خطـوات عملاقـة في مجالي السلم والتنمية
عرفت الجزائر خلال العشرية الأخيرة تحولات تاريخية حاسمة بفعل الانجازات الهامة التي حققتها وجعلتها تعود من حيث ظن الكثير بأنها غارقة، لا سيما بعد مرحلة المأساة العصيبة التي كادت تعصف بكل ما هو حي في هذا الوطن، ولذلك يبقى الإجماع حول الإنجازات الضخمة التي تحققت في البلاد يضع مكسب استتباب الأمن وحلول الوئام المدني ثم المصالحة الوطنية، على رأس المكاسب العديدة والمتعددة التي أعادت للجزائر بريقها ومكانتها أمام الأمم.
وقد سمحت عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن بفضل تزكية الشعب للميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية، ببعث الأمل في نفوس المواطنين مع إعادة بعث قطار التنمية الشاملة التي قطعت على مسارها الجزائر أشواطا معتبرة بفضل برامج الاستثمارات العمومية الهامة التي أعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بداية ببرنامج الإنعاش الاقتصادي 2000 - ,2004 وصولا إلى البرنامج الخماسي للتنمية 2010- ,2014 الجاري انجازه حاليا والذي رصد له ميزانية غير مسبوقة بلغت 286 مليار دولار.
ومن جملة الميزانيات العامة التي رصدتها الدولة خلال العشرية الأخيرة، فقد فاقت قيمة التحويلات الاجتماعية الموجهة لتحسين مستوى معيشة المواطنين، الـ2200 مليار دينار مقابل 241 مليار دينار في ,1999 مع تسجيل ارتفاع في قيمة هذه التحويلات من سنة إلى أخرى، تماشيا مع سياسات الدعم المعززة بشكل مستمر والرامية إلى تحسين المستوى الاجتماعي للمواطن الجزائري من خلال توفير السكن الاجتماعي بمختلف صيغه، ودعم التعليم والتكوين والربط بالكهرباء والغاز، علاوة على توسيع مجالات الحماية الاجتماعية ودعم صندوق التقاعد، فيما تجاوزت قيمة الغلاف المالي الموجه لدعم مادة الحليب والقمح 192 مليار دينار.كما سمحت مسيرة البناء الوطني بتجسيد العديد من المشاريع الكبرى في مجال البنى التحتية، على غرار الطرق والموانئ والمطارات والسدود وشبكات النقل والمشاريع السكنية متعددة الصيغ.
وقد ارتكزت سياسة الرئيس بوتفليقة في بدايتها على استدراك التأخر الكبير في مجال التنمية والذي تسببت فيه السياسات السابقة وعشرية الدم والإرهاب التي عانت منها البلاد، فجاءت مختلف البرامج التي تم إعلانها منذ سنة 2000 كاستجابة لمختلف الانشغالات التي كانت مطروحة وكحل للمشاكل التي أثرت في فترات معينة على حياة المواطن، ومن ابرز القطاعات التي عرفت قفزة نوعية خلال العشرية الأخيرة قطاع السكن والبناء الذي سجل نموا معتبرا، مع تطور الحظيرة السكنية وانتقالها من 5 ملايين وحدة سكنية مسجلة خلال 1999 إلى قرابة 7 ملايين وحدة حاليا، منها 1.7 وحدة سكنية أنجزتها الدولة في إطار مختلف الصيغ. كما انتقلت القيمة المالية المخصصة من ميزانية الدولة لدعم قطاع السكن من 60 مليار دينار في 1999 إلى أزيد من 200 مليار دينار في .2010
كما عرفت أزمة ندرة المياه التي شهدتها مختلف جهات الوطن قبل سنة ,2000 وأدت إلى فرض توزيع مضطرب ووفق نظام زمني متقطع، انفراجا مع ما أنجزته الدولة من منشآت ضخمة تخص قطاع الموارد المائية، شملت إنجاز 1625 مشروعا لتوفير المياه الصالحة للشرب منها 13 محطة لتحلية مياه البحر، وحفر 6983 بئرا عبر التراب الوطني، وتحقيق إنتاج معدل يومي من الماء الشروب فاق 2,3 مليون متر مكعب وجاء هذا من خلال عدد من المشاريع
وشهد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي تدعيما في المرافق البيداغوجية وأماكن الإيواء لضمان الظروف الملائمة لتمدرس الطلبة حتى آفاق ,2015 حيث فاق عدد المقاعد البيداغوجية المنجزة 560 ألف مقعد بيداغوجي و300 ألف سرير ونحو 150 مطعما جامعيا، وشملت قائمة الانجازات الاستثنائية أيضا قطاعات التربية الوطنية والتكوين والتعليم المهنيين من منظور تجسيد الإصلاح الشامل للمنظومة التربوية. وتم في قطاع الشباب والرياضة مضاعفة الميزانية المخصصة للقطاع وتضاعف معها عدد المنشآت الرياضية المنجزة مقارنة بما كان متوفرا مطلع سنة ,2000 حيث انتقل فيها العدد من 1520 منشأة مسجلة في 1999 إلى قرابة 7 ألاف منشأة في ,2010 كما أفضت السياسة المعتمدة في مجال التشغيل إلى تخفيض نسبة البطالة بشكل معتبر ومحسوس، حيث تراجعت النسبة من 29 بالمائة سنة 1999 إلى نحو 11 بالمائة في ,2010 مع انتقال معدل الإدماج المهني لفائدة الشباب من 40 ألف شاب خلال 1999 إلى 400 ألف شاب في ,2009 مع الإشارة إلى أن عدد مناصب الشغل التي تم توفيرها بين 2004 و2009 قرابة الـ3 ملايين منصب شغل. واستقر معدل نمو قطاع الأشغال العمومية عند حدود الـ10 بالمائة وهي أعلى النسب المحققة على المستوى الوطني مع تجسيد القطاع للعديد من المشاريع الهيكلية الضخمة وفي مقدمتها الطريق السيار شرق الذي يشرف على نهايته، وكذا إنجاز 10 آلاف كلم من الطرق الجديدة وأكثر من 500 دار للصيانة، وتحديث وصيانة أكثر من 4600 كلم من الطرق، حتى أصبحت الجزائر في العشرية الأخيرة من الدول العربية الرائدة في مجال البنى التحتية، لاسيما في مجال إنجاز الطرق وشبكة النقل بالسكك الحديدية.
وفي إطار تعزيز السياسة الوطنية للتضامن، عرفت العشرية الأخيرة ارتفاعا مستمرا لقيمة الإعتمادات المالية المخصصة لقطاع التضامن الوطني، حيث تضاعفت هذه القيمة من 100 مليار دينار إلى 200 مليار دينار، وتم خلال عشر سنوات توزيع أزيد من 4 آلاف حافلة للنقل المدرسي و129 سيارة إسعاف على البلديات والجامعات، مع تقوية سياسة حماية الفئات الهشة في المجتمع من خلال إصدار وتحديث النصوص التشريعية الخاصة بهذه الفئات ومنها القانون الخاص بحماية الأشخاص المسنين الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا.
وفي انتظار دخول قانوني البلدية والولاية حيز التطبيق، بما ينتظر أن يحملاه من إجراءات تسهل أكثر عمل الجماعات المحلية وتسمح لها بتحصيل مواردها ودعم إمكانياتها الخاصة، فقد قامت الدولة بمسح ديون البلديات مرتين خلال السنوات العشر الأخيرة، فيما عرفت شبكات الربط بالكهرباء والغاز والماء الشروب عبر مختلف مناطق الوطن اتساعا معتبرا خلال السنوات الأخيرة، حيث فاقت نسبة التغطية الكهربائية 98 بالمائة بينما ارتفعت نسبة تزويد المنازل بشبكة الغاز الطبيعي إلى نحو 49 بالمائة ووصلت نسبة التزويد بالماء الصالح للشرب إلى 94 بالمائة، في حين بلغ الربط بشبكة صرف المياه نسبة 86 بالمائة.