منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
بسم الله الرحمن الرحيم .. أخي الزائر الكريم ..أهلآ وسهلآ بك في منتداك ( منتدى قالمة للعلوم سياسية ) إحدى المنتديات المتواضعة في عالم المنتديات والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة .. نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات وأطيبها .. نتشرف بتسجيلك فيه لتصبح أحد أعضاءه الأعزاء وننتظر إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .. كما نتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم .. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه , وجنبكم ما يبغضه ويأباه. مع فائق وأجل تقديري وإعتزازي وإحترامي سلفآ .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . المشرف العام
منتدى قالمة للعلوم السياسية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا عبر الفيسبوكمركز تحميل لكل الإمتدادات
منتدى قالمة للعلوم السياسية يرحب بكم
تنبيه:إن القائمين على المنتدى لا يتحملون أي مسؤولية عن ما ينشره الأعضاء،وعليه كل من يلاحظ مخالفات للقانون أو الآداب العامة أن يبلغ المشرف العام للمنتدى ، أو بتبليغ ضمن قسم اقتراحات وانشغالات
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المحاضرة الثالثة لمادة تاريخ الفكر السياسي
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء أكتوبر 09, 2024 8:21 am

» المحاضرة الثانية لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:37 pm

» المحاضرة الأولى لمادة تاريخ الفكر السياسي 2024/2025
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:29 pm

» برنامج محاضرات الفكر السياسي 1
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس أكتوبر 03, 2024 4:24 pm

» عام ينقضي واستمرارية في المنتدى
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:25 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي ماي 2024
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الإثنين مايو 27, 2024 10:19 am

» امتحان مادة علم الاجتماع السياسي ماي 2024م
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الأربعاء مايو 15, 2024 9:33 am

» امتحان تاريخ الفكر السياسي جانفي 2024م
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الثلاثاء يناير 16, 2024 8:08 pm

» الإقرار وفق القانون الجزائري
الحق في بيئة نظيفة Emptyمن طرف salim 1979 الخميس مايو 11, 2023 12:00 pm

أنت زائر للمنتدى رقم

.: 12465387 :.

يمنع النسخ
الحق في بيئة نظيفة Ql00p.com-2be8ccbbee

 

 الحق في بيئة نظيفة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salim 1979
التميز الذهبي
التميز الذهبي



تاريخ الميلاد : 27/05/1979
العمر : 45
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 5285
نقاط : 100012179
تاريخ التسجيل : 06/11/2012

الحق في بيئة نظيفة Empty
مُساهمةموضوع: الحق في بيئة نظيفة   الحق في بيئة نظيفة Emptyالأربعاء سبتمبر 18, 2013 5:19 pm


 
الحق في بيئة نظيفة
            بن محمود بوزيد – الجزائر
 
ملخص:
 
يعالج الخلفية النظرية لحق الإنسان في العيش في بيئة نظيفة، والمضمون المحتمل له، وتطور الاهتمام به، ومدى إقراره على المستويين الدولي والداخلي، وصور ذلك، في محاولة للإجابة عن السؤال التالي:
ما جدوى الاعتراف بحق الإنسان في بيئة نظيفة؟ وما هو موقف القانونين الدولي والوطني من هذا الحق؟
 
مقدمة:
 
        يواجه البشر منذ عقود عدة موقفا صعبا بسبب ما تعانيه البيئة من تدهور ومشاكل تتعاظم باستمرار، لذلك شغلت مسائل حماية البيئة وتحسينها حيزا كبيرا من المناقشات القانونية السائدة اليوم.
ومن ذلك المناقشات النظرية والقانونية المحيطة بمسألة الاعتراف بالحق في بيئة نظيفة.
وهذا البحث يعالج الخلفية النظرية لحق الإنسان في العيش في بيئة نظيفة، والمضمون المحتمل له، وتطور الاهتمام به، ومدى إقراره على المستويين الدولي والداخلي، وصور ذلك، في محاولة للإجابة عن السؤال التالي:
ما جدوى الاعتراف بحق الإنسان في بيئة نظيفة؟ وما هو موقف القانونين الدولي والوطني من هذا الحق؟
والإجابة على هذا السؤال تنبني على ثلاثة محاور (مباحث):
الأول حول مفهوم هذا الحق، والثاني لتتبع المناقشات النظرية حول الاعتراف بهذا الحق، وأخيرا تطور الاعتراف بهذا الحق على الصعيدين الدولي والداخلي.
 
المبحث الأول: مفهوم الحق في بيئة نظيفة:
 
المطلب الأول: تعريف الحق في بيئة نظيفة:
 
        تعريف الحق في بيئة نظيفة يقتضي تعريف محل هذا الحق أولا ثم التطرق إلى صياغته (البيئة النظيفة).
أولا: تعريف البيئة:
        البيئة لغة: كلمة عربية أصيلة وردت في معاجم اللغة العربية بعدة معان منها: المنزل الذي ينزله الإنسان ويختاره سكنا لنفسه، والحالة التي يكون عليها، وكذا وضعه العام في جميع شؤونه.
فقد جاء في تاج العروس للزبيدي ( وبوأه منزلا) نزل به إلى سند جبل ...  والبيئة بالكسر الحالة.
وجاء في لسان العرب لابن منظور: والبيئة والباءة والمباءة المنزل([url=#_ftn1][1][/url])
وقد استعمل الإغريق كلمة ( ايكو) لتعني البيت، وأول من صاغ كلمةEcologie)  ) العالم هنري ثورو عام 1885([url=#_ftn2][2][/url])
والبيئة في الاصطلاح لها عدة تعريفات منها:
-         المحيط المادي والحيوي والمعنوي الذي يعيش فيه الإنسان([url=#_ftn3][3][/url]).
-    الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من البشر([url=#_ftn4][4][/url]).
-    مجموعة العوامل الطبيعية والبيولوجية والعوامل الثقافية والاقتصادية التي تتجاور في توازن وتؤثر على الإنسان والكائنات بطريق مباشر وغير مباشر([url=#_ftn5][5][/url]).
وعرفها برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأنها: (مجموعة الموارد الطبيعية والاجتماعية المتاحة في وقت معين من أجل اشباع الحاجات الإنسانية)([url=#_ftn6][6][/url]).
وهو التعريف الذي أخذ به قبل ذلك مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية الذي انعقد في استوكهولم سنة 1972.
والتعاريف المذكورة تؤكد على شمول البيئة على العناصر المادية والمعنوية، بهدف اشباع حاجات الإنسان وتطلعاته.
ثانيا: صياغة الحق في البيئة:
        صيغة ( الحق في بيئة نظيفة) تعني الحق في نظافة الموارد الطبيعية والاجتماعية المتاحة للإنسان، أو الحق في التمتع بوسط نظيف وملائم لحياة الإنسان، وهي كصيغة مطلقة تحمل جانبا من الغموض والإبهام، وليست في ذلك أكثر غموضا من صيغة ( الحق في بيئة صحية أو لائقة ...).
فالصفات التالية ( صحية، نظيفة، لائقة، متوازنة، خالية من التلوث ...) تستعمل كل منها مضافة إلى صيغة (الحق في البيئة) بحسب اختلاف المشاكل البيئية، واختلاف القيم والمعتقدات بين مختلف الأمم، وإضافة أي من هذه الصفات إلى الحق في البيئة لا تزيده وضوحا لخضوعها لتفسيرات متباينة، وصعوبة الإلمام بجوانب المصطلح، ويفضل العديد من الدارسين والخبراء والقانونيين صيغة ( الحق في بيئة صحية) على غيرها من الصيغ، والعيب الرئيسي في الصيغة المذكورة أنها صدرت من الشماليين الذين يركزون على مجموعة معينة من المشاكل القريبة إليهم.
غير أن مفهوم أي صفة من هذه الصفات غير ثابت ويتطور تبعا لتطور محل الحق وظهور مشاكل بيئية جديدة، وتطلعات إنسانية جديدة، فمثلا بظهور مفهوم التنمية المستدامة اتسع مفهوم الحق في بيئة نظيفة ليشمل مستفيدين جدد متمثلين في أجيال المستقبل.
 
 
 
المطلب الثاني: تصنيف الحق في البيئة:
 
أولا: موقع الحق في البيئة بين الأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان:
        يرى بعض الفقهاء أن هناك ثلاث فئات أو أجيال لحقوق الإنسان:
الجيل الأول: يتمثل في الحقوق المدنية والسياسية والمعترف بها دوليا من خلال العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في: 16 ديسمبر 1966 الداخل حيز النفاذ بتاريخ: 23 مارس 1976 والمتضمن مجموعة من الحقوق تم تجسيدها في أغلب الدساتير الوطنية.
الجيل الثاني: يتمثل في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمعترف بها دوليا من خلال العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المؤرخ في: 16 ديسمبر 1966 الداخل حيز النفاذ بتاريخ: 03 يناير 1976، والمتضمن مجموعة من الحقوق ليست متاحة على نطاق واسع في الدساتير الوطنية مثل الحقوق الأولى.
الجيل الثالث: يتمثل في حقوق ظهرت متأخرة نسبيا عن حقوق الجيلين السابقين، ومازالت مثار جدل ومناقشات، ولا توجد أي معاهدة عالمية لحقوق الإنسان تعترف بحقوق الجيل الثالث بنفس طريقة الاعتراف بحقوق الجيلين السابقين.
ويخشى بعض الخبراء بأن الاعتراف بحقوق الجيل الثالث سوف يقوض سلامة نظام حقوق الإنسان، ويحول الموارد اللازمة لإعمال حقوق الجيلين الأول والثاني إلى جهة أخرى، مما يعني العشوائية والفوضى في التعامل مع حقوق الإنسان الاساسية.
غير أن دعاة حقوق الجيل الثالث والذين يصنفون الحق في البيئة ضمن هذا الجيل يقولون أن حقوق الإنسان تتطور بمرور الوقت، وستدلون على ذلك من إلغاء الرق، وتطور حقوق السكان الأصليين... فإذا كانت الحقوق الجديدة متصلة بالاهتمامات البشرية الأساسية، ولا تمس بوجود وفعالية الحقوق القائمة، فإنه لا يوجد أي سبب لمقاومة الحقوق الجديدة.
مع التأكيد أن حقوق الإنسان كما أكدت عليه الأمم المتحدة في إعلان فيينا لحقوق الإنسان سنة 1993 غير قابلة للتجزئة، ومترابطة ترابطا غير قابل للتصنيف الهرمي.
ثانيا- موقع الحق في البيئة بين الحقوق الايجابية والسلبية:
        يعتبر الكثيرون أن الحقوق المدنية والسياسية هي حقوق سلبية تحظر تدخل الدولة فيها، وهي عموما قابلة للتقاضي، بينما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعتبر حقوقا ايجابية تضع على الدولة واجب القيام بعمل ( انفاق الموارد)  بغية كفالة الوفاء بهذه الحقوق.
غير أنه من المسلم به اليوم وعلى نطاق واسع أن الحقوق السلبية أصبحت تتطلب استثمارات واسعة ومكلفة من طرف الدولة من أجل حمايتها، كما يتبين ذلك من تكاليف الشرطة والسجون والنظام القضائي.
والحق في بيئة نظيفة يشمل الجوانب السلبية والايجابية على حد سواء، فهناك حق سلبي في التحرر من التعرض للمواد السامة المنتجة، وحق ايجابي لتنظيف الهواء، المياه..
ثالثا: الحق في البيئة والتنفيذ الفوري أو التدريجي:
        الحقوق السياسية والمدنية تعتمد على مبدأ التنفيذ الفوري([url=#_ftn7][7][/url])، وفي المقابل تخضع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإعمال التدريجي([url=#_ftn8][8][/url])، وهذا يعني أن التزام الدول ليس بالضرورة لتلبيتها على الفور ولكن للسعي نحو الوفاء بها بمرور الزمن بعد الحصول على الموارد والخبرات اللازمة.
رغم ذلك ذكرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مرارا وتكرارا أن العديد من أحكام العهد الدولي لهذه الحقوق قابلة للتنفيذ الفوري([url=#_ftn9][9][/url]).
وهو ما ينطبق على الحق في بيئة نظيفة، فبعض جوانبه قابلة للتطبيق الفوري خصوصا الجوانب الإجرائية، وبعضها الآخر يتطلب الإعمال التدريجي.
رابعا:الحق في البيئة بين الحقوق الفردية والحقوق الجماعية
        تصنف حقوق البيئة والسلام والتنمية ضمن قائمة الحقوق الجماعية أو حقوق التضامن، وقد خلق هذا التصنيف صعوبات مفاهيمية باعتبار النظرة السائدة تعتبر الأفراد محورا لحقوق الإنسان وليس الجماعات، فالحقوق الجماعية لا تعمل من خلال تمكين الفرد وإنما على مستوى المجتمع لضمان منافع عامة لا يمكن التمتع بها إلا بالاشتراك مع أفراد لهم وضعيات مماثلة([url=#_ftn10][10][/url]).
وهذه النظرة إلى الحق في البيئة عبر عنها الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب، غير أن بعض الدساتير خالفتها بتكريسها للحق في البيئة النظيفة كحق دستوري، وهو ما سيتم التطرق إليه لاحقا.
 
المبحث الثاني: المناقشات النظرية حول الحق في البيئة:
 
المطلب الأول: المناقشات حول اعتراف القانون الدولي بالحق في بيئة نظيفة:([url=#_ftn11][11][/url])
 
        تعتبر مسألة إقرار حق للإنسان في بيئة نظيفة أحد أكثر القضايا مناقشة في القانون الدولي على مدار العشرين سنة الماضية، غير أن هناك من العلماء والخبراء من أيد إقرار هذا الحق على المستوى الدولي، وهناك من اتخذ الاتجاه المعاكس برفضه لهذا الحق مستندا إلى عدة حجج أهمها:
 أولا:عدم جدية المطالبة:
يؤكد أصحاب هذا الاتجاه أن المطالبات غير الجدية لإقرار حقوق جديدة للإنسان، تؤدي لا محالة إلى التقليل من قيمة حقوق الإنسان القائمة، والطعن في مصداقيتها، وتقويض شرعيتها.
وهو تبرير يبدو صحيحا على حد كبير إذا تعلق الأمر بالدعوة إلى الاعتراف بمطالب تافهة كحقوق للإنسان (مثل: الحق في الانتحار، السلام الدائم، السياحة ...).
غير أنه وإن كانت مثل هذه المطالبات تافهة وغير مجدية، فإنه ليس كل المطالبات بحقوق جديدة تافهة وعبثية.
فهناك مطالبات جادة للاعتراف بحقوق ضرورية للتقليل من مخاوف ومخاطر تؤثر على حياة البشر، وتمس بكرامهتم، أو تهدد وجودهم.
والتحدي المطروح على المستوى الدولي هو كيف تتم الموازنة بين حماية حقوق الإنسان القائمة، والتسليم بوجود تهديدات فعلية للوجود الإنساني تقتضي الاعتراف بحقوق جديدة؟
وينبثق عن هذا السؤال، سؤال آخر أكثر أهمية هو متى يمكن اعتبار مطالبة ما قوية بما يكفي لتستحق الاعتراف الدولي بها بوصفها حقا للإنسان بموجب القانون الدولي؟
والإجابة عن هذا السؤال يمكن استشفافها من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم: 120-41 في دورتها الحادية والاربعين في جلسة يوم: 04- 12- 1986 حيث دعت الدول الأعضاء وهيئات الأمم المتحدة المختلفة إلى أن تأخذ في عين الاعتبار  المبادئ التوجيهية التالية لدى وضعها صكوكا دولية في ميدان حقوق الإنسان:
-         أن تكون متسقة مع مجموعة القوانين الدولية القائمة لحقوق الإنسان.
-         أن تكون ذات طبيعة أساسية، وتنبع من الكرامة الأصلية للإنسان وقدره.
-         أن تكون دقيقة بالقدر الكافي لوضع حقوق والتزامات قابلة للتحديد والتطبيق.
-         أن توفر حسب الاقتضاء آلية للتنفيذ الواقعي الفعال، بما في ذلك نظم الإبلاغ.
-         أن تجتذب التأييد الدولي الواسع.
خلاصة ذلك أن أي مطالبة أخلاقية لكي تكون حقا من حقوق الإنسان على المستوى الدولي يجب ان تكون:
ذات طبيعة أساسية وعالمية ( التأييد الواسع)، وقابلة لصياغة دقيقة.
1- الطبيعة الأساسية:
تعتبر المطالبة الأخلاقية أساسية إذا كانت اصلية وضرورية للوجود الإنساني، يستحقها أي إنسان لمجرد كونه إنسانا، وفي جميع الأوقات، ولا يجوز حرمان أحد منها.
والبيئة النظيفة كمطالبة ترتبط  ارتباطا وثيقا بالوجود الإنساني، وبدونها يصعب على الإنسان العيش على كوكب الأرض، بل قد يستحيل عليه ذلك.
2- الاعتراف الواسع النطاق:
المتصفح لدساتير مختلف دول العالم يلاحظ اهتمامها الواضح بمسألة حماية البيئة، واتساعا في نطاق الاعتراف بالحق في البيئة خصوصا منذ صدور إعلان ستوكهولم للبيئة.
أخيرا يمكن القول بأن المطالبة بالاعتراف الدولي بالحق في بيئة نظيفة مطالبة جادة تتفق والمعايير المطلوبة لإقرار حق جديد على المستوى الدولي.
ثانيا: التكرار:
        تنبني هذا الحجة على ان الاعتراف بالحق في بيئة نظيفة يعتبر مجرد تكرار لا فائدة من ورائه، باعتبار أن هناك بالفعل معاهدات واتفاقيات دولية كافية لضمان حماية البيئة.
غير أنه وإن كان لا يمكن إنكار وجود مثل هذه المعاهدات والاتفاقيات، إلا أن المشكلة الكبرى فيها هو ضعف آليات الامتثال والتنفيذ، وحتى وإن كانت هذه المشكلة لا تخص هذا النوع من الاتفاقيات فقط بل القانون الدولي عموما، إلا أن إدراج موضوع البيئة في نظام حقوق الإنسان يوفر المزيد من القنوات الفعالة والضرورية لضمان امتثال مختلف الأطراف المعنية، ذلك أن هذا النظام يمتاز بكونه:
- يوفر إجراءات للشكوى من جهة لصالح الدول ضد الدول الأطراف في المعاهدة بسبب عدم امتثال الأخيرة للالتزامات التي تلقيها المعاهدة على عاتقها.
ومن جهة ثانية لصالح الأفراد عن طريق الشكاوى الفردية، وهو ما لا يوجد في معظم الاتفاقيات البيئية.
أيضا من مساوئ المعاهدات والاتفاقيات البيئية سهولة تعديلها، كما أن أغلب آليات الامتثال التي تنص عليها تكون ذات طابع سياسي معظم أعضائها من ممثلي الدول الأطراف، بخلاف آليات الامتثال في نظام حقوق الإنسان التي تتكون غالبا من الخبراء والمختصين المستقلين، وهو ما يسمح باستمتاع هذا النظام بحماية قانونية بعيدة عن تقلبات السياسة والسياسيين.
وفي الأخير تتبين بسهولة هشاشة الحجج التي استند إليها أصحاب الاتجاه الرافض للاعتراف الدولي بالحق في بيئة نظيفة، بعد أن اجتاز هذا الحق اختبار الجدية واتضحت أهمية ضمه إلى الى نظام حقوق الإنسان.
 
 
 
 
 
 
 
المطلب الثاني: المناقشات حول الاعتراف الدستوري بالحق في بيئة نظيفة:
 
        تعتبر الضمانة الدستورية أعلى الضمانات القانونية في الدولة، لذلك ومنذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دأبت معظم دول العالم على النص في دساتيرها على حقوق الإنسان الأساسية ومصالحه الهامة والضرورية.
ونظرا لما تمثله مشاكل البيئة من مخاطر على صحة الإنسان وحياته، فقد نحت العديد من الدول في الثلث الأخير من القرن الماضي إلى الاعتراف بضرورة حماية البيئة في دساتيرها.
غير أن هذا التوجه مازال إلى اليوم مثار مناقشات وجدال حول مساوئ ومزايا منح الحماية الدستورية للحق في البيئة النظيفة.
 
أولا: مساوئ الاعتراف الدستوري بالحق في البيئة:([url=#_ftn12][12][/url])
1- غموض المفهوم:
        يؤكد المعارضون لترسيخ الحق في البيئة في الدساتير الوطنية على أن الحق في البيئة مفهوم غامض يصعب التحكم فيه، خصوصا مع اختلاف الأوصاف التي يمكن ربط محله بها ( بيئة صحية، نظيفة، آمنة، متوازنة، خالية من التلوث ...).
ويمتد هذا الغموض إلى المستفيدين من هذا الحق، لضمه الأجيال المقبلة كمستفيدين محتملين، إضافة إلى غموض الواجبات المرتبطة بإقراره والتي لا تقع على عاتق الدولة فقط بل على الجهات العامة والخاصة داخلها، مما يجعل تنفيذ هذا الحق صعبا للغاية.
وردا على هذا الزعم يؤكد المختصون أن الأحكام الدستورية بطبيعتها موجزة وقد تكون غامضة أحيانا، أو تحتمل أكثر من تفسير، ولا يختلف في ذلك الحق في البيئة عن العديد من حقوق الإنسان وحرياته ( حرية التعبير مثلا).
كما أن عامل الزمن وما يصاحبه من سياقات قانونية وسياسية واجتماعية وثقافية لأمة معينة من شأنه المساهمة في تحديد معنى هذا الحق، إذ التطور وعدم الثبات ميزة هامة من ميزات حقوق الإنسان عامة، فهي كمفاهيم تنمو وتتوسع باستمرار، بل هناك من يؤكد على أن الغموض الموضوعي لا يمكن عده من المساوئ بل من الميزات التي توفر المرونة المطلوبة لسد الثغرات المحتملة في التشريعات، إضافة إلى إمكانية التفاعل مع القضايا الجديدة والناشئة.
2- التفسير المطلق:
        يحذر النقاد من أن الحق في بيئة نظيفة سيجعل نظافة البيئة أهم من المصالح المجتمعية الأخرى، فمثلا التفسير المطلق لهذا الحق يمكن النشاط البيئيين من وقف جميع أشكال التنمية الاقتصادية بحجة معارضتها لنظافة البيئة.
غير أنه هذه الحجة تبدو واهية باعتبار أن التفسير المطلق لحقوق الإنسان غير معقول، فحرية التعبير مثلا بإطلاقها تعني الحق في قول أي شيء على في أي وقت أو مكان، لكنها تخضع كغيرها من الحقوق لقيود ( كحظر المواد الإباحية) بغية إقرار نوع من التناسب بين مختلف الحقوق، والتعايش بين البشر في إطار من العدالة.
3- الزيادة عن الحاجة:
        تنبني هذه الحجة على أن الحق في بيئة نظيفة حق زائد لا فائدة ترجى من وراء الاعتراف الدستوري به باعتبار:
-         أن حقوق الإنسان الأخرى يمكن تفسيرها من وجهة نظر بيئية خاصة الحق في الحياة والحق في الصحة.
-    أن سبل الانتصاف التي تكفلها القوانين البيئية الوطنية السارية للمتضررين بيئيا كافية للتخلي عن دسترة الحق في بيئة نظيفة.
والمتأمل لهذه الحجة يتبين أنها تمنح القضاء سلطة واسعة في تفسير حقوق الإنسان ايكولوجيا، وهو ما يمثل مساسا خطيرا بمبدأ الفصل بين السلطات، وتحويلا لعملية صنع القرارات البيئية من الهئيات التشريعية المختصة إلى المحاكم، كما أن القوانين البيئية التي انتشرت في العقود الماضية أثبتت فشلها في حل العديد من المشاكل التي وجدت لمعالجتها.
4- التقليل من قيمة حقوق الإنسان الأساسية:
        حجة أخرى للاتجاه الرافض للحق في بيئة نظيفة تتمثل في أن الاعتراف الدستوري بهذا الحق من شأنه التقليل من قيمة حقوق الإنسان الأساسية.
بالمقابل يرى دعاة الحق في بيئة نظيفة ان الاعتراف الدستوري به يمثل إثراء وتعزيزا لحقوق الإنسان الأساسية ما دام يلبي كافة المعايير المطلوبة لكونه حقا من حقوق الإنسان.
5- عدم الفعالية:
         ينصب هذا الوجه من النقد على عدم فعالية الاعتراف الدستوري بالحق في بيئة نظيفة، إذ لطالما لاحظ الجميع الفجوة السحيقة بين القوانين على الورق والقوانين على مستوى التنفيذ، إذ لا قيمة لأي حق معترف به ومضمون دستوريا إلا بقدر ما يستطيع المواطن التمتع به.
والإقرار الدستوري بالحق في بيئة نظيفة لن يحول نظافة البيئة من حق نظري إلى واقع، ما دام هناك تجنب للتعامل المباشر مع الأسباب الجذرية للأزمة البيئية.
وبالتالي فإن الحماية الدستورية لهذا الحق لا تمثل سوى وعدا دستوريا غير فعال وفارغ المضمون، يضر بسمعة الدستور وينتقص من مصداقية النظام القانوني بأسره.
ودرءا  لهذه الشبهة يمكن القول أن الحق في بيئة نظيفة كغيره من حقوق الإنسان لا يمكن إعماله بصفة كاملة، بل بصفة نسبية ويحتاج إلى التدرج في ذلك، غير أن ضمانه دستوريا يعني استفادة البشر على إطلاقهم منه دون تمييز على حساب الجنس أو اللغة أو مستوى المعيشة...
كما أن هذا الحق ليس حلا سحريا لمشاكل البيئة، بل هو جانب من المساهمات الفعالة لمعالجة الأخطاء في التعامل مع البيئة.
أخيرا يمكن القول أن الحجج التي ساقها أصحاب الاتجاه الرافض للاعتراف الدستوري بالحق في بيئة نظيفة، غير كافية لاستخدمها لهذا الغرض.
فالحقوق الجديدة وإن لم تمثل واقعا ملموسا على الأقل في المدى القصير نظرا لمواجهتها لتحديات التنفيذ وتحول المفاهيم وتبدل المعطيات والظروف إلا إنها تمثل طموحا بشريا مطلوبا تسعى مختلف الأطراف والجهات من أجل الوصول إليه.
 
ثانيا: مزايا الاعتراف الدستوري بالحق في البيئة:([url=#_ftn13][13][/url])
        إذا كان الحد من مستوى الأضرار التي تصيب البشر وبيئتهم هدفا هاما للتكريس الدستوري للحق في بيئة نظيفة، فإن أولئك الذين يدعمون هذا الاتجاه يؤكدون أن هذه الخطوة من شأنها تحقيق نتائج قانونية هامة:
1- المساهمة في تمتع الإنسان بحقوقه الأخرى:
         من المؤكد أن المخاطر البيئية الناجمة عن المساس بنظافة البيئة وسلامتها لها تأثير ضار على حقوق الإنسان الأساسية، وبالتالي فإن التكريس الدستوري للحق في بيئة نظيفة سيساهم بلا شك في تعزيز تمتع الإنسان بحقوقه ودعم وتحسين رفاهه، والحفاظ على التراث البشري المشترك.
2- تعزيز القوانين البيئية القائمة:
        الضمانة الدستورية تعتبر من أهم الضمانات على مستوى المنظومة القانونية في الدولة، وهذه الضمانة تأخذ طريقها إلى التنفيذ عن طريق القوانين التي تضعها السلطة التشريعية التي يجب أن تكون متسقة مع الحدود التي رسمها الدستور.
لذلك على المشرعين والحكومات وصناع القرار النظر دائما في الآثار المترتبة على أفعالهم تجاه الحقوق المحمية دستوريا.
وعليه يمكن القول أن الاعتراف الدستوري بالحق في بيئة نظيفة يؤدي إلى تعزيز القوانين البيئية القائمة، وإلى وضع الاهتمام بنظافة البيئة على جدول الأعمال المهمة في جميع الإدارات الحكومية.
3- الحفاظ على حد أدنى من نظافة البيئة:
        يؤدي الاعتراف بالحق في بيئة نظيفة إلى الحفاظ على حد أدنى من نظافة البيئة لا يمكن النزول عنه في المستقبل، نظرا لأن تعديل الدساتير أكثر صعوبة من تعديل القانون، ويمر بآلية معقدة، ويتطلب غالبا موافقة أكثر من جهة دستورية، وهو ما يعني تحفيز التشريعات والسياسات البيئية المرتبطة بالحفاظ على نظافة البيئة بدلا من إضعافها في المستقل.
4- إعطاء دور أكبر للقضاء في حماية نظافة البيئة:
        فالحق الدستوري في بيئة نظيفة يعني استخدام المواطن لهذا الحق بصورة ايجابية بالتماس سبل الانتصاف القضائية كلما انتهك حقه من جهة، وأيضا بطريقة وقائية من خلال السعي إلى تجنب الأضرار البيئية المتوقعة.
 5- تعزيز المساءلة وتكريس الشفافية:
يؤدي التكريس الدستوري لحق الإنسان في البيئة النظيفة إلى سهولة مساءلة الحكومة عن فشلها في الحفاظ على بيئة نظيفة، وصالحة لحياة الإنسان.
وتؤدي الجوانب الإجرائية لهذا الحق ( كإتاحة المعلومات البيئية للجمهور، وتمكينه من فرصة المشاركة في اتخاذ القرارات التي لها عواقب بيئية كبيرة) إلى تكريس الشفافية في التسيير، وتعزيز الديمقراطية.
6- تحقيق العدالة البيئية:
         تتحقق العدالة البيئية من خلال حماية الأقليات من الإجراءات التي تتخذها الأغلبية، وتحقيق المساواة، وتوفير الحماية للفئات الضعيفة، والجماعات المتضررة، وتقديم سبل انتصاف قوية لكل من ينتهك حقه دون تمييز.
توجيه الرأي العام لصالح البيئة:
تمتلك حقوق الإنسان المضمونة دستوريا قيمة تعليمية وتثقيفية نظرا لميل المجتمع بمختلف أطيافه إلى أن يكون أكثر دراية بالمبادئ الدستورية من درايته بالتفاصيل المملة للقوانين والتنظيمات.
وهو الدور الذي يمكن أن تؤديه عملية التكريس الدستوري للحق في بيئة نظيفة من خلال توجيه الرأي العام للاهتمام بنظافة البيئة وسلامتها.
خلاصة القول أن مزايا الحماية الدستورية للحق في بيئة نظيفة كبيرة وقوية وحاسمة بما يكفي للعمل بها.
 
 
 
 
 
المبحث الثالث: الاعتراف الدولي والوطني بالحق في بيئة نظيفة:
 
المطلب الأول: الاعتراف الوطني بالحق في بيئة نظيفة:
 
         بدأ الاتجاه نحو الاعتراف الداخلي بالحق في التمتع في بيئة نظيفة وصحية مع اعتماد إعلان مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية في عام 1972، وتعتبر البرتغال أول دولة أقرت الحق الدستوري في تمتع الإنسان ببيئة صحية ومتوازنة ايكولوجيا، ورغم النقاشات العميقة التي ذكرناها سابقا حول الاعتراف الدستوري بالحق في بيئة نظيفة فقد اعتمدت إلى حد الآن أكثر من 90 دولة الحق في بيئة نظيفة أوحقوقا متشابهة في دساتيرها الوطنية (بيئة صحية، آمنة، متوازنة، خالية من التلوث...).
 وهو ما يعكس ادراكا متزايدا لأهمية القيم البيئية، وقبولا متزايدا أيضا للحق في التمتع ببيئة صحية ونظيفة.
 وتختلف الدول في تصنيف الحق في البيئة داخل دساتيرها إلى عدة صور:
-    الصورة الأولى: ادراج الحق في البيئة مع باقي حقوق الإنسان الأساسية، وبالتالي التأكيد على استفادة هذا الحق من معاملة مماثلة لمعاملة باقي الحقوق.
-    الصورة الثانية: تجميع الحق في البيئة مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما يعني كونه ذا قيمة ثانوية بالمقارنة مع الحقوق السياسية والمدنية، إضافة إلى تمييزه بالتنفيذ التدريجي.
-    الصورة الثالثة: ادراج الحق في البيئة ضمن الأحكام العامة أو المبادئ التوجيهية لسياسة الدولة ما يعني تقليلا من قيمته القانونية.
-         الصورة الثالثة: ادراج الحق في البيئة ضمن فقرات الديباجة، وهو ما يجعله ذا قيمة عملية محدودة.
-    الصورة الرابعة: تتمثل في إعطاء الحق في البيئة موقعا غير عادي في الدستور، كما هو جار في فرنسا من خلال ميثاق البيئة.
إضافة إلى الصور السابقة المتعلقة بالحق الموضوعي في بيئة نظيفة هناك بعض الدساتير التي تعترف بالحقوق الاجرائية التي تتعلق تحديدا بحماية البيئة، كتوفير فرصة مناسبة لكل فرد على الصعيد الوطني للوصول إلى ما في حوزة السلطات العامة من معلومات متعلقة بالبيئة، وإتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في عمليات صنع القرارات البيئية، وكفالة فرص الوصول بفعالية إلى الاجراءات القضائية والادارية بما في ذلك التعويض وسبل الانتصاف. وهو ما تم النص عليه في المبدأ العاشر من إعلان ريو الصادر سنة 1992.
ذلك أن الاعتراف بالحقوق الاجرائية يؤدي بلا شك إلى نشوء بيئة نظيفة، وبالتالي الامتثال إلى الحق الموضوعي في البيئة النظيفة، والعكس صحيح.
 
المطلب الثاني: الاعتراف الدولي بالحق في بيئة نظيفة:
 
        على المستوى الدولي، وعلى الرغم من وجود محاولات لوضع اتفاقيات دولية فيما يتعلق بقضايا البيئة في القرن الماضي، إلا أنه وحتى انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية بمدينة ستوكهولم عاصمة السويد عام 1972 لم يكن هناك أي صك دولي مخصص للاعتراف بالحق في بيئة نظيفة وسليمة بصورة واضحة وصريحة.
ويعتبر مؤتمر ستوكهولم منعطفا تاريخيا هاما أرسى دعائم فكر بيئي جديد([url=#_ftn14][14][/url]) يدعو إلى المحافظة على البيئة وحمايتها وتحسينها من أجل الأجيال الحالية والقادمة فيما عبر عنه بالاستدامة البيئية.
أما الصكوك الأقدم لحقوق الإنسان فلا تشير إلى البيئة إشارة صريحة([url=#_ftn15][15][/url])، غير أن معظمها تحتوي على أحكام يمكن تطبيقها من منظور ايكولوجي، نظرا للارتباطات القائمة بين البيئة وحقوق الإنسان التي تنظمها هذه الأحكام.
 فمثلا المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 نصت على أن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وبسلامة شخصه، وهو أيضا ما نص عليه العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، ولاشك أن التعدي على البيئة يعد تهديدا مباشرا للحق في الحياة وسلامة الشخص([url=#_ftn16][16][/url]).
وإذا رجعنا إلى مؤتمر ستوكهولم نجده قد اعترف صراحة بالصلة بين حقوق الإنسان والبيئة، واعتمد ما يعرف بإعلان ستوكهولم الذي يتكون من ثلاثة صكوك غير ملزمة هي: قرار بشأن الترتيبات المؤسسية والمالية، وإعلان يتضمن 26 مبدأ وخطة عمل تتضمن 109 توصية، ونص في المبدا الأول منه على أن للإنسان حقا أساسيا في الحرية والمساواة وظروف حياة مرضية في بيئة تسمح له نوعيتها بالعيش بكرامة ورفاهية.
وقد استطاع هذا المؤتمر بوثائقه المختلفة التأثير بشكل ملحوظ على التطورات القانونية والمؤسسية في مجال البيئة.
وحتى وإن كان الإعلان الصادر عن هذا المؤتمر لا يتمتع بطابع ملزم فقد شكل مع ذلك مجموعة من القيم التي يعترف المجتمع الدولي بأنها أساسية، كان من آثارها إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وإنشاء اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية سنة 1983.
 وبعد مرور عقدين على مؤتمر ستوكهولم تم عقد مؤتمر الأمم المتخدة المعني بالبيئة والتنمية والمسمى (قمة الأرض) في يونيو 1992 في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل.
وقد أسس مؤتمر ريو لفهم أوسع في ما يختص بوضع الحماية البيئية، وكان الإنسان نقطة الارتباط بين المواضيع المثارة في هذا المؤتمر إما بصفته فاعلا مباشرا في إطار حماية البيئة أو باعتباره هدفا للحماية.
ونتج عن قمة ريو ما سمي بـ ( جدول أعمال القرن 21) المتعلق بشكل أساسي بالتنمية المستدامة كتوثيق لحق أجيال المستقبل في بيئة نظيفة وصحية وسليمة.
كما تضمن إعلان ريو للبيئة والتنمية 27 مبدأ، نص الأول منها على أنه يقع البشر في صميم الاهتمامات المتعلقة بالتنمية المستدامة ويحق لهم أن يحيوا حياة صحية ومنتجة في وئام مع الطبيعة ( إشارة إلى البيئة).
 
        أما على المستوى الإقليمي فبعض الصكوك الإقليمية لحقوق الإنسان التي أبرمت بعد مؤتمر ستوكهولم تعترف اعترافا صريحا بالصلة بين حقوق الإنسان والبيئة، ومن بينها الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الصادر عن منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) سنة 1981 والذي ينص في المادة 25  منه على أن لكل الشعوب الحق في بيئة مرضية وشاملة ومواتية لتنميتها، أي كحق جماعي.
كما تضمن البرتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عن منظمة الدول الأمريكية في سان سلفادور لسنة 1988 إشارة صريحة لحق الإنسان في البيئة النظيفة في المادة 11 منه التي تنص على أنه يجب أن يكون لكل شخص الحق في العيش في بيئة صحية وأن يستفيد من حد أدنى من الخدمات العامة (حق فردي)، ويجب أن تشجع الدول الأطراف على حماية وحفظ وتحسين البيئة.
مما سبق يتضح أن إعلاني ستوكهولم وريو كصكين غير ملزمين، وحتى وإن لم يكن الغرض منهما إقرار حقوق وترتيب التزامات قانونية، إلا أنهما أسهما بشكل كبير في تطوير القوانين الدولية والإقليمية.
مما جعل الصكوك الإقليمية والدولية تشير بوضوح إلى الترابط الصريح بين حقوق الإنسان والبيئة، وتتعاضد مع الإعلانات الدولية في سبيل إرساء أسس قانونية ولو عرفية للحق في البيئة الصحية والنظيفة، بل تعد الأمر إلى الاعتراف المباشر من بعض الصكوك الإقليمية بحق الإنسان/الشعوب في بيئة نظيفة وصحية.
 
خاتمة:
        تبينا من خلال الاستعراض والتحليل السابق:
-         ماهية الحق في البيئة وتصنيفه ضمن حقوق الإنسان المختلفة، بأبعاده المتعددة.
-    المناقشات النظرية حول اعتراف القانون الدولي بالحق في بيئة نظيفة، حيث اتضحت هشاشة الحجج التي يستند إليها الاتجاه المعارض لهذا الاعتراف.
-    ثم تم التطرق إلى المناقشات النظرية الحادة حول الاعتراف الدستوري بحق الإنسان في بيئة نظيفة بين الاتجاهين المعارض الذي ركز على مساوئ الاعتراف الدستوري بهذا الحق، والاتجاه المؤيد الذي ركز على المزايا المرجوة من وراء التكريس الدستوري للحق في بيئة نظيفة، واتضح أن المزايا في هذا الإطار أكبر وأهم من النظر في المساوئ.
-         ثم بعد ذلك تم التطرق إلى صور الاعتراف الداخلي بالحق في بيئة نظيفة، ثم إلى الاعتراف الدولي والإقليمي بهذا الحق.
وفي الأخير يمكن تسجيل جملة استنتاجات أهمها:
-         الترابط القوي بين البيئة وحقوق الإنسان.
-         فشل البشرية في الوصول إلى صك دولي موحد للاعتراف بالحق في البيئة النظيفة.
-         تمكن بعض التكتلات الإقليمية من الاعتراف الإقليمي بهذا الحق.
-         الاختلاف في مفهوم هذا الحق بين النظرة إليه كحق فردي، أو كحق جماعي.
-    تمتع الحق في بيئة نظيفة بالحماية الدستورية في أكثر من نصف دول العالم، رغم ذلك فإن مزايا دسترة هذا الحق مازالت تظهر في الواقع بصورة محتشمة.
كل هذه الاستنتاجات لا تعني أن للحق في البيئة النظيفة تأثير كبير في التشريعات والسياسات الوطنية، وفي مواجهة مشاكل البيئة وتحدياتها المستمرة، وخصوصا أن السبل الكفيلة بإعمال هذا الحق وتنفيذه غير واضحة إلى حد الآن سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي أو الوطني.
ويبقى هذا الحق بمثابة رمز قانوني يعبر عن رغبة البشر في تغيير رؤيتهم لهذا العالم، والتقرب من هدف بعيد المنال يتجسد في الوصول إلى بيئة نظيفة والحفاظ على استدامتها لأجيال المستقبل، ويكفي هذا الحق أن تحول من مجرد فكرة في أذهان بعض الناس إلى مفهوم قانوني يحظى بهذا الزخم العالمي من الاهتمام.
 



[url=#_ftnref1][/url]([1])-فؤاد عبد اللطيف السرطاوي، البيئة والبعد الإسلامي، دار المسيرة للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1999، ص 24.
[url=#_ftnref2][/url]([2])-محمد طالبي، محمد ساحلي، أهمية الطاقة المتجددة في حماية البيئة لأجل التنمية المستدامة، مجلة الباحث، جامعة ورقلة، العدد 06، 2008، ص 201 – هند أشرف عزت نعمان، القانون الدولي الإنساني والتلوث البيئي في العراق، رسالة ماجستير في القانون الدولي الإنساني، كلية القانون والعلوم السياسية، الأكاديمية العربية في الدانمارك، ص 18.   
[url=#_ftnref3][/url]([3])- كمال رزيق، دور الدولة في حماية البيئة، مجلة الباحث، جامعة ورقلة، العدد 07، 2007، ص 96.
[url=#_ftnref4][/url]([4])- رشيد الحمد، محمد سعيد صباريني، البيئة ومشكلاتها، سلسلة عالم المعرفة، العدد 22، أكتوبر 1979، ص 24-25.
[url=#_ftnref5][/url]([5])- محمد عبد الرحيم سلطان العلماء، حماية البيئة من التلوث في الشريعة الإسلامية، بحث مقدم لمؤتمر نحو دور فاعل في حماية البيئة وتنميتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، 02-04 ماي 1999، ص 6.
[url=#_ftnref6][/url]([6])- عبد الله الصعيدي، دراسة في بعض الاعتبارات الاقتصادية لمشكلة الإخلال بالتوازن البيئي، بحث مقدم لمؤتمر نحو دور فاعل في حماية البيئة وتنميتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، 02-04 ماي 1999، ص 5.
[url=#_ftnref7][/url]([7])- انظر: الفقرة الثانية من المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
[url=#_ftnref8][/url]([8])- انظر: الفقرة الأولى من المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
[url=#_ftnref9][/url]([9])- انظر التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته العاشرة 2009.
[url=#_ftnref10][/url]([10])- تقرير الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان والتضامن الدولي المقدم إلى مجلس حقوق الانسان في دورته الثانية عشرة
(A-HRC-12-27) ص 7.
[ltr][url=#_ftnref11][/url]([11])-  DAMILOLA S OLAWUYI, Adopting the Language of Rights for Environmental Protection: Legal and[/ltr]
Theoretical Justification, Legal Research Paper Series, Paper number 11/2011, Electronic copy available at: http://ssrn.com/abstract=1947545.
[ltr][url=#_ftnref12][/url]([12])  -David Richard Boyd, The Environmental Rights Revolution: Constitutions, Human Rights, and the Environment, Thesis submited in partial fulfillement of the requirements for the degree of doctor of philosophy, the university of British Columbia , 2010, p p 51-65[/ltr]
 
[url=#_ftnref13][/url]([13])  David Richard Boyd, The Environmental Rights Revolution: Constitutions, Human Rights, and the Environment; pp 42-50
[url=#_ftnref14][/url]([14])-رشيد الحمد، محمد سعيد صباريني، البيئة ومشكلاتها، مرجع سابق، ص 24.
[url=#_ftnref15][/url]([15])- A/HRC/19/34 ,P 8.  
[url=#_ftnref16][/url]([16])- أحمد عبد الكريم سلامة، حماية البيئة في التشريع الإسلامي، بحث مقدم لمؤتمر نحو دور فاعل في حماية البيئة وتنميتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، 02-04 ماي 1999، ص 45.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحق في بيئة نظيفة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحق في بيئة نظيفة بين متطلبات جودة الحق في الحياة والأمننة المستدامة
» الحق في الاعلام و الحق في الاتصال
» نظرية الحق: تقسيم الحقوق
» نظرية الحق
» نظرية الحق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قالمة للعلوم السياسية :: الحقوق (ليسانس) :: السنة الأولى-
انتقل الى:  
1