسة الاعتماد على الذات. ولكن قادة اليوم تخلوا عن هذه الفكرة، وفتحوا باب الاستيراد من الدول كافة. وهم يحاولون الحصول على قروض أجنبية لتمويل مشاريع عمليات الاستيراد.
تُعدُّ المعدات من أهم الواردات الصينية. وتستورد الصين بالإضافة إلى المعدات القطن والحبوب والأسمدة. وأهم صادراتها: النسيج والشاي والفواكه ولحم الخنزير. بدأت الصين خلال السبعينيات من القرن العشرين بتصدير كميات من النفط استخدمت عوائده في تمويل مستورداتها. من أهم البلدان المتعاونة تجاريًا مع الصين: اليابان وهونج كونج والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.
النقل والمواصلات. يعتمد الصينيون في تنقلاتهم الداخلية القريبة على وسائل نقل بسيطة، ويعتمد الصينيون على أنفسهم في حمل بعض الأثقال على ظهورهم. هناك عربات يجرها أفراد أو حيوانات مثل الخيول والحمير. وتنتشر الدراجات بشكل كبير يضاف إلى بعضها عربات نقل صغيرة.
توجد شبكة سكك حديدية تربط معظم المناطق ببعضها. تنقل القطارات البضائع والمسافرين. هناك شبكة طرق تربط معظم البلاد، ومعظم هذه الشبكة طرق غير معبدة. معظم وسائل النقل المستخدمة حافلات وسيارات نقل بضائع كبيرة.
يبلغ معدل السيارات في الصين أقل من سيارة واحدة لكل 500 مواطن، وتسمح الحكومة بامتلاك سيارات خاصة، ولكن عددًا قليلاً من الناس يتمكن من اقتناء سيارة خاصة. تستخدم السفن في نقل البضائع في الأنهار الصالحة للملاحة. تربط شركة الطيران حوالي 80 مدينة داخل البلاد. توجد المطارات الرئيسية في بكين وشنغهاي. تربط خطوط جوية ملاحية بين الصين ودول آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.
الاتصالات. تخضع وسائل الإعلام لمراقبة حكومية صارمة. وتُكرس الصحف والتلفاز والمذياع لخدمة الفكر الشيوعي. بدأت الحكومة منذ نهاية السبعينيات من القرن العشرين، ببث برامج ثقافية وترويحية، وبث احتفالات ومسرحيات وأفلام حديثة من خلال الأجهزة المسموعة والمرئية.
وفي أواخر السبعينيات من القرن العشرين كذلك، بدأت تظهر ملصقات يبدي أصحابها تذمرهم من تسلط الحزب الشيوعي. وفي الثمانينيات منعت الحكومة وضع الملصقات التي تنتقد سياستها في أي مكان. تنتشر أجهزة المذياع والتلفاز بشكل ضيق، إذ يبلغ معدلها مذياعًا واحدًا لكل خمسة أشخاص، وتلفازًا لكل 32 شخصًا، وتبقى الملصقات هي وسيلة الاتصال الشخصي بين الأفراد.
نبذة تاريخية
يرجع أول تاريخ مكتوب للصين إلى عام 1766ق.م، فقد وجدت بعض المخطوطات المدونة داخل أوعية برونزية ومقتطفات منقوشة على أصداف سلاحف وعظام بعض الحيوانات. في عام 100ق.م. قام المؤرخ الصيني سيماكيان بكتابة تاريخ الصين.
يُبدي الصينيون اهتمامًا بالتاريخ، ولهذا فهم يحتفظون بسجلات للأحداث وأزمنتها بشكل مفصل.
بدايات الحضارة الصينية
عاش الناس فيما يطلق عليه الآن اسم شمالي الصين قبل بداية تدوين التاريخ، فإنسان بكين عاش ما بين 000,500 ـ 250,000 عام خلت. شهدت المنطقة تطورات العصر الحجري. واحتضنت الصين حضارتي يانجشاو ولونجشان.
بلغت حضارة يانجشاو أوجها حوالي عام 3000 ق.م. وامتدت هذه الحضارة من الوادي الأوسط هوانج هي إلى الإقليم المعروف حاليًا باسم جانسو، ثم حلت محلها حضارة لونجشان التي انتشرت في أرجاء البلاد كافة. عاش شعب هذه الحضارة داخل الأسوار، وزرعوا الأرز والدخن وربوا الأبقار والأغنام.
انبثق عن حضارة لونجشان حضارة السلالة الحاكمة شانج في القرن الثامن عشر قبل الميلاد. نشأ خلال هذه الحضارة مجتمع متطور تحكمه بالوراثة طبقة أرستقراطية. إن أهم ما قدمته هذه الحضارة، وما زال شاهدًا على عراقتها، يتمثل في الأواني البرونزية الضخمة وتماثيل الخيول والعربات، ووضعها لنظام كتابة خاص بها.
في عام 1122ق.م.، قام سكان غربي الصين بإنهاء حضارة شانج، وأقاموا بدلاً منها حضارتهم وهي حضارة سلالة تشو التي حكمت الصين حتى عام 256ق.م. وفي عام 500 ق.م، ظهر الفيلسوف كونفوشيوس الذي حول الناس من الدين إلى الفلسفة، كما كان عليه الحال في اليونان. إبان تلك الحقبة الزمنية خلال فترة حكم تشو تحارب الحكام من أجل بسط نفوذهم على الأراضي الصينية كافة.
عصر الإمبراطورية
الإمبراطورية الأولى. دامت إمبراطورية سلالة كين حتى عام 206ق.م، إلا أنها أحدثت تغيرًا أثر على العهد الإمبراطوري بكامله. قام أول إمبراطور بإلغاء الدويلات كافة، وأنشأ نظامًا مركزيًا قويًا. عمل هذا النظام على توحيد الأوزان والمقاييس ونظام الكتابة في كل أنحاء الصين. ولكي يحمي الصين من خطر الغزاة أمر ببناء سورها العظيم الذي بلغ طوله 6,400كم من الساحل إلى مقاطعة غانو في شمال وسط الصين. جمع أباطرة الصين الضرائب الباهظة من المواطنين لتنفيذ مشروعاتهم؛ مما جعل الناس في ظروف معيشية صعبة، ودعاهم إلى تفجير حرب أهلية.
في عام 8م استولى أحد المسؤولين الهان واسمه وانج مانج على الحكم وأنشأ سلالة زين. تمكنت أسرة هان من استعادة حكم الصين وانتعشت في عهدها العلوم والثقافة ووُضعت في عهد هذه الأسرة المعاجم وكتب التاريخ. في عام 105م، اخترع الصينيون ورق الكتابة، ودخلت البوذية إلى الصين من الهند في نهاية حكم سلالة هان.
انتشر بعد ذلك الصراع بين الأقاليم الإدارية القوية، وتجاهل حكام الأقاليم السلطة المركزية، مما تسبب في انهيار الإمبراطورية، وأدى إلى تقسيم الصين إلى ثلاث ممالك متناحرة.
أسرة تانغ. حلت أسرة تانغ مكان سلالة سوي عام 618م، واستمر حكم هذه الأسرة أكثر من 300 عام، وتميزت فترة حكمها بالانتعاش الاقتصادي والتقدم العلمي. وازدهرت العاصمة بشكل لفت الأنظار إليها، فقصدها السياسيون والتجار والشعراء من أقطار آسيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. بقيت البوذية مصدرًا مهمًا للتأثير في حياة الناس. لكن أتباعها ألبسوها قالبًا صينيًا، فشهدت المدارس البوذية تطورًا ملحوظًا. وفي القرن التاسع الميلادي، بدأت المنافسة للبوذية بإحياء الكونفوشية، وبدأ عهد تانغ في التراجع. وفي الفترة التي تلت هذا العصر، تنافست خمس سلالات حاكمة وعشر ممالك على حكم الإمبراطورية المحطمة، إلى أن تمكنت سلالة سونج من توحيد الصين عام 960م.
أسرة سونج. أجرت هذه السلالة تغييرين كبيرين أثَّرا على الإمبراطورية الصينية طوال فترة قيامها، أولهما قيام سونج بوضع اختبار للخدمات المدنية، بدأ العمل به مع بداية عهد تانج، وبذلك تم استكمال نقل القوة السياسية والاجتماعية من العائلات الأرستقراطية إلى موظفين يتم اختيارهم بناءً على قدراتهم. وثانيهما تطوير عهد الكونفوشية التي جمعت بين القيم الأخلاقية والكونفوشية ومبادئ الطاوية والبوذية. واعتُبر الفيلسوف زهوزي مسؤولاً عن هذه الكونفوشية الحديثة. واعتبرت سلالة سونج الكونفوشية الجديدة فلسفة الدولة واستمر جميع أفراد السلالات الصينية في دعمها.
تمكنت أسرة سونج من زراعة محصول الأرز مرتين في العام كي توفر الغذاء للسكان الذين تجاوز عددهم لأول مرة 100,000,000 نسمة. اخترع الصينيون خلال هذه الفترة مسحوق البارود والبوصلة المغنطيسية والطباعة المتحركة وازدهر الأدب والفلسفة والتاريخ وانتشرت القراءة والكتابة بين الناس.
الحكم المغولي. اجتاح المقاتلون المغول الصين من الشمال في القرن الثالث عشر الميلادي وأسس القائد المغولي قبلاي خان أسرة يووان التي حكمت الصين من عام 1279م حتى عام 1368م، وهي المرة الأولى التي خضعت فيها الصين بكاملها لحاكم أجنبي.
ومنذ ذلك، أصبحت الصين محط أنظار الدول الأوروبية، بسبب ما قدَّمه الرحالة والتجار والمسافرون عنها من تقارير.
أساء المغول معاملة السكان مما أثار حفيظة الشعب، فقاموا بثورة تمكنوا خلالها من طرد المغول وتأسيس أسرة حاكمة تُدعى مينج.
أسرة مينج. حكمت هذه الأسرة الصين خلال الفترة من 1368م إلى عام 1644م. وتميزت فترة حكمها بالاتزان والرفاهية، فازدهر الأدب والفن ثانية، وأعاد حكام هذه السلالة النظر في كل ما هو أجنبي كرد فعل على تصرفات المغول. بدأ الأوروبيون بالتوافد على الصين خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وكانت معاملة الصينيين لهم فوقية واعتبروهم مهربين وقراصنة. لقد تأثرت الإرساليات الرومانية الكاثوليكية التي أخذت تتوافد على الصين حوالي عام 1600م سلبيًا بهذه النظرة الصينية للأوروبيين.
بداية حكم المنشوريين. غزا المنشوريون الصين عام 1644م، وأنشأوا فيها سلالة كنج التي استمر حكمها للبلاد حتى عام 1912م. اعتبر الصينيون المنشوريين غرباء عنهم كالمغول، رغم أن المنشوريين تبنوا الثقافة الصينية قبل توليهم السلطة، وطبقوا مبادئ الكونفوشية. حققت الصين نوعًا من الاتزان والرخاء، وأثَّرت في ثقافة البلدان المجاورة. امتد النفوذ الصيني إلى منغوليا والتيبت وآسيا الوسطى. زاد النشاط التجاري والزراعي والصناعي اليدوي ازديادًا كبيرًا. وزاد عدد السكان فيها حتى وصل إلى 400 مليون نسمة عام 1850م.
وفي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، بدأت الحياة في الصين تشهد تراجعًا مع تزايد عدد السكان الذي لم ترافقه أي زيادة في الإنتاج الزراعي. وقامت على إثر هذا التراجع ثورة سرية أنهكت حكام هذه السلالة.
الصراع مع القوى الغربية. كان تأثير أوروبا لا يُذكر على الصين حتى القرن التاسع عشر الميلادي. وكانت السلطات الصينية تحظر التعامل مع الأوروبيين. ورغم أن صادراتها من الشاي والحرير كانت للغرب، إلا أنها لم تستورد من الغرب إلا الأشياء القليلة والضرورية.
قام التجار الأوروبيون بترويج الأفيون في الصين لعمل توازن تجاري؛ فأصدرت الصين قوانين تحظر على المواطنين الاتجار بهذه السلعة مما دفع الأوروبيين لتهريبها للصين. على إثر ذلك، نشبت بين الصين وبريطانيا حرب عُرفت باسم حرب الأفيون تمكنت فيها بريطانيا من هزيمة الصين وأجبرتها على توقيع اتفاقية معاهدة نانجينج المجحفة بحق الصين عام 1842م. استولت بموجبها بريطانيا على هونج كونج من الصين (عادت للسيادة الصينية في نهاية عام 1996م)، وفتحت خمسة موانئ صينية أمام التجارة البريطانية. تلا توقيع المعاهدة مع بريطانيا توقيع اتفاقيات مع فرنسا والولايات المتحدة عام 1844م. وضمت روسيا إليها جميع المناطق الواقعة شمالي نهر آمور شرقي نهر يوسوري.
ثورة التايبنغ.